إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تدبر آية من القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رد: تدبر آية من القرآن

    وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ (60)
    { .... أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } [الزمر: ٦٠]

    { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ } عن الحق، وعن عبادة ربهم، المفترين عليه؟ بلى واللّه، إن فيها لعقوبة وخزيا وسخطا، يبلغ من المتكبرين كل مبلغ، ويؤخذ الحق منهم بها.




    من عواقب الكبر:


    1. أن الكبر سبب في الصد عن الطاعة:قال تعالى عن إبليس: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34]، وعن فرعون: ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 39]، وهكذا أقوام الأنبياء الذين عارضوا الرسالة وردوها؛ ففي قوم صالح قال تعالى: ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ [الأعراف: 76]، وهكذا جميع أقوام الأنبياء الذين لم يقبلوا الحق، حتى كفار قريش.


    2. أن الكبر سبب في الطبع على القلب بالغفلة والبعد عن الله تعالى:قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35].


    3. أن الكبر يبعد الإنسان عن صفات المقربين لله جل وعلا:فمن صفاتهم أنهم لا يستكبرون؛ قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [النحل: 49]، وقال: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [السجدة: 15].


    4. أن الكبر سبب للطرد من الجنة ودخول النار:دل على ذلك حديثا الباب؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبرٍ))، وقال: ((لا يدخل الجنة أحدٌ في قلبه مثقال حبة خردلٍ من كبرياء))، ووصف الله تعالى النار في غير ما آية بأنها مثوى المتكبرين، فقال في سورة النحل: ﴿ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [النحل: 29]، وفي سورة الزمر: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60]، وفي سورة غافر: ﴿ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [غافر: 76].
    قال الغزالي: "فالكبر آفة عظيمة هائلة، وفيه يهلك الخواص من الخلق، وقلما ينفك عنه العباد والزهاد والعلماء، فضلاً عن عوام الخلق، وكيف لا تعظُمُ آفته وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبرٍ))، وإنما صار حجابًا دون الجنة؛ لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين كلها؛ لأنه لا يقدر على أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه وفيه شيء من الكبر، فما من خلق ذميم إلا وصاحب الكبر مضطر إليه ليحفظ كبره، وما من خلق محمود إلا وهو عاجز عنه؛ خوفًا من أن يفوته عزه، فمن هذا لم يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة منه"؛ [انظر: إحياء علوم الدين (3/ 345)].


    5. أن المتكبرين يجازَوْن يوم القيامة من جنس أعمالهم، فكما تكبروا في الدنيا سيصيبهم الذل يوم القيامة، ولهم عصارة أهل النار:عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار؛ طينة الخبال))؛ رواه الترمذي وقال: "حسن صحيح"، وحسنه البغوي؛ [انظر: شرح السنة للبغوي (13/ 168)].


    6. أن الكبر سبب في صرف الإنسان عن الاتعاظ والاعتبار بالعبر والآيات:قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146].


    • من آثار الكبر ومظاهره:


    1. عدم قبول الحق، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباب: ((الكبر بطر الحق)).


    2. احتقار الناس وانتقاصهم، كما في حديث الباب: ((الكبر بطر الحق وغمط الناس))، ويدخل في ذلك من باب الأولى: احتقار العمال والسخرية بهم.


    3. سوء معاملة الناس والغلظة معهم؛ لأنه يرى أنه فوق الناس، وأن له حقًّا عليهم، إما بمال كبعض التجار، أو بجاه كبعض شيوخ القبائل، أو بمنصب كمدير مع موظفيه.


    4. أكل حقوق الناس بالباطل؛ وذلك لأن المتكبر يرى أنه لا أحد يقوى عليه، وأنه يستطيع إنفاذ ما يريد.


    5. رؤية النفس بأنها خير من غيرها؛ فالمتكبر يرى في نفسه خيرًا عظيمًا، وأنه أفضل من كثير من الناس إلا أنه يتواضع، فهذا كما قيل: شجرة الكبر مغروسة فيه إلا أنه قد قطع أغصانها، فهو يرى أنه من خير الناس وأعلاهم إلا أنه لا يتلفظ بهذا؛ لأن التلفظ بذلك مذموم، وهذا شعور قد يجده بعض طلبة العلم، وللشيطان عليهم بهذا مداخل، من أراد بسطها فليقرأ كتابًا نافعًا في هذا، اسمه: (تلبيس إبليس لابن الجوزي).


    6. الترفع في المجالس والتقدم على الأقران، وهذا منشؤه إظهار ما في النفس من ترفع وحسد للأقران، والله المستعان، وعند التأمل يجد المتأمل كثيرًا من المظاهر التي يحكيها الواقع، نسأل الله السلامة والعافية.


    • علاج الكبر:


    هناك عدة أمور تعين بعد توفيق الله تعالى على التخلص من هذا الداء داء الكبر، منها:


    1. تذكر نعمة الله تعالى عليك؛ فإن العبد إذا تذكر أن كل ما فيه من ميزات وخيرات إنما هو من نعم الله تعالى وأن الله تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعرف شيئًا، فعرفه جل وعلا هذه النعم ليشكرها؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]، إذا تأملت ذلك نسبت هذه الخيرات لمسديها، وعرفت أن هذه النعم أنت بحاجة إلى أن تشكر من وهبك إياها، لا أن ترتفع بها على الناس، وأن الذي أعطاك قادرٌ على أن يمنعك.


    2. الاقتداء بهَدْي النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه؛ وذلك بقراءة سيرته صلى الله عليه وسلم وتواضعه مع الصبيان فيسلم عليهم ويمازحهم، ومع الجارية فيقضي حاجتها، ومع الأعراب بلينه معهم، ومع أهل بيته فيكون في مهنتهم، ومع أصحابه فيشاركهم العمل، ونحو ذلك من المواقف التي ملئت بها السنة النبوية.


    3. تذكر الآخرة، وأن مآلك إليها، فاستعد لها، وتأمل من هم أهل النار، وعندئذ على ماذا تتكبر وأنت إلى الله راجع، وما عندك فانٍ، وأن المتكبرين من أهل النار؟! ففي صحيح مسلم من حديث حارثة بن وهب - رضي الله عنه -: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أخبركم بأهل الجنة؟))، قالوا: بلى، قال: ((كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره))، ثم قال: ((ألا أخبركم بأهل النار؟))، قالوا: بلى، قال: ((كل عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مستكبر)).
    والعُتُلُّ: الجافي الغليظ، والجوَّاظ: المختال في مِشيتِه.


    وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((احتجَّت الجنة والنار، فقالت هذه: يدخلني الجبارون والمتكبرون، وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين، فقال الله عز وجل لهذه: أنت عذابي أعذب بك من أشاء، وقال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها)).


    4. قراءة سيرهم خير معين للنفس في التخلص من هذا الداء، وكتب السير مليئة بسيرهم، ومن أبرزها (سير أعلام النبلاء للذهبي)، أو قراءة المختصرات عليه، ومن أبرزها: (نزهة الفضلاء لموسى الشريف) و(تحفة العلماء لمحمد صفوت نور الدين)، أو اقرأ (التهذيب الموضوعي لحلية الأولياء لمحمد الهبدان) وهو كتاب قيم صدر حديثًا.


    5. معرفة النفس على حقيقتها، وذلك حيث يتذكر الإنسان أنه خلق من ماء دافق، ويتذكر قول الله تعالى أيضًا: ﴿ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ﴾ [عبس: 18، 19]، وعن مطرف بن عبدالله بن الشخير أنه رأى المهلب وهو يتبختر في جبَّة خز، فقال: يا عبدالله، هذه مِشية يبغضها الله ورسوله، فقال له المهلب: أما تعرفني؟ فقال: بلى أعرفك، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة، فمضى المهلب وترك مشيته تلك"؛ [انظر: إحياء علوم الدين للغزالي (3/ 359)].



    ابذل جهدك لأن تسحق مارد الكبر في داخلك ، واعلم أن معركتك معه قوية ، فلا تتوقع أن نوازع الإستعلاء تستسلم بسهوله .. أيقظ كل جنود التواضع ليحرسوا قلبك

    لنتأكد من سلامة منهجنا وإخلاص قلوبنا قبل أن نتفاجأ غدا أن ماكنا نحسبه صوابا ليس إلا ضلالا . ولنعي جيدا أن لافضل لأحد على آخر إلا بالتقوى ... وما يدرينا أننا أتقياء ؟!!! مهما عملنا تبقى القلوب في وجل ... اللهم غفرانك ورضاك



    المصدر شبكة الالوكة







    تعليق


    • رد: تدبر آية من القرآن


      {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ○وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} [ الواقعة:٨٣-٨٤]

      تصور لك أواخر سورة الواقعة حالة الإحتضار .. آخر لحظات حياتك ، حين تبلغ الروح الحلقوم .. اللهم هون علينا سكرات الموت

      من أكثر مواقف العجز البشري صعوبة هي في حالة الإحتضار .. حين تنتزع روح حبيب لك وهو بين يديك ... تراه يحتضر ... تراه يموت ... وأنت تنظر !! ولا تستطيع فعل شيء !!!...إنه شعور يدمي القلوب ... اللهم أمتنا على شهادة أن لا إله إلا الله ، واجعل خير أيامنا يوم نلقاك ...

      من أراد أن يعلم أخبار الأولين والآخرين ، وأهل الجنة ، وأهل النار ، وأهل الدنيا والآخرة ، فليقرأ سورة الواقعة {خافضة رافعة} من انخفض يومئذ ، لن يرتفع أبدا لأنه في الهاوية .... ومن ارتفع لن ينخفض أبدا ، فهو في جنة عالية .. على قدر همتك في الطاعة تكون منزلتك عند الله
      { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ ...} اللهم اجعلنا من الفائزين


      ﴿فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـكِن لاَّ تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَـدِقِينَ (87)﴾
      عندما تصل الروح إلى الحلقوم:
      من اللحظات الحسّاسة التي تقلق الإنسان دائماً هي لحظة الإحتضار ونهاية العمر، في تلك اللحظة يكون كلّ شيء قد إنتهى، وقد جلس أهله وأحبّاؤه ينظرون إليه بيأس كشمعة قد إنتهى أمدها وستنطفىء رويداً رويداً، حيث يودّع الحياة دون أن يستطيع أحد أن يمدّ إليه يد العون.
      والمخاطبون هنا هم أقارب المحتضر الذين ينظرون إلى حالته في ساعة الإحتضار من جهة، ويلاحظون ضعفه وعجزه من جهة ثانية، وتتجلّى لهم قدرة الله تعالى على كلّ شيء، حيث أنّ الموت والحياة بيده، وأنّهم - أي أقاربه - سيلاقون نفس المصير.
      ثمّ يضيف سبحانه (ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون).
      نعم، نحن الذين نعلم بصورة جيّدة ما الذي يجول في خواطر المحتضر؟ وما هي الإزعاجات التي تعتريه؟ نحن الذين أصدرنا أمرنا بقبض روحه في وقت معيّن، إنّكم تلاحظون ظاهر حاله فقط، ولا تعلمون كيفية إنتقال روحه من هذه الدار إلى الدار الآخرة، وطبيعة المخاضات الصعبة التي يعيشها في هذه اللحظة.

      وبناءً على هذا فالمقصود من الآية هو: قرب الله عزّوجلّ من الشخص المحتضر، بالرغم من أنّ البعض إحتمل المقصود بالقرب (ملائكة قبض الروح) إلاّ أنّ التّفسير الأوّل منسجم مع ظاهر الآية أكثر.

      وعلى كلّ حال فإنّ الله سبحانه ليس في هذه اللحظات أقرب إلينا من كلّ أحد، بل هو في كلّ وقت كذلك، بل هو أقرب إلينا حتّى من أنفسنا، بالرغم من أنّنا بعيدون عنه نتيجة غفلتنا وعدم وعينا، ولكن هذا المعنى في لحظة الإحتضار يتجلّى أكثر من أي وقت آخر.

      ثمّ للتأكيد الأشدّ في توضيح هذه الحقيقة يضيف تعالى: (فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين).

      إنّ ضعفكم هذا دليل أيضاً على أنّ مالك الموت والحياة واحد، وأنّ الجزاء بيده، وهو الذي يحي ويميت.

      "مدينين": جمع (مدين) من مادّة (دَين) بمعنى الجزاء، وفسّرها البعض بمعنى المربوبين.
      والمعنى هو: ياأيّها العباد، إن كنتم تحت ربوبية موجود آخر، ومالكي نواصي اُموركم، فارجعوا أرواحكم التي قبضناها، وهيهات تقدرون! وهذا دليل آخر على أنّكم في قبضة الحكومة الإلهية.

      تعقيب

      1 - لحظة ضعف الجبّارين
      إنّ الهدف من هذه الآيات - في الحقيقة - هو بيان قدرة الله عزّوجلّ على مسألة الموت والحياة، كي ينتقل منها إلى مسألة المعاد وإختيار لحظات الإحتضار والموت هنا لظهور غاية الضعف الإنساني بالرغم من كلّ القوّة التي يتصوّرها لنفسه.

      ثانياً: هل أنّ قبض الروح يكون تدريجيّاً؟
      إنّ التعبير بوصول الروح إلى الحلقوم كما في قوله تعالى: (فلولا إذا بلغت الحلقوم) كناية عن آخر لحظات الحياة، كما أنّه من المحتمل أن يكون منشؤها هو أنّ غالبية أعضاء جسم الإنسان كالأيدي والأرجل تتعطّل عند الموت قبل بعض الأعضاء الاُخرى، والحلقوم هو العضو الأخير الذي يتوقّف عن العمل.
      قال تعالى: (كلاّ إذا بلغت التراقي)،(والترقوة) هي العظام التي تحيط بأطراف الحلق.

      موقع هدى القران
      .


      تعليق


      • رد: تدبر آية من القرآن

        {.... إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ...* فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأرْضِ وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيراً...} [الجمعه:٩ ،١٠]



        ﴿ ﺇﺫﺍ ﻧﻮﺩﻱ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﺎﺳﻌﻮﺍ ﴾ المراد بالسعي هنا: ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻬﺎ، ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﺃﻫﻢ ﺍﻷﺷﻐﺎﻝ . # السعدي ـ


        في سورة الجمعة مثال لقاعدة شرعية، وهي: (الوسائل لها أحكام المقاصد) أي: إنه قد يمنع من المباح إذا كان يفضي لترك واجب أو فعل محرم، مثاله: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ). ــــ ˮتفسير السعدي



        فضائل يوم الجمعة كثيرة وأعلى تلك الفضائل خطبة الجمعة وصلاتها ﴿ فاسعوا إلى ذكر الله ﴾ وذروا كل ما يصدكم أو يشغلكم
        عنها




        قال الشافعي: السعي في هذا الموضع: العمل، لا السعي على الأقدام -أي: الإسراع-، قال الله: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (الليل:٤)، وقال: (وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) (الإسراء:١٩)، وقال: (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا) (الإنسان:٢٢)، وقال: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (النجم:٣٩)، وقال: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة:٢٠٥).

        (فاسعوا إلى ذكرالله) إذا رفع النداء للصلاة بالله أكبر فكل مافي الدنيا صغير يُترك ليسعى المؤمن ملبيًا النداء ورزقه مضمون


        ﴿ إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ﴾
        ذكره الله لبركته
        فلنكثر في يوم الجمعة و #ليلة_الجمعة
        من الصلاة على الحبيب المصطفى
        اللهم صل وسلم عليه ـ




        (فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) تعلمنا أن يوم الجمعة يوم عمل فمن الذي جعله يوم نوم وكسل وتفريط في العبادات؟!




        في طلب الرزق قال الله تعالى {فامشوا} وفي الذهاب للصلاة {فاسعوا} وفي طلب الجنة {سابقوا} وفي تحقيق التوحيد {ففروا إلى الله} بقدر الهدف يعظم المسير ...




        يوم الجمعة سيد الأيام ، فليكن مستودعا لصالح الأعمال لاسيما الصلاة فهي خير العمل ، وما طلب الله ترك البيع و السعي إليها ، إلا لأنه أعد لهم من الخير مايليق بفضله سبحانه أضعافا من البركة والكسب في الدنيا قبل الآخرة ...





        أنت في المسجد تبتغي رحمة الله ، وخارجه تبتغي فضل الله.. {واذكروا الله كثيرا} تتيسر أمورنا وتتحقق غاياتنا بقدر ذكرنا لله عند طلب الدنيا .





        ذكر الله من أسباب الثبات في أيام الفتن وعند الشدائد والكروب ، وهو دليل كثرة الفلاح والتوفيق ، فمن ذكر الله كثيرا أحبه الله ووفقه وهداه ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) سبحانك الله ما أكرمه










        تعليق


        • رد: تدبر آية من القرآن






          {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (10)} [الحشر]


          يثني تعالى على المؤمنين الذين ربطهم حبل الإيمان والولاء بمن سبقوهم من المؤمنين عبر تاريخ الإنسان , من لدن آدم إلى قيام الساعة , فمتأخري المؤمنين ما هم إلا امتداد للسابقين, إخوة متحابين منهجهم واحد وإلههم واحد لا إله غيره, ربطهم الحب في الله وربطهم حبل الإيمان, يستغفر بعضهم لبعض وينفون الغل عن قلوبهم لمن سبقوهم, ويتعاطون الإحسان وحب الخير للجميع كحبه لأنفسهم, ويشفقون على أنفسهم من الذنوب ويطلبون المغفرة والرضوان ورحمة الله لهم ولمن قبلهم من المؤمنين.


          يثني تعالى على المؤمنين الذين ربطهم حبل الإيمان والولاء بمن سبقوهم من المؤمنين عبر تاريخ الإنسان , من لدن آدم إلى قيام الساعة , فمتأخري المؤمنين ما هم إلا امتداد للسابقين, إخوة متحابين منهجهم واحد وإلههم واحد لا إله غيره, ربطهم الحب في الله وربطهم حبل الإيمان, يستغفر بعضهم لبعض وينفون الغل عن قلوبهم لمن سبقوهم, ويتعاطون الإحسان وحب الخير للجميع كحبه لأنفسهم, ويشفقون على أنفسهم من الذنوب ويطلبون المغفرة والرضوان ورحمة الله لهم ولمن قبلهم من المؤمنين.
          قال العلامة ابن سعدي رحمه اللَّه : ((وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين من السابقين من الصحابة، ومن قبلهم، ومن بعدهم، وهذا من فضائل الإيمان، أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض، بسبب المشاركة في الإيمان، المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين، التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض، وأن يحب بعضهم بعضاً؛ ولهذا ذكر اللَّه تعالى في هذا الدعاء نفي الغل في القلب الشامل لقليله وكثيره، الذي إذا انتفى، ثبت ضده، وهو المحبّة بين المؤمنين)) .

          فجمعوا في هذه الدعوة المباركة بين سلامة القلب، وسلامة الألسن، فليس في قلوبهم أي ضغينة، ولا وقيعة، ولا استنقاص لأحد بالذكر في اللسان، دلالة على جماع المحبّة الصادقة للَّه ربِّ العالمين.


          {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (10)} [الحشر]


          أقصر طريق للجنة ... في سلامة الصدر ، وتطهير القلوب من الغل والحسد ..

          الدعاء لغة القلوب الطاهرة ، تأمل كيف مدحهم الله تعالى لمجرد دعائهم لمن سبقوهم بالإيمان ، وهم لايعرفون وجوههم ، ولا أسماءهم ، ولا متى وأين وفي أي زمن ولدوا ... لقد علموا أن الإيمان لايكتمل إلا بالمحبة ، ولا ينمو بقلب يشغله الشقاق .. فما حال قلبك ؟!إذا كنت تشعر بالندم لتقصيرك بحق أصدقائك وإخوانك .. فتذكر نعمة الدعاء لهم ..

          من أسس الراحة النفسية أن لاترهق قلبك بالمشاحنات ، دعه ينبض بالصفاء والمودة لمن حولك .. فمن طهرت قلوبهم ، وزكت نفوسهم ، وأحبوا بإخلاص .. ذاقوا النعيم وراحة البال .
          لاحظ كلمة (القبول) وكلمة (القلوب) ستجدها نفس الأحرف ! ألا يشعرك ذلك بأن القبول عند الناس مرهون بصفاء القلوب ؟! ...




          تعليق


          • رد: تدبر آية من القرآن


            {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)

            الكثيرون يصرفون معنى الاستطاعة إلى الضعف وقلة الجهد المبذول في أداء العبادات والقربات وأداء الأعمال بشكل عام، ويحملونها على معنى سلبي يفتح الباب للتكاسل والتواكل، بينما الاستطاعة تدل على بذل الجهد واستفراغ الوسع في فعل الشيء، ففي المعجم الوسيط:”اسْتَطَاعَ الشيءَ: أَطاقه وقَدَر عليه وأَمكنه. واسْتَطَاعَ فلاناً ونحوَه: اسْتَدْعَى طَاعَتَهُ وإجابته” .

            . وفي معجم الغني:” ط و ع. مصدر اِسْتَطَاعَ: في اسْتِطاعَتِهِ القِيَامُ بِهَذَا العَمَلِ: في إِمْكانِهِ، أَيْ لَهُ القُدْرَةُ على القِيَامِ بِذَلِكَ. ط و ع. فعل: سداسي متعد. اِسْتَطَاعَ، يَسْتَطيعُ، مصدر اِسْتِطاعَةٌ. اِسْتَطاعَ الْمَشْيَ: قَدَرَ عَلَيْهِ، أَطاقَهُ”. وفي معجم اللغة العربية المعاصر:”استطاعَ يستطِيع، اسْتَطِعْ، استطاعةً، فهو مُستطيع، والمفعول مُستطاع. واستطاع الأمرَ:
            1- قدَر عليه وأمكنه، أطاقه وقوي عليه، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}.
            2- وجدَه:{فَضَلُّوا فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً} .

            يقول الله عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. سورة التغابن: 16.

            يقول ابن عاشور في تفسيره للآية:”فاتقوا الله ما استطعتم” مصدرية ظرفية، أي مدة استطاعتكم ليعم الأزمان كلها ويعم الأحوال تبعًا لعموم الأزمان ويعم الاستطاعات، فلا يتخلوا عن التقوى في شيء من الأزمان. وجعلت الأزمان ظرفًا للاستطاعة لئلا يقصروا بالتفريط في شيء يستطيعونه فيما أمروا بالتقوى في شأنه ما لم يخرج عن حدّ الاستطاعة إلى حدّ المشقة قال تعالى:{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} سورةالبقرة: 185. فليس في قوله:”فاتقوا الله ما استطعتم” تخفيف ولا تشديد ولكنه عَدل وإنصافٌ، ففيه ما عليهم وفيه ما لهم”.

            ويقول الشيخ طنطاوي في الوسيط:” و(مَا) في قوله: “فاتقوا الله ما استطعتم” مصدرية ظرفية. والمراد بالاستطاعة: نهاية الطاقة والجهد. أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من أن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي لا يشغله ماله أو ولده أو زوجه عن ذكر الله- تعالى- فابذلوا نهاية قدرتكم واستطاعتكم في طاعة الله- تعالى- وداوموا على ذلك في جميع الأوقات والأزمان. وليس بين هذه الآية، وبين قوله- تعالى- {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} تعارض، لأن كلتا الآيتين تأمران المسلم بأن يبذل قصارى جهده، ونهاية طاقته، في المواظبة على أداء ما كلفه الله به، ولذلك فلا نرى ما يدعو إلى قول من قال: إن الآية التي معنا نسخت الآية التي تقول:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ}”. ويقول الله عز وجل:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ}. سورة البقرة: 286.

            يقول ابن عاشور في تفسيره:” والوسع في القراءة بضم الواو، في كلام العرب مثلّث الواو وهو الطاقة والاستطاعة، والمراد به هنا ما يطاق ويستطاع، فهو من إطلاق المصدر وإرادة المفعول. والمستطاع هو ما اعتادَ الناسُ قدرتَهم على أن يفعلوه إن توجّهت إرادتهم لفعله مع السلامة وانتفاء الموانع”.

            وفي تفسير الشعراوي:”{لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} إنّه سبحانه لم يكلفكم إلا ما هو في الوسع. لماذا؟ لأن الأحداث بالنسبة لعزم النفس البشرية ثلاثة أقسام: القسم الأول: هو ما لا قدرة لنا عليه، وهذا بعيد عن التكليف. القسم الثاني: لنا قدرة عليه لكن بمشقة أي يجهد طاقتنا قليلًا. القسم الثالث: التكليف بالوسع. إذن {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} أي أن الحق لا يكلف النفس إلا بتكليف تكون فيه طاقتها أوسع من التكليف. إذن فهذا في الوسع، ومن الممكن أن تزيد، إذن فالأشياء ثلاثة: شيء لا يدخل في القدرة فلا تكليف به، شيء يدخل في القدرة بشيء من التعب، وشيء في الوسع، والحق حين كلف، كلف ما في الوسع. ومادام كلف ما في الوسع فإن تطوعت أنت بأمر زائد فهذا موضوع آخر {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ} مادمت تتطوع من جنس ما فرض. إذن فالتكليف في الوسع وإلا لو لم يكن في الوسع لما تطوعت بالزيادة”.

            وفي السنة نجد الدعوة إلى اجتناب المنهيات، وبذل الجهد واستفراغ الوسع في القيام بما أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”دعوني ما تركتُكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالُهم واختلافُهم على أنبيائِهم، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منهما استطعتم”. صحيح البخاري: 7288. والرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم ضربوا لنا أروع الأمثلة في بذل الجهد واستفراغ الوسع في العبادة وفي الدعوة إلى الله عز وفي نفع الناس، وكان كل واحد منهم أمة في بذله وعطائه، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:”كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذا صلَّى، قام حتى تفطَّر رجلاه. قالت عائشةُ: يا رسولَ اللهِ أتصنعُ هذا، وقد غُفِر لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّرَ؟ فقال:”يا عائشةُ أفلا أكونُعبدًاشكورًا”. صحيح مسلم: 2820.

            وفي الدعوة نجد حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الناس حتى كاد أن يهلك نفسه كما عبر القرآن الكريم بقوله تعالى:{فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَسَفًا٦} سورة الكهف: 6.

            وعند الصحابة رضي الله عنهم نجد استفراغ الوسع والطاقة في الإنفاق، فأبو بكر الصديق رضي الله عنه ينفق حتى يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم:”ما أبقيت لأهلك؟” فيقول: أبقيت لهم الله ورسوله، وعثمان رضي الله عنه ينفق حتى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم”، وطلحة بن عبيد رضي الله عنه ينفق حتى يلقب بطلحة الخير وطلحة الجود وطلحة الفياض. والصحابة رضي الله عنهم خرجوا للجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نقبت أقدامهم ولبسوا عليها الخرق وسميت تلك الغزوة بغزوة ذات الرقاع. وتحقيق العبودية لله عز وجل يقوم على الاستسلام له سبحانه وتعالى والرضا بقضائه وقدره، ويقوم على مجاهدة النفس في فعل الطاعات واجتناب المحرمات والابتعاد عن المنهيات، يقول الله عز وجل:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} سورة الحج: 78.

            والصدق مع الله عز وجل يتطلب الإخلاص في العبادة والعمل وبذل الجهد واستفراغ الوسع في أداء ما أمر به المسلم، والابتعاد عن المحرمات، وبذلك ينال المسلم النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة.

            محمد ابراهيم خاطر
            اسلام ويب

            { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ ۗ ....َ ○ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ ....} [التغابن : ١٦ - ١٧]


            التقوى هي امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه ، وذلك بالإستطاعة والقدرة .. ما أرحم ربنا بنا ! إذ لم يكلفنا مالا نطيق .. سبحانه

            {وأنفقوا خيرا لأنفسكم} هل تشعر بآلام الذنوب ؟ هل تثقلك همومها ؟ وعد الله المقرضين المتصدقين بأن يغفر ذنوبهم ، فالصدقات تكفر الذنوب وتضاعف الحسنات .. اتق الله في زكاة أموالك .. طهرها ، واربح رضا الله عنك ، والإطمئنان لقلبك ، والبركة لأموالك .

            المال هو مال الله تعالى ، ينعم به على عبده ، ثم ينعم عليه بالتوفيق للصدقة ، ثم ينعم عليه بالمضاعفة والمغفرة . هل بعد هذا الكرم الإلهي تتردد في الإنفاق ؟!..



            تأملات قرآنية





            تعليق


            • رد: تدبر آية من القرآن

              (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ غڑ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا غ– قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ غڑ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىظ° هُوَ غ– قُلْ عَسَىظ° أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا } [ الإسراء : ظ¥ظ، ]
              تفسير الآيتين 50 و51 :ـ
              ولهذا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المنكرين للبعث استبعادا: { قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ } أي: يعظم { فِي صُدُورِكُمْ } لتسلموا بذلك على زعمكم من أن تنالكم قدرة الله أو تنفذ فيكم مشيئته، فإنكم غير معجزي الله في أي حالة تكونون وعلى أي وصف تتحولون، وليس لكم في أنفسكم تدبير في حالة الحياة وبعد الممات.

              فدعوا التدبير والتصريف لمن هو على كل شيء قدير وبكل شيء محيط.

              { فَسَيَقُولُونَ } حين تقيم عليهم الحجة في البعث: { مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } فكما فطركم ولم تكونوا شيئا مذكورا فإنه سيعيدكم خلقا جديدا { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ }
              { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ } أي: يهزونها إنكارا وتعجبا مما قلت، { وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ } أي: متى وقت البعث الذي تزعمه على قولك؟ لا إقرار منهم لأصل البعث بل ذلك سفه منهم وتعجيز. { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا } فليس في تعيين وقته فائدة، وإنما الفائدة والمدار على تقريره والإقرار به وإثباته وإلا فكل ما هو آت فإنه قريب.
              (تفسير السعدي)

              ( أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ غڑ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا غ– قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ غڑ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىظ° هُوَ غ– قُلْ عَسَىظ° أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا } [ الإسراء : ظ¥ظ، ]
              *اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله ( أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ) فقال بعضهم: عُنِي به الموت، وأريد به: أو كونوا الموت، فإنكم إن كنتموه أمتُّكم ثم بعثتكم بعد ذلك يوم البعث وقال آخرون: عنى بذلك السماء والأرض والجبال (تفسير الطبرى)

              *بيان عدم إعجاز ما يرونه مستحيلاً ï´؟ أو خلقاً مما يكبر في صدوركم ï´¾ وهو الموت ، أي حتى لو تنافت كل أسباب الحياة فيكم فالله قادر على إعادتكم


              * (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء) أحسن الظن بالله ، ولا تستبطئ الخير من خالقه. ف (عسى أن يكون قريبا(


              *الآية الكريمة تدعو إلى التفاؤل .. حطم سد اليأس ، ودع نهر الآمال يجري !! .. تفاءلوا فالهموم مثل الغيوم ، ماتراكمت إلا لتمطر !

              *{قل عسى أن يكون قريبا} إذا تأخر الفرج فلا يعني أنه لن يأتي ، فأقدار الله مبطنة بالرحمات ولكننا نستعجل وكل شيء عند الله بأجل مسمى !! قد يراودك حلم يداعب خيالك ، وترى أنه بعيد المنال .. لكن ربك كريم لايعجزه أن يجعل البعيد قريب ، وطالما القادم في علم غيب الله جل جلاله فلا بد أن تتصور ياعزيزي بأنه سيكون جميلا

              *بعض الأمنيات ليست مستحيلة بل ينقصها الأمل وحسن الظن بالله .. اطلب من الله كل ماترجوه ولا تستبطئ الخير من خالقه .. فبقدر ثقتك بالله تكون أمنياتك أقرب ..

              إن طال صبرك وضاقت بك الدروب ورأيت شمس الأمل تسعى للغروب ... اجعل دواء قلبك قول المولى علام الغيوب {قل عسى أن يكون قريبا}


              حصاد التدبر


              تعليق


              • رد: تدبر آية من القرآن

                {كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ○ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} [الإسراء: ٢٠ - ٢١]


                يقول الحسن البصري -رحمه الله تعالى- في قوله تعالى: (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ) قال: "كلا نرزق في الدنيا البر والفاجر" [الدر المنثور (5/ 255- 256.)]. ويقول الضحاك -رحمه الله- في قوله -سبحانه-: (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ) "أي: "إن الله قسم الدنيا بين البر والفاجر، والآخرة خصوصا عند ربك للمتقين" [الدر المنثور (5/ 255- 256)].

                : إن عطاء الله -سبحانه وتعالى- الدنيوي ليس محظوراً على الكافرين أو ممنوعاً عنهم بل هو شامل للجميع، وعام على المؤمنين والكافرين، بل ربما يعطي الله -سبحانه وتعالى- الكفار من الدنيا أكثر مما يعطي المؤمنين منها استدراجاً لهم، ومكراً بهم، وما هو في الحقيقة إلا شر ظاهره الخير والرحمة، وباطنه العذاب والشقاء بذلك العطاء، كما قال الله -تبارك وتعالى-: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [آل عمران : 178].

                إن المتقين حددوا اتجاههم واختاروا مرادهم، وهو غنى الآخرة، فما يبالى أحدهم أوتي حظاً من الدنيا أو لم يؤت، فإن أوتي منها شكر، وإن لم يؤت منها صبر، وربما كان الفقر خيراً له، وأعون له على مراده.
                وأما أصحاب العاجلة ومؤثرو الدنيا فإن أمنياتهم في الدنيا كثيرة وأحلامهم عريضة، ولكنهم لا يحصل لهم كل ما يريدون، ولا يتحقق لهم جميع ما يشتهون، وإنما يتحقق لبعضهم بعض ما يتمنون، فمن شاء الله له منهم أن يعطى أعطي، وأما الآخرون منهم فإنهم -أعاذنا الله وإياكم- قد حرموا، فاجتمع عليهم فقر الدنيا وفقر الآخرة، نسأل الله السلامة والعافية.
                يقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ " [ابن ماجة (4105)].
                أيها المسلمون: إن هذه الآيات الكريمات تعلمنا أن أصحاب الاتجاه الأول -الاتجاه الدنيوي - يؤثرون العاجلة على الباقية، ويستعجلون الرخيص ويتركون الغالي، ويطلبون السريع الزائل ويفضلونه على النعيم الدائم، ولهذا ذمهم الله فقال عنهم في آية أخرى: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا) [الإنسان : 27].
                إن هؤلاء المتعجلين نظرهم قصير، وعقولهم صغيرة، وتفكيرهم ساذج، وآمانيهم بسيطة، وآمالهم لا تتعدى ما تحتهم، ولهذا يتعجلون الحصول على شهوات الدنيا ولذائذها، ويخشون أن تفوتهم فرصتها، فيتنافسون فيها، ويتهالكون ويتقاتلون عليها، وهي عاجلة سرعان ما تمر وتنتهي وتزول بكل ما فيها من نعيم وهمي ولذائذ زائلة، ولكنه الخسران والحرمان لهؤلاء المتعجلين الذين يخسرون النعيم الحقيقي الأبدي السرمدي مقابل النعيم الزائل الوهمي.
                أما المؤمنون الصالحون فإنهم هم الذين يريدون الآخرة وما فيها من جنة ونعيم، ويجعلون الدنيا العاجلة مزرعة للآخرة الباقية، ويسعون سعيهم الحثيث اليها، ويكثرون من الأعمال الصالحة ليأخذوا ثوابها عند الله, فهؤلاء هم الفائزون المفلحون يتقبل الله عملهم وجهدهم وسعيهم ويدخلهم الجنة منعمين فيها.
                يقول الله -سبحانه وتعالى- مفضلاً الآخرة الباقية وأهلها على الدنيا الفانية وأصحابها: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنعام : 32]، ويقول: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ) [الرعد : 26]، ويقول سبحانه: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [القصص : 60].
                يقول سلمان الفارسي -رضي الله عنه-: "أضحكني ثلاث: مؤمل للدنيا والموت يطلبه، وغافل لا يغفل عنه، وضاحك بملء فيه لا يدري الله راضٍ عنه أم ساخط" ويقول النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ" [مسلم (2742)].
                ملتقى الخطباء


                {كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ○ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} [الإسراء: ٢٠ - ٢١]


                تقدم واطلب ماتشاء ... ماكان عطاء ربك ممنوعا عن أحد ، العطايا الربانية متاحة لمن يطلبها بسجدة ودمعة !! ..
                أعزائي :
                إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لايحب ، ولا يعطي نعيم الآخرة إلا لمن يحب ، وشتان مابين نعيم الدنيا وملذاتها الفانية ، وبين نعيم الآخرة الدائم في مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر ... اطلب من الله الهداية فهي أجزل عطاء ، واعلم أن كل أمنياتك وآمالك فتحت لها خزائن الكريم جل جلاله.

                {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا} هناك التفاضل الحقيقي .. أهل الآخرة يتفاضلون في درجاتهم أكثر من أهل الدنيا ..هنيئا لسكان الغرف العاليات في جنات النعيم ، على سرر موضونه ، وياحسرة من يتقلب في الجحيم ويعذب بالعذاب الأليم .. اللهم سلم
                لكل الذين لم تتحقق أمانيهم بعد .. لاتيأسوا حتى ولو انتهت الدنيا .. فهناك مدة باقية لانهاية لها هي الأوفر حظا ... تنتظركم ...





                تعليق


                • رد: تدبر آية من القرآن

                  وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)


                  1-يكتشف الإنسان إتقان نظام الكون ودقته فيعميه غروره لأنه المكتشف عن الإيمان بالله لأنه الصانع (صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون)/عبد العزيز الطريفي


                  2-لا تلهينك حسن الصورة وجمالها عن عظمة من أبدع تصويرها وصنعها ؛ إنّها من : ﴿ صُنْعَ اللهِ الذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء ﴾/ خباب مروان الحمد


                  3-" صنــع الله الذي أتقن كل شيء " أتقن كل شيء وأتى به على الحكمة . اللهم لك الحمد كله . / فوائد القرآن


                  4- "صُنعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِیۤ أَتقَنَ كُلَّ شَیۡءٍۚ" من أكبر براهين وجود الله حقيقة الضبط الدقيق للكون والدقة والاتقان في الخلق.. كل الملاحدة مقرون بذلك لكنهم يتمحلون للدفاع عن إلحادهم بافتراضات ظنية متكلفة.. / عادل صالح السليم


                  5-مسألة: قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) وقال تعالى: (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا (105) فيذرها قاعا صفصفا (106) لا ترى فيها عوجا ولا أمتا (107) ؟ . جوابه: أن ذلك باختلاف أحوال: ففي أول الأمر تسير سير السحاب وترى كالواقفة لعظمها كسير الشمس والقمر في رأى العين ثم بعد ذلك تتضاءل فتكون كالعهن المنفوش ثم تنسف فتكون الأرض قاعا صفافا، والنسف هو تفريق الريح الغبار فيصير كالهباء. والله أعلم.( كشف المعاني )


                  6-صُنْع/ عَمَل:إن العمل عام يشمل: الخير والشرَّ. وأنه قد لا يحتاج إلى الإتقان والمهارة، وكل ما هناك أن العمل فعلٌ مقصود من فاعله كما نقلنا عن الراغب. أمَّا آية "سبأ" فيما يتعلق بالجن، فقد جاءت كلمة {يَعْمَلُونَ} بدلًا من "يصنعون" على الرغم مما تحتاج إليه هذه الأشياء من مهارة وإحكام وإتقان؛ لبيان أن هذا شيء سهلٌ على الجن فهم "يعملونه" بيُسر وبساطة، كما تُعْمَل الأشياء التي لا تحتاج إلى إحكام ومهارة وإتقان، ولعل المراد بيان أنهم ممتهنون بالعَمَل، فهم يقومون بهذه العجائب على وجه التسخير والامتهان، لا لأنهم صَنَعةٌ مهرة، والله أعلم بمراده. أما الصنع فيتميز بالمهارة والإتقان سواء أكان خيرًا أم شرًا. ( معجم الفروق الدلالية / بتصرف )


                  مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89)


                  1-} من جاء بالحسنة فله خير منها{ - المعاملة مع الله :قدم معروف واحد يأتيك عشر امثاله - المعاملة مع البشر :معروفك ان لم ينسى يجحد !/ مها العنزي


                  2-﴿ من جاء بالحسنة فله خير منها ﴾ قال قتادة : بالإخلاص. وقال عكرمة : هي لا إله إلا الله. اللهم ثبتنا على لا إله إلا الله. / روائع القران


                  3-اختصار لمعنى رحمته سبحانه : ﴿ من جَاء بالحسنة فله عشر أمثالها ۖ ومن جاءَ بالسيِّئة فَلَا يجزى إِلَّا مِثلها ﴾/ تأملات قرآنية



                  حصاد التدبر





                  تعليق


                  • رد: تدبر آية من القرآن


                    { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا } [ الإسراء:٢٥]

                    يقول الله تعالى في محكم آياته : { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا } [ الإسراء:٢٥] (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) البقرة (235) ، وقال الله تعالى : (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (284) البقرة ، وقال الله تعالى : (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (29) آل عمران

                    فويحك أيها المتمادي في معاصيك ، فإن كانت جراءتك على معصية الله لاعتقاد أن الله لا يراك، فما أعظم كفرك، وإن كان علمك باطلاعه عليك، فما أشد وقاحتك، وأقل حياءك! قال الله تعالى (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ) [النساء:108]. فمن أعجب الأشياء أن تعرف الله ثم تعصيه، وتعلم قدر غضبه ثم تعرض له، وتعرف شدة عقابه ثم لا تطلب السلامة منه، وتذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تهرب منها ولا تطلب الأنس بطاعته.


                    قال قتادة: ( ابن آدم، والله إن عليك لشهوداً غير متهمة في بدنك، فراقبهم، واتق الله في سرك وعلانيتك، فإنه لا يخفى عليه خافية، الظلمة عنده ضوء، والسر عنده علانية، فمن استطاع أن يموت وهو بالله حسن الظن فليفعل، ولا قوة إلا بالله )
                    . قال الله تعالى : (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ ) [فصلت:22،23]

                    (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
                    أمرهم تعالى بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عرضها السماوات والأرض، فكيف بطولها، التي أعدها الله للمتقين، فهم أهلها وأعمال التقوى هي الموصلة إليها



                    كيف تكون عبدا أوابًا؟
                    لقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) رواه الترمذيفالواجب على العبد أن يعترفَ بذنبه عند ربِّه، ويعودَ إليه، حتى لو تكرَّر منه الذنبُمن أحب العباد إلي الله : العبد الأواب ، والعبد الأواب: هو العبد الدائم الرجوع الي الله ،بالذكر والتسبيح والاستغفار والتوبة ، فالمؤمن بربه المحب له أوَّاب إليه، أي: كثير الرجوع إلى طاعته ،فكلما شرد أو ابتعد أو ضعف في هذه الحياة، بموجب النقص البشري فيه، تذكر، فسارع بالرجوع إلى الطاعة والتوبة والأوبة، وذلك على سبيل الهيبة والتعظيم لربه، وقد مدح الله عز وجل بعض أنبيائه عليهم السلام بأنهم أوَّابون رجَّاعون إليه؛ فقال الله تعالى في حق نبيه داود (عليه السلام): (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) كما مدح الله تعالى نبيَّه سليمان (عليه السلام)؛ لأنه اتَّصف بسرعة أوبته ورجوعه إلى الله عز وجل، فقال الله تعالى: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ؛ وقال الله تعالى مخاطبا نبيه أيوب (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)



                    { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا } [ الإسراء:٢٥]

                    نُدير علاقاتنا - مع أقرب الأحبة إلينا - بحذر شديد لئلا يُساء فهمنا ، لكن مع الله تعالى لانقلق أبداً لأنه يعلم بنياتنا .

                    الله تعالى وحده يعلم مافي النوايا من رغبات وأسرار ، و مهما أخفينا من الرياء والنفاق فهو يعلمه ، ولا يضيع عنده خيراً نويته ، فلا تحزن لو أزعجك سوء فهم من هم حولك . لو قال لك ملك : لاتقلق أنا أتفهم قصدك . لملأت السكينه قلبك ، فكيف إذا قالها ملك الملوك جل جلاله ؟!.. هاهو يقولها لنا {ربكم أعلم بما في نفوسكم} أصلح مابينك وبين الله ، وامض في أمان .

                    الأواب : هو الذي يصيب الذنب ثم يتوب ، ويصيب الذنب ثم يتوب ... هو المستغفر التائب العائد إلى الله دائماً ، قد يغفل العبد فيبتعد عن مولاه ، فإذا رجع بعد شرود ، وتذكر بعد غفلة ، وجد ربا غفوراً يقبل توبته {إنه كان للأوابين غفوراً}
                    اللهم أيقظ قلوبنا بالإنابة وتب علينا و ارحمنا ، نستغفرك ونتوب إليك .


                    تعليق


                    • رد: تدبر آية من القرآن


                      (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا }[الطلاق: ٧]

                      هذه الآية أيها الأخوة:
                      لها علاقة وشيجة بحياة المسلمين، فأية امرأة تكلف زوجها ما لا يطيق وتحمله على الكسب الحرام، تكون سبب لدخوله النار.
                      لذلك الإنسان الزوج ليس مكلفاً أن ينفق إلا مما آتاه الله، عليه أن يطعمها مما يأكل، وأن يلبسها مما يلبس، أما أن نتكلف ما لا نطيق إرضاءً لزوجاتنا، أما أن تمد اليد إلى الحرام إرضاء لزوجاتنا.
                      كانت الصحابية الجليلة تقول لزوجها قبل الخروج إلى العمل يا فلان أتقي الله بنا، نحن بك إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا، نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام، هؤلاء نساء الصحابة الكرام.
                      مرة هكذا، في طرفة:

                      وهذه الصحابية تقول لزوجها أتقي الله بنا، نحن بك وإليك إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا، نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام،

                      أعظم النساء بركة أقلهن مؤنةً، أعظم النساء بركة أقلهن مهراً، فالمرأة التي لا تحمل زوجها ما لا يطيق، امرأة صالحة، الصابرة، التي ترضى باليسير، يا عائشة إذا أردت اللحوق بي، أن تكون معي في الجنة، فليكفك من الدنيا كزاد الراكب، ولا تستخلفي ثوباً حتى ترقعي، وإياك والدخول على الأغنياء، لأنه كما قال سيدنا عمر: من دخل على الأغنياء خرج من عندهم وهو على الله ساخط.

                      ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾
                      الإنسان غير مكلف أن يمد يده للحرام ليدخل على قلب امرأته السرور، أما ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر على عياله، ليس منا ينفي النبي الكريم انتمائه لهذا الدين، البخيل، أما إنسان دخل محدود ليس محاسباً عند أحد، وليس عند الله محاسباً إذا أطعم أهله مما يأكل وألبسهم مما يلبس، أما المؤاخذة أن يعطيهم أخشن الطعام، وأن يأكل هو ما لذا وطاب مع أصدقائه في المطاعم، هذا لا يجوز، بل إن المؤمن الصادق، يأكل بشهوة أهله، أنا والله معجب بأزواج كثيرين لا يأكل لقمة في الطريق، ولا في مطعم، الأكلة التي أكلها دعوة وكانت طيبة، يأتي بمثلها إلى زوجته، كي يكون معها شريكاً في حلو الحياة ومرها.


                      ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ﴾ أما النقطة الدقيقة، الدقيقة جداً، أن الإنسان إن كان فقير ورضي عن الله عز وجل، وكان فقره فقر معذور به.

                      الذي ينفق كثيراً ما معه مال، قال له ماذا أبقيت لنفسك يا أب بكر، قال له الله ورسوله أنفق كل ماله، فهذا فقر الإنفاق، هذا وسام شرف، قال له والله إني أحبك، قال له أنظر ماذا تقول، قال له والله إني أحبك، قال له أنظر ماذا تقول، قال له والله إني أحبك، فقال عليه الصلاة والسلام: إذا كنت صادق فيما تقول للفقر أقرب إليك من شرك نعليك، هذا فقر ماذا ؟ فقر الإنفاق، فقر الحب في الله، فقر أن تؤدي كل ما عندك في سبيل الله، هذا موضوع ثالث، هذا ليس فرضاً على كل المسلمين.
                      من سيدنا عمر ما أخذ النبي إلا نصف ماله، أما من الصديق أخذ كل ماله ماذا أبقيت، قال الله ورسوله.

                      أنواع الفقر:
                      هناك فقر القدر وهناك فقر الكسل وهناك فقر الإنفاق، فقر القدر إنسان عاجز مصاب بإحدى حواسه الخمس أو مصاب بشلل أو مصاب بعاهة، فهذا فقر لكن فقر القدر.أما الكسول فقد يفتقر ولكن افتقار الكسول لا يسمى افتقار القدر بل فقر الكسل.

                      إذا كان فقر الكسل، صاحبه مذموم، والله الذي لا إله إلا هو كسول لا يحب العمل، ينام إلى ساعة متأخرة، لا يتقن عمله، عمل يوم يرتاح عشرة، هذا فقر مذموم.
                      أما فقر القدر، بذل قصار جهده فحصل هذا الرزق، معذور سعى في الأرض يمنة ويسرة حصل هذا الرزق، هذا الفقير فقر القدر إذا رضي عن الله، وصبر.


                      ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (7)﴾ هذا الامتحان، يجب أن يعلم كل أخ مؤمن أنه في ثلاثة أطوار طور التأديب، وطور الابتلاء، وطور التكريم، لا بد من الابتلاء ولكن لا يطول محدود، والأمور لا تستقر إلا على التكريم، المؤمن أموره تستقر على التكريم ويمر بمرحلتين، التأديب والابتلاء.

                      تفسير راتب النابلسي



                      (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا }[الطلاق: ٧]

                      {سيجعل الله بعد عسر يسرا} إنه قرآن أيها السادة أتى بالبشرى للمعسرين ، فلا يأس بعد هذه الآية التي تنبت الآمال في القلب الحزين .. فصبرا أيها القلب

                      لاشيء يحدث للإنسان إلا وقد منحه الله القدرة على تحمله ، ذلك مفهوم عميق لقوله تعالى {لايكلف الله نفسا إلا وسعها} ويستبدل بها بعضهم على الترخيص.. مع العلم أنها أيضا تدل على العزيمة ، فأنت مكلف بكل ماتستطيعه ، نحن نستحضرها عند عدم رغبتنا ، وليس عند عدم قدرتنا !! لدينا مخزونات هائلة من الطاقة لكن تنقصها الرغبات ... كن شجاعا وقدم كل مافي وسعك

                      التفاؤل أن نرى المصائب بشائر للفرج .. عندما تعصف ريح الألم ، ذكرها بنسمات الجبر ، ولا تستسلم لأفكارك السلبيه عن غد غير سعيد ، فوعد الله أحق بالتصديق ، نحن أغنياء إن أحسنا الظن بالله . أ
                      يها المحزون ... هي فترة وستزول اصبر واطمئن


                      تعليق


                      • رد: تدبر آية من القرآن

                        {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُون} [َ النمل : ٢٤]


                        ﴿ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)



                        إلى الآن الموقف معقول ، امرأةٌ تملك أمةً ، لها عرشٌ عظيمٌ ، أوتيت من كل شيء ، أيّ شيءٍ يخطر في بالك ، ففيه أنواعٌ منوَّعة ، أي شيءٍ يراود خاطرك فمِن مثلِه أعدادُ لا تحصى ..
                        ﴿ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)


                        لكن المشكلة الخطيرة ، لكنَّ مصيبةً المصائب ، لكن الطَّامة الكبرى..
                        ﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ (24)


                        أين عقلهم ؟ أين تفكيرهم ؟ كيف حكموا على الشمس أنها ربُّهم ؟ أيعبدونها من دون الله ؟! ألا تغيب الشمس ؟
                        ﴿ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(78) ﴾
                        (سورة الأنعام )
                        مَن يدير الكون في غياب الشمس ؟
                        ﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ (24)


                        وأنكى من ذلك أن الشيطان زَيَّنَ لهم أعمالهم ، فالمشكلة الخطيرة أن الضال حينما يظن أنه على حق فأنت تحارُ كيف تهديه ؟ من الناس من يدري ويدري أنه يدري فهذا عالمٌ فاتبعوه ، ومنهم من لا يدري ويدري أنه لا يدري فهذا جاهلٌ فعلِّموه ، ومنهم من لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فهذا شيطانٌ فاحذروه ..
                        ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ الأَخْسَرِينَ أَعْمالا(103)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا(104) ﴾



                        من البليَّة أن يعصي الإنسان ربه ، ومن البلية الأشد والأنكى أن يعصي ربه ، ويظن أنه بهذا مُفْلِح ومحقٌّ ، هذا هو الخطر ، هذا أخطر ما في الانحراف ، إذا كنت منحرفاً .. ولا سمح الله .. وتعلم أنك منحرف فالقضية سهلةً جداً ، فسرعان ما تعود إلى الصواب ، ولكن أخطر ما في الانحراف أن تظن أنك على صواب ، وأن الناس كلهم على ضلال ، وأنت بهذه الطريقة قطعت عليك طريق الهدى ، قطعت عليك طريق الرجوع .

                        ﴿
                        وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)



                        السبيل إلى الله مسدودة ، فالطريق إلى الله غير سالكة ، شهواتهم كانت حجاباً بينهم وبين ربِّهم ، شِرْكهم كان عقبةً كؤوداً بينهم وبين التوحيد ، معاصيهم أخجلتهم ، الشرك أقعدهم ، عمى بصيرتهم أربكهم ، أَيُّ هدهدٍ هذا ؟! ما هذا الهدهد الذي استطاع أن يصرف النبي العظيم عن أن يَصُبَّ عليه غضبه وحوَّله إلى خبرٍ مثير ، وكيف أن هذا الهدهد تَلَمَّسَ أن هذه المرأة التي ..
                        ﴿ تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)
                        وهي تسجد وقومها للشمس من دون الله ، وأن الشيطان زين لهم الأعمال ، فصدهم عن سبيل الله فهم لا يهتدون ؟


                        والهدهد الآن يتساءل :
                        ﴿ أَلَّا يَسْجُدُوا (25)
                        ما الذي يمنعهم أن يكون سجودهم لله عزَّ وجل ، خالق الشمس والقمر ، خالق الأرض والجبال ، خالق الهواء والماء ، خالق الطعام والشراب ، خالق الإنسان ، خالق كل شيء ؟ ما الذي يحول بينهم وبين السجود لله عزَّ وجل ؟
                        ﴿ أَلَّا يَسْجُدُوا (25)



                        راتب النابلسى







                        {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُون} [َ النمل : ٢٤]

                        1-تأمل كيف تضعف غيرة المرء على دين الله ونصرته له،وقد سبقه هدهد بغيرته فأنكر ما فعلته ملكة سبأ وقومها(وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله)! /سعود الشريم
                        2-غار الهدهد على التوحيد وقال لسليمان : (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله) فالمبتعث لاتغرّه حضارات القوم ، بل يُحزنه شركهم بالله أولا !! / عايض المطيري
                        3-قد يكون لدى شاب صغير علمٌ بأمر لا يحيط به من هو فوقه في العلم والمرتبة فلا تحتقر رأيه {...فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين}/ محمد الربيعة
                        4-عظمت مسؤوليته وكثر جنده فلم يشغله ذلك عن تفقد رعيته بل فقد طير من الطيور{ وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين }/ محمد الربيعة
                        5-( وجدتُها وقومها يسجدونُ للشمس من دون الله)غار الهدهد، كيف يسجدون لغير الله ، ليتنا نتعلم منه الغيرة على حرمات الله !!/عايض المطيري
                        6-[ وزين لهم الشيطان أعمالهم[الأمر الذي تشعر ان الشيطان قد تدخل بههو ما توجست منه بالبداية وترددتثم بدأت النفس تزينه لك !سورة_النمل/مها العنزي

                        7-وجدتها وقومها (يسجدون للشمس) من دون الله" من المؤكد أن الهدهد رأى منكرات أخرى لدى مشركي سبأ لكن فطرته انتفضت للحديث عن المنكر الأعظم / د.عبد الله بلقاسم
                        8-"وجدتها وقومها يسجدون للشمس" مر الهدهد في رحلته بجبال ووهاد وبحار ومناظر ومجالس وعجائب. لكن لم يستوقفه إلا نبأ الشرك الفادح / عبدالله بلقاسم


                        حصاد التدبر


                        تعليق


                        • رد: تدبر آية من القرآن

                          { قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى? تَشْهَدُونِ ? قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}[النمل :32 - 33]

                          *إِنَّهَا الحِكْمَةُ فِي بِنَاءِ المُجتَمَعَاتِ، والشُّورَى فِي تَأْسِيسِ الحَضَارَاتِ، أَثْمَرَتْ لِهَذِهِ المَرأَةِ عِزّاً فِي الدُّنْيا بِبَقَاءِ مُلْكِها، وشَرَفاً فِي الآخِرَةِ بِالإِيمَانِ بِاللهِ رَبِّها، قَالَ تَعالَى: ((قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))

                          إِذَا كَانَ القُرآنُ الكَرِيمُ قَدْ قَصَّ عَلَينَا أَحْوالَ تِلْكَ الأُمَمِ السَّابِقَةِ مَعَ الشُّورَى، ومَا آلَ إِلَيهِ أَمْرُهَا عِنْدَ اتِّخَاذِها أَو إِهْمَالِها، فَإِنَّ القُرآنَ قَدْ رَسَمَ أَيضاً مَنْهَجَ الشُّورَى لِلمُؤمِنِينَ، إِذْ أَتَى بِمَا يَدْعُوهُمْ إِلَى العَمَلِ بِهَا، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى وَاصِفاً عِبَادَهُ المُؤمِنينَ، وَمُثْنِياً عَلَى أَولِيَائِهِ المُتَّقِينَ: ((وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)) (7)، إِنَّهُ بِيَانٌ لأَهَمِّيَّةِ الشُّورَى بِذِكْرِها فِي بَيَانِ الاستِجَابَةِ لأَمْرِ اللهِ، مُتَوَسِّطِةً صِفَتَيْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ والإِنْفَاقِ، فَالشُّورَى صِفَةُ مَنْ آمَنَ بِاللهِ؛ فَصَفَّى الإِيمَانُ سَرِيرَتَهُ، وأَقَامَ الصَّلاَةَ فَزَكَتْ سِيرَتُهُ،
                          *استشارت بلقيس ملكة سبأ قومها ، لكنها تركت رأيهم ، وكانت حكمتها طريق إسلامها .
                          عندما نريد أن نصدر أمرا فعلينا باستشارة العقول ، لكن يجب أولا معرفة أي العقول نستعير .. عندما استشارت قومها { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} من قصر النظر أن نرى أكبر ماعندنا هي (القوة) فكثير من جوانب الحياة لاتتطلب القوة العضلية بقدر ماتحتاج للقوة الفكرية .

                          *{ ماكنت قاطعة أمرا حتى تشهدون} لاتقطع قرارا في مؤسستك أو بيتك إلا بعد شورى / محمد الربيعة


                          *أربع كلمات مهلكات : أنا - لي - عندي - نحن . {أنا خير منه} {أليس لي ملك مصر} {إنما أوتيته على علم} {نحن أولو قوة}






                          تعليق


                          • رد: تدبر آية من القرآن

                            { قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }


                            الصَّرْح: إما أن يكون القصر المشيد الفخم، وإما أن يكون البهو الكبير الذي يجلس فيه الملوك مثل: إيوان كسرى مثلاً، فلما دخلتْ { حَسِبَتْهُ لُجَّةً.. } [النمل: 44] ظنَّته ماءً، والإنسان إذا رأى أمامه ماءً أو بَلَلاً يرفع ثيابه بعملية آلية قَسْرية حتى لا يصيبه البَلَل لذلك كشفتْ بلقيس عن ساقيها يعني: رفعتْ ذَيْل ثوبها.


                            وهنا نَبهها سليمان { إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ.. } [النمل: 44] يعني: ادخلي لا تخافي بللاً، فهذا ليس لُجةَ ماء، إنما صَرْح ممرد من قوارير يعني: مبنيٌّ من الزجاج والبللور أو الكريستال، بحيث يتموج الماء من تحته بما فيه من أسماك. { قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي.. } [النمل: 44] بالكفر أولاً، وبظنِّ السوء في سليمان، وأنه يريد أنْ يُغرقني في لجة الماء { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [النمل: 44]






                            {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}َ [النمل : 44]

                            رأت بلقيس ملكة سبأ عظمة ملك سليمان - فقد أعطاه الله تعالى ملكا ما أعطاه لغيره - وعرفت أن ذلك ليس من عطايا البشر ، فخضعت للحق وأسلمت لله رب العالمين .

                            {رب إني ظلمت نفسي} هناك لحظات صدق مع النفس ، تهب عليها فترات ، تنجلي بها كل غشاوة وتصبح الرؤيا غاية بالوضوح ، يعقبها ندم صادق . من يتصور أنه لن يذنب فهو واهم !!... عندما تتعثر وتظلم نفسك ، انهض للتوبة من جديد ، فربك كريم يعفو عنك عندما تأتيه ..

                            {وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} من عظيم النعم أن تجمعك الأقدار بأشخاص وجودهم بركة ، يتوهج منهم النور ، ويشع منهم الخير وقد جبلوا عليه ، فهم لامحالة سيؤثرون عليك ، ويأخذون بيدك إلى حقيقة السعادة والأمان والرضا .

                            حصاد التدبر


                            تعليق


                            • رد: تدبر آية من القرآن

                              {أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}ٰ [الطلاق : ٦]

                              ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ﴾
                              أسكنوا مطلقات نسائكم من الموضع الذي سكنتم ( من وجدكم ) : يقول : من سعتكم التي تجدون; وإنما أمر الرجال أن يعطوهن مسكنا يسكنه مما يجدونه ، حتى يقضين عددهن
                              أحياناً هناك تقنين هدفه الإضرار، أحياناً هناك تضييق هدفه إيقاع الأذى بالمرأة، وليس من شِيَم المؤمن أن يوقع الأذى بزوجته، لأن النبي عليه الصلاة والسلام استوصى بالنساء خيراً قال:
                              ((أكرموهن، فوالله ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهم كل لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً))[ورد في الأثر] وقال:((إنهن المؤنسات الغاليات))[الجامع الصغير عن عقبة بن عامر] وقال عليه الصلاة والسلام:((خيركم خَيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))
                              [الترمذي عن عائشة، وابن ماجه عن ابن عباس]


                              ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾
                              بعض علماء التفسير قال: كيف تضاروهن؟ يطلقها، هو ينوي أن يفارقها نهائياً، يطلقها طلقةً أولى في طهرٍ لم يمسَّها فيه، فإذا انقضى أول قرءٍ شهر، وثاني قرء شهر، وثالث قرء شهر، قبل يومين يراجعها، فتعود إليه، وبعد أن تطهر يطلِّقها، هدفه إزعاجها، هدفه إبقاءها في بيته مُهانة بعيدة عنه، وبعيد عنها، وهذا نوعٌ من أنواع التضييق، فإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان.
                              يا أبا أمية، إنني امرأةٌ غريبة، لا أعرف ما تحب ولا ما تكره، فقل لي ما تحب حتى آتيه وما تكره حتى أجتنبه؟ ويا أبا أمية قد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي، ولكن كنت لك زوجةً على كتاب الله وسُنَّة رسوله ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، فاتق الله فيَّ، وامتثل قوله تعالى:
                              ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾[ سورة البقرة: 229 ] هذا كلام ربنا عزَّ وجل، إما أن تمسكها كزوجة، أو أن تسِّرحها سراحاً جميلاً، فأنا لا أتكلم من هراء، أتكلم من شكاوى كثيرة، لا هي زوجة، ولا هي مطلقة، ولا هي معلَّقة، لكن فمن هي؟ زوجة، فلما لا تأتي إلى بيتها، هجرها، يسكن مع زوجة أخرى، زوجة يأتيها، ويؤتي نصيبها من اللقاء، فلمَ تعطي تلك المبالغ الطائلة وهذه تحرمها؟


                              على الزوج أن ينفق على زوجته الحامل و إن كانت مطلقة :

                              ﴿ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾
                              أي أن المطلَّقة إذا كانت حاملاً تبقى في بيت زوجها فعلى زوجها أن ينفق عليها حتى تضع حملها، لأن المرأة تحمل الغلام وَهْنَاً، حملته وهناً، ووضعته كرهاً، قال:﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ﴾
                              هذه بعد أن طلقتها طلاقاً مبتوتاً، بعد أن بانت منك البينونة الكُبرى، إن كانت حاملاً فيجب أن تنفق عليها، وإن كانت غير حامل فيجب أن تُمْضي العدة في بيتك دون أن يكون هناك لقاء إطلاقاً، أو نظر.

                              ﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ﴾
                              كلمة [ معروف ]دقيقة جداً، هناك معروف في كل مجتمع، وهناك عمل شاذ وعمل بالمعروف، أنا سمعت عن امرأة توفي عنها زوجها، تسكن في بيت زوجها، زوجها متزوِّج من زوجة سابقة، وكانت قد توفيت، وله منها أولاد، ماذا فعل الأولاد بزوجة أبيهم؟ أول شيء هذا الزوج ترك مالاً في البيت، أول شيء أعطوها نصيبها من هذا المال حباً وكرامة، دون أن يخفوا شيئاً، قالت لهم: إن زوجي وعدني بالمال الفلاني الذي عند فلان أنه لكِ، كلاماً شفهياً، قالوا: هو لكِ إذاً، أعطوها تنازلاً، ثم جاؤوا بمهرها، مبلغ عشرة آلاف ليرة، بعد أن أعطوها المهر عادوا عليها بعد يومين أعطوها تسعين ألفًا، قالت: لمَ؟ قالوا: لأننا سألنا العلماء فقالوا: هذا المهر بعملة قيمتها قديماً تساوي شيئاً ثميناً، أما الآن فلا تساوي شيئاً، فحسبوها على الذهب، هذا هو المعروف.
                              ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾


                              مهمات الشيطان :

                              أخواننا الكرام، الشيطان له مهمات وضحها لنا ربنا، أول مهمة: التفريق بين المرء وزوجه، وصدقوني ، إن الله لا يرضى عن الزوجين إلا إذا كانا متفاهمين، وإلا إذا كانا متعاونين، وإلا إذا كانا متضامنين، وإلا إذا كانا متسامحين، وإلا إذا كان متباذلين، هو يبذل، وهي تبذل، هو يسامح، وهي تسامح، مهمة الشيطان عكس ما يرضي الله عزَّ وجل، الخصومة، والكلمة القاسية، والنظرة القاسية، والعبارة النابية لها ولأهلها، والعبارة النابية له ولأهله، هذا من عمل الشيطان، كل إنسان يمتحن إيمانه في بيته، هل هو مطواع؟ هل هو سلس القِياد؟ رحيم، يقول عليه الصلاة والسلام:
                              ((خيركم خَيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))[الترمذي عن عائشة، وابن ماجه عن ابن عباس]
                              ﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾
                              - وَأْتَمِرُوا - فيها معنى المشاركة، أي هذا الذي يرفض أن تنصحه زوجته إنسان جاهل
                              أي عليك أن تأمرها بالمعروف، وعليها أن تأمرك بالمعروف، ائمرها بالمعروف واقبل أمرها بالمعروف.. أحياناً عندنا فكرة جاهلية، أن الحق دائماً مع الرجل، لا، أحياناً يكون الحق مع المرأة، فكما أنه يجب أن تصغي إلى أمرك بالمعروف، الله عزَّ وجل يأمرك أن تصغي إلى أمرها بالمعروف، هناك امرأة مظلومة، والمرأة المظلومة قد يستمع الله إلى شكواها من فوق سبع سموات، إيَّاك أن تستضعف مخلوقاً، إيَّاك أن تقل: هذه الزوجة أهلها مسافرون، والدها متوفى، أخوها مسافر، ليس لها من يحميها، أنا أتحكم فيها، هذا كلام الجاهلية، كلام إنسان جاهل، الله ربها، وهو يدافع عنها، وقد يسوق الله الشدائد تلو الشدائد لمن يظلم زوجته.

                              ﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾
                              أي مرها بالمعروف، فرضاً الزوج ضعفت صَلاته، إن نصحته زوجته هل عليه أن يغضب؟ نصحته أن يصلي الفجر في وقته، فقال لها: جزاك الله خيراً، هذه من أعظم النعم، أن تكون لك زوجة تأمرك بالمعروف، إن رأت دخلاً غير مشروع فسألتك: من أين هذا الدخل؟ أنا لا أرضى أن تكسب الحرام، هذه زوجة عظيمة، كما أنه مأمورٌ أن يأمرها بالمعروف، ومأمورٌ أيضاً أن يصغي إلى أمرها بالمعروف إن كانت صاحبة حق، لا تكن جاهلياً، كن رحمانياً، لا تكن مستبداً، كن خَيرِيَّاً.

                              ﴿ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ ﴾
                              أي لو أن المرأة المطلقة التي أنجبت مولوداً جاء من يخطبها إلى بلدٍ بعيد، هل يستطيع الزوج أن يمنعها من الزواج والسفر؟ لا يستطيع، قال:﴿ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ﴾
                              لا توجد مشكلة، أما هنا فهناك مشكلة الآن، والشيء العجيب أن القرآن الكريم جعل بديل حليب الأم مرضعة، الآن في العالم كله بديل حليب الأم الإرضاع الاصطناعي.لا شيء يعادل حليب الأم و هو أروع هدية من الرحمن : أحدث بحث اطلعت عليه وهو بحث مترجم، هناك علاقةٌ وشيجةٌ جداً بين الذكاء والإرضاع الطبيعي، هذا البحث كلَّف سنوات، أخذت عيِّنات من الأطفال من شتى بقاع العالم، وفي بلد، وهو جزيرة في المحيط الهادي وجد أن نسبة الذكاء بين أطفالها أعلى نسبة في العالم، أمريكا التي تدعي أنها في قمة المجتمع البشري، ترتيبها سبعة عشر في الذكاء، الأطباء عزوا ذلك إلى الإرضاع الطبيعي، لأن حليب القوارير هو حليب البقر أو الغنم، فيه مواد بروتينية لا تستطيع أجهزة الطفل تحمُّلها إطلاقاً، لا تستهلك منها إلا الخمس، والأربعة أخماس لا تستهلك، هذه المواد البروتينية، والأحماض الأمينية، تصبح عبئاً على جهاز الهضم والدوران في الطفل الصغير، بينما حليب الأم.. ودققوا فيما أقول: يتبدل تركيبه في أثناء الرضعة الواحدة، في أول الإرضاع نسب الماء ستون بالمئة، في نهاية الإرضاع أربعون بالمئة، حليب الأم يتبدَّل كل رضعة، وفي أثناء الرضعة الواحدة، وفيه مواد تمنع التصاق الجراثيم بالأمعاء، وفيه مناعة الأم كلها، وفيه مواد تعين على الهضم، وقد ثبت أن بعض الآفات القلبية والوعائية والكلوية في مستقبل حياة الإنسان تُرَدُّ إلى أنه رضع من حليبٍ صناعي، ولم يرضع من ثدي أمه.
                              أنا أقول لكم حقيقة: لو أن أماً طلقت، وأنجبت ولداً، وسافرت مع زوجها الجديد، ماذا نفعل؟ البديل ما هو؟ البديل مرضعة أخرى، بهذا أمر القرآن، هذا كلام الله عزَّ وجل، لأن لا شيء يعادل حليب الأم، وفي بعض البلاد الأجنبية، بل في أكثرها كل شركات حليب الأطفال أُمِرَتْ أن تكتب: " لا شيء يعادل حليب الأم "، في الدرجة الأولى، بل إن بعض أمراض الثدي، ومنها الأمراض الخبيثة.. الورم الخبيث.. سببه عدم الإرضاع، فالأم التي لا تُرضع طفلها لتحافظ على شكلها قد يتسبب ذلك في إصابتها بسرطان الثدي، لأن هذا من حق ابنها..
                              ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ* وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾[ سورة البلد: 8-10 ] هذه هدية الله، هذا الحليب حليب الثديين يجده الطفل الصغير جاهزاً، معقماً، بارداً صيفاً، ساخناً شتاءً، متوازناً، متعادلاً، متدرجاً في نسبه، فأروع هدية لهذا الطفل الصغير حليب الأم.

                              موسوعة راتب النابلسي





                              {أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}ٰ [الطلاق : ٦]

                              القرآن يرسم منهجًا مطردًا للتعامل فيما بين الناس من حقوق، وذلك بأن يكون بـ(المعروف)، (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) يفقهون هذا الأصل، بل ويحتجون به إذا طالبهم الآخرون بحقوقهم، فما بالهم لا يراعونه عندما يطلبون حقوقهم من الآخرين؟! أفلا يتدبرون: (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) (النور: ٤٩ الآيات)

                              ما أرحم الله سبحانه ! الأم تمتنع عن إرضاع ابنها.. وربه يشرع أمرا من أجله... الله أرحم بالولد من أمه

                              {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى} الرضيع الذي امتنعت أمه عن إرضاعه ، وعد الله أن ترضعه أخرى . صرير الباب الذي أغلق في وجهك هو ذاته صرير باب آخر قد فتح لك ... لاتقلق فربك اسمه الرحيم ، ولا تصر على أن يفعل الأمر فلان بعينه فهناك الكثير ممن يفعل ماتريد ، ولا داعي لإيجاد مشكله ..

                              {ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} هي لمسة حنان وحرص كبير أن لايلحق المطلقة أذى نفسي ، وتفهم عميق لحاجاتها . ذلك الأمر وقد اختلف الزوجان وتفرقا ... فما بال من يبخل والبيت عامر بأهله ، فيهدم أواصر المودة والرحمة !! اتق الله أيها الزوج ونفذ ما أمرك الله به فالإيمان طاعة و رحمة وإخلاص



                              حصاد التدبر



                              تعليق


                              • رد: تدبر آية من القرآن

                                {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق : ١٦]
                                كلما أحسست أنك وحيد تذكر :
                                (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)
                                وكلما أحسست أنه لا أحد يشعر بك تذكر :
                                (ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها)
                                وكلما أحسست بوجع في قلبك تذكر :
                                (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)
                                ولا تنس أبدا أنك تثاب على صبرك :
                                (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)


                                " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ما قدر الله حق قدره من تعدى حدود الله وهو يعرف قربه سبحانه منه وقدرته عليه

                                (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ }
                                لاتشكو همك لغير الله تعالى
                                ولاتظن أن الله غافل عنك
                                بل هو سبحانه يحب سماع أنينك وندائك له
                                ليريك روائع عطائه وعظيم جوده

                                ضع أصابع يدك على رقبتك وتحسس حبل وريدك الذي بداخلها لتعجب من قربه منك ...أيها العبدُ , إن الله أقربُ إليك من كلِّ قريب , فإيَّاك أن تجعل بينك وبينه واسطة

                                ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾
                                وأقرب ما تكون إليه وأنت ساجد تمتم سبحان ربي الأعلى فإذا بالسماوات تتفتح لتمتمتك وإذا بالسميع يسمعك، لا تتوهم أنه بعيد أو أنه تخفى عليه منك خافية.

                                نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء
                                فكيف نيأس والله تعالى يقول:
                                (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)

                                {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} هذه الآية هي للبعض تهديد ، وللبعض تأييد ، وللبعض أنس فريد . مهما كان في حياتك من أحباب مقربين ، فهناك من هو أقرب ، يعلم هموم قلبك ، وقادر على إسعادك .. واعلم ياعزيزي أنك مراقب حتى في خلجات نفسك ، فلا تظن أن الخواطر تمر هباء .

                                مهما كنت بعيدا عن الله .. فهو قريب منك ، بل أقرب إليك من نفسك .. استح من الله في الكلمات والخطرات والوساوس .. فأنت عبد مكشوف أمام الله تعالى ، والخاسر من أبدى للناس صالح عمله ، وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد ..

                                قال الله ﷻ (وَنعلمُ مَاتُوسوسُ به نفسُه) حتى في خلجات نفسك انت مراقَب ولكن احمد الله لست عليها مُحاسب
                                فإياك أن تضمر في قلبك شيئًا يحاسبك الله عليه، أما الوساوس التي تطرأ على القلب، ولا يميل الإنسان إليها -بل يحاول دفعها- فلا تضره بل هي دليل إيمانه، فالشيطان إنما يلقي الوساوس على القلب السليم، أما غير السليم، فالشيطان لا يوسوس له؛ لأنه قد انتهى






                                تعليق


                                • رد: تدبر آية من القرآن

                                  { ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُود ِ} [ق :٣٤]

                                  هاقد فتحت أعظم الأبواب {ادخلوها بسلام} إنها أجمل مما تصورت ، أكبر مما توقعت ، أعظم مما تمنيت ، وهناك المزيد ...
                                  أعزائي :
                                  {السلام} هو معنى عظيم فيه من الطمأنينة والهدوء والراحة والسعادة مايجعله متداولا بكثرة في الجنة .. تأمل معي الآيات {لهم دار السلام عند ربهم} {ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم} {تحيتهم فيها سلام} {ادخلوها بسلام} {والله يدعوا إلى دار السلام} ومن أسماء الله الحسنى (السلام) سبحانه


                                  {لهم مايشاؤون فيها ولدينا مزيد} كل نعيم الدنيا له نهاية ، إلا نعيم الجنة ليس له نهاية .. الجنة فيها خلود وبقاء وأمان وسلام وحب وفرح وعناق ، لادمع فيها ولا فراق ! هذا هو السلام الدائم والأمن التام ... اللهم أرحنا من صخب هذه الدنيا بهذا الأمان .


                                  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ القيامة/22 - 23.

                                  عَنْ صُهَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ رواه مسلم (181).
                                  وبعد أن كان المؤمن في الدنيا يتمتع بها على وجه فيه نقص لضعفه وعجزه، يُخلَق في الآخرة على هيئة تحقق له كمال التمتع بنعم الله تعالى عليه في الجنة، وإلى هذا أشارت نصوص الوحي؛ ومن ذلك:
                                  فعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ.
                                  قَالُوا: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟قَالَ: جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ، كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ رواه مسلم (2835).
                                  فالحياة في الجنة : هي حياة كاملة ؛ لا نقص فيها بوجه من الوجوه . قال الله تعالى: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ العنكبوت /64.

                                  قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
                                  " وأما الدار الآخرة، فإنها دار ( الْحَيَوَانُ ) أي: الحياة الكاملة، التي من لوازمها، أن تكون أبدان أهلها في غاية القوة، وقواهم في غاية الشدة، لأنها أبدان وقوى خلقت للحياة، وأن يكون موجودا فيها كل ما تكمل به الحياة، وتتم به اللذات، من مفرحات القلوب، وشهوات الأبدان، من المآكل، والمشارب، والمناكح، وغير ذلك، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 635).وهذا الكمال لا يعقبه نقص أبدا ولهذا سميت الجنة دار السلام؛ كما في قوله تعالى: لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الأنعام/127.
                                  قال الله تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ، وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ، الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ فاطر/33 - 35.
                                  قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
                                  " ( وَ ) لما تم نعيمهم، وكملت لذتهم ( قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ) وهذا يشمل كل حزن، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم، ولا في طعامهم وشرابهم، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم، ولا في دوام لبثهم، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا، وهو في تزايد أبد الآباد....
                                  ( لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) أي: لا تعب في الأبدان ولا في القلب والقوى، ولا في كثرة التمتع .
                                  وهذا يدل على أن الله تعالى يجعل أبدانهم في نشأة كاملة، ويهيئ لهم من أسباب الراحة على الدوام، ما يكونون بهذه الصفة، بحيث لا يمسهم نصب ولا لغوب، ولا هم ولا حزن " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 690).
                                  ولهذه السعادة الكاملة : فإن أهل الجنة لا يرغبون تركها أبدا ولا يملّون منها؛ كما أخبر بذلك الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ، خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا الكهف/107-108.

                                  قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: " فإن قيل: قد علم أن الجنة كثيرة الخير، فما وجه مدحها بأنهم لا يبغون عنها حولا؟
                                  فالجواب: أن الإنسان قد يجد في الدار الأنيقة معنى لا يوافقه، فيحبّ أن ينتقل إلى دار أخرى، وقد يملّ، والجنة على خلاف ذلك " انتهى من "زاد المسير" (3 / 114).
                                  والله تعالى وعد أن يعطي المؤمن ما يشتهيه.

                                  قال الله تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ الزخرف/71.

                                  تعليق


                                  • رد: تدبر آية من القرآن

                                    { إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق : ٣٧]

                                    انفتاح القلب ، وإلقاء السمع لكلام الله من أعظم المفاتيح الربانية .. اللهم ارزقنا هذه المنزلة

                                    صاحب القلب يجمع بين قلبه ومعاني القرآن فيجدها كانها كتبت فيه .. هو صاحب القلب الحي الذي أصغى حاسة سمعه إلى مايقال له ، وهذا شرط التأثر بالكلام .. وما فائدة تلاوة القرآن إن لم تتأثر به وتدمع عيناك لكثير من آياته ؟!!

                                    يخاطب القرآن {من كان له قلب} تارة و {أولي الألباب} تارة أخرى .. يريدك مرة أن تخشع ، ومرة أن تتفكر !! ما أعظم كلام الله !


                                    لاقيمة للمضغة التي في صدر كل إنسان إن لم تكن تحيا بالتقوى والإيمان .. غدا توفى النفوس ماكسبت ، ويحصد الزارعون مازرعوا ، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ، وإن أساؤوا فبئس ماصنعوا ..



                                    { إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق : ٣٧]


                                    حثَّ الله -عزَّ وجلَّ- على تدبّر مواعظ القرآن، وبيَّن أنه لا عُذر في ترك التدبر[1]، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}(ص: 29).
                                    لكنَّه بيَّن أن هذا التدبر له شروط ومعالم ينبغي للمتدبر أن يحققها ليحصل بها أثر التدبر وثمرته.


                                    من خلال التأمل في كتاب الله نجد أن آية سورة (ق) وهي قوله تعالى:
                                    {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِـمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: 37]، قد أشارت إلى هذه الشروط إجمالاً[2]، وعلى ذلك سيتمحور الحديث عن هذه الشروط في ضوء هذه الآية الكريمة، ويمكن أن نجعل هذه الشروط تحت هذه المعالم الرئيسة، وهي:
                                    أولاً: أن يكون المتدبر حي القلب.
                                    ثانياً: أن يفعل المتدبر الأسباب المعينة على التدبر.
                                    ثالثاً: أن يجتنب المتدبر الأمور التي تصرف عن التدبر.

                                    وهذه الشروط تندرج تحتها أسباب ولوازم كثيرة، وهي شروط نسبية تتفاوت من شخص إلى آخر تزيد وتنقص؛ بسبب تفاوت العقول والأفهام وفعل الأسباب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هذا مع أن الناس متباينون في نفس أن يعقلوا الأشياء من بين كامل وناقص، وفيما يعقلونه من بين قليل وكثير وجليل ودقيق وغير ذلك...)[3]. فبحسب تحقيق هذه الشروط وأسبابها تكون نتيجة التدبر من زيادة أو نقصان، وتفصيل ذلك فيما يلي:

                                    فكون المتدبر حي القلب: فهذا ظاهر من الآية، وقد نصَّ غير واحد من المفسرين كقتادة، ومقاتل بن سليمان، وغيرهما[4]، على أن المراد بالقلب هنا: القلب الحي؛ فالرجل الحيُّ القلب مستعد، فإذا تليت عليه الآيات، أصغى بسمعه، وألقى السمع وأحضر قلبه، ولم يشغله بغير فهم ما يسمعه، فهو شاهد القلب، ملقي السمع، فهذا هو الذي ينتفع بالآيات المتلوة والمشهودة، فإن كان القلب غائباً أو مسافراً في الأماني والشهوات والخيالات؛ فإنه لا يحصل به الانتفاع[5]، ولذلك نجد أن القرآن الكريم أشار إلى أن أقفال القلوب مانع رئيس من التدبر، فقال موبخاً المنافقين: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}(محمد: 24).

                                    قال ابن القيم: (قوله: {لِـمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: {إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ 69 لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} [يس: 69 - 70] أي حي القلب)(6).

                                    ومن لوازم هذا الشرط المهم -حياة القلب وشهوده- أعمال القلب الأخرى: كالإيمان بالله، وإخلاص القصد، واليقين، والإنابة إلى الله، واستشعار عظمة القرآن.. وبالمقابل أيضاً يلزم من ذلك تطهيره من أقفال التدبر: من الشواغل، ومن الغل والحسد والرياء والنفاق.. إلخ.

                                    فإذا حقق المتدبر هذا الشرط وما يلزم منه من اللوازم، بحيث يصبح قلبه حياً شاهداً طاهراً؛ فإنه -بإذن الله- سينتفع بآيات الله المتلوة والمشهودة، ولن يشبع من كلام الله كما ذكره أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بقوله: (لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام الله عزوجل)(7).

                                    أمَّا كون المتدبر يفعل الأسباب المعينة على التدبر، فــدلالته أخذت من قوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: 37]، فإلقاء السمع من أهم الشروط، ولا يتم التدبر إلا به، كما أن إلقاء السمع ثمرته العمل بما سمعه المرء، وإلا فما فائدة السمع إذن؟!
                                    وقد أمرنا القرآن بالاستماع إلى آياته والإنصات لها بقوله: {وَإذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: 204] ، أي: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه[8]، ولهذا قال الإمام وهب بن منبه - رحمه الله: (من أدب الاستماع: سكون الجوارح، وغض البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل).
                                    قال القرطبي معلقاً: (وذلك هو الاستماع كما يحب الله تعالى، وهو أن يكف العبد جوارحه، ولا يشغلها فيشتغل قلبه عما يسمع، ويغض طرفه فلا يلهو قلبه بما يرى، ويحصر عقله فلا يحدِّث نفسه بشيء سوى ما يستمع إليه، ويعزم على أن يفهم فيعمل بما يفهم)(9).

                                    فإلقاء السمع إذن يستوجب العمل، لكن هذا السمع لن يكون مؤثراً حتى يعقل المتدبر ما يسمع، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (فالذي يَسمَعُ ما جاءت به الرسل سَمعاً يَعقلُ به ما قَالُوهُ يَنجُو. وَإلا فالسَّمعُ بلا عَقلٍ لا يَنفعُهُ.. وكذلك العقلُ بلا سَمعٍ لِمَا جَاءَت به الرسل لا ينفع)[10]. وقال تلميذه ابن القيم: (فجمع سبحانه بين السمع والعقل، وأقام بهما حجته على عباده، فلا ينفك أحدهما عن صاحبه أصلاً، فالكتاب المنزل والعقل المدْرِك حجة الله على خلقه)(11).

                                    قال سفيان بن عيينة - رحمه الله: (أول العلم الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر؛ فإذا استمع العبد إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- بنية صادقة على ما يحب الله؛ أفهمه كما يحب، وجعل له في قلبه نوراً)(12).

                                    ولن يعقل هذا المتدبر إلا بقيامه بعمل الأسباب المعينة على عقل هذا المسموع الذي هو القرآن، وأسباب ذلك كثيرة، من أهمها: معرفة اللسان العربي، حيث ذكر العز بن عبد السلام أن تدبر القرآن وفهم معانيه لا يأتي إلا بمعرفة اللغة[13]، ومنها أيضاً: مراعاة الأحوال المناسبة للقراءة والسماع، ومنها البسملة، والاستعاذة من الشيطان، والترتيل؛ لأن ذلك أدعى للعقل والفهم، والترديد للآيات، فهو يزيد الفهم لكلام الله؛ كل على حسب قدرته وتفهمه بشرط العلم الصحيح والفهم الصحيح كما قرَّره العلامة الشنقيطي(14).

                                    فالاستماع السليم هو الذي يورث التلاوة الصحيحة والفهم الصحيح، إذ إن القرآن أخذ بالتلقي، وعندئذٍ يشترك اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان: تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل: تفسير المعاني، وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار؛ فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ(15).

                                    ومن جميل ما يُستشهد به في هذه المسألة ما قاله ابن بطال معلقاً على حديث قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - وقول صلى الله عليه وسلم له: (إني أحب أن أسمعه من غيري)[16].. قال: (يحتمل أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب أن يسمعه من غيره ليكون عرض القرآن سنة يُحتذى بها، كما يحتمل أن يكون كي يتدبره ويتفهمه)(17).

                                    أمَّا كون المتدبر يتجنَّب الأمور التي تصرف عن التدبر، وهو ما يعبّر عنه علماء الأصول: بانتفاء الموانع، وهو شرط من الشروط الأصلية، فالأحكام توجد بوجود الشروط، وتنتفي لوجود الموانع(18).
                                    وآية سورة (ص) وهي قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29], دالة على ذلك لزوماً، فالقلب الحي، والاستماع السليم، والقلب الشاهد؛ لا توجد إلا بتحقق شروط التدبر وانتفاء موانعه، وعلى ذلك: فكل شيء لا يتم الانتفاع به إلا بتحقيق شروطه وانتفاء موانعه، ومن ذلك تدبر القرآن، وإلا فكيف يكون القلب حياً وهو منكب على الشهوات أو الشبهات؟!
                                    والموانع التي يجب على المتدبر اجتنابها صنوف وأضرب، وهي غالباً ما تندرج تحت سببين رئيسين: إما وقوع المرء بالشبهات مثل الجلوس مع أهل البدع، واتباع المتشابه، وقصر الآيات على أحوال خاصة... إلخ.

                                    أو وقوع المرء في الشهوات: كالإصرار على المعاصي والذنوب، واستماع الغناء، والانشغال بالدنيا، واتباع الهوى... إلخ.

                                    ومن جوامع ابن القيم ما ذكره في كتابه الفوائد وهو يتكلم عن هذه الشروط بكلام مختصر مفيد، حيث يقول: (والمقصود أنك متى ما أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألقِ سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله، قال تعالى: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِـمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: 37]، وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد.
                                    فقوله تعالى: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ها هنا، وهذا هو المؤثر.

                                    وقوله: {لِـمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ}، فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: {إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ 69 لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} [يس: 69 - 70]، أي: حي القلب.

                                    وقوله: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}، أي: وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام، وقوله: {وَهُوَ شَهِيدٌ}، أي: شاهد القلب حاضر غير غائب.

                                    قال ابن قتيبة - رحمه الله: (استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساهٍ)، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله.

                                    فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر؛ حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر)(19).

                                    وإني موصيك ونفسي أيها القارئ الكريم، خاصة وأنت مقبل على شهر القرآن؛ بأن تراعي هذه المعالم بصدق وإيمان وقبول تام؛ لتظفر بالتدبّر الأمثل لكتاب الله عز وجل، فإن من أفضل ما يُفنى به العمر ويُقضى فيه الأجل تدبر كتاب الله، إذ به تكمن الغاية الكبرى من إنزاله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَإنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}(الزخرف: ٤٤).

                                    وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

                                    --------------------------------
                                    [1] تفسير القرطبي: (18/44).
                                    [2] ينظر بحث الدكتور خالد السبت (شروط تدبر القرآن) منشور في مجلة معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية، العدد: (الحادي عشر)، السنة: (السادسة).
                                    [3] الفتاوى الكبرى: (9/309).
                                    [4] تفسير مقاتل: (4/115)؛ وتفسير ابن جرير الطبري: (21/462).
                                    [5] ينظر مدارج السالكين للإمام ابن القيم: (1/442 – 443).
                                    [6] الفوائد لابن القيم، ص: (3).
                                    [7] الزهد للإمام أحمد، ص: (188).
                                    [8] تفسير الطبري: (10/658).
                                    [9] تفسير القرطبي: (11/176).
                                    [10] مجموع فتاوى ابن تيمية: (16/180- 181).
                                    [11] الصواعق المرسلة: (2/458).
                                    [12] أحكام القرآن للقرطبي: (11/176).
                                    [13] طبقات الشافعية الكبرى: (8/252).
                                    [14] أضواء البيان: (7/4459).
                                    [15] ينظر إحياء علوم الدين للغزالي: (1/287).
                                    [16] أخرجه البخاري: (5056)؛ ومسلم: (800).
                                    [17] فتح الباري لابن حجر العسقلاني: (9/94).
                                    [18] ينظر روضة الناظر وجنة المناظر، لابن قدامة: (1/249). ط: الرشد.
                                    [19] الفوائد، لابن القيم، ص: (3).


                                    عبداللطيف بن عبدالله التويجري

                                    صيد الفوائد



                                    تعليق


                                    • رد: تدبر آية من القرآن

                                      {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[البقرة : ١٠٩]

                                      هل ستطلب من ربك العفو غدا ؟.. لقد أمرك ربك أن تعفو عن عباده ، هل فعلت ؟؟!
                                      من عفا عفا الله عنه ، ومن صفح صفح الله عنه ، ومن غفر غفر الله له . الجزاء من جنس العمل
                                      {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس} العفو عن من أساء إليك ، والعفو أبلغ من الكظم لأن العفو ترك المؤاخذه مع السماحة عن المسيء رحمة به وإحسانا إليه ، وكراهة أن يمسه أذى ... ترجو بذلك الأجر من الله .



                                      التباس لا بد من تناوله وإزالته


                                      هناك من الناس من يلتبس عليهم الفهم فيظنون أن العفو الذي أمرنا به الإسلام عفو مُطلقٌ لكل أحد وفي كل ذنب أو معصية، والشرع ما عنى ذلك أبداً، وإلا لتمادى الخطاؤون في غيِّهم فضاعت الحقوق وعُطلت الحدود وانقسم الناس إلى صنفين، صنف يتطاول على الخلق ويُعربد في الأرض وكله ثقة ويقين أن الصنف الآخر سيصفح ويعفو ويسامح.
                                      يقول الإمام عبد الرحمن السعدي رحمه الله: "إن من الصفح الجميل أن توقِع العقوبة على المُخطئ متى ما كان الحال يُحتّم عليك عدم التجاوز والتغاضي، إن الصفح الجميل أن يكون اللين في محله والشدّة في محلها".كما يقول أيضاً، في تفسير قوله تعالى {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]: "وشرط الله في العفو الإصلاح فيه، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون مأمورا به".
                                      ويقول الإمام بن باز رحمه الله: "أن الشريعة الكاملة جاءت باللين في محله، والشدة في محلها، فلا يجوز للمسلم أن يتجاهل ذلك، ولا يجوز أيضاً أن يوضع اللين في محل الشدة، ولا الشدة في محل اللين، ولا ينبغي أيضاً أن ينسب إلى الشريعة أنها جاءت باللين فقط، ولا أنها جاءت بالشدة فقط، بل هي شريعة حكيمة كاملة صالحة لكل زمان ومكان ولإصلاح جميع الأمة. ولذلك جاءت بالأمرين معاً، واتسمت بالعدل والحكمة والسماحة فهي شريعة سمحة في أحكامها وعدم تكليفها ما لا يُطاق، ولأنها تبدأ في دعوتها باللين والحكمة والرفق، فإذا لم يؤثر ذلك وتجاوز الإنسان حده وطغى وبغى أخذته بالقوة والشدة وعاملته بما يردعه ويعرفه سوء عمله".إن ديننا يتصف بالوسطية والاعتدال، وهذا يجعل المؤمن يوازن بين مواقف العفو والصفح طمعًا في الثواب، ومواقف الانتصار من المعتدي الباغي إنصافاً للحق، وحفظاً للمروءة، وحرصاً على عدم علو الباطل.(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) فلا يعفو عن مجرم معروف بالشر وإيقاع الضرر بالناس ، لما يترتب على العفو عنه من إطلاق يديه في الشر والسوء ، لذا لا يشرع العفو عنه ، بل تجب عقوبته وكف يده عن الناس بما يُستطاع .


                                      قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
                                      " والعدل نوعان :

                                      أحدهما :
                                      هو الغاية ، والمأمور بها ، فليس فوقه شيء هو أفضل منه يؤمر به ، وهو العدل بين الناس .

                                      والثاني :
                                      ما يكون الإحسان أفضل منه ، وهو عدل الإنسان بينه وبين خصمه في الدم والمال والعِرْضِ ، فإن الاستيفاء عدل ، والعفو إحسان ، والإحسان هنا أفضل ، لكن هذا الإحسان لا يكون إحساناً إلا بعد العدل ، وهو أن لا يحصل بالعفو ضررٌ ، فإذا حصل منه ضرر : كان ظلماً من العافي ، إما لنفسه ، وإما لغيره ، فلا يشرع " انتهى من " جامع المسائل "

                                      وقال
                                      الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح حديث ( وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزّاً ) - :
                                      " وفي هذا حثٌّ على العفو ، ولكن العفو مقيَّد بما إذا كان إصلاحاً ؛ لقول الله تعالى (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) ، أما إذا لم يكن إصلاحاً بل كان إفساداً : فإنه لا يؤمر به ، مثال ذلك : اعتدى شخص شرير معروف بالعدوان على آخر ، فهل نقول للآخر الذي اعتدى عليه : اعف عن هذا الشرير ؟ لا نقول اعف عنه ؛ لأنه شرير ، إذا عفوتَ عنه تعدَّى على غيرك من الغد ، أو عليك أنت أيضا ، فمثل هذا نقول : الحزم والأفضل أن تأخذه بجريرته ، يعني : أن تأخذ حقك منه ، وألا تعفو عنه ؛ لأن العفو عن أهل الشر والفساد ليس بإصلاح بل لا يزيدهم إلا فساداً وشرّاً ، فأما إذا كان في العفو خير وإحسان وربما يخجل الذي عفوت عنه ولا يتعدى عليك ولا على غيرك : فهذا خير " انتهى من " شرح رياض الصالحين " ( 3 / 525 ) .


                                      ثالثاً :
                                      ما قد تجده في نفسك في حال رغبتك بالعفو عمن ظلمك ممن تستطيع أخذ حقك والانتصار منه ، وترى أن عفوك عنه فيه صلاح له وليس يترتب عليه ضرر عليك أو على الناس : فإن ذلك من الشيطان يصوِّر لك أمر العفو والمسامحة أنه ذل وخنوع وانكسار ، وكل ذلك ليصدك عن العز ورفع الشأن ، ومزيد الأجر ، فكن متيقظاً لهذا .

                                      قال الشيخ
                                      محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
                                      والعافين عن الناس ـ يعني: الذين إذا أساء الناس إليهم عفوا عنهم، فإن من عفا وأصلح فأجره على الله، وقد أطلق الله العفو هنا ولكنه بين قوله تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله ـ أن العفو لا يكون خيرا إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه، وأن تأخذ بحقك، لأنك إذا عفوت ازداد شره، أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ قليل العدوان، لكن أمر حصل على سبيل الندرة، فهنا الأفضل أن تعفو.
                                      " قال صلى الله عليه وسلم (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزّاً) إذا جنى عليك أحد وظلمك في مالك أو في بدنك أو في أهلك أو في حق من حقوقك ، فإن النفس شحيحة تأبى إلا أن تنتقم منه ، وأن تأخذ بحقك ، وهذا لك ، قال تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) البقرة/ 194 ، وقال تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) النحل/ 126 ، ولا يلام الإنسان على ذلك ، لكن إذا همَّ بالعفو وحدَّث نفسه بالعفو : قالت له نفسه الأمَّارة بالسوء : إن هذا ذل وضعف ! كيف تعفو عن شخص جنى عليك أو اعتدى عليك ؟ وهنا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزّاً) والعز ضد الذل ، وما تحدثك به نفسُك أنك إذا عفوت فقد ذللت أمام من اعتدى عليك : فهذا من خِداع النفس الأمَّارة بالسوء ونهيِها عن الخير ، فإن الله تعالى يثيبك على عفوك هذا عزّاً ورفعة في الدنيا والآخرة " انتهى من " شرح رياض الصالحين " ( 3 / 408 ، 409 ) .
                                      وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزّاً) دفع لما يسبق إلى الظنون من أن العفو سبب للذلة ، أو أن المهابة والمنزلة لا تكون إلا بالانتقام وأخذا الحق .

                                      من وقع عليه من الناس أذى بالسب أو الإهانة أو الضرب ونحوه، فله أن يتعامل مع ظالمه بواحد من ثلاث خيارات
                                      إما العفو والصفح، وإما عدم العفو والصفح، وتأخير المقاصة ليوم القيامة، وإما الانتصار منه بالعدل، ومقابلة السيئة بمثلها. والعفو أفضل إلا إذا كان سيترتب عليه استطالة الظالم وإصراره على الظلم، فإن الانتصار أفضل حينئذ، جاء في كتاب بريقة محمودية: لَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْعَدْلُ أَفْضَلَ مِنْ الْعَفْوِ بِعَارِضٍ مُوجِبٍ لِذَلِكَ مِثْلِ كَوْنِ الْعَفْوِ سَبَبًا لِتَكْثِيرِ ظُلْمِهِ لِتَوَهُّمِهِ أَنَّ عَدَمَ الِانْتِقَامِ مِنْهُ لِلْعَجْزِ ..




                                      تعليق


                                      • رد: تدبر آية من القرآن

                                        {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ۝ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ۝ } [الإسراء:٤،٥]

                                        المقصود بالآيات الكريمة من سورة الإسراء، هي قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا. وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا. إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا. عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا...} (الإسراء:4-8).
                                        وقد اختلف علماء العصر في بيان معاني هذه الآيات والمقصود منها، فمنهم من قال: إن مرّتي الإفساد قد وقعتا، قبل الإسلام، وعوقب بنو إسرائيل أو اليهود عليهما من الله سبحانه وتعالى، وإن اختلفوا في نوع الإفساد الذي وقع منهم وفي زمنه. والغالب أنه: استحلالهم المحرمات، ونقضهم العهود، وانتهاكهم للحرمات بين بعضهم وبعض، وإيمانهم ببعض الكتاب وكفرهم ببعض، وتمردهم على أنبيائهم، إلى حد القتل، كما قال تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} (البقرة:87)، وقد قتلوا زكريا ويحيى، وتآمروا على المسيح عليهم السلام، إلى آخر ما سجله القرآن عليهم من تجاوزات وانحرافات خطيره في سورة البقرة وغيرها من سور القرآن.
                                        كما اختلف المفسرون في حقيقة العقوبة التي نزلت عليهم، ومن هم الذين سلطوا عليهم. جزاء ما صنعت أيديهم؟ وأكثر الأقوال أن أولى العقوبتين كانت تسليط البابلين عليهم، فهزموهم شر هزيمة، وأزالوا دولتهم، وخربوا ديارهم، وحرفوا توراتهم، وأخذوهم أسرى إلى بابل، فعاشوا في النفي المذل، والغربة الأليمة سبعين عاما.
                                        وأما العقوبة الثانية، فكانت ضربة الرومان لهم، التي أنهت الوجود الإسرائيلي أو اليهودي من فلسطين، وفرقتهم في أنحاء الأرض، فلم تقم لهم قائمة بعدها، حتى جاءت الصهيونية الحديثة. ومنهم من قال: إنما وقعت مرة واحدة من المرتين، عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وعاهد بني إسرائيل في المدينة، ثم غدروا به وعادوه وحاربوه، فكانت هذه هي مرة الإفساد الأولى، وقد عاقبهم الله عليها بتسليط عباد له أولي بأس شديد عليهم، وهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة معه، فحاربوهم وانتصروا عليهم.
                                        والمرة الثانية هي ما وقع من اليهود اليوم في فلسطين من تشريد أهل فلسطين وتذبيحهم، وتقتيلهم، وهتك حرماتهم، وتخريب ديارهم، التي أخرجوا منها بغير حق، وفرض وجودهم العدواني الدخيل بالحديد والدم والرصاص، وننتظر اليوم عقوبة الله تعالى لهم، بتسليط المسلمين مرة أخرى عليهم، كما سلط عليهم الصحابة أول مرة.وهذا ما ذهب إليه بعض علماء العصر مثل الشيخ الشعراوي والشيخ عبد المعز عبد الستار وغيرهما، مبينين أن المرة الأولى في إفساد بني إسرائيل كانت في عصر النبوة بعد البعثة المحمدية، وهي ما قام به بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة، وأهل خيبر، من كيد وبغى على الرسول وأصحابه، وقد نصرهم الله عليهم. وكان العباد المسلطون عليهم هم النبي والصحابة؛ بدليل مدح هؤلاء بإضافتهم إلى الله بقوله: {عبادًا لنا}.أما إفسادتهم الثانية فهي ما يقومون به اليوم من علو كبير وطغيان عظيم، وانتهاك للحرمات، وإهدار للحقوق، وسفك للدماء، وغيرها، حتى أصبحوا أكثر أهل الأرض نفيرا، بما يملكون من وسائل الإعلام والتاثير في العالم. وسيتحقق وعد الله تعالى بتأديبهم وعقوبتهم وتسليط المسلمين عليهم كما سلطوا من قبل.




                                        تعليق


                                        • رد: تدبر آية من القرآن



                                          {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ } [السجدة : ١٥]

                                          *ما الفرق بين (اسجدوا) – (قعوا له ساجدين) – (خرّوا سجداً)؟

                                          رب العالمين يقول (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا ﴿34﴾ البقرة) هذه آية
                                          وفي سورة ص لم يقل اسجدوا وإنما قال (
                                          فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿72﴾ص)
                                          رب العالمين يقول (
                                          وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿34﴾ البقرة)
                                          في آية ص قال (
                                          إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ﴿71﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿72﴾ ص)
                                          وآية أخرى (
                                          خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩﴿58﴾ مريم)

                                          ما الفرق بين سجدوا وبين وقعوا له ساجدين وبين خروا سجداً؟

                                          والله تقتضي التفريق. وفعلاً الفرق بين (سجدوا) هذا سجود اعتيادي أنك أنت قمت بعملية السجود التي نفعلها في الصلاة هذه سجود كلنا نفعل سجود كسجود الصلاة سجدنا.

                                          في يوم الجمعة من السنن أن نقرأ سورة السجدة ونحن واقفون الإمام نحن واقفون خلفه ويقرأ هو سورة السجدة ويأتي إلى قوله تعالى (خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴿15﴾السجدة) خروا لماذا؟ ونحن واقفين ننزل رأساً إلى تحت (خروا). والخرّ هو الهبوط مع صوت من خرير الماء وهنالك فرق بين جريان الماء بلا صوت. الخرير من شلال نازل بصوت هذا خرّ (خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) إما صوت البكاء مع السجود شخص قرأ آية يسجد لكن قرأ آية مؤثرة فبدأ بالبكاء وهو يبكي نزل على الأرض هبط بقوة لكي يسجد ولكن مع صوت هذا.

                                          مرة قال (خَرُّوا سُجَّدًا) ومرة قال (خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)
                                          البكاء صوت السجود قال (خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا) من التسبيح سبحان الله وبحمده.
                                          إذاً الفرق بين سجدوا وخروا سجداً هذا.

                                          المصدر: أحمد الكبيسى

                                          ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

                                          هنالك فرق بين ( فقعوا له ساجدين ) ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا ) ( خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم ).

                                          في الأولى: بعد أن نفخ الله بآدم الروح وكان الملائكة مشغولين بالتسبيح والتحميد ولأهمية هذا الحدث من كان مشغولا بشيء ثم انتبه كأنه وقع.

                                          والثانية: هو السجود الطبيعي الذي نقوم به في الصلاة، وكذلك سجود الملائكة لآدم عليه السلام.

                                          والثالثة: عندما يقرأ الإمام في الركعة الأولى من فجر الجمعة بسورة السجدة ويصل إلى قوله ( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا ) فإنهم ينزلون من قيامهم خاضعين ساجدين متذللين لله عز وجل، كخرير الماء وهو هبوط مصحوبا بصوت، كأنه صوت الخشوع والبكاء، وفرق بين شخص قرأ آية فسجد، وآخر قرأ آية مؤثرة فسجد وهبط إلى الأرض وهو يبكي.
                                          وأوثرت صيغة المضارع في إنما يؤمن لما تشعر به من أنهم يتجددون في الإيمان ويزدادون يقينا وقتا فوقتا.[6]
                                          والخرور: الهوي من علو إلى سفل، والسقوط بغير نظام ولا ترتيب.
                                          والسجود: وضع الجبهة على الأرض إرادة التعظيم والخضوع.[7]

                                          وكل سجود في القرآن يتلو هذه المادة (خرَّ) دليل على أنها أصبحتْ مَلَكة وآلية في المؤمن، بل ويؤكدها الحق سبحانه بقوله: {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً} [الإسراء: 107] لأنه سجود يأخذ الذقن، فهو متمكن في الذلّة، وهو فوق السجود الذي نعرفه في الصلاة على الأعضاء السبعة المعروفة.[8]
                                          هذه الآية من عزائم السجود، فيسن السجود عند تلاوتها للقارئ والمستمع، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأُ السورةَ التي فيها السجدةَ، فيَسْجُدُ ونَسْجُدُ، حتى ما يَجِدُ أحدُنا مكانًا لموضعِ جبهتِه.[9]
                                          ويقول عليه الصلاة والسلام: إذا قرَأ ابنُ آدَمَ السَّجدةَ فسجَد اعتزَل الشَّيطانُ يبكي ويقولُ: يا ويلَه أُمِر ابنُ آدَمَ بالسُّجودِ فسجَد فله الجنَّةُ وأُمِرْتُ بالسُّجودِ فأبَيْتُ فلِيَ النَّارُ.[10]


                                          والسجود عبادة جليلة لها فضائل عظيمة ومنافع كبيرة وآثار محمودة نذكر منها:

                                          أثنى الله سبحانه على صحابة نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ )[11].
                                          قال الله لنبيه مثنيا عليه مبينا عظم هذه العبادة( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ . الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ . وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ )[12]، وتقلبك راكعا وساجدا خصها بالذكر، لفضلها وشرفها[13]، وللأسف شتان من يتقلب في أماكن المعاصي واللهو وضياع الأوقات، ومن يتقلب ساجدا طائعا خاشعا لله!
                                          قال تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ( كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ )[14].
                                          وقد أثنى الله على عباد الرحمن المؤمنين بقوله( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا )[15].
                                          قال عليه الصلاة والسلام( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . فأكثروا الدعاء ).[16]
                                          قال عليه الصلاة والسلام لثوبان رضي الله عنه( عليك بكثرةِ السجودِ للهِ فإنك لا تسجدُ للهِ سجدةً إلا رفعَك اللهُ بها درجةً وحطَّ عنك بها خطيئةً ).[17]
                                          وقال عليه الصلاة والسلام( وحرَّمَ اللهُ على النارِ أنْ تأكلَ آثارَ السجودِ ).[18]


                                          ايمن شعبان
                                          صيد الفوائد




                                          {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ } [السجدة : ١٥]

                                          لما سمعوا القرآن نزلوا الأرض سجّدا لله .. سماع القرآن يورث رقة المشاعر

                                          {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكّروا بها}
                                          تأمل معي الفعل (يؤمن) صيغة المضارع هذه تفيد الإستمرار والتجديد ، وعليه فإن سماع القرآن يجدد الإيمان ويجعل القلب في حالة خشوع مستمره.
                                          لن تجد ياعزيزي أمتع ولا أنفع من سجدة خضوع وخشوع يسجدها معك كل مافيك الروح و الجسد و المشاعر .

                                          {خرّوا سجداً وسبّحوا بحمد ربهم}
                                          لقد سبّحوا وحمدوا في سجودهم ... أنفع السجود للقلوب ماجمع بين تنزيه الله عن النقائص ، وشكر الله على الفضائل [سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم]
                                          خرّت قلوبهم أولا ساجدة في محراب الإيمان بالله ، خضوعاً ومحبةً ، وخوفاً و خشيةً ، فخرّت أجسادهم تبعاً لقلوبهم ... فالقلب هو ملك ، والجوارح هم جنوده.
                                          اللهم اجعلنا من الراكعين الساجدين الخاشعين الذاكرين ، ولا تجعلنا من الغافلين ..


                                          تعليق


                                          • رد: تدبر آية من القرآن



                                            {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)} [النبأ]

                                            قال السعدي في تفسيره:
                                            { {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا } } أي: الذين اتقوا سخط ربهم، بالتمسك بطاعته، والانكفاف عما يكرهه فلهم مفاز ومنجي، وبعد عن النار.

                                            وفي ذلك المفاز لهم { {حَدَائِقَ} } وهي البساتين الجامعة لأصناف الأشجار الزاهية، في الثمار التي تتفجر بين خلالها الأنهار، وخص الأعناب لشرفها وكثرتها في تلك الحدائق.
                                            ولهم فيها زوجات على مطالب النفوس { {كَوَاعِبَ} } وهي: النواهد اللاتي لم تتكسر ثديهن من شبابهن، وقوتهن ونضارتهن .
                                            { {والأَتْرَاب } } اللاتي على سن واحد متقارب، ومن عادة الأتراب أن يكن متآلفات متعاشرات، وذلك السن الذي هن فيه ثلاث وثلاثون سنة، في أعدل سن الشباب .
                                            { {وَكَأْسًا دِهَاقًا} } أي: مملوءة من رحيق، لذة للشاربين، { {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا } } أي: كلاما لا فائدة فيه { { وَلَا كِذَّابًا } } أي: إثما. كما قال تعالى: { { لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} } وإنما أعطاهم الله هذا الثواب الجزيل [من فضله وإحسانه].
                                            { {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ} } لهم { {عَطَاءً حِسَابًا} } أي: بسبب أعمالهم التي وفقهم الله لها، وجعلها ثمنا لجنته ونعيمها
                                            .







                                            { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا }[النبأ :31]


                                            هناك تجارة.. تجارة رابحة ، لن تخسر فيها مطلقا ، ماتبذله تجنيه أضعافا مضاعفة ، لأنك تتعامل بها مع الله تعالى.


                                            من نعيم الجنة {لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّٰبًا} سماع اللغو الذي لافائدة منه عذاب تنزه منه أهل الجنة ، ذلك الكلام الذي يؤذي نفسية الإنسان ، ويكدر الخاطر ، ويضيق الصدر لن تسمعه ، لن تسمع إلا مايسرك ، ولن ترى إلا مايسعدك .

                                            كلنا لنا جلسات واجتماعات ، فإذا طهرناها من الفحش والغيبة والنميمة والكذب عشنا في نعيم يؤدي إلى نعيم الجنة.


                                            {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} وعد الله المتقين بالرحمة والعطاء والجنات مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر {جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا}
                                            اللهم نعيما كهذا ...
                                            وقال سبحانه في الكافرين {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا} عندما يسوء الإعتقاد ، تسوء الأعمال... راجع معتقداتك!!...
                                            تذكر وقوفك بين يدي الله ، خوفك من الحساب يعينك على تجنب أهوال يوم القيامة...
                                            وما نزلت في أهل النار آية أشد من {فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} فهم في مزيد من عذاب الله أبدا...
                                            اللهم سلم سلم




                                            تعليق


                                            • رد: تدبر آية من القرآن

                                              (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) [سبأ:18-19].

                                              إن مواطن الضعف في طبيعة الإنسان أن إذا استمرت به الحال واحدة من النعمة والراحة والخير: يملّلها ويسأمها – رغم ما تحمل من لذة وراحة ورفاهية- ويريد التغيير والتبديل مهما كلفه من ثمن باهظ وجرّ إليه من البلاء والمحن. هذا هو الحال الذي أشار إليه القرآن الكريم بلفظة: (بطرت) في قوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا) [القصص:58].

                                              وهذه هي قصة سبأ التي أنعم الله عليها بكل الخيرات وعبّد طرقها وملأها أمناً وراحة: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ) فكفروا بهذه النعمة ولم يقدروها حق قدرها: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) [سبأ:19].
                                              ليس هذا من السفر في شيء ! نخرج ونأكل ونشرب ، ونتحدث وإذا بنا نصل إلى منزلنا ، بل لابد أن يكون السفر طويلاً وفيه من التعب والمشقة ما فيه، فكما أن سلب الله تعالى منهم نعمهم وخيراتهم وجعلهم أحاديث ومزّقهم كل ممزق. قال تعالى: (فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [سبأ:19].



                                              أنواع البطر:

                                              للبطر أنواع عديدة أهمّها:
                                              1- بطر الغنى.
                                              2-بطر الملك.
                                              وكلاهما ممّا يجب التّحرّز منه، قال تعالى في النّوع الأوّل: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى} (العلق/ 6- 7). وقال في النّوع الثّاني في حقّ فرعون: { فَحَشَرَ فَنادى * فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى} (النازعات/ 23- 24).ويمكن أن يضاف إلى ذلك:
                                              3- بطر المنصب والوظيفة.
                                              4-بطر الجاه والمكانة الاجتماعيّة.
                                              وكلاهما يمكن حمله على النّوعين الأوّلين.(نضرة النعيم)


                                              عاقبة البطر



                                              إن البطر من أعظم أسباب الهلاك والدمار وتبدل النعم وزوالها، وقد حذر الله تعالى عباده من هذا المصير المشابه لمصائر أمم بطرت ولم تشكر فقال: { وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ }(القصص: 58). يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: يقول اللّه تعالى معرّضا بأهل مكّة في قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها } أي طغت وأشرت وكفرت نعمة اللّه فيما أنعم به عليهم من الأرزاق، كما قال في الآية الأخرى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ إلى قوله تعالى فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ }(النحل/ 112- 113)، ولهذا قال تعالى: {فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا}، أي دثرت ديارهم فلا ترى إلّا مساكنهم، وقوله تعالى:
                                              {وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ }أي رجعت خرابا ليس فيها أحد.

                                              كما ذكر الله تعالى قصة قوم سبأ لتكون آية للناس وعبرة،{ لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} (سبأ:15) جنة عن يمين وجنة عن شمال كلوا واشربوا من هذه النِعم، بلدة طيبة معطاءة، ورب غفور يغفر الخطايا، استغفروا وكلوا وتمتعوا، فماذا كانت النتيجة؟ أعرضوا! وهذا الإعراض هو الذي دمر الأمم، فماذا كان من تلك الجنات؟ وأين ذهبت؟ {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ. ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (سبأ16-17).
                                              لقد وهبهم الله من النعم الشيء الكثير حتى جعل بين قراهم والقرى الأخرى التي يسافرون إليها قرى يستريحون فيها ويأخذون منها احتياجاتهم لكنهم ملوا النعمة وبطروا فقالوا: { رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ }(سـبأ: من الآية19)

                                              فماذا كانت العاقبة؟
                                              لم يبق منهم إلا أحاديث يتحدث بها الناس وأمثلة تضرب لمن طغوا وبطروا معايشهم: { فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}(سـبأ: من الآية19).
                                              هذا كله في الدنيا اما في الآخرة فيبقى الوزر والسؤال بين يدي الله تعالى، وتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: " إنّ اللّه لا ينظر إلى من يجرّ إزاره بطرا"(البخاري ومسلم واللفظ له).

                                              وحين تكلم النبي صلى اله عليه وسلم عن الخيل قال: " الخيل ثلاثة: فهي لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر. فأمّا الّتي هي له أجر، فالرّجل يتّخذها في سبيل اللّه ويعدّها له، فلا تغيّب شيئا في بطونها إلّا كتب اللّه له أجرا، ولو رعاها في مرج، ما أكلت من شيء إلّا كتب اللّه له بها أجرا، ولو سقاها من نهر كان له بكلّ قطرة تغيّبها في بطونها أجر، ولو استنّت شرفا أو شرفين كتب له بكلّ خطوة تخطوها أجر. وأمّا الّذي هي له ستر فالرّجل يتّخذها تكرّما وتجمّلا ولا ينسى حقّ ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها. وأمّا الّذي عليه وزر فالّذي يتّخذها أشرا وبطرا وبذخا ورياء النّاس، فذاك الّذي هي عليه وزر..."الحديث(البخاري ومسلم واللفظ له).
                                              فليحذر العبد من البطر فإنه من فخاخ الشيطان التي يوقع بها ابن آدم في الهلاك، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة، وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين.



                                              اسلام ويب






                                              تعليق


                                              • رد: تدبر آية من القرآن


                                                {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ○ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الدخان : ٥١ - ٥٢]

                                                صفات المتقين

                                                المتّقون لهم صفات وأعمال نالوا بها السعادة في الدنيا والآخرة، ومن هذه الصفات ما يأتي:

                                                قال الله تعالى بعد أن بيَّن أن الشهوات زُيَّنت للناس: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 15، 17]، وقد ظهرت أعمال مباركة، وصفات كريمة من

                                                صفات المتقين في هذه الآيات الثلاث.


                                                وهي:

                                                1- التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به.

                                                2- طلَبُ المغفرة من الله تعالى.

                                                3- طلبهم من الله تعالى الوقاية من عذاب النار.

                                                4- الصبر على طاعة الله وعن محارم الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.

                                                5- الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال.

                                                6- القنوت الذي هو دوام الطاعة مع الخشوع.

                                                7- الإنفاق في سبيل الخيرات على الفقراء وأهل الحاجات.

                                                8- الاستغفار، خصوصًا وقت الأسحار؛ لأنهم مدُّوا الصلاة إلى وقت السحر، فجلسوا يستغفرون الله تعالى (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي)



                                                فهؤلاء لهم أصناف الخيرات والنعيم المقيم، ولهم رِضوان الله، الذي هو أكبر من كل شيء، ولهم الأزواج المطهَّرة من كل آفة ونقص: جميلات الأخلاق، كاملات الخلائق (جامع البيان عن تأويل آي القرآن؛ لابن جرير الطبري، 6/259- 267، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص103.



                                                قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136]، في هذه الآيات أعمال عظيمة وصفات كريمة لأهل التقوى، ذكرها الله بعد أن أمرهم بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنّته التي أعدّها للمتقين.



                                                وهذه الصفات على النحو الآتي:

                                                1- الإنفاق: في العسر واليسر، والشدة والرخاء، والمنشَط والمكرَه، والصحة والمرض.

                                                2- كظْم الغيظ وعدم إظهاره، والصبر على مقابلة المسيء إليهم، فلا ينتقمون منه.

                                                3- العفو عن كل من أساء إليهم بقول أو فعل.

                                                4- ذكر الله وما توعَّد به العاصين، ووعَد به المتقين، فيسألونه المغفرة لذنوبهم.

                                                5- المبادرة للتوبة والاستغفار عند عمل السيئات الكبيرة والصغيرة.

                                                6- عدم الإصرار على الذنوب والاستمرار عليها؛ بل تابوا عن قريب.


                                                ثم بيّن الله تعالى جزاءهم على عمَل هذه الصفات: مغفرة من ربهم وجنات فيها من النعيم المقيم ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطَر على قلب بشر ( تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 1/384، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص116.


                                                ومن صفات المتقونما يأتي:

                                                قال الله - تعالى -: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 1 - 5] ، ففي هذه الآيات مجموعةٌ مباركة من صفات المتقين، وهي:
                                                1- الإيمان بالغيب.
                                                2- إقام الصلاة.
                                                3- الإنفاق الواجب والمُستحَب في جميع طرُق الخير.
                                                4- الإيمان بالقرآن والكتُب المُنزَّلة السابقة.
                                                5- الإيقان والإيمان الكامل بالآخِرة، واليَقين هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك.

                                                ومَن عَمِل بهذه الصفات، كان على الهدى العظيم، وكان مِن المُفلِحين الفائزين في الدنيا والآخِرة.

                                                و قال الله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، ففي هذه الآية العظيمة بيَّن الله - تعالى - كثيرًا مِن أعمال المتَّقين، وصفاتهم الكريمة العظيمة، وهي:
                                                1- الإيمان بالله - تعالى.
                                                2- الإيمان باليوم الآخِر.
                                                3- الإيمان بالملائكة.
                                                4- الإيمان بالكتُب التي أنزل اللهُ - تعالى.
                                                5- الإيمان بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام.
                                                6- إعطاء المال للأقرباء، واليتامى، والمساكين، والمسافرين، والسائلين، وإعتاق الرقاب.
                                                7- إقام الصلاة.
                                                8- إيتاء الزكاة.
                                                9- الوفاء بالعهد.
                                                10- الصبر في الفقر، والمرض، ووقت قتال الأعداء.
                                                11- الصدق في الأقوال، والأفعال، والأحوال.


                                                شبكة الالوكة






                                                {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ○ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الدخان : ٥١ - ٥٢
                                                الأمان من الآفات والأحزان لأولئك الذين اتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه




                                                عندما أكرموا أنفسهم بالطاعة ، أكرمهم الله في مقام تسعد به نفوسهم لا أحزان فيه ولا هموم ، إنهم آمنون لايخافون الموت.. إذ ليست الدنيا دار أمان ، بل الجنة هي دار الأمان ، ودار أهل الإيمان.

                                                "وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ" "فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ" ذكرت (العيون) بالقرآن في ١٠ مواضع وكلها في معني عيون الماء.. أما أداة البصر (العين) فتجمع على (أعين "(سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ" "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ"/ عادل صالح السليم


                                                ألم نقرأ {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} ؟! ألم تشجعك هذه الآية لتستمر في إحسانك؟
                                                ألا تقيك بأس المخاوف التي تطاردك؟ بلى والله.. ولايتة تكفيك وتغنيك ...


                                                حصاد التدبر







                                                تعليق


                                                • رد: تدبر آية من القرآن


                                                  {فَأمّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ○ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا ○ ويَنْقَلِبُ إلى أهْلِهِ مَسْرُورًا} [الإنشقاق:٧ و ٨ و ٩]

                                                  وله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 19] يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه بيمينه وفرحه بذلك، وأنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه ﴿ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾؛ لأنه يعلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة راجحة، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أنه سُئل عن النجوى، فقال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]"



                                                  النجاح الحقيقي هو أن تكون في آخر الأمر مسرورا ، أن تعرض عليك أعمالك دون نقاش ، صلاح النيات يخفف حساب الأعمال


                                                  من حاسب نفسه في الدنيا حسابا عسيرا ، كان حسابه يوم القيامة يسيرا .. ينظر الله تعالى في صحيفته فيغفر سيئاته ويقبل حسناته ولايطول وقوفه...

                                                  ومن حاسب نفسه في الدنيا حسابا يسيرا ، كان حسابه يوم القيامة عسيرا... قال عمر رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم من الحساب غدا.


                                                  هنيئا لمن يستلم كتابه بيمينه ويعود تغمره الفرحة قائلا انظروا كتابي ، لقد فزت بالجنة . والبؤس والخذلان للذي لم يتم رجوعه بعد الحساب ، لأنه كما جعل كتاب الله وراء ظهره في الدنيا ، فقد جعل الله كتاب أعماله وراء ظهره في الآخرة خزيا وعارا وندامة...

                                                  سرور الدنيا زائل فلا تجعله يشغلك عن السعادة الحقيقية الدائمه في الآخره... ابحث عن الإيمان وتمسك به تنجو....



                                                  تعليق


                                                  • رد: تدبر آية من القرآن

                                                    { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } [الانشقاق: ١٩].

                                                    المقسم عليه قوله: { لَتَرْكَبُنَّ } [أي:] أيها الناس { طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } أي: أطوارا متعددة وأحوالا متباينة، من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى نفخ الروح، ثم يكون وليدًا وطفلًا، ثم مميزًا، ثم يجري عليه قلم التكليف، والأمر والنهي، ثم يموت بعد ذلك، ثم يبعث ويجازى بأعماله، فهذه الطبقات المختلفة الجارية على العبد، دالة على أن الله وحده هو المعبود، الموحد، المدبر لعباده بحكمته ورحمته، وأن العبد فقير عاجز، تحت تدبير العزيز الرحيم.(تفسير االسعدي)
                                                    وقال مقاتل : يعني الموت ثم الحياة [ ثم الموت ثم الحياة ] .
                                                    وقال عطاء : مرة فقيرا ومرة غنيا . وقال عمرو بن دينار عن ابن عباس : يعني الشدائد وأهوال الموت ، ثم البعث ثم العرض . وقال عكرمة : حالا بعد حال ، رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ . وقال أبو عبيدة : لتركبن سنن من كان قبلكم وأحوالهم .



                                                    { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } [الانشقاق: ١٩].


                                                    يتقلب الانسان في الدنيا من حال إلى حال ، والموفق من لايسقط ، فليس في الدنيا استقرار

                                                    {فلا أقسم بالشفق○ والليل وما وسق ○ والقمر إذا اتسق} يقسم الله تعالى مؤكدا أن الدنيا دار فناء ليأتي جواب القسم {لتركبن طبقا عن طبق} ليقابلكن يامعشر البشر أهوالا وشدائد في الآخرة ، هي طبقات في الشدة والفظاعة ، بعضها أشد من بعض ، والعجيب أن أكثر الناس غافلون عما ينتظرهم من الأهوال ، أيعقل أن نقرأ كل يوم {لتركبن طبقا عن طبق} ونبقى غارقون في فتن الدنيا؟!!! ألهذا الحد هان علينا أمر الله ، و هانت علينا أنفسنا؟!!

                                                    إذا رأيت التحولات تجري عليك بغير اختيارك فاعلم أن التدبير بيد غيرك ... احذر أن تأخذك الفتن حال الرخاء فتتعثر وتهوي بك إلى القاع ، لن تجد أملا للنجاة إلا بطاعة الله ، ولا تيأس حال الشدة ، اصبر واحتسب بقين المؤمن أن بعد العسر يسرا . يوم الحساب آت آت و لامفر منه ، وسيجازي الله تعالى كل عامل بما عمل {ياأيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه} فلنعد العدة للقاء الله ، ولننظر بماذا سنقابله.

                                                    حصاد التدبر


                                                    تعليق


                                                    • رد: تدبر آية من القرآن

                                                      (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

                                                      الخشية المحمودة شرعا : هي الشعور بالتقصير ،والاعتراف بالذنب ،والندم الموجب للكف عن ركوب المحرمات ،وتغيير الحال إلى الأحسن ،والمبادرة بالتوبة ،وعمل الصالحات ، لتكفير السيئات ، ففي سنن الترمذي بسند حسن أن (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-« مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ». أما الخشية التي تقعد العبد عن العمل ،وتوصله للإحباط ،وسوء الظن بالله ،فهي مذمومة شرعا ،وليست من العبادة ، وهي دليل على خور وضعف في البصيرة ،ويجب على المؤمن إذا ابتلي بذلك ، أن يتخلص منه ،ويسعى في توظيف الخشية في غرضها الصحيح. كما ينبغي على العبد أن لا يقتصر في عبادته لربه على مقام الخوف ،لأن ذلك يوجب له اليأس ،والقنوط ، وسوء الظن بالرب ،وهذا هو مسلك الفئات الضالة، وقد ذم السلف ذلك ، بل على العبد أن يقرن الخوف بالرجاء ،ويوازن بينهما ،ويغلب أحدهما على الآخر إذا اقتضى الحال ، فالمؤمنون يخافون الله في الدنيا ويخشون عذابه ، كما قال الله تعالى: (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) (26) ،(27) الطور ، أما الكفار والمنافقون فيأمنون عذاب الله في الدنيا ،ويفرحون ويمرحون بملذاتها، ولا يحسبون ليوم الحساب حسابا ،ولا يقيمون له وزنا. قال الحسن البصري: (إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة وإن المنافق جمع إساءة وأمنا).

                                                      وقد يسأل سائل : إذا كان العبد مستقيماً فمن أي شيء يخاف؟ والجواب : العبد وإن كان مستقيما فلا يفارق الخوف والخشية من الله قلبه، فخوفه يكون من سوء العاقبة ، لقول الله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (24) ،(25) الانفال ، والمؤمن المستقيم يخاف كذلك من نقصان الدرجة. وأما إن كان العبد مائلاً ، ومنحرفاً ، وعاصياً ،فخوفه من سوء فعله ،وينفعه ذلك مع الندم والإقلاع ، فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية ،والتصديق بالوعيد ،أو أن يحرم التوبة، فالخوف من الله واجب، وهو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب

                                                      أما عن ثمرات الخوف من الله : ففي الدنيا : فهو من أسباب التمكين في الأرض، وزيادة الإيمان والطمأنينة لأنك إذا حصل لك الموعود وثقت أكثر ، قال الله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) (13) ،(14) إبراهيم ، إذاً فالخوف من الله يؤدي إلى التمكين في الأرض ،والانتصار على الأعداء ،وأن يهلك الله عدوهم ،ويخزيهم ،ويورث المؤمنين أرضهم وديارهم. ومن ثمرات الخوف من الله وخشيته أيضا : أنه يبعث على العمل الصالح والإخلاص فيه وعدم طلب المقابل في الدنيا فلا ينقص الأجر في الآخرة ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) (9) ،(10) الانسان وقال الله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (36) ،(37) النور ، أي قلوبهم تضطرب وتتقلب ، وهذا هو الذي دفعهم للعمل ، يريدون النجاة ، ويحذرون الهلاك ، ويخافون أن يأتوا وكتبهم بشمالهم.

                                                      وأما عن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : فالخوف من الله يجعل الإنسان في ظل العرش يوم القيامة، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه البخاري مسلم : ( وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ،) ،فظاهر الحديث أنه يقولها بلسانه ،ليزجر المرأة عن فعلها ،وليذكر نفسه ،ويصر على موقفه ، ومن ثمرات الخوف من الله في الدار الآخرة : أنه من أسباب المغفرة، وشاهد ذلك ما رواه البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – « أَنَّ رَجُلاً كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالاً فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ . قَالَ فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ . فَفَعَلُوا ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ مَا حَمَلَكَ قَالَ مَخَافَتُكَ . فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ » ، فهذا الرجل عذره الله بجهله ،وشفع له خوفه من ربه ، وإلا فالذي ينكر البعث كافر. ومن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : أنه يؤدي إلى الجنة ففي سنن الترمذي : ( أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ». أي أن الذي يخاف من إغارة العدو وقت السحر يسير من أول الليل(أدلج) فبلغ المنزل والمأمن والمطلب، وهذا مثل ضربه الرسول صلى الله عليه وسلم لسالك الآخرة ، فإن الشيطان على طريقه ، والنفس الأمارة بالسوء والأماني الكاذبة وأعوان إبليس ، فإن تيقظ في مسيره وأخلص النية في عمله أمن من الشيطان وكيده ،ومن قطع الطريق عليه، وهذه سلعة الله التي من دخلها كان من الآمنين. ومن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : أنه يرفع الخوف عن الخائف يوم القيامة: ففي صحيح ابن حبان : (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه جل وعلا قال : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة ،وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة) ، ومن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : أنه سبب للنجاة من كل سوء، ففي معجم الطبراني(عن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه من الخيلاء وثلاث منجيات العدل في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفاقة ومخافة الله في السر والعلانية) ، ومن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : أن يصبح الإنسان ممدوحاً مثني عليه ، ومنعما في دار النعيم ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (15) 17) السجدة

                                                      من خطبة للشيخ حامد ابراهيم



                                                      {... إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ° ○ قُل لَّوْ شَاء اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [يونس:١٥-١٦]

                                                      {...إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ ربي...} قلها لقلبك حين يضعف ، ولنفسك حين يغلبها الهوى ، وحين تراودك خواطر السوء .

                                                      استشعرت ألما حين خطر ببالي أن تكون حياتنا خالية من القرآن . تخيل معي الحياة دون القرآن!!!
                                                      لابد إنه تخيل مؤلم ، محزن ، يغشاه الظلام والضياع .

                                                      ماكان للتعب والحزن واليأس أن يدخل حياتنا إلا لبعدنا عن كتاب الله {إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} ألا ترى في هذه الآية الكريمه شكوى رسول الله صلى الله عليه وسلم من هجرنا للقرآن؟!! والقرآن هو الهداية والنور والطريق المستقيم الذي يصل بك إلى جنات النعيم ، فهل يعقل أن نهجره ونستهين بأوامره ونواهيه؟! ألم نقرأ {ففروا إلى الله}؟!
                                                      افتح قلبك للقرآن قبل سمعك ، واجعل لك وردا يوميا ، واقرأ وارتق

                                                      سبحان من جعل القرآن العظيم لقلوب المؤمنين راحة وسكينة ، طمأنينة وربيع ، ولصدورهم نور وانشراح ، ولحياتهم تنظيم وترتيب وفلاح...
                                                      اللهم لك الحمد على نعمة القرآن .



                                                      تعليق


                                                      • رد: تدبر آية من القرآن

                                                        .

                                                        {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [ابراهيم : ٢٧]


                                                        روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا).

                                                        إنه إرشاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمبادرة للأعمال الصالحة .. فإنه يأتي على الناس زمان تغشاهم فيه الفتن .. وتتكالب عليهم حتى تصبح كالليل المظلم .. الذي يحجب عنهم نور الإيمان واليقين .. يتقلب الواحد منهم بين الإيمان والكفر والفسق .. لعَرَض من الدنيا قليل.

                                                        يبيع دينه.. لشهوة عابرة .. أو منصب موعود .. أو مال زائل .. يبيع دينه لأجل كلام الناس .. أو إرضاء زوجة وأولاد بما يغضب الله .. يبيع دينه بعَرَض من الدنيا قليل.

                                                        إن طريق الحق والدين طريق صعب وشاق .. مليء بالعقبات والحُفر .. لكن عاقبته الراحة الأبدية في الجنة بإذن الله .. فالراحة لا تنال بالراحة .. ومعالي الأمور لا تنال بالفتور .. ومن جد وجد, ومن زرع حصد.

                                                        يا سلعة الرحمن لست رخيصةً *** بل أنت غالية على الكسلانِ

                                                        أيها الإخوة .. الفتن من حولنا تعصف بالقلوب عصفًا .. والقلب متقلب كما اسمه, روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّما سُمِّيَ القلبَ من تَقَلُّبِه، إِنَّما مَثلُ القلبِ مَثَلُ رِيشَةٍ بالفلاةِ، تَعَلَّقَتْ في أصْلِ شجرةٍ، يُقَلِّبُها الرّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ).

                                                        إنه لا نجاة لهذا القلب في هذا الزمان الذي تطارده فيه فتن الشبهات والشهوات في كل مكان .. لا نجاة لهذا القلب إلا بالثبات على دين الله تعالى .. فياعباد الله اثبتوا.

                                                        اثبتوا .. وابحثوا عن أسباب الثبات على دين الله تعالى .. والزموها تفلحوا بإذن الله ..


                                                        من أعظم أسباب الثبات الإقبال على كتاب الله تعالى .. قراءة وحفظًا.. وتدبرًا وفهمًا.. واسمع إلى هذا الخطاب الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}.

                                                        القرآن هو منهج الحياة .. جعله الله تعالى نبراسًا ينير الطريق .. وعلاجًا للمشكلات .. فمن أخذ به ولزمه نجى وأفلح .. ومن أعرض عنه فقد بين الله تعالى مصيره: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}.

                                                        ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى كثرة دعائه سبحانه وسؤالِه الثبات, فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء فيقول: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وأهل الإيمان يقولون: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}, فاللهم إنا نسألك الثبات على دينك حتى نلقاك.

                                                        ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى التزام الأعمال الصالحة والإكثار منها, قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء}, قال قتادة رحمه الله: "أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة في القبر".

                                                        إذا أطلت الفتنة برأسها.. وادْلَهَمَّ الخطب .. فهل نتوقع ثباتاً من الكُسالى القاعدين عن الأعمال الصالحة؟!

                                                        ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يثابر على الأعمال الصالحة، وكان أحبُّ العمل إليه أدومَه وإن قل. وكان هو وأصحابُه رضي الله عنهم إذا عملوا عملاً أثبتوه.

                                                        ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى: الدعوة إلى الله تعالى.فيدعو الإنسان إلى دين الله بما يَعلَمُه من أمور الحلال والحرام, فقد روى البخاري من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية).


                                                        ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى: لزومُ الصحبة الصالحة, فهي والله من أعظم الأسباب المثبتة على دين الله, واسمع لوصية الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.

                                                        نعم .. المرء يتأثر بمن حوله, روى أبو داوود في سننه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ).

                                                        عن المرء لا تسأل وسل عن قرينِه *** فكل قرينٍ بالمقارَن يقتدي


                                                        و من أعظم أسباب الثبات اجتناب الذنوب والمعاصي ..فالمعاصي تقبل على الإنسان متزينة .. تأتيه صغارها.. ثم الأكبر منها .. فيتدرجُ فيها .. حتى يقع في الكبار وهو لا يشعر ..{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

                                                        ألا وإن من أعظم عواقب المعاصي والآثام فقدانُ حلاوة الإيمان ..

                                                        قيل لوهيب رحمه الله: يجد طعم العبادة من يعصي؟ قال: ولا من يهم بالمعصية.

                                                        وكتب أبو الدرداء رضي الله عنه إلى مسلمة بن مخلد رحمه الله:" أما بعد, فإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله, فإذا أبغضه الله بَغَّضَه إلى عباده".

                                                        وروي عن سليمان التيمي رحمه الله أنه قال: "إن الرجل ليذنب الذنب فيصبحُ وعليه مذلته".

                                                        وقال عمر بن أبي ذر رحمه الله: "يا أهل معاصي الله, لا تغتروا بطول حِلم الله عنكم, واحذروا أسفه, فإنه قال: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}".

                                                        أيها الإخوة .. إن من أصعب اللحظات في العمر ــ ولا شك ــ لحظة الانتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة, لحظة الموت, وفراق الروحِ الجسد.

                                                        وإن من أراد الثبات في تلك اللحظة فليعمل من الآن لأجلها.


                                                        {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}.

                                                        قال ابن الفضل القطان رحمه الله: حضرت النَقَّاشَ وهو يجود بنفسه في ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة, فنادى بأعلى صوته: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}, يرددها ثلاثاً, ثم خرجت نفسه رحمه الله.

                                                        وقال ابن سُكينة رحمه الله: كنت حاضرًا لما احتُضر إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري رحمه الله, فقالت له أمي: يا سيدي, ما تجد؟ فما قدر على النطق, فكتب على يدها: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} ثم مات.

                                                        فيا من أراد الثبات غدًا في مثل هذا الموقف .. اثبت اليوم على دين الله .. فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.



                                                        {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [ابراهيم : ٢٧]

                                                        (لا إله إلا الله محمد رسول الله) اغرسها في أعماق روحك ، اثبت عليها ليثبتك الله عند السؤال.

                                                        عمرك محدود لن يزيد ولن ينقص لكن نهايته معلومة لله، فنحن في الدنيا في إمتحان، وفي أي قد يتم سحب ورقتك منك، وينتهي الوقت الذي خصصه الله لك، فضلا ركز في ورقتك وأترك ورقة غيرك، هل أنت ستنجح في هذا الإمتحان أم ستفشل!!

                                                        من أهم واجبات الوقت التي ينبغي تعاهدها هو سؤال الله الثبات على الدين في زمن كثرت فيه الفتن والتقلبات ، فالعبد لايستغني عن تثبيت الله له طرفة عين ، فإن لم يثبته زال الإيمان من أعماق قلبه ، والثبات على الحق يا أعزاء ليست ضرورة دنيوية فقط ، بل حتى في القبر.. تأمل الآية : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخره} الثبات من الله.. اللهم ثبتنا على الحق .

                                                        أعظم عقوبة تقع بالانسان سلب الهداية والتوفيق والرشاد منه ، فيصبح أشبه بالأعمى يتخبط الطريق. اللهم سلم... والخاتمة الحسنة لاتقع إلا لمن كانت سريرته حسنة ، لأن لحظة الموت لايمكن تصنّعها فلا يخرج حينئذ إلا مكنون القلب ...

                                                        لاتتسخط ، لاتتذمر ، لاتعارض ، بل سلم بقضاء ربك سواء وافق هواك أم لم يوافق ، فلله الحكمة بكل أمره ولا معقب لحكمه


                                                        المصدر ملتقى الخطباء وحصاد التدبر






                                                        تعليق


                                                        • رد: تدبر آية من القرآن

                                                          {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ } [ابراهيم:٣٥]

                                                          رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ(
                                                          [1]).

                                                          هذه من دعوات أبينا إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – تحمل في طياتها من جليل المعنى، وعظيم المقصد والمطلب في التوسل إلى اللَّه تعالى في الوقاية من أدران الشرك بأنواعه .


                                                          ((أي واذكر إبراهيم عليه السلام في هذه الحالة الجميلة ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾: أي الحرم آمناً، فاستجاب اللَّه دعاءه شرعاً وقدراً، فحرّمه اللَّه تعالى في الشرع، ويسّر من أسباب حرمته قدراً ما هو معلوم، حتى إنه لم يُرده ظالم بسوء إلا قصمه اللَّه تعالى، كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم))([2]) .

                                                          ومن خواص هذا المكان المبارك الطيّب الطاهر أنه من أراد به مجرد الإرادة بالسوء والشرّ، فإنّ اللَّه تعالى يذيقه من العذاب الشديد، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾([3]).

                                                          وعن عبد اللَّه بن مسعود رضى الله عنه في قول اللَّه عز وجل ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ قال: لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَمَّ فِيهِ بِإِلْحَادٍ وَهُوَ بِعَدَنِ أَبْيَنَ لَأَذَاقَهُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا))([4]) .

                                                          ولما دعا للبلد الحرام بالأمن، دعا لنفسه ولبنيه بالأمن كذلك، فقال: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾: أي وأبعدني وبنيّ جانباً بعيداً عن عبادتها، ((وكان إبراهيم التيمي يقول: من يأمن البلاء بعد الخليل حين يقول: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) كما عبدها أبي وأمي))([5]) .

                                                          فسأل اللَّه تعالى الثبات على التوحيد الصافي النقي، من كل أدران شرك، وكل شائبة تقدح فيه، له ولذريته، بكل شفقة وخوف ورجاء.

                                                          قال ابن كثير رحمه اللَّه: ((ينبغي لكل داع أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته))([6]) .

                                                          فقد تضمّن سؤاله عليه السلام الأمان وما يضادّه من سلب الإيمان .

                                                          وهذا الدعاء، وإن كان في القرون الغابرة، فمازال سارياً في عبادة الأصنام إلى يومنا هذا، بل وفي بعض البلاد، التي تنسب إلى الإسلام، ويدخل في هذا الدعاء، كل من عُبد دون اللَّه تبارك وتعالى، من حجر، أو شجر، أو بشر؛ فلذلك كانت هذه الدعوة في غاية الأهمية في كل زمان، ومكان، وتُتلى في الكتاب الحكيم المعجز إلى قيام الساعة، وهذا من أوجه إعجازه. ثم ذكر الموجب لخوفه منها، وعلى بنيه لكثرة من افتتن وابتلي بعبادتها من البشر: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ وهذا يدل على شدة شفقته على ذريته في مجانبتها، وأن ذلك شغله الشاغل، وهمّه الأكبر، وهذا يدلّنا على أهمية العناية بمسائل التوحيد، وما يضادّه من الشرك والكفر، وأنَّ أصفياء اللَّه تعالى وأنبياءه؛ بل وخليله، يلوذون به تعالى في وقايتهم من الشرك بأنواعه وأشكاله، فيا ليت الدعاة يعتنون بهذا الأمر العظيم في تبليغه للناس، وكذلك كل من له ولاية عامة أو خاصة، ومن ذلك تعليم الوالدين لأبنائهم عظم هذه الأمور.

                                                          الفوائد:

                                                          1- ينبغي لكل مسلم الإكثار من هذه الدعوة العظيمة؛ لاشتمالها في الاستعاذة من أعظم الذنوب، وأخطر الشرور وهو (الشرك).

                                                          2- ينبغي للداعي أن يبثّ إلى ربه تعالى الشكوى مما يخافه ويخشاه، وأن هذه سنة الأنبياء في الدعاء، كما في قول يعقوب عليه السلام ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّه﴾([7]).

                                                          3- ينبغي مجانبة كل الأسباب والأحوال التي تُضلّ العباد عن دينهم ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ .

                                                          4- ينبغي لكل أحد أن لا يأمن على نفسه وذريته من عظام الذنوب، مهما كان في عبادة وطاعة .

                                                          5- أهمية مسائل التوحيد والعقيدة، وأنه ينبغي للمؤمن الاعتناء بها، ومن جملة ذلك الدعاء .





                                                          ([1]) سورة إبراهيم، الآية: 35.
                                                          ([2]) الفوائد، ص 201.
                                                          ([3]) سورة الحج، الآية: 25.
                                                          ([4]) مسند الإمام أحمد، 7/ 340، برقم 4316، المستدرك، 2/ 388، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقوّى الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة، 14/ 159روايته موقوفاً، وضعف الرواية المرفوعة.
                                                          ([5]) تفسير القرطبي، 5/ 333.
                                                          ([6]) تفسير ابن كثير، 2/ 729.
                                                          ([7]) سورة يوسف، الآية: 86.



                                                          الكلم الطيب





                                                          {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ } [ابراهيم:٣٥]

                                                          إمام التوحيد يخشى على نفسه وذريته زيغ العقيدة!!
                                                          هي إشارة أن لا أحد يغتر بصلاحه ، فالحافظ والمثبت هو الله.


                                                          إبراهيم عليه السلام الذي حطم الأصنام لايأمن على نفسه الفتنة فكان يدعو {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} فكيف نأمن الفتنة على أنفسنا؟!..
                                                          وتأمل
                                                          {رب اجعل هذا البلد آمنا}
                                                          قدم الأمن على طلب الرزق لأنه لايهنأ عيش بلا أمان.
                                                          اللهم أدم على بلادنا الأمن والأمان .


                                                          تأملوا الآية الكريمة {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم}
                                                          لم يقل ومن عصاني فإنك شديد العقاب فانتقم منهم ، بل طلب لهم المغفرة!!!
                                                          إي رحمة هذه التي ملأت قلوب الرسل؟!..
                                                          إنها قلوب أرسلت هداية ورحمة للعباد ،
                                                          ولما قرأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : {ومن عصاني فإنك غفور رحيم} و {وإن تعذبهم فإنهم عبادك} رفع يديه وبكى
                                                          وقال : (اللهم أمتي أمتي)
                                                          صلوا عليه وسلموا...




                                                          حصاد التدبر

                                                          تعليق


                                                          • رد: تدبر آية من القرآن



                                                            أيها المسلمون، عباد الله؛ يقول الله تعالى: ﴿ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ﴾ [غافر: 15].




                                                            يوم التلاق: اسم من أسماء يوم القيامة، والعرب في لغتهم يعددون الأسماء للأشياء العظيمة.


                                                            ︎فهو يوم الفصل، ويوم الدين، والبعث، والخروج، والحسرة، والخلود، والحساب، والجمع، والآزفة، والتغابن، والتنادِ، والوعيد، واليوم الآخر.





                                                            وسُمِّيَ يوم التلاق كما ذكر أهل العلم والتفسير:




                                                            لأنه يلتقي فيه الخالق والمخلوق، والعابدون مع معبوداتهم.





                                                            يلتقي فيه آدم عليه السلام مع ذريته، والأنبياء مع أممهم.




                                                            يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، والأولون والآخرون؛ فترى الملائكة الذين آمنتَ بهم إيمانًا غيبيًّا وتلتقي بهم.





                                                            يلتقي فيه الظالم والمظلوم، والقاتل والمقتول، ويلتقي فيه الخصماء.




                                                            يلتقي فيه العامل مع عمله من خير أو شر، ويلقى كل إنسان جزاء عمله.





                                                            يلتقي فيه أهل الجنة بعضهم بعضًا، وأهل النار بعضهم بعضًا.





                                                            فهيا بنا مع مشاهد من ذلك اليوم العظيم، مع لحظات الحضور، التواجد، اللقاءات؛ نوقظ قلوبنا من غفلتها، ونُعلي من الهِمَمِ، ونزيد الإيمان في القلوب؛ بذكر أحوال اليوم الآخر، ولقاءات يوم القيامة.










                                                            1- لقاء الله تعالى.



                                                            فإن بيننا وبين الله جل جلاله موعدًا ولقاءً جديرًا بالتأمل والتفكر، حدَّثنا عنه الله تعالى في كتابه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223].




                                                            هذا اللقاء الذي كذَّب به أقوام فلم يستعدوا له، ولم يعملوا له؛ فخسِروا الخسران المبين؛ كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ ﴾ [يونس: 7]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [يونس: 11]، وقال تعالى: ﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التوبة: 77].





                                                            فذكر الله تعالى من أحوالهم أدق التفاصيل في هذا اللقاء؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ [الأنعام: 30]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾ [سبأ: 31].





                                                            أما أهل الإيمان، فقد آمنوا بهذا اللقاء الحتمي؛ كما قال الله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [العنكبوت: 5]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 46]، وقال تعالى: ﴿ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 20].




                                                            فعمِلوا واستعدوا له بالباقيات الصالحات؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].




                                                            فنالوا الفلاح في الدنيا والآخرة وكان من ثمرة هذا الاستعداد والعمل؛ قال الله تعالى: ﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ﴾ [الأحزاب: 44].




                                                            نعم، إنه يوم التلاقِ؛ يوم أن يسألنا الله تعالى عن كل صغيرة وكبيرة؛ فلا يخفى عليه من أعمال العباد شيٌ؛ قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18].



                                                            وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمنَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر أشأمَ منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاءَ وجهه، فاتقوا النار ولو بشقِّ تمرة)).






                                                            2- لقاء الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم.



                                                            سنلتقي الحبيب محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ كما في حديث السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب؛ وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عُرِضت عليَّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد...))؛ [الحديث].




                                                            وعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم كيف تعرف من لم يأتِ بعد من أمتك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((أرأيت لو أن رجلًا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دُهْمٍ بُهمٍ، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون غرًّا محجَّلين من آثار الوضوء، وأنا فَرَطُهم على الحوض)).




                                                            وهناك من سيلقى الحبيب محمدًا صلى الله عليه وسلم عند الحوض في عَرَصَات القيامة، وهناك آخرون سيُحرمون من ذلك؛ ففي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألَا لَيُذادَنَّ رجالٌ عن حوضي كما يُذاد البعير الضالُّ، أناديهم: ألَا هلمَّ، فيُقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا)).






                                                            3- لقاء الخصوم:



                                                            هناك سيلتقي المظلوم مع مَن ظلمه، والمشتوم مع مَن شتمه، والمقتول مع من قتله، والمضروب مع من ضربه، وعند الله تجتمع الخصوم.




                                                            قضية من أخطر القضايا؛ وهي قضية المظالم؛ ولذلك جاء الإرشاد النبوي في التحذير منها، وأهمية التحلل منها قبل يوم القيامة؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عِرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل ألَّا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه)).





                                                            والمظلمة قد تكون:



                                                            إما بمنع ما يجب من الحقوق؛ أي: حجب حقوق الآخرين.



                                                            أو فعل ما يضر من العدوان؛ أي: الاعتداء على حقوق الآخرين.




                                                            أمر خطير يستلزم أن يراجع أحدنا سنوات ماضية من العمر؛ كم ظلمت؟ وكم اغتبت؟ وكم ضربت وشتمت؟


                                                            فإن صحائف الأعمال يوم القيامة لا تغادر صغيرة ولا كبيرة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].



                                                            فالذي يظلم الناس ويعتدي عليهم هو في الحقيقة ظالم لنفسه معتدٍ عليها؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 57].






                                                            ‏وظلم العباد له صور عديدة؛ منها:



                                                            ظلم العباد في دينهم؛ بنشر الشهوات، وبث الشبهات، وصد الناس عن دينهم.



                                                            ظلم العباد في أموالهم؛ بأكلها بالباطل، وبخس الناس أشياءهم في البيع والشراء، والمماطلة في الديون مع القدرة.





                                                            ظلم الأجراء والعمال؛ إما ببخس حقوقهم أو تكليفهم بما لا يُطاق.





                                                            ظلم العباد في أبدانهم؛ بالتعدي عليهم بالضرب والإيذاء والتعذيب.








                                                            وأما كيفية التحلل من هذه المظالم والحقوق؟



                                                            فأما الحقوق العينية، فإنها تُرَدُّ بعينها.


                                                            وأما الحقوق المعنوية من الغِيبة والشتم، فإن كان خصمه يعلمها، فإنه يستسمحه ويتحلل منه؛ وإلا فإنه يدعو ويستغفر له ويذكر محاسنه.







                                                            4- لقاء العامل مع عمله.



                                                            فمن التلاقي في الآخرة أن يلتقي الإنسان بصحيفة أعماله التي أحصت عليه كل صغيرة وكبيرة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30]، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ [الزلزلة: 6]؛ فحتمًا سيكون هناك لقاء بينك وبين أعمالك؛ فاختر لنفسك أعمالًا يسرُّك اللقاء بها يوم القيامة.







                                                            5- لقاءات أهل النار.



                                                            حيث يجتمعون وينادون على أهل الجنة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50].




                                                            ويشتد بهم العذاب والألم والحسرة؛ فترتفع أصواتهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37].




                                                            فيقترح بعضهم على بعض الصبر وعدم الجزع؛ قال الله تعالى: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21].




                                                            قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: "إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالَوا، فإنما أدرك أهل الجنة الجنةَ ببكائهم وتضرعهم إلى الله عز وجل، تعالَوا نبكِ ونتضرع إلى الله فبكَوا وتضرعوا، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم، قالوا: تعالَوا، فإنما أدرك أهل الجنة الجنةَ بالصبر، تعالَوا حتى نصبر فصبروا صبرًا لم يُرَ مثله، فلم ينفعهم ذلك؛ فعند ذلك قالوا: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21]".




                                                            ثم ينادون على من كان سببًا في إضلالهم وإغوائهم؛ حتى يخفف عنهم العذاب؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ ﴾ [غافر: 47].




                                                            ثم يختصمون ويتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعضًا، وتبدأ العداوة بينهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 96 - 98]، وقال تعالى: ﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ [الأعراف: 38]، وقال تعالى: ﴿ قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴾ [ص: 60].




                                                            ويطلبون زيادة العذاب لمن كان سببًا في إضلالهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 38]، وقال تعالى: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ﴾ [ص: 61].




                                                            وهنا يبدأ التوبيخ والمنع من الكلام، واليأس من الخروج من النار؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 108]، وقال تعالى: ﴿ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ [المرسلات: 35، 36].








                                                            6- لقاءات أهل الجنة:



                                                            أما لقاءات أهل الجنة فأنْعِمْ بها وأكرم من لقاءات؛ قال الله تعالى عن أحوالهم: ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [الصافات: 27].




                                                            ووصف الله تعالى أحوالهم وهم في سعادة وفرح وسرور؛ فقال تعالى عنهم: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]، وقال تعالى: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾ [الطور: 20].





                                                            ووصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم أحوالهم؛ كما في حديث أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة سوقًا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال، فتحثُو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالًا، فيرجعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حسنًا وجمالًا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم حسنًا وجمالًا، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا))؛ [رواه مسلم].


                                                            نسأل الله العظيم أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يجمعنا جميعًا في أعلى درجات الجنة، إخوانًا على سرر متقابلين.





                                                            ثمرات الإيمان بيوم التلاقِ:





                                                            1- الانتفاع بالموعظة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 232]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾ [النازعات: 45]، وقال تعالى: ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هود: 103].




                                                            فالذي لم يستقر الإيمان والخوف من لقاء الآخرة في قلبه، لا تنفع فيه الموعظة؛ لأن الموعظة هي تذكير بالله تعالى وتخويف من لقائه وعقابه.




                                                            ولذلك فإن المجرمين من أهل النار عندما ضعُف وازع الخوف من لقاء الآخرة في قلوبهم، كانت لا تنفع فيهم المواعظ، بل كانوا يفرون منها؛ كما قال الله تعالى: ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾ [المدثر: 49 - 51].




                                                            ثم بيَّن سرَّ هذا الفرار من الموعظة: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ ﴾ [المدثر: 53].








                                                            2- تحقيق الخشية والخوف من الله تعالى؛ والذي يترتب عليه فعل الخيرات؛ كما قال الله تعالى في وصف عباده الأبرار: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾ [الإنسان: 7]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].



                                                            فإذا تحقق الإيمان باليوم الآخر، كان ذلك وازعًا ومحركًا للمسارعة إلى الطاعات والقربات، وعمارة المساجد بالصلوات والذكر؛ فإن الإيمان باليوم الآخر أقوى باعث إلى فعل الخيرات، وترك المحرمات.








                                                            3- هوان الدنيا عند أهل الإيمان باليوم الآخر:


                                                            وذلك عندما يعلم العبد المؤمن أن هناك دارًا غير هذه الدار، نعيمها لا ينفد، وأنه سيرتحل وينتقل من هذه الدار إلى تلك الدار، وأن الحياة الأبدية هي حياة الدار الآخرة؛ فإن النتيجة والثمرة المرجوة هي هوان الدنيا عليه، مهما كانت ملذاتها وشهواتها.




                                                            وعلى مثل هذه المعاني ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم الجيل الأول لهذه الأمة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ما لي وللدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها)).




                                                            ومرَّ يومًا على جِدْيٍ أسَكٍّ ميت، فقال لهم مبينًا أنها لا تساوي عند الله شيئًا: ((للدنيا أهون عند الله من هذا عليكم)).





                                                            وفي حديث آخر: ((لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرًا منها شربة ماء)).





                                                            وكان يوصي ابن عمر رضي الله عنهما: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)).





                                                            وكان صلى الله عليه وسلم يحذرهم من الاغترار بالدنيا، ويحذرهم من الركون إليها، مع ما كانوا عليه من قوة الإيمان والتقوى، ومع أنها لم تُفتَح عليهم كحالها الآن، فما ركبوا سيارات بماركات حديثة، ولا سكنوا القصور، ولا أكلوا أنواع المأكولات.




                                                            ومع ذلك كان يقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الدنيا حُلْوَة خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء))؛ [رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري].





                                                            وتأمل: عندما تغلغل حب الدنيا في قلوبنا كنَّا أقلهم أعمالًا للآخرة، وأكثرهم حبًّا للدنيا، وكأننا مخلدون فيها؛ ولذلك تجد التنافس عليها الذي يفضي إلى الشحناء والعداوة والقطيعة.










                                                            4- تعجيل التوبة وسرعة الإقلاع عن الذنوب والآثام، بل ومن ثمرات الإيمان بلقاء الله تعالى عدم الوقوع في الذنب أصلًا؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأنعام: 15].



                                                            وتأمل ما قصه الله تعالى في كتابه العزيز من خبر ابني آدم عليه السلام؛ كما قال تعالى: ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ﴾ [المائدة: 28]، فما هو السر مع أنه كان الأشد والأقوى؟ ﴿ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة: 28].





                                                            فإذا تذكر المغتاب بأن له لقاءً مع من اغتابه، وأنه سيُحاسب ويُؤخذ من حسناته، فإنه سيبادر بالتوبة.





                                                            وإذا تذكر الظالم أنه سيُقتَص منه.





                                                            وإذا تذكر آكل أموال الناس بالباطل أنه يأكل في بطنه نارًا وسيصلى سعيرًا.





                                                            وإذا تذكر الغادر أن له لواء يُنصَب يوم القيامة.







                                                            5- إن المؤمن يعمل بجدٍّ واجتهاد لهذا اليوم العظيم:


                                                            فإن النفس إذا علِمت العِوَضَ، فإنها تستعد للبذل والعطاء، حتى ولو لم تَرَ ثمرة هذا العمل في الدنيا.






                                                            عندما يعلم قارئ القرآن أنه سيزداد بكل آية يحفظها درجة في الجنة.





                                                            وعندما يعلم المصلي أنه سيزداد درجات في الجنة بكل سجدة يسجدها.




                                                            وعندما يعلم القائم ما أعده الله له من الغُرُف ومن النعيم في الجنة.





                                                            وعندما يعلم الذاكر بأن له نخلةً في الجنة بكل تسبيحة.





                                                            ويعلم الداعي إلى الله تعالى كم له من الخير والرفعة والدرجات العالية في الجنة.





                                                            ويعلم الشهيد ما له عند الله تعالى من التكريم.





                                                            فلا شك أن الإيمان بلقاء الله تعالى يوم القيامة هو أقوى باعث على فعل الخير.





                                                            نسأل الله العظيم أن يقوي إيماننا، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.




                                                            رمضان صالح العجرمي




                                                            شبكة الالوكة








                                                            تعليق


                                                            • رد: تدبر آية من القرآن

                                                              {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } [غافر : 55]

                                                              ايه في سورة غافر
                                                              اشتملت على ثلاث توجيهات كريمة
                                                              وهي وصية الله لنبيه
                                                              فيا حسن من ظفر بها وتزكى بها والتزمها

                                                              الصبر والصلاة والاستغفار والتسبيح من أعظم مايعين على الثبات على الحق

                                                              أمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا { بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } اللذين هما أفضل الأوقات، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور.

                                                              يقول الصحابة : إنا كنا لَنَعُدُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول مائة مرة (رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم) سبح بحمد ربك فلا يفتر لسانك ، ولا يغفل قلبك ، سبح لتدخل في زمرة الملائكة {يسبحون الليل والنهار لايفترون}

                                                              {واستغفر لذنبك} مهما مدحك الخلق وظنوا بك خيرا ، أنت أعلم بنفسك ، فستر الله عليك نعمة تستوجب توبتك من ذنوبك ، واعترافك بها فضيلة .

                                                              الصبر مر ، تتحمله النفوس على مضض ، لكن خلف الصبر أمنيات وعز وتمكين وكل أمر جميل ، وهذا مما يعين على الصبر فإن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع هان عليه ما يكره ، وسهل عليه كل عسير ..

                                                              من أدام التسبيح فرج الله كربه ، ومن أدام الحمد تتابعت عليه الخيرات ، ومن أدام الاستغفار فتحت له المغاليق . اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك



                                                              تعليق

                                                              جاري التحميل ..
                                                              X