رد: تدبر آية من القرآن
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ} [الضحى : 4]
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى}؛ أي: إن مستقبل حياتك خيرٌ لك من ماضيها، وإنك تزداد عزًّا ورِفعةً كل يوم، ولعاقبة أمرك خيرٌ من بدايته؛ وقيل: إن المعنى هو أن الدار الآخرة خيرٌ لك من هذه الدار الدنيا،. قال ابن سعدي: كل حالة مُتأخِّرة من أحوالك، فإن لها الفضل على الحالة السابقة[5]، قال ابن إسحاق: "الفرج في الدنيا، والثواب في الآخرة".
إن عادة البدايات تكون إرهاصًا للنهايات، والبدايات المُحرِقة تؤدي لنهايات مُشرِقة، قال شيخ الإسلام: "والاعتبار بكمال النهاية لا بما جرى في البداية، والأعمال بخواتيمها، والله تعالى خلَق الإنسان، وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، ثم علَّمه فنقله من حال النقص إلى حال الكمال، فلا يجوز أن يُعتَبر قدْر الإنسان بما وقع منه قبل حال الكمال، بل الاعتبار بحال كماله"[6]، وهذا معنى عظيم ومفهوم عميق، قال ابن كثير: "والدار الآخرة خير لك من هذه الدار، ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزهد الناس في الدنيا، وأعظمهم لها إطراحًا، كما هو معلوم (بالضرورة) من سيرته. ولما خُيِّر - عليه السلام - في آخر عمره بين الخُلْد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة، وبين الصيرورة إلى الله - عز وجل - اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية"[7]، ويتَّسِع هذا المعنى في الدارين في الدنيا والآخرة كما سبق بيانه، "فأما في الدنيا المدلول عليه بأفعل التفضيل، أي: لدَلالته على اشتراك الأمرين في الوصف، وزيادة أحدهما على الآخر، فقد أشار إليه في هذه السورة والتي بعدها،
ففي هذه السورة قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 6 - 8]، فهي نِعَم يُعدِّدها تعالى عليه، وهي من أعظم خيرات الدنيا من صغره إلى شبابه وكِبَره، ثم اصطفائه بالرسالة، ثم حفْظه من الناس، ثم نصْره على الأعداء، وإظهار دينه وإعلاء كلمته، وأما خيرية الآخرة على الأولى، فعلى حدِّ قوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]، وليس بعد الرضا مَطلبٌ، وفي الجملة: فإن الأولى دار عَمَلٍ وتكليف وجِهاد، والآخرة دار جزاء وثواب وإكرام، فهي لا شكَّ أفضل من الأولى"[8]. فأنت تَمضي في حياتك مُستبسِلاً تروم حولك الدنيا وشهواتها والآخرة ومكارهها، فتتردَّد في الاختيار وتتجاذُبك الغرائز، فيستمِع قلبُك لنداء الإيمان {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [الضحى: 4]، فلا تَقبل الدنيَّةَ في دينك، ولا تقبل الضيم في مبادئك، ولا تُقدِّم أحدًا على قيمك، ودائمًا ما يَعتَرِض شيء في بدايات الدعوات من ضيق وبلاء، فتروم النفسُ مباشرة لتصور الغاية الموعودة بها، فترضى وتستأنِف طاقتَها وقواها في بذْل الخير ودعْم الفضيلة، ونشْر الحق، قال سيد: "وإنه ليدَّخِر لك ما يُرضيك من التوفيق في دعوتك، وإزاحة العقبات من طريقك، وغَلَبة منهجك، وظهور حقك، وهي الأمور التي كانت تَشغَل باله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُواجِه العنادَ والتكذيب والأذى والكيد، والشماتة"[9]، نعم، لقد كانت الآخرة الدنيوية والأخروية خيرًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ففي الأولى بدأ حياةَ العناء والمشقة والظلم، ثم هاجر للمدينة فأقام دولة الإسلام فيها، وربَّى الجيلَ الأول، وخرَّج العظماءَ ليتسلَّموا قيادةَ الشرق والغرب، والأخروية فله من الكرامات العظيمة والمقامات الرفيعة والأعطيات الجزيلة يوم القيامة ما ليس يخفى ويُجهَل، ومن ذلك الخير الكثير في نهر الكوثر والشفاعة، وفتح باب الجنة.
الآية الكريمة عزاء لكل من عذبته الدنيا وأذاقته العلقم وهو صابر لله .. اصبر هي دنيا ولن تدوم لأحد .. اصبر ولك الآخره فهي خير وأبقى
بعدما كان صلى الله عليه وسلم ينام على الحصير ويربط الحجر على بطنه من الجوع .. تنطرح الدنيا عند قدميه .. فيصرفها بقلب ممتلئ بمعنى الآية (وللأخرة خير لك من الأولى)
عندما تستقر هذه الحقيقة في قلب المؤمن يعيش مطمئنا واسع الأفق ، ثابتاً رغم المحن ، منشرح الصدر رغم الصعاب ..
نهاية كل أمر أوسع من أوله ، فلا تقلق وأحسن ظنك بالله ..طبطب على نفسك بكلام الله ، وإذا أصابك مايعكر صفو حياتك اصبر وتذكر أن الآخرة خير
(ولسوف يعطيك ربك فترضى)
صيد الفوائد
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى}؛ أي: إن مستقبل حياتك خيرٌ لك من ماضيها، وإنك تزداد عزًّا ورِفعةً كل يوم، ولعاقبة أمرك خيرٌ من بدايته؛ وقيل: إن المعنى هو أن الدار الآخرة خيرٌ لك من هذه الدار الدنيا،. قال ابن سعدي: كل حالة مُتأخِّرة من أحوالك، فإن لها الفضل على الحالة السابقة[5]، قال ابن إسحاق: "الفرج في الدنيا، والثواب في الآخرة".
إن عادة البدايات تكون إرهاصًا للنهايات، والبدايات المُحرِقة تؤدي لنهايات مُشرِقة، قال شيخ الإسلام: "والاعتبار بكمال النهاية لا بما جرى في البداية، والأعمال بخواتيمها، والله تعالى خلَق الإنسان، وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، ثم علَّمه فنقله من حال النقص إلى حال الكمال، فلا يجوز أن يُعتَبر قدْر الإنسان بما وقع منه قبل حال الكمال، بل الاعتبار بحال كماله"[6]، وهذا معنى عظيم ومفهوم عميق، قال ابن كثير: "والدار الآخرة خير لك من هذه الدار، ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزهد الناس في الدنيا، وأعظمهم لها إطراحًا، كما هو معلوم (بالضرورة) من سيرته. ولما خُيِّر - عليه السلام - في آخر عمره بين الخُلْد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة، وبين الصيرورة إلى الله - عز وجل - اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية"[7]، ويتَّسِع هذا المعنى في الدارين في الدنيا والآخرة كما سبق بيانه، "فأما في الدنيا المدلول عليه بأفعل التفضيل، أي: لدَلالته على اشتراك الأمرين في الوصف، وزيادة أحدهما على الآخر، فقد أشار إليه في هذه السورة والتي بعدها،
ففي هذه السورة قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 6 - 8]، فهي نِعَم يُعدِّدها تعالى عليه، وهي من أعظم خيرات الدنيا من صغره إلى شبابه وكِبَره، ثم اصطفائه بالرسالة، ثم حفْظه من الناس، ثم نصْره على الأعداء، وإظهار دينه وإعلاء كلمته، وأما خيرية الآخرة على الأولى، فعلى حدِّ قوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]، وليس بعد الرضا مَطلبٌ، وفي الجملة: فإن الأولى دار عَمَلٍ وتكليف وجِهاد، والآخرة دار جزاء وثواب وإكرام، فهي لا شكَّ أفضل من الأولى"[8]. فأنت تَمضي في حياتك مُستبسِلاً تروم حولك الدنيا وشهواتها والآخرة ومكارهها، فتتردَّد في الاختيار وتتجاذُبك الغرائز، فيستمِع قلبُك لنداء الإيمان {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [الضحى: 4]، فلا تَقبل الدنيَّةَ في دينك، ولا تقبل الضيم في مبادئك، ولا تُقدِّم أحدًا على قيمك، ودائمًا ما يَعتَرِض شيء في بدايات الدعوات من ضيق وبلاء، فتروم النفسُ مباشرة لتصور الغاية الموعودة بها، فترضى وتستأنِف طاقتَها وقواها في بذْل الخير ودعْم الفضيلة، ونشْر الحق، قال سيد: "وإنه ليدَّخِر لك ما يُرضيك من التوفيق في دعوتك، وإزاحة العقبات من طريقك، وغَلَبة منهجك، وظهور حقك، وهي الأمور التي كانت تَشغَل باله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُواجِه العنادَ والتكذيب والأذى والكيد، والشماتة"[9]، نعم، لقد كانت الآخرة الدنيوية والأخروية خيرًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ففي الأولى بدأ حياةَ العناء والمشقة والظلم، ثم هاجر للمدينة فأقام دولة الإسلام فيها، وربَّى الجيلَ الأول، وخرَّج العظماءَ ليتسلَّموا قيادةَ الشرق والغرب، والأخروية فله من الكرامات العظيمة والمقامات الرفيعة والأعطيات الجزيلة يوم القيامة ما ليس يخفى ويُجهَل، ومن ذلك الخير الكثير في نهر الكوثر والشفاعة، وفتح باب الجنة.
الآية الكريمة عزاء لكل من عذبته الدنيا وأذاقته العلقم وهو صابر لله .. اصبر هي دنيا ولن تدوم لأحد .. اصبر ولك الآخره فهي خير وأبقى
بعدما كان صلى الله عليه وسلم ينام على الحصير ويربط الحجر على بطنه من الجوع .. تنطرح الدنيا عند قدميه .. فيصرفها بقلب ممتلئ بمعنى الآية (وللأخرة خير لك من الأولى)
عندما تستقر هذه الحقيقة في قلب المؤمن يعيش مطمئنا واسع الأفق ، ثابتاً رغم المحن ، منشرح الصدر رغم الصعاب ..
نهاية كل أمر أوسع من أوله ، فلا تقلق وأحسن ظنك بالله ..طبطب على نفسك بكلام الله ، وإذا أصابك مايعكر صفو حياتك اصبر وتذكر أن الآخرة خير
(ولسوف يعطيك ربك فترضى)
صيد الفوائد
تعليق