إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    الضراعة إلى الله



    (أخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ (الأعراف(94)) ))
    ابتلاءات الدروس العبر العظات التي ينبغي ان يكتشفها ويقف عليها اصحاب العقول من هذه الأمم ويدرك أن ما يمر به من محن سواء كانت على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي بأساء وضراء في أنفسم في أموالهم أولادهم في صحتهم حتى في الأرض التي يحيون ويعيشون عليها كل ما يمرون به إنما هو لاجل تحقيق أمر ما أن تتولد عند تلك الأمة والمجتمع الفرد والجماعة على حد سواء حالة من الضراعة والضراعة في اصل اللغة من الضرع ضرع الدابة ولكن المقصود هنا ان تتولد عند الإنسان حالة نفسية تعود به الى الله سبحانه وتعالى والشعور التام بشدة عجزه وذله بين يديه وافتقارهذا العبد لرحمة الله سبحانه وتعالى

    ولذلك عدد من السلف روي عنهم في الدعاء قالوا

    وهذا ذلي ظاهر بين يديك الذل

    أرقى أنواع العبودية وحالات العبوديه لله عز وجل ان يستشعر الإنسان مدى العجز أمام قوة الله سبحانه وتعالى مدى ضعفه امام قوة القوي سبحانه مدى ذله وانكساره وخضوعه امام الجبار المتكبر الذي بيده الملك هذه الحالة هي التي ينبغي ان تتولد عند الإنسان عندما يمر في المحن والشدائد في اي شي يمر عليه اما اذا مرت تلك المحن مهما كانت صعبة سهلة كثيرة قليلة هذه المحن اذا مرت على الإنسان والمجتمع والأمة ولم تولد عنده تلك الحالة من الضراعة فقد اصبحت لا معنى لها أصبح ذلك الإنسان غير قادر على ان يستقرأ ويقرأ بوعي وبموضوعية الاحداث التي يمر بها والقرآن العظيم كتاب يعلمنا مع قراءتنا له ان نقرأ الواقع الذي نعيش فيه الضراعة هي ما تحتاج اليه كل الأمم وخاصة حين تمر بالمحن والأزمات و الضراعة ليست مجرد حالة نفسية فقط تبقى بين العبد وربه ولا تخرج الى واقع الحياة ولا تصلح الفاسد ولا تغير في ذلك الفساد الذي قد تعمق انتشر لا ولكنها في الأمم التي تخدرت فيها أجهزة الإحساس والإستقبال لاتولد شيئا ممكن حتى قد تحدث حالة ضراعة لأن الشدة بطبيعتها الإنسان في ساعة الشدة لا شك انه مهما كان خاصة اذا بقي فيه شيء من الخير تراه يعود الى ربه منكسرا متذللا


    الإبتلاء بالنعمة من أشد أنواع الإبتلاء





    وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ (الاعراف 95)))
    شي طبيعي ان يكون هناك سراء وضراء ليس هناك في الأمر أي نوع من انواع الحكمة ينظر الى تقلب الأحوال في الأفراد والأمم والمجتمعات فلا تحرك فيه ساكن من الإيمان لاتحرك فيه أملا يدفع به للرجوع لخالقه سبحانه وتعالى اشكالية خطيرة جدا إذا أصبحنا نألف تغير الأحوال في الأمم وفي أنفسنا وتقلبنا دون أن ندرك الحكمة من وراء ذلك وقعنا في إشكالية خطيرة هذه الأحداث لا ينبغي ان تألف هذه الأحداث العاقل يقف أمامها وقفت الإنسان المتعلم الراغب في أن يدرك ما وراء الاشياء يقرأ كما يقال ما بين السطور يدرك ان الله سبحانه وتعالى لون له هذه الأحوال ليعود إليه ليرجع إليه الباساء والإمتحان بالبأساء وبالشدة وبالرخاء له هدف غاية وكثير من الناس يرجع الى الله في الشدة ولكنه لا يرجع في الرخاء لايدرك أن الرخاء وأن تفتح عليه الدنيا وأن يؤتى من الأموال ومن الصحة ومن القوة وما شابه إبتلاء كثيرون لا يصمدون أمام ذلك

    كذلك روي عن بعض السلف والصحابة قالوا إبتلينا بالشدة فصبرنا وإبتلينا بالسراء فلم نصبر وهذا من ورعهم وزهدهم في الدنيا ولكن في واقع الأمر أن الإبتلاء بالنعمة من أشد أنواع الإبتلاء إختبار ربي سبحانه وتعالى حين يفتح على الأمم وعلى الأفراد أبواب الرخاء والسعة و الترف فربي سبحانه وتعالى إنما في واقع الامر يبتلي مالموقف في مثل ذلك الحال الموقف أن ندرك كما يدرك في الشدة أنه عاجز وأن ربه القوي انه ضعيف وأن الله سبحانه هو القادر على كل شي قدير و أن ما بكم من نعمة وماهم فيه من نعمة انما هو من باب الإبتلاء والإختبار فالينظر كيف هو عمله ما طبيعة ذلك العمل الذي يقوم به في حياته فتحت عليه الدنيا أموال صحة قوة أمان استقرار

    ماذا فعلت بها ماذا فعلت بالاستقرار الذي خولك الله به تلك النعم ماذا فعلت ماذا حققت ماذا انجزت المسألة ليست ماتملك وليس ما عندك لأن ما عندك وما تملك انما هو إبتلاء من الله سبحانه هو عطاء الرب ولكن السؤال ماذا فعلت إنت بذلك العطاء ماذا قدمت بذلك العطاء ماذا حققت من انجازات على صعيد مقاومة ومكافحة الفساد واقامة الصالح و الخيروالنفع للبشر ماذا فعلت ماذا حققت من الأشياء التي أمر الله عز وجل بتحقيقها في حياتك وحياة الناس هذا هو السؤال

    فاذا لم تتولد عند الانسان كل هذه التساؤلات ولم يولد لديه امتحان الشدة و امتحان الرخاء رجعة ويقضة و لله سبحانه وتعالى جاء العذاب

    (فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (الاعراف 95)) )


    فجأة الرب الذي هو قادر على العطاء قادر على الأخد الرب الذي فتح لك أسباب الدنيا قادر على إغلاقها بيده كل شي فعليك ان تقرأ وعليك ان تدرك وعلى العاقل أن لا يركن الى الدنيا ولا يفرح بإقدامها ولا بإقبالها لأن من طبائعها نها إذا أقبلت ستدبر قريبا واذا أعطت فإنها ستأخذ قريبا الأخذ والعطاء سنة من السنن قائمة في الافراد وفي الامم.

    تعليق


    • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

      اسباب البركة في البيوت



      (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم (الأعراف96 ))
      قانون الإيمان و التقوى الإيمان الذي ليس هو ادعاء والتقوى التي تولد في النفس صلاحا وفي الواقع صلاحا التقوى التي تعمر ما بينك وبين الله عز وجل التقوى الحقيقة تعمر القلب فاذا عمر القلب وعمرت العلاقة بيني وبين الله سبحانه وتعالى كان لا بد ان يمتد ذلك العمار الى الأرض إلى الواقع إلى الحياة إلى المجتمع إلى كل شي فكانت نتيجة ذلك

      (لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (الأعراف96)

      والبركة زيادة غير محسوسة أو محسوبة ماديا زيادة معنوية والقرآن العظيم كثيرا ما يحدثنا عن البركة وصف كتابه العظيم .قال عن انبيائه موسى عليه السلام على سبيل المثال

      (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا(مريم31.) ووصف بيته ووصف بيت المقدس والأرض الأرض التي باركنا حولها ووصف آيات وأماكن ورسل وأنبياء وأشياء بالبركة والآن ربي سبحانه وتعالى جاء بلفظ البركة جمعا فقال
      (بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ (الأعراف96) )
      منافع خير البركة ليست شيء يحسب بالدرهم ولا بالدينار ولا بالدقيقة ولا بالساعة البركة اذا طرحت في شيء امتد نفعه وخيره مثلا على سبيل المثال البركة اذا طرحت في عمر انسان فلا يضره اذا امتد به الأجل أو قصر ربي بارك فيه لذلك لو تدبرنا في تاريخ علماءنا الصالحين وجدنا ان البعض منهم كالإمام الشافعي رحمه الله توفي ولم يتجاوز الرابعة والخمسين عاما والى بركة اعماله انظر الى ذلك النفع الذي خلفه من وراءه كم سنة كان ينبغي ان يعيش ويحقق كل هذا.

      العمر لا يقاس بالسنوات ولا بالأشهر ولا بالأيام العمر يقاس بالقياس الحقيقي بما تنجز بما تخلفه وراءك من أثر يمتد وليس بما تتركه وراءك من مال المال تتركه فينتفع فيه غيرك من الورثة فقط ولكن الذي يحقق البركة فعلا والإنتفاع الحقيقي ليس فقط المال العلم الكلمة الطيبة خير نفع كل شي كل ما يمكن ان تتخيله او لا تتخيل البركة شيء عظيم جدا ولذلك نحن في زماننا على سبيل المثال نشكو من قلة البركة لانشكو من قلة المال هناك فرق شاسع بين ان يكون المال قليلا قد يكون المال قليلا لكنه مبارك فإذا وضعت فيه البركة أصبح ذلك المال ليس وكأنه قليل لا ربي بارك فيه طرح به البركة تجد فيه خير تجد فيه تربية تجد فيه نفع تجد فيه كفاية فيما يفوق الكفاية ولكن اذا نزعت البركة من المال على سبيل المثال فحتى لو زاد ذلك المال وأصبح يعد بالآف أوالملايين لا يغني عنه شيء منزوع البركة لاخير فيه حتى نفعه من ذلك المال لا يأتي على صاحبه بخيرالإنسان قد يمتلك مال مالا وفيرا ولكن ذلك المال قد يعود على صاحبه بالشر في الدنيا وفي الأخرة ينفقه فيما لا طائلة من وراءه ينفقه في الفساد ينفقه في الشر في ايذاء الناس اين بركة نزعت بركته ابن القيم رحمه الله لديه كلمة جميله يقول كل شيء لله البركة فيه و كل شيء ليس لله فقد نزعت منه البركة مقياس جميل دعونا نتبناه في حياتنا اجعل كل شيء تقوم به لله فيطرح الله سبحانه وتعالى به البركة ثم يبرر ذلك فيقول لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي البركة

      (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الملك 1))

      (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ (الفرقان1))

      ربي سبحانه وتعالى تبارك أحسن الخالقين فهو الذي يعطي هذه البركة هي منحة هي عطاء عطاء من الله تعالى لعباده ولكم من من عباده اولئك الذين آمنو به واتقو الإيمان والتقوى اذا البركة منحة عطاء ولكن اين المسبب لتلك البركة إيمان وتقوى من لله سبحانه وتقوى لله اجعل قلبك خالصا لله الإيمان والتقوى أول شيء هما عمل قلبي وهذا العمل القلبي سينعكس في طبيعة الحال على الواقع على الجوارح على ماتقوم به في حياتك ولكن ركز على جانب الإيمان في القلب والتقوى أصلح قلبك أصلح قلبك صلاح القلوب ما نحن بحاجة اليه تقول لي او تشتكي من قلة المال او من ضيق ذات اليد أقول لك أصلح قلبك

      تشتكي من قله البركة في الوقت اقول اصلح قلبك

      تشتكي من أي شيء في حياتك أقول أصلح قلبك

      صلاح القلب وكيف يكون الصلاح الا بالإيمان والتقوى
      (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (الأعراف96 ))

      لكن مالذي حدث في واقع الامر فحين يكون التكذيب ماذا تكون النتيجه


      (فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (الأعراف96 ))


      تعليق


      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

        ليس صلاحٌ للإنسان إلا بالتقوى


        اليوم العالم بأسرة على كل الأموال المكدسة فيه الاوراق المكدسة فيه ولكنه يعيش على وجه العموم في حالة تعب في حالة شقاء هناك وفرة في المال ولكن هناك قلة وشحة في الراحة في السلام في الشعور بالأمن والأمان الشعور بالإستقرار وهذا ينطبق على الأمم كما ينطبق كذلك على الأفراد العاقل يقف أمام السبب يحلل ماهو فيه يحاول أن يفهم أن يدرك أن يقرأ ما هو وراء الظواهر والأحداث في حياته المشكلة ليست في قضية سعة الارزاق اوقلة الاشياء بالكون ربي سبحانه وتعالى قدر فيه اقواتا الإشكالية الخطيرة التي نمر بها اليوم كأفراد وكمجتمعات نزع البركة من حياتنا واوقاتنا واعمارنا

        حين نقرأ في سيرة الصالحين والسلف والعلماء نجد شيء أقرب إلى العجب منه الى الواقع والحقيقة هذا العجب الذي يصيبنا من أين جاء كان هناك بركة والبركة متى تأتي ؟ لا تأتي إلا مع الإيمان والتقوى الإيمان والتقوى الحقيقي الإيمان والتقوى الذي ينعكس في وا قع الحياة اصلاحا وخيرا وعطاءا ونماء اما اذا تغير الحال وكان الواقع مغاير لما ينبغي أن يكون عليه من إيمان وتقوى فلن يكون إلا ما جاء في كتاب الله عز وجل (فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (الأعراف96 ))
        لاظلم ربي سبحانة وتعالى حين قال

        (ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ (الروم41))
        بأي شيء
        (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (الروم41))

        أعمالنا توفى إلينا في الدنيا قبل الأخرة أعمالنا أحيانا شعورنا نحن كبشر كأفراد شعورنا بالخوف بالخوف على الأموال بالخوف على الأولاد بالخوف على المستقبل الأمر الذي يزيد بنا لشدة الحرص والقرآن يعلمنا أن الحرص لايغني عن صاحبه شيئا صحيح التعقل مطلوب حكمة مطلوبة في الانفاق ولكن البخل منيعا الخوف على المستقبل وتصور وتوهم أن الإنفاق والخير والصدقة والمساعدة وصلة الاقارب ومعاونة الضعفاء ومساعدة الملهوف ومحاولة كشف الكرب عن المكروبين والشعور الإنساني الطبيعي الفطري بحاجة المضطرين البؤساء والارامل واليتامى هذا ليس تبذيرا ولا إسرافا ولا عدم حكمة ولا حنق ولاغفلة ولا سفاهه هذا هو ما يريده القرآن مني هذه انسانية هذا خير هذا عطاء هذا في واقع الامر ضمانة ضمانة لاي شي ضمانة لحياتي ضمانة لنفسي ضمانة لمستقبل أولادي ضمانة لمستقبلي في الدنيا قبل الآخرة ربي وعدني ومن اصدق من الله قيلا

        (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (النساء87))

        فتحنا عليهم كل أشكال البركات سواء ما كان فيها نفع ورخاء ومطر وغيث و راحة ونماء وعطاء ومصادر بركات من السماء والأرض اذا لماذا نحن نشعر في هذا العصر بكل هذا القحط والجدب ليس بسبب خارجي الاسباب الخارجية مظاهر ولكن السبب الداخلي هو السبب وراء تلك الظواهر والسبب

        (آمَنُوا وَاتَّقَوْا (الأعراف96))

        نحن نعاني من فقر في هذا الجانب جانب التقوى وقد تقول لي ولكنا نصلي ولكنا نحافظ على الصلاة ونصوم رمضان الإيمان ليس مجرد محافظة على الصلاة لا تحرك فيك امرا بالمعروف ونهيا عن المنكر

        (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ (العنكبوت45))

        وكذلك سائر العبادات سائر العبادات تولد من الانسان المؤمن انسانا صالحا مصلحا في واقعه مصلحا في غيره انسان تختلف تقديراته واساليبه في التعامل عن الإنسان الطبيعي العادي الذي يقرأ الاحداث بمعزل عن القرآن العظيم القرآن لايريد منك انسانا سلبيا منسحبا من واقع ترى فيه الفساد ليل نهار لا القرآن يريد انسانا إيجابيا انسانا لايقف عن الحياد أمام الفساد انسان كماهي تلك الأيات التي جاءت بقصص الأنبياء جميع الأنبياء هناك عشرات الاشياء التي تربط بين الانبياء كل الانبياء صحيح هم ارسلو برسالة ولكن من الجوامع بين هؤلاء الانبياء انهم لم يقفوا عن الحياد رأو الفساد فحاولو وقاموا بعمليات اصلاح هذا معنى التوحيد الرسالة جاءت

        (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ(الأعراف59))

        ولكن من قال أن رسالة التوحيد تكتفي بأن تكون فقط في العلاقه بين الإنسان وربه خارج اطار المجتمع من قال التوحيد علاقه تصحيحة في كل مجالات الحياة التوحيد علاقة تصحيحية في كل شيء في حياتك صغيرا كان او كبيرا ولذلك حين كان التوحيد حيا نابغا في قلوب الأمة في قلوب الأفراد في حياة المسلمين كما أرادله القرآن أن يكون كان المسلمون أصحاب حضارة وقوة ومنعة وارادة حقيقية لماذا ؟

        اكبر دافع في حياتهم كان التوحيد ولكن حين تراجع منسوب التوحيد وأصبح التوحيد محصورا فقط حصرا غير صحيحا أبدا وأصبح توحيدا إنسحابيا يصنع من الانسان انسان عزول منسحب من الواقع ويظن أن في ذلك الخير اصبحت حال الأمم والمجتمعات كمان نرى عليه الحال اليوم إذا ما نعاني منه من أحوال وتبدل في الأحوال إقتصادية إجتماعية أسرية هذا ماجاء هكذا بدون قانون هذا جاء وفق سنن سنن حدثت له أسباب علي أن احلل الأسباب وأن أدرك أن هذه النتائج كان لها مقدمات ولكني ما قرأت ماوقفت ما درست والقرآن يريد مني أن أقرأ وأدرس وأتلوا و اتعلم








      تعليق


      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

        سورة الأنفال

        المقدمه

        بين أيدينا اليوم سورة عظيمة من سور القرآن، سورة الأنفال، تلك السورة التي نزلت بعد غزوة بدر مباشرة حتى سماها بعض المفسرين “سورة بدر”.
        هذه السورة نزلت تعالج أحداث غزوة بدر والنتائج المترتبة عليها.
        الأنفال نزلت على النبي صلّ الله عليه وسلم بعد غزوة بدر في تلك الأثناء وفي تلك الأوضاع التي مر بها المسلمون في غزوة بدر كان المسلمون قد خرجوا من مكة مهاجرين بأنفسهم تركوا كل شيء وراء ظهورهم ترك الكثير منهم المال والولد والأسرة والعمل والتجارة وكل ما لهم في الدنيا وراء ظهورهم في مكة وخرجوا فقط بدينهم خرجوا بإيمانهم خرجوا مهاجرين من أوطان كانت تعز عليهم فكلنا نعلم ما لمكة في قلب النبي صلّ الله عليه وسلم وأصحابه، ولكن مع ذلك عندما اقتضى الأمر أن يخرج ويترك خرج وترك لله ولدينه وللحقّ الذي آمن به وللحقّ الذي سار عليه وتبناه.

        في تلك الأثناء عندما وصل النبي صلّ الله عليه وسلم إلى المدينة بدأ بحياة جديدة بدأ ببناء دولة فتيّة دولة صغيرة دولة بكل الحسابات والمقاييس المادية لا تسمى دولة مجموعة من الأشخاص لا أموال لا عشيرة لا أولاد كل ما يمتلكونه إيماناً صادقاً يقيناً بالله عز وجل يستطيع أن يبني على الجبال الراسيات ويؤسس وفعلاً هذا الملك العظيم لهذا الإيمان وهذا اليقين هوالمحرك الأول والدافع الأول لبناء الدولة الأولى في تاريخ الإسلام.

        في تلك الأثناء كان النبي صلّ الله عليه وسلم يوجه أصحابه لأن يتعقبوا ويترصدوا في السرايا المختلفة تحركات قريش، قريش تلك القبيلة الدولة الحقيقية ليس بمعنى مقومات دولة ولكن بمعنى العناصر المادية المتوفرة لها في مكة. كانت لها رحلات تجارية بين مكة وبين الشام واليمن وهذه الرحلات كانت كعادة قريش وعادة القبائل لا تعود إلى مكة ننحر الجِمال ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتفرّق علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وبجمعنا فلا يزال العرب يهابوننا أبداً بعدها، إذن أبوجهل لم يخرج به الحق لم يخرجه العدل لم يخرجه نصرة مظلوم وإنما أخرجه التباهي والتكبر والتعجرف والتفاحر.

        وهنا فقط نستطيع أن نحدد بداية الهزيمة التي وقعت مع قريش في غزوة بدر بداية الهزيمة بدأت في النفس في نفوس المشركين وبداية النصر جاءت مع المسلمين في الجهة المقابلة. بداية الهزمية بدأت مع قريش عندما أخرج أبوجهل تكبره وتعجرفه وعنجهيته وتصوره بأن النصر لا يكون إلا من قبيل امتلاك القوة المادية.



        الجهاد في معناه الحقيقي

        دعونا نرى على كيف كانت بدايات النصر في قلوب المؤمنين في قلوب اصحاب النبي صلّ الله عليه وسلم؟

        أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه وقف بهم الحال أطلعهم النبي عليه الصلاة والسلام على الوضع وبدأت تضاريس المعركة تتغير، لم يكن هناك معركة، النبي صلّ الله عليه وسلم خرج بأصحابه إلى بدر لا لأجل معركة ولا لأجل قتال ولم يكن هناك عُدّة ولم يكن هناك استعداد لقتال المشركين. الأمر كان للخروج لأخذ القافلة والتربص بها ثم العودة لم يكن هناك استعداد لم يكن هناك تهيئة نفسية لمواجهة عدو. أطلع النبي صلّ الله عليه وسلم أصحابه على الوضع فقال لهم ما ترون؟

        ودعونا نتأمل أوننظر في كيفية معالجة هذا القرآن العظيم لأن من أنزله هوالله الذي يعلم من خلق وهواللطيف الخبير. أظهر هذه الحقيقة الكامنة التي لم يبح بها المسلمون أصلاً هي كانت في صدروهم لم يبوحوا بها لأحد أطلعها الله عز وجل وقال في آية، يقول الله عز وجل

        (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوكَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)) الأنفال

        هذه الآيات تبين الحقيقة التي كانت في نفوس وفي صدور المؤمنين آنذاك لم يكونوا متأهبين فلم يريدوا الخروج للقتال ليس خوفاً ليس جبناً ليس خشية على شيء في تلك الأثناء تلك النفوس العظيمة نفوس الصحابة رضوان الله عليهم في غزوة بدر كان قد عالجها اليقين والإيمان بالله كانوا يخافون على هذا الدين من هزيمة تلحق بهم وهم لا يزالون في بداية بناء الدولة الإسلامية، الخوف لم يكن على أنفسهم هم ضحوا بالغالي والنفيس، هم خرجوا من مكة وتركوا كل شيء وراء ظهورهم ما كان الخوف على النفوس ولا كان على أموال ولا كان على شيء من متاع الدنيا الزائل كل الخوف والمشاعر كانت على هذا الدين فجاءت هذه الآيات لتخرج هذا الخوف من القلوب وتبين أن خروج المؤمنين للقتال في غزوة بدر وتحول المسألة من قضية خروج لأخذ العير إلى مسألة مواجهة وقتال ومعركة مع المشركين، ما كان إلا لأجل إحقاق الحق وإبطال الباطل


        وهذه هي الرسالة العظيمة التي ينبه عليها القرآن ليس فقط لأصحاب النبي صلّ الله عليه وسلم وإنما لكل جيل لكل فرد لكل مؤمن لكل مجتمع لكل جماعة لكل العالم أن البدايات لا بد أن تكون صحيحة، خروجك لا بد أن يكون لله، خروجك لا بد أن يكون لقضية، لهدف عظيم، لا بد أنا حين أدخل اوأخرج حين أدخل من صفقة أوأخرج من صفقة لا بد أن يكون لإحقاق الحق وإبطال الباطل ليس لأي شيء آخر من متاع الدنيا، عالجت القضية.



        أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم
        الآن نبدأ نقارن الغاية التي لأجلها خرج المشركون الدنيا والتباهي والتفاخر بمتاع الدنيا الزائل وإظهار التكبر والعنجهية وأنني صاحب قوة عظمى وأمتلك القرار وأستطيع أن أسير العالم كما اشاء عنجهية الإنسان المغرور الذي

        لا يعلم أنه لا يساوي ولا حتى جناح بعوضة في قيمته الحقيقية عندما ينتكس انتكاسة الكفر والباطل، هذه العنجهية كان يقابلها يقين وإيمان بالله ولذلك ربي عز وجل قال
        (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ)
        أنت خرجت حين خرجت من مكة لم تخرج بنفسك.

        قام سعد بن معاذ من الأنصار لأنه شعر بأن النبي صلّ الله عليه وسلم كان يريد أن يسمع منهم على اعتبار أن الأنصار قد عاهدوا النبي عليه الصلاة والسلام على حمايته وعلى نصرته في حدود المدينة والآن هناك معركة الآن هناك خروج الآن المسألة خارج نطاق المدينة فقال للنبي عليه الصلاة والسلام: لعلك تريدنا يا رسول؟ قال أجل، فقال سعد: يا رسول الله قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هوالحق وأعطيناك عل ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامضِ يا رسول الله لما أردت فوالله لا يتخلف عنك اليوم منا رجل واحد ولواستعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً إنا لصبرٌ في الحرب صدقٌ عند اللقاء ولعلّ الله أن يريك منّا ما تقرّ به عينك فسر بنا على بركة الله.

        حُسمت معركة بدر في قلوب هؤلاء المؤمنين الذين حملوا الغاية والإيمان واليقين بالله عز وجل. النبي عليه الصلاة والسلام سُُرّ بهذا القول فقال لسعد وأصحابه من حوله سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم.
        حُسمت المعركة، انتهي الأمر عندما تأكد أول قانون من قوانين النصر

        أن النصر الحقيقي

        في الإيمان في اليقين في قوة الإرادة

        في الهدف الذي يخرج الإنسان لأجله والغاية العظمى.




        تعليق


        • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

          ما هي الأنفال؟


          قبل أن نسترسل في أحداث غزوة بدر دعونا نتوقف عند البداية،
          أول آية في سورة الأنفال ربي عز وجل يقول فيها

          (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)
          الأنفال الغنائم، السؤال كان عقب غزوة بعد الانتهاء من غزوة بدر تساءل المسلمون عن الغنائم عن قسمة الغنائم، إنتهت المعركة بفوز المسلمين فوزاً ساحقاً وكان هناك غنائم أي شيء من متاع الدنيا فكان الصحابة يتساءلون عنها ولذلك هناك حديث جميل رواه الترمذي يقول فيه عن أبي أمامة يقول: فينا نزلت هذه السورة، كيف نزلت هذه السورة؟ عندما تساءلنا عن قسمة الغنائم بعد أن ساءت فيها أخلاقنا – انظر إلى التعبير ساءت أخلاقنا، هؤلاء النخبة هؤلاء الصفوة من البدريين الذين قال عنهم النبي عليه الصلاة والسلام لعل الله اطلع على أهل بدر فقال لهم قد غفرت لكم اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم – نزلت في هؤلاء وهم يقولون قد ساءت أخلاقنا.

          وهنا لا بد أن ننتبه إلى مسألة حساسة جداً أن المؤمنين على درجات.
          المؤمنون منهم المقربون أعلى الدرجات،
          منهم الأبرار ومنهم أصحاب اليمين.

          سيئات المقرّبين هي حسنات الأبرار، يعني سوء الخلق الذي تحدث عنه الصحابي هنا ليس سوء الخلق من حيث أخلاق بذيئة أوكذب حاشاهم أومما يمكن أن يتبادر إلى اذهاننا اليوم عندما نصف شخصاً فنقول سيئ الخلق، سوء الخلق الذي يتحدثون عنه في هذا الكلام أوفي هذا الموقع أنه كيف يتساءلون عن قسمة الغنائم بعد غزوة بدر؟

          يلومون أنفسهم كيف نطقت السنتهم بالسؤال عن قسمة الغنائم بعد غزوة بدر، يلومون أنفسهم، النفس اللوامة، كيف؟

          هكذا كانوا يلومون أنفسهم لا ينبغي أن أسأل عن قسمة الغنائم وإنما أترك الموضوع للنبي صلّ الله عليه وسلم يقسّمه ويراه كيفما يشاء فيه، أنا لا ينبغي أن أسأل.
          انظروا عزة الإيمان!

          لنا أن نتخيل عندما أربط اليوم بالواقع لي أن أتخيل إلى أيّ مرحلة من الإيمان والشموخ وصل هؤلاء النفر؟ إلى أي مرحلة؟
          أنهم يعتبرون أن مجرد التفكير بمتاع الدنيا الزائل هومن سوء الخلق بعد نصر مؤزر في غزوة بدر!.

          ودعونا نتأمل كيف أن الإجابة في سورة الأنفال، سورة الأنفال من خمس وسبعين آية، السؤال عن قسمة الغنائم جاء في الآية الأولى والإجابة عن قسم الغنائم جاء بعد أربعين آية من سورة الأنفال يعني بعد أكثر من نصف السورة.

          هذه الأربعين آية عن أي شيء كانت تتحدث؟
          ربي عز وجل في الآية الأولى قال

          (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ)

          لم يجب قال أول شيء

          (قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ)

          الدنيا والغنائم وبكل ما فيها لمن؟
          لله والرسول، لا تسأل عن القسمة، الإجابة عن القسمة جاءت في الآية الأربعين، أربعون آية ربي عز وجل يؤدب ويعلّم ويوجه فيها البدريين المنتصرين وليس فقط البدريين المنتصرين ولكن كل الأجيال يوجهنا نحن اليوم أن النصر لا ياتي من خلال التركيز على القضايا المادية النصر له قوانين الفوز له قوانين وهذه القوانين وإن كان منها الأخذ بالأسباب المادية ولكن التركيز الأول والتفاعل مع الواقع الذي يعيش فيه الإنسان، هذا الإيمان العظيم هوالذي تحدثت عنه سورة الأنفال في أول قانون من قوانين النصر فيها.


          تعليق


          • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

            العلاقة بين الإيمان والنصر


            الآيات الأولى بعد الآية الأولى

            تأتي أربع آيات تتحدث عن هذا النوع من الإيمان يقول الله عز وجل فيها

            (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4))

            الإيمان الذي اعتبرته الآية أنه بالفعل هوأول قانون من قوانين النصر له دلائل وله علامات، هوليس أيّ إيمان، هوليس مجرد إدّعاء، هوإيمان له مقاييس له موازين وكلمنا يعلم أن الإيمان يزيد وينقص في نفس المؤمن في قلبه ولذلك يستطيع الإنسان المؤمن أن يقيس درجة الإيمان لديه.

            أول درجة من درجات هذا الإيمان والمقياس وهوتنبيه -كما ذكرنا قبل قليل- لكل ما أراد أن يواجه أحداً من الناس، لكل مجتمع يريد أن يواجه فئة من الكفار أوممن ابتعدوا عن منهج الله عز وجل، قبل أن تبدأ بالمواجهة عليك أن تقيس درجة الإيمان لديك، ألا نرى تدريبات الجيوش يقومون ببعض التدريبات وبعض الطلعات قبل المواجهة الحقيقية، هكذا ولله المثل الأعلى على المؤمن والمجتمعات كما تعتني بتدريب الجيوش تدريباً عسكرياً واستراتيجياً على حمل العتاد وحمل الأسلحة والمواجهات عليها كذلك أن تتأكد من قضية مقياس وميزان الإيمان في النفوس، عليها أن تهتم بعناية الجيوش بالتربية الإيمانية باليقين بما أنا قد خرجت إليه واليوم العلم المعاصر يرى ويؤكد أن أعظم دافع لنجاح الجيوش هوالقوة المعنوية أعظم دافع أن يتأكد هذا الجندي الذي يحمل العدّة ويحمل السلاح ويتيقّن بعدل القضية التي لأجلها خرج إذا لم يكن لديه ذلك الإيمان بالقضية التي خرج لأجلها مهما بلغت القوى المادية التي يمتلكها ومهما بلغ التدريب الاستراتيجي الذي تعرض له وهويحمل السلاح ستصبح اليد التي تحمل السلاح يد ضعيفة يد واهية خائرة القوى لا تستطيع أن تمسك ولا حتى بعصى من خشب ولذلك ربي عز وجل عندما وضع قانون الإيمان وأكّد أن هذا أول قانون من قوانين النصر أعطى للمؤمنين وأعطى للقادة العسكريين كيفية قياس هذا الإيمان. وأنا أرى والله أعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام حين عرض الأمر على المهاجرين والأنصار أراد بذلك أن يتأكد ويوجه القادة العسكريين أنه عليهم قبل الاستنفار وقبل البدء بالمعركة التحدث إلى جنودهم التحدث إلى جيوشهم وجهاً لوجه، النظر في قضية الإيمان التي هم قد خرجوا لأجلها, النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك مع أصحابه، أراد أن يتأكد من هذه القضية وقد فعل حينما خرج المقداد من المهاجرين وخرج سعد بن معاذ ليقول القولة المعروفة في ذلك ليتأكد من هذا، ما أعظمه اليوم من توجيه!

            أنا هنا أتساءل، قلنا قبل قليل أن من أهم قواعد التدبر والإفادة من هذا الكتاب العظيم أن أتأكد تماماً أني على قدرة وأنا أقرأ هذا القرآن العظيم أني على قدرة أن أربط ما أقرأ من القرآن بالواقع الذي أعيش وأنا اقول وأوجه هذه الكلمة لكل القادة العسكريين لأصحاب الجيوش لمن يوجه الجيوش ويقود الجيوش ويُخرِج الجيوش قبل أن تخرج مع الجيش إجلس مع هؤلاء الجنود وجهاً لوجه تساءل معهم وتحدث معهم عن إيمانهم بالحقيقة التي لأجلها يخرجون، تأكد أن الذي يخرجهم ليس متاع الدنيا الزائل، ليس السيطرة على مقدرات الشعوب ليس نهب مقدرات الشعوب والسيطرة عليهم وإظهار أنني أنا القوة العظمى، تأكد أن الذي يخرجهم هوالإيمان بالعدل، تأكد أنهم لا يخرجوا إلا إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل ونصرة للحق إذا تأكدت من هذا إعلم أن النصر معقود بأول قانون من قوانين النصر ولذلك ولله درّ النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال “سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين”، تحقق النصر المسلمون آنذاك لم يذهبوا إلى بدر بعد، لم يواجهوا أحداً من المشركين بعد، ولكن المعركة حسمت من البداية، متى حسمت.


            تعليق


            • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

              قوانين النصر


              (1)



              (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)

              الإيمان يزداد حينما تتلى عليه آيات القرآن. نحن الآن ونحن نتذاكر ونتدبر هذا القرآن إيماني يزداد ولكن الشرط لأجل أن يزداد الإيمان عليّ أولاً أن أصفّي أوعية الإدراك الموجودة عندي عليّ أن أنقي القلب الذي هومحل تنزّل هذه الآيات من الحقد من الغش من الحسد من البغضاء من كراهية الآخرين ونتأمل مع بعض كيف ربطت الآية الأولى عندما يقول الله عز وجل
              (فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)
              كيف تنتصر الجيوش وقلوب الأفراد وقلوب الجنود متنازعة متنافرة متباغضة قد فرّقتها أودية الدنيا وتفاهات الدنيا؟!
              النصر لا يأتي من خلال هذا، الإيمان يزداد زيادة عندما يكون القلب بالفعل قد رسخت فيه معاني الإيمان وازدادت وضوحاً

              (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)

              جاء بالتوكل من قوانين النصر إيمان وتوكل، توكل أن القوة المادية التي في يدي مهما كانت متواضعة أوبسيطة أنا عليّ أن أعدّ العدّ’ ولكن مهما كانت متواضعة أوبسيطة عليّ أن أتأكد تماماً بأن هذه القوى المادية لوحدها لا تستطيع أن تفعل فعلها في الفوز والنصر أحتاج إلى جانبها الإيمان، التوكل بأن من يمتلك أسباب النصر وتأثير أسباب النصر هوالله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.

              ثم جاء الآيات التي بعدها مكمِّلة للقانون الأول قانون الإيمان
              (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)
              هؤلاء الذين خرجوا جنود وأفراد استطاعوا أن يقيموا الإيمان في حياتهم اقاموا الصلاة بخشوعها بهيبتها بأركانه بواجباتها بشروطها، ولنا أن نتدبر في هذه الوقفة ما علاقة الصلاة وإقامة الصلاة بالنصر في المعركة؟



              من أعظم أسباب النصر وتأكيد الإيمان الصلاة، إقامة الصلاة ليس بمعنى فقط القيام والركوع والسجود، لا، إقامة الصلاة كعنصر هام من عناصر تغذية الروح وتقوية النفس وتقوية القلب الذي به وعليه مدار الفوز والخسارة.
              الصلاة المقصودة هنا هي التي ذكرتها سورة البقرة عندما يقول الله

              (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ (45))
              من أعظم عوامل الاستعانة في مواقف كتلك التي تتحدث عنها سورة الأنفال هي إقامة الصلاة، شعور الجندي أو الفرد أو القائد بأن لديه محطة يتزود منها بوقود الإيمان، بالصلاة، بالتوكل على الله، بالاستعانة به، يا رب لم يخرجني من مكاني إلا الحق فأعطني وهبني وزدني من هذا الإيمان والتوكل عليك.
              وهكذا تتسلسل الآيات في تدرج رائع لتقدم للمؤمنين قانوناً بعد آخر من قوانين النصر في غزوة بدر. وهنا مرة أخرى نتساءل ما الذي أخرج المؤمنين أول مرة قبل أن تتقرر غزوة بدر؟ هل أخرجتهم العير؟ هل كان الذي أخرجهم الحصول على العير وقافلة قريش؟ هل الذي أخرجهم الماديات؟

              أبداً، هم تركوا كل شيء وراء ظهورهم، خرجوا بدون أي شيء سوى الإيمان واليقين بالله لم يكن الذي أخرج المؤمنين من المدينة ومن يثرب للقاء عير قريش الماديات ولا التجارة ولا الأسباب المادية ولا الحرص على مال أو جاه أو سلطة أو تباهي وتفاخر أمام العرب وقبائل العرب، الذي أخرجهم إحقاق الحق وإبطال الباطل. حتى العير التي خرجوا في البداية قال لهم النبي عليه الصلاة والسلام “لعل الله أن ينفلكموها ويهبها لكم” إنما أرادوا بها قوة وزيادة وعزة للإسلام وللمسلمين.



              قوانين النصر


              (2)


              يأتي بعد ذلك في الاية التاسعة من سورة الأنفال قانون جديد من قوانين النصر،

              يقول ربي عز وجل

              (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ (9))
              ما زال الكلام عن قوانين النصر واحدة تلو الأخرى لا يكفي فقط إيماني بالله ولا يكفي تفقدي للحق وللعدل في نفسي وحياتي وأسرتي ومجتمعي ولا يكفي فقط أن أتأكد أن الغاية التي لأجلها خرجت هي الحق وإحقاق الحق وإنما احتاج أن اقف وقفة صدق مع نفسي ووقفة استغاثة بالله عز وجل. ولكن ما معنى الاستغاثة هنا؟

              ما معنى قول الله عز وجل (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ)؟


              الإستغاثة عمل من أعمال القلوب.
              من يستطيع أن يحرك جيوش الملائكة سوى الله عز وجل؟
              أنا كمؤمن اليوم حين اقف في جيش ألا أحتاج أن أقف مع نفسي وأفكر كيف أستطيع أن أجعل من يمدني بجيوش الملائكة الله عز وجل؟ ألا أفكر؟ كيف أستطيع أن استمد هذه المعية من الله عز وجل؟ ما هو المحرك والدافع الذي يحرك هذه الجيوش؟
              لا تحركها إلا استغاثتي بالله عز وجل.



              ولذلك قبل أن أوجه نداء استغاثة للشرق أو للغرب عليّ أن أوجه نداء استغاثة للحق للواحد الأحد الذي يمتلك أن يحرك جيوش الملائكة نصرة وتأييداً للمؤمنين ولذا ربي عز وجل أردفها بالآية الأخرى
              (وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
              قانون من قوانين النصر أن أؤمن بأن النصر لا يأتي قبيل تحالفي مع الشرق والغرب، النصر لا يأتي من قبيل مرضاة واستجداء مرضاة من جيوش الشرق والغرب، النصر لا يأتي من قبيل تحالفي مع القوى العظمى، لا والله!
              النصر لا يأتي إلا من قبيل تحالفي مع من يملك النصر وهو الله سبحانه وتعالى. النصر يأتي حين أدخل في عهد وميثاق مع الله، النصر يأتي حين أستجدي وأسنغيث بمن يملك القوة والنصر وهو الله سبحانه وتعالى وحده شريك له.

              وأنا أتساءل هنا وهذا من قواعد التدبر أن نربط ما بين القرآن وما بين الواقع الذي نعيش فيه، كيف أتوقع أن يكون مستوى الإيمان لديّ قد وصل إلى حد النصر وأنا حين أوجه الاستغاثة وأوجه الاستعانة أوجهها أول ما أوجهها شرقاً وشمالاً وغرباً وجنوباً! ولم أفكر ولم يدر بخلدي أن أوجه الاستغاثة أولاً لمن يملك النصر وهو الله سبحانه وتعالى، أين إيماني؟ أين حقيقة إيماني؟ أليس لكل شيء حقيقة؟ فأين حقيقة إيماني؟! أنا أؤمن بأن الله واحد أنا أؤمن بأن الله عزيز أنا اؤمن بأن الله قوي أنا أؤمن أنه ما في هذا الكون من ورقة على شجرة إلا وهو الذي يحركها إن شاء ويوقفها ويُسْكنها إن شاء. لما أنا آمنت بهذا الرب لما أنا تيقنت بصفاته سبحانه ألا يكون لهذا الإيمان صداه في حياتي؟! ألا يكون لهذا الإيمان مردود في واقعي في حياتي؟! ألا أتوجه الوجهة الصحيحة وأدرك قبل أن يفوت الأوان أن النصر بيد الله أن النصر ليس بيد قوة عظمى ولا بقوة غير ذلك أن القوة الحقيقية هي بيد الله

              (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ).



              قوانين النصر


              (3)


              تتوالى الآيات مؤكدة قوانين النصر، سورة الأنفال نستطيع أن نقول أنها جمعت وحوت كل قوانين النصر وكذلك أكدت على قوانين الهزيمة لتجنبها وعدم الوقوع في براثنها.
              القانون الآخر الذي تناولته سورة الأنفال من قوانين النصر قانون الثبات.
              الآن أنا كمؤمن وكجيش أدركت أن قوانين النصر في إيماني بالله وتوكلي عليه وإيماني بالحق وإيماني بالعدل وإيماني بأني لم أخرج رياء ولا سمعة ولا تباهياً ولا حفاظاً على سلطة ولا على حكم ولا علي أيّ شيء من متاع الدنيا وإنما للحق فقط للحق وإحقاق الحق، القانون الآخر أن اثبت على ما أنا فيه، الثبات، الاستمرار، التواصل، يقول الله عز وجل في الآية الخامسة عشر

              (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ)

              إثبت، إرسخ، مهما تكشفت لك من القوة وأسباب القوة المادية التي يمتلكها الطرف الآخر الذي تواجهه إياك أن توليه الأدبار، غياك أن تنهزم، إياك أن تحسر المعركة، إياك أن تعتقد ويدور بخلدك أن الذي يمتلك أمامك الأسباب المادية وهي أكثر مما تمتلك سيهزمك بهذه الأسباب، الهزيمة والنصر بيد الله.

              لو نأتي ونريد أن نربط بين هذه الآية وما وقع في غزوة بدر. غزوة بدر سال النبي عليه الصلاة والسلام بعض العيون والأخبار عن عدد قريش فتأكد له بأن عدد الفرسان الذين خرجوا من قريش قاربوا الألف بالعدة والعتاد وهم مستعدون وعلى أتم الاستعداد للمواجهة والقتال، نفر إلى أصحابه فوجد أن أصحابه لا يتجاوز عددهم الثلاثمائة بدون عدّ’ ما فيهم إلا فرس واحد بدون عدّة للقتال هم لم يكونوا أصلاً مهيئين للقتال ليس هناك عدة ليس هناك أسلحة وليس هناك شيء، ألف مقابل ثلاثمائة، ألف بكل العدة، صحيح أنتم أمسكتم بها ورميتم بها وكانت أشياء بسيطة عدّة بسيطة لم تُحدث أثر القتل بيد نفسها، من الذي قتل؟

              الله عز وجل.

              من الذي جعل الحجارة حين يرميها طفل صغير صاحب حق في وجه مُعتدٍ أو غاصبٍ أثيم من الذي يجعل هذه الحجارة تبلغ ما لا تبلغه الدبابات والصواريخ! من الذي يجعل لهذه الحجارة والصدور العارية المواجهة وهي تحمل إيماناً ويقيناً وحقاً من الذي يجعل لها أثراً أعظم من أثر الدبابات والصواريخ ذات المدى والأثر البعيد؟ مَنْ؟
              الله سبحانه وتعالى.
              (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ)
              أنت أُثبت أنت كجندي أنت صاحب حق كل ما هو مطلوب منك أن تثبت في ساحة المعركة وألا تخشى الأدوات ووسائل القتال الموجودة أمام عينيك وأمام ناظريك لا تخشى دبابة ولا تخشى صاروخاً ولا تخشى أي شيء كل ما تخشاه هو الله وحده، أُثبت في المعركة هذا دورك، دورك هو الثبات لكن تأثير الثبات وتأثير الفعل الذي ستقوم به اتركه على الله اتركه على من اتخذته وكيلاً وكفى به وكيلاً وكفى به حسيبا نعم المولى ونعم النصير

              (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى)

              يا سبحان الله العظيم!

              الثبات على الطاعة هو ما نحتاج إليه اليوم.




              تعليق


              • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                قصة وعبرة


                نصيحة لص للإمام أحمد بن حنبل

                هناك قصة معروفة حدثت مع الإمام أحمد بن حنبل تذكرنا بقضايا الثبات على الحق لأن هناك كثير من الناس يبدأ بالحق لكن يصعب عليه أن يثبت خاصة عندما يرى قوى الباطل من حوله قد تكاثرت خاصة عندما يرى الظلمات ظلمات الباطل وهى تتراطم ظلمة بعد ظلمة ظلمة فوق ظلمة فيبدأ الإنسان يحدث عنده شيء من الزعزعة يحتاج إلى قوة من الإيمان وقوة من القرآن لكي تثبت به.

                الإمام أحمد يروى عنه بأنه كان يذكر ويترحم شخصاً من الأشخاص أمام ابنه كثيراً يذكر هذا الشخص كثيراً ففي يوم من الايام ساله ابنه يا أبت أراك تذكر فلاناً كثيراً

                فمن هو هذا الشخص؟ أهو أحد العلماء؟ أهو أحد الناس الذين تدين لهم بالفضل؟
                فقال الإمام أحمد بن حنبل: هذا الشخص الذي أذكره كثيراً لص سارق قاطع طريق، فتعجب ابن الإمام أحمد بن حنبل وقال أتذكر سارقاً ولصاً هذا الذكر الذي أرى؟!
                فما قصته؟

                قال يا بني عندما كنت في المحنة “محنة خلق القرآن” التي نعلمها جميعاً في التاريخ والتي كان الإمام أحمد قد تعرض لصنوف العذاب لأجلها وثبت فقال هذا اللص جاء عليّ وأنا أعذّب وأنا أُضرب بالسياط وكان وقع السياط عليه وهو بجسمه وقدرته الجسمية شديد يقول: فجاء اللص وقال لي يا إمام أنا لص وقاطع طريق ولأجل جرائمي والباطل الذي أنا فيه -يعترف بأنه على باطل- أُعذّب وأٌضرب وأٌسجن وأنا على باطل أجد نفسي أثبت على ما أنا فيه لأجل الباطل فأما أنت يا إمام وأنت على الحق إثبت على الضرب وعلى ما أنت فيه.

                فيقول الإمام أحمد:

                تعلمت من هذا اللص.

                وأنا أقول في عالمنا المعاصر

                نرى أهل الباطل ثابتين على ما هم عليه وهم على باطل.

                هذا الثبات على الحق وعلى إرادة الحق الذي يريده الله سبحانه وتعالى الثبات على الطاعة الذي يعتبر من أهم قوانين النصر الذي تقدمه لنا سورة الأنفال تعالجه السورة في عدد من الآيات تقريباً من الآية العشرين إلى الآية الرابعة والعشرين تتحدث عن نتائج الثبات. النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث يقول عرفت فالزم، عرفت الآن أن القضية التي أؤمن بها هي الحق عرفت أن الغاية التي لأجلها خرجت هي الحق إذاً بقي عليّ الثبات والله سبحانه وتعالى هو الذي يتولى بقية النتائج. في الآية يقول الله عز وجل
                (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ)
                خطط الكافرين تدابير الكافرين برتوكولات الكافرين كل ما يدبرونه في الظلام كل ما يقومون به من أعمال لا تلتفت إليها لا من حيث عدم الوقوف عليها أو الأخذ بالأسباب ولكن لا تكون هي مصدر إضعاف بالنسبة لقوتك أنت كبشر. نحن اليوم هذا القانون بحاجة إليه في العالم المعاصر الذي نعيش فيه الدسائس المكائد الخطط الأشياء التي تكاد وتقاد من وراء الظلام ومن وراء الكواليس، هل المؤمن صاحب الحق صاحب العدل صاحب القضية التي يؤمن بها صاحب القضية التي لم يخرجه فيها إلا الله ورسوله وحبه للحق هل يلتفت إلى هذه الدسائس وتكون مصدر إضعاف بالنسبة له أم تكون مصدر قوة؟


                تعليق


                • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                  قانون أزلي خالد، الله لا يتخلى عن عباده المؤمنين


                  سورة الأنفال توجه نظر المؤمنين في كل زمان وفي كل وقت أنه لا تلتفت إليها، إلتفت إلى إحكامك لقضية الثبات للإيمان الذي في صدرك واليقين الذي في صدرك ولذلك ربي قال

                  (ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ)

                  لا عليك من كيدهم لا عليك من دسائسهم لا عليك من عدّتهم لا عليك من كل هذا، عليك فقط إحكام العدة في قلبك ويقينك بالله عز وجل وما أعظم الآية

                  (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ)

                  تهديد
                  (فَهُوخَيْرٌ لَّكُمْ)
                  للكافرين، لم تعد المعركة هي بين مؤمنين وكافرين المعركة كما تأتي عليها سورة الأنفال أصبحت بين الكافرين وبين الله عز وجل وهذه قاعدة من أعظم القواعد التي نحتاج أن نستحضرها اليوم.


                  أنا حين أدافع عن الحق الذي أنزله الله عز وجل فالقضية لم تعد بيني وبين الكافر، القضية أصبحت بين كافر وبين رب المؤمن والكافر.



                  ودعونا نتخيل للحظات كيف سيكون ميدان معركة الذي يقودها شلة من الكافرين أمام من؟ أمام مسبب الأسباب أمام رب الوجود أمام محرك الجيوش أمام من يرمي أمام من يقتل أمام من يعطي أمام من الدنيا والسماوات والأرض بقبضته سبحانه، لا شيء يتحرك في الكون بدون إذنه، هذا الإحساس هذا الشعور يعطي الجيوش التي تخرج إحقاقاً للحق وإيماناً بالحق قوة لا يمكن أن تدانيها قوة على وجه الأرض أبداً ولذا يقول الله عز وجل بكل عزم للمؤمنين

                  (وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَو كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)


                  إنصب ما شئت من الجيوش سيّر ما شئت من القوافل والجيوش وحاملات الطائرات والصواريخ عُدّ العدة كما تشاء

                  (وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَو كَثُرَتْ)

                  ولو سيّرت جيوش الأرض لن تغني عنك أمام قوة من؟

                  ليس قوة الثلاثمائة الذين خرجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام وهم لا عدة لهم ولا قتال لا، القضية لم تعد بينهم وبين المؤمنين المسألة أصبحت بين هؤلاء الجيوش من الكفار وبين رب العباد سبحانه، لماذا؟

                  أنا يكفيني كمؤمن أن أؤمن بالله عز وجل أن أدافع عن الحق الذي أمر به أن أدافع عن الكلمات التي أنزلها أن يخرجني الحق الذي أنزله سبحانه فأصبح جندياً في جيش الذي يقوده ويحركه رب العباد سبحانه وتعالى له المثل الأعلى في كل شيء ولذا قال

                  (وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)

                  الله ليس هو سبحانه مع المؤمنين في غزوة بدر فحسب الله مع كل مؤمن الله مع كل صاحب حق الله مع كل يد حق إرتفعت وأرادت أن تحق الحق وتبطل الباطل هذا الجزء من الآية هذا قانون، قانون أزلي خالد، الله لا يتخلى عن عباده المؤمنين


                  ما الذي حدث في واقعنا المعاش؟

                  ما الذي حدث وجعلنا جعل المؤمنين في كثير من الأحيان يتزعزعون أو يخضعون لضغوط معينة؟ ما الذي فقدوه؟

                  فقدوا هذا الإتصال الرائع العظيم بينهم وبين كتاب الله.



                  حياة القلوب في معرفة علام الغيوب





                  من أهم قواعد التدبر في الآيات وفي القرآن أن أستحضر القرآن في حياتي من جديد أن أستدعيه أجعل القرآن يفعل فعله العظيم في حياتي في قلبي في نفسي يعطيني الإجابة.
                  سماع الآذان هو ما نقوم به اليوم في حياتنا هو الطريقة التي إخترناها لنتعامل بها مع القرآن أسمع الآيات بأذني ولكنها لا تغادر أُذني لا تغادر أذني أبداً لا تصل إلى قلبي وإن وصلت إلى القلب لا تجعل من القلب دافعاً ومحركاً ليقوم بالفعل في الواقع ولذلك عاب عليهم فقال
                  (وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ)
                  لا يسمعون سماع الإجابة، إذا سمعت آيات القرآن عليّ أن أطبق على أن أسمع سماع المستجيبين الذين قال عنهم الله في سورة البقرة


                  (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة)


                  أنا سمعت أين الطاعة؟
                  يقول في الآية التي تليها
                  (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ {22} وَلَوعَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوأَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ {23} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ)
                  خطاب محبب للمؤمنين
                  (اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم (24) الأنفال)
                  دعاكم لأي شيء؟

                  (لِمَا يُحْيِيكُمْ)


                  أيّ حياة يا رب التي تحدثني عنها؟

                  الحياة الحقيقية ليست الحياة الجافة الناشفة التي نعيش، ليست حياة الأبدان التي نعيشها في واقعنا المعاصر حياة حفلت بكل ألوان البهرجة والكماليات والزخرفة والرفاهية ولكنها حياة بلاستيك حياة جافة كأنها حياة لا حياة فيها بالضبط بالضبط كتلك الزهور البلاستيك أو الإصطناعية شكلها جميل منظرها جميل يسر الناظرين ولكنها لا طعم ولا رائحة ولا أثر للحياة فيها. هذه الحياة يريد الله عز وجل أن ينتشل المؤمنين منها يريد لهم حياة حقيقية وهذا النوع من الحياة لا تكون بالحصول على مباهج الدنيا مهما قلّت أوزادت وإنما تكون بالإلتصاق والإقتراب واللجوء والرجوع إلى هذا القرآن العظيم
                  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)

                  ولذا يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك يا مقلب القلوب حول قلبي على طاعتك ثبت قلبي …



                  تعليق


                  • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                    وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً

                    نحن قلنا أن من قوانين النصر في سورة الأنفال الثبات على الإيمان وأي إيمان، إيمان فاعل، إيمان قوي، إيمان محرِّك، الآن يعطيني قانوناً آخر هو من مستلزمات الإيمان ولا معنى للإيمان بدونه ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
                    ما معنى الثبات على الحق وعلى الإيمان وأنا أرى هذا الحق يُنتهك فلا أحرّك ساكناً! ما معنى الثبات على الحق وأنا أرى الحق الذي أُحِبّ يُنتهك ويداس ويغتصب ولا يتحرك قلبي ولا تتحرك مشاعري حزناً وألماً وبغضاً وكراهية للباطل الذي أرى!هذا ليس بإيمان.

                    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هنا كقانون هو ليس قانوناً أن يحمل الإنسان عصاه ويجوب في المجتمع يمنة ويسرة يضرب هذا ويقتل هذا ويصفع هذا ويوجه كلمة لهذا لا، لا، أبداً، هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تحرّكه قلوب صقلها الإيمان وحب الإيمان بالله واليوم الآخر، قلوب أصبحت تحب الحق فحين ترى أيّ إنتهاك لهذا الحق مهما كان بسيطاً في كل ما حولها تتحرك تفزع تغضب، ولذا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يغضب لنفسه قط أبداً لا يغضب إلا حين تنتهك محارم من محارم الله عز وجل، أمر من أوامر الله عز وجل، ما الذي يفزعه؟ما الذي يغضبه؟
                    ما الذي يحرك قلبه الهادئ المطمئن إنتهاك الحق، الحق الذي أحب.

                    هذا هنا معنى العلاج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قوانين النصر الله لا ينزِّل النصر على مجتمع وعلى أفراد يرون الحق ينتهك فلا تتحرك سواكنهم ولا تتحرك سواعدهم لإقامة الحق وإحقاق الحق ولا تنطق ألسنتهم لأجل أن يتغير الخطأ ولا تتحرك أيديهم وأقدامهم وأرجلهم لأجل أن يعيدوا الحق إلى نصابه والمعروف إلى مكانه، هذا النوع من الناس لا ينزِّل الله عز وجل النصر عليهم بل بل يقول لهم
                    (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)25 الانفال
                    إذاً هي الفتنة هي العذاب الذي يعمّ الذي يحذِّر الله عز وجل منه الناس، إذا أنت لم تتحرك عواطفك ولم تتحرك مشاعرك لحق ينتهك أو لمنكر يحدث أمامك فاعلم بأن الفتنة العامة قد جاءت، الفتنة التي لا تفرق بين مؤمن وكافر لأن العذاب يعمّ والرحمة تخصّ ولذا قال
                    (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً).
                    العذاب حين ينزل والعياذ بالله لا ينزل هكذا على أقوام دون أقوام، حين ينزل على مجتمع إنتهكت فيه محارم الله، إنتهك فيه الحق سلب فيه

                    تعليق


                    • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                      أهميه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



                      هل تستطيع السفينة أن تواصل المسير هل تستطيع السفينة أن تسير بأمان؟

                      مستحيل.

                      هذه سفينة المجتمع كل واحد منا خرق فيها خرقاً بأخطائه وعيوبه وسكوته عن الخطأ في نفسه في بيته في المؤسسة التي يعمل فيها في المجتمع الذي يعمل فيه بين أقاربه، كلنا خرق خرقاً، مع هذه الخروق الكثيرة المتعددة هل تقوى سفينة المجتمع فينا على الثبات؟ هل تستطيع سفينة المجتمع هذه أن تبحر بنا في بحر من الأمواج والأهواء والأعاصير والشدائد والمحن التي نواجهها ثم نتساءل بعد ذلك ونقول لماذا لا ينصرنا الله!! كم من خرق في سفينة المجتمع خرقت؟ كم من خرق خرقت؟ كم من خطأ رأيته بأم عيني ولم أصححه كم من خطأ؟ كم من خطأ تغاضيت عنه؟ كم من منكر رأيته فلم أنكره؟ كم من معروف رأيته يداس فلم أنتفض له؟ كم من حق رأيته ينتفض وينتهك فلم أغضب لأجله؟ كم من كلمة حق سمعتها بأذني فلم أنتصر لها؟ كم من مظلوم رأيته أمامي يُظلم فلم أنتصر له؟ لأنه ليس له ظهر قوي يسنده ويعينه؟ كم من مظلوم رأيت؟ كم من ضعيف رأيت فلم أهب لنجدته ومساعدته خوفاً من ظالم أو من قوي أوأو!! كم مرة بررت فيها أخطائي وأخطاء الآخرين؟ كم من مرة تقاعست فيها عن قول الحق وبررت لذلك بعشرات المبررات.

                      من أعظم قوانين النصر أن يعاد لقانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دوره وأهميته في المجتمع. البعض أخطأ في فهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يخرج عن أمر شخص بأداء الصلاة في وقتها أو بارتداء لباس معين للمرأة أو ما شابه وهي أمور عظيمة في الدين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له فقهه له أوامره له قواعده له ضوابطه.

                      الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الضمانة الوحيدة وقارب من قوارب النجاة في العالم الذي نعيش فيه في مواجهة الأعاصير التي نمر بها في مجتمعاتنا في بيوتنا. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يضمن لي حقوقي يضمن لى نصر الله عز وجل. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يعني أن أحمل عصا وأجوب في أروقة المجتمع، أبداً، الأمر بالمعروف

                      (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (125) النحل)
                      الأمر بالمعروف يقتضى أننى حينما أرى الخطأ مهما كان ذلك الخطأ أسهم في تصحيحه أسهم في تصويبه، ما بالنا لو رأينا في مجتمع أو في شارع أو في أحد المساكن أو الأحياء التي نعيش بها نرى حريقاً شبّ في بيت من البيوت والبيت يفصل عن البيت الذي أسكنه بخمسة أو بعشرة بيوت أأسكت؟

                      أأسكت عن النار التي أضرمت في هذا البيت البعيد عني حتى تصل إلى النار؟

                      إن سكت وقلت بأن النار بعيدة ولن تصلني فهذا يعني أنني أعيش حالة من حالات غياب الوعي بل الإغماء لأن النار ستصل ستصل إلي، هذا ما نفعله نحن في مجتمعاتنا حين أرى الخطأ وأرى المنكر ولا أنكره ولا أسهم في تصحيحه كمن ينتظر أن تصل النار إلى بيته ليقوم في محاولة بائسة يائسة لإخمادها وإطفائها.


                      وعندئذٍ قطعاً سيكون الأوان قد فات وستكون الأمور قد تغيرت ولم تعد بالمكان الصح الذي يجب أن تكون فيه. ولكن ثمة سؤال يطرحه القرآن عليّ ، القرآن هكذا يعالج الأزمات التي أعانيها في عصري في زماني


                      تعليق


                      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                        لماذا أصبحنا اليوم نتوقف عن إنكار المنكر؟


                        (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)


                        من أعظم الأسباب التي تجعلني اليوم في حياتي في واقعي المعاصر أعيش حالة السلبية التي تكلمنا عنها والسكوت عن الإنحرافات وعن الخطأ الفردية والجماعية الخوف من الناس، الخوف من الآخرين، أخاف من قريبي وأخاف من أهلي وأخاف من هنا وأخاف من مسؤولين وأخاف من رئيسي في العمل وأخاف وأخاف وأخاف. دعونا ننظر لقول الله عز وجل
                        (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ)
                        كنتم تخافون، من الذي منع الخوف عنكم؟

                        من الذي رفع الخوف والهيبة من نفوسكم وقلوبكم من الناس؟ من الذي أيدكم؟ من الذي رزقكم؟ من الذي أعطاكم يا مهاجرين يا من تركتم المشركين؟ من الذي جعل في قلوبكم هؤلاء المشركين من قريش وصناديد قريش من أمثال أبي جهل وغيره من الذي جعلهم كالأصنام التي من ورق؟ من جعلهم هكذا؟

                        من جعلهم لا يساوون شيئاً في نظركم؟
                        الله عز وجل.
                        إذاً هل بقي مبرر للخوف؟
                        هل بقي أي شيء يبرر خوفي وتقاعسي عن إحقاق الحق
                        عن أمري بالمعروف ونهيي عن المنكر؟

                        ثم تأتى الآية (بأيدينا) هناك عامل آخر الاموال والأولاد، وإلا بالله عليكم ما الذي يجعلني أصمت وأسكت وألوذ بالصمت المرير وأنا أرى الحقوق وهي تغتصب وتنتهك ما الذي يجعلني أسكت؟ خوفي على رزقي؟ خوفي على وظيفتي؟ خوفي على بيتي؟ خوفي على ماذا؟ من الذي أعطاني البيت والمال والأولاد ؟

                        ألم أخرج من الدنيا وأنا طفل ضعيف لا أملك شيئاً من حطامها، من الذي أوكل حتى وأنا جنين في بطن أمي من الذي أوكل إلى أمي تغذيتي؟

                        من الذي أوكل إليها العناية بي؟ من الذي أعطاني، من الذي ألبسني، من الذي سقاني، من الذي أطعمني؟ من الذي فتح عليّ؟ من الذي جعل لي عينين ولساناً وشفتين؟ من الذي جعلني أسير على قدمي؟ أليس هو الله؟ من الذي أعطاني ما أنا فيه؟ أليس هو الله؟ كيف أشكك في قدرته؟! كيف أشكك؟!

                        أنا أدّعي أني مؤمنة إن كنت مؤمنة حقاً على أن أؤمن أن الرزق بيد الله وأن الأولاد بيد الله وأن الأموال بيد الله وأن الوطن بيد الله وأن الأرض بيد الله، عليّ أن أقوم بما أمرني به الله عز وجل في كل هذا في كل ما أمتلك إن كنت أمتلك شيئاً على وجه الحقيقة لكي يحفظها الله عز وجل لي.


                        أما أن لا أراعيه في شيء مما أعطاني وأنتظر منه النصر فهذا محض توهّم وضحك على العقول وعلى الأنفس لا زلنا إلى اليوم نعيش فيه.


                        تعليق


                        • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                          أهم عدّه للجيش



                          (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُوالْفَضْلِ الْعَظِيمِ)

                          إن تحقق كإنسان وكفرد بمعنى التقوى تقوى الله عز وجل في حياتك، إتق الله في نفسك، إتق الله في أولادك، إتق الله فيمن تعول، إتق الله في الوظيفة التي وكلت إليك، إتق الله في الكرسي الذي تجلس عليه، إتق الله في الناس الذين قد توليت الحفاظ على مصالحهم، إتق الله، إن لم يستطع أحد من البشر أن يحاسبك لأنك وزير ولأنك سفير ولأنك أمير ولأنك كائن من تكون فهناك من يحاسبك، هناك رب هو الحسيب عليك في كل شيء.
                          هذا هو الرب الذي عليك أن تتقيه وليس الناس.

                          إن تحققت بهذه التقوى في نفسك فاعلم بأن الله هو الذي سيجعل لك فرقاناً فرقان يفصل بين الحق والباطل، ولذلك يوم بدر سمي يوم الفرقان في نفس السورة سورة الأنفال فرق الله به بين الحق والباطل، بين باطل قد أُعدّت له العدة وسُيِّرت لأجله الجيوش وسار معه صناديد قريش بكل عدّتهم وعتادهم وبين حقٍ من حمله كانوا ضعفاء من حيث القوة المادية ولكن كانت القلوب نقية قوية، قوية بأي شيء؟

                          قوية بالتقوى، لم تكن جيوش المؤمنين التي خرجت في غزوة بدر مسلّحة بأي سلاح أو عتاد سوى سلاح التقوى أو الإيمان وأنا أقولها وأقولها وأنا أتدبر هذه السورة العظيمة التي لم تنزل فقط على أهل بدر وإنما تنزل علينا اليوم ونحن نعيش ما نعيش فيه من أحوال في مجتمعاتنا، من أراد النصر عليه بالتسلح بالتقوى إن أردت تسلحاً حقيقياً لجيوشك وحماية حقيقية لوطنك عليك أولاً أن تعدّ عدّة التقوى وأسلحة التقوى لا تستورد لا من قوة عظمى ولا من دول من اليمين ومن الشمال وإنما ليس لها مصدر إلا هذا الكتاب العظيم.

                          نريد أن نعد جيوشاً عدّتها هي التقوى عدّتها هي الإيمان بالله، هذه الأسلحة لا أستطيع إستيرادها من أي مكان على وجه الأرض أبداً.



                          (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)


                          (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَو يَقْتُلُوكَ أَو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال)

                          أنت معك رب هو الذي يمكر لك معك رب هو الذي يخطط لك، دع عنك صفقات من يمكر يميناً وشمالاً، صحح علاقتك بالله أعد التقوى لقلبك لجيوشك لبلدك لأرضك لكي تُحفظ فيه آياته وهو عظيم لا شك في ذلك ولكني لا أحفظه في تصرفاتي لا أحفظه في سلوكي لا أحفظه في بيوتنا لا أحفظه في مؤسساتنا لا أحفظه في كل ما أقوم به، ما معنى الحفظ؟ وهل هذا القرآن العظيم الذي أقرأه اليوم وأنا أتدبر غزوة بدر وكأنه يتنزل الساعة. ما معنى الحفظ؟ هل هو حفظ الحروف فقط؟ أهو هذا الحفظ الذي أراده وربي عز وجل يؤكد ويبين بأن هذا القرآن أنزلناه مباركاً ليتدبروا آياته، ما معنى هذا؟ هذا كتاب أنزله الله عز وجل فيه كل هذه القوانين، فيه كل هذه الحلول لما أعانيه من أزمة لكي أتدبر فيه وليتذكر أولو الألباب أصحاب العقول أصحاب التفكير

                          الإستراتيجي والتخطيط يتفكروا يا ربي في أي شيء؟

                          في أن يربطوا بين ما يقرأونه والواقع الذي يعيشون فيه، لا تغرنّهم الحياة الدنيا ولا يقولون أن هذه قوة عظمى لا نستطيع الوقوف في وجهها، لا، لو قال المسلمون في غزوة بدر هذه الكلمة وقالوا بأن المشركين لا نستطيع أن نقف في وجوههم فقد خرجوا بعدة وعتاد للنبي صلى الله عليه وسلم ما كان قد قام قائم للإسلام والمسلمين.

                          ما كنا أنا وأنتم اليوم نتحدث باسم هذا الدين أليس كذلك؟

                          لو قال المسلمون غير الكلمة التي قالها إبن المنذر وقالها المقداد وقالها سعد بن معاذ إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ما قامت للإسلام قائمة، فما بالنا اليوم إن لم تقولها وتتفوه بها أفواهنا وألسنتنا، نقولها بقلوبنا، نقول نحن لا نقوى على مواجهة الدول العظمى نعم حقاً لا نقوى إن لم تكن قلوبنا قد ملئت بالتقوى، نحن أضعف من أن نقف في مواجهة أحد من الناس إن كانت قلوبنا لم تملأ بالتقوى لم تزوّد بوقود التقوى والإيمان ومخافة الله عز وجل دون الناس، لم تزود بالإستغفار لم تزود أصبح الإيمان مجرد شكل أصبحت التقوى مجرد إدّعاء، إدعاء لا يثبت أمام ما نراه من أعاصير الباطل والكذب الذي نعيش فيه.

                          (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ (39) الأنفال)
                          لا تقاتل من أجل منصب لا تقاتل لأجل مال لا تقاتل لأجل منفعة مادية لأن هذه قضية خاسرة قضية باطلة قاتل حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.

                          إن كانت القضية التي أخرجتك وأخرجت جيوشك قضية عدل قضية إحقاق حق

                          فَسِرْ على بركة الله



                          تعليق


                          • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                            لن تأخذ معك سوى ايمانك و عملك


                            (فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {39} وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ {40} الأنفال

                            نوقّع على محالفات وتحالفات مع من؟ نوقع مع من؟ متى سنصحوا من هذه الغفلة التي نعيش ونوقع تحالفاً مع الله ورسوله متى؟! متى نوقع معاهدة ولاء لله ولرسوله؟! متى نوقع بأيدينا معاهدة ولاء ووفاء لله ولرسوله حتى يأتينا النصر نعم المولى ونعم النصير؟.

                            بعد أربعين آية من كل هذا الكلام، الآن وبعد أن تكرّست وتعزّزت قوانين النصر في قلوب البدريين وفي قلوب كل المؤمنين في كل زمان ومكان الآن يأتي الحديث عن قسمة الغنائم والدنيا.
                            قسمة متاع الدنيا في آية واحدة فقط
                            (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ)

                            وانظروا معي وتدبروا عظمة القرآن (من شيء) ليس شيء (من شيء) تصغيراً واستخفافاً وإعطاءً لكل ما في الدنيا من حجم حقيقي كل ما يتقاتل عليه الناس اليوم يتصارعون عليه من متاع الدنيا الزائل ولا يساوي حتى شيء (من شيء)، نحن نتصارع ونتنازع على هواء إن كنت أتصارع وأتنازع مع الآخرين لأجل منصب فالمنصب زائل والمتاع زائل والمال زائل والدنيا زائلة ولا تساوى عند الله شيئاً.

                            ما الذي بقي اليوم بعد أن قسمت الغنائم وانتهت غزوة بدر؟ ما الذي بقي؟
                            ما الذي يذكره القرآن؟

                            هذا القرآن الذي بقي، ماذا أخذ البدريون من الغنائم معهم بعد مئات السنين ما الذي أخذوه؟ أخذوا شيئاً؟ بقي منه شيئاً؟ أصحاب الأموال بقيت من أموالهم شيئاً؟ هل بقي من كنوز قارون شيئاً؟ هل بقي من ملك فرعون شيئاً؟ ما بقي شيء، ما الذي بقي؟ إيماني بالله عز وجل فقط، هذه الذي سآخذه معي، أي شيء آخر من متاع الدنيا الذي أنا الآن أنازع لأجله وأخرج إليه فهو باطل وهو زائل ولا قيمة له
                            (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ)

                            بدأ التوزيع وفي نفس الآية بعد ما قسّم الغنائم

                            (إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ)

                            إن كنت آمنت بالله الإيمان الحقيقي إعلم بأن هذه الدنيا لا تساوي شيئاً فلا تغرنك الدنيا وما فيها



                            الأمر بالاجتماع والنهي عن التفرق


                            (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ (46) الأنفال)

                            وهذا دليل على أن الذكر – الركن الأساس في الذكر – طاعة الله عز وجل، أنا أقول أن الله قوي، عليّ أن أثبت في أفعالي بأن الله قوي، أنا أقول بأن الله غني على أن أتصرف في حياتي وفي سلوكي تصرف من يؤمن ويتيقن بأن أسباب الغنى بيد الله وليس بيد البشر

                            (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ (46) الأنفال)

                            عندما تدافع عن قضية دافع وأنت مع الجماعة التي أنت فيها على قلب رجل واحد لم تتشتت به أهواء النفس ولا المصالح الدنيوية ولا أي نوع من أنواع التفرقة ونحن اليوم نحن كمسلمين كم من عوامل التفرقة والنزاع نعيش؟!

                            كم من عوامل التفرقة صنعتها بيدي هاتين؟ كم من أمور أنا أنشأتها وقمت بإنشائها ولا أعلم أنها ستفرق وتشقّ وحدة المسلمين؟! هل أصبحت قلوبنا قلوب واحدة؟ هل أستطيع أن أجمع القلوب من جديد على قلب رجل واحد؟ على أي شيء؟ لأي شيء؟

                            أنا أؤمن بقضية لا ينبغي أن تشتتني أبداً أهواء الدنيا لا الخوف على الكراسي ولا طلب المناصب ولا ولا ولا خلاص الحق أغلب، هذا ما نحتاج إليه اليوم

                            ولذلك ربي عز وجل قال
                            (وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) الأنفال)
                            الأمر يحتاج إلى صبر أن أنزع وأنتزع من نفسي حب الدنيا والمطامع والمناصب والجاه والذكر الحسن أمر يحتاج لصبر لمصابرة لمكابدة جهاد نفس جهاد حقيقي. ولذلك معركة بدر الحقيقية كانت في النفوس ليس في ميدان المعركة فقط، ميدان المعركة كان تحصيل حاصل، وأي معركة اليوم تدار في عالمنا المعاصر مهما اختلفت السيناريوهات لا تدار في ميادين المعارك الإدارة الحقيقية في النفوس في القلوب، إذا نجحت حقاً وصدقاً في إصلاح النفوس والفوز بالقلوب فقضية النجاح في ميادين المعارك تحصيل حاصل مهما بلغ العدو الذي أواجهه من القوة المادية. لا ترهبني القوة المادية الشيء الذي أخاف منه فقط هو نفسي التي بين جنبي إذا نجحت فيها فعلاً أكون نجحت لهذه المعركة وفي هذه المعركة.



                            تعليق


                            • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                              قاعدة من قواعد الهزيمة

                              (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ (47) الأنفال)

                              ما الذي يخرجني؟ ما الذي يدفع بي؟ ما الذي يقودني إلى ما أنا فيه؟ ما الذي يقودني؟ أهو الدنيا أم الآخرة ؟ أهو الباطل أم الحق؟
                              الله عز وجل في الآية التي تليها الآية الثامنة والأربعين يعطي نتيجة من النتائج فيقول (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ (48))
                              هذه قاعدة من القواعد قواعد الهزيمة في الطرف الآخر.
                              الطرف الآخر يزين له الشيطان يحسن له الخروج يحسِّن له القضية التي فيها فيقول لهم لا غالب لكم اليوم وهكذا فعل الشيطان مع أبي جهل ومع المشركين قال لهم لا أحد يستطيع اليوم أن يغلبكم وبالفعل قوة مادية عظيمة أمام قوة ضعيفة ثلة من المستضعفين لا عتاد لا أموال لا قتال ولا أي شيء من الذي سيغلب؟

                              الشيطان أقنع المشركين بأنهم هم الغلبون قال لا غالب لكم اليوم، الشيطان شياطين الجن وشياطين الإنس، من الذي يستطيع أن يغلب قوة عظمى كقوة قريش؟

                              لم يتخيل ولم يدر بخلد المشركين أن من سينتصر هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المستضعفون هؤلاء بإيمانهم بيقينهم بتقواهم وأن من سينتصر في كل معركة حتى قيام الساعة القوة التي تؤمن بأن الله حق، القوة التي يخرجها الحق، القوة التي تواجه الباطل ليس لأجل الدنيا ولا لمتاعها ولا لغنائم ولا لأنفال وإنما لأجل الله ولرسوله

                              ولذا يقول الله عز وجل في تتمة الآية
                              (فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) الأنفال)

                              تغيّرت المواقف، والموقف الذي وقفه الشيطان مع المشركين في غزوة بدر يقفه كل شياطين الإنس والجن في كل آن وزمان عندما تبدأ المعركة تدور على الآخرين على حلفائهم أول كلمة يقول إني بريء منكم. أين قوة فرعون حين كفر بآيات الله؟
                              فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب.

                              أما آن للمؤمنين أن يدركوا أن القوة الحقيقية هي قوة الله؟
                              أما آن لهم أن يجروا مقارنة وإن كانت مقارنة مجحفة بين هذه القوة العظيمة وبين ما يطلق عليه ويسمى قوى عظمى ولله المثل الأعلى؟!



                              اهميه الإعداد الروحي


                              (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) الأنفال)
                              هذه هي القضية الحقيقية وليست ما يهيأ لنا اليوم،
                              يعني أنا أريد هنا أن أتساءل مرة أخرى تعود الآية الرابعة والخمسون
                              (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ (54) الأنفال)

                              الهزيمة محتومة على كل ظالم، القضية منتهية، كل ظالم مهما طالت سلامته ومهما بلغت قوته سيهزم سيهزم، وكل صاحب حق وإن لم تظهر نتيجة الحق في الدنيا سينتصر سينتصر. متى سندرك نحن المؤمنين؟ متى سندرك نحن من نؤمن بهذا الكتاب العظيم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم؟ متى سندرك أن التغيير الحقيقي مناط بالعودة الصادقة إلى كتاب الله؟

                              وأنا أهيب بكل قائد معركة وبكل مسؤول وبكل قائد في قلبه ذرة من إيمان بالله ورسوله أن يعلِّم أتباعه وأن يعلِّم نفسه أولاً هذه السورة، أن يقرأ هذه السورة العظيمة ويتدبر فيها ويعيها ويطبقها في حياته قبل أن يمسك بيديه ولا حتى قلماً ولا حتى سيفاً ولا حتى آلة من الآت القتال متى؟ متى يعي المسلمون هذه الحقيقة؟!
                              الله سبحانه وتعالى في الآيات التي تليها

                              (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ {58} وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ {59} وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ {60} الأنفال)

                              بعد ستين آية بالضبط بعد ستين آية من أصل خمسة وسبعين آية في سورة الأنفال ربي عز وجل يأتي لأول مرة على ذكر القوة المادية!

                              وأنا اقول كم أنفقت شعوب العالم اليوم المسلمة غير المسلمة لا علينا منها، المسلمة كم تنفق من ميزانيات الدول على إعداد القوة المادية شيء جيد ممتاز ولكنى أتساءل كم تنفق هذه الدول على إعداد الجيوش إعداداً روحانياً إيمانياً، كم؟

                              كم تؤهل جيوشها للإيمان بحق يدافعون عنه، كم؟
                              آيات القرآن ليست لأجل أن تحفظ وتذكر في البيوت وفي المساجد وفي دور تحفيظ القرآن فحسب وإن كانت مهمة. هذه السورة العظيمة ينبغي أن تتلى وتقرأ وتدرس ويتدبر فيها أصحابها في الكليات العسكرية في المعاهد العسكرية ينبغي أن تقرأ لا على اهميهالكليات التي تعد الجيوش.
                              نحن عندنا سلاح لم نحسن التعامل معه إلى اليوم، نحن عندنا قوة، قوة حقيقية للأسف وبكل مرارة لم نستطع أن نتعلم منها ولم نستطع أن ننهل من معينها. إن جنحوا يا محمد للسلم فهو سلم الأقوياء وليس سلم الضعفاء

                              (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُو السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) الأنفال)

                              لا تخشى من مكر ولا تخشى من صفقات غائبة عنك

                              ولا تخشى من أي شيء يُكاد لك لماذا؟

                              لأنك آمنت بالسميع العليم يسمع الدسائس ويسمع المؤامرات ويعلم بها ويدافع عنك.



                              أواخر سورة الأنفال
                              (وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُو الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) الأنفال)

                              يريدون خداع الشعوب في كل زمان هذه حقيقة واقعة، يريدون الظلم، يحيكون الدسائس والمؤامرات، فليفعلوا ما يشاءون، أنت يا محمد ويا من يتبعك ويسير على نهجك في كل زمن وفي كل وقت حسبك الله، فإن حسبك الله. ألا أكتفي بالله ï»؟حسيباً؟

                              ألا أكتفي بالله وكيلاً؟ متى سأعي هذه الحقيقة؟ متى سأتعلم كيف أقرأ القرآن قراءة حقيقية قراءة تنقذني وتنقذ مُلكي وتنقذ شعوبي وتنقذ من أعيش معهم ووسطهم؟ متى أقرأ القرآن هذه القراءة؟ متى أعيه؟ متى أسمع السماع الحقيقي سماع الإجابة؟ متى أقرأ القرآن لأصلح به ذاتي نفسي بيتي أبنائي أسرتي حياتي شعبي، متى؟ متى أنتظر أن يغير الله هذا الضعف بقوة وهذه الهزيمة والنكبات بنصر وأنا لا أغير ما بنفسي؟ وربي عز وجل قبل صفحة واحدة

                              (فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) الأنفال)
                              الله مع الصابرين، إصبر وأبشِر النبي عليه الصلاة والسلام بشّر أصحابه قبل أن تبدأ المعركة أي نصر؟

                              نصر على قوة المشركين العظمى إنتصارهم بالحق إنتصارهم بالإيمان إنتصارهم بالثبات.
                              (وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ (71) الأنفال)

                              واحدة من قواعد هزيمة الأعداء أن يخونوا الله ورسوله كلما إزددنا نحن كمؤمنين حفاظاً على الأمانة بيننا وبين الله عز وجل كلما حفظني الله عز وجل من خيانة الخائنين، الخيانة من الخائنين لا أستطيع تجاوزها بكل الوسائل المادية التي يمكن أن تُمكّن لي إكتشاف المؤامرات والخيانات وإن كان هذا لا يعني إغفال هذه القضايا أو الأسباب المادية ولكن الضمان الحقيقي للتخلص من كل هذا أن أكون وأن أزداد أمانة وإيماناً وشموخاً وثباتاً على الحق الذي بين يديّ.

                              ثم الآيات إلى الأخير

                              (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ (72) )

                              ونضع مائة خط تحت في سبيل الله، ما الذي أخرج المؤمنين من مكة؟

                              سبيل الله.
                              ما الذي جعلهم يجاهدون بأموالهم وأنفسهم؟

                              سبيل الله.

                              لم يخرج لأجل مال، لم يخرج لأجل مُلْك، لم يخرج لأجل منصب، لم يخرج لأي شيء من متاع الدنيا لم يخرج إلا في سبيل الله، الإيمان غالي والوطن غالي والأرض غالية والمناصب غالية والجاه غالي والملك غالي وكل ذلك إذا كان في سبيل الله ففي سبيل الله والحق أغلى هذا هو الذي ينبغي أن يحركني.
                              (وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ (72) الأنفال)

                              ما الذي يريده الله عز وجل مني في هذه الآيات؟

                              (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُو الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) فاطر)

                              ماذا يريد مني؟

                              يريد مني إيماناً حقيقياً، يريد أن يكون خروجي به وله، يريد أن أبذل وأضحي الغالي والنفيس في سبيل الحق الذي آمنت به هذا هو الحق هذا هو الصح هذا هو الثبات الذي تقدمه لي سورة الأنفال.
                              ولذلك آخر الآيات يختم بها الله عز وجل سورة الأنفال

                              (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) الأنفال)

                              طيب والغنائم؟

                              لم يذكر الله عز وجل في هذه الآية الغنائم ولا الأنفال لماذا؟


                              المكسب الحقيقي المغفرة والرزق الكريم من عند رب العالمين

                              (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (74) الأنفال)

                              الإيمان، الإيمان ليس ادّعاء، الإيمان ليس كلمة تنطق باللسان، الإيمان ليس أن أعيش في صلاتي عيشة معينة وفي واقعي ومؤسساتي عيشة أخرى لا تمت إلى هذا الإيمان بصلة، الإيمان الحق أفعال سلوك تصرفات قوة، إذا وصلت إلى هذا الإيمان الحقيقي

                              (لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) الأنفال)


                              وهذا هو الفوز




                              تعليق


                              • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                سورة الإسراء

                                مقدمه


                                بين أيدينا اليوم سورة الإسراء تلك السورة التي نزلت على النبي صلّ الله عليه وسلم في مكة قبيل هجرته إلى المدينة بعام وبضعة أشهر. نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام بعد وقوع معجزة الإسراء تلك المعجزة التي حدثت له وهو يمر بظروف عصيبة. فبعد سنوات من الدعوة المتواصلة لقومه وعشيرته لم يلقَ فيها سوى صنوف من العذاب والتنكيل والسخرية والإستهزاء والتكذيب من قبل قومه وعشيرته وما آمن معه سوى فئة قليلة كان الغالب عليها من المستضعفين والعبيد.

                                تلك الظروف التي مرت به عليه الصلاة والسلام إضافة إلى ما وقع إليه من قضية فقدانه لزوجته تلك السند والمعين له في دعوته السيدة خديجة رضي الله عنها إضافة إلى فقده لعمه أبي طالب الذي كان يدافع عنه أمام عدوان قريش وصدّهم وتكذيبهم، فقد كل هؤلاء واستمر في دعوته عليه الصلاة والسلام، ولكن في تلك الأثناء شعر بأن الأبواب قد غلِّقت أمامه وأن أهل الأرض قد ضاقوا عليه وضيقوا الخناق عليه فإذا بمعجزة الإسراء تحدث تسلية له عليه الصلاة والسلام تؤكد وتبين له أن يا محمد إن كانت أبواب الأرض قد غلِّقت دونك فإن أبواب السماء مفتوحة مشرعة أمامك وإن كان أهل الأرض قد صدّوا وكذّبوا وعنّفوا فإن أهل السماء يعرفون قدرك ولذا هم يحتفون بك أشدّ الحفاوة وأشدّ التكريم.

                                وهنا تأتي معجزة الإسراء التي جاءت في هذه السورة في آية واحدة فقط بقوله سبحانه مفتتحاً السورة بأسرها بالتسبيح والتمجيد والتقديس لمن قام بهذا الحدث العظيم، لمن أدّى هذه المعجزة سبحانه وتعالى حيث يقول

                                (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوالسَّمِيعُ البَصِيرُ (1) الإسراء).


                                الغاية من الإسراء والمعراج



                                كانت قريش تدرك وتعرف المسافة الواقعة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، كانت قوافلهم تمر بذلك الطريق ولكن هذه المرة روى لهم وحدثهم النبي صلّ الله عليه وسلم حتى بما كانت تمر به القافلة التي كانت قد أرسلوها في تلك الأثناء، حدثهم عن طريق واصفاً إياه بكل ذرّة فيه وبكل نقطة بل واصفاً كذلك المسجد الأقصى الذي لم يكن قد رأه النبي عليه الصلاة والسلام واصفاً إياه وكأنه ينظر إليه عياناً، وتلك كانت فعلاً معجزة ولا تزال هذه المعجزة، وجاءت المعجزة وحدثت في الليل لكي يؤمن بها من كان في قلبه ذرة من يقين وإيمان بالغيب ويبتعد عنها ويكذب بها من كان يحتاج أن يرى تلك المعجزة حسياً وعياناً ولذا إرتد الكثير من الناس بعد معجزة الإسراء ولكن في ذات الوقت ثبت في تلك المعجزة كأبي بكر الصديق من ثبت الذي قال قولته المشهورة حين جاءته قريش تقول له (أما سمعت بصاحبك ماذا يقول ويحدث الناس اليوم؟ قال وماذا يقول؟ قالوا: يقول أنه قد أُسريََ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليلاً، فإذا بالصديق يقول إن كان قال فقد صدق لقد صدقته في خبره عن السماء فكيف لا أصدقه في هذا؟!)

                                وسمّي من ذلك الوقت بالصديق.

                                معجزة الإسراء كان الغرض الأساسى منها تسلية قلب النبي صلّ الله عليه وسلم صاحب الرسالة، صاحب الهمّ العظيم على دعوته ورسالته، أثّر في نفسه عليه الصلاة والسلام كثيراً وآلمه ألماً شديداً أن لا يؤمن به من قومه إلا القليل بعد سنوات من دعوة متواصلة، دعوة تحمل تلك الرسالة العظيمة بكل ما فيها من قيم.

                                ولم تكن تلك فقط الهدف الذي يأتي في قضية الأسراء وفي معجزة الإسراء، كانت من ورائه مقاصد. واحدة من أهم تلك المقاصد أن الإمامة قد إنتقلت من الأنبياء إلى النبي عليه الصلاة والسلام متمثلة في إمامته بالأنبياء بالمسجد الأقصى فقد صلّى بهم إماماً، صلّى بإبراهيم عليه السلام صلّى بموسى وعيسى وأخبر ذلك عن ما حدث ليبين لأمته من بعده أن الإمامة قد إنتقلت من كل أولئك الأنبياء لتكمل الرسالة مع هذه الأمة، أمة النبي صلى الله عليه وسلم. وكلنا يعلم أن الإمامة قد أوكلت في فترات من الزمن وعلى مدى أعوام وقرون طويلة لبني إسرائيل ولذا جاءت الآية التي تليها

                                (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (2) الإسراء)
                                كانت الإمامة والإصطفاء والإختيار في بني إسرائيل الذين آمنوا بموسى عليه السلام وآمنوا بكتابه الذي أُنزل عليه التوراة وآمنوا بما فيه من تعاليم وكان بنو إسرائيل هم الأمة الوحيدة الموحِّدة في العالم بأسره آنذاك. إختارهم الله عز وجل واصطفاهم على العالمين إختارهم تكليفاً وتشريفاً ولكن أمة بني إسرائيل لم تحمل تلك الأمانة كما كان ينبغي لها أن تحمل، لم تقف من تلك التعاليم الواردة في التوراة والتي أوضحتها سورة الإسراء “هدى ونور وبيان” لم تقف منها ذلك الموقف الصلب القوي الثابت وإنما وقفت مواقف متباينة فتارة تحرّف الكلم عن مواضعه وتارة تشترى بآيات الله ثمناً قليلاً وأخرى تبيع كلمات هذا الكتاب ولا تقف عنده سلوكاً ولا تطبيقاً في واقع حياتها وقد حكى القرآن في سور كثيرة العديد من تلك المواقف المتباينة لبني إسرائيل مع هذا الكتاب العظيم التوراة، وحكى عنهم كذلك المواقف التي كانوا يقفونها من أنبيائهم قتلاً وتكذيباً وتزويراً وتحريفاً.



                                تعليق


                                • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                  التحذير من الفساد والمفسدين


                                  تأتي الآيات وخاصة في مقدمة سورة الإسراء بقول الله عز وجل

                                  (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) الإسراء)
                                  إذاً هو الإفساد الإفساد المادي والمعنوي الذي تتحدث عنه الآيات في سورة الإسراء. الإفساد والعلو والإستكبار الذي وقع في بني إسرائيل حين أعرضت وصدّت عن كتابها وعن تعاليم موسى عليه السلام التي أنزلت في التوراة.

                                  هذا التحذير الشديد وهذا التأكيد في أكثر من موضع على الإفساد المادي والمعنوي وعلى العلو والإستكبار الأمراض القاضية الأمراض المستعصية التي حدثت في بني إسرائيل جاءت في سياق التحذير لهذه الأمة الأمة الجديدة من أن تقع في نفس الأمراض التي وقعت وانتشرت في بني إسرائيل.

                                  إهتم كثير من المفسرين في القديم والحديث وخاصة في الحديث بالآيات التي تلي هذه الآية وهي

                                  (فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) الإسراء)

                                  إهتم المفسرون بهؤلاء العباد من هم؟ ما هى مواصفاتهم؟ هل هذا الرد والصد والهزيمة لبني إسرائيل أمر قد وقع في الماضى قبل البعثة أم بعد البعثة؟ وما هو الصد الأول؟ وما هو الصد الثاني؟ ولكن في واقع الأمر عندما نقف عند الآيات ونتدبر سورة الإسراء بكل آياتها التي تزيد على المائة آية نجد أن القرآن لم يحفل كثيراً بتحديد هذه المسائل وهذه الجزئيات إنما الإهتمام الأكبر كان ينصرف إلى تحديد أهمية موقف الأمة الإسلامية من كتابها. إلى تحديد المواصفات التي جاءت ووردت في كتابها العظيم القرآن.

                                  ففي سورة الإسراء تحديداً وردت صفات وخصائص للقرآن لم ترد في أي سورة أخرى سوى الإسراء. وردت لفظة القرآن أكثر من مرة في أكثر من سور القرآن بمعنى أنه إذا قمنا بجمع سور القرآن كافة لوجدنا أن لفظة القرآن لم ترد بنفس التكرار الذي وردت فيه في سورة الإسراء وفي هذا دلالة واضحة على أن العناية الكبرى ينبغي أن تنصرف لمقصد الإهتمام بالقرآن، خصائص القرآن، الموقف الذي ينبغي أن يكون عليه المسلمون اليوم وكل يوم اتجاه هذا الكتاب العظيم.

                                  فبقدر ما تقترب الأمة الإسلامية من القرآن تطبيقاً وإيماناً وفهماً وتدبراً وتنفيذاً في واقعها بقدر ما تكون قد تحققت بالشهادة على الأمم، وبقدر ما تكون قد ابتعدت عن الإفساد المعنوي والمادي والعلو والإستكبار الذي وقع في بني إسرائيل. وبقد ما تبتعد الأمة عن كتابها وبقدر ما تبتعد وتُعرِض عن فهمه وتدبره وتركيز وتطبيق معانيه في واقعها كأفراد وكمجتمعات بقدر ما تكون قد بدأت بالفعل تُعرِض وتدخل في مرحلة الإفساد المعنوي والمادي وبقدر ما تبدأ في الدخول في رحلة الإفساد بشقيه الإفساد المعنوي والمادي بقدر ما تكون قد حقت عليها القوانين التي وقعت وطبقت في بني إسرائيل قوانين الهزيمة قوانين الإبعاد عن الريادة والشهادة على الأمة قوانين الهبوط والإنحدار والتردي والتدهور.

                                  هذه هي أهم مقاصد سورة الإسراء

                                  ولذا قام القانون الأول مؤكداً في بني إسرائيل وغير بني إسرائيل

                                  (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا (7) الإسراء)

                                  إذاً هو الإحسان أوالإساءة هو العمل الحقيقي والتطبيق في واقع الحياة.

                                  الأمة التي تتخذ الإحسان لها نهجاً وسلوكاً وتطبيقاً في حياتها هي الأمة الكفيلة بأن تشهد على الأمم. والأمة التي تتخذ من الإساءة بكل أنواعها إساءة مادية إساءة معنوية إساءة في الأخلاق إساءة في العمل إساءة في الكسب إساءة في عالم المادة، بقدر ما تسير على الإساءة في حياتها لن تلقى سوى عوامل الهزيمة والإنحدار كما وقع وحدث في بني إسرائيل.


                                  تعليق


                                  • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                    القرآن هو النور الهادي




                                    (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) الإسراء)

                                    يهدي للتي هي أقوم، يهدي للتي هي أكمل يهدي للتي هي أقرب للصواب أقرب إلى الإحسان أقرب إلى الكمال وجاءت أقوم مطلقة لم تأتي أقوم في أي مجال لم يقل الله عز وجل أقوم في الإقتصاد أو أقوم في السياسة أو أقوم في الاخرة أو أقوم في الحياة الدنيا أو أقوم في أي شيء أقوم هكذا مطلقة أقوم بكل إطلاقياتها أقوم في كل ميادين الحياة، ويبشر المؤمنين

                                    وتأملوا معي أيها الإخوة والأخوات

                                    (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) الإسراء)

                                    يؤكد القرآن في كل مواضعه أن الأيمان ليس مجرد إدعاء ليس مجرد قول باللسان ليس مجرد إعتقاد بالقلب لا، لا بد أن يصاحبه عمل للصالحات لا بد أن يصاحب هذا الإيمان إصلاح مناقضاً للإفساد لا بد أن يصاحب هذا الإيمان عمل صالح متواصل تنعكس فيه معاني الإيمان ومعاني التوحيد بكل ما تأتي به من ثمار عظيمة .

                                    إذاً هو القرآن في أول خصائصه تقدمه لنا سورة الإسراء مؤكدة أنه هو الهادي للتي هى أقوم هو الذي يدل على الطريق هو الذي يبين للأمم وللمجتمعات وللأفراد يبين لهم الطريق الأقوم الطريق الأحسن الطريق الأفضل حين تختلط الرؤى والمفاهيم حين تختلط الأسئلة والأجوبة حين تختلط الإشكاليات في قلب الفرد الإنسان وفي قلب المجتمع والعالم والأمة. من الذي يفصل في تلك الأثناء؟
                                    القرآن هو الهادي هو القويم هو المبين هو المرشد هو الدال على الصواب.



                                    وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى


                                    تنتقل الأيات آية بعد آية تبين طبيعة الإنسان تعالج خصائص الإنسان.
                                    فواحدة على سبيل المثال من تلك القضايا التي تعالجها سورة الإسراء هى قضية المسؤولية الفردية مسؤولية الإنسان عن سلوكه وتصرفاته بقول الله عز وجل
                                    (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) الإسراء)
                                    مسؤولية الواحد منا عن أعماله عن أقواله عن خواطره عن تصرفاته. هذه الحياة هي محك هي إختبار هي دار عمل وليست بدار جزاء ولكنها أعمال أحصاها الله علينا وكتبها ووضعها في كتاب سيلقاه وينظر إليه ويقرأه الإنسان حين يلقى الجزاء في الآخرة. ثم تقرر من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه، قضية الهداية والضلال سواء كانت في الفرد أو المجتمع الفرد منا حين يبتغي ويقرر أن يسلك طريق الهداية هو لا يسلكه لأجل أحد هو لا يسلكه لأجل زيادة العدد في أمة الإسلام أو في تعداد المسلمين الذين اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم كما حدث مع قريش أو في المدينة،لا، هذا محض إختيار يختاره الإنسان وهو مسؤول عن ذلك الإختيار، يختار الهداية طريقاً له فهي الهداية الحقيقية التي ستأتي ثمار هذه الهداية في حياته هو وفي آخرته.

                                    وكذا الأمر إذا إختار الضلال فهو مسؤول عن هذا الإختيار مسؤول مسؤولية لا يمكن أن تقع إلا على نفسه ولذا جاءت في الآية

                                    (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (15) الإسراء)


                                    لا أحد يتحمل عنك كما كان يظن قريش ويستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم بقولهم أنهم سيحملون أوزارهم وأوزاراً مع أوزارهم سيتعاونون على حمل الأوزار والذنوب يوم القيامة!


                                    تقرر الآيات ألا تزر وازرة وزر أخرى، أنت يا إنسان مسؤول عن القرار الذي ستتخذه في حياتك إن اتخذت الهداية أو إن اتخذت الضلالة



                                    تعليق


                                    • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                      مسؤولية الفرد تجاه مجتمعه




                                      تنتقل الآيات في سورة الإسراء من قضية المسؤولية الفردية إلى قضية أخرى وهي مسؤولية الفرد تجاه مجتمعه، صحيح أنه لا تزر وازرة وزر أخرى صحيح أن الإنسان مساءل عن أعماله هو عن تصرفاته عن إختياره هو ولكن في ذات الوقت ثمة مسؤولية تقع على عاتقه وهي ضمن مسؤوليته الفردية اتجاه المجتمع الذي يعيش فيه.

                                      هو لا يعيش في سفينة المجتمع ويبحر فيها فرداً لا يشعر بما يشعر به الآخرون ولا يهمه ما يراه أمامه في واقع الحياة من إنحرافات أو من أخطاء أو من أشياء ينبغى أن تصحح، أبداً، الفرد المسلم الذي اختار القرآن واختار الإسلام طريقاً ونهجاً لحياته لا بد أن يشعر بمسؤوليته إتجاه مجتمعه إتجاه من حوله فيقوم تصحيحاً وتعزيزاً وتغييراً وتبديلاً لكل ما حوله من أخطاء لكل ما يراه من حوله من إنحرافات أو سلوكيات، وفي هذا الموقف الذي تقرره سورة الإسراء بقول الله عز وجل

                                      (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) الإسراء)

                                      في كل تلك الأثناء في سورة الإسراء تربط الآيات بالأحداث والأخطاء التي وقعت في بني إسرائيل، أمة بني إسرائيل. فقد جاء في سور أخرى قول الله عز وجل

                                      (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79) المائدة)

                                      كانت أمة بني إسرائيل أمة لا تستشعر المسؤولية الجماعية لا تستشعر مسؤولية الفرد إتجاه المجتمع الفرد يعيش في واد والمجتمع يعيش في وادٍ آخر، قد يكون الفرد صالحاً في نفسه أو ذاته ولكنه لا يحقق توجهات المسؤولية الإجتماعية في المجتمع الذي يحيا فيه، لا يشعر بأن لديه مسؤولية إتجاه هذا المجتمع لا يشعر بأنه ينبغي أن يتحرك ليغير منكراً يراه أمام عينيه يعرف المعروف وينكر المنكر. يعزز الصواب والحق وفي نفس الوقت لا يناصر باطلاً ولا إنحرافاً بل على العكس يحاول التصحيح يحاول التغيير يحاول التبديل. وفي ذلك كما لا يخفى علينا جميعاً تحذير لأمة الإسلام تحذير لهذه الأمة التي إنتقلت إليها الزعامة والريادة والشهادة على الأمم أن يا مسلمين عندما ترون أمام أعينكم منكراً أخطاء إنحرافات لا ينبغي أن تقفوا أمامها مكتوفي الأيدي، لا، فالقرآن الذي ارتضيتموه منهجاً لحياتكم يأمركم أن تأمروا بالمعروف وأن تنهوا عن المنكر سالكين أعظم الوسائل وأحسن الوسائل والطرق بالحكمة والموعظة الحسنة ولكن لا بد أن تقع على عاتقنا مسؤولية التغيير والتصحيح والتبديل، لا بد أن تكون لك يد في المجتمع الذي تعيش فيه تصحيحاً لقول أو فعل أوعمل تقوم به ولكن لا تقف أبداً مكتوف الأيدي وأنت ترى سفينة المجتمع وهي تشق طريقها نحو التردي والغرق والإنحراف والتدهور.

                                      عليك السعي وليس عليك النتيجه

                                      لا بد أن تفعل شيئاً لا بد أن تصحح لا بد أن تقوم بعمل حتى ولو كان كل من حولك لا يشعرون بقيمة هذا العمل الذي تقوم به فالعمل كما جاء في الآيات الأولى ستجازى عليه وسعيك مشكور حتى وإن لم يأتي بثمار ولا بننتائج مرجوة أو معنية.

                                      ولذا ما أعظم الإنتقال والإعجاز السلس الذي تسير بنا فيه سورة الإسراء حين تأتى الآية فتقول
                                      (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُومُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19) الإسراء)
                                      سعيك مشكور حتى وإن لم تأتي الثمار ولا النتائج، أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر إلتزامك ومدافعتك عن الحق مشكور ومحفوظ عند الله عز وجل وستلقاها غداً في كتابك منشوراً حتى ولو لم تأتي بنتائج مرجوة ولا بثمار إيجابية. وفي هذا قد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في مكة على وجه التحديد أروع الأمثلة قدوة لنا أسوة لنا في كل شيء إستمر في دعوته ما يزيد عن العشر سنوات دعوة متواصلة أين النتائج؟ أين نتائج النجاح التي حققها؟ لم تكن تلك النتائج التي لم تحقق بشكل كما كان ينبغي أن تحقق لم تكن مانعاً ولا حاجزاً للنبي عليه الصلاة والسلام عن مواصلة دعوته عن تقديم رسالته، وهكذا ينبغي أن يكون الواحد منا. أنت تعيش في مجتمع سعيك مشكور تصحيحك للخطأ وإنكارك للمنكر مشكور ومحفوظ لا تخشى شيئاً لا تقل لا قيمة له لا تقل أن ما تقوم به سيذهب هباءاً منثوراً، أبداً، عليك أن تقوم به والجزاء على السعي والعمل ليس على النتيجة أبداً. صحيح ينبغي أن نتطلع إلى النتائج وأن نراجع أنفسنا وأن نأخذ بالأسباب ولكن في ذات الوقت لا ينبغي أن تكون النتائج إن لم تأتي مانعاً لنا عن مواصلة السعي مانعاً لنا وحاجزاً عن مواصلة الدعوة عن حمل الرسالة حمل الأمانة فلا تقاعص في هذا الدين ولا تكاسل ولا إحباط ولا يأس طالما أن هذا الإنسان يسير في طريقه في الحياة .


                                      المعنى الحقيقي للتوحيد

                                      تأتي الآن في سورة الإسراء لتقدم نماذج للتي هي أقوم كيف أصبح وكيف أسير وكيف أحقق التي هي أقوم في حياتي؟
                                      بدأت أول ما بدأت بالعنصر الأساسى الحقيقي الذي تدور عليه كل الأعمال الصالحة عنصر التوحيد بقول الله عز وجل(لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ (22) الإسراء)التي هي أقوم وأكمل حين تحققها في شعورك في حياتك في داخلك في قلبك أن تنفض عنك كل الأنداد أن تنفض عنك كل الأرباب أن تكفر بكل الأصنام ليس هناك من قوة حقيقية تفعل وتتصرف في هذا العالم سوى قوة الله عز وجل.التوحيد ليس بالمعنى الذي فقط يتحول إلى كلمة أو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإن كان هذا جزءاً رئيسياً من كلمة التوحيد، ولكن التوحيد الفعال التوحيد الذي يبدأ يدخل مع الإنسان في حتى خواطره في المشاعر التي تدور في نفسه وعقله وقلبه يحرر الإنسان من العبودية لأي صنم إلا العبودية لله الواحد الأحد يحرر الإنسان فيجعل منه عبداً حقيقياًوتدبروا معى كيف وردت كلمة عبد في الآية الأولى حين قال الله عز وجل(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً(1)الإسراء)العبد هنا ليس العبد فقط بمعنى العبيد فكلنا عبيد لله عز وجل المؤمن والكافر شاء أم أبى هم عبيد لله الواحد الأحد للملك نحن عبيدفي مملكة الله عز وجل في ملكوته لا نملك لأمر أنفسنا لا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراًأعتى العتاة أعتى الفراعنة فرعون لم يكن يملك لنفسه موتاً ولا حياةً ولا نشوراً لم يكن يدرك إعتقد في لحظات القوة والمنعة والسيطرة أنه يملك بالفعل أن يمتد به العمر وأن تمتد به الحياة ولكنه أدرك بعد فوات الأوان أن لا ملك على وجه الحقيقة سوى الله عز وجل.
                                      هذا الطاغية الذي وصلت به الحالة من الشعور بالعلو والإستكبار والإفساد أن يقول أنا ربكم الأعلى أدرك حقيقة التوحيد حين واجهه الموت.

                                      تعليق


                                      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                        الفرق بين العباد والعبيد


                                        الكل عبيد لله عز وجل

                                        ولكن سورة الإسراء تريد أن تصنع منا جميعاً عباداً أولي بأس شديد، أيّ عباد؟

                                        عباد من درجة خاصة عبودية إختيارية هنا كعبودية إجبارية وهي التي نشترك فيها جميعاً المؤمن والكافر لا نستطيع أنن خرج عن هذه العبودية كلنا عبيد لله يتصرف فينا كيف ما يشاء موتاً وحياةًونشوراً، صحةً ومرضاً وإعطاءً ومنعاً هذه عبودية إجبارية وليست عبوديةإختيارية.

                                        أما العبودية الإختيارية فهي عبودية النبي صلّ الله عليه وسلم عبودية العباد أولي بأس شديد الذين أشارت إليهم الآية الأولى في تصحيح الخطأ وتصحيح أخطاء بني إسرائيل والصد الذي وقع لبني إسرائيل وهزيمة بني إسرائيل كأمة والتي أشارت إليهم سورة الإسراء في بداياتها.

                                        إذاً العبودية التي تريدني سورة الإسراء أن أكون فيها هي عبودية إختيارية باختياري أنا، أنا أختار أن أكون عبداً لله، وحين أختار أن أكون عبداً لله فأكون في نفس الوقت قد قررت أن أختار الحرية والتحرر من كل الأرباب التحرر من كل العبوديات الزائفة التحرر من كل الأصنام الواهية الأصنام التي قد أظن لبعض اللحظات أنها تملك لي ضراً أو نفعاً.

                                        أتحرر من سلطان المال أتحرر من العبودية للدرهم والدينار، أتحرر من العبودية للسلطة بكل أبجدياتها أتحرر من العبودية لأي سلطة أخرى سوى سلطة الله سبحانه وتعالى الواحد الأحد.

                                        حين أتحقق بتحقيق هذا المنهج في قلبي في شعوري في سلوكي لا بد أن ينعكس هذا التوحيد الكامل الأكمل على حياتي على سلوكي على تصرفاتي على طريقة تعاملي مع كل الدوائر المحيطة بي وأول دائرة تأتىي عليها سورة الإسراء دائرة الوالدين الأم والأب تأتي الأمثلة والنماذج،الأم والأب لم تعد العلاقة عندما تركز التوحيد في قلبي وأصبحت عبداًإختيارياً لم تعد العلاقة بيني وبينهم علاقة عادية وإنما أصبحت علاقة إنسانية راقية سماها الله عز وجل وأعطاها بقوله
                                        (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (23) الإسراء)

                                        علاقة إحسان علاقة إصلاح علاقة تفاني في سبيلإرضاء الأم والأب وخاصة حين يبدأ الأم والأب بالدخول في مرحلة الشيخوخة تلك المرحلة التي يبدأ الإنسان يشعر فيها بالتردي من موقع القوة إلى موقع الضعف بالشعور والإحساس بالحاجة إلى الأبناء بالحاجة إلى وقوفهم بجانبهم، فذلك الأب أو الأم الذي كان يقف على قدميه قد يصبح في مرحلة الشيخوخة لا يستطيع ولا يقوى الوقوف على قدميه يحتاج لكرسي متحرك يحتاج لأيدي تحمله يحتاج لقلب يضمه لحنان لأبوة لبنوة لشعور بالإحسان لشعور بأنما قمت به في حياتي لم يذهب سدى لم يذهب هباءاً منثوراً، هناك أبناء هناك بنات قمت بتربيتهم جاء دورهم الآن هذا الإحساس هذه العلاقة الرائعة من الذي يقدمها؟


                                        القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم في كل حياتنا.




                                        تعليق


                                        • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                          مقوله خاطئه (الأقارب عقارب)



                                          تنتقل الدائرة إلى القربى إلى الإحسان إلى الأقارب لا كما نشهد في مجتمعاتنا الحالية حتى للدرجة التي سرت فيها بعض الأمثلة الشعبية الممقوتة كالقول على سبيل المثال (الأقارب عقارب) أي مصدر للسموم مصدر للأذى كيف يسيغ لمجتمع إرتضى بالقرآن منهجاً أن يبرر تحت أيّ ظرف من الظروف أن تكون العلاقات بين أولى القربى بين الأسرة الواحدة من أعمام وخالات وأولاد عمو أولاد خالة مهما كانت المبررات أن تتحول إلى علاقة سُمِّية، علاقة يحكمهاالبغضاء والشحناء والتنافر والبعد والصد والنفور من بين بعضنا البعض؟ كيف يمكن أن يبرر هذا؟!


                                          القرآن يصحح هذه العلاقات ويؤكد أن الإنسان الذي اختار القرآن منهجاً لحياته لا يمكن أن يسلك مع أقاربه هذا المسلك لايمكن أن يسلك سوى ما أمر به القرآن
                                          (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ(26)الإسراء)
                                          هو حق للأقارب إن لم أقم به فأنا مقصِّرة في جنب الله
                                          (وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا(26)الإسراء)



                                          كيف عالج القرآن الأمراض الإقتصادية؟






                                          تنتقل الآيات بتسلسل عجيب من مجال الإجتماع ومن مجال الأسرة إلى مجال الإقتصاد لتضع لي حتى في عالم الإقتصاد قواعدحقيقية قواعد صاغها القرآن لم يصغها البشر


                                          ولنا أن نتأمل الواقع المعاصر الذي نعيش فيه الذي تحكمهالقوانين الوضعية القوانين التي وضعها البشر لأنفسهم أين وصلت بهم؟!
                                          أين وصل بنا الحال من أوضاع إقتصادية؟! أين وصل بنا الحال؟!
                                          دعونا نتأمل لأن هذا هو سبيل القرآن، القرآن لم ينزل لأجل أن أعيش به طالباً للبركة والأجر والثواب فقط وأعيش في وادٍ والعالم والمجتمع المعاصر حولي في وادٍ آخر،أبداً، القرآن فيه بركة صحيح أكيد فيه أجر فيه ثواب ولكن المطلوب مني اليوم حين أقرأ القرآن أن أقرأه بعين تنظر الواقع تنظر الواقع المحيط بيمن كل جانب تحاول أن تقف على أمراضه على أدوائه على عيوبه فتأتي إلى القرآن بأسئلة بإشكاليات بأمراض مختلفة تطلب من القرآن شفاء لأمراضها وسنأتي على الشفاء في سورة الإسراء.
                                          تطلب من القرآن علاجاً لأدوائها لأمراضها الإجتماعية والإقتصادية والسياسية وكافة أنواع الأمراض
                                          ولنا أن نتساءل ونحن نقرأ الآيات في سورة الإسراء كيف عالج القرآن الأمراض الإقتصادية؟
                                          وهل هناك فعلاً أمراض إقتصادية في مجتمعاتنا؟
                                          واحدةمن أبرز الأمراض الإقتصادية في مجتمعاتنا كأفراد وكلنا يعاني منها قضية الموازنة بين الإستهلاك وبين ما أملك، بين التملك الشيء الذي أنا أملكه في حدود طاقاتي المالية والمادية وبين إنفاقي وبين إستهلاكي، ذلك التباين العجيب في مجتمعاتنا ذلك الإستهلاك الذي وصل بنا إلى جعل الكماليات والتحسينات في حياتنا تقع في موقع الحاجيات والضروريات. يعيد القرآن ويعالج الأمور ويعيدها إلى نصابها بقوله عز وجل
                                          (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29) الإسراء)
                                          إنه التوازن إنه التعادل في كل شيء وهذا التوازن الذي تؤكده سورة الإسراء كنموذج من نماذج معالجة القرآن للأمراض وللأدواء المستعصية ينبغي أن يطبق ليس فقط على سبيل حياة الأفراد وإنما على المجتمعات على الدول التي أصبحت تنفق أكثر من مدخولاتها فوقعت فيأزمات ديون على مدى سنوات طويلة هذه أمراض هذه أسقام هذه أدواء حقيقيةيعاني منها العالم المعاصر الذي نعيش فيه على الرغم من كل النظريات الإقتصادية المعاصرة الحديثة التي حاولت عبثاً أن تعالج تلك الأمراض.
                                          اليوم كلنا يعلم أن كبريات الدول تعاني من أمراض الديون تعاني من عجز في الميزانيات. لنا أن نتساءل هل يستطيع القرآن الذي أنزل قبل قرون متعاقبة أنيعالج هذه الأمراض؟ أن يصحح هذه الأخطاء؟ أن يساعدني في حل هذه الإشكاليات؟
                                          بكل تأكيد، يقدم القرآن العلاج في آية واحدة
                                          (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْط (29) الإسراء)
                                          تأمل معي أنظر معي تدبر معي في هذا القرآن العظيم وكيف يعالج لأنه ليس من عند البشر ليس من كلام البشر كلام رب البشر الذي خلق وصنع وأعطى ورزق، الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر العالم بكل شيء
                                          (أَلَايَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُواللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) الملك)
                                          الرب الذي خلق الرب الذي رزق هو الوحيد الواحد الذي يعلم ما يصلح للبشر ما يصلح مجتمعاتهم مايصلح ميزانياتهم ما يصلح دولهم ما يصلح معاشهم ما يصلح أخراهم. هذا الرب هو الذي أنزل على القرآن ليعالج ليشفي ليبرئ من الأمراض التي نعاني منها ليس فقط في العصور الماضية بل في كل عصر وزمان .




                                          تعليق


                                          • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                            تحريم الزنـــا




                                            تنتقل الآيات بإعجاز عظيم واضح تماماً من دائرة إلى دائرة، من دائرة الإجتماع إلدائرة الإقتصاد إلى دائرة الأمة محرمة سلسلة من الجرائم الخُلُقية والإنحرافات التي ينبغي للمجتمع أن يهتم بمعالجتها ينبغي للفرد وللمجتمعأن يحاصر تلك


                                            الأمراض وأن يقتلها وهي في مهدها فتأتي الآية الأولى

                                            (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا {31} وَلاَتَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {32} الإسراء)



                                            وأنظر معي كيف يعالج القرآن القضيتين في آن واحد.

                                            ما العلاقةبين قتل الأولاد والزنا؟



                                            اليوم تعاني المجتمعات المتخمة بالأمراض والأدواء المجتمعات المعاصرة وكثير من المجتمعات الغربية من مشكلة حقيقيةالأطفال غير الشرعيين الأطفال الذين جاؤوا إلى الدولة عن طريق علاقات غيرمشروعة علاقات الزنا، حرّم الإسلام وحرّم القرآن وحرّمت سورة الإسراء هذه العلاقات فقتلت المشكلة وهي في مهدها، عالجتها وهي في مهدها، ليس هناكعلاقة غير مشروعة في الإسلام أنظر معي إلى قول الله عز وجل

                                            (وَلاَتَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {32} الإسراء)



                                            بعض المجتمعات والدول المعاصرة اليوم تعالج قضية الأولاد غيرالشرعيين الذين يشكلون عبئاً حقيقياً على ميزانيات الدول هذه القضيةيعالجونها بطريقة مختلفة يحاول أن يجد الحلول لحضانة هؤلاء الأولاد غيرالشرعيين دون أن يعالج المرض ويجتث المرض من أساسه. ما هو الأساس لإشكالية وجود أولاد غير شرعيين؟



                                            ما هو الأساس؟


                                            علاقات غير مشروعة علاقات الزنا. ألا يهدي القرآن للتي هي أقوم؟


                                            ألا يقدم القرآن المنهج الأقوم والأصوب حين يعالج المرض


                                            ويجتث المرض من جذوره؟

                                            هذا هو القرآن هذا هو نهج القرآن.



                                            بعض النواهي الربانية





                                            (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ (33) الإسراء)

                                            (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (34) الإسراء

                                            يقيم القرآن للإنسان في نفسه محكمة حقيقية رقابة ذاتية يجعل الإنسان الفرد هو الوازع الحقيقى لصده ولردعه عن إرتكاب أي جريمة من الجرائم وهذه أعظم وسيلة لمعالجة الجرائم المختلفة من اختلاس من سرقة من نهب من قتل من إغتصاب أن تحيي الوازع والضمير عند الإنسان وهي قضية يعاني منها العالم المعاصر الذي نعيش فيه أشد المعاناة.

                                            حين غاب الضمير عن مسرح الحياة حين غاب الضمير البشري الضمير الإنساني عن واقع الحياة التي نعيش فأصبح واقعنا أقرب إلى واقع الغاب منه إلى واقع الإنسان، واقع الإنسان الذي أراد القرآن أن يحييه في الناس من جديد أن يعيده إلى البشرية من جديد.



                                            تستمر الآيات في معالجة الفرد والمجتمع في وقت واحد لتصل إلى حتى معالجة قضية العلو والإستكبار والإستخفاف بالآخرين مانعة الإنسان حتى من أن يظهر نوعاً من الإستكبار على أخيه الإنسان ولو في طريقة مشيه،وتأملوا معي أيها الأخوة والأخوات قول الله عز وجل

                                            (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَالْجِبَالَ طُولاً (37) الإسراء)

                                            عجيب!

                                            حتى طريقة السير والمشي يحددهاالقرآن ينزل فيها آيات؟!

                                            نعم، وفي ذلك بيان واضح إلى معالجة قضية التكبر والإستكبار والإستخفاف بالآخرين، القرآن يعلم الإنسان الفرد ألا يستكبرعلى غيره يجتث مشكلة الإستعلاء والإستخفاف والإستهانة بالآخرين حتى في أبسط صورها حتى في طريقة المشي، لا تمشي في الأرض وتحاول أن تبين أو تظهرأنك متعالي على الآخرين حتى وإن كنت قد أوتيت من وسائل الوسائل المادية وسائل الإستعلاء الوسائل التي يهيأ لك أنها تبرر لك أن تكون بالفعل مستعلياً على الآخرين متكبراً عليهم إياك وهذه الصفة لماذا؟



                                            لأن هذه الصفة من أشد الأمراض خطورة في المجتمع تفصل بين الإنسان وأخيه الإنسان تحقق أو تعدم تماماً عنصر المسؤولية والتكافل الإجتماعى تجعل الإنسان متعالياً على أخيه الإنسان ولمَ هذا التعالي؟! لمَ هذا الإستكبار؟!

                                            لنا أن نتخيل كيف يمكن أن يعيش المجتمع وهو يعيش بعض الأفراد في حالة إستعلاءعلى الآخرين في حالة العيش بعيداً عن آلآم وأحزان وفقر وحاجة إخوانه مالبشر، إخوانهم الآخرين شيء فعلاً يجعل الإنسان ينتبه إلى أمور ربما لم يكن حتى ينتبه إليها هذه الآية تعالج إشكالية الطبقية في المجتمع إشكالية أن يصبح الناس طبقات هناك أناس مترفين يعيشون حالة غنى فاحش وتعالي وإستكبار وأناس آخرين بسطاء متواضعين فقراء ربما لا يمتلكون من سبل العيش الكريم ما يجعلهم حتى يستطيعوا أن يقوموا بقوت يومهم، هل موقف الإنسان الغني هذا الغني الذي يمتلك من أسباب القوة وأسباب المنعة وأسباب المال وجاءت الآية لا ننسى التي قبلها تقول



                                            (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ (37) الإسراء)

                                            هل المطلوب منه أن يعيش بعيداًعن المحتاجين أم يعيش وسط آلآمهم أم يعيش مستعملاً الأدوات والوسائل والمال الذي رزقه الله سبحانه وتعالى إياه يعيش ليمسح به معاناة هؤلاء ليكفف بها دموعهم ليمسح بها آلآمهم ليعالج بها أحزانهم ليداوي بها حاجاتهم المادية؟ هذا النوع من العلاج الأخلاقي الرائع إنما يأتي في الحقيقةعلى الأمراض التي يعاني منها المجتمع المعاصر المجتمع الرأسمالي أو غيرهمن مجتمعات عاثت فيها الطبقية فساداً وإفساداً وبعداً عن المنهج الأقوم الذي ينبغي أن يعيش عليه البشر.



                                            تعليق


                                            • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                              الاعراض عن القرآن





                                              (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا (41) الإسراء)

                                              (وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا(41)الإسراء)

                                              هكذا أمة الإسلام اليوم عندما تُعرِض عن كتابها القرآن عندما تعتقد أنها يمكن أن تجد العلاج الأمثل في مجالات الحياة المختلفة من يمين أو شمال من غرب أو شرق بعيداً عن القرآن وليس ثمة علاج إلا في هذا القرآن العظيم .



                                              ثم تأتي الآيات وتؤكد مرةأخرى آية بعد آية على الموقف الذي ينبغي أن يقفه الإنسان حيال هذا القرآن العظيم يقول الله عز وجل مخاطباً نبيه

                                              (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا {45} وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا {46} نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا {47} الإسراء)

                                              هذا الموقف العجيب الذي وقفه المشركون اتجاه القرآن العظيم موقف الصد موقف الإعراض موقف عدم الرغبة في الإستماع لآيات القرآن


                                              هذا الموقف العجيب ماذا كانت النتيجة المترتبة عليه؟

                                              كانت النتيجة أنه فعلاً وقع بينهم وبين القرآن حاجزاً هذا الحاجز لم يتمكن المشركون من الإنفكاك منه لم يتمكنوا من رؤية الحق الموجود في القرآن العظيم لم يتمكنوا من رؤية النور الذي جاء في هذا القرآن وهو أمر محسوس



                                              أنا حين أضع على عيني ستراً أو غطاءاً أو غشاوة هل أتمكن من رؤية نورالشمس مهما كان ذلك النور واضحاً ظاهراً جلياً؟! أبداً، لماذا؟

                                              لأني أنا أنا الإنسان من قمت بوضع ذلك الغطاء وذلك الستر حاجزاً بيني وبين نورالشمس.


                                              وهكذا القرآن ولله المثل الأعلى في تعاليمه نور في أحكامه شفاء

                                              ولكن يا ترى لمن؟

                                              لمن لم يضع حاجزاً بينه وبين هذا القرآن العظيم .




                                              الكلمه الطيبه صدقه






                                              تستمرالآيات معالجة الأدواء والأمراض السارية في المجتمع وفي الفرد


                                              بقول الله عز وجل وإعطاء الأمثلة


                                              (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53) الإسراء)

                                              إختيار الألفاظ الجميلة إختيار الألفاظ الحسنة وهي واحدة من أعظم دعائم التعايش في المجتمع الواحد قد يكون المجتمع متنوعاً ولا ضير في ذلك فالنبي صلوات الله وسلامه عليه عاش وسط المشركين عاش وسط اليهود وسط النصارى وسط المنافقين ولكنه دائماً وأبداً إختار نهج القرآن،


                                              أي نهج؟

                                              نهج يقول التي هي أحسن

                                              حتى مع الأعداء مع الأقرباء ومع الأباعد مع الأصدقاء


                                              ومع الأعداء في الحرب وفي السلم


                                              إبتغى منهجاً واحداً منهج القرآن يقول التي هي أحسن.

                                              إذاً هو القرآن يعالج ويداوي ويقدم الأدلة ويقدم الأمثلة والنماذج على كيفية معالجة المشاكل التي تقع بين الناس في المجتمعات المختلفة وفي العصورالمختلفة .





                                              تعليق


                                              • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                لا سلطان للشيطان على عباد الله الصالحين



                                                ما الذي يحول بين الناس وبين الحق؟
                                                ما الذي يحول بين الناس وبين السير على منهج القرآن وتطبيقه في سلوكهم وحياتهم وتعاملاتهم وأخلاقياتهم؟
                                                إنه الشيطان،المعركة الخالدة المستمرةالمتواصلة بين الشيطان وبين بني آدم يحددها القرآن ويقرر أن فعلاً للشيطان وسائل وأدوات وربما تكون بعض هذه الوسائل والأدوات قوية مؤثرة ولكن واقع الأمر أن تأثير هذه الوسائل يسقط ويتهاوى حين يصبح الإنسان عبداً لله عبودية إختيارية حين يتحقق بمعاني العبودية كما أوردت سورةالإسراء في الآيات التي سبقتها أنظر لقول الله عز وجل

                                                (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفي بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65) الإسراء)
                                                حسمت المعركة مع الشيطان.
                                                العباد الذين ابتغوا القرآن منهجاً لحياتهم، العباد الذين إختاروا القرآن طريقاً لحياتهم في الصغيرة وفي الكبيرة في كل ما يختلج في نفوسهم ومشاعرهم وحياتهم العباد الذين يلجأون إلى القرآن في معالجة مشاكلهم في معالجة ما يمرون به من أزمات هم عباد ليس للشيطان عليهم من سلطان أبداً، كل الأسلحة التي يمتلكها الشيطان تصبح هباءلا قيمة لها عديمة التأثير مع هؤلاء العباد الذين لا وكيل لهم ولا كفي ليتولى شؤونهم سوى الله وحده، وحين تصبح المعركة بين الله عز وجل وبين هذا الشيطان فقطعاً النتيجة محسومة.








                                                القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين






                                                تواصل الآيات معالجة الأدواء النفسية والإنسانية إلى أن تصل إلى قول الله عز وجل (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُو شِفَاء وَرَحْمَةٌ (82) الإسراء)

                                                ولكن لمن؟


                                                (لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا (82) الإسراء)


                                                القرآن واحد حوى أسباب الشفاء حوى أسباب العلاج ودعونا نتدبر ونقف عند كلمة الشفاء والعلاج، أيّ شفاء هذا الذي يتحدث عنه القرآن؟

                                                الشفاء النفسي والشفاء المادي، شفاء الجسم وشفاء الروح، القرآن يُبريء من كل الأمراض المختلفة وربما سورة الإسراء بالطريقة التي تدبرنا فيها بنماذج الأمثلة التي قدمناها تبين لي بوضوح فعلاً كيفية علاج هذه الأدواء على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع.



                                                ولكن ثمة شرط لتحقيق هذا الشفاء وهذا العلاج أن تكون مؤمناً بهذا الكتاب أن تكون مؤمناً بقدرته على الشفاء والعلاج ولذاجاءت الآية

                                                (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوشِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (81) الإسراء)

                                                أما مع الظالمين أما مع المكذبين أما مع المعرضين الذين الذين أعرضوا عن هذا القرآن لا يزيدهم إلا خساراً.



                                                إذاًهو الموقف الذي أنا أتخذه وأقرره والقرار الذي أتخذه اليوم حيال هذا القرآن، أنا ماذا أريد أن يكون موقفي من هذا القرآن العظيم؟ موقف المتفرج موقف المعرِض عنه موقف القارئ لكلمات القرآن دون أن تقع الكلمات فيقلبه وفي واقعه دون أن تغير من سلوكه؟! أم موقف الإنسان الذي جاء للقرآن ليشفي وليعالج وليبدد الظلمات الموجودة في النفس في الفرد في القلب فيالسلوك في المجتمع؟ ويؤسفنا اليوم ونحن نتحدث عن هذه الجزئية الواقع الذي يعيشه المسلمون إتجاه هذا القرآن، واقع يحكمه الصد يحكمه الهجر يحكمه العقوق، عدد كبير من المسلمين اليوم يعتقدون أن العلاقة مع القرآن لاتخرج عن إطار التلاوة والترداد أو الحفظ حتى باللسان، أخذ البركة أخذ الحسنات وخاصة في المواسم المعروفة كموسم شهر رمضان، الإحتفاء بالقرآن فيهذه الحدود، ولكن واقع الأمر أن القرآن حين أنزله الله عز وجل لم يقف به عند هذه الفكرة فحسب أراد الله به كما رأينا في الآية الأولى في الآيات التي تصف في سورة الإسراء خصائص القرآن

                                                (إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) الإسراء)

                                                هو منهج حياة هو يهدي الإنسان هو يصحح الواقع البشري على مستوى الفرد على مستوى المجتمع على مستوى العالم بأسره، حالة الإعراض والصدود وعزل القرآن عن واقع القلب والخُلُق والسلوك الإنساني واقع لا بد أن يتغير، واقع لم يجني منه الناس ولم تجني منه البشرية سوى الويلات والكوارث والمجاعات والأزمات على مستويات متعددة وفي نواحي مختلفة. إزداد مستوى الجريمة حتى في عالمنا الذي نعيش فيه إزدادت الإنحرافات تغيرت الأحوال قلّ الأمن والإستقرار، هذه المظاهر المتعددة والمختلفة تنبئ بأن هناك خلل حقيقي في واقع تعامل المسلمين مع القرآن تنبئ بأن المناهج الوضعية التي إرتضاها الناس عوضاً عن القرآن لم تأتي بخير ولنتأتى بخير تنبئ بأن هناك أزمة حقيقية في واقع المسلمين مع القرآن أزمة لا بد أن تحل وهذه المشاكل وهذه الويلات وهذه الإنحرافات وهذه الأزمات لا بد أن نجد لها حلاً والحل لا يمكن أن يكون بعيداً عن القرآن.



                                                لنجعل القرآن من جديد حاكماً في أخلاقنا وسلوكياتنا




                                                (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا (89) الإسراء)

                                                إعراضاً، إذاً كل مثل موجود في القرآن لماذا يا رب صرفنا في القرآن من كل مثل؟

                                                لكي يجد الإنسان الدواء الذي يبحث عنه لكي يجد للمشكلة التي يمر بها أو للموقف الذي يمر به علاجاً مخرجاً حلاً لأزمة يعاني منها مستوى فردي أو مستوى إجتماعي، لن يكمن هذا العلاج وهذا الشفاء إلا حين تصحح العلاقة مع القرآن حين يعود القرآن إلى واقع حياتنا من جديد حين أقرأ القرآن ليس فقط لأجل طلب البركة والثواب وإن كان هذا كذلك من القرآن ولكن آتي للقرآن لأجد حلاً لمشاكلي آتي وأنا مؤمن بالقرآن آتي وأنا مدرك أن هذا القرآن يمتلك مفتاح الإجابة للأزمة التي أعاني منها، أطبق آيات القرآن في سلوكي فتصبح أخلاقياتي وسلوكياتي إنعكاس وتفسير لآيات القرآن كما جاء في قول السيدة عائشة رضي الله عنها حين سُئلت عن خلق رسول الله صلّ الله عليه وسلم (فقالت كان خُلُقه القرآن) كانت تصرفاته حياته تفسيراً عملياً للقرآن،إنعكاساً لتعاليم القرآن تطبيقاً للقرآن. هذا ما نحتاج إليه اليوم فيواقعنا نحتاج أن نعيد الأمور إلى نصابها نحتاج أن نصحح علاقتنا مع القرآن



                                                قد ينتهي الإنسان أو الفرد أو الواحد منا من القرآن كاملاً ولا تجدله أثراً للقرآن في حياة أو سلوك أو خلق. هذه تنبئ بأزمة خطيرة هذا مرض عضال هذا مرض خطير ينبغي أن نطلب الإستشفاء منه، ينبغي أن نعود إلى القرآن لنصحح لنعدّل لنبدّل لنجعل القرآن من جديد حاكماً في أخلاقنا وسلوكياتنا.



                                                ولذا عابت سورة الإسراء في الآيات الأخيرة على المشركين طلبهم من النبي عليه الصلاة والسلام لمعجزات حسية وقد أنزل الله عليهم القرآن، القرآن كفى به معجزاً في كل عصر في كل وقت في كل زمان يؤمن به من يؤمن ومن يؤمن سيجد به الخير ومن لا يؤمن ويعرض عنه قطعاً لن يجد في ذلك أيّ خير بل ما يزيده إلا خساراً




                                                تعليق


                                                • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                  أين أثر القرآن في حياتي؟






                                                  (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا {105} وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً {106} الإسراء)


                                                  إذاً هو القرآن كيفية الإستفادة منه أوضحتها الآيات الأخيرة في سورة الإسراء أن يقرأ الإنسان على مكث أن يقرأ على مهل أن يقرأ بسلاسة القرآن آية آية كلمة كلمة حرفاً حرفاً ينظر إليها يربط بينها وبين الواقع الذي يعيش فيه ماذا تريد مني هذه الآية؟ كيف ستداويني هذه الآية؟ كيف ستعالج الأزمة التي أعيش فيها؟

                                                  حينها فقط يقع للإنسان ما جاءت به الآية الأخرى


                                                  (قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَو لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْالْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ(107)الإسراء)


                                                  أي القرآن


                                                  (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا {107} وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً {108} وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا {109} الإسراء)

                                                  إذاً أثر القرآن.



                                                  ولي أن أتساءل وأنا أقرأ القرآن اليوم أين أثر القرآن في حياتي؟ أين الخشوع في سلوكي؟ أين هذه الحالة التي وصفها القرآن وصفتها سورة الإسراء في أواخر آياتها؟ أين الخشوع؟

                                                  قرأت القرآن، إن قرأت القرآن قراءة حقيقية كما ينبغي أن تُقرأ لن يتملكني إلا الشعوربالإذعان والتسليم والخضوع المطلق لله عز وجل

                                                  (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) الإسراء)

                                                  حالة من حالات الخضوع، حالة من حالات الشعوربالعجز والتسليم الخضوع والإنقياد المطلق لله عز وجل، لأوامر لتعاليم لهذا القرآن العظيم يقع فيها الإنسان فيشعر بأنس يشعر بحلاوة الإيمان تلك الحلاوة التي لم تغب ولم تنطلي حتى على كفار قريش حين قال الوليد ابن عتبةعندما استمع للقرآن وهو كافر به حين قال قولته المشهورة (إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة) حلاوة القرآن ينبغي أن تعود اليوم في حياتنا لتمسحا لمرارة التي نعاني منها في قلوبنا ونفوسنا ومشاعرنا وأزماتنا ومجتمعاتنا.



                                                  نحن بحاجة إلى تلك الحلاوة اليوم نحن بحاجة إلى استشعار واستحضار حلاوة القرآن شفاء القرآن علاج القرآن ولا شك ودون شك فإن المسلمين اليوم تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة حيال البشرية حين غابوا عن القرآن وغيبوه عن واقعهم وعن أزماتهم غيبوا عن العالم بأسره نور القرآن الذي آن له أن يعود من جديد . نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيدنا ويردنا إلى كتابه رداً جميلاً وأن ينفعنا به وأن يجعلنا هداةً مهتدين لكل العالم ولكل البشرية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




                                                  تعليق


                                                  • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                    ســـورة الكهف

                                                    فــضــائــل ســـورة الكهف

                                                    بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                                                    حين يزداد الظلام وتتلبد سماء الواقع بالفتن وغيوم الشُبُهات يحتاج الإنسان إلى كهفٍ يأويه ويحميه، يحتاج إلى نور يضيء له الطريق، يحتاج إلى نور يأتي على هذه الظلمات فيبدّدها يحتاج إلى شيء يبدد كل ما حوله من فتن ويضيء الطريق وينير الطريق والمسار أمام عينيه ليسير إلى الأمام على الصراط المستقيم. هنا تأتي سورة الكهف هذه السورة العظيمة التي ورد في فضلها الأحاديث الكثيرة والمتعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ذلك: "من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق". وفي حديث صحيح آخر "من حفظ عشر آياتٍ من أول سورة الكهف (وفي رواية من آخرها) عُصِم من فتنة الدجال". حديث آخر صحيح "من قرأ سورة الكهف كانت له نوراً إلى يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضرّه ومن توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كُتب له في رِقّ ثم جُعِل في طابع فلم يُكسَر إلى يوم القيامة"

                                                    هذه سورة الكهف كل الأحاديث الواردة في فضلها تبين بأن هناك في هذه السورة من المعاني ومن الوقفات التي إذا ما تدبرها المؤمن وهو يكرر قراءة هذه السورة في كل أسبوع سيكون له ملاذٌ، سيكون له حماية، سيكون له مأوى من الفتن وخاصة فتن آخر الزمان التي تحدثت عنها هذه السورة العظيمة.

                                                    فيا ترى ماذا في هذه السورة العظيمة من معاني تستجلب وتستدعي تبديد الفتن والظلمات؟ ماذا في سورة الكهف من النور لكي يبدد به الإنسان الظلمات التي باتت تحيط به من كل حدب ومن كل صوب؟ السورة مكية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حالة شديدة هو وأصحابه من المعاناة، من الضعف، من التنكيل، من كل نواحي التعذيب المختلفة التي تفنن المشركون في صبِّها على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، في محاولة يائسة بائسة لثني النبي عليه الصلاة والسلام عن الإستمرار في دعوته المباركة.

                                                    في تلك الأثناء وفي تلك الأجواء من المحن ومن التعذيب ومن الضعف ومن الشعور بالضعف والشعور بمعنى الفتنة في الدين حقيقةً لأن الكلام أو الحديث الذي سنأتي عليه تباعاً إن شاء الله في سورة الكهف حديث عن مختلف أنواع الفتن، إبتلاءات، محن، لكن سنجد أن أشد فتنة يمكن أن يتعرض إليها الإنسان أن يُفتَن في دينه فالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام في تلك الأجواء كانوا يتعرضون لفتنة ولإمتحان وإبتلاء في الدين وهذه من أشد الفتن



                                                    إقامة التوحيد عاصم من الفتن


                                                    جاءت السورة المباركة التي هي في تعداد النزول حسب نزول القرآن الكريم تحتل المرتبة التاسعة والستين، جاءت هذه السورة لتعضد وتقوي النواحي التي ينبغي أن يمتلكها الإنسان في أي وقت وفي أي زمان إذا أراد أن يواجه الفتن وبخاصة فتنة الدين. جاءت على النبي عليه الصلاة والسلام ونزلت عليه وعلى أصحابه لتبين له أن تلك الفتن وتلك الإمتحانات مهما قويت ومهما كان فيها من جوانب مؤلمة ومآسي وإبتلاءات ومحن فإنها ستزول.

                                                    المخرج الأساسي لكيفية التخلص من هذه الفتن يكمن في تأكيد التوحيد، في تكريس التوحيد كما هي العادة في مختلف السور المكية وفي كل القرآن. كلما إزدادت قوة التوحيد في القلب، كلما إزدادت قوة التمسك بهذا التوحيد وتصحيحه من كل شائبة وإخلاص وتخليص العمل لله عز وجل وجعل العمل خالصاً لوجهه سبحانه كلما كان ذلك عصمة للإنسان أكثر فأكثر نحو التمسك بهذا الدين والإبتعاد عن كل الفتن.

                                                    السورة العظيمة حددت أسباب الفتن وأجواء الفتن في كل زمان، رسالة باقية كما هو القرآن. وحددت كذلك معها كيفية الخطوات التي يمكن أن يسير عليها الإنسان للتخلص من ظلمات الفتن ومن نور الفتن فكانت بحق هذه السورة العظيمة نوراً يضيء للإنسان في طريق الحياة نور يضيء له في طريق الفتن المتلاطمة حين يزداد السواد في تلك الفتن ولذلك لا عجب أن يكون أول كلمة في هذه السورة المفتتحة بالتحميد لله سبحانه وتعالى.

                                                    ولا عجب كذلك ذلك الترابط العجيب بين ختام ونهاية سورة الإسراء حين يقول الله عز وجل (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111) الإسراء) ثم تأتي سورة الكهف التي هناك فاصل زمني واسع بين سورة الإسراء وسورة الكهف ولكنها في ترتيب المصحف الذي بُنيَ على التوقيف من عند الله عز وجل أن يفتتحها بالحمد فقال

                                                    (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (1) الكهف)

                                                    إن سورة الكهف هي واحدة من خمس سور في القرآن إفتتحها الله عز وجل بقوله (الحمد لله)



                                                    القرآن قارب النجاة من الفتن

                                                    السورة العظيمة شملت كل معاني الحمد على أي نعمة؟
                                                    نعمة القرآن العظيم.

                                                    تأملوا معي قول الله عز وجل

                                                    (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (1) قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2))


                                                    لنا أن نتدبر الآن ونبدأ بإدراك معاني الخروج من الفتن، ما من فتنة مهما كانت تلك الفتنة في الدين أو في الرزق أو في الولد أو في السلطان أو في الجاه أو في القوة، في القديم أو في الحديث إلا والقرآن هو مفتاح النجاة منها، قارب النجاة. بدون القرآن وبدون اللجوء إلى القرآن العظيم لا يمكن أن يكون هناك عصمة من الفتن، لا يمكن. إذاً هو القرآن ولذا جاء (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ) وجاء بذكر عبده صلى الله عليه وسلم قبل القرآن تشريفاً وإصطفاءً وإعلاءً لمنزلته صلى الله عليه وسلم وقد قيل في أول سورة الإسراء -وهكذا التدبر بمعنى أننا حين نتدبر القرآن نصل أول السور بخواتيمها، نصل بدايات السور بخواتيمها ثم ننظر ونتدبر في إفتتاحية السورة التي قبلها والسورة التي بعدها- سورة الإسراء يقول فيها الله عز وجل (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ (1) الإسراء) والعبودية هنا تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم لأنها عبودية من نوع خاص. النبي صلى الله عليه وسلم أصبح عبداً من نوع خاص صلوات ربي وسلامه عليه.

                                                    (وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا)
                                                    القرآن بطبيعته يقوّم حين تنحرف الأهواء بالإنسان عن المسار. الفتن بطبيعتها -كما سنأتي عليها وتعرضها سورة الكهف- الفتن بطبيعتها تحاول أن تحرف الإنسان عن مساره الصحيح، تحاول أن تخرج بنا عن الطريق المستقيم، تحاول أن تخرجنا بأهوائها بظلماتها عن الطريق المستقيم. من الذي يقوّم ويصحّح المسار؟ القرآن، الرجوع إليه ولذا كان لا بد لي أن أقرأ سورة الكهف على الأقل ما بين الجمعتين لتضيء لي الطريق لتضيء لي الدرب إذا نسيت أو غلفت عن الإتصال والتواصل وهذا لا ينبغي أن يكون بالقرآن العظيم بالوحي خلال الأسبوع أو خلال الجمعة إلى الجمعة ستأتي سورة الكهف لتعدل المسار من جديد، لتقوم بربطي بهذا القرآن العظيم لتقوم بشدي من جديد للسير على الطريق الصحيح الذي لا ينبغي أن أحيد عنه.




                                                    تعليق


                                                    • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                      "فتنة الدين" وخطوات العصمة منها
                                                      أول فتنة عظيمة تحدثت عنها السورة وبينت فيها كانت "فتنة الدين" ووضعت قبل أن تبدأ بعرض الفتنة أو الإبتلاء أو المحنة وضعت الأسس التي ينبغي التمسك بها للخروج من فتنة الدين التي هي أشد فتنة على الإطلاق قديماً أو حديثاً ولذا ورد في الدعاء الصحيح "اللهم لا تجعل فتنتنا في ديننا" لأن الفتنة في الدين صعبة شديدة قد لا ينجو منها الإنسان والعياذ بالله!.السورة بدأت وتحدثت بعد الحديث عن القرآن وأهمية اللجوء إليه ومكانة القرآن بدأت بالحديث عن أي شيء؟ عن التوحيد، مسألة التوحيد كيف؟ الله عز وجل عرض في الآية الرابعة(وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَï»؟بُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6))التوحيد، وسورة الكهف تقدم لي نماذج من الخلل في التوحيد والعقيدة منها إدعاء إتخاذ الشريك أو الولد لله سبحانه وتعالى وهو واحدٌ جلّ في علاه.أعظم جريمة يرتكبها الإنسان في حق نفسه وفي حق الآخرين وفي حق المجتمع الذي يعيش فيه أن يدّعي أن لله ولداً، أن يدّعي أن لله شريكاً في ملكه سبحانه وتعالى جريمة نكران التوحيد جريمة الشرك جريمة الخلل في هذا التوحيد.(إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا)حقيقة الحياة هذه خطوة من خطوات العصمة والخروج من الفتن إذاً:- الوسيلة الأولى: التمسك بالقرآن العظيم واللجوء إليه والإحتماء بآياته العظيمة.- الوسيلة الثانية: التوحيد وتنقيته المستمرة يوماً بيوم وأولاً بأول من كل شائبة تشوبه.- الوسيلة الثالثة: إدراك حقيقة الدنيا ووضع هذا الإدراك نصب عيني وأنا ألاحظ الفتن وأنا أنظر إلى السماء سماء الواقع الملبدة بغيوم الفتن والمحن والإبتلاءات والخطوب مهما عظمت أن هذه الدنيا في نهاية الأمر ليست شيئاً يُذكر.الله سبحانه وتعالى بقدرته المطلقة سيجعلها صعيداً جرزاً، الغاية من وجودها، الغاية من أن تكون زينة، الغاية من وجود كل هذه الأجواء فيها (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) وهو العالِم بعباده سبحانه وتعالى أحسن العمل.


                                                      الإخلاص في القول والعمل


                                                      سورة الكهف من خلال تدبر معانيها يوماً بعد يوم وما بين الجمعتين وإستذكار هذه المعاني في حياتي تؤهلني لأن أصبح إنساناً يحسن العمل في هذه الدنيا، إنسان يتعلم الإخلاص، يتعلم فن الإخلاص، يتعلم صنعة الإخلاص حتى لا يغادر الإخلاص أيّ عمل يقوم به مهما كان ذلك العمل بسيطاً أو متواضعاً لأن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى حجم العمل الذي أقوم به ولا إلى حجم الصدقة التي أقدّمها بين يديه سبحانه ولا إلى عدد الركعات التي أركعها وأقف بين يديه سبحانه، ينظر إلى شيء آخر ينظر إلى القلب الذي يتوجه إليه، ينظر إلى الصدقة ليس بمعيارنا نحن في بعض الأحيان مليون دينار أم نصف دينار ولكن ينظر إلى ذلك القلب الذي أخرجها قبل أن تخرج وتمتد اليد بالصدقة، ينظر إلى القلب الذي قام حين يقوم وهو يصلي بين يدي ربه، ينظر إلى تلك الدمعة التي تخرج من خشيته وتنسكب من خشيته في جنح الظلام وفي جنح الليل ليغفر بها لصاحب الإخلاص.

                                                      لا يمكن أن يُتقبل العمل بدون الإخلاص

                                                      (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)

                                                      إخلاص العمل. ثم أن يكون هذا العمل وفق ما جاء في هذا الوحي العظيم ولذا قال (أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا)

                                                      إن إمتلكت وتمنن الخالق المنان عليك بالإخلاص لا بد أن تراقب العمل لكي يكون وفق ما جاء في هذا الكتاب العظيم فلا يعوج بك يميناً ولا شمالاً، يا لها من سورة عظيمة!.

                                                      ثم تأتي الآية

                                                      (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا)

                                                      لتسلي قلوب المؤمنين ليس فقط النبي صلى الله عليه وسلم. كل مؤمن سيُبتلى ويُفتن في دينه أو في أي فتنة ستتعرض لها سورة الكهف لأنها جمعت الفتن.


                                                      حين يصيبنا ما يصيب كما يحدث في أيامنا الحالية في الواقع الذي نعيش حين تزداد الخطوب والفتن ويبدأ الإنسان يشعر بالأسى والألم والأسف على ما يحدث من حوله تأتي الآية فتسلي القلب وتمسح عن هذا القلب الآلام والأحزان بقول الله

                                                      (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا).

                                                      الدنيا بكل ما فيها، مبانيها وما فيها وأشخاصها وأعيانها وحوادثها ولامها وأفراحها وأحزانها وأتراحها وصعودها ونزولها (صَعِيدًا جُرُزًا) كأنه لم يكن.

                                                      فلا عليك، لا تنشغل بالخطوب عن ما أنت عليه لا تشغلك الخطوب والفتن والمحن والمآسي والآلام والأحزان عن إعداد العدة لذلك اليوم العظيم الذي سيأتي لا محالة.
                                                      عن إعداد العدة لأجل إحسان العمل حين تقدم عمل قدّمه خالصاً لوجه ربك قدّم أحسن العمل بين يدي الله أما الدنيا وأما الفتن فلا تأخذ منك الوقت الكثير، دع عنك ذلك.



                                                      فتنة الدين

                                                      (قصة أهل الكهف)


                                                      (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)


                                                      قد وردت في بعض الأحاديث وفي بعض التفاسير أن النبي صلّ الله عليه وسلم سأله قومه بعد أن أرسلوا إلى يهود يريدون مساعدة اليهود في كيفية إحراج النبي في بعض الأسئلة التي لم يكن قطعاً يعرف عنها أي شيء ومن هذه الأسئلة قصة الفتية، القصة كما وردت في بعض التفاسير بأنواع مختلفة من التفاصيل التي لم يذكرها القرآن الكريم وطالما أن القرآن لم يذكرها نتوقف عندها وأذهب إلى أبعاد القصة وما تريد أن تغرسه في نفسي وفي قلبي. من هم الفتية؟ كيف خرجوا؟ في أي زمان؟ كم كان عددهم؟

                                                      القرآن لم يحفل بذلك كله القرآن يريدني فقط أن أقف على معاني القصة،

                                                      ما هي هذه القصة؟

                                                      قصة فتية شباب تعرضوا لأصعب محنة يمكن أن يتعرض لها إنسان

                                                      محنة الدين الفتنة في الدين.

                                                      هذه الفتنة في الدين التي تعرضوا لها المجموعة من الشباب أنهم كما قالت الآيات بدأوا بمواجهة الفتنة، فتنة الدين المجتمع الذي كانوا يعيشون فيه، السلطان الذي كان يسيطر على ذلك المجتمع، القوة كانت تريد أن تثني هؤلاء الفتية والشباب عن التمسك بدينهم.

                                                      ودعونا نربط الآن بين ما تعرّض له الفتية وما تعرّض له النبي صلّ الله عليه وسلم وأصحابه في ذلك الوقت.

                                                      أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام واجهوا مكة، قريش بعتادها بقوتها بالمجتمع الذي كانوا يعيشون فيه بكل شيء، والفتية هؤلاء الشباب تعرضوا لمحنة مختلفة في تلك الأثناء بنفس المسار مسار الدين، التوحيد، من قوم آخرين ربما كانوا مع يهود ربما كانوا في ذلك الزمان المهم الدعوة واحدة.

                                                      ودعونا نتوقف ونحن نصل ما بين تلك المحنة وتلك الفتنة في كل زمان ومكان قد يتعرض الإنسان شاباً كان أو في أي مرحلة عمرية لفتنة الدين، فتنة المجتمع، أحياناً فتنة الأسرة. أنا إبتغيت وجه الله عز وجل أنا قررت أن أغيّر مساري، أنا قررت فقلت

                                                      (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)

                                                      وقومي أو مجتمعي وأسرتي أو العالم من حولي أراد أن يسلك طريقاً آخر وأنا قررت أن أسلك طريق التوحيد، فتنة أم ليست بفتنة؟

                                                      فتنة، فتنة كبيرة، إبتلاء كبير.

                                                      لأني معنى ذلك حين أقرر وأتخذ قرار تغيير المسار الذي أنا فيه سأواجه تحديات كما واجه التحديات هؤلاء الفتية، كما واجهها النبي صلّ الله عليه وسلم وأصحابه. لم يتركه قومه قطعاً، القوم من قريش قرروا مواجهة ذلك الدين بكل الوسائل والأساليب. وهنا تأتي معنى التسلية للنبي صلّ الله عليه وسلم ولأصحابه ولكل مؤمن يؤمن بالحق ويدافع عن الحق ويقرر أن يغيّر حياته.

                                                      كثير منا خاصة في الزمن الذي نعيش فيه ليس بالضرورة القضية تكون توحيد وشرك وكفر، لا، أنا ممكن كما في زماننا الذي ابتلينا فيه ممكن أكون فقط قررت أن أعيش التوحيد لأننا اليوم كثير من المسلمين وكثير من العوائل، كثير من الأسر يوحّدون الله عز وجل باللسان يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ولكن كل جزئيات وتفاصيل حياتي أبعد ما تكون عن لا إله إلا الله محمد رسول الله.

                                                      وهنا يواجه الإنسان المحنة الحقيقية قررت أن أغيّر مساري عن أسرتي عن المجتمع عن المؤسسة التي أعيش فيها، ماذا أفعل؟



                                                      تعليق


                                                      • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                        من أعظم وسائل مواجهة الفتن،


                                                        الدعاء




                                                        سورة الكهف عرضت الوسيلة الرابعة تقريباً التالية من وسائل مواجهة الفتن والصعوبات، كيف؟
                                                        (فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)
                                                        الدعاء.

                                                        الدعاء المتواصل لله سبحانه وتعالى، طلب المعونة المستمرة منه، طلب الهداية (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) بدون دعاء، بدون الإلتجاء المتواصل، هذه الوسيلة العظيمة لمواجهة الفتن، الدعاء المتواصل لله سبحانه وتعالى بأن يرحمني برحمته الواسعة، أن يقيني من الفتن.



                                                        وتأملوا معي إختيار الكلمة (رَشَداً) الرَشَد الذي يهدي الإنسان، الرَشَد الذي يقدّم للإنسان لهداية حين تختلط الأوراق أمام عينيه حين لا يدري أي سبيل أو أي طريق يمكن أن يسلكه هيئ لنا من أمرنا رشداً، الإختيار الصائب، الإختيار الصح حين تختلط الأوراق من الذي يهيئ الرشد؟

                                                        فكان التوجه إلى الله من أعظم وسائل مواجهة الفتن، الدعاء.



                                                        ثم تأتي الإجابة الفتية هؤلاء المجموعة من الشباب الذين كما يبدو في سورة الكهف تعرضوا لمحنة أن قومهم قد حادوا عن التوحيد، ربي عز وجل سبحانه وتعالى أعطاهم العلاج، أعطاهم الهداية.



                                                        من طلب الهداية من الله هداه ومن آوى إلى الله آواه




                                                        تأملوا قول الله عز وجل

                                                        (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ)

                                                        في إشارة واضحة للنبي صلّ الله عليه وسلم ولأتباع هذا الكتاب العظيم:


                                                        لا تذهب بعيداً وتخوض في الإسرائيليات


                                                        وفي القصص المختلفة المنسوجة حول أصحاب الكهف من يهود ومن غيرهم


                                                        (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ)


                                                        الحق في هذا الكتاب العظيم. ما قصتهم؟

                                                        بعيداً عن كل الخزعبلات التي يمكن أن تحاك حولهم


                                                        (فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) في كلمتين (آمنوا بربهم)


                                                        حين يصبح الإيمان القرار الذي أتخذه كيف تكون النتيجة؟



                                                        حين يصبح الإيمان والتوحيد الخالص هو القرار الذي أقرره أنظر إلى النتيجة في نفس الآية


                                                        (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)


                                                        إنتهت المسألة.

                                                        طلبت الهداية من الله سيهديك، من طلب الهداية من الله هداه ومن آوى إلى الله آواه ومن إعتصم به عصمه ووقاه ومن توكّل عليه كفاه ومن أراد العزة والهداية في غير طريق الله ربي سبحانه وتعالى أضلّه وعماه، تأملوا معي.

                                                        ثم الجزاء الذي بعد ذلك


                                                        (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ)



                                                        هل تعرف معنى أن يربط الله على قلبك ؟






                                                        كلمة ربطنا لم تأت


                                                        (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ)


                                                        في كتاب الله إلا في موضعين:


                                                        الموضع الأول مع الفتية الشباب الشباب الذي يقرر ويتخذ قرار الإيمان، الشباب الذي يتخذ قرار تغيير المنكر والخطأ إلى الصواب إلى الرشاد إلى النور.


                                                        الشباب الذي يتخذ قرار أن يصبح مصابيح ونور تضيء به ظلمات الدنيا والفتن والمحن مهما تعددت وتنوعت وفي أي زمان كانت.


                                                        الجزاء الهدى والربط على القلب (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ) وفي قضية أم موسى عليه السلام حين قال (لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا (10) القصص)



                                                        الربط على القلب لا يأتي إلا من عند الله عز وجل تثبيت، يمسك القلب فيربطه على الحق وعلى الصواب حتى لا يطير هذا القلب من شدة خوف أو من شدة حزن أو من شدة فرح أو من شدة إنحراف نحو الفتن ولذا في بعض آيات القرآن (أفئدتهم هواء) تصبح القلوب تطير مع الفتن أما هؤلاء الذين يتخذون قرار التوحيد وقرار الإيمان بربهم عز وجل بإخلاص، إخلاص لا يطلع عليه ولا يعلمه إلا من خلق سبحانه


                                                        تكون النتيجة من جنس العمل ما هي النتيجة؟

                                                        الربط على القلب، إنتهت القضية حُسمت خرجوا من الفتنة بسلام.


                                                        وهكذا كل من يريد أن يخرج من فتنة الدين كل من يريد أن يربط الله على قلبه الإجابة موجودة في سورة الكهف.




                                                        تعليق


                                                        • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                          ما معنى الإيمان القوي؟



                                                          (فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ)
                                                          آمنوا بربهم إيمان حقيقي إيمان ليس الإيمان الضعيف الإيمان القوي
                                                          ما معنى الإيمان القوي؟

                                                          إيمان قوي بمعنى أنني مستعد أن أتنازل عن كل شيء لأجل الله عز وجل بصدق وليس مجرد إدعاء.



                                                          جاء في بعض الأحاديث التي لا بأس كذلك أو بعض الأثار التي رويت حول قضية أصحاب الكهف لا بأس بإسنادها أن هؤلاء الفتية كانوا من أُسَر رفيعة المستوى المادي في قومهم يعني أُسَر لها مكانة في القوم أُسَر لها مكانة إجتماعية وسياسية ومادية ومعنوية وأنهم تركوا من ورائهم قصوراً، خرجوا من كل شيء، لأي شيء؟ لكهف. أوى الفتية إلى الكهف وما هو الكهف؟

                                                          حفرة منقورة طبيعياً بشكل طبيعي من عند الله عز وجل في جبل فقط. ترك القصر، ترك المال، ترك المكانة الإجتماعية تركوا كل شيء وراء ظهرهم أدار ظهره ووجه وجهه للذي خلقه وفطر السماوات والأرض بالحق فوجد كل شيء عنده.



                                                          تأملوا معي وانظروا إلى المفارقة العجيبة حين تدير وجهك لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له وتدير ظهرك للدنيا بأسرها وتبتغي وجه الخالق سبحانه يعطيك الدنيا والآخرة ولكن حين تدير ظهرك لربك سبحانه وتعالى وتدير وجهك للدنيا سعياً لهذه الدنيا ولملذاتها منصباً أو جاهاً أو كرسياً أو مكانة أو أي شيء من أشياء الدنيا الفانية تكون النتيجة أن الدنيا تدير وجهها عنك وفي ذات الوقت وتلك هي الكارثة أن الله سبحانه وتعالى يدير وجهه الكريم عنك غضباً وسخطاً وتلك أكبر خسارة في الدنيا!



                                                          فما قيمة أن تأتي كل الدنيا إليك تحت قدميك ولكن ربي سبحانه وتعالى غاضب ساخط على هذا الإنسان حين يتخذ القرار الخطأ، عندما يتعرض لفتنة أو لمحنة مهما كانت تلك الفتنة هذا القرار.



                                                          نفس القضية كانت أنظر بعد سنوات بعد قرون إلى النبي صلّ الله عليه وسلم خرج في قومه وهو صاحب الحسب والنسب، خرج على قومه، على أسرته وأدار ظهره للدنيا وما فيها، ولذا قال قولته المشهورة لعمّه أبي طالب حين قال: والله يا عمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه. هذا القرار هذه محنة هذه فتنة الدين ولنا أن نتساءل نسائل أنفسنا ونحن نتدبر ونقرأ سورة الكهف جمعة بعد جمعة كم أنا مستعد أن أقدم من تنازلات لأجل ديني؟ لأجل الدين الذي أحمله؟ لأجل الإيمان الذي أحمله في قلبي؟ هل وصل إيماني إلى درجة إيمان هؤلاء الفتية؟ وأنا أنظر وأقرأ هل أنا مستعد أن أضحي بكل شيء لأجل لا إله إلا الله؟



                                                          دين وإيمان بدون محاولة لتقديم تنازلات مهما كان حجم هذه التنازلات لا يمكن أن يسمى إيماناً حقيقياً، الإيمان الحقيقي الخالص الذي ينجيني في الدنيا من الفتن وينزلني الفردوس الأعلى كما ستأتي عليه الجزاء سيأتي في آخر سورة الكهف (كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)) لا يمكن أن يكون بدون ثمن. أنا حين أنزل بيتاً من بيوت الدنيا مهما كان أدفع له ثمن، ما هو الثمن الذي دفعته لأجل أن أمتلك بيتاً في الفردوس الأعلى؟ ما هو الثمن؟ الثمن لا بد أن يكون تضحيات، لا بد أن يكون مقابل هذه الفتن لتي أتعرض إليها



                                                          الحق يحتاج إلى قوة




                                                          تنتهي قصة اصحاب الكهف بقولهم

                                                          (إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا)

                                                          قضية محسومة القوم والمجتمع من حولي أرادوا قراراً آخر، إتخذوا إلهاً من دون الله عز وجل أما نحن فالقضية مختلفة.


                                                          أعظم محنة هي هذه، طلبوا أي شيء؟

                                                          طلبوا التوحيد، طلبوا القرار الصح، وقضية (إذ قاموا) فيها لفتة عجيبة فيها نداء وخطاب للنبي صلّ الله عليه وسلم ولكل مؤمن بالحق (قاموا) الحق يحتاج إلى قيام، الحق يحتاج أن أقف على قدمي وأجهر به طبعاً بالحكمة والموعظة الحسنة ولكن يحتاج لقوة.


                                                          يحتاج إلى قوة شديدة قوة تحركني قوة


                                                          تبدأ من القلب الذي آمن بالحق الذي أؤمن به.



                                                          وتأملوا معي ولقرآن كله عظيم وفيه وقفات عظيمة

                                                          (هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا)

                                                          من أكثر أسباب في الوقوع في الفتن يعني القوم الذين كذبوا والمجتمع الذين كان حول هؤلاء الفتية وقعوا في إبتلاء ولكن الفارق بينهم وبين الفتية أن الفتية نجحوا في الإمتحان وأن القوم من حولهم رسبوا في ذلك الإمتحان وذلك هو الخسران المبين.



                                                          من أكثر أسباب الرسوب والوقوع في ظلمات الفتن عدم وجود الدليل،


                                                          ليس لديهم دليل

                                                          (لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا)

                                                          لماذا الإفتراء؟

                                                          لماذا أسير وراء الفتنة وانا أعلم أن هذه المحنة أو هذه الفتنة تفتقر إلى الدليل؟.



                                                          تعليق


                                                          • رد: سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

                                                            لما سميت سورة بالكهف؟




                                                            تتوالى الآيات في قضية الفتنة التي تعرض لها هؤلاء الفتية
                                                            (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته)

                                                            وهنا الوقفة التي تبين معنى إسم سورة الكهف التي سماها النبي صلّ الله عليه وسلم في الأحاديث التي ذكرنا "من قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف" سميت الكهف.


                                                            سورة الكهف فيها قصص أخرى غير قضية الكهف


                                                            لما سميت سورة بالكهف؟


                                                            المحور، الأساس.

                                                            الكهف فيه معنى الإحتماء والإختباء والإيواء، المعنى الحسي والمعاني المعنوية معاني الإيواء جاءت في سورة الكهف كذلك، الربط واضح بين المعاني الحسية والمعاني المعنوية، معاني الإيواء والحماية والعصمة من الفتن جاءت في هذه السورة العظيمة

                                                            (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا).


                                                            وهنا وقفة عظيمة لكل مؤمن ولكل إنسان تمر عليه بعض الفتن أو بعض المحن عليك أن تحسن الظن بالله عز وجل، عليك باليقين، أنظر إلى هؤلاء الفتية
                                                            (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا)

                                                            أنظر إلى الحديث الذي كان يدور بين هؤلاء الفتية على حداثة سنّهم، هؤلاء الفتية ما كان فيهم أحد من المثبّطين، ما كان فيهم أحد ممن قلبه تحرّكه المخاوف وماذا لو حدث ذلك؟ وماذا لو قام كذلك؟ وماذا لو قتلونا؟ وماذا لو سلبوا؟ أبداً

                                                            (يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا)

                                                            يقين، يقين بأني طالما خرجت لله عز وجل لن يضيعني الله سبحانه وتعالى.

                                                            >>>>>>>>>>>>>>

                                                            قاوم مخاوفك بحسن الظن





                                                            تدبروا معي واستذكروا قول السيدة خديجة حين جاءها النبي صلّ الله عليه وسلم مضطرباً خائفاً بعد غار حراء ماذا قالت له؟ قالت: والله لن يخزيك الله أبداً، أنظر إلى حسن اليقين حسن الظن بالله عز وجل، لن يخزيك الله أنت تصل الرحم وتفعل الخير وتأمر بالمعروف لن يخزيك الله ،هذا حسن الظن هذه الجرعة القوية من حسن الظن بالله عز وجل نحتاج إليها اليوم. يحتاج إليها كل مؤمن يمر بفتنة ومحنة وإبتلاء وإختبار أن يحسن الظن بالله، لا يضيعك الله عز وجل.


                                                            طالما أنت تحسن الظن بخالقك فالله عز وجل عند حسن ظن عبده به،

                                                            >>>>>>>>>>>>>>

                                                            أحسِن الظن بالله.




                                                            أصحاب الحق الضعفاء البسطاء حين يروا أن الناس لو إجتمعوا عليهم قتلاً وحصاراً وتجويعاً وإرهاباً وتخويفاً أحسن الظن بالله، قل في نفسك وفي قلبك ولكل من حولك مهما قلّ عددهم قُل لهم الله لن يضيعنا طالما نحن على الحق، والله لن يخزينا الله عز وجل وإن تكالبت علينا قوى الأرض، قوى الغرب أو قوى الشرق لن يخزينا الله طالما أننا على الحق. قُلها بثبات في قلبك واجأر بها بصوتك ومشاعرك وأحاسيسك أن العالم كله لو إجتمع ضدك وأنت على الحق لن يخزيك الخالق الواحد الأحد سبحانه.



                                                            هكذا قال الفتية حين أتوا إلى هذا الكهف في بُعدٍ وفي عزلة

                                                            (يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا)

                                                            وكان ربي سبحانه ويكون عند حسن ظن هؤلاء به. وانظر إلى الآية التي تليها (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ)

                                                            سخر لهم الأسباب وأحدث لهم معجزة وخارقة كونية وحماهم من كل سوء لماذا؟ أحسنوا الظن بالله سبحانه، قدّموا التضحية قدّموا الإيمان إياك أن يخطر ويدر بخلدك في يوم من الأيام أنك تؤمن بالله وتدافع عن كلمة الحق الذي آمنت به وتدافع عن رسالة الحق ثم إن الله يخزيك أو يسلمك لأعدائك، لا يمكن، مستحيل، جل سبحانه وتعالى أن يفعل ذلك مع عباده، عباده المؤمنين المخلصين أبداً. إنما هو صبر ساعة وإبتلاء ومحنة ساعات ثم يأتي النصر، النصر الموعود الذي وعد الله سبحانه وتعالى به من آمن به ومن لجأ إليه.



                                                            ولذا جاءت الآية في ختامها (مَن يَهْدِ اللَّه) من طَلَب الهداية من الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن تجد له مُضلاً وفي المقابل (وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا) لا من شرق ولا من غرب، ومن يرشدك حين يضيعك الله سبحانه وتعالى؟

                                                            حين تنزل الظلمات على أعين البشر لأنهم من جرّاء أعمالهم يعني سورة الكهف كما سنأتي عليها بعد قليل نجد أن الإنسان حين يصمّ أذنيه عن الحق ويغلق عينيه عن الحق الذي يراه والنور الذي يراه أمامه ماذا تكون النتيجة؟


                                                            لا يمكن إلا أن تنزل الظلمات على عينيه، يرى الشمس أمام عينيه ولكنه يغطيها فلا يكاد يراها، لا نور ولا ضياء ولا بصيرة ولا أي شيء آخر ما الذي يضيء لك؟


                                                            ما الذي تبقى لك؟

                                                            لن تجد له ولياً مرشداً



                                                            تعليق

                                                            • جاري التحميل ..
                                                              X