إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    العدل في القول




    ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)
    تدبروا في معاني الآية:

    الإيمان الذي يدفعك أن تقول الحق و لو على نفسك أو الأقربين
    ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا )
    بمعنى آخر: راقب أقوالك، راقب تلك الكلمات التي تتلفظ بها و تحرى العدل فيها، تحرى العدل فيما تقول، هذا هو الإيمان، العدل الذي لا يفرق بين الصديق و العدو،

    و لا بين القريب و البعيد،
    و لذلك قال ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ) مطلقا (وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)
    و لو كان قول العدل سيكون ضد الأقارب، ضد من هو قريب أو حبيب إلى نفسك، و لو كان الوالدين أو الأقربين أو النفس… بقطع النظر، العدل في القرآن قيمة مطلقة، العدل قولا و العدل فعلا، و التناسب واضح في

    (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا)،

    كما أن عليك أن تتحرى العدالة و الوفاء في التعامل، في الكيل و في الميزان عليك كذلك أن تتحرى العدالة في أقوالك، في كلماتك، في تصرفاتك. بعض الناس إذا كانوا على علاقة طيبة أو جيدة بأحد من الأشخاص قالوا فيه ما ليس فيه، مدحا و ثناء، و إذا خالفهم في شيء أو اختلفوا معه و حدث نزاع بينهم قالوا كذلك عنه ما ليس فيه، افتراء، كذب، ألصقوا فيه تهما ليست فيه، لماذا؟



    لأن الذي يتحكم هنا ليس منطق العدل، منطق الهوى، هوى النفس، و القرآن لا يريد أن تحكم أهواء النفوس في حياة البشر و المجتمعات لأنها إن حكمت أفسدتها، و إن حكمت تولد الظلم، و ما انتشر الظلم في مجتمع و لا في أمة إلا أفسدها، أفسدها بكل أشكال الفساد، فساد مادي، فساد أخلاقي، فساد إجتماعي، فساد أسري..كل أشكال الفساد، ذاك الفساد الذي لا يمكن أبدا أن يأتي بالنفع على المجتمع إلا أن يطيح ذلك المجتمع بالهلاك، بأي شكل من أشكال الهلاك، فلذلك كان العدل هو الذي يصون المجتمعات و يصون الأفراد، بمعنى آخر، إذا أردنا أن نحقق أمنا حقيقيا و قد تكلمت سورة الأنعام عن الأمن، فالأمن لا يتحقق إلا بوجود العدالة، بوجود أناس مؤمنين يخافون الله عز و جل، يتقون الله سبحانه و تعالى في أقوالهم و أفعالهم، في أقوالهم و حديثهم عن الآخرين، الميزان- ميزان العدل- لا يعرف هوى النفس، لا يعرف الغضب و الرضا، و لكن إذا أنت لم تراقب الله عز و جل في رضاك أو في غضبك فيما تقوله عن الآخرين، فما الذي يعصمك، و ما الذي يمنعك؟

    و ما الذي يترتب بعد ذلك؟


    الإنسان إذا لم يجعل له هذه الصيانة في نفسه، لا ممكن أن ينتشر الأمان و العدل أو يسود العدل أبدا، و إذا أراد الإنسان أن يحفظ عرضه فعليه أن يحفظ أعراض الناس، إ ذا أردت أن تحفظ عرضك، احفظ أعراض الناس، إذا أردت ألا يقال فيك إلا خيرا فلا تقول في الناس إلا خيرا. احفظ لسانك، فلسان الإنسان هو بيانه، و لسانه يفصح عما في قلبه، فإذا امتلأ القلب إيمانا و خشية و خوفا من الله سبحانه و تقوى لا يمكن أن يفصح اللسان إلا عن ذلك الرصيد عدالة و إنصافا مع الآخرين، و لذلك لا يمكن أن يكون المؤمن سبابا و لا فاحشا و لا بديئا و لا منافقا و لا مرائيا، لماذا؟ لما كان في قلبه من معاني الإيمان التي لا بد و أن تنعكس على أقواله و أفعاله.


    تعليق


    • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

      اتباع الصراط المستقيم


      (وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا)

      كل تلك العلاقات الإجتماعية – سلسلة العلاقات الإجتماعية و التشريعات- عهود بيننا و بين الله سبحانه و تعالى علينا الوفاء بها، و لذلك قال

      ( ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

      وصانا بهذه القيم الإنسانية، و قد قلنا سابقا ربي عز و جل حين وصف حالة الإيمان حين قال

      (وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ )



      نور التطبيق و المنهج، فإذا صار الإنسان بالوفاء و العدل و الحق و عدم الإقتراب من الفواحش و الحفاظ على حقوق الناس ألا ينشر ذلك النور بين الناس الذين يسير فيهم و في وسطهم؟

      هو في ذاته و سلوكه و تعامله سيكون نورا يمشي فعلا في االناس، و هذا المطلوب في كتاب الله عز و جل، ليس المطلوب دائما أن نتحدث و نكثر من الكلام، و تأتي الأفعال تخالف و تناقض

      " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ ". الآية : 2-3 من سورة الصف

      ماذا يريد مني القرآن؟

      يريد أن تكون أفعالي و تصرفاتي مرآة لإيماني الذي أؤمن به، مرآة لأقوالي، لاعتقاداتي، بذلك تصبح رسالة القرآن رسالة عالمية، لأن المؤمن إذا سار بهذا الرصيد أينما حل، في أي مجتمع، حتى و لو لم يتحدث بكلمة عن الإسلام أو عن رسالة القرآن، تحدثت أفعاله عنه، تحدثت أخلاقه، تحدثت عدالته، تحدث إنصافه و وفائه بالنيابة عنه، و هذا الذي بناه القرآن في النفوس حين بنى ذلك الجيل الأول، جيل التلقي الذي تلقى القرآن بقلبه فانعكس على سلوكه و واقعه.

      قال

      ( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

      تدبروا في الأولى قال(تَعْقِلُونَ

      هنا قال (تَذَكَّرُونَ)

      و في الثالثة سيقول (تَتَّقُونَ).

      (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)الانعام


      استعمال كلمة (هذا)، الطريق واضح، المنهج واضح، واضح أمام العيان، واضح أمام من يريد أن يراه، النور موجود، و لكن إن أنت لم تفتح عينك أمام ذلك النور فالمشكلة ليست في النور، المشكلة في تلك العين التي لم تفتح لتراه، و كذلك الأحكام و التشريعات في كتاب الله عز و جل.

      فالقضية واحدة من اثنتين، لا ثالث لهما، إما صراط مستقيم و إما سبل،

      السبل ما النتيجة المترتبة عليها؟

      (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)


      التفرق، التمزق، البعد، كلما اتبع الإنسان الطرق و المناهج الأخرى التي اخترعها البشر و ابتدعها من أهوائهم و أمزجتهم، كلما ابتعد عن الصراط المستقيم، و كلما ابتعد عن الصراط المستقيم كلما زادت نسبة الانحراف بكل أشكاله. الصراط المستقيم عدل، واضح، يصل بين النقطتين، يصلك إلى ما تريد، لكن هذه السبل هي التي تكرس قضية الانحراف.


      القرآن تدبره والعمل به






      (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) )الانعام



      ( ثم آتينا موسى الكتاب)

      الله سبحانه لم يترك البشرية يوما بدون منهج أو كتاب، ما تركها تتخبط، كل هذا المنهج و هو بطبيعة الحال قد أتى و آتى موسى الكتاب من قبل


      تدبروا كيف يحدثنا القرآن عن كتاب موسى، لماذا هذا الحديث المتواصل، في بدايات القرآن- و نحن في السور الأولى من القرآن- لماذا الحديث المتواصل عن أهل الكتاب؟ لماذا ذلك الثناء و الذكر للتوراة و الإنجيل، هذه الكتب، لماذا؟

      رسالة القرآن رسالة عالمية، و رسالة القرآن و النبي جاء ليكمل بناء تلك الرسالات، هذا بناء متكامل، و بالتالي لا ينبغي أن تقدم رسالة القرآن بمعزل عن تلك الرسالات الإيمانية، الإيمان لا يكتمل بدون الإيمان بكل الرسل


      إذا رسالة القرآن رسالة عالمية، رسالة تعرف للأمم سابقتها من الخير، تعرف و تدرك و تؤمن.



      (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)الانعام

      طبيعة هذا الكتاب مبارك، مبارك في حياة الناس، مبارك بكل ما تحمل كلمة البركة من معنى، هذا وصف القرآن.

      بركة في العمر، بركة في الوقت، بركة في الرزق، بركة في الصحة، بركة حسية و بركة معنوية

      ما الغرض منه؟

      (فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)


      نحن نريد الرحمة لأنفسنا كأفراد و كأسر و كمجتمعات و كأمم، نحن بحاجة لرحمة الله، تتنزل الرحمة علينا بقدر اتباعنا لهذا و تطبيقنا لهذا القرآن العظيم


      البعض قد يقول حتى في قضية التدبر على سبيل المثال، نحن نتدبر القرآن، مطلوب منا أن نتدبر القرآن، و لكن التدبر ليس فقط قضية غاية و نقف عندها و نقول انتهى الأمر. لا! له ما بعد! ماذا بعد؟

      فاتبعوه.

      لا بد أن يكون بعد تدبري لكتاب الله و مع تدبري لكتاب الله اتباع، تطبيق للمنهج. أرأيت الكلام الذي ذكرناه الآن في تدبرنا لسورة الأنعام؟

      هذا إن لم يطبق في حياتي سيصبح حجة علي، لا لي ، لأني عرفت فإذا عرف الإنسان شيئا عليه أن يطبقه و يلزمه، عرفت فالزم


      و نحن ذكرنا في آيات سابقة في سورة الأنعام عن قضية الإيمان، و ذكرنا و أكدنا فيها، قلنا أن الإيمان في سورة الأنعام للتطبيق، اتباع، آمنت بكتاب الله عز و جل اتبع…

      تعليق


      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

        هلاك الامم السابقة ومصائب اليوم

        أفلا نتعظ




        (أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) الانعام

        لم يعد هناك حجة، على بني اسرائيل أنزلت التوراة، و على النصارى أنزل الإنجيل، و على كل أمة من الأمم نزل،

        (عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا)



        هذه من أهل الكتاب من قبلنا، و أنتم نزل عليكم هذا الكتاب، لم يعد هناك حجة، تلك الأمم تعاملت مع كتبها بطرق مختلفة ذكرها القرآن في هذه السورة و في سور سابقة، عليكم أن تتخذوا هذه النماذج و تقفوا عندها، و تقوموا بدراستها في سياقاتها و تتجاوزوا ما حصل من الانحرافات

        ( أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157)الانعام)

        تدبروا في وصف القرآن

        ( جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ )

        البينة هو الشيء البين، لا يبين، هذا القرآن بين، واضح في مقاصده، واضح في معانيه، واضح في الأوامر التي أمر بها و التشريعات، واضح فيما حرم، و فصل فيه كل شيء،

        (بينة و هدى و رحمة)

        (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا

        المطلوب منك أن تصدق، و التصديق يكون بالإتباع و ليس بالإعراض

        ( سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ )

        و سوء العذاب هنا لا للحصر فقط في الآخرة، الأمم التي أعرضت عن كتبها كما حدث في بني اسرائيل و في النصارى، و قد ذكرت السورة ذلك، ماذا حدث فيها؟ حدث فيها و لا يزال يحدث ألوان من العذاب، أشكال من العذاب: تفكك في الأسر، ارتفاع في نسب الجرائم، انحلالات أخلاقية و انحرافات، أمراض فتاكة، أشكال مختلفة، أصناف مختلفة، هذه السنة ماضية في الأمم، كل أمة تؤتى كتاب و منهج و لا تحسن التعامل معه تدفع الثمن، ثمن في حياتها، ثمن في أنظمتها، ثمن في أسرها، ثمن في مؤسساتها، تدبروا معي في الآيات…

        الآية التي بعدها قال

        ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158)الانعام )

        ماذا يريدون؟

        نزل على هؤلاء القوم القرآن، ماذا يريدون أكثر؟ ماذا ينتظروا لكي يؤمنوا؟

        يثوبوا إلى رشدهم، يعودوا إلى خالقهم، و لذلك قال

        ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)

        انتهى الموضوع، نزل فيكم هذا الكتاب العظيم، أكبر آية، أعظم معجزة عرفتها البشرية، لستم بحاجة إلى أن تأتي الملائكة أو تحدث معجزات أخرى تتجدد لتحيي فيكم معالم الإيمان، و لن ينفع إذا حدثت هذه الأمور أبدا، لأن الأوان يكون قد فات، الآن الفرصة أمام البشر لكي يؤمنوا و يتوجهوا من جديد لخالقهم و يعودوا إلى رشدهم، و يعودوا لاتباع المنهج.

        تعليق


        • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

          سبب التفرق


          (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )159 الانعام

          لماذا الحديث هنا عن قضية التفرق؟

          الله قال قبل قليل

          (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)
          )


          من أين يأتي التفرق؟ من أين يأتي التشرذم؟ من أين يأتي التمزق؟

          سواء كان التمزق المذهبي أو التمزق العرقي أو التمزق الطائفي…

          كل أشكال التمزق التي تعاني منها البشرية، و الآن فعلا، تعاني الأمرين، و تعاني الويلات و الكوارث من جراء ذلك التمزق، من أين؟

          من ذلك التعامل

          ( كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا )

          التكذيب ليس بالضرورة يكون فقط بالقول كما كان حاصل مع قريش،

          التكذيب يمكن يكون بالعمل، أؤمن بالآية و لكن أطبق عكسها، أخالف،

          ما معنى التصديق؟

          التصديق أن يصدق جانب كبير مني، أن يصدق فعلي قولي، أنا أؤمن، الإيمان قائم على التصديق، فتصبح أعمالي و سلوكياتي مصدقة لما أؤمن به، ما ذكرناه، و تؤكده السورة مرة بعد مرة. ما الذي يحدث؟

          ( فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا)

          لماذا؟

          لأن هذا القرآن العظيم و رسالة القرآن لا تفرق، تجمع، الدين لا يفرق،

          إذن لماذا الآن تحدث هذه التفرقة؟ و هذا التشرذم؟

          و يدعون أن الدين هو السبب وراء ذلك التمزق!كذب!

          افتراء على الله عز و جل. الدين الذي جاء به القرآن العظيم و بلغه النبي في رسالته لا يفرق و إنما يجمع، هم كانوا فرقاء و كانوا مفترقين و لكن الله سبحانه و تعالى جمع تلك القلوب على كلمة واحدة

          ( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ)

          من الذي ألف؟

          الله ألف بين قلوبهم. إذن الدين الذي جاء هكذا بهذا القرآن العظيم لا يفرق، ما الذي فرق بين الناس؟ الأهواء! و قد حدث ذلك كذلك في أهل الكتاب.

          ما الذي فرقهم و مزقهم شيعا و أحزابا و جماعات؟

          اتباع الناس لرجالات الدين.. بعض الأحبار و الرهبان الذين كانت تناقض أفعالهم أوامر الكتاب. الدين ليس شعار و ليس لباس يلبس و لا زينة يلبس و يرتدى، الدين ليس زي يرتديه الإنسان أو شعار يكتب عليه دين أو أنا مؤمن، هي ليست كلمة و لا شعار و لا زينة، ماذا إذن؟ أفعال!


          حياتى كلها لله






          (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160) قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)الانعام



          (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )

          تدبروا معي.. العمل، الحسنة، و السيئة، ما تفعل، أفعالك

          ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

          مرة أخرى الصراط المستقيم، واضح،

          ( دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

          التوحيد،

          السورة العظيمة، ختمت بما بدأت به،

          قضية التوحيد، قضية سورة الأنعام التوحيد الخالص، النقي، الصافي، الذي يبني إنسانا عدلا مستقيما يسير على الطريق المستقيم، يسير على الصراط المستقيم،


          (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ )،

          تأملوا معي ذلك الإعلان النهائي

          (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) ) الانعام

          لا شريك له، أعمالي، سلوكي، أفعالي، قيامي، قعودي، حربي، سلمي، كلامي، عطائي، منعي، لمن؟

          لله رب العالمين. المؤمن يعطي حين يعطي لله، و ليس لأجل الناس، يحب حين يحب لله و في الله و ليس لهوى نفسه، يبغض لله، يسعد لله، لا لأجل أحد، قمة التوحيد و الصفاء و النقاء في التوحيد، لا شريك له، لا يشرك معه أحد، لا صنم، و لا حجر، و لا بشر، و لا أحد. الشركيات متعددة لا تأخذ شكلا واحدا. أن يخضع الإنسان في حياته لمنهج سوى منهج الله عز و جل هذا يدخل في هذا الصنف

          ( وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )

          و لذلك قال بعدها

          ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي)

          هل يعقل؟

          الرب الذي تعرف إلينا في هذه السورة العظيمة و في كل سور القرآن‘ تعرف إلينا بنعمه، تعرف إلينا بعطائه، تعرف إلينا بآياته، تعرف إلينا بكتابه،


          أتريد ربا غيره؟و هو رب كل شيء؟

          تعليق


          • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

            المسؤولية الفردية في الإسلام






            ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)الانعام


            القاعدة

            (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا )

            المسؤولية الفردية، مسؤولية الإنسان كفرد، لا تغني عنه جماعاته، و لا تغني عنه انتمائاته شيئا، و لا تغني عنه أبدا كل الانتمائات المختلفة التي اخترعها البشر، إذن

            ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)

            قمة المسؤولية الفردية…

            أعمالك أنت مسائل عنها،

            لا أحد يحملها غيرك، لا أحد يحمل عن أحد شيئا أبدا، فالقرار بيدك.

            لماذا الحديث عن المسؤولية الفردية هنا في ختام سورة الأنعام،

            ليؤكد أن قرار الإيمان قرار اختياري محض، قرار يقوم به الفرد لنفسه، لذاته، و لذلك نحن اليوم كمسلمين في كثير من الأحيان نعاني حقيقة معاناة، معانة من أين جاءت؟ جانب من جوانب تلك المعاناة أننا ورثنا الإيمان لأبنائنا و بناتنا.


            ما معنى هذا الكلام؟

            و لدوا في أسر مسلمة، شيئ عظيم، رائع، و لكن كان علينا كآباء و أمهات و كمربين و معلمين و مدرسين أن نقوم بدورنا الحقيقي في تعليمهم الإيمان، و ذكرنا أكثر من مرة، الإيمان التي تبنيه سورة الأنعام إيمان غير تلقيني، إيمان يبنى بناء، يغرس، يبنى هكذا لبنة لبنة، بناء كما بنته سورة الأنعام، تدبر، تأمل، نظر، بصر، سمع…يتجول الإنسان في أنحاء الكون و الطبيعة فيدرك أن كل هذه الأشياء المبثوثة من حوله آيات ناطقة، ناطقة بأي شيء؟

            بقدرة الله عز و جل، بعظيم إرادته سبحانه، بضرورة التوجه إليه و الإنابة إليه و الخضوع لأمره و منهجه، و لذا قال

            ( ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )

            حساب البشر على الله عز و جل، المرجع و المآل إليه، إذن ما المطلوب منا؟ المطلوب علينا أن ندرك

            (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ).



            تعليق


            • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

              كيف تصبح خليفة الله على الأرض؟








              (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)الانعام)،
              الآن جاء التعيين، ربي سبحانه و تعالى عيننا نحن البشر، تعيين، أمر تعيين، ما هي الوظيفة؟ خلائف الأرض. كيف يصبح الإنسان خليفة في الأرض؟
              بإعمارها، بتعزيز معاني الإيمان فيها، بإقامة شرع الله فيها و منهجه، بالسير على هذا المنهج، باتباعه
              (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ )
              لأي شيء؟
              (فَاتَّبِعُوهُ)



              إذن أعطى الأمر بالتعيين خليفة في الأرض، و أعطى المنهج و هو الكتاب فقال
              ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ)،
              هذا المنهج،
              و أراك الطريق فقال
              (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ )
              و لا تتبعوا السبل لأن السبل ستتفرق بكم، و عطاك إلى جانبها كل وسائل الإدراك. قال
              ( وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ)
              لم يجعلنا سواء، كما ذكرنا
              درجات.. تفاضل في الرزق، في المال، في الصحة، في القوة، في البدن، في الوجاهة، في المنزلة، في العلم، في العمر..أشياء مختلفة، و لكن هذا التفاضل الموجود بين الناس ليس لأن يتفرقوا، و لكن لأجل أن يتكاملوا.
              في أي شيء؟


              في تحقيق المعنى، الوظيفة، أن يكون خليفة في الأرض فيقيم الشرع و الكتاب و المنهج فيها، ثم كذلك هذا التفاضل فيما بينكم
              (لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ )
              و تدبروا في كل كلمة في الآية.
              ربي سبحانه و تعالى سيختبرنا بما أتانا، و ليس بما لم يأتنا.



              بعض الناس ينظر إلى ما ليس في يده، و لا ينظر إلى ما في يده، كارثة، بكل المقاييس،
              و لذلك شاعت فيما بيننا هذه الكلمة السائدة:
              العين بصيرة و اليد قصيرة..من قال هذا؟؟
              ربي عز و جل يطالبك بما مكنك فيه و ما أتاك، لا يطالبك بشيء لم يؤتيك إياه.
              أنت مطالب بأن تقوم بمهامتك وفق إمكانياتك التي ربي سبحانه و تعالى يعلمها ،
              و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لا يطالبك بما لم يؤتك.


              بعض الناس على سبيل المثال يقول لو أن الله فتح علي و وسع علي في الرزق و في المال لأنفقت! من قال لك أن الإنفاق في المال فقط، الإنفاق له أشكال متنوعة بحسب ما أتاك الله سبحانه و تعالى من قدرة و من قوة، أنفق..أنفق من مالك، أنفق من وقتك، أنفق من خبرتك، أنفق من جهدك..

              هناك مؤسسات و أيضا مما يلفت النظر، بعضها قد نشأ في الغرب فعلا،
              القوم فيهم جوانب كثيرة من الخير يمكن أن نستفيد منها، و أن نتعلم منها،
              الحكمة ضاالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها،
              و نحن أولى لأن الكتاب فعلا يدعونا إلى هذا.

              بعض المؤسسات قامت على أن قضية التبرع و الإنفاق و المساعدة و التعاون يكون بالوقت أو بالجهد، تبرع بشيء أنت تتقنه، تحسنه، تتقن على سبيل المثال فنا أو خبرة معينة، تبرع بخبرتك، علم أولاد الناس هذه الخبرة أو هذه الصنعة، علمهم، علم الناس، كلما تعلمت في حياتك علمه للآخرين، هذا إنفاق، هذه صدقة، هذا تبرع

              تعليق


              • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                اكتشف امكانياتك، اكتشف ذاتك






                نعود من جديد إلى أول آية في سورة الأنعام
                (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)الانعام)

                لماذا خلق السماوات و الأرض؟

                لما جعل الظلمات و النور؟
                ما خلقها سبحانه عبثا.. حاشا لله،
                قال في آخر الآية – تأملوا في الترابط و التناسب بين أول آية و آخر آية-
                (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ )
                إذن خلق السماوات و الأرض و جعل الظلمات و النور لأجل هذه المهمة، خلق كل هذا و سخر الأنعام و أعطى و كل هذا، كل ما في الكون، لأجل أي شيء؟
                لأجل أن نقوم بهذه المهمة العظيمة.

                بعض البشر للأسف ينشغل بذلك التفاوت في المراتب
                (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ)
                عن مهمته التي لأجلها خلق، و لا يكف أبدا عن النظر إلى ما في أيدي الآخرين،
                و لا ينظر إلى ما في يديه، هذا ما لا يريده القرآن

                علمك في آية واحدة، قال
                (لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ )
                يختبرنا فيما أعطانا، فيما وهبنا، فيما منحنا من مواهب، من إمكانات، إمكانياتنا كبشر لا تتوقف عند المآل

                اكتشف امكانياتك، اكتشف ذاتك، اكتشف ما أتاك الله سبحانه و تعالى

                







                ختام تدبر سورة الانعام


                
                سورة الأنعام من أكثر سور القرآن التي تكلمت عن النور
                نور التوحيد و الإيمان،
                النور الحقيقي
                أما الأنوار الصناعية التي صنعها الإنسان
                للأسف ما أخرجته من ظلمات الجهل، التكبر، العناد، الفقر..

                لازال البشر يعاني من ظلمات كثيرة
                ظلمات التمزق، ظلمات الحروب، ظلمات المعاناة،

                ظلمات البعد عن منهج الله عز و جل.
                ما الذي سيخرجه سوى أولئك العقلاء من البشر الذين يطبقون ذلك المنهج،

                ذلك النور،
                الذين يدركون رسالة القرآن، و يحملونها للعالم، و يمشون بها في الناس.

                حمل الرسالة لا يعني كما ذكرنا بالضرورة أن تحملها ككلمات
                احملها في قلبك و وجدانك، احملها في عقلك، احملها في سلوكك، احملها في تجارتك، احملها في أمانتك، احملها في وظيفتك، احملها في تعاملك، احملها في الكلمة التي تقول، احملها في المسؤولية التي تحمل، احملها في الكلمة الإعلامية و في الرسالة الإعلامية التي تبلغها للناس، احملها في كل شيء تقوم به، احملها و أنت تتحدث لأنها أمانة، أمانات..
                ( وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا)
                عهود..

                



                تعليق


                • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                  سورة الأعراف

                  مقدمة



                  جاءت سورة الأعراف لتقدم نماذج لذلك الإنسان الذي يتحرك وفق دوافع الإيمان

                  يتحرك في الأرض عطاء ومنعًا خيرًا وإعمارًا وإصلاحًا، نهيًا عن الفساد والمنكر،

                  تحقيقًا للخير والمعروف ودعوة إليه.


                  بداية السورة

                  (المص)

                  الحروف المقطعة التي ذكرنا أن الله عز وجلّ جاء بها في سور عديدة وخاصة تلك السور التي بدأت بالحديث عن القرآن، صحيح أن المفسرين اختلفوا في تفسير معاني هذه الحروف المقطعة، البعض منهم قال أنها مما استأثر الله بعلمه والبعض منهم قال أنها نوع من أنواع الإعجاز لأولئك المخاطبين بهذا القرآن العظيم وخاصة أمة العرب التي نزل عليها القرآن أول ما نزل.

                  أن هذه الحروف التي يتألف منها هذا الكتاب العظيم هي الحروف التي تعرفون

                  (المص )

                  ولكن على الرغم من أنكم تعرفون الحروف

                  ولكن الإعجاز في كلماته وبيانه وجمله

                  وآياته وفي كل تراكيبه وفي كل أخباره وفي كل القصص التي جاء بها، إعجاز!!


                  ثم تدبروا الآية الأولى بعد هذه الحروف المقطعة

                  (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)

                  الآية الأولى

                  (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ)

                  المخاطَب به النبي صلّ الله عليه وسلم

                  والآية التي بعدها

                  (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)

                  الأمة التي نزل عليها القرآن.

                  نحن اعتدنا في حياتنا اليومية أي إنسان يوظف في وظيفة حتى ولو كانت بسيطة أو متواضعة يعطى جملة من التعليمات:

                  افعل، لا تفعل، هذه الحقوق لك، هذه ليست لك، طريقة أخذ الإجازات، كل هذه التفاصيل، – ولله المثل الأعلى – نحن عيّنا بهذه المهمة كان لا بد من المنهج فجاء التناسب بين سورتي الأنعام والأعراف

                  (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ)

                  هذا أول وجه من أوجه التناسب التي تبين لنا ونحن في بداية رحلتنا مع سورة الأعراف أن هذا القرآن العظيم هو فعلًا كتاب منهج كتاب يعلمني كيف أعيش، كتاب يعلمني كيف أتكلم، كيف أتصرف كيف أنجز المهمة التي لأجلها خُلقت ليس كفرد فقط وإنما كفرد ضمن مجموعة سنأتي على الايات بعد ذلك مباشرة في سورة الأعراف وهي تتكلم عن الإنسان الذي يعيش ضمن مجتمعات مختلفة فيحدث فيها التغيير الذي أراد الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان الصالح المصلح أن يحدثه في الأرض.

                  وتعودنا كذلك ونحن نتكلم عن تدبر السور البحث عن مقاصد السور وقلنا أن كل سورة من سور القرآن لها مقصد عام ومقاصد بعد ذلك تأتي على التفصيل تخدم هذا المقصد العام.

                  تعليق


                  • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                    مقصد سورة الأعراف


                    اختلف المفسرون والعلماء في تحديد مقصد سورة الأعراف اهتموا به كثيرًا،

                    عدد كبير من المفسرين ذهبوا إلى أنها تتحدث عن الصراع بين الحق والباطل وأرى والله أعلم أن سورة الأعراف تتحدث عن رحلة الإنسان الخليفة منذ البداية، بداية خلق آدم عليه السلام وإلى النهايات، رحلة ابتدأت بالحياة على هذه الأرض وحتى قبل أن تكون على الأرض ثم بعد ذلك حتى في تحديد مصير هذا الإنسان الخليفة بناء على ما قام به من أعمال بناء على ما أنجز من مهام على هذه الأرض تحدثت عن مصائر أمم وشعوب.


                    سورة الأعراف من أطول السور التي تكلمت بالتفصيل عن قصص الأنبياء

                    تكلمت بالتفصيل عن أشياء دقيقة ووقائع في يوم القيامة في يوم المحشر

                    تكلمت عن العرض، عن الأعمال، عن الموازين، عن الجزاء، عن المحاورات بين أهل الجنة وأهل النار

                    تكلمت عن الأعراف وعن اصحاب الأعراف الذين بهم سميت هذه السورة سورة الأعراف، هذا مقصد عظيم:

                    رحلة الإنسان الخليفة على هذه الأرض.

                    وفي جملة وفي ثنايا تلك الرحلة قد يأتي الكلام عن قضية الصراع أو المواجهة أو ما شباه ولكن في الحقيقة أن رحلة هذا الإنسان هي رحلة لا يمكن أبدًا أن يُدرك تفاصيل هذه الرحلة بدون أن يعلم طبيعة المهمة التي لأجلها أوجد الله سبحانه وتعالى الخلق وهذا الكون من حولنا.



                    قال الله سبحانه وتعالى في أوائل سورة الأعراف

                    ” كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)”

                    ” إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ” (3)سورة الأعراف.

                    في واقع الأمر إن هذه الآية لا ينبغي أن تقرأ من دون الآية الثانية،

                    قال في الآية الأولى

                    فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ ” ،

                    والحرج في أصل الكلمة اللغوي المكان الضيق المتشابك الذي لا يستطيع السالك أن يجد فيه طريقا، شجر متشابك لا يستطيع الإنسان أن ينفذ منه، وهي كلمة تستعمل في الحسيات وهذا المعنى انتقل إلى المعنويات.

                    صحيح أن كثير من المفسرين قالوا أن الحرج يأتي بمعاني منها الضيق و الشك، ولكن الواضح من سياق الآية في كتاب الله عز و جل ومقارنة هذه الآية بآيات أخر وردت فيها كلمة الحرج وهي خمسة عشرة موضعا، هذه المواضع التي جاءت في ذات السياق عن الضيق ” وضائق به صدرك” تعطينا فكرة أن هذه الآية العظيمة نزلت عليه صلّ الله عليه وسلم في مكة وهي تسلية لقلبه الشريف

                    ولتبين كذلك للمؤمنين بهذا القراءن أن قضية الاتباع وتنزيل القرءان في واقع الحياة، في واقع الفرد في واقع المجتمع عملية لها كما يقال ثمرات، لها نتائج تهيئ القلوب وتهيئ العقول والأفكار لما يمكن أن يأتي به هذا التطبيق لهذا القرءان العظيم من نتائج أو ردود فعل البشر من حولك والتي قد تدخلك في نوع من الضيق، الشك، أو المشقة.

                    هذا الكتاب العظيم تتلقاه الأنفس البشرية باخلافات كثيرة وكبيرة، فهو على عالي قدره وعظمته وعلى عظيم قدر نفعه للبشرية قد لا يعبه به بعض البشر، قد لا يلتفتوا إليه، بل ويجادلوا فيه !!

                    بل وقد يرفضوه جملة وتفصيلا كما فعل غالب أهل مكة.

                    ولا ننسى أن السورة مكية نزلت عليه صلّ الله عليه وسلم وهو يعايش ويعاني أجواء الرفض من قبل قومه لهذا القرآن العظيم.

                    شيئ طبيعي أن يكون هنالك ضيق وحرج من ردود أفعال قومه صلّ الله عليه وسلم، يكفيه أنه كان يعاين ذلك الواقع الأليم القاسي وهو كان يفعل كذلك صلّ الله عليه وسلم قبل نزول القرآن إلى الحد الذي كان يفزع فيه إلى غار حراء ليخرج بنفسه من تلك البيئة الموبوئة بأمراض الجاهلية الإجتماعية والأخلاقية والنفسية والإعتقادية والفكرية

                    ولذا كان قول الحق سبحانه وتعالى ومنذ بداية نزول سورة الأعراف للنبي صلّ الله عليه وسلم مباشرة أن قضية الضيق أو الشعور بالضيق لا ينبغي أن تكون حاجزا لك عن المهمة الأساسية التي من أجلها أنت على هذه الأرض :

                    لتنذر به وذكرى للمؤمنين. يتضايق الإنسان، بلى، طبيعي لأنه بشر ولديه مشاعر، أحاسيس، تأتي عليه لحظات يشعر فيها بالضيق، ولكن هذا الضيق لا ينبغي أن يمنعه من إيصال رسالته، لتنذر به وذكرى للمؤمنين.

                    ومن الآية الثانية نعرف جليا أن هذا المنهج أنزل للإتباع، ونحن نقول مرارا وتكرارا حتى التدبر في كتاب الله عز و جل، ربي عز و جل أنزله لنتدبر فيه، هي مرحلة تليها مرحلة التطبيق والاتباع ، اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم، الأمر.

                    تعليق


                    • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                      علاج ضيق الصدر



                      المطلوب مني وقد عينني الله عز وجل أن أكون خليفة في الأرض ، أن أسير رفق المنهج، أن أتبع المنهج الذي هو القرءان العظيم، ، هذا المنهج في الأساس لم يجيئ من عند النبي صلوات ربي وسلامه عليه ، النبي مبلغ عن ربه، رسول إلى البشر،

                      ”بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ


                      مِنْمن ؟

                      من ربك.

                      فالإنزال لهذا المنهج العظيم من الله سبحانه وتعالى، الذي خلق، الذي قدر فهدى، الذي أعطى، الذي أنزل، الذي صنع، الذي عين، وهنا تأتي الإجابة على عشرات الأسئلة في ذهن الإنسان وهو يسير في حياته.


                      وتدبروا معي في التناسب الواضح والذي دائما ما يكون في كل سور القرءان العظيم بين أوائل الآيات وأواخرها.

                      في هذه السورة الكريمة كانت البداية أن لا يكون عليك أيها الرسول ومن بعده أمته حرج عليكم فيما أنزل إليكم من ربكم لأن ما أنزل هو إنذار وذكرى، وفي أواخر السورة قال

                      ” وإذا قريء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ”

                      ، ” واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو الأصال ولا تكن من الغافلين ”

                      ” إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون”

                      ولو تدبرنا في هذه الآيات الكريمات لوجدناها هي علاج الضيق والحرج الذي نحتاجه


                      اليوم!!

                      اليوم كثير من الناس في زماننا الذي نعيشه رغم تطور الإنسان في وسائل التسلية والترفيه، إلا أن حالة الضيق والحرج، الحرج المعنوي، والتأفف والضجر والسآمة والملل أصبحت حالة أقرب ما تكون أن نقول عليها ظاهرة إنسانية تلازم حتى الصغير، الطفل، الكبير الذي يملك والذي لا يملك، الذي لديه فعلا ما يشتكي منه والذي ليس لديه، على الأقل ظاهرا ضجر وحرج. وأواخر السورة الكريمة تعطيني العلاج لهذا الحرج، ما هو هذا العلاج؟


                      القرءان . تدبروا، انظروا في التناسب في أولها ، قال

                      ” فلا يكن في صدرك حرج منه ”

                      ، إن القرءان حين يطبق وتتبعه في حياتك أنت في واقع الأمر تعالج عشرات بل كل حالات الضيق الذي يمكن أن تعترض طريقك كإنسان. الحرج مع القرءان غير موجود. إن الحرج حالة إنسانية شعورية تطرأ على الإنسان ولكنها ليست بملازمة له. وماذا أفعل حين يأتيني هذا الحرج أو الضيق، أفزع إلى القرءان ” وإذا قريء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ” ،


                      وسنأتي على التفرقة بين الاستماع والانصات. إن العلاج للحرج هو الانصات للقرءان الكريم ، واذكر ربك، الذكر الكثير، الذكر المتواصل، أن تذكره في الرخاء والشدة، في السراء والضراء، في الصحة والمرض، في الليل والنهار، في القيام والقعود، حتى تصبح عادة وسجية لقلبك ولسانك وسائر جوارحك. الذكر لا يكون فقط باللسان، ليس تمتمة باللسان وهز رأس، هذا جزء يسير، ولكن الذكر المطلوب تحدثنا عنه سورة الأعراف وهو ذلك الذكر الذي تتحرك به المشاعر والجوارح فتصبح خاضعة للمنهج وللقرءان وسائر تعاليمه وأوامره، ذلك الخضوع والذكر الذي يحرك في الإنسان الجوارح حتى تسجد خضوعا وخشوعا، فهم لا يستكبرون عن عبادته وله يسجدون. ذكر وانصات يحرك الإنسان معنويا حتى يتحرك جسده مستجيبا لأمر الله عز و جل، والسجود هو موضع الخضوع لله والخشوع له سبحانه وتعالى.


                      وتدبروا في ذلك التناسب العجيب، الذكر الذي يفترض فيه أن يبني في الإنسان خشوع وخضوع حتى تسجد وتخر تلك الجبهة على الأرض ذلا وعبودية لله ، ولكن القرءان لا يريد فقط جباها تخر على الأرض، يريد قلوبا وعقولا تفكر وتبني، تعمل وتعمر ولكنها ساجدة لله سبحانه وتعالى في محراب الكون إعمارا وإصلاحا وعطاءا، هذه سورة الأعراف في التناسب بين أولها وآخرها.



                      تعليق


                      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                        السنن الإلهية في هلاك الأمم الظالمة




                        “إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ”

                        تدبروا في نفس الآية جاء بما يقابلها جاء بما يقابل ذلك الإتباع قال عز وجل

                        ” ولا تتبعوا من دونه أولياء ” .

                        إتبعوا ولا تتبعوا، أمر ونهي.

                        إن الطريق واضح، إما أن تتبع منهجا واضحا أرسله وأنزله خالقك الذي خلق، وإما أن تتبع تلك السبل والطرق والتي سوف تتفرق بك عن سبيل الله سبحانه وتعالى.

                        كلمة ” أولياء ” لها معاني عديدة، و كلمة الولاية في اللغة وفي كتاب الله عز وجل وردت بعدة معاني ولكن سياق الآية هنا بمعنى أن يتولى شئون حياتك،

                        ” ولا تتبعوا من دونه أولياء”،

                        لا تسلم زمام حياتك وشئونك وأمورك الخاصة والعامة، اقتصاد وتعامل اجتماعي وأسري، لا تسلمها لغير الله أبدا، ولا تتبعوا من دونه أولياء.


                        ” وكم من قرية أهلكناها فجائها بأسنا بياتا أو هم قائلون ” .

                        وهذه هي النتيجة المباشرة لعدم اتباع ما جاء من عند الحق سبحانه وتعالى، الهلاك. وهنا تتحدث السورة عن عواقب ونتائج على الرغم من أنها لم تبدأ بعد بالتفاصيل. إن النتيجة التي ستحدث عندما يتبع الإنسان من دون الله أولياء، الهلاك، والآية هنا لا تتحدث عن هلاك أخروي أو جزاء أخروي ، لا ، بل تتحدث عن عقوبة دنيوية.


                        ولنا أن نتدبر لماذا جاءت الآية

                        ” وكم من قرية ” ،

                        وحين يقول القرءان الكريم قرية فهذا يعني مجتمع ، يعني دولة ، يعني أمة أو حتي يمكن أن يعني شعب!

                        ولماذا جاء على سبيل التكثير

                        ” وكم من قرية “؟

                        إن القرءان يؤكد لي عدة حقائق :

                        الحقيقة الأولى أن القرءان في أصله يخالف الفكرة السائدة الطاغية على كثير من المجتمعات المعاصرة ، فكرة الفردية. إن القرءان منذ الأصل ينظر للإنسان على أنه الفرد ضمن مجتمع، أو ضمن الأسرة.

                        ولذلك نجد أن معظم خطابات القرءان تبدأ بيا أيها الناس ، أو بيا أيها الذين آمنوا، خطابات لجماعات وأمم، وهنا ” وكم من قرية ” ليعطيني هذا البعد، أنك أيها الإنسان الفرد لا تعتقد ولا يمر بمخيلتك ولا لثانية واحدة أنما تقوم به من سلوك صالح أوغير صالح في حياتك لا يؤثر على بقية المجموعة أو الأفراد من حولك ، لا، كل ما تقوم به هو ليس فقط شأن يخصك أنت وحدك، لا، كل ما تقوم به سيصب في نهاية الأمر في ذلك المجتمع العام فعليك أن تتريث وأن تتعقل وأن تدرك أن الخير الذي تفعله لا يذهب هباءا، كما أن الشر الذي تفعل أو يظهر منك لا يمكن أن يذهب أثره هباءا

                        بدون نتائج، بدون عواقب أبدا.

                        . ولذا كانت الآية التي بعدها

                        ” وكم من قرية أهلكناها ” ،

                        أي شيئ، تدبروا في عظمة القرءان وإعجازه ، أعطاني السبب منذ البداية ، قال

                        ” ولا تتبعوا من دونه أولياء ”

                        لأن النتيجة الحتمية الطبيعية حين تتبع الدول والأمم والشعوب أولياء من دون هذا المنهج العظيم منهج الله سبحانه وتعالى فإن النتيجةهي الهلاك.

                        فجاءها نتيجة لذلك الهلاك والبأس بياتا وهم نائمون أو هم قائلون، في النهار أو في الليل أو في القيلولة أو هم يركضون أو ضحا وهم يلعبون، النتيجة واحدة، هي الهلاك.

                        تعددت وتنوعت الأساليب هي قدرة الله عز و جل وقوته سبحانه وتعالى القاهر فوق عباده. وهذه النتيجة الحتمية سيأتي تفصيلها فيما بعد، فإن سورة الأعراف ستتحدثت عن قصص أنبياء مع أقوامهم: ستتحدثت عن موسى عليه السلام وعن داؤود عليه السلام وعن لوط عليه السلام، وكل أمة من تلك الأمم والأقوام لاقت مصيرا يختلف عن مصير الأمة الأخرى، جاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون، العذاب ، فقد تنوعت وتعددت أساليبه وفي نفس الوقت تنوعت الانحرافات ولكنها كلها تدخل تحت مظلة واحدة هي مظلة إتباع من دون الله ، تولى شئون حياتهم أولياء من دون الله عز و جل. وكما سنرى في التفاصيل أن الأولياء ليسوا فقط آباء أو أصنام، أو حجارة أو ما شابه، فيمكن أن يكون الولي الذي يتولى شئون حياتي هو نفسي، هوى نفسي هو الذي يتحكم بي، ممكن ، وسنأتي على نماذج لأقوام كان الذي يحركهم ويصرفهم هو هوى النفوس لا شيئ آخر. إن الأولياء يمكن أن يكونوا متعددين، القرءان هنا يعطيني من اللحظة الأولى من الموقف السبب وراء هلاك تلك الأمم المختلفة ، صحيح قدم لي نماذج من قصص الأنبياء كما سنأتي عليها ولكن النماذج تتعدد وستتنوع ولن نقف عند زمن أو عند بيئة لأن القرءان الكريم رسالة عالمية مفارقة لحدود الزمان والمكان والبيئة فما أهلك به قوم في الزمان الغابر قد يهلك به قوم آخرون في زمان لاحق.

                        تعليق


                        • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                          كيف يظلم الإنسان نفسه ؟





                          (فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)الاعراف

                          إعتراف ، ظالمين ، بأي شيء ظلم هؤلاء القوم ، ظلموا أنفسهم أولا،

                          كيف يظلم الإنسان نفسه ،

                          نحن إعتدنا حين نتكلم عن الظلم نقول أن فلانا ظلمني،

                          فلان يظلم الآخرين، فلان مظلوم ،

                          ولكن أن يظلم نفسه !


                          والقرءان الكريم يعطيني بعدا واضحا هنا في سورة الأعراف منذ البداية يشخص بدقة : ظلموا أنفسهم، لماذا ؟

                          لأن الإنسان حين ينتكس عن منهج خالقه سبحانه وتعالى ويتخذ من دونه أربابا وأولياء يصرفون له حياته وشئونه هو في واقع الأمر يظلم نفسه ، أكبر ظلم وأكبر مجال يوقعه في الظلم هو على نفسه وليس أي مجال آخر. والقرءان الكريم في هذه الآية حين يتحدث عن النفس إنما يلقي بظلال المسئولية على الفرد. أنت تظلم نفسك، ولذلك قال سبحانه وتعالى بلسان حالهم

                          ” قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ” .

                          ولكن ما هي الفائدة أن يقولوا إنا كنا ظالمين وقت الجزاء، بعد نهاية الإمتحان، بعد إنتهاء الدنيا، ما فائدة هذا !

                          وتدبروا في الآية التي قال الحق سبحانه وتعالى فيها

                          (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)،

                          فقد أنتقل مباشرة من البأس الذي وقع على تلك الأمم في الحياة الدنيا إلى الآخرة بإيجاز كعادة القرءان وعظمته في تنوع الأساليب ليعطي المخاطب بهذا القرءان وفي هذه السورة القدرة ليتنبه لما سيأتي بعد ذلك من آيات.

                          وحين قال سبحانه

                          (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)

                          جاء بحالة الظلم في موضعين

                          الأول ”قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ” والثاني ” بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ” ،

                          وهنا خسروا أنفسهم ، وتدبر في الآية ، خسروا أنفسهم ، نحن نعرف أن الإنسان يخسر ماله، يخسر تجارة ، قد يخسر بيتا ولدا أو صديقا ، ولكن أن يخسر نفسه ! كيف يخسر نفسه ؟!

                          إن أعظم خسارة في الكون خسارة الإنسان لنفسه والآيات التي كان يظلم بها هؤلاء لم تكن مجرد آيات كتاب قد أنزل عليهم ولكن هي آيات الله الكونية المبثوثة في واقعهم.

                          إن آيات الله عز و جل لا تنحصرفقط في آيات أنزلت في كتب ، في الكتب السماوية فقط ، ولكن آيات الله سبحانه وتعالى متعددة : في النفس ، آيات في الكون، في الواقع ، آيات في الأمم السابقة والمجتمعات المختلفة.

                          هنالك نماذج كثيرة من الآيات منها كيفية هلاك بعض الأمم والمجتمعات ونزول العقاب عليهم هذه أيضا آيات لله سبحانه في خلقه.

                          ولكن السؤال كيف يظلم الناس بهذه الآيات ؟

                          ظلمون بها حين يمرون عليها مرور الإنسان الذي لا يفقه شيء ولا يعتبر، تمر الأحداث أمام عينيه دون أن يتوقف، دون أن يسأل نفسه سؤالا مشروعا تماما : لماذا حدث ما حدث ؟ و كيف حدث ؟ وكيف يمكن أن أتجنب ما حدث ؟

                          إن الأحداث والوقائع والمصائب والكوارث التي تحدث في الأمم والمجتمعات لا تحدث خبطا عشواءا، ليس هنالك خبط عشواء في حياتنا أبدا، كل شيئ يسير وفق أمر الله عز و جل، وفق سننه في كونه ، وفق قانونه في خلقه.

                          إذن هنالك خلل أدى إلى هذا الذي حدث ، وحين لا يكتشف الإنسان موضع الخلل يكون كما قالت الآية الكريمة

                          كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ” .

                          إذن من بداية السورة وإلى الآية التاسعة تحدثني السورة عن العاقبة ، عن النتيجة ، وتعطيني موجزا كاملا لكل ما أوردته بالتفصيل سورة الأعراف،

                          ما هو الموجز؟

                          هو رحلة الإنسان الخليفة والنتائج التي يمكن أن تكون متوقعة من تلك الرحلة إذا لم يتخذ الإنسان ربه وليا ومصرفا لشئونه ولحياته.

                          تعليق


                          • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                            الكثيرين منا تتعلق قلوبهم بالدائرة الضيقة المحظورة



                            في قصة سيدنا آدم وأمنا حواء عليهما السلام الدروس والعبر التي ينبغي أن يتوقف عندها الإنسان ويستحضر منها العظات والعبر عندما يسير في طريقه في الحياة.

                            والقصة وما مر فيها لأبينا وأمنا حواء أحداث يمكن أن تقع لكل واحد منا في كل وقت وفي كل مكان وفي كل زمان. ولكن من الوقفات التي تحتاج أن تتوقف عندها هو تلك المساحات الواسعة من المباح.

                            إن الله عز وجل حينما أعطى لآدم وحواء الحرية في أن يأكلا من الجنة ما يشاءا، إنما دل ذلك على أن دائرة المباح، ما هو غير ممنوع ، دائرة واسعة جدا وكذلك المجال الذي أعطاه الله للإنسان في مسيرته في الحياة على هذه الأرض. ولذلك جاء العلماء بتلك القاعدة :

                            الأصل في الأشياء الإباحة. فالمباح واسع ،

                            ولكن الحق سبحانه وتعالى حينما منع عنهما وهذا تكليف بالمنع قال

                            ” ولا تقربا هذه الشجرة”

                            إن دائرة الممنوع ضيقة، وعلى الرغم من كبر دائرة المباح وصغر دائرة الممنوع إلا أن الإنسان مع وسوسة الشياطين الذين هم ليس فقط شياطين الجن ولكن كذلك من يتولونهم من شياطين الإنس يوسع على نفسه من دائرة الممنوع ولا ينظر إلى تلك الدائرة الواسعة التي حباه بها الحق سبحانه وتعالى وأتاحها له من المباحات.

                            وهذه قاعدة في واقع الأمر تقودنا إلى كثير من الإشكاليات التي نمر بها في حياتنا في كل شيئ ، في الطعام والشراب ، في التعامل في الإقتصاد في الأقوال والأفعال.


                            إن دائرة المباح واسعة ولكن الكثيرين منا تتعلق أنظارهم وقلوبهم بتلك الدائرة الضيقة المحظورة ولو أننا تسألنا في أنفسنا وحاولنا أن نحل هذه القضية لوجدنا أن المسألة ليست لأن المباح ضيق أو قليل، ولكن أحيانا لأن النفس قد جبلة بناءا على تلك الوسوسة أحيانا من الشياطين على النظر في ذلك المجال الضيق الممنوع المحظور وتركت الواسع المباح الذي فيه قطعا غنا عن كل ما هو محظور ممنوع.

                            هنالك الكثير في دائرة المباح الإقتصادية الواسعة جدا، ولكن تجد أن الكثير من الناس في زماننا وعصرنا هذا لا يبحثون عن وسائل الربح والنفع المشروع المباح بقدر ما تتعلق أنظارهم وقلوبهم وتفكيرهم في كثير من الأحيان بالوسائل الممنوعة أو على أقل تقدير الوسائل التي فيها شبهة. وقصة أبينا آدم وأمنا حواء تنبه إلى أن البشرية على هذا المزلق الخطير.


                            الخلافة هدف الوجود على الأرض






                            (قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)الاعراف

                            هي الأرض التي تشهد مسيرة البشرية ، مسيرة الخير والشر، مسيرة إمتثال الأوامر الإلهية أو عدم إمتثالها، هي الأرض التي نعيش عليها وهي التي تمثل مسرح الأحداث. هذا المسرح هو في واقع الأمرتصنيف للمشاريع المختلفة التي أوكل الله عز وجل للبشر، إلينا ، إعمارها والقيام بها، مهام.



                            أذكر أنني في مرة سئلت :

                            ما الحكمة من طلب الله إلينا إعمار الأرض؟

                            ثم يأتي يوم على الأرض فتصبح صعيدا جرزا؟ وهباءا منثورا؟

                            كما ذكر في القرءان الكريم.

                            سألت السائل : هل لديك مشاريع تقوم بها؟

                            قال نعم،

                            قلت : هذه المشاريع أي كان نوعها ألا تستخدم فيها مواد خام؟

                            تستخدمها في المشاريع لإكمالها ثم تختبر هذه المشاريع ثم تستخدم،

                            وقد يهدر بعض هذه المواد وقد يعاد تدوير بعضها بعد الاستهلاك.

                            قلت ، ولله المثل الأعلى ، إن هذه الأرض التي نعيش عليها إن كل ما فيها من مواد سخرها الله عز وجل للإنسان ليستعملها وليعمر بها الأرض ، قال الله( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )فإذا انتهت مدة المشروع وطلب من كل إنسان ومن كل البشر أن يقدموا مشاريعهم أو أعمالهم أو ما قاموا به على وجه الأرض أمام الله عز وجل وزنت تلك المشاريع تلك الأعمال وأصبحت في موازين أصحابها إما ثوابا وإما عقابا وأصبح ما في الأرض صعيدا جرزا ، إنتهت المشاريع وانتهت القصة بأكملها.


                            إن فترة البقاء على الأرض محدودة وقد لخصت آية واحدة في كتاب الله مصير الإنسان قال سبحانه وتعالى

                            قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ”الاعراف 25

                            ولكن لا ننسى أن هذا البقاء كل البقاء على وجه هذه الأرض

                            إنما هو لهذه اللحظة،لذلك المشروع الذي عليك القيام به عليك إنجا




                            تعليق


                            • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                              قيمة الستر والاحتشام




                              ” يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ “ 26 الأعراف

                              هو أول خطاب يخاطب الله به بني آدم بعد تلك القصة لأبيهم ،

                              خطاب عن اللباس ؟؟

                              وتدبروا معي، عادة ما يخاطب الحق سبحانه وتعالى عباده ، كعادة القرءان ، بخطاب التوحيد ولكن هنا ذكرهم بقضية اللباس !

                              ونلاحظ في هذه الآية العظيمة العديد من الأمور :

                              أول أمر قال عز وجل

                              يَا بَنِي آَدَمَ ” ،

                              وفي أكثر من مرة يؤكد القرءان عملية الخطاب القرءاني ، فالقرءان ليس للمسلمين فحسب، هذا فهم قاصر جدا، وكان على من يؤمن به ، وذلك من واجبات ومقتضيات الإيمان أن يقوم بإيصال تلك الرسالة العالمية للبشر وأن يكون لديه من العلم والحكمة والكفاية ما يكتشف به أفضل الوسائل و الطرق لإيصال تلك الرسالة العالمية

                              وحين يتكلم ويحدثني القرءان هنا قال

                              قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً

                              ، أول ما ذكر قال

                              يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ” ،

                              وفي قصة آدم قال

                              ” يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ”

                              القضية في قضية اللباس هي الستر أولا ثم تأتي أغراض أخرى من مهمة اللباس. وقضية اللباس والتي تتناولها سورة الأعراف بأولوية مطلقة إذ تعد السورة بحق الوحيدة إن القرءان الكريم يجعل من ذلك التصرف قيمة أخلاقية، قيمة أخلاقية إنسانية بل يربط إنسانية الإنسان بذلك الستر وبتلك القيمة من الرغبة في الاحتشام ومواراة العوارات والسوءات عن الآخرين، لماذا؟

                              لأنها وببساطة شديدة لا تليق بإنسانية الإنسان المكرم هذا التكريم الذي كرمه به ربه جل وعلا عن باقي المخلوقات. وهذا الخطاب خطاب عالمي وأأكد على عالمية الخطاب هنا، لماذا؟

                              لأننا اليوم في الواقع الذي نعيش فيه اكتسحت بيوت الآزياء والموضات المعروفة، اكتسحت العالم وأصبحت عالمية لا تفرق بين المجتمعات، أصبح خطاب الموضة والأزياء والموديلات كما يطلق عليها خطاب عالمي لا يفرق بين من سيأخذ هذه الأزياء من الشرق أو الغرب، ويجب إن نلاحظ أن من يقوم على هذا الأمر ثلة أو شرذمة قليلون، وهم يقدمون هذه الأزياء للكل مسلم أو غير مسلم لأن العالم صار فيه من وسائل الإتصلات الإعلامية والتجارية والاقتصادية الكثير مما يوحده ويجعله يكاد يكون نقطة واحدة.

                              إذن القضية أصبحت خطاب عالمي وفي القرءان الكريم وفي سورة الأعراف تقدم السورة للبشرية خطابا عالميا بقيمة الستر بعكس القيمة التي يروج لها اليوم دعاة ما يعرف بالأزياء!

                              ما هي هذه القيمة التي حث عليها الله جل وعلا وطلب من الإنسان المكرم أن يوليها إعتبار في حياته، هي قيمة الستر والاحتشام بصرف النظر أنت تؤمن ، أنت لا تؤمن، أنت مسلم أو غير مسلم، أنت تلتزم بالباس الشرعي أو لا تلتزم، الستر والاحتشام هي قيمة إنسانية في ذاتها.


                              لا تجري وراء الموضة





                              . تدبروا معي في القيم التي يحرص عليها اليوم الناس في لباسهم، الحرص الأول والأكبر على قيم قام القرءان العظيم في الحقيقة لمعالجتها والنهي عنها وعدم الإلتفات إليها : التفاخر، التكاثر، التباهي والزهو، أن يزهو الإنسان بما يملك أو يلبس وحتى في بعض الأحيان يزهو بما لا يملك.


                              إن القرءان يحب الجمال وقد ذكرت قضية الزينة في هذا السياق ليؤكد لي أن قيمة الجمال قيمة أساسية في القرءان الكريم وليست بقيمة مستوردة على كتاب الله ، لا، هي قيمة موجودة في الخلق، فخلق السماوات والأرض قائم على نفع الإنسان، صحيح ولكن مع ذلك الانتفاع هنالك جمال. جعل الله عز وجل في السماء النجوم لماذا؟ بلى هي فيها فوائد ينتفع بها ولكن أيضا فيها زينة وجمال. ولأن قيمة الجمال في القرءان الكريم فيمة مهمة وضرورية فهو مبثوث في كل خلق الله : في الإنسان، في السماء، في الأشجار، في الحيوانات، في الطير، في البحار والأنهار وفي كل ما خلق الحق جل في علاه وبرأ وذرأ نجد فيه الجمال، ولكن حين يرسل القرءان رسالة الجمال يعلم بني آدم أجمعين أن الجمال كقيمة لابد وأن تتماشى تماما مع إنسانية الإنسان. تدبروا معي في هذا الخطاب الرائع، فنحن اليوم ، كل البشر، أحوج ما نكون ، وتدبروا قول الحق سبحانه وتعالى

                              أَنْزَلْنَا لكم


                              مادة اللباس سواءا من الريش أو الجلد أو من أي مادة أخرى، من الذي أعطى؟

                              ومن الذي أنزل ؟

                              ربي عز وجل هو الذي أنزل. أنزل سبحانه وتعالى كل ما يخطر وما لا يخطر على بالنا من المواد كلها مسخرة لبني آدم، وهذا فيه ربط واضح بما جاء في أوائل السورة الكريمة
                              ” ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش “

                              إذن هذا التمكين من جملته ومن مقتضياته أنه جل في علاه أنزل لك هذه المواد يا أيها الإنسان.
                              يا أيها الإنسان المكلف الخليفة على ظهر هذه الأرض،

                              فكيف ستستعمل ما أنزل لك الحق وسخر لك؟

                              كيف ستستعمل ما مكنك فيه؟
                              ستستعملها في معصيته سبحانه وتعالى؟

                              في إيذاء نفسك والناس من حولك؟
                              وتدبروا معي في هذه المعاني العظيمة :

                              أنت حين تستعمل هذه المواد الخام كما تستعملها بعض دور الأزياء اليوم في إفساد للذوق العام، الذوق البشري والذي يميز الإنسان من سائر الخلوقات. فترى الواحد من هؤلاء رجلا كان أو إمراة يلبس أشياءا ممزقة حقيقة وليس مجازا وقد يدفع أضعاف الأسعار لذلك الثوب الممزق وحين يدفع يدفع بفخر لأنه مواكب لأحدث صيحات الموضة ولو تدبرنا في هذا المعنى لوجدنا أن هنالك إفسادا متعمدا للذوق العام للإنسان بحيث يلبس ما لا يليق بإنسانيته!


                              وحين نتدبر في الآية الكريمة فإن أول ما ذكر الله سبحانه وتعالى فيها أن هذا اللباس يواري سوءاتكم وهذا هو الحد الأدني في فائدة اللباس أن يواري السوءات أن يستر عورة الإنسان. ثم بعد ذلك قال والأكمل من ذلك اللباس أن يكون لباس تقوى وخشية لله فهو خير من الأول الذي هو فقط يعيد الإنسان لإنسانيته لأن الحق يريد من بني آدم أن يرتقوا إلى ما كرمهم به ، حمل الأمانة وأداء العهد الذي بينه سبحانه وتعالى وبينهم، فقال
                              ” ولباس التقوى ذلك خير “

                              تعليق


                              • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلكَ خَيْرٌ









                                إن جمهور المفسرين يقولون أن لباس التقوى لباس معنوي مجازي هو ما تقتضيه قضية التقوى، ولكن حين نتدبر فيه نجد أن ذلك التقابل بين اللباس الظاهري الذي يستر العورات الظاهرة المادية واللباس المعنوي لباس التقوي والذي هو أيضا يستر عورات معنوية لا ينبغي أبدا أن تكون في الإنسان الخليفة وهي كل السلبيات في الأخلاق والتي هي تصده عن التقوى.

                                وما هي التقوى ؟

                                هي ببساطة شديدة واختصار هي ما يقيك مما لا ينبغي من تصرفات.

                                إن الله عز وجل قال عن اللباس في آيات أخرى

                                سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ“ ،

                                فالسرابيل أو الملابس أو ما شابه تقي وتحمي الإنسان من الحر ومن البرد، وفي عصرنا مثلا رجال الإطفاء يلبسون ملابس واقية من الحريق والدخان ، ورجال الفضاء أيضا يلبسون ملابس معينة واقيه، والذي يتعامل مع المواد الخطرة في المعامل كذلك يلبس ملابس تقيه.

                                إذن ما تلبسه يقيك مما حولك مما هو ظاهر أما التقوى القلبيه أو لباس التقوى فهو لباس يقيك من أخطار أخرى معنوية ومادية في نفس الوقت مثل أمراض القلب : الحسد، الكبر ، الغل ، الشهوات، الشبهات وغيرها . فكلما كان اهتمامك بلباس التقوى قويا بارزا واضحا كلما كان نصيبك من التقوى أكبر، وكلما ازداد عندك ذلك اللباس، لباس التقوى، وهو لا يظهر للعيان كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين

                                ” التقوى هاهنا، التقوى هاهنا “

                                وقد أشار لقلبه الشريف ، هي ليست ظاهرة للعيان ، هي شيئ بينك وبين الله عز وجل هو يطلع على قلبك فيجده قد تزيى بزي التقوى، قد ارتدى ذلك اللباس والزي حتى بات لباسا يحفظه و يقيه.

                                وكلما اهتممت بذلك الزي من باب اهتمامك لما ينظر الله إليه من قلبك، الناس تنظر إلى الملابس إلى ما ترتديه، ولكن الله جل وعلا ينظر إلى قلبك إلى داخلك ، ينظر إلى تلك الصدور إلى السرائر فاصلح السريرة . فإذا ما أصلحت ذلك اللباس وقاك من كل الشرور المختلفة ولابد أن يظهر ذلك اللباس وذلك الرداء الجميل برونقه وبهائه ونوره على ظاهر الإنسان على سلوكه وأخلاقه ومعاملاته. قد يكون الإنسان يرتدي أجمل الحلل وأفخم الملابس ومن أكبر دور الأزياء وقد بذل الغالي والنفيس للحصول على هذه القطعة، ولكن في داخله في واقع الأمر هذه القطعة لا تغني عنه شيئا، لماذا ؟ لأن الداخل خرب وليس له حظ من لباس التقوى، وليس هنالك في الأصل تعارض بين اللبس الخارجي واحتشامه وستره وأناقته وبين التقوى، بل بالعكس التقوى تحرك الإنسان نحو الستر والأناقة والجمال ولكن من قال أن الأناقة تعني عدم الستر؟؟ تعني الملابس الفاضحة ؟؟

                                إن الذي قال ذلك هو الذي أفسد الذوق العام في حياتنا، ولماذا يفسدون الذوق العام؟ لأن المسلمين حين تخلوا عن إيصال رسالة القرءان العالمية وما بلغوا حين قال الحق جل وعلا مخاطبا البشرية جمعاء

                                ” يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون “ (26) الاعراف

                                حينها تخلوا وما قاموا بالمهمة التي أوكلت إليهم.

                                تعليق


                                • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                  لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ




                                  ” يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ”(27)الاعراف

                                  . فأنت حين تسلم قيادك لأولياء الشيطان يحدث ما قد حدث.

                                  الآن وقد أصبحت قضية التعري والانحلال قضية مهمة جدا في الأناقة والأزياء

                                  نعم هكذا ولكن لماذا ؟

                                  لأن من تسلم قياد الأمور في واقعنا وفي مجتمعات العالم اليوم وفي البشرية جمعاء هم أولئك الذين تولوا الشيطان أو إن الشيطان قد تولاهم، والذين عرفوا الحق وعندهم دليله وأمروا بأن يقوموا بالمهمة ما قاموا بها وتخلوا عن قيادتهم

                                  مرة أخرى نعود لعالمية القرءان الكريم خطاب

                                  يَا بَنِي آدَمَ

                                  ، أنت وأنا وجميعنا مطالبون بإيصال هذه القيم والحديث عنها، والحديث ليس بالضرورة أن يكون خطبة أو رسالة شفوية أو كتب وترجمات ، لا ، لا ولكن الحديث الذي يعلمني القرءان في أكثر من موضع عنه هو أن يتجلى هذا الحديث عن القرءان في أفعالى وسلوكي وتصرفاتي كما وصفت امنا عائشة رضي الله عنها رسولنا الكريم صلّ الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين بأنه كان ( قرءانا يمشي)

                                  ، يجب أن يتجلى حديثي عن القرءان في تقديمينموذجا يستحق أن تنظر إليه الأمم والشعوب. إن جانبا من جوانب ما نراه ونعيشه اليوم من الجري وراء الأزياء المختلفة التي أشرنا إليها أن من تسلم زمام الأمور في هذه الأشياء المختلفة في الاقتصاد وفي العلوم وفي الإدارة في العالم بأسره هم أولئك الذين ما عادوا يحملون قيمة من القيم التي يدعوا إليها القرءان الكريم، لا يؤمنون به، فطبيعي أنهم لا يحملون هذه القيم، ولكن الذنب الأكبر على من يؤمن بالقرءان العظيم وقيمه ولم يتمكن ولم يقم بإيصال تلك الرسالة والقيم إلى العالم من خلال تحضره وتقدمه وسلوكياته، من خلال تقديمه أنموذجا فعلا يقتدى به في كل شيئ، في اقتصاده وفي عمرانه وفي أسرته وفي تعامله وفي تجارته وفي أزيائه وفي ملابسه. فما عاد ما نلبس وهو في الواقع مجرد قطعه، ولكننا في واقع الأمر لا نقوم بصناعتها!

                                  نحن نلبس ما لا نصنع ! وإنما ما يصنعه غيرنا لنا، وهذه كارثة في الحقيقة تضاف إلى ما أشرنا إليه.

                                  قال الحق عز وجل

                                  ” يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ”(27)الاعراف

                                  إذن هي فتنة وابتلاء، ونحن اليوم ونحن نسير في طريقنا في الحياة لابد وأن نتذكرهذه المعاني العظيمة ، أن المسألة فيها ابتلاء وأن هنالك إختبار وأن الشيطان له وساوس يدخل بها على بني آدم ليفتنه !! وتدبروا في الآية الكريمة قال

                                  ” كما أخرج أبويكم من الجنة “،

                                  وما ذكر شيء عن الجنة سوى أنه ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما، وتدبروا، إن الجنة فيها أشياء كثيرة وآدم وحواء حينما خرجا من الجنة خرجا من نعيم كبير في كل شيء ليس فقط في اللباس ولكن الآية ما ذكرت إلا قضية اللباس قال

                                  ” ينزع عنهما لباسهما”.


                                  إن سورة الأعراف كما ذكرت سابقا هي السورة الوحيدة في القرءان الكريم التي تقف بهذا الوضوح القيمي تجاه قضية اللباس، وارتباطه بقصة أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام، بل بوجود الإنسان الخليفة على هذه الأرض، إنسانية الإنسان، فمن جملة إنسانيته أن يكون ساترا لتلك السوءات، وقد يقول قائل :

                                  ولماذا خلقت هذه السوءات إذا كان يجب عليه أن يسترها؟

                                  هذا الابتلاء فتنة. أنت لا تبتلى بما هو غير موجود، أنت تبتلى بما هو موجود وبما هو غير موجود، أنت تبتلى بالمنع والعطاء. إن الأسئلة التي قد تثار متنوعة والاختبار متنوع والرب جل وعلا هو الذي يسأل ولا يُسأل سبحانه وتعالى عما يفعل ونحن نُسأل.

                                  تعليق


                                  • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                    كيف يتقي الانسان ولاية الشيطان

                                    ويسلم من تسلطه عليه


                                    ” إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ” (27)الاعراف

                                    أصبحت القضية ولاية الشيطان، وتدبروا معي في أوائل السورة قال الحق

                                    ” إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون” (3).

                                    إن إتباع الأولياء، إتباع أولياء الشيطان ،

                                    حين يصبح الشيطان وليا للإنسان من دون الله ماذا سيحدث؟

                                    سيحدث ما حدث ، ينزع عنه لباسه ويفعل كل ما يفعله اليوم من تشوهات في إنسانية الإنسان.

                                    ولكن هذه الولاية ما جاءت من فراغ لأن الله سبحانه وتعالى قال

                                    إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ “27

                                    إن خروجك من واحة الإيمان ودائرة الحق إلى دنيا فيها المعصية والكفر وإلى صحراء جدباء من القيم والفضيلة والبعد عن الله عز وجل تجعل منك إنسانا معرضا لولاية الشياطين من الأنس والجن قطعا.

                                    إن إيمانك بالله درع لك وحصانة حقيقية لأن الذي سيتولى شئون حياتك، لباسك، طعامك، شرابك، ما تخرجه ما تنفقه عطاؤك ومنعك زواجك وإنجابك للأبناء كل هذا سيتولاه الحق سبحانه وتعالى، هو الذي سوف يسير ويدبر لك حياتك، بينما حين يخرج الإنسان من دائرة الإيمان وواحته سيصبح معرضا لأي ولاية في كل شئون حياته؟

                                    وكما ذكرنا من قبل في قضية اللباس من الذي يتحكم فيما ألبس ويفرض علي ما ألبسه ما أرتديه من لباس؟

                                    أولياء الشيطان.

                                    ما السبب ؟

                                    أنا قد أعطيتهم ذلك الحق من خلال عدم إيماني بالله عز وجل.

                                    إن إيماني بالله يقتضي أن يتولى الله حياتي كلها تصريفا بكل ما للكلمة من نواحي أمرا ونهيا تكليفا وإلزاما ، إن الإيمان ليس مجرد كلمة الإيمان عقيدة بيني وبين الله عز وجل وهو الذي يتولاني بالرعاية وبالحماية وبالرحمة من خلال تشريعاته وتوجيهاته.

                                    إن البشرية اليوم تدفع أثمانا باهظة نتيجة خروجها عن أي شيء ؟

                                    خروجها عن تلك الدائرة ، دائرة الإيمان ، دائرة العلاقة بالله وإن العلاقة بالله ليست شعار ولا جماعة وليست تحزب يرفع باسم، لا، العلاقة بالله أخلاقيات وسلوكيات وتعامل ، دين ، تصرفات : مالية واجتماعية وأسرية تحكم الحياة تحكم الإنسان في قلبه وحياته قبل أن تخرج إلى محيط قلبه وحياته. هذه الحقيقة ،

                                    ولذا ما أعظم الآية الكريمة

                                    ” إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ” (27)الاعراف

                                    إن كل كلمة في آيات الله في هذا الكتاب العظيم الحكيم لها معنى ولها مقصد تحققه.


                                    التحذير من التقليد الأعمى للآباء

                                    المخالف لما أنزل الله







                                    ” وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا والله أمرنا بها” (28)الاعراف

                                    الآيات هنا لها مناسبة في حقيقة الأمر وذلك بأن الناس كانوا في الجاهلية قد ورثوا عادة سلبية لا تليق بآدمية الإنسان قالوا وجدنا آبائنا كذلك يفعلون، كانوا يطوفون حول الكعبة الحرام عراة دون ملابس رجالا ونساءا ويدعون أن ذلك العمل يتقربون به إلى الله عز وجل بزعم أنهم سيطوفون بالبيت بدون تلك الملابس التي عصوا الله سبحانه وتعالى فيها. ملابسهم التي عصوا الله فيها ينزعونها ليقوموا بالطواف بالبيت الحرام ليغفر لهم !!


                                    انظروا إلى وهن وتفاهة هذا الإدعاء والزعم منهم. ولكن من جعل هذا القول الواهن والذي لا قيمة له ، هذا الإدعاء السخيف، من الذي أعطاه شرعية في الجاهلية؟

                                    ولكن انظروا ماذا قالوا ، قالوا وجدنا آبائنا على هذا الأمر وأن الله قد أمرنا بهذا حتى يعطوا شرعية لما يقومون به تقربا إلى الله، ولكن العقل والمنطق يقول ليست الملابس الظاهرة هي التي يعصي بها الإنسان خالقه، إذا جئت فعلا للتفكر في هذا الأمر، إنما هو ذلك القلب و الجوارح هي التي إغترفت الذنب والمعصية والإثم.


                                    فهل على سبيل المثال إن سرق السارق، وحتى إذا سرق مالا بسيطا لا يصل إلى حد السرقة هل سيعني ذلك أنه سيقوم بقطع يده لأنها ارتكبت معصية؟ نظرت بعينك إلى صورة محرمة هل ستقتلع عينك لأنها ارتكبت معصية ؟ أهكذا ؟ إن الملابس ليست هي التي تنزع وإنما تلك ا لجوارح القلب والعقل التي عصت أمرا هي التي تعاقب، الملابس مجرد رداء خارجي، ظاهري وهو في نفسه لا يعقل ولكنه يؤدي مهمة فقط، ولكن الجوارح هي التي إنفعلت وأثارت الأرجل التي مشت والأيدي التي بطشت واقترفت واللسان هو الذي كلم، كل هذه الجوارح تقطع لينتهي الأمر وحتى يتخلص الإنسان من المعصية ؟ لا .


                                    إن ربي سبحانه وتعالى قدم لي العلاج حين أعطاني وقص علي قصة آدم عليه السلام وحواء قال

                                    ” قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ” 23 الاعراف

                                    التوبة ، التوبة هي التي تجعل الإنسان يعود كيوم ولدته أمه، التوبة هي التي تطهرك، لباس التقوى هو الذي يسترك بالعمل الصالح ويقربك إلى ربك عز وجل. أنت لست بحاجة إلى نزع ملابس عصيت الله فيها، أنت بحاجة لنزع ذلك الإصرار والبعد عن الله سبحانه وتعالى، يكفيك أن تقترب منه وتقول ربي اغفر لي ، يكفيك أن تعلم يقينا أن لك ربا يغفر الذنوب جميعا. أنت إن تبت إلى الله عز وجل واستغفرته يغفر لك ما كان منك وما بدر عنك دون أن تكون لك حاجة في أن تنزع لباسا ظاهريا، إنما جعل لك ذلك اللباس ليستر ما أراد الله أن يستر لك.



                                    تعليق


                                    • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                      ما المقصود بالفحشاء؟

                                      ” يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد” 31 الاعراف

                                      الزينة هنا ليست فقط معنى أجمل لباس كما يتبادر للذهن ، لا ، إن القرءان يجعل الستر، ستر العورات، والاحتشام زينة، قيمة جمالية عظيمة ، الستر جمال، ولذلك ما يشاع اليوم من أن التعري والملابس الفاضحة وهذه الأزياء هي من التحضر، فهو قطعا غير صحيح بل العكس هذا هو عنوان التخلف والجاهلية.

                                      فكلما ازداد الإنسان رقيا وتحضرا ازداد تسترا واحتشاما كقيمة حقيقية للإنسان كقيمة تليق به. ولذلك يؤلمني اليوم ما نحن عليه كمسلمين لم نقدم ما هو كاف في رسالة الحشمة والستر ولم نبادر في الحقيقة ولم نستثمر في رحلة الحياة وإعمار الأرض، ولم يكن لنا قصب السبق في ريادة دور الأزياء العالمية، الدور التي تعلم الناس إنسانية الإنسان في حشمته وفي تغطيته لتلك العورات. ولن ننجح في واقع الأمر إلا إذا أدركنا وفهمنا رسالة القرءان الحقيقية، تدبروا معي في قول الله عز وجل

                                      ” قل إن الله لا يأمر بالفحشاء”28 الاعراف

                                      وهنا جاء الكلام عن الفحشاء بعد أن كان الكلام عن قضية التعري ونزع اللباس

                                      لماذا الفحشاء ؟

                                      أنها كلمة جامعة لكل أنواع المنكرات القولية والفعلية كل أنواع الجرائم والاعتداءات ولكل الأفعال القبيحة، وهذه كلها مصدرها واحد هو ذلك الانتكاس الحقيقي عن إنسانية الإنسان. ذلك التعري في هذا المجال، ذلك السلب لآدمية الإنسان الذي هو مصدر ومفتاح لكل أزمة ولكل فاحشة ولذا قال الله سبحانه وتعالى

                                      ” إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون “(28) الاعراف

                                      . بما أمر ربي ؟

                                      إن ربي أمر بالقسط، والقسط أن تضع الأشياء في محلها أن تكون فعلا واضحا في قضية الألبسة وغيرها وفي كل شيء، يجب أن يكون كل شيء في موضعه ومكانه.

                                      إن هذه السورة العظيمة ، سورة الأعراف، جاءت بكل هذه الآيات المحكمات لتأكيد قيمة اللباس المعنوي، قيمة التوحيد والتقوى حينما يتجلى في ما يلبس الإنسان وفيما يأكل وما يشرب وفي كل مسجد، وفي الدعاء

                                      ” أدعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون” 29 الاعراف

                                      . إن التوحيد ليس كلمة ، وليس شعار فحسب، هو الإخلاص والإيمان الخالص بالله سبحانه وتعالى والذي يجب أن ينعكس على كل أعمال الإنسان على ما يرتديه وعلى ما يقول وعلى كل أفعاله.


                                      تعليق


                                      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                        ما المقصود ب” خُذُوا زِينَتَكُمْ ”

                                        “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ”31
                                        في هذه الآيات امر لكافة بني أدم بالتوجه للمساخد و قد يعتبر هذا مستغربا فالصلاه خص بها المؤمنون انما جاءت خطاب عام له دلالات عظيمه لانه فسر العلماء كلمة مسجد هنا ككلمة عامه لا تعني المساجد المتعارف عليها للعباده انما الارض كلها طهورا , فالانسان قد تدركه الصلاه باي مكان فيتخذ الأرض مسجدا و مصلى لذا جاءت الايه عامة لكافة بني أدم و لذا لزاما عليه ان يكون بالمظهر اللائق و يستحضر جسده و قلبه و جوارحه للقاء رب الكون و لاداء شعيرة يعظم بها ربه كما ينبغي و على اجمل ملبس و شكل جميل ظاهريا و داخليا و لباس التقوى خير

                                        و هنا التناسب بين جميع الايات و ذكر بعدها ان كلوا و اشربوا ولا تسرفوا وهذه الايات اعتبرها العلماء تحوي الكثير من الدواء لبني ادم فهي تدعو الى الوازن و عدم الافراط و التفريط في كل جزئيه بالحياه و قاعده عظيمه ليس للاكل و الشرب فقط بل لكل ما هو مباح فحتى و ان كان مباح الا انه هناك حدود و قيود فلا نتعداها فنسرف ,
                                        فالانسان كما امر يسعى للتزين و التجمل كما بدات الايه ولكن لا يسرف باللباس فيغدو لباس خيلاء و تفاخر وهذا ما نراه اليوم بمجتمعاتنا فيشترون الملابس الباهظه
                                        و يبررون ذلك بالايه ” خذوا زينتكم” و هذا تقول على الله ,

                                        فمن اشكال التقول على الله ان يستشهد بجزء من الايه و يترك الباقي لتبرير اهوائهم و هذا من مداخل الشيطان لتبرير الخطأ لذا جاء ذكر عدم الاسراف بعد امر الزينه و الماكل و المشرب , كما ان الايات تعم جميع مناحي الحياه بكل اشكالها و من ثم نحرم و نحلل كما نشاء و نعيد الامور الى نصابها والا استحققنا عدم محبة الله

                                        ” انه لا يحب المسرفين”.

                                        تعليق


                                        • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                          (النهي عن التعالي وعدم التباهي بحظوظ الدنيا )



                                          (قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده و الطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خاصة يوم القيامه كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) 32 الاعراف
                                          جاءت هذه الايه مباشرة بعد اية النهي عن الاسراف لان القران كل متكامل و منهاج محكم وليدحض المناهج العقيمه في التعامل مع كتاب الله و اتباع الهوى

                                          و قد يتسائل البعض فما حكم من آتاه الله من الخير الكثير

                                          و اراد ان يرى اثر نعمة الله عليه
                                          فهنا جاءت هذه الآيه لتبين انه لا مانع من ابداء النعم و اظهارها و لكن دون مباهاة و اسراف بالمال جزافا فنحن مستخلفين في هذا المال و مؤتمنين عليه و سنسائل عنه لذا يجب ان يحكمنا شرع الله و تعاليمه في التصرف بهذا المال فالله مكننا فيه و هو احق ان يتبع و الايه فيها تذكير صريح ان الله هو من اعطى الطيبات فلا نتفاخر بما نملك من حرير و مجوهرات و غيرها فالملك كله لله لذا له الحق ان يشرع لنا طرق التصرف بهذه الطيبات و التي اسماها طيبات كدليل على انها طيبه لبني أدم ان احسن التصرف بها ضمن منهج الله المعطي و الممكن لهذه الطيبات , فلا نتلفها بالخبيث من الفعل و القول الظاهر منه او الباطن

                                          فقد يكون الخبث داخليا لا ظاهريا كالتعالي على الناس والاحساس بالعلو بسبب النعم التي ملكها الله لهذا الانسان فلا نطغى و نتجبر بسبب النعم و نتجاهل انسانيتنا و التي هي الاساس في التعامل , فالتفاخر و التعالي بما نملك و نحن اعلم ان من اعطى ياخذ و بطرفة عين فلا يبقى الا الوهن و الحسره و تلك غشاوه لا ينبغي ان تنسينا و تلهينا و لذلك جاءت الايات ان الطيبات تعتبر طيبات هي للذين امنوا فالله قد ينزل نعمة بكل العباد وحسب تصرفهم بها و بمنهاج الله يحددون هل هي طيبات ام خبائث وهذا يتحدد باختيارنا للمنهج فمن اختار رضا الله و تعاليمه تكون طيب من العطاء و من اختار الهوى و الشيطان تصبح وبال و خبث عليه و مسائل عنها فمن يالكل و يشرب الحلال بلا اسراف ليقوى لطاعة الله و هناك من ياكل و يسرف ليقوى على الله

                                          و لنا ان نسيق على ذلك امور كثيره كمثال الماء الحلال يصبح حراما ان شرب في نهار رمضان وهنا الفعل الخطا هو ما جعل الماء حراما في هذه الحاله فقد يتقاسم شخصان اناء طعام واحد فيثاب عليه احدهما و يعاقب عليه الاخر و ذلك لان المؤمن يسمي بالله و يشكر الله على النعمه و لا يسرف اما من اشرك بالله فلا يرى ان هذه من نعم الله عليه فلا شكر و لا حمد تصبح النعمه نقمة عليه و نفس المثال للملبس و الزينه فيلبسها من امن اتباعا لرضى الله بالجمال و النظافه و عدم الاسراف فيها و التباهي بنعم هي اصلا لله سبحانه بعكس من ينوي بها التفاخر و التعالي على غيره من العباد فالمنهج ما يحدد الطيب و الخبيث , و المؤمن يعلم جيدا ان النعم زواله و ان كانت حلالا فلا شيء يدوم لبني آدم كما ورد في ايات قرانيه ” و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الاموال و الانفس و الثمرات و بشر الصابرين” سورة البقره , نبينا محمد صلى اله عليه و سلم كان يصبح و بيته يخلو من الطعام اياما , قد يحرمك الله النعم بسبب مرض يصيبك فلا يمكنك تناول ما تملكه يداك بسبب هذا المرض لذلك ذكرت الايه ان الطيبات لن تكون خالصه بلا منغص في الدنيا و لكنها خالصة للمؤمنين في الآخره .




                                          امثله من الاثم الظاهر و الباطن



                                          ” قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و ان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا و ان تقولوا على الله ما لا تعلمون” 33 الاعراف

                                          وهنا توضيح شامل لمنهاج الله في عباده فالمحرمات الظاهره و الباطنه ليست من منهاج الله و هذا ما ركزت عليه مجمل سورة لأعراف لان الايمان قلب و قالب و سلوك , فهناك فواحش باطنه لا تظهر للعيان فقد نرتدي ملابس لا شبهة فيها و لكن في قرارة انفسنا نتباهى بها و بانفسنا امام عباد الله و حتى الزهد و ان بدى فعلا حسنا بظاهره و لكن من فعله قصد به الرياء و التباهي و لكي يشار اليه بانه الزاهد المتواضع فيكسب رضا الناس على حساب رضا الله و هذه كلها امثله للفواحش الباطنه , و بعكس ذلك من يستحضر قلبه في كل عمل و قول و يتبع ما امر الله وحده , هناك من البشر من يستنكف فعل تناول لحم الخنزير و يستقبح هذا الفعل قولا و عملا و لكنه بالمقابل ياكل مال الناس بالباطل و الغش و التدليس فهو اتبع الظاهر من الاثم وخالف الباطن وهما بنفس درجة التحريم و الشيطان هو من زين له هذا الامر لذا جاءت الايه بان الفواحش تشمل الاثم و البغي بغير الحق فالاعتداء بكل اشكاله حرام ما ظهر منه و ما بطن وهناك تصوير رائع لهذا المعنى في سورة االحجرات ” ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه ” و هذا تصوير معجز للباطن من الاثم و مدى قبحه و بشاعته و نسق على ذلك الكثير من امور حياتنا مشابهه لهذا الفعل نقع بها و هذا من ابواب الشرك لذا جاء في سياق الايه ” وان تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون” فالشرك ظلم عظيم و التقول على الله شكل من اشكال الشرك المنهي عنه تماما .

                                          و من امثال الاثم الظاهر و الباطن من قال انما البيع مثل الربا مع انهم العكس فالله احل البيع و حرم الربا مهما ترتب من زيادة من مال لاي منهما فالحلال بين و الحرام بين و كذا القرض الحسن و القرض الربوي فالاول مباح و مندوب و الثاني محرم و منهي عنه فلا مجال لخلط الاوراق و التشريع حسب الهوى و هذا نوع من انواع الشرك .

                                          “ولكل امة اجل فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعة و لا يستقدمون” 34

                                          

                                          سورة الاعراف لم تقتصر بشرح مسيرة الافراد انما مسيرة الفرد ضمن المجتمع و الامه لذا جاء في الايه ذكر الامم و مصيرها وان خالفت امر الله صرعت في نهايتها و سورة الاعراف سوف تتطرق لنماذج هذه الامم مثل قوم لوط و ثمود و كيف دمرت هذه الامم رغم قوتها بسبب مخالفتها لامر الله و الطغي و التجبر وسرعت في زوالها .


                                          تعليق


                                          • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                            البلد الطيب و البلد الخبيث




                                            (والبلد الخبيث الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) الاعراف

                                            هذا المثال الذي يأتي متناسباً تماماً مع ما سنأتي عليه اليوم في حديثنا عن قصص الأنبياء تلك القصص التي جاءت لتقدم المثال الذي مر به الإنسان في مسيرته على هذه الأرض وهو يصارع الباطل، الإنسان الذي يتبع ما أنزل إليه من ربه الإنسان الذي لا يتخذ من دون الله وليا الإنسان الذي لم يبتغي إلا منهج الحق له طريقاً في هذه الحياة مبيناً في تلك القصص والآيات والعبر والمواعظ النهايات والبدايات وتناسب المقدمات مع النتائج المترتبة عليها ، قصص الأنبياء مع أقوامهم ، ما لاقوه من متاعب ومشاكل في تبليغ رسالة الحق وكل ما سيأتي عليه ذكره في هذا السياق يتناسب تماماً مع قوله عز وجل

                                            (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ)

                                            النفس البشرية سواء كانت فرداً أو جماعة مجتمع كالبلد الطيب كالأرض التي تكون مستعدة بعد أن ينزل عليها الغيث كما جاء في الآية التي سبقت هذه الآية كذلك ، تكون مستعدة لأجل أن تنبت كل طيب من ثمرات من فاكهة من كل ما أنعم الله سبحانه وتعالى لماذا؟

                                            لأنها أرض وتربة خصبة صالحة للزراعة ما إن ينزل عليها الغيث حتى تنبت بتلك النعم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها على البشر ذلك لأنها أرض طيبة وليست خبثة وعلى عكسها تماماً الأرض الخبيثة السبخة الأرض التي لا تصلح للزراعة، مهما نزل عليها الغيث من السماء لا يغير فيها شيئاً لا يحيي فيها شيئا وربي سبحانه وتعالى في الآية التي سبقت كما ذكرنا قال

                                            (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)

                                            في الآية الأولى قال البلد الميت والآية الثانية قال البلد الطيب

                                            الموت والحياة والطيبة والخبث مواصفات كما أنها تنطبق على ما خلق الله سبحانه وتعالى كذلك تنطبق علينا نحن البشر هناك من الناس من يكون ميتاً بكفره وبعده عن منهج الله سبحانه وتعالى والكفر موت موت حقيقي موت معنوي موت لتلك الصلة الروحية التي تربط بين الإنسان وخالقه وما هي الحياة هل هي الحياة هي تلك الحياة فقط المنبثة في الجسد المكون من مادة الطين أم أن الحياة الحقيقية التي يريد القرآن أن ننتبه إليها هي حياة الروح حياة القلب ولا تكون حياة للروح ولا للقلب بدون الإيمان الكفر يميت الإنسان، الكفر يميت تلك الروح العظيمة التي كُرم وشرّف بها الإنسان ولذلك ربي عز وجل حين جاء بأوصافٍ تنطبق على تلك الأرض الأرض الميتة والبلد الطيب والخبيث والحي والميت مواصفات كذلك فينا نحن البشر، القلب الطيبـ القلب الذي هو بحاجة فعلاً إلى أن يأتي عليه الغيث من السماء غيث الوحي كلمات الوحي آيات الرسالات التي نزلت مع الأنبياء الإيمان بالله سبحانه وتعالى التوحيد فإذا بذلك الغيث غيث التوحيد يحييه من جديد فيخرج من كل عمل صالح طيب قول أو عمل بالفعل لأن الإيمان يجعل للأعمال وللأقوال معنى يجعل لها قبول عند الله سبحانه يجعل من كل كلمة أو فعل يتصرف فيه الإنسان هدف مقصد وهذا المقصد وهذا المعنى هو الذي يجعل لتلك الأعمال قيمة بعكس الإنسان الخبيث أو البلد الخبيث أو الأرض التي كما ذكرنا قبل قليل مهما ينزل عليها من الغيث ومن الماء من السماء لا يحيي فيها شيئاً لأنها ماتت، لأنها ما عادت تستقبل معاني الرحمة الموجودة في ذلك الغيث


                                            ما وجه التناسب بين الحديث عن الِبَلَدٍ مَّيِّتٍ و وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ رسالات الأنبياء؟


                                            (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىلَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)

                                            (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) الاعراف

                                            ما وجه التناسب بين الحديث والتمهيد بهذه الآيات لما سيأتي عليه القرآن في السورة هنا من ذكر رسالات الأنبياء وما لاقوه من معاناة ومن صعوبات مع أقوام تناسب واضح جداً، رسالات التوحيد التي جاء بها الأنبياء كلمة واحدة

                                            (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) الاعراف 59،


                                            هذه الكلمة هي كالغيث ترسل ويبلغ بها النبي كل الأنبياء أقوامهم ولكن من هؤلاء القوم من يكون في نفسه شيئاً من الحياة، فتأتي عليه تلك الكلمة فتحيي فيه من جديد معاني التوجه للخالق سبحانه وتعالى، بلد طيب لديه استعداد فطري لتقبل معاني الإيمان فيثمر، يثمر عملاً صالحاً ، يثمر قولاً طيباً، يثمر تصديقاً برسالات الأنبياء، سيراً على ذلك المنهج الذي جاءوا به وبعكسه من البشر كذلك، من لا يمكن أبداً أن يتقبل تلك الرسالة



                                            رغم أن الرسالة واحدة، الماء واحد، الغيث الذي ينزل من السماء واحد، ولكن الأرض التي تتلقى وتستقبل ذلك الغيث مختلفة، منها ما هو طيب ومنها ما هو خبيث، وكذلك البشر، هم جميعاً قد بلّغوا رسالات الأنبياء، منهم من تقبل تلك الرسالة، استقبلها، استقبلها بالإيمان والتصديق، ومنهم من ران على قلبه، فلفض تلك الرسالة، ورفضها جملة وتفصيلا

                                            تعليق


                                            • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                              الدعوة الأساسية للرسل هي دعوة التوحيد


                                              بدأت القصص، قصص الأنبياء، لتعطينا نموذج مثال حي لما يمكن أن يعرض للإنسان في مسيرته على هذه الأرض، وهو يصارع الباطل، وهو يريد أن يحقق الحق، متمثلاً في أولئك الصفوة من الخلق كالأنبياء، الأنبياء وابتدأ الله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف بذكر نوح عليه السلام وفي الآيات في كل آية من الآيات وقصة من القصص سنجد عشرات المواقف التي تربط ليس فقط بين أولئك الأنبياء في مسيرتهم مع أقوامهم وبين ما كان يمر به نبينا صلّ الله عليه وآله وسلم مع قومه، وإنما مع الإنسان بشكل عام في كل زمان وفي كل مكان، بناءً على المنهج الذي يختاره أن يسير عليه في حياته، منهج الحق، منهج الخير، منهج رسالة الأنبياء، ولذلك ربي سبحانه وتعالى بدأ قوله

                                              (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ)الاعراف 59 ،

                                              والله سبحانه وتعالى في كل هذه القصص التي سيذكر،

                                              كان يختار من كل الأقوام رسولاً من بينهم

                                              لماذا الرسول يكون من القوم ، من نفس القوم، من نفس العشيرة، يعرفونه، يعلمون من هو، يعلمون أين نسبه فيهم، يعلمون كل شيء عن حياته السابقة قبل أن يبلغ قبل أن تنزل عليه الرسالة، فلما كانوا يعلمون كل شيء عن حياته، كان ذلك أدعى وأولى بأن يكونوا هم أول من يصدق بتلك الرسالة، النبي كل الأنبياء، ما كان أي نبي من الأنبياء غريباً عن قومه أو عن عشيرته التي أُمر بإيصال الرسالة إليها، هو من بينهم، هو من وسط تلك المجموعة من البشر، ويعرفون عنه كل شيء، وهكذا كان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، يعرفون عشيرته ويعرفون أهله ويعرفون كل تفاصيل حياته قبل البعثة، فكان الأولى والأجدر، أن يكونوا هم من يبادرون بالتصديق برسالته، ولكن واقع الحياة يختلف عن هذا الجانب


                                              (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)

                                              رسالات الأنبياء لم تكن رسالة معقدة ، لم تكن رسالة قائمة على مبادئ أو أفكار فلسفية، مغرقة في التعقيد، أو في التشابك، أو في عدم القدرة على أن تقوم بإيصال المعنى مباشرة بوضوح إلى من يدعوهم، أبداً، كانت رسالة في غاية العمق، ولكنها في نفس الوقت في غاية التبسيط في غاية اليسر والسهولة، تصل وتخاطب ضمائر البشر، على مختلف التفاوت الموجود في عقول البشر وأفهام البشر، نحن نعلم أن الناس يتفاوتون في الفهم في الإدراك، في القدرة على التقبل، على التواصل، على تفهم المعاني، هذه المدارك المختلفة شيء معروف بين البشر، ولكن كل رسالات الأنبياء جاءت لتخاطب الناس عامة، وهذا أمر عظيم يدل على أن تلك الرسالة ما كانت من لدن هؤلاء الأنبياء كأشخاص بل هي من لدن الخبير العليم اللطيف الذي وسع كل شيء علما، العالم سبحانه بطبائع عباده ومستوياتهم ومداركهم، فالرسالة واضحة جاءت برسالة التوحيد، والتوحيد على الرغم من اختلاف ما دعى كل الأنبياء أقوامهم إليه، في التفاصيل

                                              نجد أن بعض الأنبياء ركزوا على الجوانب والأمراض الاقتصادية المتفشية في أقوامهم، البعض الآخر ركز على الإنحراف الأخلاقي في السلوك، البعض الآخر إنحرافات اجتماعية، على الرغم من كل هذا الاختلاف والتباين في التفاصيل، ولكن الدعوة الأساسية الأولى هي دعوة التوحيد، لم تختلف ، لا بين كل الرسل الذين سبقوا النبي صلّ الله عليه وآله وسلم ولا بين رسالة نبينا الكريم، ولا بين كل ما نحن فيه من حديث التوحيد، وهذا الأمر يستدعي أن نقف عنده وأن ندرك أن رسالة التوحيد رسالة جامعة رسالة تجمع أمهات الفضائل رسالة كفيلة بأن تدفع عن البشرية كل أنواع الشعور والمفاسد المختلفة في الفرد أو المجتمع، لماذا؟

                                              لأن الكلمة كلمة التوحيد في قوله عز وجل

                                              ( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، اعبدوا ما لكم من إله غيره)،

                                              توجه بالعبادة مبني على إخلاص التوجه الذي هو التوحيد لله سبحانه، هذه دعوة ليست دعوة نظرية، ليست مثل تجريدية، التوحيد في القرآن ليس مثالاً تجريدياً بعيداً عن واقع الناس، صحيح التوحيد كلمة لا إله إلا الله ، ولكن هو منهج حياة، هو منهج عمل، هو تطبيق، حين يتوجه الإنسان بالعبادة لله سبحانه وحده دون سواه، ويخلص من نفسه أدران الشرك والتوجهات المختلفة التي يأخذ عنها ومنها المنهج الذي يسير عليه في حياته دونما شك يثمر ذلك كل أشكال الصالحة، وكل الفساد الذي ظهر في كل الأمم السابقة كما سنأتي عليه، فساد اقتصادي، فساد أخلاقي، إنحرافات جنسية، كل أنواع الفساد، إنما جاءت بطريقة أو بأخرى، من فساد العقيدة والعلاقة بين الله سبحانه وتعالى وبين ذلك العبد، أفسد العلاقة مع الله، أفسدها بالشرك، أفسدها بالكفر، فحين أفسدها بالكفر، أصبح القلب والعقل يتوجه بغير الله سبحانه وتعالى، فاتخذ من دون الله ولياً، يتولى شؤون حياته، يتولى إدارة أموره، وحين أصبح الأولياء، سواء كانت منهج الآباء أو منهج الأجداد أو .. أو.. أو ، تعددت الأشكال، حين يصبح المنهج الذي يحرك الإنسان في رحلته ومسيرته على الأرض، غير منهج الحق الذي أنزل الله مع أنبيائه، لا يمكن لذلك الإنسان أن يهتدي، قطعاً ستصدر منه تلك الانحرافات التي جاء ذكرها في قصص الأنبياء

                                              تعليق


                                              • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                إجعل هدفك سماويا وأخلص النية



                                                (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)

                                                عقيدة التوحيد كانت جديرة بأن تكون هي الكلمة الأولى والوحيدة في كل القصص مع كل الأنبياء والأقوام الذين أرسلوا إليهم، والذي يُلفت كذلك النظر أن النبي ليس نبياً فظاً، أي نبي هنا نوح عليه السلام ليس نبياً فظاً في تعامله مع من يدعوهم، على الرغم من أنه يدعوهم إلى شيء فيه خير وصلاح، ويدعوهم للنزوع عن أمر فيه كل الشر من كل ما يراه منهم من شرك ومن مخالفات، ومع كل هذا فهو يبادر بإظهار التعاطف الشديد مع إنسانيتهم، ومع فطرتهم،

                                                (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)

                                                الدافع الذي يدفع به لتبليغ الدعوة بعد أمر الله سبحانه، دافع إنساني،

                                                (أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)

                                                هذا النبي وهؤلاء الصفوة من البشر لم تحركم دوافع شخصية ولا دوافع مصالح، ولا دوافع لتحقيق ذات أو سمعة، أو رفع اسمهم عالياً بين الأمم، إطلاقاً، رسالات الأنبياء كل الأنبياء، لم تكن الدوافع وراءها، أن يكون للإنسان ذكراً، كثير من البشر، كثير من الناس الذين يريدون أن يدخلوا إلى التاريخ من أوسع أبوابه، إنما يريدون في دعواهم في دعاويهم فيما يدعون إليه من البشر، يريدون أن يبنوا لهم مجداً، صرح من المجد، أن يذكر التاريخ أسمائهم، ولكن هؤلاء الصفوة من البشر وبما فيهم طبعاً وأولهم نبينا صلّ الله عليه وسلم، ما كانت القضية بالنسبة لهم قضية بناء مجد على حساب الرسالة، أبداً، ولذلك تحيرت قريش في أمر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا له بصريح العبارة، أرادوا أن يساوموه عن الدعوة، أرادوا أن يدخلوا معه في مفاوضات، تريد ملكاً ملكناك، تريد مالاً نعطيك حتى تصبح أكثرنا مالاً، تريد سيادة وعزة سودناك، ماذا تريد؟

                                                لأنهم حصروا كل الدوافع التي يمكن أن تدفع بالبشر لأجل أن يواجهوا أقوامهم بتلك القوة في هذه الدوافع الشخصية، الإنسان يريد أن يبني له مجداً، ممكن، أو مالاً أو شهرة، أو أو ، أو منصب، أو سلطة، الشعور بالسلطة كذلك من الدوافع، ولكن الذي لم يحسبوا له حساب، أن يكون الدافع الحقيقي هو الإيمان، وتلبية نداء الإيمان، دافع عظيم، وهو في واقع الأمر تهذيب، تهذيب لكل المصلحين والدعاة، لكل أصحاب المشاريع الخيرة البناءة في مجتمعاتنا، حدد الهدف، حدد الهدف والغاية، وعندما تقوم بتحديد هدفك من ذلك المشروع الإصلاحي الكبير، سواء كان اقتصادي أو اجتماعي أو تربوي أو تعليمي أو أسري أو إعلامي

                                                حاول أن تجعل الهدف هدف سامي، هدف لا يرتبط بمصلحتك الشخصية، لأن كل الأهداف المرتبطة بالمصالح الشخصية إلى زوال، وكل الأهداف المرتبطة بتلك الغاية العظيمة غاية التوحيد باقية


                                                الأفعال والمواقف تخلّد أصحابها

                                                نحن اليوم بعد مئات آلاف السنين، كم سنة مرت على نوح عليه السلام، نحن نذكر أسماء هؤلاء الأنبياء بالكتاب، ونحن نتلو ونقرأ القرآن، من الذي مجد هؤلاء الأنبياء، من الذي بنى لهم عزاً لم يسعوا في واقع الأمر هم بذاتهم إلى بنائه، كيف أصبحت هذه الأسماء العظيمة هي الأسماء التي تُذكر ولا يذكر سواها، علماً بأننا في الآية مباشرة التي بعدها

                                                (قال الملأ من قومه إن لنراك في ضلال مبين)

                                                ، أين الملأ، ومن هم هؤلاء الملأ، وما هي أسمائهم، سقطت، سقطت من التاريخ ما عاد لهم ذكراً، سوى أهم ملأ، أما هؤلاء الصفوة من الخلق الذين ما كان سعيهم في يوم من الأيام لأجل أن يرفعوا اسماً، أو شهرة أو منصباً أو ما شابه، خلدت ذكراهم، بقيت أسماؤهم، وأصبحت آيات تُتلى على العالمين

                                                وقفة جديرة بأن فعلاً نتوقف عندها اليوم، المجد الحقيقي فيما يقوم به الإنسان من عمل خالص لوجه الله، أمّا كل الأعمال التي لا تكون خالصة لوجه سبحانه، زائلة، إلى فناء وإلى زوال، وفي كل القصص وفي كل الآيات مع الأنبياء، تأتينا هذه الايه

                                                (قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين)،


                                                الملأ مجموعة متنفذة من الناس، لها سلطة، لها كلمة مسموعة، لها قول، بل لها حتى كذلك بسطة في المنظر وفي المكانة الاجتنماعية المرموقة تملأ العين، حين يراهم الناس لهم مكانة، ولكن المكانة الاجتماعية والسلطة وأن يكون الإنسان متنفذاً وأن يكون له فعلاً مكانة مرموقة بين الناس لا تغني عنه شيئاً، أبداً، إذا لم يوظف ما مكّنه الله سبحانه وتعالى في طاعته وفي عبادته، كل هذه الأشياء ستذهب عنه،

                                                تعليق


                                                • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                  النصيحة ..فن لا يجيده الكثيرون!



                                                  ( قال يا قومي ليس بي ضلالة)
                                                  هم اتهموا نوح ضلال مبين، والضلال أنواع متعددة، الضلالات ليست على شكل واحد، وهذا النبي الكريم نوح عليه السلام، قال يا قومي ليس بي ولا حتى ضلالة واحدة، أنا لست فقط إني أنا لست في ضلال، ولكني بقوله ليس بي ضلالة، نفى عنه كل أشكال الضلال، الجهل، التعالي، عدم المعرفة، أشياء مختلفة، كل أشكال الضلالة، الضلال ليس على شكل واحد،

                                                  (ولكني رسول من رب العالمين)

                                                  والآية هنا ببساطة الجواب وطبيعة النقاش الذي كان يدور بينه وبين قومه، وبين الملأ، يبين لنا حقيقة مهمة جداً، أن الإنسان في تعامله أصحاب المشاريع الخيرة الإصلاحية، ينبغي أن يتعاملوا مع الناس على قدر عقولهم فعلاً، وأن لا يكونوا بعيدين عن مستوى الفهم ولا حتى التعاطي الذي يتعاطونه مع أقوامهم المختلفين في مداركهم ومفاهمهم وعقولهم، كلمات موجزة
                                                  (ليس بي ضلالة، ولكني رسول من رب العالمين)

                                                  ما هي وظيفة الرسول فقط (أبلغكم)، كل الرسل جاؤوا بدعوة البلاغ، وبمهمة البلاغ، الرسالة في حد ذاتها، مفهومها ومنطوقها، أنا ليس لي فيها شيء، هذا ما أراد أن يقوله هذا النبي الكريم، وكل الأنبياء، محتوى الرسالة ليس للنبي فيه دخل أبداً، فقط التبليغ، (أبلغكم رسالات ربي)، ولكن هذا البلاغ لا ينفك عن النصح،

                                                  (وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون)،

                                                  والنصح أن يتحرى الإنسان أفضل شيء ليقدمه للآخرين، والنصح لا يمكن أن يكون من طرف غير محب، النصح فن نحن نفتقده في كثير من الأحيان أذكر أني في يوم من الأيام وقفت على كتاب باللغة الإنجليزية، اسمه The art of Advice ، فن النصيحة، يتكلم عن الآداب وعن الطرق وعن الوسائل وعن ما يمكن أن نطلق عليه سيكولوجية النصح، فهم نفسية المقابل الطرف الذي أنصح له، وكيف يمكنني أن أتعامل معه، ولكن في خضم ما نحن فيه ، أصبحت النصيحة في زماننا وصعرنا، ثقيلة على النفس، لا تنجذب إليه النفوس، لأن أصبح هناك خلط في المفاهيم، هنا النبي الكريم نوح عليه السلام أوضح في هذا الخطاب مع قومه أن دوره دور مبلغ، ولكن هذا البلاغ قائم على النصح، قائم على محبة الخير له، قائم على محبة أن يقدم لهم أفضل ما يمكن، ولذلك هو يبلغهم ويقدمه لهم، وهذا لفتة جميلة جداً في باب النصيحة، مهم جداً أن الإنسان حين ينصح يؤكد للطرف الآخر ليس فقط بالكلمات بالتصرف، ويمهد له بأن الدافع الأساسي والأصلي وراء تلك النصيحة إنما هو للمحبة والخوف، وهو في بداية الأمر قال أخاف عليكم عذاب يوم عظيم، ناصح، ولذلك هذه المفاهيم وإشاعة تلك المفاهيم وبنائها مع قضايا النصح والتناصح، نحن نحتاج إليها اليوم، هذا لنجدد مفاهيم النصيحة في حياتنا، لكي لا تصبح النصيحة فعلاً عبئاً على الناصح وكذلك شعوراً بأنها ثقيلة وغير مقبولة من قبل المنصوح، نحتاج أن نشيع هذه المفاهيم فيما بيننا، في المقابل يحتاج كذلك الإنسان أن يتواضع الإنسان الناصح، ونحن في حديثنا وتدبرنا لهذه الآيات لنا أن نتخيل، نحن في مجتمعنا، قوم نوح هذا مجتمع، مجتمع فيه ناصح وفيه الملأ، فيه فئةع فئة الملأ، وهذه الفئة بطبيعة الحال كما ذكرنا قبل قليل متنفذة متمكنة تقوم بتزييف الحقائق وتزويرها، لدرجة أنها تقول عن الحق أنه ضلال مبين، والفئة الأخرى هي فئة الناصح، الناصح الأمين، الذي يريد أن يوصّل رسالة حقيقية، رسالة قائمة على الصدق وليست على التزييف أو التزوير، والذي يلفت النظر كل مجتمع قديماً وحديثاً، لا يخلو من هاتين الفئتين، أبداً، أفراد أو جماعات، فئة الملأ الذين يقومون بالمداهنة على حساب مصلحة الناس، المصلحة العامة، ويصدون عن سبيل الله، والفئة الأخرى فئة الناصحين، لماذا بعض الناس لا يقبل على الناصحين ويقبل على هؤلاء الملأ، لأن الملأ يتخيرون الكلمات والأوصاف والأمور التي يزيفون بها الحقائق، فتظهر الحقيقة بغير ما هي عليه

                                                  تعليق


                                                  • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                    ليس كل ناصح أمين

                                                    فقد لبس "ابليس" رداء النصح
                                                    


                                                    

                                                    التزييف أسلوب من أساليب إبليس، إبليس حتى حين جاء إلى آدم عليه السلام وإلى زوجه، قاسمهما إني لكما لمن الناصحين، وتدبروا معي، نحن قلنا ونقول في أكثر من مرة، آيات الكتاب العظيم التناسب فيما بينها عجيب، بالكلمة بالآية بالمقاصد بكل شيء، في بداية سورة الأعراف ربي عز وجل حكى عن إبليس فقال

                                                    (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)

                                                    والآن ربي سبحانه وتعالى يذكر في كل قصص الأنبياء

                                                    ( وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)



                                                    ولكن الفارق بين ما قاله إبليس بلسانه من النصح والدعاة كذباً وزوراً لآدم وبين ما يقوله هؤلاء الأنبياء حقيقة لأقوامهم فارق شاسع، إبليس إدعّى مجرد إدعاء أنه بل أقسم على هذا الادعاء، وهذا ما جعل آدم عليه السلام، يظن بأنه طالما أنه أقسم كيف يقسم بالله إذاً وهو كاذب، فبهذا الطريقة استطاع أن ينفذ إلى ما يريد إبليس، ولكن النصيحة في واقع الأمر ليست إدعاء، ليست مجرد كلمات، ليس كل من قال لك أنا أنصح لك، وأنا ناصح، فقد نصح

                                                    إذاً ما الأمر، الأمر أن تحكم أنت عقلك في فحوى ومحتوى هذه الرسالة التي يقول عنها أنها نصيحة، هذا هو الكلام تنظر في مقدماتها وعواقبها ونتائجها، هذا المفتاح هذا صمام الأمان، الذي يُنجي وينجّي الإنسان فعلاً من الوقوع في هذه الإشكالية الخطيرة، كثير من البشر اليوم قد يدعي أنه ينصح لك، فكيف تعرف من ينصح لك حقيقة ممن لا يفعل، أن تنظر في محتوى النصيحة، وتنظر في مقدماتها وتنظر في نتائجها، وتوازن بين الأمور


                                                    
                                                    
                                                    
                                                    ما من إنسان يكذب بمنهج الأنبياء والرسل، بالمنهج الذي أنزله الله سبحانه وتعالى فتكون عاقبته خيراً، أبداً، سواء رأينا تلك العاقبة في حياتنا أم لم نرى،

                                                    (فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك، وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوماً عمين)الاعراف 64

                                                    

                                                    

                                                    لذلك ربي سبحانه وتعالى قال في أكثر من مرة

                                                    (فكذبوه)،( كذبوا بآياتنا )،

                                                    لماذا التكذيب وكذب، لأن الأمر كان صادقاً وواقعاً وحقيقةً، والكذب بمعنى أن يأتي الإنسان بشيء مغاير للواقع وللحقيقة وللصدق، وهذا بالضبط ما قام به هؤلاء، ربما يكون ممن قد اتبع نوح عليه السلام وآمنوا برسالته من الفقراء ليسوا من الملأ، القرآن لم يذكر عنهم هنا شيء في هذا الآية في هذي السياق، فقط قال

                                                    (وأنجيناه والذين معه )

                                                    ولكن المسألة ليست مسألة مكانة ولا تنفذ في المجتمع، المسألة في النتيجة العاقبة، ما هي العاقبة،

                                                    ( فأنجيناه والذين معه،)

                                                    وهؤلاء القوم الذين كانوا قد تنفذوا في مجتمعاتهم، النتيجة

                                                    (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا)

                                                    
                                                    المصائر، مصائرنا نحن كبشر، لا ترتبط بمكانتنا لا الاجتماعية ولا المادية ولا السياسية ولا أي شيء، ترتبط بأعمالنا، ترتبط بما نقدمه من عمل، ترتبط بما نخرجه،

                                                    (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا،)


                                                    المسألة ليس مسألة ما مكنني الله سبحانه فيه، أبداً، السؤال والمسألة المهمة ماذا سينتج بعد ذلك من نتائج لما مكنني الله سبحانه وتعالى فيه، وهذا أمر عظيم جداً ، عظيم جداً في التناسب بين هذه القصة قصة نوح عليه السلام التي ابتدأها وبما بدأ به سبحانه وتعالى في سورة الأعراف، قصة تبين مسيرة الإنسان، تبين المحطات التي يمر بها الإنسان في حياته ونتائج الوقوف فيها أولاً بأول ثم إن هذا السرد السريع المقصود في الآيات يبين كذلك أن الحياة للأمم والأفراد مهما طالت فهي محدودة قصيرة، وأن المسألة ليست في الفترة التي يقضيها البشر، وإنما المسألة الحقيقية في العمل الذي يقومون به ويخلفونه ورائهم.




                                                    تعليق


                                                    • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                      الافتراءات على الأنبياء والمرسلين !

                                                      (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ )65الاعراف

                                                      الآيات انتقلت بعد الحديث عن قصة نوح إلى قصة عاد ومرة اخرى
                                                      “ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ”
                                                      . هود عليه السلام، هؤلاء القوم هم قومه هم عشيرته و أهله ليس عنهم بغريب يعرفونه حق المعرفة وجاء كذلك بتلك الكلمة كلمة التوحيد، قال يا قومي اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون، ومرة اخرى كذلك والكلمات في كتاب الله عز وجل كتاب الله عزوجل ليس فيها تكرار وإنما تأكيد لمعاني حقيقية، معاني جديدة، عندما ذكر في قصة نوح عليه السلام
                                                      ” قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ” الاعراف 60

                                                      إذن القضية مقصودة ولّدت معاني جديدة، هذه المعاني تبين وتؤكد الحقيقة التي ذكرناها فيما سبق. دائما وابدا في كل مشروع كبير أو صغير هناك فئه من الناس هؤلاء الذين ربما المظهر الخارجي يوحي بشيء يوحي بأنهم قوة، قوة حقيقية وممكن أن يفرضون احترام الآخرين لهم بناء على ذلك المظهر الخارجي أو الشكل الخارجي ولكن في واقع الأمر هؤلاء الملأ تحديداً هم الذين يقفون عائقاً بين المشاريع الإصلاحية وبين من يقوم بالإصلاح وبين الناس وبين القوم وبين المؤسسة وبين المجتمع فلابد للإنسان أن ينتبه لأن المسألة ليست مسألة مظاهر وليست المسألة تتعلق بالشكل الخارجي، المسألة تتعلق بالمحتوى، رسالة في حد ذاتها.

                                                      ولكن المرة هذه الملأ ماذا قالوا؟
                                                      ”قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ” الاعراف 66

                                                      تدبروا معي في قصة نوح عليه السلام قالوا

                                                      ” إنا لنراك في ضلال مبين”

                                                      وفي قصة هود عليه السلام قالوا له

                                                      ” إنا لنراك في سفاهه وانا لنظنك من الكاذبين”

                                                      الأنبياء صفوة الخلق هم أولئك الناس الذين توجه إليهم أصعب التهم تدبروا معي في هذا المعنى، صحيح فيه تسلية واضحة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن صعب على النفس مما يوقفها في الحرج والضيق أن تتهم في شيء هي منه بريئه بل في أمر هي أكثر ما تكون بعداً عنه وهم قومه يعرفونه حق المعرفة وقالوا عنه معلم مجنون قالوا عنه كان يقول اساطير الأولين اشكال مختلفه من الاتهامات وكانت تلك الاتهامات بدون شك مصدر لازعاج النبي صلّ الله عليه وسلم وصدر لكل انسان يسير على الحق في رحلة الحياة فإذا به بدل من المتصور أو المتوقع أن يواجه بالشكر أن يواجه بالتقدير والاحترام لما يقوله، ليس فقط لشخصه هو كإنسان وإنما لعظمة ما يقدمه. يعني هذا الرجل المتمثل في شخصية النبي أي نبي من الأنبياء عليهم السلام، هو إنسام مبلغ، مبلغ لمن؟

                                                      لرسالات الله سبحانه وتعالى، إذن هو شُرّف بأن حمل هذه الرسالة، فالمتوقع أن العبيد الخلق يعظمون تلك الرسالة وبالتالي في نفس الوقت يحترمون من حمل هذه الرسالة


                                                      ما أجمل رقي الأخلاق في تعامل الأنبياء

                                                      نحن في حياتنا اليومية المتعارف عليه حينما يستلم شخص رسالة من شخص له مكانه مرموقة، له مودة خاصة منزلة في نفوسنا، نحتفي بذلك الشخص بالرسول الذي ارسلت معه الرسالة، بناء على احترامنا وتقديرنا لتلك الشخصية، نقدر الرسول الذي ارسلت معه الرسالة بناء على احترامنا وتقديرنا لذلك الشخص الذي ارشل الرسالة ولله المثل الأعلى، ولكن هؤلاء القوم ما قدروا الله حق قدره هؤلاء القوم أرسل رب العزة سبحانه وتعالى إليهم الرسل فبدل من أن يستقبلوا الرسل بالحفاوة والتقدير والاحترام استقبلوهم بعكس ذلك فكان من جملة ذلك أنهم قالو له ” إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ” الاعراف والسفاهه خفة العقل عندما يكون الإنسان طائش خفيف العقل بعيداً عن موازين الحكمة، كل هذه الأوصاف لأجل أنه قال لهم

                                                      ” قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ” هود 50

                                                      كانوا يرون أن دعوة التوحيد خفة عقل وبعد عن المنهج الصحيح وإن عبادة تلك الأصنام والأوثان التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم هي محض العقل والحكمة. تدبروا معي، هي تقلب الأمور من أصعب الأشياء على الانسان المصلح أن يرى الناس من حوله وهم يرون الأشياء مقلوبة كمن بالضبط يرى الليل نهار ويرى النهار ليل ويرى النور ظلمة والظلمة نور شيء صعب جداً أن تتحمل هذا العناء ولكن قال ”قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (67)الاعراف ”

                                                      رد صريح ومباشر يتناسب مع طبيعة الدعوة ، لم يرد عليهم فيقول لهم بل أنتم السفهاء كما يتوقع الإنسان حين يتهم ويقال له وهو نبي مرسل ” إنا لنراك في سفاهه” هذا النوع من الردود العنيفة التي جاءت من قبل قومه لم تخرجه عن جادة الصواب لم تخرجه عن أدب النبوة أدب الدعوة أدب الإنسان حين يحاور ويخاطب بناء على تلك الرسالة العظيمة التي يحملها، هذا رسول فالرسول شيء طبيعي أنه يعكس المكانة والمنزلة للرسالة التي يحملها، فهو في غاية التهذيب والخلق الرفيع

                                                      ” لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ” .

                                                      وتدبروا معي مرة أخرى
                                                      “أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ”الاعراف 68
                                                      تحديد لمهمته كنبي تبليغ فقط ولكن ليس فقط لتوصيل رسالة


                                                      ” وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ”
                                                      هذه المرة أضاف إلى قوله في موقف نوح عليه السلام النصح وقال وأنا لكم ناصح أمين ، الدافع له هنا هي النصيحة وابلاغ الرسالة ولكن في نفس الوقت امين في تبليغ هذه الرسالة ، أمين في النصح والأمانة مفهومها واسع جداً من الأمانة أن يبلغ الإنسان ما قد اُرسل به ومن أمانة هؤلاء الرسل انهم كانوا فعلاً أمناء على رسالاتهم أمناء مع أقوامهم ، أمناء في الثبات على ما أرسلوا به وفي نصحهم لأقوامهم

                                                      تعليق


                                                      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                        اياك ان تنكر نعم الله عليك التي لا تعد ولا تحصى !


                                                        أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)69

                                                        ” أَوَعَجِبْتم أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ”
                                                        أنا رجل لست بغريب عنكم ، منكم لينذركم وأضاف هود عليها ربط بواقع ، ربط بقضيه تاريخية، وانظروا اذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ، تذكروا أن التاريخ ليس مجرد أن يمر عليه ذكر وسرد في الحوادث. لا، الذكر هنا لقضية تاريخية لأجل تستخلصوا المواقف والعبر ،من الذي جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ؟ من الذي زادكم في الخلق بسطة؟ من؟ الله سبحانه وتعالى ولذلك قال
                                                        (فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
                                                        من أعظم أسباب الغلفة وضعف الإيمان في النفوس وضعف ثمرة التوحيد في القلب هو أن الإنسان يألف نعم الله سبحانه فلما تتجدد عليه النعم وهي في كل لحظه تتجدد عليه لا يستشعر بقيمتها لا يذكرها جتى ان بعض الناس اليوم في حياتنا تسأله ما أخبارك؟

                                                        يقول مافي جديد هي كلمة عابرة أكيد لا يقصد بها شيء سيئا ولكنها غير لائقة في واقع الأمر ، أنت في كل نفس من أنفاس الحياة لك نعمة تتجدد في كل خفقة قلب في كل طرفة عين هناك جديد وجديد من نعم الله سبحانه وتعالى. في كل خطوة تخطوها وتتمكن من أن فعلاً تخطوها هذا تجدد للنعم وتجدد النعم يستدعي تجدد الشكر للخالق المنعم تجدد الإيمان بالله سبحانه وتعالى ولكن هؤلاء القوم كل هذه النعم والآلاء لم تجدد فيها معاني الإيمان والرجوع الى الله سبحانه


                                                        تقليد الآباء والأجداد والخوف من الجديد

                                                        (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70)الاعراف

                                                        تدبروا فى الآية. الشيء الذي يألفه الإنسان الشيء الذي جاء به الآباء والأجداد، بمعنى آخر الخروج عن التيار السائد من أصعب الأشياء، أن يخرج الإنسان عن ما هو سائد في المجتمع وكل هؤلاء الأنبياء بما فيه نبينا صلّ الله عليه وآله خرجوا عن المألوف، خرجوا عما ألفه أقوامهم ، لماذا؟ لأن الإنسان قد يألف شيئا وهو غير صالح فمجرد أن يألف الإنسان شيئا هذا لا يعطيه الشرعية ولا يكسبه أي نوع من أنواع الشرعية أو الأحقية أو الأفضلية ثم إن الأسبقية بالمعلومات لا تجعل الشيء حقاً وكثرة الناس الذين يقولون ذلك الشيء لا تغير منه ولا تجعله حقاً ، الباطل باطل والحق حق ليس لأن الأب أو الأجداد أو الأهل قالوا بهذا أو ذاك ، لا.

                                                        قول الآباء والأجداد لشي لا يعطيه شرعية، الذي يعطي الشرعية فعلا الشيء ما أن يكون هو ذلك الشيء في نفسه وبذاته حقاً. وهذه رسالة التوحيد حق والذي أرسل بها الأنبياء والذي أرسلهم بها هو الله سبحانه وتعالى. فكان لابد من أن تكون حقا وصدقا وكان هي التي ينبغي أن تقدم في قلوب وعقول هؤلاء لو أرادوا فعلاً الحق.فماذا قالوا؟
                                                        (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )
                                                        نحن لا نريد أن نسمع أنت تتوعدنا بهلاك كما حدث في قوم نوح آتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين.وهنا تتضح حالة الغرور في الإنسان، الإنسان في كثير من الأحيان حين يقع في مواطن الضلال والبعد عن الله سبحانه وتعالى يصبح منتشياً بالباطل. الباطل له نشوة ولكن نشوته باطلة، نشوة كاذبه.


                                                        هؤلاء القوم كانوا في نشوة فارغة. قالوا
                                                        ( فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )

                                                        تعليق


                                                        • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                          الاعتبار بمصارع الأمم




                                                          الإنسان في كثير من الأحيان حين يقع في مواطن الضلال والبعد عن الله سبحانه وتعالى يصبح منتشياً بالباطل. الباطل له نشوة ولكن نشوته باطلة، نشوة كاذبه.

                                                          هؤلاء القوم كانوا في نشوة فارغة.

                                                          (قالوا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين)

                                                          ولكن هذا النبي الكريم الناصح الأمين لم يتوقف عن الرسالة أبداً. قال

                                                          (قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)الاعراف

                                                          ، الشيء يصبح مشروعا و مقبولا حين ينزل من الله سبحانه وتعالى به دليل وغير ذلك لا يعطيه شرعية ابداً فانتظروا إني معكم من المنتظرين . لماذا؟

                                                          لأن الرسول ليس أي رسول بوسعه ابداً ان يأتي القوم بعذاب ابداً.

                                                          هو مجرد مبلغ ، أما الذي يأتهم بذلك العذاب فهو الله سبحانه وتعالى، الرسول لا يملك شيئا من تلقاء نفسه ، الذي يأتي به من؟

                                                          الله سبحانه وتعالى فماذا كانت العاقبة قال

                                                          ” فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا غ– وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)” الاعراف

                                                          تدبروا معي، عدم الإيمان بالله سبحانه وتعالى مرة أخرى في نفس السياق قال عن قوم نوح كذبوا بآياتنا، قال عن عاد كذبوا بآياتنا ، أخطر شيء أن يقع فيه الإنسان أن يكذب بآيات الله سبحانه ، لا نجاة كم هذه القضية، القضية قضية مصيرية قضية الإيمان بالله سبحانه وتعالى أو عدم الإيمان قضية مصيرية وربي عز وجل في سورة الأعراف حكى لنا عن النهايات والمصائر يوم القيامة هذه المصائر التي قال عنها في القرآن في سورة الأعراف ما جاءت من فراغ جاءت مرتبطة بأعمال بسوابق بما قدمه الإنسان، فربي سبحانه حين عرض لنا المصير والآن يعرض لنا الأعمال لأي شيء؟

                                                          لأجل أن يرى الإنسان رؤي العين أن هذا العمل سيؤدي إلى هذا المصير، هذه المسيرة في حياتك ستؤدي بك إلى ذلك المصير قطعاً ليس هناك شك ، الأمور واضحة وفي غاية الوضوح، تؤمن بالله وتمشي على منهجه وطريقه فينجية في الدنيا والآخرة.ما يؤمن بالله ويكذب بآياته فله الهلاك فى الدنيا والآخرة وأن ربي سبحانه وتعالى في هذه القصص ذكر لنا نماذج من هلاك الأمم السابقة فقد يكون الهلاك متنوع وقد يقع وقد لا يقع في الدنيا لكن في الآخرة محتوم، لماذا؟

                                                          ربي سبحانه وتعالى مرة أخرى يقدم لنا أن ما يحدث مع النبي صلى الله عليه وآله قد تظهر نتيجته وقد لا تظهر في الدنيا، قومك قد يهلكون وقد لا يهلكون لا تظهر هلاك كما ظهر في الأمم السابقة ولكن النتيجة واحدة بما فيه الكفر والتكذيب بآيات الله سبحانه وتعالى واحدة كما أن عاقبة الإيمان بتلك الآيات هي النجاة في الدنيا والآخرة


                                                          القلوب السيئة كالمسمار الأعوج ,

                                                          كيفما طرقته لن يستقيم لك ..





                                                          نحن قلنا في بداية سورة الأعراف

                                                          (وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ(4) )

                                                          مصائر الامم والمجتمعات والافراد النهاية لا مفر من النهاية ولكن ليست الاشكالية في النهاية المسالة المهمة ماذا يفعل الانسان ما بين رحلة البداية ورحلة النهاية وصلنا في حديثنا اليوم عند قوم ثمود وقوم ثمود واضح جدا من سياق هذه الآيات وغيرها من آيات الكتاب العظيم انهم قوم تميزو بتقدم حضاري ملموس جدا و بعض الحفريات التي يقومون بها علماء الآثار اليوم تشير الى ان هناك فعلا اقوام قد حفروا في الجبال بيوتا وقصور كما يذكر القرآن كانت لهم حضارة وحضارة عاشت فترات طويلة ولكن القران العظيم حين يحدثنا هنا عن الحضارة لا يحدثنا عن تفاصيلها كعادة القران وانما يحدثنا فعلا عن اساسيات تلك الحضارة الاشياء التي قامت عليها موقفها من الامم موقفها من الرسالات من الانبياء من التوحيد هذا الذي يهم فعلا فقوم ثمود ربي عزا وجل حكا عنهم فقال
                                                          (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْهَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الاعراف

                                                          كلمة واحدة لم تتغير مع كل الانبياء

                                                          (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلهٍ غَيْرُهُ)

                                                          مهمة الانسان على هذه الارض ان يعبد الله وان يعبد الله سبحانه وتعالى عبادة قائمة على التوحيد ولا يمكن ان يعبد الله سبحانه وتعالى ويكون له اثر فعلا لتلك لعباده بدون ان تكون هذه العباده قائمة على التوحيد ولكن هذه المرة القران يذكر لنا بأن الله سبحانه قد ارسل لهؤلاء القوم علامة اية بينة ظاهرة وهي الناقة ماهي مواصفات الناقة هذه ماهي شكلها ما هو لونها القران لايذكرلي كل هذه التفاصيل هو فقط يذكر لي

                                                          (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً )

                                                          ماهو المطلوب من هذه الاية الحسية المطلوب انكم انتم وانتم تحركون النواحي العقلية والفكرية فيكم تدركوا ان هذه اية دالة على قدرة الله عز وجل اية حسية امام اعينكم ناقة فالمطلوب منكم ان تذروها في أرض الله ولاتمسوها بسوء لانكم بمجرد ان تمسوها بسوء سيقع عليكم العذاب الاليم


                                                          هذه اية حسية البشرية في مجتمعاتها المختلفة والامم والانبياء الله سبحانه وتعالى ارسل مع بعض الانبياء علامات ودلائل حسية محسوسة يرونها باعينهم ولكن هذه الدلائل الحسية والاية لذلك لها قصد هذه الايات في هذا الموضوع في سوره الاعراف التي جاءت مع بعض الانبياء ما حركت في كثير من الامم دواعي الايمان بالله سبحانه وتعالى ما اثمرت ونحن ذكرنا في موضع اخر قلنا ان قريش كانت تطالب النبي عليه الصلاة والسلام بالايات الحسية وقد ذكرت في اكثر من سورة من القران يكون لك جنة يكون لك قصر من زخرف يكون لك بيت من زخرف يكون لك انهار طالبوه طالبوه بايات حسية


                                                          ولكن القران هنا في سورة الاعراف يعطينا بأن فعلا هناك بعض الامم انزلت عليها ايات حسية ومع ذل هذه الاية لم تحرك فيهم دواعي الايمان لماذا ؟

                                                          ذكرنا في بداية الكلام عن القصص المسألة ليست مسألة ايات بزيادة او بنقصان ابدا الكون مليء بالايات ولكن من الذي يبصرها ويعقلها اولئك الذين لديهم استعدادعقلي و قلبي وفطري لاستقبال الايات حتى تتحرك في نفوسهم دواعي الايمان

                                                          اما حين تكون النفس غير قابلة لان تستقبل هذه الايات فما تغني الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون ما تغني تلك الايات لا تغني شيء



                                                          فالله سبحانه وتعالى يخاطب كذلك هنا نبيه عليه الصلاة والسلام لا تعتقد ان انزال ايات حسية ممكن ان يكون دافع لهم لهؤلاء القوم للايمان انت معك اعظم اية هذا الكتاب العظيم لان الذي يدفع بالانسان باتجاه التوحيد و الايمان والتصديق ليست الايات الحسية بقدرما يدفعه فعلا حياة قلبه او موته القلب اذا فيه حياة او بقية من حياة يتحرك بالايات التي يراها وهي موجوده وهي الارض السماء الليل النهار الشجر الخلق


                                                          اما اذا كان القلب ميت في حالة موت لن تحركه الايات

                                                          تعليق


                                                          • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                            من اكثر انواع الجحود والعصيان

                                                            (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا (74) الاعراف

                                                            تدبروا في الكلمات قال(وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) من الذي يبوء يعطيك مكانا تتبواه من الذي سخر لك الارض الله سبحانه هذه السهول من االذي خلقها هذه الجبال من الذي خلقها وثبتها في الارض من الذي اعطاك انت كانسان القدرة على ان تنحت من ذلك الجبل العظيم الذي لايمكن لحجمك ان يقترب منه ابدا لا طولا ولا عرضا ولا قوة ولا مناعة ومع ذلك مكنك من ان تقوم بنحته سخره لك و لولا قانون التسخير لما استطعت ان تنحت من الجبال بيوتا اليس كذلك طبيعي جدا هذه الجبال الراسيات كيف يستطيع الانسان البسيط في جسده وقوته ان ينحت منها احجارا ويكسر منها ووو ويصنع منها الات لتحطيم هذه الجبال العالية الشاهقة من سوا الله سبحانه وتعالى اعطاه هذه القوة اليست هذه الآلاء كان ينبغي ان تجدد فيه الذكرى وهذا التذكر قال

                                                            ( فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ )

                                                            هذا التذكر الذي هو عمل قلبي وعقلي لابد ان يدفع بك الى اي شي

                                                            (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)

                                                            انك انت ترى تطلع على هذا النظام الدقيق الذي قام واقامه الله على الصلح وعلى هذه الدقة العجيبة المتناهية فكان من واجبك كانسان وانت مجرد انسان سخر لك هذا الكون الا تعمل فيه بالفساد
                                                            ولكن الحقيقة الموقف الذي قام به هؤلاء القوم كان مناقضا فعليا لما جاء به هذا الرسول الكريم عليه السلام صالح قال لهم

                                                            (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)

                                                            الرسالة كان مطلوب منهم قائمة بالاشياء التي يقومون بها الى جنب قضية الناقة التي انزلت اليهم ولكن ماذا كان الموقف مرة اخرى قال الملأ ولكن هذه المرة قال للذين استكبروا من قوم ذكر مواصفات للملأ مواصفات جديده ماهي تلك المواصفات الاستكبار الاستعلاء على الاخرين الطبقية شاعت الطبقية بين الناس ان يوظف والاستكبار لو اردنا ان نحلله كمفهوم وجدنا انه يلتقي في قضية معينة يلتقي مع التعالي على الناس بان الانسان يستعمل ويوظف ما انعم الله به عليه الاء الله في التعالي والتكبر على الاخرين يعني يستعمل نعم الله عز وجل في ما يغضبه

                                                            وهذا من اكثر انواع الجحود والعصيان


                                                            الفاسد يحب توسع دائرة الفساد



                                                            (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا (75)) الاعراف
                                                            تدبروا معي ايات سورة الاعراف يوم القيامة كان هناك حوارات بين اهل النار بين فئات اهل النار الاقوياء والمستضعفين حوارات لم تأتي فقط في سورة الاعراف في سور اخرى كذلك سورة ابراهيم سور كثيرة من كتاب الله عز وجل


                                                            فالقضية الطبيقة في المجتمع نوع من انواع الفساد ان يصبح المجتمع على شكل طبقات طبقة المستكبرين وطبقة المستضعفين هذا فساد وتدبروا في كل كلمة من الكلمات

                                                            ( قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا)

                                                            استكبار هؤلاء وتعاليهم على غيرهم جعل الاخرين مستضعفين استضعفوا كيف ضعفوا هؤلاء بالتكبر وبالتعالي ولذلك هذه واحدة من اسباب ان التكبر من اعظم الامراض التي نهى القران عنها ولاتتناسب اطلاقا مع الايمان بالله سبحانه وتعالى لان الله سبحان وتعالى لا يقبل ولا ينظر الى من كان في قلبه ذرة من كبرياء و تكبر وتعالي على الاخرين لماذا ؟

                                                            لان في حقيقتة استضعاف واستهانة بالاخرين ممن حوله فانا لدي الان اصبح في مجتمع النبي صالح عليه السلام طبقة ملأ تكبروا وكفروا وكذبوا بايات الله وطبقة اخرى من المستضعقين امنوا بايات الله استضعفوا لمن امن منهم

                                                            ( اتعلمون ان صالحا مرسل من ربه)


                                                            وهو استفسار ليس من باب المعرفة او طلب الجواب وانما غرضه الاستهزاء والسخرية بهذه الرسالة ومحاولة زعزعة الاطراف الاخرى التي امنت بهذه الرسالة محاولة كسب هذه الاطراف لصالحة ويضمها الى صفه وهذه اشكالية خطيرة من اشكاليات البلاء عبر التاريخ عادة المفسدين في الارض انهم لا يقبلون بان يبقى الفساد فقط في محيطهم لا يقبلوا يحبون التوسع يحبون ان تتوسع دائرة الفساد يحبون ان تشيع الفاحشة يحبون ان تشيع معني الفساد والظلم والكفر فهؤلاء لم يكتفوا فقط بعدم ايمانهم وكفرهم واستكبارهم ولكنهم كانوا يحاولون ان يضموا اصناف اخرى في المجتمع الى كفرهم وعنادهم وتكذيبهم





                                                            سنة الله في نصر عباده المؤمنين



                                                            (قَالَ الَّذِينَ أسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِى ءَامَنتُم بِهِ كَافِرُونَ(76))الاعراف
                                                            تحدي اصبحت القضية قضية صراع صراع شديد ولكن هذا الصراع القوى فيه متباعدة كثيرا لو حسبناها بالحساب المادي لوجدنا قوة كبيرة متمثلة في الملأ قوة مادية تمتلك كل النفوذ في المجتمع في مجتمع صالح عليه السلام نفوذ مادي نفوذ وتمكن تجاري واقتصادي ونفوذ في البلد انهم قد امسكوا بزمام الامور ولهم الكلمة الاولى والاخيرة في المجتمع

                                                            في المقابل ليس هناك تناسب في القوى الطرف الاخر طرف ضعيف مستضعف لا يملك شيئا ولكنه يملك فقط الايمان بالله سبحانه وتعالى

                                                            يا ترى هذه المعركة التي هي ليست معركة متوازنة في حساب القوى المادية كيف كانت نتائجها. نحن في زماننا اليوم جانب من جوانب عدم تبصرنا وتدبرنا في كتاب الله عز وجل حق تدبره اننا اصبحنا لا نعي النتائج ولا ننظر الى الحقائق بحكم مقدماتها كما يعلمنا القران القران يعلمني ان العبرة ليست في القوة التي امتلكها القوة المادية ابدا ولا في حجم هذه القوه لان قوم ثمود كانوا اقوياء بامتياز كانوا اقوياء حتى بحساباتنا اليوم ولكن هذه القوة المادية لم تغني عنهم شيء فالرسالة التي علي انا ان ادركها وانا اقرأ كتاب الله اليوم ان النهايات غير محكومة بميزان القوى حتى لا اغتر بما اراه اليوم في العالم انا ارى اليوم مجموعات من الاقوياء من البشر افراد ومجتمعات ماذا فعلوا بقوتهم استخدموا ووظفوا تلك القوى فيما يغضب الله ظلم فساد عدوان اعتداء على الاخرين

                                                            السؤال يا ترى كيف ستكون النتيجة؟

                                                            النتيجة ليست في صالح القوي الكافر الجاحد غير المؤمن بايات الله الذي يعث في الارض فسادا ويعيث فيها فسادا ابدا تدبروا معي في الكلمة

                                                            (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ)

                                                            تحول ذلك التكذيب والكفر والعناد والاصرار الى اعمال عقرو الناقة

                                                            ( وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) تحدي انت وعدتنا بعذاب ان لم نصدق بك ونتبعك اتنا بما تعدنا وهذا يدل على اي شيء يدل على الغرور الغرور الشديد الذي ياخذ الانسان كما ذكرنا في الايات السابقة الانسان لما يغتر بقوته ومنعته كما قال فرعون وهذه الانهار تجري من تحتي اغترار في لحظة قوته واغتراره بقوته في نفس تلك اللحظة التي ياخذها الله سبحانه وتعالى تدبروا معي في هذه اللفتة العظيمة في كتاب الله عز وجل

                                                            (ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِين)

                                                            (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ(78))

                                                            مباشرة الفاء هنا متسارعة تماما وعقب الكلمة في ثواني ثواني

                                                            ليس المقصود بها ثواني زمنية ولكن السرعة التعاقب هذه الفاء

                                                            (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ(78))

                                                            تدل على ان سرعة نزول العذاب حين يطغى الانسان ويغتر بنفسه وبقوته

                                                            تدبروا في الكلمة

                                                            (ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ)

                                                            ï»؟

                                                            تعليق


                                                            • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                              الدين النصيحة




                                                              صالح عليه السلام كان رغم كل تكذيب القوم له ورغم كل العناد وذلك الموقف الساخر الذي قاموا به اتجاهه واتجاه رسالته تكذيبا وجحودا وعنادا انظروا الى موقفه ماذا فعل (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)) الاعراف
                                                              المسالة ليست فيها شماتة المؤمن لا يشمت ولكن يعتبر ويتدبر ويتفكر ويتأمل وينظر الى عظيم سور الله سبحانه وعظمته وتدبروا في الكلمة

                                                              (وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) )

                                                              النصح يتكرر هنا وقلنا في مرة سابقة ليس هناك تكرار في كتاب الله يتاكد يعاد ذكرة في اكثر من مرة في كل قصص الانبياء نصحت نصحت نصحت

                                                              النصيحة مفتاح من مفاتيح الايمان و المفاتيح التي ينبغي للانسان ان لا يهدرها ابدا في مسيرة الحياة نحن قلنا سورة الاعراف المقصد الاساس منها انها تبين رحلة الانسان ليس فقط على هذه الارض وانما حتى يوم القيامة فواحدة من اعظم ادوات الرحلة التي لا ينبغي للانسان العاقل المؤمن ان يهملها هي النصيحة انصح

                                                              وتدبروا معي في كل القصص التي سبقت الانبياء والرسل والمصلحون لا ينبغي ابدا ان يتخلوا عن مهمتهم الرئيسة النصح بمعنى اخر سواء قبل الناس منك نصحك ام لم يقبلوا استهزؤا ام لم يستهزؤا حملوا ماتقول على محمل الجد ام لم يحملوا اياك ان تتخلى عن النصيحة النصيحة سمى من سمات المؤمنين شعارمن شعار المؤمنين ولكن هذا الشعار لا يعني ان الانسان يتخبط فيه بدون ما ينظر في ادابه واصوله وقواعده النصيحة لها اداب قواعد اصول كما جاء في ذكر الانبياء هنا محاولة اظهار الخوف على الطرف الاخر الذي تنصحه الدخول من هذا المدخل الجانب الذي فيه جانب عاطفي لتحرك فيه ماقد يمكن ان يكون قد تبقى من نوازع الفطرة ليلبيها فهذا الجانب جانب النصح من اعظم الادوات التي ينبغي الانسان المؤمن ان يتمسك بها في مسيرته


                                                              فاحشة قوم لوط

                                                              (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80الأعراف) )
                                                              لم يقل لهم

                                                              (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)
                                                              الايات في سورةالاعراف لم تذكرقضية التوحيد في قصة قوم لوط

                                                              ذكرت قضيه الفاحشه والعياذ بالله الشذوذ والانحراف الجنسي الذي كان قد شاع في القوم ومما لا شك فيه أن هذه الجريمه النكراء وهذا الانحراف الذي وقع في قوم لوط على غير سابقة على احد من العالمين كانو سباقين في هذا المجال كانوا قد سبقوا الأقوام الأخرى في ابتداعه وتفننهم في هذه الفاحشه البغيضه المنكرة المخالفة للفطرة ولكن ايضا دعوة التوحيد تتضمن النهي عن الفساد


                                                              فلما جاء الله سبحانه وتعالى بقوله قال لقومه مباشرة
                                                              (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ)

                                                              مما يمكن أن يتدبر فيه الانسان وهو يقرا القرآن العظيم هو القدرة على أن يربط الانسان ما بين ايات الكتاب ومابين ما يحدث لنا في الواقع نحن في واقع الحياة نرى في كثير من الأحيان أن الطبيب المعالج قد ياتي عليه مريض والمريض أصيب في حادث معين والحادث ادى الى حدوث نزف حاد في جسد ذلك الانسان الطبيب أول مايستقبل المريض في المستشفى يحاول أن يفعل اي شيء ليوقف النزيف هو ممكن ان يكون هذا المريض مصاب بأمراض خطيره جدا حتى ممكن يكون مصاب بسرطان مثلا ممكن يكون مصاب بأشياء فعلا كفيلة بأن تودي بحياته ولكن اول ما يفعله الطبيب في معالجة ايقاف النزيف النزيف الحاد الذي هو الحالة الطارئة التي مرت على هذا المريض ثم بعد ذلك يتناول بالعلاج بقية الاشياء

                                                              وربما واقول الله أعلم يكون السبب وراء البدء بذكر هذه الفاحشه إستنزاف حاد حقيقي لكل مقومات الفطرة الانسانية فكان من غير المعقول أبدا ونحن نعلم أن القرآن العظيم كلام يخاطب الله به واقع الإنسانية ربي سبحانه وتعالى حين يخاطب الأقوام المختلفة ويخاطبنا بالكتاب يخاطب إنسان هو سبحانه وتعالى عالم بمكنونات نفسه وطبيعته وما يصلح أن يخاطب به أو لا يخاطب ومتى ينبغي أن يخاطب بهذا الكلام أو لا يخاطب ربي سبحانه اللطيف الخبير العالم ولذلك كان مناسب جدا أول ما يبدأ به النبي لوط عليه السلام في دعوته إيقاف النزيف الحاد الشذوذ الجنسي والعياذ بالله هذا الإنحراف الذي وقع في القوم استنزاف حاد لكل معاني الفطرة البشرية الانسانية كان لابد أن يقوم بإيقافه خاصة أنه و لم يظهر في أمة سابقة هم ابتدعوه من تلقاء وساوس الشياطين من تلقاء هم قاموا بالبدء بهذه الفاحشه و التفنن في ذلك الأسلوب من الفساد الذي لم يكن موجود فيما قبل فكان لابد اولا من ايقاف ذلك ثم بعد ذلك اذا ماتمت الاستجابه تاتي القضايا المختلفة مثل قضية التوحيد

                                                              تعليق

                                                              جاري التحميل ..
                                                              X