إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

    أسطورة الهندسة القسامية

    الشهيد القائد
    عدنان الغول

    إعداد
    الأستاذ / ياسر عبد الرؤوف

    الإهداء
    إلى شيخ الأمة الإمام المجاهد أحمد ياسين
    إلى روح القائدين يحيى الغول و يحيى عياش
    إلى الأسير المجاهد عمر الغول و كل الأسرى من خلفه
    إلى بلال و محمد و عمران
    إلى رهبان الليل و فرسان النهار ..
    إلى الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ..
    أُهدي هذا الكتاب

    " باغتيال عدنان الغول استطعنا أن نقضي على نصف المقاومة الفلسطينية "
    رئيس جهاز الأركان الإسرائيلي السابق
    موشيه يعلون

    " تصفية الغول هي ضربة أشد بكثير لحماس من تصفية الرنتيسي و ياسين "
    يديعوت احرنوت

    " إن صاروخ القسام الذي صنعه عدنان الغول - و الذي اغتيل قبل أيام - هو الصاروخ الذي قد يغير الشرق الأوسط "
    صحيفة التايمز البريطانية

    " بعد قدوم أبو بلال الغول من الخارج كان لديه خبرة استثمرناها بشكل كبير ، و بعد قدوم يحيى عياش من الضفة كوّنا طاقم ثلاثي ، يحيى الغول و يحيى عياش و أنا "
    القائد العام لكتائب القسام
    محمد الضيف

    " عدنان الغول ...
    بصماته وآثاره باقية بقوة، من خلال السلاح الذي يحمله المجاهدون اليوم ، يقارعون به الاحتلال الصهيوني... ومع كل تكبيرة مجاهد يطلق قذيفة "الياسين" أو صاروخ "القسام" ، يضرب أعداءه حتى بعد استشهاده، ليصبح ما ابتكره بمثابة صدقة جارية له.. "
    أبو عبيده
    المتحدث الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام


    بسم الله الرحمن الرحيم
    تصدير
    قد تكون رائحة نوار اللوز هي مقدمة و واجهة لمقدم أجمل فصول السنة ، لكن لا توجد رائحة تجمع الفصول الأربعة ، و من العبث أن تجد قاسماً مشتركاً بين الفصول ، لكن أن تكون شهيداً و والد شهيدين و عم شهيد ، إذن فأنت أصل في لوحة الشهادة .
    أن تكون خصباً مثل السهول ، و أن تكون صلباً مثل الصخور ، إذن فأنت في امتداد السهول جبل .
    أن تكون مثل الشروق ، وأن تنشر الضياء ، إذن فأنت الشيء المميز الفائق الغرابة .
    أن تكون فدائياً و طلائعياً تجمع بين الشباب و الكهولة بروح الطفولة ، إذن فأنت عدنان الغول .. الشهيد و أبو الشهيد و عم الشهيد ، فأنت وطن في رجل ، و رجل احتوى الوطن بين دفتيه ، و حمله على منكبيه ، هذا أقل ما يقال لك و فيك أخي و رفيق دربي أبا بلال .
    من لا يعرفك لن يُقدّر يوماً بأنك أساس في مداميك هذا النصر ، فلم يكن يعرف الكثيرون بأنك نقلت المعركة من أرض غزة إلى سديروت ، فروَّعتهم كما روَّعوا أطفال فلسطين ، كنت نواة البؤرة في استهدافهم ، فأراد الدهر أن يصب عليك مكارهه باستشهاد ابنك الأول ، لكنك وسعت مساحة الفرح في صدرك لتقهر العدو بالاختيار المطلق لدرب الموت على مذبح الحب الإلهي بالطاعة كي تتربع على السنامة ففزت بالنعمة التي أرادوها لك نقمة ، نعمة الشهادة و تزينت بزينة الرجاء العظيم .
    عدة مرات ، قبل أن تتحرر من قيد الجسد شخصياً فكنت شريك الأئمة الشهداء و الصحابة الأطهار و الأخيار ، فأرض كربلاء تشهد على معنى قتل الأب و الابن و الأخ و ابن الأخ ، فالتزمت النهج . نهج الأوائل و نهج الحواضر ، من قادتك الشهداء و الأمراء ، الأمير أحمد و الأمير عبد العزيز ، رضي الله عنهم و رضي عنك ، علماً نعلمه بهدوء اليقين و رسوخ الإيمان ، و حلة نرتديها مخضبة ، قصصاً ، لا حتفاً رغم أنوفنا ، لا موت الهوازل ، بل موت النوازل ، تسفك منا الدماء ، عهداً و وفاءً .
    عهداً أخي و رفيق دربي لبيعة في أعناقنا و وفاءً لأصحابها و نهجاً ارتضاه ، دفعاً من باختيار السكون من الروح لا لدنيا و لا لجاه و إني أعلم بأنك تعلم بأن البداية بدأت و الإشراقة أطلت ، و البيرق رفع و سار المسير ، و نفر النفير ، فارقب بعين الكون اصطفاف الكتائب هواة الشموخ ، و رايات العساكر بلون السهول و نشيد الحناجر يهز العروش لنصر يزاحم أعتى الجيوش ، فهذا و ذاك ، أنت فيه أساس و تأسيس ، فاليوم ما تحت أقدامنا و غداّ إن شاء الله هربيا و حمامة و المجدل و يافا و كل أرض مغتصبة من أرض السلام .
    مناجاتك أخي عدنان لا يخطها المداد ، بل روح لروح ، و حي لحي بوعد الهي محتوم .
    أخوك و رفيق دربك و سلاحك
    عبد القوقا ( أبو يوسف )


    مقدمة
    (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ والإنجيل وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
    الحمد لله على ما قدّر به و قضى و شكراً له على ما أنعم به و ارتضى ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد قائد الغر المحجلين ، أما بعد :
    فقد رحل عنا كبير المهندسين ، الشيخ القائد عدنان الغول ، الرجل الخفي الذي أمضى معظم حياته مطارداً واستطاع أن ينقل المقاومة الفلسطينية العظيمة نقلة غير مسبوقة من خلال تصنيع الأسلحة محلياً في ظل هذا الحصار المفروض منذ زمن بعيد على جهادنا المقدس في فلسطين ، و بقيت معالم الشهادة واضحة ، جلية في كل صاروخ يطلقه المجاهدون على مستوطنات الغاصبين الصهاينة ، فلم يكن أبو بلال " عدنان الغول " شخصاً عادياً على الإطلاق ، بل كان شخصية غير مسبوقة ، فهو داعية من الطراز الأول و مهندسٌ ، عالمٌ كيميائيٌ ، استطاع أن يحطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر ، و كان معلماً لمئات المهندسين ، زاهداً في الدنيا ، يرضى بالقليل و لا ينظر إلى الكثير ، فالنشأة الإسلامية التي نشأ و ترعرع في ربوعها ، و موائد القرآن و عشقه للجهاد في سبيل الله جعل منه شخصية فذّة عملاقة غيّرت مجريات المعركة الفلسطينية مع اليهود النازيين . قدّم ولديه بلال و محمد و لم ييأس ، بل كان مثالاً للصبر . شجاعاً لا يعرف الضعف ، رابط الجأش ، لا تؤثر فيه هذه الخطوب أو النوازل ، و لا تثنيه المصاعب عن تحقيق آماله بتطوير الأسلحة المحلية ، فيوم استشهد ولده بلال ذهب إلى مستشفى الشفاء وحده و دلف إلى ثلاجة الموتى و قبّل بلال ثم غادر مصمماً على الانتقام لأرواح الشهداء جميعاً ، لقد صبر ذلك العملاق صبر الرجال الذين استقر الإيمان و اليقين في قلوبهم و استسلم لقدر الله تعالى عالماً بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطئه لم يكن ليصيبه ، لا يتوانى و لا يتردد في التضحية بنفسه و فلذات كبده و صهره عمران مستذكراً قوله تعالى " الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ " و قوله تعالى "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم".
    .. هذا و لم تكن فترة البحث في سيرة هذا الرجل قليلة أو بسيطة بل كانت طويلة جداً ، فهو لم يترك لنا إلا القليل من صور غير واضحة المعالم ، خفية عن الجميع رغم أن حياته كانت مفعمة بالجهاد إلا أنه كان يكللها السر و الكتمان و كأنه رجل ظِل يختفي بعد أن ينجز ما يصبو إليه ،غير عابئ بذكر اسمه .
    لقد كان القائد عدنان الغول خفياً تقياً ، لا يعرفه سوى قلة من شبان الحركة الإسلامية ، حتى جاء استشهاد ولده بلال في الثاني و العشرين من شهر ديسمبر 2001 لتتضح صورته اكثر ، و بعد استشهاد ولده محمد و صهره عمران يوم الجمعة ، السابع و العشرين من شهر حزيران ( يونيو ) 2003 أصبح الحديث عنه يكثر و يكثر و استبدت الرغبة بالجميع لمعرفة هذا الشخص الذي كان غائبا عن الأعين و الذي أصبح المطلوب رقم "2" للأجهزة الأمنية و العسكرية الإسرائيلية ، إلا أنه و رغم ذلك أيضاً بقى خفياً جداً ، لا يُرى و لا يُسمع عنه إلا القليل .
    فكان " يحيى " ابن غزة لامعاً في سماء المقاومة و الجهاد كيحيى ابن الضفة ، فيحيى " و هو الاسم الحقيقي للشيخ عدنان الغول" كيحيى عياش ، غيّر مجريات التاريخ الفلسطيني بأكمله ، فنحن هنا مع حالتين نادرتين " يحيى " ابن الضفة الذي أرسى قواعد العمليات الاستشهادية ، و " يحيى " ابن غزة الذي أرسى أسطورة الصواريخ و التي كان له الفضل الكبير في تصنيعها و تطويرها . فكم هي غريبة تلك الأقدار التي حملت بين ثناياها الاسم الخالد " يحيى " الذي أعطى هؤلاء الرجال الحياة بعد استشهادهم ، و كأن شهادتهم حياة للجميع .
    هناك في الضفة كان يحيى الأول حياة - للأمة العربية جمعاء و للشعب الفلسطيني خاصة - بالعمليات التي هزت تل أبيب و الخضيرة و العفولة و كل الأراضي المغتصبة ، و هنا يحيى الثاني الذي هز المستوطنات و أعلن الرعب في صفوف الكيان المغتصب للأرض و العرض و الوطن ، فكلاهما كتب التاريخ بدمه و أحدث تغيرات هامة في مجريات التاريخ الفلسطيني المعاصر التي لن تنساها البشرية جمعاء .
    و بعد استشهاد القائد عدنان الغول و معرفتنا بأنه أبو صواريخ القسام والبنا و البتار و الياسين إلا أنه ظل كشخصية هلامية لا نستطيع رؤيتها أو إدراكها ، لذلك أخذت على عاتقي أن ابحث في سيرة هذا الرجل الذي ترك إرثا للمقاومة الفلسطينية تستطيع من بعده تحقيق حلمه بتصنيع مضاد للطائرات الذي بدأ بإنشائه حتى وفقني الله إلى ما بين أيديكم عن حياة و سيرة القائد الكبير يحيى " عدنان " محمود جابر الغول ، نشكره به على ما أتم من اجل فلسطين و أجلنا .
    و نسأل الله تعالى أن يجعل مقامه في علّيين في صحبة الأنبياء والشهداء و الصديقيين و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً .
    و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    أخوكم
    أبو أنس


    الفصل الأول
    الميلاد و النشأة
    ولد الشهيد القائد يحيى محمود جابر الغول في مدينة غزة يوم 24/7/1958م ، في مخيم الشاطئ بعيادة الوكالة ( السويدي ) و قد كان المخيم يمثل اللبنة الأولى في تشكيل شخصية القائد يحيى الغول في ظل الاحتلال و الغطرسة الصهيونية الغاشمة .
    حين عادت الأم تحمل وليدها " يحيى " إلى منزلهم في مخيم الشاطئ استقبلتهم أخته الكبرى " زينب " و سألتهم عن اسم المولود فأجابوا بـ " يحيى " ، فرفضت الأخت إلا أن تسميه عدنان ، و طلبت منهم ذلك و أصرت في طلبها فقرر جميع أفراد الأسرة على مناداته بعدنان استجابة لطلب الأخت ، على أن يبقى اسمه " يحيى " في القوشان و الأوراق الثبوتية و الرسمية.
    ولد عدنان الغول لأبوين مسلمين ، فلسطينيين فأبوه المجاهد الكبير محمود جابر الغول " أبو خضر " الذي يعتبر رمزاً من رموز المقاومة في قرية هربيا إحدى قرى قضاء غزة و التي هُجّروا منها عام 1948 ، فقد كان محمود الغول و الحاج شوقي الغول من كبار قادة المجاهدين و على رأس الجيش الذي تصدى لقوات الاحتلال الغاشم عام 1948 و استطاعوا أن يلحقوا الخسائر بالجيشين الإسرائيلي و البريطاني المستعمر ، فعمليات الكر و الفَر و الاستيلاء على سلاح الإنجليز و مهاجمة مواقعهم و خطف الجنود جعل لوالد الشهيد عدنان الغول هيبة في كل القرى المجاورة .
    في العام الذي ولد فيه عدنان كان والده يقبع في سجن غزة المركزي لدى القوات المصرية التي أرهقها محمود جابر الغول في عملياته المستمرة ضد أرتال الغاصبين ، و الاستيلاء على سلاحهم ، فقرروا اعتقاله لمدة عام . و حين جاءوا بعدنان إليه في السجن تبسم و كان اللقاء الأول يجمعهم داخل قاعة سجن غزة المركزي .
    غادر محمود الغول قرية هربيا عام 1948 إلى مدينة غزة و مكث فيها حوالي شهرين في منزل متواضع للسيد أديب القيشاوي و هو أحد أخوال أبو خضر ( والد عدنان ) ، بعد ذلك انتقلت العائلة للعيش في مدينة رفح التي كان فيها الوضع متأزماً بين السكان من استقبال اللاجئين لولا صرامة الغول الذي فرض البقاء بقوة على الأرض . في ذلك العام كان المطر شديداً و الرياح قوية جداً ، فالجميع يذكر الخيام التي طارت و الثلوج التي حطت على هذه البقعة الداكنة من الأرض حتى أصبح الناس يسمون ذلك العام بـ" عام الثلجة " و بعد عامين أو أكثر قليلاً تركوا مدينة رفح متجهين إلى دير البلح . في تلك الفترة عمل الأب في تهريب مواتير المياه من قرية هربيا إلى أهالي المخيم ، و يذكر اخوة أبو بلال ما حدث بأبيهم حين عثر اليهود على أحد المواتير لدى أحد أفراد سكان منطقة البريج و الذي اعترف لليهود عن محمود الغول المسؤول عن تهريب المواتير من قرية هربيا إلى مخيمات اللاجئين ، ليتم وقتها محاصرة منزل أبو خضر الغول و البحث عنه لولا قدر الله الذي نجاه لحظتها و استطاع الفرار من المخيم إلى مدينة غزة مرة أخرى .
    انتقل الجميع بعد ذلك للعيش في النصيرات و استطاع الأب أن يشتري قطعة كبيرة من الأرض في منطقة المغراقة التي عاش بها قائدنا طيلة حياته رحمه الله . فقد حط الجمع رحالهم عام 1965 في منطقة وادي غزة و مكثوا بعد ذلك هناك إلى يومنا هذا .
    درس الشيخ عدنان الغول المرحلة الابتدائية ( السنتين الأولى و الثانية ) في مدرسة العتيقة بمخيم الشاطئ . و لا يزال الجميع يذكر ما حدث مع عدنان في يومه الأول من المدرسة . فقد كاد أن يموت لولا رعاية الله وحده ، فحين غادر المدرسة في اليوم الأول لم يتجه للمنزل فوراً بل قرر الذهاب إلى بحر المخيم و هناك ظل يسبح فترة من الوقت و وقت أن عاد إلى المنزل ضربته أمه و غسلته بالماء . ما حدث بعد ذلك أن الفتى عدنان مرض مرضاً شديداً ، اضطر بأهله أن يحملوه إلى مستشفى دار الشفاء و هناك مكث قرابة ثلاثة أيام بسبب نزلة حادة ألمّت به تحولت بعد ذلك إلى حمى شوكية ، و في اليوم الرابع أخبرهم الطبيب بأن الأربع و العشرين ساعة القادمة ستحدد مصير الطفل عدنان الغول ، فإما أن يموت و هو الاحتمال الأرجح و إما أن يصاب بالشلل ، أو أن يفيق دون شيء و هو احتمال ضعيف جداً ، لكن لا شيء يقف أمام قدرة الله عز وجل ، فاستفاق الطفل في يومه الرابع نشيطاً سليماً ، معَافاً إلا أن أذنه اليسرى بقيت تؤلمه حتى وفاته رحمه الله ، فكان لا يسمع بها كثيراً بسبب الالتهاب الذي ألّم به جراء تلك الحادثة .
    انتقل بعدها عدنان الغول ليعيش مع أسرته في المغراقة ، فأكمل دراسته الابتدائية هناك في مدرسة ذكور النصيرات الابتدائية (ج ) ، ثم درس المرحلة الإعدادية أيضاً في مدرسة ذكور النصيرات الإعدادية (ب) و كان ذا طبيعة هادئة رزينة ، فكان الجميع يقول عنه أن القطة تأكل عشاءه ، لكنه كان في منزله عكس ذلك تماماً ، فكان يحب اللعب ، خصوصاً إعداد السلاح الخشبي و القنابل التي يكونها من الرمل و غير ذلك كثير . يتحدث عن ذلك أخوه محمد الذي كان دائماً يلاحظ شغف الفتى عدنان بالبحث و اكتشاف مواد بسيطة متفجرة ، فيخترع مواد عادية من أعواد الثقاب ترعب أهل المنزل الذين كانوا دائماً خائفين على ولدهم من أن يؤذي نفسه فكان عدنان أحياناً لا ينام تفكيراً في كيفية تصنيع سلاح صغير مناسبٍ له.
    في تلك الفترة بدأت ميوله الإسلامية تظهر من خلال التزامه بمسجد بلال الذي بناه أحد رجال عائلة السقا ، و كان من رواد هذا المسجد و من المواظبين على جميع الصلوات الخمس خصوصاً صلاة الفجر ، حتى أحبه جميع من في المسجد . فقد كان مطيعاً ، هادئاً ، ودوداً باشاً في وجه الجميع .
    التحق عدنان بعد ذلك بمدرسة خالد بن الوليد الثانوية في النصيرات عام 1976 و كان من أفضل الطلاب و أذكاهم على الإطلاق خصوصاً في مادتي الفيزياء و الكيمياء ، و كان يتمتع بحب مدرسيه و زملائه الذين يغبطونه لذكائه . كان في تلك المرحلة من أبرز الدعاة إلى الالتزام بتعاليم الإسلام و الالتفاف تحت راية الدين العظيم ، و كان يمارس في تلك الحقبة من الزمن هوايته المفضلة و هي لعبة كمال الأجسام فتدرب مع بعض إخوانه من مسجد بلال والجمعية الإسلامية في أحد النوادي بتلك المنطقة ، فكان كثير الأكل يحب السمك و اللحم مغذياً جسمه الذي لم يستطع أن يحمله بعد ذلك ، حتى أن أمه كانت تقول بأنه غولاً حقيقياً لا بالاسم فقط.
    في يوم 2/2/1977 فجع الشاب عدنان بوفاة أبيه الذي أصيب بجلطة في الدماغ و حزن حزناً شديداً لموت الرجل الذي علمه معنى العزة و الجهاد و الذي أخذ بيده نحو النور و التربية القويمة ، ففقد الحبيب الذي ملأ عليه البيت بالسرور و البِشر ، و أصيب جراء ذلك بـ"طَربَة " أصبح على إثرها قليل المشي آنذاك ، فقد كان يعتبر والده رمزاً له في بطولاته و جهاده ضد المحتلين التي طالما ترنم بها لأصحابه و أحبابه .
    بعد إنهائه مرحلة الثانوية العامة و تفوقه فيها قرر جميع إخوانه إرساله إلى الخارج لإتمام دراسته الجامعية إلا أنه رفض ذلك العرض متمسكاً بتراب الوطن ، لكن إصرار الأهل جعله يلين فسافر في نهاية عام 1979 إلى إسبانيا لنيل درجة البكالوريوس في علم الكيمياء ، لكن ما أن مرت فترة قصيرة حتى أحاطه الملل من كل جانب و لم يعجبه الأمر كثيراً فقرر العودة إلى غزة و بعد شهرين فقط عاد شوقاً و حنيناً إلى أزقة المخيم و دروبه التائهة. وعاد و ظل يصلي حتى كلّت قدماه كأنه ارتكب خطيئة بسفره إلى خارج حدود فلسطين .

    الفصل الثاني
    الالتحاق بجماعة الإخوان المسلمين
    خلال دراسة القائد عدنان الغول في المرحلة الثانوية تحديداً بدأ نشاطه الإسلامي يظهر على الساحة فعرفه كل أبناء جيله و قادة العمل الإسلامي آنذاك بأنه أنشط هؤلاء الشبان و أحرصهم على التبليغ و الدعوة للفكر الإسلامي و قد تمّ انتدابه للعمل ضمن جماعة الإخوان المسلمين ، و بدأ يتعرف على أفكار الجماعة في تلك المرحلة من الزمن فلم يمر أكثر من عام حتى كان بين أحضانها مبلغاً عشيرته و أهله بأنها الجماعة الربانية الراشدة ، و كان عدنان الغول في طليعة أفراد الجماعة في منطقة المغراقة تحديداً التي كانت تزخر بالرجال الأشداء و المغاوير محافظاً على الأسس القويمة لذلك التنظيم .
    في ذلك الوقت بدأ يلتزم بمسجد الجمعية الإسلامية التي زخرت بالعمل الدعوي و التربوي ليكون له نصيب بأن يتتلمذ على أيدي كبار رجال جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين أمثال القائد عبد الفتاح دخان و القائد حماد الحسنات ، و أوكلت إليه الكثير من المهام في ذلك المسجد ، فبدأ بتحفيظ الشبان القرآن و التزم أيضاً معهم بحفظ المصحف حتى حفظه كاملاً بعد ذلك .
    في تلك الحقبة من الزمن كون علاقات حميمة مع شبان الحركة داخل النصيرات و خارجها و استمر في الارتقاء معهم بهذه الدعوة الراشدة . و استطاع مع إخوانه أن يقيموا أنشطة رياضية لا يزال جميع رواد مسجد حمزة و مسجد الجمعية الإسلامية يذكرها ، فتدرب مع بعض إخوانه على رفع الأثقال و كمال الأجسام ، و كان مسروراً جدا بذلك العمل .
    سافر عدنان بعد إنهائه المرحلة الثانوية إلى إسبانيا و عاد دون أن يتم دراسته ، فقد استبد به الشوق إلى غزة و عاد يحمل إليها حنيناً من نوع خاص ، و فكر بعدة مشاريع كي يستقر في أرضه لكنه لم يبق على ذلك الحال كثيراً حين طلب منه أهله إتمام دراسته في غزة أو أية دولة عربية أخرى ، فقرر السفر إلى دولة مصر الشقيقة و درس في جامعة بيروت العربية بالإسكندرية حوالي العام . هناك توطدت علاقته أكثر بجماعة الإخوان المسلمين و تعرف على قيادات الجماعة في فلسطين الذين كانوا يدرسون هناك آنذاك و أصبح من القيادات الشابة في الجامعة طوال تلك الفترة ، لكن حملات الاعتقال و التعذيب التي مورست بحق شباب الإخوان وقتذاك من قبل القوات المصرية و الملاحقات التي أرهقتهم جعلته يقرر العودة مرة أخرى إلى غزة ، و كان له ما أراد . فعاد دون أن يحصل على شهادة البكالوريوس أو أي شيء آخر سوى تعمقه و تعلقه بجماعة الإخوان المسلمين التي ظلت تسعى إلى إخراج الناس من عبودية القادة العرب و ضلالهم إلى نور وعدل الإسلام .
    تعرف بعد ذلك شهيدنا عدنان الغول رحمه الله على الشيخ أحمد ياسين و كانت علاقته وطيدة به و بالقائد الشهيد عبد العزيز الرنتيسي ، و في ذلك الوقت سافر عدنان إلى الأردن و عاد يحمل معه مجموعة كبيرة من الرسائل و الكتب الدعوية التي لم تكن متوفرة في غزة آنذاك ، المهم في ذلك الأمر أن الشيخ عدنان قد خرج في مهمة لم يكن يعلم بها أحد ، حتى أسرته التي فوجئت بعد ذلك بأن عدنان لم يكن يسافر لإتمام الدراسة أو أي شئ آخر بل ذهب كي يطلب مساعدة من منظمة التحرير الفلسطينية لإحضار السلاح إلى غزة و محاربة اليهود المتمركزين في القطاع لكنه عاد دون أن يحصل على شيء ، لقد قام بذلك عدنان بسبب أن تلك الفترة لم تكن تحمل طابع العمل العسكري فلم تكن جماعة الإخوان المسلمين مهيأة للعمل العسكري في قطاع غزة فالتجأ إلى المنظمة التي أعادته بخفي حنين ليبدأ مشوراً جديداً في التربية و الدعوة دون أن يحقق ما يحلم به أو يصبو إليه .
    ساهم بعد ذلك بدور فاعل في بناء مسجد الإيمان مع كثير من الاخوة في حركة حماس الذين كان لهم الجهد بإعمار المسجد حديثاً ، و أصبح عدنان يرتاد هذا المسجد حتى أخر فترة من حياته ، و لقد كان يؤم المصلين ، فيقول عنه الأستاذ أبو محمد و هو من الذين عايشوا الشيخ عدنان لأمد بعيد بخصوص ذلك الأمر " إن الشيخ عدنان كان عظيم القدر في نفوسنا ، فقد تحمل أعباء هذا الدين و هذه الدعوة منذ نعومة أظفاره ، فكان يجاهد ، و يعلم الناس تعاليم شرعنا الحنيف ، و كان من الدعاة ( أعلم أن الجميع يقول عن عدنان بأنه رجل عسكري ) لكن ذلك ليس فقط ما كان يوليه اهتمامه ، فقد كان يولي هم الدعوة اهتماماً اكبر ، و أذكره حين كان يزورنا بالمسجد فيصلي بنا رحمه الله ، كم كان عذب الصوت ، خاشعاً . كان يطلب منا قبل أن نصلي خلفة في صلاة التراويح بأن من لم يستطع القيام فليجلس و يصلي قاعداً ، حتى تكل قدماه هو دون أن يجلس و يبقى واقفاً ، منتصباً ، خاشعاً . كان أحياناً يختم في الركعة أكثر من جزأين .. " و يتم الأستاذ أبو محمد بقوله " كان متواضعاً إلى أبعد الحدود ، فلا زلت أذكره حين جاء إلينا و هو مطارد من قبل السلطة و قوات الاحتلال ، و دخل علينا المسجد فقمنا نستقبله مسرورين ، لكنه قبل أن يتفوه بأي كلمة " استحلفنا بالله أن نجلس و لا نقوم لاستقباله ، و طلب منا بأن لا نشعره بأنه ذو قيمة أكبر منا ، و طلب منا أن نتعامل معه كأنه موجود بيننا دائماً .. "
    زواجه ..
    في عام 1981م تزوج الشاب عدنان من ابنة عمه ( وفاء إبراهيم الغول ) و كان له حفلاً مهيباً في ديوان عائلة الغول و حضره جميع أصدقاء الشاب عدنان و أحيوا حفلاً إسلاميا رائعاً شرح صدر عائلة الشاب التي لم تختلط من قبل بالشباب المسلم عن كثب .
    استقر بعدنان المقام في منطقة المغراقة التي كانت تعتبر المحضن الأول له ، و كم كانت سعادة تلك الفتاة بذلك الشاب الوسيم ، المتدين ، الملتزم بشعائر الإسلام ، فقد كانت تعتبره قدوة لكل شبان العائلة ، لحسن خلقة و سيرته ، و حسن المعاملة و العشرة و التمسك بتعاليم الشرع الحنيف و خلال تلك السنوات التي قضتها معه كان بشوشاً ، طلق الوجه ، رطباً ، لين الجانب ، يترنم دائماً بقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام مع زوجاته و يقول لزوجته أنا علمني القرآن و علمتني سنة محمد عليه الصلاة و السلام و يقرأ قول النبي صلى الله عليه و سلم " خيركم خيركم لأهله ، و أنا خيركم لأهلي " فكان نعم الزوج و نعم الأب ، و نعم المجاهد .
    حين ذهبتُ لأقابل زوجته أم بلال حدثتني عن سيرته التي لم أكن اعرفها عن كثب مثل اليوم ، و قالت بأنها لم تسمع يوماً منه كلمة " أف " أو أية إساءة في المعاملة . كما اخوته الذين لم يسمعوا منه أية كلمة غامضة ، غاضبة بل قوله فقط " الله يسامحك " و " الله يهديك ".
    بعد أسبوع واحد من زواج عدنان الغول من ابنة عمه ، أخذ منها المهر من ( الذهب ) و اشترى به سلاحاً للمقاومة لعدم توفر السلاح وقتذاك فتضيف أم بلال: ((تزوجني في عام 1981 ودفع مهراً لا بأس به ، وكنت قد اشتريت بمعظمه مصاغاً لي، ولكن قبل أن يمر أسبوع واحد على زواجنا أخذ يحدثني عن ضرورة الجهاد ومقاومة أعداء الله الصهاينة وأنه يتمنى لو يملك سلاحاً يجاهد به. وأخذ يقنعني شيئاً فشيئاً ويزين لي أهمية الجهاد، وعندما رأيت به هذا الحماس وأنه صادق في الدفاع عن أرض الوطن، دفعت إليه بمصاغي كاملاً ليشتري به سلاحاً، وكانت هذه أول مرة يملك فيها عدنان سلاحاً خاصاً ليدافع به عن وطنه)) .
    في يوم 28 / 8 / 1983 ولد بلال الابن الأكبر للقائد عدنان ، و كم كان سعيداً يومها ، فقد أسرع في إحضار العقيقة و تم دعوة كل أفراد آل الغول و أصحابه المجاهدين لتلك العقيقة ، و ظل عدنان يزرع في ولده معنى العزة و الجهاد حتى استشهد بلال عصر يوم الأربعاء 22 / 8 / 2001 م .
    و في يوم 31 / 10 / 1987 ولد محمد الهادئ ، الوديع الذي لم تكن تفارقه البسمة يوماً و أصبح لعدنان رجلان يمكن الاعتماد عليهما في جميع مجالات الحياة . لكنه فقدهما قبل أن يستشهد بعد أن كانا نعم الجنديين و نعم الرجلين في زمن عزت فيه الرجال . قد استشهد محمد فجر يوم الجمعة 27 / 6 / 2003 م في إحدى محاولات الاغتيال لأبيه في منطقة المغراقة .
    تذكر أم بلال بأن الشيخ عدنان حين أصبح مطارداً كان أولاده كثيري المزاح معه لأنهم لا يرونه إلا قليلاً خلال الأسبوع ، حتى أن بلالاً جلس يوماً على أحد الكراسي و بدأ يلعب مع أبيه لعبة التحقيق و بدأ يستدرج أباه في الحوار و الأب غارقٌ في الضحك حين تذكر عمليات التحقيق في سجون السلطة الفلسطينية ، و تذكر أم بلال أن بلالاً و محمداً يوماً سألاه " كيف حقق معك هؤلاء الخونة ؟ " و كل ذلك استفاد منه الطفلان بلال و محمد بعد ذلك ، فحين تمت مطاردة عدنان من قبل السلطة الفلسطينية بعد عام 1996 و مطالبة الـCIA له ، حاصر رجال السلطة المنزل في منطقة المغراقة و ربطوا بلالاً على شجرة و ضربوه بعنف كي يعترف عن مكان أبيه إلا أنهم لم يستطيعوا أن يخرجوا منه بكلمة واحدة ، حتى محمد و عمران كانوا حجارة صماء لا تتحدث ،و لا تشي بأي سر مهما كلفهم ذلك الأمر.
    للشيخ عدنان أربعة أولاد هم بلال و محمد و محمود و هلال ، استشهد بلال و محمد و بقي الآخران ، وللشيخ عدنان خمس بنات أخريات تزوجت إحداهن من ابن عمها عمران الذي استشهد في معركة المغراقة بعد أن أنجبت منه الطفلة ملك .
    عمله
    عمل الشهيد عدنان الغول في بداية حياته داخل الخط الأخضر أياماً قليلة ثم انتقل بعد ذلك للعمل في مزرعة للدواجن عند أحد الصهاينة المغتصبين و لم يستطع أن يتم أكثر من خمسة أيام فعاد للعمل في منطقة المغراقة لحرث الأرض التي يقطنها ، و ظل يزرع و يسقي و يغرس كما زرع و غرس في قلوبنا حب الوطن اليوم .
    و ظل عدنان على ذلك الحال فترة قليلة من الزمن بسبب نشاطه العسكري الذي فرض عليه الفرار من براثن الاحتلال و المطاردة في 13 / 10 / 1987 م و الاختفاء حتى مغادرة أرض الوطن .

    الفصل الثالث
    انتفاضة الـ87
    خطط الصهاينة في نهاية السبعينات إلى إنهاء أية انتفاضة في فلسطين و حاولوا إشغال الفلسطينيين بلقمة العيش بعيداً عن الجهاد و المقاومة ، ففي تلك الفترة كانت إسرائيل تحاول زج الفلسطينيين في معترك الحياة المادية و إشغالهم بالعمل داخل الخط الأخضر و من ثم نشر الثقافة الاستعمارية و إبعاد الناس عن المساجد ، فقد حاول الصهاينة نشر الفكر الغربي الذي يدعو إلى الإلحاد و السفور و التبرج و النزوة الجنسية و المادية و إبعاد الجميع عن بوتقة الفكر الإسلامي من خلال تنظيمات هدامة رعتها عين المحتل و لم تحاول التضييق عليها .
    و بناءً عليه تبنت جماعة الإخوان المسلمين التربية هدفاً رئيسياً لها آنذاك و كان همها و شغلها الشاغل هو بناء النفوس إيمانياً و تربوياً . إلى جانب ذلك عملت في الاتجاه العسكري لكن بصورة بطيئة و قليلة غير واضحة المعالم . فقد شكلت جماعة الإخوان المسلمين في فترة السبعينات و الثمانينات جمعيات و تنظيمات عسكرية سرية ، فأسست جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً عسكرياً مسلحاً عام 1979 في فلسطين داخل الخط الأخضر و قد نفذ هذا التنظيم عشرات العمليات المسلحة و دمر العديد من المنشآت الاقتصادية اليهودية في فلسطين ، لكن تم اكتشاف ذلك التنظيم عام 1980 و اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أكثر من 60 شاباً من أفراده ، و أصدرت السلطات اليهودية أحكاماً متفاوتة على أعضاء ذلك التنظيم وصلت أقصاها إلى خمس عشرة سنة ، و قد صرح مستشار بيغن يومها للشؤون العربية أنه لو لم يتم كشف أمر هذه الحركة في الوقت المناسب لتعرض أمن إسرائيل و مستقبلها إلى خطر عظيم .
    كذلك تبنت جماعة الإخوان المسلمين التنظيم و التخطيط لانتفاضات تلهب النفوس الفلسطينية الأصيلة ، ففي نيسان عام 1982 و بعد أن قام جندي إسرائيلي باقتحام المسجد الأقصى و إطلاق النار على المصلين . بدأت الانتفاضة انطلاقاً من الجامعة الإسلامية التي أسستها جماعة الإخوان المسلمين و قد كانت لهيب الثورة و المقاومة ، و قد أطلقت عليها وسائل الإعلام " بثورة المساجد "و كان عدنان يمثل حجراً رئيسياً في إشعال النفوس لتلك الانتفاضة التي كان يقودها مع بعض إخوانه المجاهدين .
    كذلك أسست جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة تنظيماً عسكرياً جديداً عام 1984 و اكتشفت سلطات الاحتلال هذا التنظيم التابع للإخوان المسلمين ، و الذي تزعمه الشيخ القائد الراحل أحمد ياسين أمين عام المجمع الإسلامي في قطاع غزة آنذاك ، و حكمت المحكمة الإسرائيلية على الشيخ المعلم أحمد ياسين بالسجن لمدة 13 عاماً ، و من إحدى التهم التي وجهتها المحكمة للشيخ أحمد ياسين في ذلك الوقت هو محاولة تدمير إسرائيل و إقامة دولة إسلامية مكانها ، و قد تم الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين عام 1985 في صفقة تبادل أسرى قامت بها الجبهة الشعبية – القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل.
    بعد ذلك تم إيقاف أي عمل عسكري من قبل جماعة الإخوان المسلمين حتى طُلب من عدنان الغول إتلاف أي سلاح يمتلكه و إيقاف جميع الأنشطة العسكرية ، خشية من هدم كل شيء بنته الجماعة فالجامعة الإسلامية لا زالت في طور البناء كذلك التنظيم الأساسي و الذي لا يزال في طور البناء و هو " حركة حماس " قد ينتهي في أي لحظة .
    فكانت الفترة الزمنية ما بين 1982 – 1987 التي سبقت الانتفاضة تمثل لعدنان فترة حماسية قوية كانت مليئة بأحداث المواجهات الشعبية و الصدامات مع اليهود ، حتى يمكن القول بأن الانتفاضة كانت قائمة بالفعل و لو جزئياً .
    أما بالنسبة لوضع التنظيمات الفلسطينية في تلك الحقبة من الزمن فكان مزرياً جداً كما يذكر القائد عدنان لشبكة الإسلام اليوم ، فقد حاولت إسرائيل إنهاء منظمة التحرير الفلسطينية و تهميشها عن الساحة الفلسطينية ، فحركة فتح و الجبهة الشعبية كانتا من حركات المقاومة الفلسطينية الباسلة التي تبنت مشروع المقاومة ، لذلك تم عقد مؤتمر القمة العربية قبل الانتفاضة الأولى بعدة أشهر تحت رعاية إسرائيلية أمريكية لتهميش دور منظمة التحرير و إنهاء وجودها عن الساحة الفلسطينية .
    كذلك حاولت إسرائيل بعد عدة أعوام إنهاء وجود الحركات الإسلامية لشعورها بالخطر الداهم تجاه التيار الإسلامي ، فكثرت الشائعات نحو تلك المنظمات و الحركات الإسلامية خصوصاً حركة المقاومة الإسلامية حماس فبدأ عمل الموساد و أجهزة المخابرات عن طريق العملاء في ذلك الأمر بأن حركة حماس هي صنيعة إسرائيلية ، و قد كان الهدف من هذه الشائعات صرف الناس عن حركة حماس التي تحمل في طياتها روح العمل و الفكر الإسلامي.
    سئل عدنان يوماً عن ذلك أن إسرائيل هي من كانت تقف وراء تأسيس حماس ؟ فأجاب ضاحكاً ، بأن هذا كلام سخيف ، تافه و عارٍ عن الصحة التي لا يقبلها العقل ، فقد كانت إسرائيل أكثر ما تخشاه هو قيام الحركة الإسلامية آنذاك و نظراً لأن عدنان من أبرز من قاموا بإظهار صورة حماس بشكلها الواضح و الحقيقي للمجتمع الفلسطيني كان له أن يعترف بسخافة بعض المرجفين الذين استغلوا هذه الترهات للتشويه بسمعة الحركة .
    في عام 1983 حدث خلاف بين جماعة الإخوان المسلمين و الحركات العلمانية و الشيوعية الأخرى ، و رغم تجاوز كل الخطوط الحمراء من قبل تلك التنظيمات إلا أن جماعة الإخوان المسلمين ظلت حكيمة في قراراتها التي رفضت الفتنة أو الاقتتال الداخلي ، وقتذاك جهز عدنان مجموعة من الشبان لقطع رأس أي فتنة أو أي محاولة من تلك التنظيمات لاغتيال قيادات الإخوان ، فكان أحد الأخوة جاهزاً ينتظر قرار الشيخ عدنان لقتل أي شخص يحاول المساس بشخصيات الإخوان في غزة لكن الدكتور إسماعيل الخطيب عميد الجامعة الإسلامية لم يقبل عرض عدنان الذي كان جاهزاً للتنفيذ و قدّر الله أن تنتهي تلك الفتنة بسلام .
    خلال ذلك بدأت الحركة الإسلامية بالعمل العسكري و في عام 1984 كانت ضربة جمع السلاح التي اعتقل على أثرها الشيخ أحمد ياسين ، في ذلك الوقت كان عدنان يعمل مباشرة مع الشيخ أحمد ياسين ، لكن الحركة بعد تلك الأحداث قررت إيقاف العمل العسكري حرصاً على سلامة تأسيس الحركة التي كانت في طور البناء فقرر عدنان تأسيس مجموعة مسلحة بقيادته مهمتها قتل العملاء و اليهود في كل مكان من فلسطين ، و بدأت المجموعة عملها عام 1985 و ترأس تلك المجموعة التي أسماها " مجاهدو المغراقة " و التي تكونت منه و أخيه عمر الذي يقضي الآن حكماً بالسجن لمدة 95 عاماً و محمد رياض حسان و عبد الكريم أبو ربيع و ناهض الوحيدي و مجموعة أخرى من الشبان الثائرين . إلى جانب ذلك قام عدنان بتجهيز السلاح لكل المجموعات التي عملت معه من ماله الخاص ، فلا زالت تذكر أم بلال أسبوعها الأول الذي باعت فيه ذهبها من اجل إحضار السلاح للمجاهدين . و كان يسعى أبو بلال من وراء ذلك التنظيم مناوئة أي تنظيم غير إسلامي على الساحة الفلسطينية للفت أنظار الشارع إلى الفكر الإسلامي الذي بدأ يقود المعركة ، و كان هناك عدة عمليات عسكرية و أمنية لكنهم لم يصدروا أي بيان يتبنى تلك العمليات التي نفذوها ، لكن ذلك تم كشفه بعد أن تم الاعتراف على عدنان و الآخرين
    أيضاً عملت تلك المجموعة على محاربة الفساد الذي كان قائماً آنذاك . ففي أحد الأيام أطلقت مجموعة الشيخ عدنان النار على مجموعة من المجندات الإسرائيليات اللاتي عملن على إسقاط الشباب الفلسطيني و كن يحضرن إلى متنزه بلدية غزة بخصوص ذلك الأمر ، أيضاً قام الشيخ عدنان بإعدام العديد من العملاء أمثال (ت،ح) الذي كان يمتلك خمارة في مخيم النصيرات بالقرب من مدرسة البنات الإعدادية ، فقام عدنان و ناهض الوحيدي بإطلاق النار عليه من فوهة مسدساتهم ثم قاموا بعد ذلك بقليل بإعدام عميلين آخرين بالقرب من المستشفى الأهلي في مدينة غزة ، فقد قام عدنان و ناهض الوحيدي و عمر الغول و هم يحملون مسدسات 9 ملم و بعد مراقبة طويلة لأحد هؤلاء العملاء في محله حيث يعمل كهربائي سيارات في عسقولة خرج العميلان و بصحبتهما امرأة من محل الأخير فقام أبو بلال و ناهض و عمر بقتلهم على وجه السرعة و انسحبوا تحيطهم رعاية الرحمن . كذلك تم أيضاً إعدام العميل (ع. و.) مقابل السويدي في شارع النصر يوم عرفة 1987 و قد قام بالعملية أبو بلال و محمد حسان و كان عمر الغول يقود السيارة التي تقلهم ، و قد كان العميل قناص جيد ، سريع الحركة ، يستخدم سلاحه بسرعة و سيارته من النوع المزود بأجهزة اللاسلكي فتم رصد بدقة و هو في سيارته التي توقفت أمام أحد المحلات لبيع الأثاث فانتظر المجاهدون داخل سيارتهم حتى خرج العميل و ما أن ركب السيارة و بدأ في تشغيل المقود حتى اقتربت سيارة أبو بلال ملتصقة بسيارته و أطلق عدنان من داخل سيارته النار على العميل في رأسه قبل أن يستطيع التحرك و هكذا قتل مجرم كان يعرفه الجميع بعربدته فأراح الله الناس من شره . و ظل عدنان يعمل على محاربة الفساد إلى أن بدأت المشاكل مع الهلال الأحمر بسبب عملية إطلاق النار عليه لاتهام أعضائه بالانتساب إلى المنظمات الشيوعية .
    و يعترف الشيخ عدنان بأن تلك الفترة كانت مرحلة تمحيص و اختبار للشباب المسلم ، إلا انه يعترف بالخطأ الجسيم من قبل بعض الشبان الذين كانت صدورهم حامية تريد أن تقضي على الفساد في يوم و ليلة ، و لم يكن يؤيد عدنان ما حصل من اعتداء على مركز الهلال بتلك الصورة ، بل كان يحبذ بأن يتم التعامل مع المشكلة بحكمة اكثر كما قررت قيادة جماعة الإخوان.
    في ذلك الوقت تحديداً بدأ ظهور حركة الجهاد الإسلامي على الساحة كفصيل إسلامي عسكري يدعو إلى مقاومة الاحتلال ، و في تلك المرحلة تحديداً استطاع ستة من أعضاء حركة الجهاد الإسلامي ( و هي حركة تسمت بهذا الاسم قبل تأسيس حركة الجهاد الإسلامي التابعة لفتحي الشقاقي ) من الإفلات من سجن غزة المركزي يوم 18/5/1987م ، و قد جن جنون الصهاينة من ذلك و بحثوا عن السجناء فلم يجدوهم و هم سامي الشيخ خليل و محمد الجمل و خالد محمد صالح و مصباح الصوري و عماد الصفطاوي و صالح محمد اشتيوي الذي ألقى القبض عليه بعد هربه ، وبقيت هذه القصة تثير الشجاعة في نفوس الشبان المتحمس للقتال آنذاك . بعد تلك الحادثة صار هؤلاء الشباب يحاربون الصهاينة في كل مكان حتى مل الصهاينة منهم و حاولوا أكثر من مرة ملاحقتهم و قتلهم لكن رعاية الله كانت تكلؤهم بالليل و النهار . خلال تلك الفترة تم اتصال مجموعة الشيخ عدنان بهؤلاء الشبان عن طريق أحد المجاهدين الذين اغتيلوا بعد ذلك و يدعى علي القصاص رحمه الله و الذي أرسله أحد قيادات حركة الجهاد الإسلامي آنذاك و صار العمل مشتركاً بينهم حتى كان استشهاد الشبان الأربعة و نجاة عدنان والآخرين.
    و كانت أول عملية لمجموعة الشهيد عدنان الغول عام 1985 بمناسبة غزوة بدر في شهر رمضان المبارك في كمين نصبوه شرق البوليس الحربي حيث تم وضع حاجز من السيارات القديمة حيث كانت تمر قافلة عسكرية مزودة بالمؤن و السلاح فاستطاعت المجموعة قتل الجنود و إحراق الشاحنة و الهرب بالسلاح ، وقتذاك تبع اليهود أثر المجاهدين حتى وصلوا إلى أول شارع إلى بيارة عائلة الشهيد عدنان في منطقة المغراقة لكن الله عمى عنهم أعين اليهود و تاهوا في بداية الطريق فانسحبوا دون التعرف على مكان المجاهدين ، كذلك كانت هناك عملية لأبو بلال قرب شاطئ بحر النصيرات عندما قام بنصب عبوة ناسفة موجهة نحو مركز المراقبة ثم زرع لغماً ارضياً آخر مؤقت بحيث ينفجر بعد ربع ساعة من الانفجار الأول و قد أحدثت تلك العملية هزة قوية في المنطقة .
    ثم معظم العمليات التي قام بها أبو بلال و أخوه عمر كانت في سوق فراس في اليهود الذين يحضرون للتسوق من هناك .
    و في يوم 2/8/1987م يوم عيد الأضحى استطاع عدنان الغول قتل قائد الشرطة العسكرية في القطاع ( رون طال ) و لم تستطع حينها السلطات الصهيونية القبض عليه ، رغم أنها قامت بإغلاق جميع مداخل القطاع و منعت حركة الدخول و الخروج منه ، كما منعت عشرات الألوف من العمال من الذهاب للعمل داخل الخط الأخضر و فرضت منع التجول على أجزاء كبيرة من قطاع غزة ، وأعطى هذا العمل الثقة في نفوس الفلسطينيين بالإعجاب و الارتياح.
    كذلك في 6/10 /1987 نشبت معركة حامية الوطيس عند حاجز إسرائيلي بين هذه المجموعة التي يقودها عدنان و بين قوات الأمن الإسرائيلية في حي الشجاعية و جاءت نجدة أخرى لقوات الأمن و جرت معركة حامية الوطيس ، استشهد على إثرها أربعة من أفراد حركة الجهاد الإسلامي كانوا ضمن مجموعة الشيخ عدنان و قتل حينذاك رجل الاستخبارات فيكتور أرجوان ، و قد نعت الحركة الإسلامية الشهداء الأربعة و هم ( سامي الشيخ خليل ، محمد الجمل ، أحمد حلس ، و زهدي قريقع ) و ذكرت بعض المصادر المطلعة انه سقط ربما أكثر من خمسين من قوات الاحتلال بين قتيل و جريح . و بالفعل فقد أضحت الأحداث المتوالية بعد ذلك انتفاضة شاملة و عنيفة فجرها الإسلاميون في 7/10/1987 على خلفية استشهاد هؤلاء الشبان في حي الشجاعية في قطاع غزة يوم 6/10/1987 ، فقد قام لحظتها شباب الإخوان المسلمين في القطاع بإشعال المظاهرات و المواجهات العنيفة .
    و في غزة قام شباب الكتلة الإسلامية بمسيرات ضخمة في 11/10/1987م فوضعوا المتاريس في الشوارع و قذفوا السيارات العسكرية بالحجارة و تمركزوا داخل أسوار الجامعة الإسلامية في غزة فسقط ثمانية جرحى ، كما قامت الحركات الإسلامية بعدة تظاهرات و دعت إلى إضراب شامل في أوقات مختلفة .
    بعد استشهاد محمد الجمل و سامي الشيخ خليل و زهدي قريقع و أحمد حلس في تلك العملية يوم 6 / 10 / 1987 بدأت حالة الانتفاضة تبزغ على الساحة الفلسطينية إلا أنها كان موجات مد و جزر حتى كانت عملية الدهس في جباليا و أصبحت الانتفاضة أمراً حتمياً فقامت الانتفاضة في 8 / 12 / 1987 م و التهب الشارع الفلسطيني و بدأت بوادر المعركة الإسلامية البطولية .
    بعد فجر يوم الثلاثاء 8 / 12/ 1987 انطلق المصلون من مسجد بمخيم جباليا و تبعهم آلاف من أهالي غزة الغاضبين بمن فيهم طلاب الجامعة الإسلامية للتعبير عن غضبهم و استنكارهم لحادث استشهاد أربعة شبان و جرح تسعة آخرين من أبناء غزة بعدما دهستهم سيارة نقل صهيونية .
    و بعد أن انتقل الخبر إلى مخيم جباليا حيث مقر سكن ثلاثة شهداء منهم ، انتشر الخبر في أرجاء قطاع غزة و تناقلت الأخبار حادث الاصطدام الذي تم على خلفية انتقامية لقتل مستوطن إسرائيلي في القطاع قبل ذلك بيومين من حادث الاصطدام ، وأن هناك صلة قربى بين سائق الشاحنة الإسرائيلية و المستوطن شلومو جيل الذي قتلته المقاومة ، فقامت مظاهرات صاخبة أثناء تشييع ضحايا الحادث ، و في 9/12/1987 قامت المظاهرات في مخيم جباليا ، و انطلق الشباب فجر ذلك اليوم من المسجد لرشق قوات الجيش بالحجارة لأنها حاولت التعرض للمتظاهرين ، فردت السلطات العسكرية الإسرائيلية بعنف على المتظاهرين ، فأطلقوا الأعيرة النارية و الغازات المسيلة للدموع عليها فاستشهد على إثرها الشهيد الشاب حاتم السيسي و كان أول شهيد لانتفاضة الـ87 و جرح 25 آخرين في مخيم جباليا . و هنا كانت المرحلة الجهادية الحاسمة لتاريخ عدنان الغول الذي أصبح فيها مطارداً من أجل فلسطين الحبيبة .

  • #2
    رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

    الفصل الرابع
    المطاردة
    بعد استشهاد محمد الجمل و أحمد حلس و سامي الشيخ خليل و زهدي قريقع تم اعتقال مجموعة من الشباب تمت محاصرتهم في ذلك الموقع بعد تفجير الشاحنة التي تم استهدافها و كان من بين هؤلاء المجاهدين أحد الشهداء الذي كان على علاقة بمجموعة الشيخ عدنان و التي حملت اسم " مجاهدو المغراقة " ، فبعد اعتقاله تم الاعتراف عن القائد عدنان و أخيه عمر و رياض حسان و ناهض الوحيدي جراء التحقيق و الضرب المبرح ، فبدأت منذ حينها رحلة المطاردة للشيخ عدنان الغول و كان ذلك في 13 / 10 / 1987.
    في تلك الأثناء كان شقيق عدنان الكبير "موسى "مسجوناً في أحد السجون الإسرائيلية هناك و وجد أن الجيش الإسرائيلي قد اعتقل مجموعة كبيرة من أعضاء حركة الجهاد الإسلامي فخاف كثيراً على أخويه عمر و عدنان لعلمه بالعمل العسكري المشترك بينهما ، و قد جاءت أخته زينب يومها فأخبرها بما كان فذهبت من فورها إلى البيارة في منطقة المغراقة و وجدت أن الصهاينة يحاصرون المنطقة بكاملها و قد اعتقلوا جميع أخوة أبي بلال الباقين فدخلت عنوة إلى المكان و هي تلعنهم في سرها و تدعو الله أن يحفظ إخوانها و المجاهدين
    بعد التحقيق مع جميع سكان المنطقة و إخوان الشيخ عدنان تم إطلاق سراحهم جميعاً دون أن يخرجوا بشيء منهم عن عدنان أو عن سلاح المقاومة .
    و بسبب الحنكة العسكرية و القدرة الأمنية الفائقة لدى عدنان الغول فقد اتصل بجميع أفراد مجموعته و أمرهم بعدم الذهاب إلى منازلهم أو الأماكن التي يرتادونها في ذات اليوم الذي اعتقل فيه علي القصاص و الآخرين خوفاً من الاعتقال المفاجئ ، لكن رياض حسان تعجل في ذلك و ذهب إلى منزله ذلك المساء و هناك كانت الوحدات الخاصة الإسرائيلية في انتظاره ، و اعتقلوه و في التحقيق الذي لم يصمد طويلاً تحته رياض حسان " أبو نضال " اعترف عن مكان وجود السلاح الذي حصلوا عليه من عمليات المقاومة و عمليات التهريب التي قاموا بها خلال السنوات الماضية ، و قد وجد الصهاينة مجموعة كبيرة من القنابل اليدوية و عدة قطع سلاح من نوع M16 و كلاشينكوف كانوا تحت شجرة في بيارة الغول في منطقة المغراقة .
    حينها قرر عدنان و عمر و (ن.و.) عدم تسليم أنفسهم لجيش الاحتلال الذي ظل يلاحقهم في كل مكان حتى فترة طويلة من الزمن ، و قد مكثوا حوالي أسبوعين متنقلين من مكان إلى آخر .
    فبدأت رحلة مطاردة عدنان الغول فعلياً يوم 13 / 10 / 1987م و لم تنته حتى استشهاده رحمه الله ، و كان يتنقل مع أخيه عمر من موقع إلى آخر و من مخيم إلى حي ، لكن بعد أسبوعين فقط شعر عمر - شقيق عدنان الأصغر- بالأمن فقرر زيارة أهله في البيارة و قد راقب المنطقة عن كثب أكثر من مرة فلم يجد أي من الصهاينة هناك فاستراح لعدم وجود أي من الجنود في المنطقة ، لكن عدنان ألح عليه بعدم الذهاب فالوضع لا يزال متوتراً و ملتهباً لكن عمر ذهب دون أن يلتفت إلى كلام أخيه الكبير عدنان و هناك صفعته المفاجأة فقد كان الصهاينة في انتظاره ، و يبدو أن أحد العملاء انتظر مجيء أي من الأخوين حتى يتصل بالجيش الذي كان متأهباً للحضور . وقتذاك حاصر الجيش الإسرائيلي المنزل و روعوا جميع سكانه ثم سحبوا عمر من بين أيدي أخواته و زوجته . بينما كان عدنان يراقب ذلك عن كثب كأنه كان يشعر بما سيجري ، ( و للعلم فقد حكم على عمر بالسجن لمدة 95 عاماً قضى منها حتى الآن قرابة عشرين عاماً ) و بقي عدنان و رفيقه ناهض الوحيدي مشتتين ، تائهين لا يعرفون إلى أين الطريق ؟! ، في المقابل كان الجيش الإسرائيلي ينقب الأرض كي يجدهم لكن دون فائدة .
    في تلك الأثناء تم اعتقال جميع أفراد عائلة الغول مرة أخرى بحثاً عن عدنان لكنهم لم يخرجوا بشيء ، حتى لم يبق رجلٌ من العائلة خارج سجن أنصار ، فمكثوا حوالي خمسة عشر يوماً في غرف التحقيق التي لم يخرج منها الصهاينة بأي معلومة تفيدهم بمعرفة مكان أبي بلال أو الآخرين .
    بقي عدنان و ناهض الوحيدي مطاردين من هنا إلى هناك ، و لقد كانت الأوضاع سيئة جداً تلك الفترة ، فلقد كثر البحث عن المطلوبين و كثرت الحواجز الإسرائيلية و نقاط التفتيش حتى ضاق عدنان بهم ذرعاً و أصابه الإحباط بعد وصوله نبأ اعتقال اخوته جميعاً و رجال العائلة الذين يختبئ في منزل لأحدهم في المغراقة
    فتنقل آنذاك في الأحراش ، خشية اعتراف صاحب المنزل عن مكان عدنان و ناهض الوحيدي ، و ذهبا إلى عدة مناطق فرفض سكانها إيواءهم خشية من بطش الصهاينة ، و لم يقبلهما أحد حتى أنعم الله عليهما ، و وجدوا أحد أصدقاء والد عدنان و هو الحاج سليم عطالله " أبو عدنان " -رحمه الله - و مكثا عنده قرابة أسبوع ثم انتقلا إلى مكان آخر أكثر أمناً لم يكن يعرفه سوى أحد إخوانه الذي عمل على تغيير مكان أبي بلال دائماً دون تردد .
    و قد قرر عدنان و ناهض الوحيدي بعد ذلك السفر إلى خارج حدود الوطن فكان لهم ذلك .

    الفصل الخامس
    السفر
    جاء يوم 1/1/1988م فكان على أبي بلال أن يختفي من الذاكرة ، فقرر السفر إلى مصر ، لا لأجل الاختفاء فقط بل بهدف إحضار كميات من السلاح إلى المجاهدين عن طريق أحد الأنفاق التي تم اكتشافها بعد ذلك . لقد قرر عدنان أن يختفي عدة اشهر إلى حين أن تهدأ حالة الثوران و الغليان الإسرائيلي في البحث عنه لكن قدر الله غالب .
    ذهب عدنان إلى مصر مع رفيق دربه ناهض الوحيدي في 1/1/1988 و هناك توجها إلى أحد أقرباء ( ناهض الوحيدي ) الذي كان عضواً في مجلس الشعب المصري ، و مكثوا ليلتهم الأولى عنده فاستقبلهما بالترحاب و ساعدهما بكل ما أوتي من قوة من اجل أن يجدوا أي شخص له علاقة بالصفقات التجارية في السوق السوداء لشراء السلاح ، لكنهم لم يجدوا سوى مسدس و كارلو عند أحد الأفراد و هو عدد غير كافٍ لحمله إلى غزة . بعد أيام اتصل عدنان بأحد أقربائه في القاهرة و ذهبا إليه و حين وصل عدنان و ناهض الوحيدي إلى هناك طلب منهما قريب عدنان بأن يسلما أنفسهما إلى الجانب المصري لأن ذلك أكثر أمناً لهم ، لكنهما و قبل أن يتخذا أي قرار كانت قوات الأمن المصري قد حاصرت المكان ثم اعتقلتهما و تم وضعهما في التخشيبة حتى يتم البت في أمرهم .
    كان قائد الحملة شاب يافع يدعى حسام و هو مسؤول الأمن عن الفلسطينيين و قد أخذ عدنان و ناهض الوحيدي إلى السجن و هناك تم استجوابهما بكل أدب و لطف ، و لم يسلموهما إلى الجانب الإسرائيلي كما كان يخشى عدنان ، بل جاء مندوب منظمة التحرير الفلسطينية حتى يتم ترحيلهما إلى أية دولة لكنهما فوجئا بأنه قد تم ترحيلهما إلى سجن القناطر في القاهرة ( القليوبية ) و مكثا هناك مدة تزيد عن الثلاثة شهور .
    داخل غرفة السجن تعرف عدنان على مجموعة كبيرة من الفلسطينيين ، فقد كانت الزنزانة تعج بالسجناء و كان عددهم خمسين سجيناً على ذمة الترحيل أغلبهم مصريين و البقية من الجماعات الإسلامية غير المصرية ، فكان هناك ( علي عثمان ) و ( محمد ن. ) من الجبهة الشعبية و اللذين خططا لاختطاف طائرة كليلى خالد و إنزالها في أي بلد للمطالبة بانسحاب اليهود من فلسطين . إلا أن علي و محمد شعرا بأنه قد تم تسليمهما باليد دون تخطيط للعمل الذي كانا يحضران له .
    داخل السجن مكث عدنان و ناهض الوحيدي فترة مؤلمة ، فلم يكونا قد تعودا على السجن ، و قد تاقت نفسهما للجهاد ، ثم جاءهم مسؤول من منظمة التحرير الفلسطينية هناك و أحضر إليهما مبلغا زهيدا من المال الذي لم يقبله أي من عدنان أو ناهض الوحيدي لأنهما استهانا بذلك و لأنهما كانا قد أخذا معهما مبلغاً جيداً من المال يقدّر بألفين دولار .
    و من السجن اتصلا بـالأخ (خليل) و هو من أفراد حركة الجهاد الإسلامي و يقطن في دولة الإمارات و طلبا أن يرسل لهما تذاكر طيران كي يغادرا السجن إلى أي بلد عربي ، فمنظمة التحرير الفلسطينية لم تأبه لأي من السجناء الفلسطينيين داخل السجون المصرية و لم تحضر لأحد ثمن التذاكر .
    بعد فترة قليلة من الزمن جاءت تأشيرتان لدخول العراق إحداهما لعدنان و الأخرى لناهض الوحيدي ، و سبحان العلام مقدر الأمور سافر ناهض الوحيدي و بقي عدنان بسبب خطأ بالاسم في تلك التأشيرة التي كانت تحمل اسم عدنان و عدنان كما أسلفت الاسم غير الرسمي له ، بل الاسم كما هو مدرج في الأوراق الرسمية الثبوتية كان " يحيى " ، فبقي عدنان في السجن منتظراً تعديل التأشيرة التي لم تأت .
    و كان قدر الله أن تأتي تأشيرة لعدنان إلى سوريا و ليست إلى العراق كما ناهض الوحيدي ، و قد أوصله المصريون إلى باب الطائرة خوفاً من هربه إلى داخل مصر و العودة إلى غزة مرة أخرى ، و في 21 / 3 / 1988 كان عدنان في مطار دمشق الدولي بعد مكوثه يوماً و ليلة داخل مطار القاهرة ، و حين وصل عدنان اخبر السوريين أنه من رفح و بعد وضع الحدود تم ترحليه لأنه فلسطيني بقي في مصر و قد كان هذا ما أخبره المصريون لعدنان كي يخبر به السوريين .
    عدنان في سورية
    وصل عدنان دمشق و منها انطلق إلى مخيم اليرموك و بدأ يسأل عن أحد أقربائه و قد وجده فرحب الأخير به و استضافه في منزله عدة أيام ، لكن عدنان فوجئ بأن معظم الفلسطينيين في سوريا لا يأبهون بأحوال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة إنما يشغلهم الخمر و حب الرئاسة فجعله ذلك يترك قريبه ذاك على وجه الخصوص .
    بعد أيام اتجه عدنان إلى مكتب الجبهة الشعبية بحثاً عن الحاج (حافظ البرقموني ) و الأخ (رمضان ) ، و قد كان هذان الرجلان يعملان في مكتب الجبهة الشعبية – القيادة العامة التابعة لأحمد جبريل ، و كان هدف عدنان من الذهاب إليهما بسبب اعتناقهما الفكر الإسلامي ، فقد عرف عدنان عنهما كل شيء داخل السجن عن طريق أحد السجناء الذي شرح له الميول الإسلامية لهذين القائدين في القيادة العامة في سوريا فرغب عدنان بالاتصال بهما لفتح خط جديد لمشروع المقاومة الذي لم يتركه حتى بعد سفره ضمن تنظيم إسلامي معلن.
    لم يكن في تلك الحقبة من الزمن أي امتداد للحركة الإسلامية أو الفكر الإسلامي في الخارج سوى بعض الأشخاص من حركة فتح و الجبهة الشعبية الذين تبنوا الخط الإسلامي بشكل فردي
    أما بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا فقد كانت شبه منعدمة تماماً لأنها كانت تعتبر تنظيماً غير مرغوب به لدى الزعماء العرب كما هم اليوم أيضاً ، فلا وجود علني لجماعة الإخوان المسلمين ، و قد كانوا مضطهدين في السجون السورية و استشهد عدد كبير منهم هناك في حماة و في أغلب البقاع الأخرى .
    و بالرغم من ظهور حركة حماس في فلسطين كباقي التنظيمات إلا أنها لم تكن موجودة في سوريا ، و لم يكن لها أي خط هناك أو اتصال بالتنظيمات الأخرى بسبب الهجمة الشرسة على جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر الأم لحركة حماس .
    بالنسبة للحالة الإسلامية في سوريا كما أسلفت فقد كانت غير مستقرة أو ثابتة بل كانت فقط عند بعض الأشخاص الذين يحاولون إيجاد الفكر الإسلامي الجهادي هناك ضد المحتل الغاصب .
    ذهب عدنان إلى مكتب الجبهة الشعبية في مخيم اليرموك للسؤال عن الحاج حافظ البرقموني لكن جهاز الأمن في المكتب أوقف عدنان و سأله عن سبب السؤال و تم التحقيق معه بسبب ذلك ، فذكر لهم عدنان أعماله في فلسطين و سبب ترحيله إلى سوريا و كيفية التعرف على اسم الحاج حافظ البرقموني ، فأعطاه أعضاء المكتب كي يعبئ ذاتية عن أعماله في فلسطين و قد فعل .
    في ذلك الوقت كان الحاج حافظ البرقموني في ألمانيا يحضر لعملية ضخمة إلا أنه اعتقل هناك قبل تحقيق مراده و كان على عدنان أن يقابل جهاز الأمن في مكتب الجبهة الشعبية – القيادة العامة كل يوم .
    تعرّف حينها عدنان إلى عبد العزيز الذي بدوره عرّفه على الحاج حافظ بعد عودته من ألمانيا .
    تحدث عدنان للحاج حافظ البرقموني عن عملياته في فلسطين و جهاده ضد الصهاينة المحتلين و نيته للعمل في تنظيم يحمل الفكر الإسلامي و العمل على تلك الأرضية .
    أخذ الحاج حافظ زميله عدنان و أتصل بجهاز الأمن و طلب منهم عدم التعرض لأبي بلال أو محاولة السؤال عنه ، و قد صنع لعدنان كرنيه للجبهة الشعبية - القيادة العامة التي لا زالت توالي النظام السوري . المشكلة التي وقعت بعد ذلك مع عدنان أن جهاز الأمن في الجبهة كان قد أرسل اسم عدنان لأجهزة الأمن السورية التي بعثت بدورها لعدنان أكثر من مرة و بعد 15 يوماً تركوه و وضعوا له ملف عندهم ، و حاولوا أن يجذبوه كي يعمل لحسابهم في سوريا إلا أنه رفض و أخبرهم بأنه يعمل مع الحاج حافظ البرقموني الموالي لهم فتركوه و لم يرسلوا له بعد ذلك .

    الفصل السادس
    العمل التنظيمي في سوريا
    بدأ عدنان العمل مع الحاج حافظ البرقموني في مكتب الجبهة الشعبية – القيادة العامة إلى أن جاء فايز الأسود بعد أن تم الكشف عن خلية عسكرية في فلسطين تضمنت اسمه في القائمة ، فسافر إلى سورية مطارداً من الاحتلال الإسرائيلي و قد التقى به عدنان الغول هناك .
    فايز الأسود كان دائم التنقل من دولة لأخرى محاولاً طرح التيار الجهادي الإسلامي فذهب إلى السودان داعياً لتلك الفكرة ثم انتقل إلى سوريا أخيراً ليكمل مشواره في عرض وجهة نظره ، و قد كان يحصل على الدعم المادي من أحد الأشخاص السعوديين الذين شاركوه فكرته .
    في سورية التقى عدنان بفايز و قاموا بتشكيل تنظيم إسلامي سموه ( الجماعة الإسلامية ) و هي مجموعة كانت مكونة أصلاً في السودان ، و من ثم بدأ فايز يحضر من جديد الدعم المادي من السعودية ثم يتم إرسالها إلى غزة إلى بعض المجموعات التي كونها فايز قبل هروبه إلى مصر .
    حاول فايز تبني عمليات عدنان التي قام بها في فلسطين بعد أن اتفق مع عدنان على العمل المشترك فيما بينهما إلا أن عدنان رفض ذلك لأن عدنان كان يدرك من خلال الحوار أن فايز كان يسعى لإظهار نفسه كقائد لهذه العمليات ، أيضاً ليحصل على الدعم المادي من الخليج العربي من خلال تبني عمليات الآخرين . و حين رفض عدنان ذلك الأمر طلب فايز منه مغادرة سورية إلى السودان كي يقود المجموعات المكونة هناك و أعطاه أموالاً تكفيه له و للجماعة ، لكن عدنان استهجن ذلك المطلب و استغرب منه ، فكيف يترك سورية القريبة من الحدود الفلسطينية و الأرض الخصبة للعمل العسكري ثم يذهب إلى السودان البعيدة كل البعد عن فلسطين ؟!
    حاول عدنان التوجه لاحقاً إلى لبنان و الالتحاق بجماعة التوحيد الإسلامية أو الجماعة الإسلامية لكنه لم ينجح في ذلك .
    كان (ش. ع.) الذي تبنى الخط الإسلامي يمتلك مزرعة مع أحد إخوانه في الجبهة الشعبية- القيادة العامة في منطقة درعا ، فاتفق عدنان مع ( ش. ع.) بأن يمكث الأول في مزرعته كي يبدأوا بالتخطيط للعمل الجهادي في فلسطين .
    و في صيف 1988 في قرية جليين في درعا على شفا واد اليرموك و بمنزل يجاور أرض يمتلكها يهودي من القطاع استقر المقام بعدنان ، لأن تلك الأرض كانت تذكره بفلسطين و كيف اغتصبها الصهاينة ، فقد كانت المزرعة تشبه النجمة السداسية و جميع سكان المنطقة يعرفون ذلك المنزل ، فبعض العمال السوريين يعملون هناك لأن ذلك اليهودي إقطاعي كبير . أحب عدنان تلك المنطقة و قرر أن يبدأ من خلالها باستطلاع الحدود و العمل العسكري .
    هناك تعرف عدنان على ( ك. ق. ) الذي كان يعمل في الكفاح المسلح في لبنان و على ( ا. ل. ) الذي انشق عن حركة فتح و الذي تبنى تنظيم ( الحركة الإسلامية المجاهدة ) و ( أ. ع. ) أحد أعضاء حركة فتح و ( م. ش. ) الذي لحق بحركة الجهاد الإسلامي لاحقاً و ( القائد جهاد العمارين رحمه الله ) .
    كان جميع هؤلاء الشبان يحملون الفكر الجهادي الإسلامي فأرادوا أن يقوموا بعملية لحركة فتح رغم فكرهم الإسلامي و رفضهم العلمانية القائمة في ذلك التنظيم . بدأ عدنان يتعرف على هؤلاء الشبان عن طريق ( ك. ق.) الذي كانت له بقالة و هو مسؤول المكتب السري هناك كما أن له مستودع أسلحة كبير و علاقات جيدة مع حزب الله في لبنان .
    طلب كمال من عدنان الذهاب إلى لبنان لأنه أقرب إلى الجو الإسلامي خصوصاً في تلك المرحلة التي كانت مرحلة الإبعاد الأولى لبعض المجاهدين الفلسطينيين فوافق عدنان على ذلك .
    مرحلة أحمد مهنا
    في نهاية عام 1988 تم إبعاد أحمد مهنا إلى لبنان ، فانطلق أحمد من لبنان إلى سورية ، و قد كان أحمد مهنا يعمل ضمن حركة الجهاد الإسلامي و كان أسطورة في التحقيق ، صمد أمام المخابرات السورية التي ظلت تحقق معه فترة طويلة دون أن يخرجوا منه بشيء ، فتركوه .
    كان أحمد مهنا حالة تغيير لحياة و واقع أبي بلال ، بل حالة تغيير للشباب الفلسطيني في سورية و لبنان جميعاً و يقول عنه عبد العزيز الميناوي " أنه كان حالة قوية ، جاء و طرح نفسه عند المخابرات السورية بمساعدة شخص له علاقات جيدة مع المخابرات السورية و آخر مقربين للمخابرات السورية .
    جاء أحمد مهنا يبحث عن عدنان لأنه كان يعرف عنه أشياء كثيرة في غزة و عن توجهه الإسلامي ، فجاء و اجتمع بعدنان و قد كان عدنان مريضاً آنذاك . بدأ كلاهما يبحث عن كل شاب له توجه إسلامي حتى صار هناك حالة إسلامية واضحة على الأرض في سورية ، " يقول عدنان في أحمد أنه كان نشيطاً جداً لم يعرف الملل أو الكلل بكل كان يمتاز بالتعبئة و التجنيد . لكن ما يعيبه فقط قصوره في متابعة و مراعاة الحالة التنظيمية لأنه كان يهتم بالكم دون أن يعادل معه الكيف " .
    في الوقت الذي تعرف فيه عدنان على أحمد كان الفصل شتاءً و قد كان الوقت وقت كرب شديد على عدنان ، فقد كان يقطن في درعا و قد اشتد به المرض بسبب ( الروماتزم ) الذي يعاني منه إلا أن عدنان التقى بأحمد و هناك كان المعقل الأول في قاموس المقاومة الجديدة في حياته بالخارج .
    تعرف أحمد إلى عدنان عن طريق ( شعبان فرج الله ) الذي يعتبر أحد أفراد حركة فتح و الذي تبنى بعد ذلك الفكر الإسلامي و توفي في السودان عليه رحمة الله .
    تحدث أحمد إلى عدنان عن الجهاد الإسلامي و أخبره بنيته بتكوين تنظيم لحركة الجهاد الإسلامي من جديد و بطريقة جديدة فوافق عدنان على العمل معه في ذلك .
    أسس احمد مهنا في سوريا حركة الجهاد الإسلامي بهيكلها الجديد تحت إشراف فتحي الشقاقي في الخارج و قد فتح خط اتصال أيضاً مع أحد الاشخاص الذي لعب دوراً مهماً في المقاومة مع عدنان .
    انتقل عدنان أثناء ذلك من درعا إلى دمشق و اتفقوا مع المخابرات السورية على العمل كي لا تتم ملاحقتهم من قبل أجهزة المخابرات السورية داخل حدودهم ، و صار عدنان يعمل علنياً دون أن يريب جهاز المخابرات بل زيادة على ذلك ذهب عدنان إلى المخيمات الفلسطينية في سوريا و بدأ يطرح مع أحمد مهنا فكرة الجهاد الإسلامي في فلسطين .
    حتى ذلك الحين لم يكن عدنان بصحة جيدة ، فرغم تنقله و رغم عمله إلا أن مرض الروماتزم كان يؤلمه جداً ، فأخبره أحمد مهنا بأنه حين يخف الألم سوف يذهب معه إلى لبنان للحصول على عدة دورات عسكرية تلقاها عدنان بعد ذلك غيرت مجريات المعركة الفلسطينية الإسرائيلية اليوم . و قد ذهب أحمد مهنا مع أبي بلال إلى المستشفى و تم معالجته و قد اشترى له أحمد الدواء .
    بدأ عدنان نشاطه في مخيم اليرموك بعد حصوله على مجموعة كبيرة من الدورات العسكرية برعاية تنظيم حزب الله في جنوب لبنان . و مع مرور الزمن بدأ المجاهدون الفلسطينيون يتوافدون إلى سوريا من الجزائر و ليبيا و فلسطين و السودان ، فحضر من الجزائر أمثال رمضان شلح و ( ب. ن ). و ( ص. ع. ) ، و كانت مهمة عدنان استقبال الفلسطينيين القادمين من الدول العربية الأخرى كي يتم إرسالهم إلى لبنان للتدريب العسكري ، فعمل عدنان تجمعاً في سوريا كما في لبنان و أشرف عليهم ، فكان يستأجر المنازل للشبان القادمين و يأخذهم في جولات سياحية للتعرف على المدن في سوريا و المخيمات الفلسطينية و من ثم يعمل على تهيئتهم للذهاب إلى لبنان كي يتم استيعابهم ضمن دورات تدريب عسكرية و أمنية .
    في عام 1989 جاءت زوجة عدنان إلى سوريا بعد أن أعادها اليهود عدة مرات من الحدود ، فقد كان عدنان قد مهد لها العيش في سوريا مع الأولاد ، فاستأجر لها و للأولاد منزلاً لا بأس به و سجل أبناءه في مدارس مخيم اليرموك .
    في ذلك العام بدأ يظهر صراع خفي بين فتحي الشقاقي و أحمد مهنا لأن الشقاقي كان يشعر بأن مهنا يتجاهل أوامره و لا يلتزم بالتعليمات أو القرارات التي تصدر من خلاله ، و لأن أحمد لا يستشيره في كثير من الأمور التي يفعلها فلا يعود فيها إلى قيادة الحركة المتمثلة في شخص فتحي الشقاقي .
    اتخذ أحمد مهنا معسكراً جديداً في درعا و هذا المعسكر كان يتبع لجبهة النضال الشعبي المنشقة عن سمير غوشة و هم يعملون مع سوريا ، و قد فتح معهم أحمد خط اتصال للعمل باسم حركة الجهاد الإسلامي و قد كان المعسكر كبيراً جداً ، فكان يستوعب أكثر من خمسمائة شخص . أخذ أحمد مهنا جزءاً من ذلك المعسكر كي يقوم بتدريب القادمين من الأراضي الفلسطينية و الخارج ، و بما أن عدنان هو أكفأ رجل عسكري في ذلك التنظيم لامتلاكه دورات متنوعة في العمل العسكري حصل عليها في سوريا و لبنان ، فقد بدأ بتدريب الشباب و تجهيزهم للخوض في غمار العمليات العسكرية على الحدود و في كل مكان يستطيعون الوصول إليه .
    أثناء وجود عدنان مع هؤلاء الشباب شعر أبو بلال بقصورهم في الناحية الروحانية و الإيمانية و قد كان بعضهم لا يعرف كيفية الوضوء ، فلم يكن الاهتمام من قبل أحمد مهنا في ضم الشباب لحركة الجهاد الإسلامي سوى حشد أكبر عدد لفكرته ، فأخذ عدنان على عاتقه عملاً جديداً أسنده إلى نفسه و هو تربية الشباب إيمانياً و أخلاقياً و روحانياً ، فعاد في تلك اللحظة إلى جذوره ، وكما أسلفت في الفصل الثاني بأن عدنان كان من الدعاة البارزين في مخيم النصيرات ، فصار دائم التذكير لهم بالله و الصلاة و الجنة و النار مستخدماً في خطابه معهم جانب الترقيق و الترغيب فبدأ ينمو لدى هؤلاء الرجال تيار الوعي الديني الذي تبناه عدنان في تربيتهم خلال التدريب العسكري .
    و ما بين عامي 1989 و 1990 بدأ الصراع بين الدكتور فتحي الشقاقي و أحمد مهنا يزداد و بانت بوادر الانشقاق .
    حضر فتحي الشقاقي إلى سوريا آنذاك و كان يريد السيطرة على كل شيء فحاول ضم كل ما تطوله يده و إلغاء دور أحمد مهنا بالكامل ، في المقابل تعاطف عدنان مع مهنا رفيق دربه ضد الدكتور الشقاقي ، و قد زادت حدة الصراع و بدأت تظهر معالمه على الساحة . في النهاية وقف عبد الناصر المسؤول الكبير في الجهاد الإسلامي إلى جانب أحمد مهنا و قاموا بتنظيم تيار منفصل عن حركة الجهاد الإسلامي . حينذاك طلب منهم الدكتور فتحي الشقاقي تغيير اسم حركتهم لأنه هو من أسس الجهاد الإسلامي ، فتبنوا اسماً جديداً لحركتهم و هو ( حزب الله فلسطين ) الذي قاد فيه عدنان الجهاز العسكري بأكمله حتى عودته إلى أحضان جماعة الإخوان المسلمين .
    بدأ حزب الله فلسطين العمل بفتح خط مع بعض الإيرانيين الذين يعملون في سوريا و بدأ التنظيم يستلم الدعم من إيران مقابل العمل العسكري ضد إسرائيل ، فلقد وفرت إيران في ذلك كل الإمكانيات لعدة عمليات منها عملية الإسماعيلية التي لمع فيها نجم ذلك التنظيم الجديد .

    الفصل السابع
    العودة إلى أحضان الإخوان
    عمل عدنان الغول في درعا فترة طويلة من الزمن ، و حتى تلك الفترة لم يكن أي من أبناء حركة المقاومة الإسلامية حماس قد اتجه إلى سوريا خوفاً من بطش الحكومة السورية التي حاربت و قتلت أبناء جماعة الإخوان المسلمين في حماة و باقي القرى و المدن السورية و التي أعلنت الحرب على الجماعة و أظهرت المجازر و حملات الاعتقال و التعذيب داخل السجون السورية مدى الحقد المتربع في قلوب الحكومات العربية على هذه الجماعة الربانية ، لذلك اتجه معظم شباب حركة حماس إلى السودان و ليبيا و الجزائر و بعض الدول الغربية .
    في تلك الفترة جاء ( م. م. ) و ( م. ن. الملقب بأبو صهيب ) إلى سوريا و كانا يعملان ضمن جهاز كتائب القسام الجهاز العسكري التابع لحركة حماس ، و كان محمود أول شخص يصل إلى سورية من أبناء حركة حماس وكان المسؤول المباشر عن (م. ن.) . فقد فرّا من غزة متجهين إلى مصر و منها إلى ليبيا ثم إلى سورية عن طريق أحد الأشخاص و تمثلت مهمتهما رصد و معاينة الوضع في سورية و التحضير لحضور المجاهدين من حركة حماس إلى سورية لقربها من الحدود مع فلسطين.
    حضر الأخوان و مكثا عند أحمد مهنا ، و خلال تلك الإقامة تعرف عليهما عدنان الغول ثم أخذ أبو بلال بعد ذلك جولاته السياحية معهما للمخيمات الفلسطينية و القرى و المدن السورية ، و خلال الرحلات السياحية التي قام بها عدنان معهما طلب منهم بأن يخبرا جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين بأن الوضع آمن في سورية و يتوجب عليهم الحضور و المشاركة في الجهاد من خلال الأراضي السورية .
    خلال تلك الحقبة عمل عدنان معهما في التخطيط لعمليات خطف جنود صهاينة و كان ما يزال يعمل مع حزب الله فلسطين بقيادة أحمد مهنا . و بعد فترة وجيزة أيضاً حضر ( ع. خ.) و انضم إلى الشخصين الأولين ثم اتجه ثلاثتهم إلى لبنان عن طريق الجبهة الشعبية – القيادة العامة ، و عن طريق جماعة الشيخ حافظ البرقموني تخصيصاً ، فسكنوا منطقة البقاع بالجنوب و هناك تعرفوا على ( علي صالح ) الذي انشق عن حركة فتح و اتجه إلى جماعة التوحيد الإسلامي و قد حصل الثلاثة على دورة عسكرية ممتازة أعدها لهم القائد عدنان و بعد شهرين عادوا مرة أخرى إلى سورية .
    بعد ذلك وقع خلاف بين عدنان الغول و أحمد مهنا لأن الأخير لم يعد يتابع المجموعات المسلحة بصورة دائمة ، و بدأ يهمل النظر إلى احتياجاتهم ، أثناء ذلك طلب فتحي الشقاقي من عدنان العمل معه ضمن قيادة حركة الجهاد الإسلامي فوافق عدنان على العمل مع الشقاقي لرغبته في لفت نظر مهنا إلى أهمية الاهتمام بالشباب المجاهد الذي بدأ يتفلّت عنه فكرته .
    آنذاك حضر فايز الأسود إلى سوريا من جديد و بدأ بتشكيل تنظيم جديد يختلف عن سابقه و يتكون من أفراد حركة الجهاد الإسلامي أنفسهم إلا أنه سمى ذلك التنظيم باسم ( كتائب الأقصى ) و طلب من عدنان العمل معه أو مساعدته فتطوع عدنان بمساعدة فايز الأسود على تدريب الشباب على تركيب المواد المتفجرة و التدرب على الأسلحة الثقيلة .
    لذلك ذهب عدنان إلى لبنان و بدأ بتدريب المجاهدين في قلعة تقع في مدينة طرابلس بلبنان ، و تم الذهاب إلى هناك بمساعدة أحد رجال الاستخبارات السورية الذي تم تجنيده لصالح حركة الجهاد الإسلامي .
    في الوقت الذي بدأ فيه عدنان بمساعدة فايز الأسود فوجئ بأن الأخير قد ذهب إلى الرئيس ياسر عرفات و أخبره بالحالة الإسلامية التي تبناها و التي سعى في تحقيقها فتم احتواء فايز الأسود و تنظيم ( كتائب الأقصى ) من قبل منظمة التحرير الفلسطينية و ذلك حتى يقف في وجه حركة المقاومة الإسلامية حماس التي بدأ عملها العسكري ينتشر في أجزاء الوطن المبعثر و بدأت حالة التغلغل في الشباب المسلم داخل فلسطين على إثر ذلك قام عدنان بالانفصال عن فايز الأسود و قطع الاتصال معه بسبب احتواء المنظمة له و لأنه اتجه في العمل مع الشيخ أسعد التميمي الذي كان يمد فايز الأسود بالمال الكثير .
    حماس في سورية
    بدأ يتوافد كثير من المطاردين في فلسطين إلى سوريا و كان بعضهم يعمل ضمن مجموعات مسلحة تابعة لحركة حماس في قطاع غزة و بدأ (م. م. ) يعمل ضمن هذه المساحة التي بدأت تعج بالمجاهدين من أبناء حركته ، و أحضر مع عدنان كمية كبيرة من السلاح و القنابل و قذائف الهاون و أسلحة ثقيلة أخرى لهؤلاء الشباب كي يتم استيعابهم في دورات جديدة سيشرف عليها المدرب الأول و قائد المدربين في سوريا عدنان الغول .
    ترك عدنان حزب الله فلسطين رسمياً في بداية عام 1992 و اجتمع مع ( ج. ن.) كي يعود رسمياً إلى أحضان جماعة الإخوان المسلمين و إلى حركة حماس بشكل نهائي لا رجعة فيه و قد تم ذلك بسهولة بسبب سجله الحافل في العمل العسكري و تاريخه المشّرف بالعمليات التي هزت كيان الاحتلال الإسرائيلي كذلك بسبب انتمائه الأول إلى جماعة الإخوان المسلمين ، لذلك تم استيعابه ضمن القيادة العسكرية الأولى للحركة في سورية .
    طبيعة العمل في سورية مع حماس
    لقد كان وجود بعض الأفراد من حركة المقاومة الإسلامية حماس في سوريا قليلاً جداً ، و قد كانت طبيعة عملهم هناك تقتصر على الدور الإعلامي و السياسي فقط خوفاً من التصادم مع المخابرات السورية ، لذلك افتتحوا مكتباً لحركة حماس في مخيم اليرموك و بدأت بوادر العمل العسكري وقتذاك تتضح من خلاله بشكل علني ، و لذلك تم تكليف عدنان من قيادة الحركة داخل القطاع بالحصول على السلاح و تجميع اكبر قدر ممكن منه ثم تخزينه و فتح أي خط مع الجبهة الشعبية – القيادة العامة لإحضار الشباب و تدريبهم على السلاح .
    طرح عدنان و بعض المجاهدين على الاخوة في حركة حماس بسوريا إحضار كميات من السلاح من الأردن و إرسالها إلى الأرض المحتلة عن طريق الحدود الأردنية و ليس عن طريق الحدود السورية ليتم تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأرض المحتلة و قد وافقت حركة حماس على ذلك بشرط ألا يعرّض عدنان نفسه للخطر أو أن يتصادم مع الحكومة السورية . بناء على ذلك تم تهريب بعض السلاح لكن الله قدّر بأن يتم ضبطه و اعتقال الأشخاص المكلفين بإيصال السلاح إلى فلسطين المحتلة و لم تتم بعد ذلك أي محاولة لإرسال السلاح من هناك .
    بدأ عدنان و الآخرون بشراء السلاح و تخزينه و استمروا في ذلك حتى تم جمع أكبر كمية من السلاح و كانت تحتوي على قذائف RBJ و C4 و قذائف هاون و أسلحة خفيفة و قنابل .
    في تلك الفترة حصل عدنان على دورات جديدة في علم المتفجرات و كانت مكثفة و متعددة حتى أضحى لعدنان قدرة فائقة على تصنيع الأسلحة و الصواريخ مع توفر الإمكانيات الموجودة هناك ، كذلك عمل عدنان على توصيل الشباب إلى الموقع العسكري من جديد ثم إعادتهم إلى بيوتهم بعد السفر إلى لبنان و كان من بين هؤلاء الشبان القائد الشهيد عماد عباس الذي تعرف على أبي بلال في سورية و حصل على عدة دورات عسكرية على يديه ، فظل يكن لعدنان التقدير و الاحترام إلى أن عاد إلى أرض الوطن و عاد يعمل مع قائده من جديد لكن ليس في سوريا أو أي بلد آخر ، بل في بلده الأم فلسطين .
    ما بين عامي 1992 و 1993 زاد النشاط العسكري في سورية و أضاف عدنان إلى ذلك عرضه على الأخوة في حركة حماس خبيراً عسكرياً يعمل على الحدود و قد كان يستطلع عدنان من خلاله على الحدود السورية الفلسطينية ، استفاد الاخوة من خلال هذا الشخص بالكثير من عمليات التهريب و التدريب و حماية المجاهدين . كذلك كان يساعدهم ذلك الشخص على إحضار تصاريح من المخابرات السورية لتهريب البعض إلى حيث تشاء الحركة .
    كان عدنان مرافقاً لذلك الشخص على دراجته النارية يستطلعون الحدود و يخططون لعمليات تراودهم و كان أيضاً دائم الذهاب مع هذا الشخص إلى لبنان لزيارة الاخوة المبعدين من حركتي حماس و الجهاد الإسلامي ، و كان كما يذكر لي أبو حذيفة أحد المبعدين إلى مرج الزهور بأنه كان دائم الزيارة لمرج الزهور ، يحضر و يمكث إلى آخر الليل بجوار أحبابه هناك فترة من الزمن ثم يعود أدراجه بدراجته النارية .
    كذلك و بتلك الدراجة خصوصاً وصل عدنان يوماً إلى السياج الفاصل بين الحدود السورية الفلسطينية و ظل يراقب الحدود ليرسم خطة راودت نفسه بحفر نفق من سورية إلى داخل الخط الأخضر لأن المسافة الفاصلة قليلة و قريبة جداً ، فيتم من خلال النفق إرسال استشهاديين و مجاهدين لخطف جنود صهاينة و المساومة عليهم بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المعتقلين لدى الجيش الإسرائيلي . هذا الحلم راود عدنان و عرضه على قيادة الحركة السياسية و العسكرية في الداخل و الخارج لكنه قوبل بالرفض من قبل الأخوة في قيادة حركة حماس لتخوف القيادة من حساسية الوضع مع الحكومة السورية .
    استاء عدنان من ذلك بسبب توفر الإمكانيات و وجود الخطة و جاهزية بعض الشباب على خوض غمار تلك المعركة . فكر عدنان بعد ذلك في العودة إلى فلسطين و حاول أن ينفذ قراره في العودة بسرعة بسبب شعوره بأنه قد قدّم كل ما لديه للفلسطينيين في الخارج و عليه تقديم شيئاً لمن هم في أرض المعركة الحقيقية كذلك رغبته في احتضان الأرض من جديد .
    و ظل يبحث عدنان على وسيلة للعودة إلى غزة حتى قدّر الله من يأخذ بيده و يعود به إلى هناك مكملاً مشواره الذي بدأه .

    الفصل الثامن
    العودة إلى غزة
    حين راودت عدنان فكرة العودة إلى غزة كان يقطن في منزل بمنطقة جليين و كانت له مزرعة هناك ، و منطقة جليين تقع على الحدود السورية الأردنية ، و المزرعة تحديداً كانت على شفا واد اليرموك .
    أول شيء طرأ علي عدنان بعد ذلك هو تزوير جواز سفر سوري باسم أي شخص يحمل اسم غير اسمه لأنه لن يستطيع السفر باسمه الحقيقي بسبب أن الحكومات العربية كانت في تلك الحقبة تضع اسمه ضمن قائمة الأشخاص المطلوبين لديها .
    باع عدنان مزرعته لبدوي شاب عمل في الجيش السوري فترة من الزمن ، و قد حصل من ذلك على جواز سفر ذلك البدوي و ورقة تجنيد تذكر أنه تطوع في الجيش السوري كي يتم تسهيل الأمر أكثر ، كان ذلك مع بداية عام 1994 و قد عمل عدنان جميع إجراءات السفر في الداخل و الخارج تمهيداً للعودة إلى فلسطين ، خلال ذلك وفرت حركة حماس لعدنان المال اللازم لتلك الرحلة و قد تم تزوير الجواز و كل الوثائق اللازمة للسفر بسهولة و دون أي إشكالية تذكر .
    خرج عدنان بعد ذلك مع مجموعة من الشبان السوريين إلى مصر في رحلة سياحية و قد سافروا عن طريق البر بباص ذو حجم صغير اتجه من دمشق إلى عمان . قطع عدنان تذكرة سفر كأنه ذاهب إلى ليبيا و قد كان الذهاب إلى مصر مجرد مرور ترانزيت لا أكثر ، و كان لديه جواز سفره المزور ، فانطلق من عمان إلى العقبة ثم منها إلى نويبع ، و كان السفر إلى العقبة مغامرة لا تحمد عقباها لأن السوريين لو اكتشفوا تزوير الجواز فسوف يسجنوه مدة طويلة قد تتجاوز العشرة أعوام و قد يقتل دون أن يعلم به أحد .
    في ميناء نويبع دخل عدنان لدي المصريين و ختم جواز السفر ثم انطلق مع أصدقائه السوريين - الذين ليس لديهم أي علم بما يفكر به عدنان على الإطلاق – إلى فندق في القاهرة ، و هناك اعتذر عدنان من مشرف الرحلة كأنه ذاهب إلى مكان معين قريب و لن يتأخر ، فهرب إلى العريش و هناك كان في انتظاره رجلين من صيادي غزة جاءوا فقط لتهريبه ( و قد كان لديهم قارب يحمل موتورين حتى يكون ذا سرعة كبيرة ) .
    في العريش مكث عدنان قرابة أسبوع حاول خلالها جاهداً أن يحصل على صفقات سلاح و بعض الصواعق قبل أن يغادر إلى مدينة غزة ، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل ، فاتفق أبو بلال مع الرجل الذي كان يؤويه في العريش على أن يحضر له مادة الـTNT و أن يرسلها إليه في غزة عن طريق أحد الأشخاص الذين كانوا حلقة الوصل في مصر لرجال المقاومة .
    في 5 / 8 / 1994 انطلق القارب من مدينة العريش فجراً متجهاً إلى مدينة غزة ليصل ذلك القارب بحر النصيرات بعد صلاة العصر بقليل ليصلي عدنان العصر هناك في غزة و يعانق التراب الذي تاق لرؤيته و تقبيله .
    بعض المجاهدين كانوا قد نسقوا لعدنان عودته إلى غزة كانوا في انتظاره على شاطئ بحر الزوايده ، و ظلوا يراقبون الطراد الإسرائيلي عن كثب خشية من ملاحقته للقارب الذي يحمل القائد عدنان إلى غزة ، و حين وصل القائد الكبير كانت لحظات رائعة تجللت بالعناق و بكاء الفرح ، فكم كانت من لحظة رائعة أن يتجمع البعض إلى جوار قائدهم الذي عايشوه من قبل هنا و في الخارج .
    ملاحظة /
    بالنسبة لزوجة القائد عدنان الغول و أبنائه فقد عادوا إلى مدينة غزة قبل عودة القائد بأسبوع لتمهيد الطريق و المكان الذي سيأوي إليه أبو بلال ، كذلك لإيصال بعض الرسائل التي كانت تحتاج إلى إيصال سريع لبعض الشخصيات الفلسطينية داخل الحركة الإسلامية .


    الفصل التاسع
    غزة و العمل العسكري مرة أخرى
    استأجر عدنان منزلاً في مخيم الشاطئ بعد عودته سالماً من سوريا ، و بدأ يحضر بعد ذلك للاتصال بحركة حماس بالداخل ، فاتصل عدنان بالشهيد القائد يوسف أبو هين حلقة الوصل بين عدنان و كتائب القسام في غزة ، و كانت لحظة لقاء عظيمة أن يجتمع القادة في مكان واحد يجتمعون و يقررون ضرب الصهاينة في كل مكان .
    بعد فترة وجيزة من العودة إلى أرض الوطن كانت مهمة عدنان و يوسف هي شراء السلاح و تخزينه فلم يكن في تلك الفترة أي من الشباب في الحركة الإسلامية يمتلك خبرة كافية بعلم المتفجرات ، بل إن أحداً لم يكن يتعامل بها في غزة بطريقة فعالة . و تلك الفترة كانت تعج بالسلاح و بتجار السلاح ، فكانت المنطقة سوقاً للسلاح في ظل وجود السلطة ، و ظل عدنان و يوسف دءوبين في شراء الأسلحة و تخزينها ، و بعد ذلك أيضاً أرسل الرجل المصري - الذي كان قد اتفق معه عدنان قبل عودته إلى غزة - قرابة أربعين كيلوجراماً من مادة TNT و لغمين أرضيين و 100 صاعق .
    خلال تلك الفترة التقى عدنان بالأخ محمد الضيف ( أبو خالد ) و في أول لقاء له مع الضيف كان إلى جواره سعد العرابيد الذي لم يكن قد غادر إلى الضفة للتحضير لعدة عمليات استشهادية و قد أحضر عدنان لغمين له بخصوص ذلك الأمر و تم استخدامهما في عملية ديزنغوف سنتر عام 1995 و عملية الطيارين التي قادها القائد يحيى عياش .
    باكورة المتفجرات يا عدنان
    كان أول ما قام به عدنان الغول هو فحص القنابل المتوفرة لدى أبناء كتائب القسام و قد وجد نسبة 97% منها تالفة أو مشركة ( أي تنفجر بيد صاحبها قبل إلقائها ) فاستمر عدنان بنقل الخبرة لشباب الحركة الإسلامية منذ وصوله ثم بدأ بشراء ألغام فاشترى آنذاك قرابة خمسين لغماً بسعر زهيد جداً ، بعد ذلك و بسبب قلة التنسيق بين المجاهدين فقد غالى التجار و زادوا في أسعار الألغام و القنابل فبعد أن كان ثمن اللغم 17 ديناراً أردنياً ، اصبح سعره قرابة مائة و خمسون دينار أردني ، كل ذلك كان بسبب التضارب و عدم التنسيق بين الشباب الذين تعلموا لدرس بعد ذلك .
    في تلك الفترة تحديداً كان لعدنان خط مع حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عن طريق الشهيد المجاهد عمار الأعرج رحمه الله و قد طلب عمار من عدنان عدة قنابل فأعطاه عدنان قنابل ذات صواعق طلقية من نوع ( صواعق طلقات ) و ليس ( صواعق كهربائية ) و قد قبل محمد الضيف ما حدث مع عدنان و رغب آنذاك أن يتم التنسيق مع عمار حتى يكون هناك عمل مشترك في بعض الأمور .
    حاول خلال ذلك أفراد الجهاد الإسلامي تحويل الصواعق من صواعق طلقية إلى صواعق كهربائية لكنهم فشلوا في ذلك فأعادوها إلى عدنان الذي قام بدوره بتحويل الصواعق بسهولة .
    أول عملية كانت لحركة الجهاد الإسلامي في تلك الحقبة من الزمن هي عملية نيتساريم و قد تمت بدراجة هوائية ، و المعلوم ذكره أن القنابل التي استخدمت في العملية هي ذاتها القنابل التي أعطاها عدنان لأفراد حركة الجهاد الإسلامي ، كذلك العمليات التي حدثت في بيت ليد و كفار داروم كانت تحمل الصواعق التي وفرها عدنان لهم و أعطاهم إياها .
    استمر عدنان بذلك المجال حتى جاء عام 1995 ، و قد وصل المهندس القائد يحيى عياش إلى مدينة غزة و كان يعمل مهندساً كهربائياً و لديه هواية تصنيع المتفجرات و الألغام . جاء إلى غزة و تعرف إلى عدنان و قد استفاد كليهما من خبرة الآخر، بعد ذلك تعاون كلاهما في العمل المشترك و شرعوا في صناعة القنابل اليدوية بسبب وجود عدد كبير من القنابل اليدوية التالفة و المشركة و المضروبة . كذلك كان كمال كحيل يعمل في مجال التصنيع مع يحيى عياش و قد لاحظ عدنان أن كمال يعمل بمادة ( البيروكسيد ) و هي مادة صعبة و معقدة و خطيرة جداً ، فطلب منه أبو بلال ألا يستخدمها بعد ذلك مطلقاً ، ثم أصلح لكمال بعض القنابل التي كانت تالفة ، و قد استشهد كمال كحيل بعد ذلك في 2 / 4/ 1995 مع الشهيد حاتم حسان و سعيد الدعس في عملية اغتيال مدبرة لا تزال خفية حتى اليوم .
    بالنسبة للعمل و الخبرة فقد انتقلت إلى الشباب بسرعة و بسهولة بحمد الله و فضله . فقد ظل يعطي عدنان جل وقته في عام 1995 لتعليم الشباب على صناعة المواد و الألغام .
    خلال ذلك التقى عدنان بالجهاز السري التابع لحركة حماس و ساعدهم في تحضير قنابل و أسلحة و عبوات خاصة بهم و اعتبر عدنان ذلك العمل خطأ ارتكبه لأن ما ترتب على ذلك هو اعتقال عدنان و ملاحقته من قبل أجهزة السلطة لاعتراف البعض عنه لاحقاً .
    يحيى شهيداً
    حين جاء يحيى عياش إلى مدينة غزة كان الوضع صعباً إلى حد ما ، فقد ظل يتنقل من مكان إلى آخر ، فمكث في خانيونس فترة قليلة ثم في جباليا . و في جباليا قدر الله ليحيى أن يفر من أيدي رجال السلطة ، ففي ليلة غابرة جاء رجال المخابرات الفلسطينية إلى منزله هناك ليعتقلوه بعدما علموا بوجوده في غزة ، لكن الله كان يكلأ يحيى بالليل و النهار فقد كان نائماً ليلتها في منزل عدنان الغول و كانت المرة التي ينام فيها عند عدنان ، أما زوجته فقد كانت في المنزل بالمخيم إلا انهم لم يعرفوها لكنهم قبل أن يغادروا وجدوا هناك صاعق لقنبلة .
    كان يحيى يحب الخلاء و الشجر و الهدوء ، و لأنه كذلك و لأن الوضع متأزماً فقد مكث يحيى و زوجته عند عدنان في منطقة المغراقة قرابة أربعون يوماً و قد خدم عدنان في تركيب جميع الشبكات الكهربائية للمنزل ، بعد ذلك أصبح يضيق المكان بكليهما لأن السلطة وجدت مع عميل عدة أسماء من بينها اسم يحيى ضمن قائمة ستغتالهم إسرائيل ففروا إلى مخيمات الله الضيقة .
    في نهاية العام 1995 كان كل همّ يحيى عياش أن يعود إلى الضفة و كان همّ عدنان أن يساعد يحيى بالعودة إلى الضفة و تأمين الطريق له عن طريق السلك الفاصل بجوار منطقة جحر الديك ، فذهب عدنان و يوسف أبو هين و سعد العرابيد و يحيى عياش لمراقبة السلك و كانوا مع يحيى طوال الصيف حتى استشهد رحمه الله ، لكن في المدة الأخيرة في فصل الشتاء من شهر أكتوبر 1995 كان يجب حفر نفق أو عبّارات حتى يتم تهريب يحيى . في الليلة التي قرروا فيها ذلك كان عدنان و يحيى و يوسف أبو هين يمكثون في منزل عدنان و بقوا طوال الليل في ليلة سمر رائعة جمعتهم بعيداً عن الهموم المثقلة لأجسادهم .
    حاول رجال الكتائب حفر النفق لكن عزيمتهم كانت تكل قبل أن يشرعوا في حفره ، كذلك حاولوا عبور " العبّارات " ( عبّارات المجاري ) أو مصارف مياه الأمطار لكن دون فائدة ، حتى اهتدوا في النهاية إلى طريقة السلالم ، ففي ليلة استشهاد يحيى عياش كان يحيى قد استطلع السلك و وجد أن السلك الكهربي لم يعطي إشارة للإسرائيليين ، فقد كان السلك الأخير معطلاً ، فجاء يحيى فجراً إلى عدنان كي يخبره بأنه قد وجد الحل و بأنه سوف يغادر إلى الضفة الغربية و حتى تأتي سيارة لأخذه ظل في حديث طويل مع عدنان بخصوص عمليات التفجير و تصنيع القنابل.
    فجراً جاء أسامة حماد إلى المغراقة لنقل يحيى إلى مكان نومه فأعطاه يحيى حبة جوافة ، وغادر مسروراً لأنه وجد الحل أخيراً للوصول إلى الضفة .
    صبيحة يوم الجمعة 5/1/1996 استشهد يحيى عياش عن طريق هاتف البلفون الذي اتصل والده من خلاله إلى يحيى و قد كان يحوي الجهاز عبوة ناسفة تزن 50 غراماً انفجرت في يحيى ليهوي الجسد المتعب و يستريح من وعثاء السفر و تصعد روحه إلي العلا و المجد ليلتقي بالأنبياء و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً . و في الساعة السابعة صباحاً جاء أسامة حماد إلى الشيخ عدنان الغول ليخبره باستشهاد يحيى عن طريق البلفون الذي زرعه العميل كمال حماد أحد أخوال أسامة حماد و الذي فر إلى إسرائيل بعد ذلك .
    أسامة لم يكن يعرف أحداً من شباب القسام الذين لهم علاقة بيحيى عياش سوى عدنان الغول ، و لم يكن يعرفه شخصياً ، بل كان يسمع عنه من يحيى حين يوصله إلى المغراقة ، فكان عدنان أول من علم باستشهاد القائد المهندس يحيى عياش .
    تألم عدنان كثيراً حين تحدث أسامة إليه عن استشهاد يحيى و لم يصدق ذلك ، بل بدأ عدنان يستفسر عن أسباب و كيفية الاستشهاد فعرف من خلال حديث أسامة بأن خاله المدعو كمال حماد هو المسؤول عن اغتيال المهندس الأول يحيى عياش لأنه هو صاحب ذلك البلفون .
    سمع عدنان حيثيات و أسباب الاستشهاد فكان هادئ الأعصاب ، مترو ، نزل إلى غزة بسرعة و اجتمع بالأخ أبو خالد الضيف و الأخ سعد العرابيد و م. س. في منزل القائد يوسف أبو هين و قد كانوا جميعهم نائمين هناك . تحدث إليهم عدنان و أخبرهم باستشهاد يحيى عياش فصعقوا و لم يصدقوا ذلك الكابوس ، فخرج عدنان و م. س. و عاينوا المكان و الحدث و تأكدوا من استشهاد القائد الكبير يحيى عياش .
    كان البلفون قد تفجر في يد يحيى و كان نصف وجهة غير موجود و يده محروقة على التخت الذي كان جالساً عليه .
    بعد ذلك اتصل رجال القسام بالحركة و أبلغوها بالأمر ، فكان هناك عدة أراء بخصوص استشهاد يحيى عياش من بينها أن يقوموا بانفجار بعيد ثم يقولون أن يحيى قد استشهد هناك في إعداد عبوة ناسفة ، لكنهم في النهاية سلموا بأنه يجب إبلاغ السلطة بالأمر لأنهم لم يكونوا في صدام مع السلطة الفلسطينية و لأن يحيى يمثل رمزاً لجميع الفلسطينيين ، فقرروا الاتصال بالسلطة عن طريق أحد الأشخاص الذي كانا بمثابة خط اتصال بين حماس و السلطة ، و قد أبلغوا دحلان بذلك فطلب بإبلاغ الرئيس الراحل ياسر عرفات ، فذهب القائد محمد الضيف و الشيخ عدنان الغول و (س. م.) و (ع. س.) و أبلغوه بذلك الأمر شخصياً .
    بعدما أبلغوا الرئيس عرفات بالموضوع طلب منهم عرفات بأن يمكثوا في مقره كي يحميهم ، و أكد عرفات على أن يحمي جميع المجاهدين . لكن الضيف و الأخوة رفضوا المكوث في مقر الرئيس ياسر عرفات و قد كان ذلك اللقاء هو اللقاء الوحيد الذي التقى فيه شباب الكتائب بالرئيس عرفات .
    كذلك طلب منهم الرئيس عرفات عدم تنفيذ عمليات رد على اغتيال عياش حتى يتم الانتهاء من الانتخابات الرئاسية و التشريعية التي كانت ستجري في ذلك العام في الضفة و القطاع ، فوافق الضيف بعد استشارة قيادة الحركة على ذلك .
    بعد ذلك تكررت اللقاءات مع السلطة عند محمد دحلان و قد كان فيها عدنان الغول و (ع. س.) و (س. م.) و محمد الضيف أحياناً ، و قد كان عدنان مطلوباً آنذاك للجيش الإسرائيلي فقد تم الاعتراف عليه من قبل أحد الاشخاص بأنه أعطى حركة الجهاد الإسلامي الصواعق التي كانت في عملية بيت ليد .
    كذلك طلب اليهود من الأمريكيين بأن تعتقل السلطة عدنان الغول ، و طلب الأمريكان ذلك علناً من ياسر عرفات ، فأعطى أبو عمار لدحلان اسم عدنان كي يتم اللقاء مع عرفات ، فأصبح عدنان مطلوباً للأمن الوقائي خصوصاً و لجميع الأجهزة عموماً ، بالنسبة لمحمد دحلان فكان لا يعرف عدنان ، فقط عرفه حين غادروا مقر عرفات بعد لقاءه ، فحين كانوا مغادرين مقر الرئيس عرفات بسيارة محمد دحلان ، قال الوسيط لدحلان مشيراً إلى عدنان الغول :
    - أتعرف من هذا ؟
    فنظر محمد دحلان إلى الغول دون أن يعرفه فقال لا ، فقال الوسيط – هذا عدنان الغول .
    فشعر دحلان بأن قادة حماس قد ضحكوا عليه و استخفوا به ، فقال
    - لقد طلعتم لئام يا أباليس .
    و بعد ذلك الوقت اصبح عدنان عدواً لدحلان . المهم في ذلك أن عدنان ظل يذهب إلى مكتب الوقائي حتى يتم تأجيل الرد على اغتيال القائد يحيى عياش ، و قد استغل رجال الكتائب ذلك أيضاً حتى يتم إدخال المتفجرات من غزة إلى الضفة عن طريق نفس المنطقة التي كان يحيى عياش سيعود منها إلى الضفة ، فكان عدنان يذهب مع الشبان لإيصال القنابل و العبوات إلى الضفة ، و كانت المهمة سهلة و ميسرة بحول الله ، فقد استطاعوا إدخال القنابل و الأشخاص بسهولة دون وجود عوائق و كأنها كرامة من الله لروح المجاهد يحيى عياش ، فدخل في أول مرة حسن سلامة فك الله أسره و سهيل أبو نحل رحمه الله و الدليل ( الذي يقودهم إلى المكان المطلوب ) .
    ففي تلك الفترة كان رجال الكتائب مسيطرين على السلك الإسرائيلي و كانت لديهم إمكانية إدخال المتفجرات ، فحاولوا كسب الوقت بينما بدأوا يراوغون السلطة لتجهيز عمليات الرد . و في آخر المدة أدخلوا من نفس الطريق ثلاث حقائب ، كل حقيبة تتكون من لغمين بمقدار 14 كيلوجرام .
    بعد ذلك حاول رجال الكتائب إدخال أربع حقائب ، كل حقيبة تحمل ما يقدّر بـ 15 كيلوجرام من المتفجرات مع ثلاثة استشهاديين من غزة . كان ذلك كله مغامرة لكنهم قرروا المحاولة بعد المرة أولى ، ليلتها حاول الدليل الدخول إلى السلك فلاحظ وجود عدد من جنود الصهاينة فأدرك أنه كمين نصب لهم ، و قد ظن اليهود بأن عدنان و الآخرين هم مجرد عمال يحولون الفرار إلى داخل الخط الأخضر للعمل و ليسوا مجاهدين ، فانسحب الدليل و الآخرين من المكان ، و بعد ساعة واحدة عادوا مرة أخرى ، كان الجو لحظتها ممتلئ بالغيوم و بدأ المطر بالتساقط ، و أصبح غزيراً جداً ثم أوحلت الأرض ، فلم يستطيعوا إدخال أي شيء فانسحبوا ، و قد اكتفوا بالثلاثة حقائب التي أرسلت .
    كذلك جاء إلى الشيخ عدنان وقتذاك أحد الأشخاص و كان يسعى إلى تجهيز عملية استشهادية رداً على اغتيال فتحي الشقاقي فأحضر له عدنان حقيبتين ملغمتين فجرهما " رامز عبيد " في عملية الجهاد الإسلامي في ديزنغوف .
    و حدثت الانتخابات الرئاسية و التشريعية في غزة و الضفة فزاد الاتصال بين أفراد جهاز كتائب القسام مع الأخ / أبو إبراهيم " حسن سلامة " و بدأت عمليات الرد بعد خمسين يوماً من استشهاد القائد يحيى عياش في 25 / 2 / 1996 و نفذت عمليتين ضخمتين الأولى في القدس و الثانية في المجدل و قد كانت العمليات مزلزلة ، ففي نحو الساعة السادسة و 48 دقيقة صباح يوم الأحد 25/2/1996م ، حدث انفجار عنيف هز قلب مدينة القدس الغربية ، في حافلة ركاب عبرية تعمل على خط رقم 18 المؤدي لمقر القيادة العامة لكل من شرطة العدو وجهاز المخابرات الداخلي ((الشاباك )) ، و كان الشهيد البطل إبراهيم السراحنة يودي بحياة 24 قتيلا يهوديا بينهم 13 جندياً من كبار ضباط جهاز المخابرات وجهاز ((الشاباك)) إضافة إلى إصابة أكثر من خمسين بجروح وحروق مختلفة.
    وبعد خمس وأربعين دقيقة من ملحمة البطل إبراهيم السراحنة وفيما كانت الساعة تشير إلى الساعة السابعة والنصف ، كان الشهيد مجدي أبو وردة على موعد مع الشهادة وفي طريقه للقاء أستاذه المهندس يحيى عياش في جنات الخلد ، إذ فجر المجاهد نفسه بين أربعين جندياً ومجندة في محطة كانوا يتواجدون فيها في عسقلان ليقتل على الفور 23 جندياً ومجندة ويصاب الآخرون بجروح بالغة .
    أيضاً في اليوم التالي كان المجاهد احمد حميده يقتحم عصر يوم الاثنين التلة الفرنسية في الطريق الواصل بين رام الله والقدس موقفا لحافلات جنود العدو ليقتل 4 جنود ويجرح أكثر من عشرين آخرين.
    وقد استوعبت السلطة الفلسطينية أول عمليتين استشهاديتين ، ثم أرسلوا إلى كتائب القسام رسالة تطلب منهم التوقف و الاكتفاء بالعمليات التي جرت . و قد كانت السلطة حريصة بعد ذلك على ألا تحدث أية عملية أخرى ، و بعد أسبوع من وصول الرسالة اجتمعت قيادات الكتائب مع قيادة السلطة و اتفقوا على عدة أمور كان أهمها
    1- أن لا تتم بعد ذلك عمليات داخل الخط الأخضر و وقف العمليات المسلحة في تلك الفترة .
    2- يتم ضم رجال الكتائب في أجهزة السلطة المختلفة .
    3- تصرف رواتب لمطاردي القسام من السلطة .
    4- لا تتم ملاحقة أي أحد من رجال الكتائب أو اعتقالهم أو وضعهم في أقبية السجون .
    و اتفقوا على ذلك و انتهوا من الاتفاق فجراً. و قد حضر ذلك الاجتماع الشيخ عدنان ، و (س. م.) و الوسيط ، وحضره من السلطة الفلسطينية أيضاً الطيب عبد الرحيم ، و فيصل أبو شرخ و رشيد أبو شباك .
    ضربة الـ 1996
    المشكلة التي حدثت بعد ذلك أن مسؤول الاتصال في كتائب القسام لم يتصل بالأخ إبراهيم سلامة في الضفة كي يخبره بالاتفاق الذي أبرم مع السلطة ، فإذا بعملية القدس الثانية تحدث في صبيحة ذلك اليوم الذي كانوا قد اتفقوا فيه ، فقد اخترق القساميون الحافلة رقم ((18)) صبيحة يوم الأحد الموافق 3/3/1996 و تطايرت واجهات قرابة عشرين محلاً تجارياً وغطت أشلاء جثث متطايرة وبرك من الدماء حطام الزجاج وبقايا معدنية مفترق الطرق القريب من شارع يافا في القدس الغربية ، فقد فجّر المجاهد القسامي رائد عبد الكريم الشغنوبي عبوته الناسفة في داخل الحافلة التي تعمل على خط رقم ((18)) ليعترف العدو بمقتل 19 وجرح 10 آخرين .
    على ذلك فقدت السلطة صوابها و شرعت في ملاحقة المجاهدين ، فإذا بعملية جديدة بعد يوم واحد أيضاً لحركة الجهاد الإسلامي جعلت السلطة في مأزق لا تحسد عليه ، ففي 4/3/1996 و في عملية مشتركة بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي ، كان المجاهد رامز عبيد يعلن أن شارع ديزنكوف في قلب تل أبيب ساحة حرب ، أدت العملية إلى مقتل 20 وجرح 175 من أعداء الله و تبين للجميع فيما بعد أن المجموعات الفنية في كتائب القسام جناح حماس العسكري هي التي قامت بإعداد المتفجرات و الذي قام بذلك هو عدنان نفسه بينما الأخ الاستشهادي كان ينتمي لحركة الجهاد الإسلامي .
    فشنت السلطة حربها على الحركة الإسلامية و على حماس خصوصاً و بدأ المطاردون في الهروب من مكامنهم إلى أماكن أخرى بسبب الحملة المسعورة التي بدأت تشنها السلطة على أبناء حركة حماس .
    في شهر مارس عام 1996 كانت الضربة قاسمة لحركة حماس بكشف الجهاز السري التابع لها ، و كشف الخلايا العاملة فيه و كان من أبرز قيادتها عدنان في منطقة غزة فبدأ البحث الدؤوب عنه .
    اعتقل أفراد الوقائي مجموعة كبيرة من شبان الحركة ، و استمرت الضربة و توالت و بسبب ضعف الجهاز السري من الناحية الأمنية فقد حصلت السلطة على أسماء و عمليات كانت موجودة في دسكات كمبيوترية و أشرطة و أشياء أخرى .
    توالت التنقلات و ضُيق الخناق على أبناء حماس ، لذلك قرر عدنان الفرار من المنزل الذي يقطنه و الذي كان يبيت فيه مع اثنين من إخوانه لأنه كان يشتبه بالمنزل ، فترك عدنان و مرافقه المكان أما الآخر فبقي و لم يغادر ، ما جرى بعد ذلك أن قوات البحرية و شرطة ألـ 17 اقتحمت المنزل الساعة الثانية ليلاً و اعتقلوا (م. س.) أما عدنان فكان في منطقة المغراقة عند أحد أصدقائه القدامى
    بعد فترة من الملاحقة في شهر يوليو بدأ عدنان من جديد الشروع في تصنيع القنابل في منزل لأحد الأشخاص عملوا على صناعة قوالب للقنابل . المشكلة التي جرت وقتذاك أن أفراد السلطة اعتقلوا هذا الشخص و تم التحقيق معه بشكل وحشي ، و تحت وطأة التحقيق اعترف عن مكان الشيخ عدنان لكنه قبل أن يعترف بذلك حصل منهم على اتفاق بأن يسلمهم عدنان على أن لا يمسوه بأي أذى و أن يكرموه و يحترموا مكانته العسكرية في فلسطين .
    وصل هذا الشخص المنزل الذي يقطنه عدنان و أخبره بما جرى ، و بأن رجال السلطة ينتظرونه في اسفل المنزل ، و أخبره بالاتفاق الذي أبرمه معهم و بأن السلطة ستحميه فنزل عدنان و سلّم عليهم ثم انطلق معهم لكن قبل أن يذهب إلى مركز السرايا غادر إلى منزل سالم الشرفا الذي يعمل في جهاز الأمن الوقائي و اجتمع هناك بكل من طارق أبو رجب و أمين الهندي ، و اتفقوا على أن يبقى سلاح عدنان بحوزته و أن يبيت في مكتب خاص معزّز ، مكرّم فذهب إلى السرايا و بقى بمكتب سالم الشرفا
    عاد عدنان إلى منزله بعد أيام و ظل يذهب كل حين و آخر إلى هناك ، لكن بعد أن جرت الانتخابات الإسرائيلية في 18 / 6 / 1996 و أصبح نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي اختلفت المعاملة مع الشيخ عدنان الغول و أصبح الوضع سيئاً جداً ، فبسبب الضغوط الإسرائيلية الكثيرة على السلطة من خلال الإدارة الأمريكية باعتقال عدنان الغول تم حجزه في غرفة خاصة و جردوه من سلاحه عنوة ، رغم الوعودات التي أصبحت هباء ، فوجد عدنان نفسه مسجوناً بشكل رسمي و لا يوجد داخل الغرفة دورة مياه أو ماسورة ماء كي يتوضأ أو يصلي . خلال تلك الفترة كان الموفد الأمريكي الذي يراقب سير اعتقال عدنان دائم الحضور إلى زنزانة أبي بلال للتأكد من وجوده داخل أقبية السجن.
    سجن بعد ذلك معه يوسف أبو هين و (هـ. س.) و تم التحقيق معهم و أرسلت ماهية التحقيق إلى الجيش الإسرائيلي الغاصب .
    دارت لحظتها في مخيلة عدنان خدعة قد تنجيه من براثن السلطة ، فطلب مقابلة رعد الخالدي على الفور فحضر فأخبره أبو بلال بأنه يعرف مكان محمد الضيف " أبو خالد " و بأن هناك نقطة ميتة سيتم اللقاء فيها في ساعة معينة .
    وافقت قيادة السلطة على أن يذهب عدنان إلى الضيف كي يقنعه بأن يأتي معهم إلى السجن ، و قبل أن يذهبوا تعشى عدنان معهم ثم أخذ سلاحه الذي رفض جميعهم إعطاءه إياه لكن ذكاء عدنان جعلهم يوافقون على ذلك حين قال لهم ، لو لم يكن معي سلاحي فلن يصدق الضيف ما سأقوله له ، و بالفعل أخذ مسدسه و خرج معهم و ذهب تجاه مقبرة الشيخ رضوان من خلال شارع اللبابيدي و نزل هناك ثم قال لهم ربع ساعة و سآتي به ، فتركهم و نزل إلى شارع النصر متخطياً المقابر كي يختفي في شارع آخر و من هناك انطلق عدنان إلى المغراقة و حضر أهله ثم أوصاهم و طمأنهم على صحته و أخبرهم بأنه قد فر من المخابرات و ضحك عليهم ثم أخذ قنابله و اختفى ، أما بالنسبة لرجال السلطة فقد ظلوا ينتظرون حتى الفجر دون أن يخرج أحد . فعرفوا بأنها خدعة و بدأوا بالاتصال بجميع أفراد عائلة الغول كي يعود عدنان لكنه لم يعد .
    لغة الترهيب و التعذيب
    بدأت السلطة تبحث عن عدنان في محاولة بائسة لإيجاده ، فذهب جهاز المخابرات إلى منزل أخته زينب و حاصروه فجراً ، ثم دخلوا المنزل في ظلام الليل دون إذن بالدخول حتى حسبهم الجميع بأنهم وحدات إسرائيلية خاصة ، لأنهم نزلوا من السطح إلى المنزل وقت الفجر فجأة ، فأرهبوا سكان المنزل الآمنين ، و روعوهم ، ثم بحثوا عن عدنان داخل المكان فلم يجدوه ، لكنهم وجدوا داخل الخزانات بعض أساور من الذهب فسرقوها ، ثم طلبوا من أخته أن تخبرهم بمكان عدنان ، و حين لم تفعل ضربوا ولدها المريض محمد ، المكسورة قدمه ، ضربوه في مسمار بلاتين بعد كسر قدمه فصار يصيح و يصرخ ، و يقول إن قدمي تؤلمني ، حرام عليكم ، فيقولون له نحن نعلم و من أجل ذلك نضربك ، أخبرنا أين خالك ؟ و حين لم يفعل اعتقلوه و اعتقلوا جميع من في المنزل فمكث الشبان في السجن مدة شهرين و خمسة أيام دون أن يخرجوا منهم بشيء.
    كذلك اعتقلت السلطة أخوي القائد عدنان جابر و موسى و اعتقلوا بلالاً بعد أن أبدى صلابة غير عادية لم تفلح معها محاولة انتزاع الاعترافات بقسوة ، فقد ربطوه هو و محمد و عمران على شجرة في منطقة المغراقة و ضربوهم جميعاً بشدة لكن أحداً منهم لم يتفوه ببنت شفة .
    إضافة إلى ذلك وضعوا جهاز تنصت في المنزل فعلم الأبناء بوجود الجهاز ، فصاروا يهزءون منهم ، و يشتمونهم و هم يعلمون أن ما يقولونه يصل إليهم .
    بعد ذلك جاء جهاز المخابرات مرة أخرى إلى منزل الأخت و وجدوا أن أم بلال تقطن معها في منزل عائلة عليان بمخيم الشاطئ فسألوها أين عمر ؟ فضحكت الأخت و قالت أنه في سجون اليهود ، اذهبوا و أحضروه إن كنتم رجالاً. و كانت الأخت قوية جريئة يهابونها من شدة لسانها عليهم .
    خلال ذلك جاء سالم العرابيد و طلب عدنان ، فلم يخبره أحد بمكانه ، فهدد سالم الأخت بضرب ابنها المعتقل لديهم و قطع رجله لكنها كانت أصلب من الحجارة . فأخذوا تلك المرة بعض المضلات الحديدية ( التي تشبه قذائف الانيرجا ) و التي كانت موجودة في المنزل ، ثم وضعها أحدهم في مكتبه متباهياً بها غير مدرك أنها أمر مضحك ، عرفه من خلال أم محمود شقيقة الشيخ عدنان و كانت في زيارة لأبنائها المعتقلين لدى السلطة .
    و ذات مرة قالت شقيقة أبي بلال لهم بسبب كثرة الملاحقات لعدنان " أليس من العيب عليكم أن تلاحقوا قائداً مثل هذا ، بدلاً من أن تحموه و تحرسوه ، يا خسارة عليكم " فكانوا يقولون " بدنا نمّشي قوانين " .
    *****
    في صيف العام 1996 التقى عدنان بالضيف ، و لم يكن في تلك الفترة خارج السجن سوى عدنان و سعد العرابيد ومحمد الضيف ، أما البقية فقد كانوا يقبعون في أقبية سجون السلطة الفلسطينية .
    استمرت فترة المطاردة لقادة القسام حتى شهر سبتمبر 1996 و بسبب أحداث النفق التي أحدثت هبة جماهيرية عظيمة لذلك قل البحث عن المطاردين و لم يذهب أحد من السلطة حينذاك كي يعتقل أحدا كما في السابق .
    في شهر ديسمبر من العام 1996 طلبت السلطة من عدنان أن يأتي بسلاحه و اتفقوا على أن يتم تفريغه في أحد أجهزة السلطة ثم وعدوه بأنهم لن يغدروا به كما في السابق ، فاستشار القائد عدنان رفيق دربه أبو خالد الضيف فوافق الأخير أن يتم ارتباط عدنان مع السلطة لأن هناك أقطار كثيرة يستطيع من خلالها توفير مواد كيميائية لتطوير الأسلحة و القنابل لجهاز القسام .
    في مارس 1997 أبرم عدنان اتفاقاً مع السلطة على ذلك فأعطوه سيارةً و سلاحاً و مرافقاً كان هو ابنه بلالاً رحمه الله ، و بدأ يعمل ضمن مكتب سامي نسمان و بدأت السلطة ترسل له راتباً مقطوعاً كذلك بدأ عدنان يعيد مشروع القنابل ثم عمل على تطوير صواريخ الانيرجا في ربيع 1997 . و استطاع توفير كل المواد و المعدات لصناعة القنابل من قوالب – صواعق ..الخ و كل ذلك بالتنسيق مع قيادة حماس .
    وبعد هروب (خ. س.) أحد قادة الجهاز السري التابع لحماس اتفق جميعهم على صناعة مدفع هاون فكان ذلك في بداية عام 1998 بالتعاون مع اثنين من كبار لجان المقاومة الشعبية اليوم.
    ضربة حماس في الـ 1998
    في نهاية عام 1997 و بداية عام 1998 فتح عدنان خط اتصال مع (ج. س. ) و قد باعه بعض القنابل سببت في ضربة الـ 98 ، فقد بحث أفراد حركة فتح عن مصدر تلك القنابل ، و بدأت السلطة في التحقيق حتى قاموا بعمل لجنة تحقيق فعرفوا بأن عدنان هو المسؤول عن هذه القنابل ، حينها حاصروا منزله في منطقة المغراقة و بحثوا في كل مكان فيها فوجدوا هناك مئات القنابل و العديد من صواريخ الانيرجا ، كذلك وجدوا صواريخ و ألغاماً أرضيةً و مدفع هاون فأخذوا كل شيء معهم . خلال ذلك كان الجميع يحترم عدنان بل و يُكِن له التقدير و الاحترام و لم يسئ أي منهم إلى عدنان هذه المرة بخلاف المرات السابقة ، لكنهم حولوه إلى الزنازين في الأمن الوقائي و تم التحقيق معه بصيغة سين / جيم . و لم يكن هناك أي نوع من الإهانة أو الضرب أو الضغط في الاعتراف ، بل عدا عن ذلك أنه بعد شهر واحد انتقل إلى سجن عام مع مجموعة من شبان الحركة تعرف من خلاله على مجموعة كبيرة منهم .
    انتقل عدنان بعد ذلك من سجن الأمن الوقائي إلى سجن المخابرات و هناك تعرف إلى الدكتور إبراهيم المقادمة رحمه الله و قد تكرر الحدث مع عدنان في المخابرات كما الوقائي في زجه في زنزانة انفرادية لمدة تزيد عن العشرة أيام ثم خرج إلى زنزانة أخري لكنها اكبر حجماً ، و في تلك الفترة فكر عدنان بالهرب ، و لاحت له تلك الفكرة بسبب سوء المعاملة التي بدأت تظهر.
    الهروب من الجحيم
    في زنزانة صغيرة لها شباك أصغر مكث عدنان مدة تزيد عن ثلاثة شهور ، فمنذ بداية يونيو إلى منتصف أغسطس لازم عدنان هذه الزنزانة ، حتى ضج بالألم و الملل ، و حين زارته زوجته أم بلال طلب منها عدنان أن تحضر له قطعة منشار صغيرة طولها 15 سم مع الطعام كي يتسنّ له قص الشباك الحديدي ، و بالفعل حين أحضرت له زوجته ذلك ، شرع عدنان بالعمل و كان يقص كل يوم قليلا من حديد الشباك ثم يطليه بالمربى حتى لا يكتشف أمره من حارس غرفة السجن الذي يسير كثيراً في المردوان ، و استمر عدنان في العمل الدؤوب يوماً بعد يوم و ساعة بعد ساعة بعزيمة لا تكل لمدة زادت عن الشهر ، لكن و بعد كل هذا التعب اكتشف عدنان بأن السيخين الحديديين اللذين قصهما ليسا كبيرين إلى الحد الذي يسمح له بالخروج من خلالهما ، لذلك قرر عدنان قص الشباك بأكمله من الجوانب كي يسهل الخروج فبدأ بذلك و استمر لمدة تزيد عن ثلاثة شهور من شهر سبتمبر 1998 حتى ديسمبر 1998 و كان عدنان مسروراً بذلك جداً لأنه وجد ما يسليه خلال مدة الاعتقال ، وحين انتهى من ذلك حاول عدنان الهرب يوم جمعة فجهز مكان نومه كأنه نائم و غطى المكان بحرام ثم جهز الشراشف و الملاءات و قصهم بصورة حبل و تسلق إلى غرفة الإدارة ثم منها إلى أعلى السطح ، و تفقد الوضع في الأعلى حوالي الساعة فوجد أن هناك أحد الجنود يسلط كشافاً على المنطقة و وجد بعض الجنود أيضاً يسيرون في الأعلى فعاد مرة أخرى إلى الزنزانة و أعاد الحديد كما كان ، ثم وضع الشكولاته على الشباك كي لا يظهر القص من خلال الحديد ، و عاد و جعل نفسه كأنه نائم و خبأ الشرائط القماشية ، و انتظر يوماً يحل فيه المطر على الدنيا كي يخرج من زنزانته ، و في يوم خميس كان الجو مثلجاً ، و الريح تعوي في كل مكان و المطر يكاد يهل على المنطقة خرج عدنان من مكمنه و صعد على الشجرة القريبة من الغرفة ، و قص الكشاف ثم تدلى من فوق السطح إلى أسفل .
    خلاصة الأمر أن عدنان نزل و ملابسه تعج باللون الأبيض ، وعند خروجه من البوابة نادى عليه جندي من جنود الحراسة فلم يجب عدنان و ظل الجندي ينادي و عدنان لا يرد حتى وقف عدنان بعدما تبعه الجندي ، فسأله عدنان حال وصول الجندي إلى جواره :- ما بك ؟ فقال الآخر- من أنت؟ و لماذا تجري ، فأجابه عدنان بأن اسمه :- جمال الغول ( و جمال يعمل في جهاز المخابرات بمكتب سامي نسمان ) و أنا أجري بسبب الريح و البرد ، و لك أن تسأل و بالفعل سأل الجندي المكتب في الداخل فقالوا أنه خرج قبل ساعة ، فتعجب الجندي فهتف به عدنان : أنا عدت إلى المكتب و ها أنا أخرج ، هل هناك أي مانع ؟
    نجا عدنان ، ثم ذهب إلى منزل يقطن فيه محمد الضيف ، و لم يكن يدري عدنان هل محمد الضيف موجود هناك أم انه ترك المكان ، لكنه قرر الذهاب فإذا بالمكان محمد الضيف و سعد العرابيد و محمد السنوار فجلس معهم و قضوا ليلة سعيدة جداً بقوا يقظين حتى الصباح يتسامرون و يضحكون .
    بالنسبة لجهاز المخابرات فقد جاء أحدهم لإيقاظ عدنان في الصباح لطعام الإفطار فلم يجده في مكانه بل كانت هناك وسادتان ، فانقلبت الدنيا رأساً على عقب حين علموا بهروبه لأن الرئيس الأمريكي بيل كلنتون سيزور غزة صبيحة ذلك اليوم في 15 / 12 / 1998 ، فبدأوا بالاتصال مع أفراد عائلة الغول كي يتم إعادته إلى السجن و لكنه لم يعد فاعتقلوا جميع إخوانه كي يتم الضغط عليه فيسلم نفسه لكنه لم يعد و بعد فترة من الزمن اتفق عدنان مع جهاز الأمن الوقائي بأن يسلم نفسه على شرط أن يخرج بعد شهرين من السجن ، فسُجن في جهاز الأمن الوقائي . أما بالنسبة لجهاز المخابرات فكان يتوق لاعتقال عدنان لقتله و تحطيمه لأنه أهان كرامة الجهاز و سلم نفسه لجهاز آخر .
    تأكد عدنان وقتذاك أن جهاز الوقائي ليس أفضل حالاً من غيره لأنهم وضعوه في الزنازين مع بعض المجاهدين و لم يهتموا به ، لكنه خلال ذلك تعرف إلى القائد عوض سلمي رحمه الله و مجموعة كبيرة من الشباب المجاهد حتى أمتد به السجن لمدة سنة و شهر ، ثم شدّدوا عليه الخناق داخل السجن أكثر من اللازم عام 2000 و كان همهم إحضار محمد الضيف بعد ذلك فأمسكوه في 12 / 5 / 2000 بواسطة عدنان الغول و محمد السنوار .
    عدنان و محمد السنوار وافقا على إحضار الضيف بعدما عرفت السلطة مكانه و كانا خائفين من إطلاق النار عليه أو عليهما ، كذلك أن يقوم بقتله أحد رجال المخابرات فطلبوا من عدنان أن يحضر القائد محمد الضيف إليهم مع بعض الوعود التي تؤكد بأنه سيكون مكرماً عندهم ، و بالفعل ذهبوا إلى المكان الذي تحاصره السلطة و طلبوا من محمد الضيف أن يسلم نفسه و أوضحوا له الوعود التي أعطاهم إياها رجال الوقائي فسلم القائد محمد نفسه إليهم علماً بأن الرئيس الراحل ياسر عرفات كان يتابع عملية اعتقال الضيف خطوة بخطوة . و بعد فترة وجيزة سمح جهاز الأمن الوقائي لعدنان و الآخرين بأن يغادروا إلى بيوتهم و أن يعودوا كل عدة أيام إلى هناك كذلك أعادوا إلى عدنان مدفعه الهاون و سلاحه الشخصي.
    … وجاءت انتفاضة الأقصى فاتصل جميع أفراد الكتائب ببعضهم البعض و قدموا استقالاتهم إلى جهاز الأمن الوقائي و لم يعودوا يعملوا ضمن ذلك الجهاز.

    تعليق


    • #3
      رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

      الفصل العاشر
      انتفاضة الأقصى
      " لم تكن انتفاضة الأقصى حلقة منفصلة عن سلسلة جهاد الشعب الفلسطيني و انتفاضته الباسلة المتعاقبة التي لم تنفك اشتعالاً مذ بدأت المخططات الصهيونية تتوالى و تترى استهدافاً لفلسطين ، و المغتصبون الصهاينة يلتهمون تباعاً الأراضي الفلسطينية و يحيلونها إلى مستوطنات و بؤر سكنية خاصة مطلع القرن الماضي ، و التي شهدت آنذاك ألواناً من القتل و الاغتيالات و الإعدام للعناصر المجاهدة و الوطنية المخلصة التي تولي كبرها الاستعمار البريطاني الذي رعى الصهاينة و بارك مخططاتهم و سعى في تمددهم و انتشارهم و سهر على إنشاء و تأسيس دولتهم اللقيطة و كيانهم الهزيل ، مروراً بجرائم العصابات الصهيونية التي سبقت و أعقبت الإعلان عن دولتهم المزعومة عام 1948 و عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة و رموز و عناصر الثورة الفلسطينية في عقد السبعينات و مطلع الثمانينات ، وصولاً إلى حقبة الانتفاضة المباركة الأولى عام 1987 و ما أعقبها من توقيع اتفاقيات أوسلو التي شهدت اغتيال الكثير من المجاهدين و المناضلين "
      و مع ذلك ، فإن انتفاضة الأقصى قد اكتسبت سمتاً مميزاً انفردت به عن سائر الانتفاضات و مراحل الجهاد و المقاومة الماضية في مضمار الاغتيالات التي استهدفت قادة و رموز و كوادر الشعب الفلسطيني و فصائله المقاومة ، فللمرة الأولى تتحول سياسة الاغتيالات الصهيونية إلى سياسة شاملة ذات أبعاد جنونية تشغل حيزاً كبيراً في الفهم و التخطيط و الإدارة و التنفيذ ضمن أروقة الحكومة الصهيونية و الاستخبارات و جيشها الغاشم و تستباح فيها السماء الفلسطينية بالطائرات الصهيونية التي استخدمت بكثافة لتنفيذ الاغتيالات ، و تتحول فيها المدن و القرى و المخيمات الفلسطينية إلى مرتع لدبابات و آليات و حملات الاحتلال العسكرية التي أشبعتها مداهمة و توغلاً و حصاراً و اجتياحاً لاصطياد عناصر و كوادر المقاومة .
      و للمرة الأولى في تاريخ جهاد الشعب الفلسطيني تستخدم الطائرات المقاتلة من طراز " إف 16 " في اغتيال القادة المجاهدين لحركة حماس داخل منازلهم و وسط الأحياء الفلسطينية المكتظة ، كما في اغتيال الشهيد صلاح شحادة ، و محاولات اغتيال الشيخ أحمد ياسين و إسماعيل هنية ، و الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ، و المحاولة الثانية لاغتيال الشهيد محمود أبو الهنود ، بما يعنيه ذلك من تجاوز لكافة الخطوط الحمراء و قواعد اللعبة ، و بلوغ الصهاينة ذروة الإرهاب و قمة الاستهداف بعيداً عن أية اعتبارات أو قيود سياسية أو ميدانية أو إنسانية ".*
      ***
      أمّا قبل :
      فقبل بدء انتفاضة الأقصى بأربعة أشهر فقط عمل الشيخ الشهيد صلاح شحادة قائد ومؤسس الجناح العسكري لحماس بعد خروجه من المعتقل الصهيوني وبالتعاون مع محمد ضيف وعدنان الغول وعدد آخر من قادة القسام على إعادة تشكيل خلايا كتائب القسام التي تبعثرت بفعل ضربات السلطة المتلاحقة. ومع اندلاع انتفاضة الأقصى بدأ الغول في ذلك الوقت يعمل جاهداً على تطوير الأسلحة التي بحوزة المقاومين الفلسطينيين ، فعمل على وضع استراتيجية للتسليح في حركة حماس بدءاً من تصنيع الأسلحة الخفيفة ، وانتهاءً بصواريخ القسام ، كذلك مروراً بالقذائف المضادة للدروع والعبوات الناسفة ثم تجهيزه لعدد كبير من الاستشهاديين ، كما درب المئات من المهندسين الذين ظلوا و ما زالوا يعملون على الأرض في تصنيع هذه الأسلحة ، في حين كان عدنان يشرف عليهم ويضع بعض لمساته.
      .. و في الثامن والعشرين من شهر أيلول عام 2000 و كما يعلم جميعنا ، أطلق أرئيل شارون وبمباركة من إيهود باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك ، رصاصة طائشة ما زالت تدوي وتصم الآذان في مختلف أصقاع الأرض ، رصاصة تنم عن حقد دفين من شخص حاقد على كل شيء ، شخص ألف الإرهاب في زمن انقلبت فيه المعايير، رصاصة أشعلت نيراناً كانت خامدة تحت الرماد، عندما حاول دخول المسجد الأقصى المبارك، رغم تحذيرات العديد من دول العالم لذلك ، والنداءات المتكررة التي تطالبه بعدم الإقدام على مثل هذه الخطوة ، لأن بها مساساً خطيراً بمشاعر العرب والمسلمين.
      ذهب شارون إلى المسجد الأقصى تحت حراسة نحو 3000 جندي إسرائيلي ليعلن للعالم وبشكل فاضح أن لا سلاماً إلا السلام الإسرائيلي ولا أمناً إلا الأمن الإسرائيلي ولا وجوداً إلا الوجود الإسرائيلي هذا هو المنهج الذي ينتهجه شارون وزمرته، ناسياً أو متناسياً أن الشعب الفلسطيني هو الرقم الصعب في معادلة الصراع .
      لقد هبّ الشعب الفلسطيني بكل فئاته وأطيافه السياسية ، و بدأ دور الحركة الإسلامية الراشدة و جهازها العسكري إثبات قدرته على الوقوف أمام الضربات المتلاحقة في مواجهة هذه الهجمة المتصاعدة التي لاحت في الأفق، ليثبت مرة أخرى لشارون وزمرته ومسانديه، بأن هذا الشعب الذي ارتبط بأرضه عبر آلاف السنين، لا يمكن النيل منه مهما بلغت قوة الاعتداءات ووحشيتها ومهما بلغت شراسة حرب الإبادة التي يتعرض لها.
      فقد قالوا كثيراً إنها هبة مؤقتة ستنتهي بعد يوم أو يومين، وقال المتشائمون ستستمر نحو 6 أشهر وها هي مستمرة حتى يومنا هذا ، والشعب الفلسطيني بفضل الله تعالى ثم الأجهزة العسكرية الفلسطينية و في طليعتها كتائب القسام أقوى وأشد من يومها الأول وكما كان دائما يقف القادة كالطود شامخين، ليردوا كيد المتآمرين ويغيظون المتخاذلين بدمائهم و أنفسهم في سبيل الله تعالى بل إنهم اليوم يندحرون من المستوطنات خائبين يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدي المؤمنين فيحرقون علم دولتهم الخائب .
      و في تلك الحقبة من الزمن خرج جميع أبناء حركة حماس من سجون السلطة ، و بدأوا بالتخطيط لضرب الصهاينة في كل مكان لكن حركة حماس لم تكن بتلك القوة التي كانت عليها في السابق بسبب الهجمة الشرسة التي تبنتها السلطة على أبناء الحركة لذلك لم تكن قيادة الحركة العسكرية متجمعة في إطار واحد بل كانوا أفراداً يعملون بصورة منفردة بالرغم من ذلك الاجتماع الذي سبق الانتفاضة بعدة أشهر . و بسبب ذلك كله و ما واجهته الحركة و بسبب انتفاضة الأقصى اجتمع الشيخ أحمد ياسين في شهر يونيو من العام 2001مع قيادة الحركة مرة أخرى كي يتم توحيد الجهاز العسكري ضمن قيادة واحدة متفرعة إلى عدة مناطق .
      و بالفعل بدأ العمل العسكري يدخل الساحة الفلسطينية بقوة فكانت العمليات الاستشهادية التي هزت أرجاء المعمورة و ظاهرة الاستشهاديين التي لاحت بصورة أكبر من انتفاضة الـ87 . لذلك كله كانت قيادة كتائب القسام الراشدة تعمل ليل نهار لا تكل و تمل ، بل كانت كل يوم في تطور جديد و ذلك كله بفضل الله تعالى ثم فضل المجاهدين الذي لم يدخروا جهداً من أجل رفع راية الإسلام خفاقة في ربوع الكون ، فكان عدنان الغول في الميدان مع القائد محمد ذياب إبراهيم المصري ( الضيف) و سعد العرابيد وعوض سلمي وغيرهم كثير يدافعون عن ثرى هذا الوطن ، فقدم الشيخ عدنان الغول ولديه بلالاً و محمداً كذلك قدّم صهره و ابن أخيه المهندس عمران في هذه الانتفاضة المباركة ، و لم يسلم هو نفسه من محاولات الاغتيال التي طالته في النهاية يوم الخميس 21 / 10 / 2004 رحمه الله تعالى و أسكنه الفردوس الأعلى .
      إلى ذلك ، فإن انتفاضة الأقصى قد اكتسبت سمتاً مميزاً انفردت به عن سائر الانتفاضات و مراحل الجهاد و المقاومة الماضية في مضمار الاغتيالات التي استهدفت قادة و رموز و كوادر الشعب الفلسطيني و فصائله المقاومة ، فللمرة الأولى تتحول سياسة الاغتيالات الصهيونية إلى سياسة شاملة ذات أبعاد جنونية تشغل حيزاً كبيراً في الفهم و التخطيط و الإدارة و التنفيذ ضمن أوراق الحكومة الصهيونية و دوائر الاستخبارات و جيشها الغاشم ، و تستباح فيها السماء الفلسطينية بالطائرات الصهيونية التي استخدمت بكثافة لتنفيذ الاغتيالات ، تتحول فيها المدن و القرى و المخيمات الفلسطينية إلى مرتع لدبابات و آليات و حملات الاحتلال العسكرية التي أشبعتها مداهمة و توغلاً و حصاراً و اجتياحاً الاصطياد عناصر و كوادر المقاومة .
      و للمرة الأولى في تاريخ جهاد الشعب الفلسطيني تستخدم الطائرات المقاتلة من طراز " إف-16" في اغتيال القادة و المجاهدين لحركة حماس داخل منازلهم و وسط أحياء سكنية مكتظة ، كما في اغتيال الشهيد صلاح شحادة ، و محاولة اغتيال الشيخ أحمد ياسين و إسماعيل هنية و عدنان الغول و محمد الضيف في المرة الأولى بمنزل الدكتور مروان أبو راس . و محاولة اغتيال الدكتور محمود الزهار و الدكتور عبد العزيز الرنتيسي و غيرهم كثير …
      ***
      تقول أم بلال خلال ما حدث معهم في تلك الانتفاضة بإيجاز " تنقلنا للعيش في تسعة عشر منزلاً منذ اندلاع انتفاضة الأقصى ، لا نختلط بأحد من الجيران ، ولا نزور أحداً ، أحبس أطفالي الصغار الأربعة داخل المنزل حتى لا يسمع صوت ضجيجهم الجيران ، وألحقت جميع أبنائي في مدراس خاصة حتى لا اضطر لنقلهم من مدرسة إلى أخرى لكثرة ترحالنا وتنقلنا، كما عرفوا جميعهم بين أصحابهم في المدرسة بأسماء مستعارة . أما زوجي فقد كان يأتي إلى المنزل متنكراً في ساعات متأخرة من الليل حتى لا يراه أحد، فتارة يأتي على شكل رجل كبير السن يلبس عباءة وكوفية، وتارة أخرى بلحية وشارب، وهكذا.. "
      ______________________
      * " الاغتيالات الصهيونية " سلسلة انتفاضة الأقصى

      الفصل الحادي عشر
      محاولات الاغتيال
      لقد حير عدنان الغول قوات الاحتلال الإسرائيلي خلفه لمدة طويلة ما بين حسن تدبيره في اختيار أماكن تواجده و حرصه على اتباع أقصى درجات الحيطة و الحذر في تنقلاته و ما بين حفظ الله له بقدره . لقد عاش عدنان في ظل أجواء التخفي و الحذر لسنوات و لم يكن له ظهور على الساحة من خلال أجهزة الإعلام أو الشارع الفلسطيني و إنما كان يختفي بأداء أدواره في الحركة خلف الستار ، لكن كان دائماً هناك من يترصده فكانت محاولات للاغتيال ، نذكرها هنا :
      محاولة الاغتيال الأولى
      وليد الأسود أحد قادة الجبهة الديمقراطية و أحد أفراد حركة الجهاد الإسلامي لاحقاً ، العميل الذي كاد يودي بحياة القائد عدنان الغول بحادثة السم ، فقد كان وليد يعمل لدى قريبة فايز الأسود في كتائب الأقصى ( التابعة لحركة الجهاد الإسلامي ) و ظل فترة من الزمن ضمن ذلك التنظيم ثم انتقل إلى حركة الجهاد الإسلامي ضمن مجموعات فتحي الشقاقي ، و الذي قد يكون مسؤولاً هو نفسه عن اغتيال فتحي الشقاقي كما صرح القائد عدنان بأمره ذات مرة ، لأنه وحده من كان يجهز التأشيرات للدكتور الشقاقي .
      حاول العميل وليد الأسود التعرف على عدنان أكثر من مرة و في أكثر من لقاء ، لكن عدنان كان متوجساً منه لا شعورياً ، فقد جاء ذات مرة مع أحد أقارب عدنان كي يتوسط له عدنان لدى جهاد العمارين رحمه الله بقضية ما ، و حين ذهب عدنان إلى الشهيد القائد جهاد العمارين نصحه الأخير بأن يترك الأسود و لا يشترك معه في أي عمل لأنه يتوجس منه أيضاً .
      لكن الأسود لم يكف عن عدنان فحين جاء عدنان إلى أرض الوطن قابله الأسود في نهاية عام 1994 و أخبره بأن لديه قطعتين سلاح من نوع مسدس و كلشن و يريد أن يبيعهم لأنه سوف يسافر إلى أوروبا فقد ملّ الحياة في فلسطين ، فرأى عدنان أن الأمر جيد ، فخرج معه في سيارته ، و دعاه وليد قبل أن يذهب إلى المنزل إلى العشاء في مطعم حيفا ، و هناك اتفقا على سعر السلاح الذي اشتراه عدنان بثمن بخس ، بعد ذلك ذهبا إلى منزل وليد الأسود و نزل عدنان مع وليد من السيارة ثم صعدا إلى منزل الأسود ،فأحضر وليد فنجان القهوة لعدنان و وضعه أمامه ، ثم أخذ بعد ذلك عدنان السلاح و غادر المكان ، الأمر الذي ترتب بعد ذلك بساعتين فقط هو أن عدنان بدأ يتقيأ و أصبح كثير الإسهال .
      استقل عدنان سيارته و ذهب إلى مكتب الاستقبال في مستشفى الشفاء بغزة فأعطاه الأطباء إبراً مسكنة ثم نام لكنه في الصباح عاد كما كان ليلة الأمس ، حينها شعر عدنان بالخوف من أن يكون قد شرب سماً على يد المدعو وليد الأسود ، و بقى أياماً على ذلك ، و بعد أسبوعين اصبح عدنان كالشريطة ناشفاً فاتصل بجهاز المخابرات و أخبرهم بما جرى معه فذهب رجال المخابرات لاعتقال العميل وليد الأسود فوجدوه قد غادر إلى داخل الخط الأخضر رغم أنه في تلك الحقبة من الزمن لم يستطع أحد الدخول بسبب إغلاق الخط الأخضر أمام الجميع فتأكد للجميع أن ما شربه عدنان كان سماً وضعه العميل وليد الأسود لأبي بلال في محاولة لاغتياله .
      مكث عدنان مدة طويلة في مستشفى الشفاء و كان وضعه الصحي صعباً جداً بل أصبح جسد عدنان نحيلاً بصورة لا يحسد عليها ، حتى أضحى على شفا الموت لكن قدرة الله كانت نافذة ، فقد جاء إليه أحد أصدقائه من رجال الكتائب و أخبره بأن إحدى النسوة في المخيم تتعامل بالطب النبوي و أنها قد تساعده على العلاج ، فقرر عدنان الذهاب معه متحملاً المسؤولية بنفسه ، و في المخيم التقى الشيخ عدنان بأم خميس التي ظلت تقرأ قرآن حين رأت الشيخ عدنان و تدعو له بالحماية و الرحمة ، ثم طلبت منه أن يشرب بعض الأعشاب التي أعطته إياها ، فشربها و شعر بالغثيان ، و لم يستطع إكمال الكوب لكنه قبل أن ينتهي منه دلف كل ما في معدته ، و بدأ يتقيأ بشكل عنيف حتى شعر بأن بطنه يكوي ناراً ، حتى أنه تقيأ في تلك الليلة قرابة عشر مرات ، لكنه في نهاية ذلك النهار شعر بتحسن ملحوظ في صحته ، فقد تاقت نفسه للقهوة التي يحبها ، و للطعام الذي حرم منه عدة أسابيع فغادر المكان شاكراً العجوز التي كان لها الفضل من بعد الله بأن ينجو القائد من محاولة اغتيال ثالثة و يعود إلى حياته الجهادية من جديد .
      تلك الليلة ذهب عدنان إلى منزل أخته زينب في مخيم الشاطئ و شرب بعض العصير ثم أخبرها بأنه يتوق إلى " عشوة سمك " فتعشى مع أخته و أبناء أخته و كانوا مسرورين جداً بتحسن صحة الخال الذي بدت عليه الراحة بعد كل هذا العذاب .
      بالنسبة للإسهال فقد استمر مع عدنان فترة قصيرة ثم انقطع لكنه قبل أن ينقطع كانت جلدة رأس عدنان قد أضحت خالية من الشعر و رموش العين قد تساقطت ، و لم يبق منها سوى القليل .
      محاولة الاغتيال الثانية
      في عام 1995 أرسلت المخابرات الإسرائيلية في محاولة أولى لاغتيال القائد عدنان الغول أحد عملائها ، الذي ادعى بأنه مزارع من مدينة طولكرم ويرغب في إقامة عدة مشاريع زراعية مع أحد اخوة القائد عدنان في بيارة العائلة ، وخلال الفترة الزمنية التي مكث بها ذلك العميل في غزة حاول أن يُكوّن صداقة بينه و بين أخيه ثم أهدى لعدنان جهاز هاتف نقال ، وجهازاً طبياً للضغط لأبي بلال حيث كان يعاني عدنان من مرض الروماتيزم منذ صغره.
      في ذلك العام و بينما كان الشهيد القائد يحيى عياش و زوجته يختبئان هناك جاء ذلك العميل ، لكنه لم يستطع أن يخدع عدنان حيث كان حِرص العميل على استخدام القائد عدنان لتلك الأجهزة والاتصال بها ، فأخذ أبو بلال تلك الأجهزة التي أهداها إياه وأعطاهم للقائد يحيى عياش كي يفحصهم ويتأكد من سلامتهم، وبالفعل قد صدق حدس الجميع حيث كان كُلاً من جهاز الضغط والهاتف النقال يحتوي على قنابل شديدة الانفجار، فأرشد يحيى عياش الجميع إلى أن يقوموا بإشعال نار كبيرة داخل حاوية القمامة الرئيسية في المنطقة ، ثم يلقوا هذين الجهازين بهما، وإذ بهما يحدثان انفجاراً ضخماً يهز المغراقة بأكملها .
      محاولة الاغتيال الثالثة
      في إبريل 1997 و في الوقت الذي عمل فيه عدنان بمكتب جهاز المخابرات الفلسطينية في تجمع السرايا بغزة ، طلب منه أحد أفراد الجهاز بتفكيك قنبلة كانت بحوزته ، و قال لعدنان " إذا كنت خبير متفجرات حقاً فأرني شطارتك في إصلاح هذه القنبلة؟ " فأراد عدنان حينها تفكيك تلك القنبلة داخل مكتب جهاز المخابرات إلا أن ذلك العميل رفض و قال " أنا أخاف من القنابل ، أصلحها في بيتك و سآخذها منك غداً " ، و حين عاد أبو بلال إلى بيته في منطقة المغراقة كان لديه شعور بأن ذلك الشاب عميل للصهاينة ، فخرج إلى الأحراش و حاول أن يفك الصاعق بخفة إلا أنه شعر بأن القنبلة على وشك الانفجار ، و بسرعة البرق حاول أن يلقيها بعيداً إلا أنها تفجرت بين يديه ، و نجىّ الله عدنان من محاولة اغتيال ثانية ، غادرة ، جبانة لكنه أصيب بأذى طفيف خلال تلك المحاولة حيث أن كفه اليمنى فقدت البنصر و الوسطى .
      ما اكتشفه عدنان بعد ذلك أن العميل قد أحضر قنبلة إسرائيلية بصاعقين ، تنفجر بمجرد فك الصاعق الأول و ذلك ما حدث مع أبي بلال بالضبط و قد اختفى ذلك العميل بعد تلك الحادثة من المنطقة كلها .
      محاولة الاغتيال الرابعة
      كان عدنان مسروراً جداً بعد أن نجح في صنع أول صاروخ قسام و إطلاقه بنجاح ، و في تاريخ 22/8/2001 دعا عدنان أصدقاءه القادة إلى وليمة غداء و كي يريهم أخر ابتكار له في مجال التصنيع فذهب مع ولده بلال إلى أحد الأماكن بمنطقة المغراقة ، و لعب مع ابنه بلال هناك كرة قدم قبل أن يصل أي من الضيوف فكان مسروراً جداً حتى جاء القائد محمد الضيف و القائد سعد العرابيد و القائد يوسف أبو هين إلى المكان و تناولوا طعام الغداء ثم بدأوا بتجريب إطلاق الصاروخ الذي نجح بفضل الله فقرروا مغادرة المكان ، لكن عين الغدر و الخيانة كانت تترصدهم ، فقد تابعهم العملاء على ما يبدو و عرفوا ما يجري فأبلغوا الصهاينة بذلك .
      كان القائد الشهيد عدنان و ولده بلال يسيران في السيارة الأولى أما القائد محمد الضيف و سعد العرابيد و يوسف أبو هين يسيرون في السيارة الثانية ، و كان بلال " نجل عدنان الأكبر " يقوم بحراسة سيارة القادة أثناء سيرها ، و لسرعة بديهة بلال فقد أبدى شجاعة و حسن تصرف حين رأى طائرات الاباتشي ترصد السيارة التي يستقلها مع والده فطلب من والده النزول من السيارة فيما بقي وحده ، و بالفعل نجح بلال فأطلقت الطائرة الصاروخ الأول الذي لم يصب السيارة فنزل بلال بسرعة و احتمى بحائط و اصطدمت السيارة بعمود قابلهم ، فنزل القادة تحت الشجر ، و ما أن أطلقت الطائرة الصاروخ الثاني حتى كان بلال جثة متفحمة بجوار جدار أحد المنازل و قد فدى والده و القادة بعد أن موّه إلى الطائرة بسيارته التي يستقلها. على ذلك تحدثت جميع الصحف العبرية و العربية ، فقالت :
      ***
      (العملية الفاشلة شاركت فيها كل طواقم العمل العسكري الصهيوني : تل أبيب تعترف بمحاولتها اغتيال القائد القسامي عدنان الغول وتحقق في أسباب الفشل )
      أفادت تقارير عبرية أن وزير الجيش الصهيوني قرر إجراء تحقيق لمعرفة الأسباب التي أدت إلى إخفاق محاولة اغتيال عدد من قادة الجناح العسكري لحركة "حماس" في غزة، و تعهدت حركة حماس بأن ردها سيكون قوياً ومدويًا. علما أن حماس نفت هذه الرواية الصهيونية وأكدت أن المستهدف هو الشهيد بلال الغول ولم يتأكد وجود الضيف وعدنان الغول والعربيد في السيارة الأخرى.
      وأشارت التقارير إلى أن دولة الكيان كانت تنظر إلى هذه العملية على أنها الأهم في سلسلة الاغتيالات التي تمارسها ضد رموز المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة.
      وذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن (إسرائيل) أخفقت في محاولة اغتيال عدنان الغول "المهندس" والذي يُعد من أبرز كوادر حركة "حماس" في فلسطين ، والذي قيل إنه كان أثناء محاولة الاغتيال يستقل سيارة مع القيادي البارز محمد ضيف. وسيقوم وزير الجيش بنيامين بن العيزر بالتحقيق مع كبار ضباط أجهزته العسكرية والأمنية لمعرفة الأسباب التي أدت إلى إخفاق محاولة الاغتيال. وكانت العملية الفاشلة قد أسفرت عن استشهاد بلال الغول نجل عدنان الغول وعلى ما يبدو إصابة سعد العربيد المسؤول عن مقتل الكولونيل الصهيوني مائير مينتس في العام 1993.
      وأوضحت تقارير عبرية أن عملية اغتيال عدنان الغول كان من المقرر أن تشكل إنجازا كبيرا في مجمل سياسة الاغتيالات المركزة التي تمارسها دولة الاحتلال. وعدنان الغول من كبار قادة الجناح العسكري ، ويعتبر الخبير الأول في إعداد العبوات الناسفة. وهو مطلوب لأجهزة أمن العدو منذ خمس عشرة سنة ، ومع مضي الوقت تحول إلى هدف منذ أخلت السلطة الفلسطينية سبيله من السجن مع بداية اندلاع انتفاضة الأقصى.
      وأفادت التقارير العبرية أن محاولة الاغتيال التي دبرت بناء على معلومات استخبارية قدمها جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) وبالتنسيق مع سلاح الجو الصهيوني أقرت من قبل جميع المستويات العسكرية الميدانية والأمنية برئاسة وزير الجيش نفسه. وقد وضع رئيس الوزراء آرائيل شارون في صورة التدبير والمصادقة على تنفيذ العملية.
      وفي هذا الصدد تدعي المصادر الأمنية الصهيونية أن الأشخاص الذين كانوا مع الغول في السيارة ومن ضمنهم على ما يبدو المسؤول عن مقتل الضابط الإسرائيلي مائير مينتس، ويعتبر الذراع اليمنى لمحمد ضيف. وأصيب العرابيد بجراح بالغة، وفرضت الأجهزة الأمنية الفلسطينية تعتيما على هويته، ولم تسمح لأحد بالاقتراب من المشفى الذي يتلقى فيه العلاج.
      وتقول مصادر أمنية صهيونية إن السيارة الثانية التي كانت على ما يبدو تقل عدنان الغول ومحمد ضيف لم تتعرض لإصابات. وبعد مضي وقت قصير تمكنت إحدى نقاط المراقبة التابعة للجيش من رصدهما، وهما يطلقان عدة قذائف هاون وينسحبان من الموقع. وفي محاولة منه لتغليف العملية الفاشلة بغلاف من التعتيم أصدر الناطق باسم الجيش بياناً مقتضباً أوضح فيه أن العملية نفذت رداً على إطلاق قذائف الهاون. وجاء البيان العسكري الصهيوني على النحو التالي :"في إطار محمد ضيف ومرافقيه ـ لم يكونوا المستهدفين بالذات وقد أبلغت القيادة العسكرية الصهيونية عن وجودهم فيما بعد".
      وقد نفذت العملية في حوالي الساعة السادسة مساء. وقد كلفت مروحيتان صهيونيتان من نوع أباتشي بتعقب السيارتين اللتين كانتا متجهتين شمالا إلى مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة. وقامت الطائرتان بإطلاق صاروخين أصابا بدقة إحدى السيارتين التي كان بها بلال الغول نجل عدنان الغول وفي أعقاب إخفاق محاولة الاغتيال ، أعرب عدد من كبار ضباط الجيش الصهيوني عن غضبهم الشديد عندما اتضح أنها لم تسفر عن إصابة عدنان الغول، وأكثر من ذلك عندما قيل إن محمد ضيف كان في السيارة، وقال الضباط الصهاينة :" أضعنا فرصة نادرة للنيل من شخص مسؤول عن موت عشرات اليهود، ولا يزال ضالعا في إعداد عمليات تفجيرية من المتوقع حدوثها في أقرب وقت".
      (حماس تؤكد أن المستهدف من عملية الاغتيال أمس هو الشهيد الغول وتعِد برد قريب وتشكك في رواية الاحتلال )
      أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن ردها سيكون قويا على اغتيال الناشط فيها بلال الغول، وهو نجل أحد قادة جناحها العسكري المعرف باسم كتائب "عز الدين القسام"، وأن الردّ قادم لا محالة.
      وقال الدكتور الرنتيسي إن على الصهاينة أن يعلموا أنهم سيدفعون ثمن ما يقوم به شارون من حماقات، وأن الرد قادم"، مشيرا إلى أن مسلسل الاغتيالات لن يتوقف إلا إذا كان هناك رد قوي عليه، مشددا في الوقت نفسه على أن عملية الاغتيال هذه "تأكيد على استمرار شارون في مسلسل الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني".
      السلطة و حماس في جنازة بلال الغول
      فقد أفسدت أجهزة السلطة الفلسطينية عرس الشهيد القسامي بلال عدنان الغول –18عاما – الذي اغتالته مروحيات صهيونية شمال مخيم البريج وسط قطاع غزة و أصابوا شابين من أنصار حركة حماس بعيارات نارية .
      و بدأت تحرشات جهاز الأمن الوقائي بحركة حماس و استمرت عبر قيام مسلحين من الجهاز بالطواف في شوارع المدينة عبر مكبرات الصوت بأن الشهيد الغول أحد شهداء الأمن الوقائي رافضين التسليم بأنه عضو سري في كتائب القسام و يمثل الذراع اليمنى لوالده المسجل أيضا في الأمن الوقائي للتعمية على الاحتلال .
      فقد منعت عناصر الأمن الوقائي و الشرطة أنصار حركة حماس من تشييع الشهيد و اعتدى عناصر حفظ النظام و التدخل السريع بالشرطة بالضرب على نحو عشرة شبان قبالة مستشفي الشفاء بالمدينة و منعوا سيارة حماس الخاصة بالميكروفون من متابعة نشاطها و كسروا رايات حماس و الرايات الإسلامية .
      و حمل عناصر الوقائي جثمان الشهيد الغول إلى مسجد الكتيبة بغزة بخلاف ما أعلنته حماس عن تشييعه من المسجد العمري الكبير بغزة و نظموا له جنازة عسكرية و منعوا أحدا من الاقتراب من الجثمان ، و شارك أنصار حماس في المسيرة فيما لوحظ وجود أمني كبير جدا في الجنازة من عناصر الشرطة و الوقائي و في وسط شارع عمر المختار حدثت مشادات كلامية بين المشاركين و قام عناصر الوقائي و الشرطة بالاعتداء بالهراوات و إطلاق قنابل الغاز و الصوت و العيارات النارية في الهواء و باتجاه أرجل المشاركين مما أدى إلى إصابة شابين على الأقل أحدهما برصاص الدمدم المتفجر .
      و اختطف عناصر الوقائي جثمان الشهيد إلى مكان مجهول ويعتقد أنهم سيقومون بدفنه وحدهم و منع حركة حماس من المشاركة في التشييع .
      و إثر الحادث قام أنصار حماس بالانسحاب من مسيرة التشييع التي فسدت بفعل الأحداث عائدين إلى بيت عزاء الشهيد الذي أقامته الحركة في مخيم الشاطئ حاملين جراحهم على أكفهم من أجل قائدهم عدنان الغول .
      ما لم يحققه عدنان
      * حلم راود عدنان الغول فأخبر زوجته به ، فقد قرر عدنان قبل استشهاد بلال بأسبوع واحد فقط أن يرسل ولده بلال في عملية استشهادية ، و أخبر الزوجة بأنه ينتظر أية عملية مناسبة كي يرسله إليها ، لكن الجنة لم تنتظر ذلك حتى يزورها بلال ، بل جاءت نحوه و استشهد بعد أن فدى والده ، فكانت نِعم الشهادة التي حمى فيها والده قائد سلاح الهندسة لكتائب القسام ، و خيرة رجال الأمة جمعاء.
      * كذلك حرم الأب من تشييع جثمان فلذة كبده البكر بلال لدواع أمنية و لم يشارك في الجنازة أيضاً إلا أن ما هدأ من روعه قليلاً أنه ذهب ليلة استشهاده إلى مستشفى الشفاء و ألقى نظرة الوداع على ولده و هو ملقى في ثلاجة الموتى فخرج و الدمع يملأ مقلتيه ، لقد كان وداعاً من نوع خاص يحمل الحنين إلى الابن الذي فدى أباه و قادة المجاهدين .
      محاولة الاغتيال الخامسة
      في تاريخ 9 / 3 / 2002هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل القائد أبي بلال بعد أن حاصرته . فقد اقتحمت القوات الإسرائيلية الخاصة المنزل في منتصف الليل في قرية المغراقة و داهمت المنزل و قامت بوضع المتفجرات في أرجائه و من ثم تم نسفه ، علماً بأن القائد عدنان كان ليلتها موجوداً هناك لكنه و برعاية الله و حوله قد غادر المكان قبل محاصرته بساعات .
      محاولة الاغتيال السادسة
      في تمام الساعة الثالثة و خمسين دقيقة من فجر الجمعة ، السابع و العشرين من شهر حزيران 2003 عاد المجاهد القائد عمران الغول و ابن عمه محمد الغول ( ابن القائد عدنان ) من الرباط على الثغور تلك الليلة ، فدخل المجاهد عمران إلى المنزل ، و خرج المجاهد محمد ليتوضأ لصلاة الفجر فشعر بوقع أقدام داخل البيارة ، فاكتشف أنهم الصهاينة على بوابة البيارة فاشتبك معهم بمسدسه الشخصي ليفرغ رصاصه ثم يستشهد ، وعندما سمع القائد عمران صوت إطلاق الرصاص و القنابل استعد للمواجهة ، وعندما اقتربت مجموعة من الجنود فجّر فيهم عبوتين انتشاريتين زنة كل واحدة منهما 15 كيلو جراماً ، فوقع عدد كبير من الصهاينة مضرجين بدمائهم ، ثم بدأ عمران بإطلاق الرصاص من سلاحه الرشاش حتى استشهد ، و أصيب في هذه الأثناء شقيقه محمود فتركه الصهاينة ينزف فترة طويلة قبل أن يتم اعتقاله و بعد استشهاد المجاهدين عمران و محمد تقدمت دبابة من جهة الغرب أطلق عليها مجاهدو كتائب القسام صاروخ ( بنا) أعطبها وأعاق حركتها ، بعد ذلك توجهت القوة الصهيونية إلى بيت المجاهد زكريا الصعيدي فاشتبك معهم و استشهد ، كذلك أصيب شقيقه أكرم و اعتقل الصهاينة والده و شقيقه الأصغر .
      و بعد انتهاء المعركة و انسحاب قوات العدو الصهيوني وجد مجاهدو كتائب الشهيد عز الدين القسام بقايا من أشلاء الجنود الصهاينة و جعباً عسكرية و رصاصاً مما يدل على كثرة عدد القتلى و الجرحى بين الجنود المغتصبين ، و قد اعترف الصهاينة بمقتل الرقيب أول أريز أشكينازي و إصابة آخر مخفين باقي خسائرهم التي تقدر بأكثر من سبعة قتلى في تلك العملية .
      محاولة الاغتيال السابعة
      في بداية عام 2003 قام أحد العملاء الذين باعوا دينهم للشيطان بإطلاق النار ليلاً على القائد عدنان الغول أثناء سيره في أحد شوارع مخيم الشاطئ الفرعية ، لكن الله سلّم القائد من تلك المحاولة التي كادت تقضي عليه لعدم وجود أي أحد بالمكان ، و قد اختفى عدنان لحظتها بعد أن اتصل بأفراد كتائب القسام الذين حلقوا حول المكان بحثاً عن ذلك العميل لكنه كان قد فر بسرعة البرق دون أن يترك أي أثر لمكانه.
      محاولة الاغتيال الثامنة
      في حوالي الساعة 4:00 من بعد ظهر يوم السبت الموافق 6/9/2003، كان الاجتماع قد انتهى في منزل الدكتور مروان أبو راس و تناول القادة طعام الغداء . كانوا جميعاً مسرورين يتمازحون ، لكن قوة الانفجار أيقظتهم من ضحكهم ، فقد قصفت القوات الإسرائيلية منزل الدكتور مروان بعد وشاية وشى بها أحد العملاء عن وجود قادة الحركة السياسية و العسكرية في ذلك المكان الذي أطلقت عليه طائرة حربية تابعة لقوات الاحتلال صاروخاً واحداً أصاب الطابق الثالث من المبنى السكني الذي يقع في حي الدرج وسط مدينة غزة ، وقد دمر الصاروخ الطابق الثالث بالكامل، فيما لحقت أضرار جسيمة ببقية المبنى الذي اشتعلت فيه النيران ، غير أن الجميع أصيب بجراح . كما أصيب د. أبو راس بشظايا في الساقين ، و قد نجا الله القادة جميعاً .
      لقد كان حسن حظهم أن الشيخ أحمد ياسين متعب قليلاً لذلك طلب من الدكتور مروان أن يكون الاجتماع في الطابق السفلي بالرغم من أنهم كانوا قد اجتمعوا اكثر من مرة في الطابق العلوي الذي تم قصفه . و حين حدث القصف خرج الجميع مسرعين مهرولين بسهولة رغم أنهم اصطدموا بأسلاك و حديد و حجارة ، و كان وجه القائد عدنان كما البقية يمتلئ بالغبار و قد جرح أثناء فراره ، و قد اختفوا جميعاً بعد ذلك الانفجار ، مع العلم أن الاجتماع كان يحضره الشيخ القائد أحمد ياسين و الشيخ إسماعيل هنية و القائد محمد الضيف و القائد أبو بلال . و حفظ الله المجاهدين جميعاً .


      الفصل الثاني عشر
      الاغتيال
      في صبيحة يوم الخميس السابع من رمضان 1425هـ ، الموافق 21 / 10 / 2004 دعا عدنان جميع أفراد عائلته إلى طعام الإفطار و كان متلهفاً لرؤية أحفاده و بناته ، فمكث في منزله بمنطقة التفاح بجوار مسجد المحطة ، و في تلك اللحظات لاحظ عدنان أن المجاهد عماد عباس يضع سيارته في المنطقة قريباً من منزله ، فأرسل ولده محمود إلى عماد كي يخبره بأن يبعد السيارة عن المكان .
      وبعد صلاة قيام ليلة الثامن من رمضان جلس القائد عدنان الغول مع زوجته وأبنائه الصغار وزوجي ابنتيه ، وبعد أن أفطر معهم وصلى بصحبتهم صلاة العشاء وصلاة التراويح عشرين ركعة ، جلس ينتظر حتى تغادر الطائرات الصهيونية سماء المنطقة التي كانت تحلق في الأجواء ليخرج لمواصلة جهاده ، ولكن صوت طائرة الاستطلاع (الزنانة ) كان يرتفع أكثر فأكثر، فطلب من زوجي ابنتيه ألا يغادرا المنزل بسيارتهما الخاصة حتى لا يتعرضا للاغتيال . و جلس أبو بلال بجوار زوجته وكان يرمقها بنظرات غريبة لم تره من قبل ينظر إليها كذلك طوال فترة زواجهما التي استمرت 23 عاماً ، فسألته أم بلال : لماذا تنظر إليَّ هكذا ؟ فرد عليها قائلاً: دعيني انظر إليك فربما.. .. وسكت قليلا ثم أكمل : - لقد مللت الحياة واشتقت للشهادة ، لقد طالت حياة المطاردة ، ولم يبق لي صاحب ، فجميع من كان معي سبقني إلى الشهادة حتى بلال ومحمد ، أريد أن ألحق بهم..ثم غادر المنزل و زوجته ترجوه ألا يغادر فالسماء ملبدة بطائرات الاستطلاع لكنه أصرّ على أن يخرج حتى يكمل ما عليه من أعمال عسكرية ، خاصة أنه لم يتمكن من الخروج من المنزل منذ يومين .. و ما أن خرج حتى دب الرعب في نفس الزوجة التي قررت الاتصال بزوجها عن طريق الهاتف المحمول ، و في خلال الحديث كانت الزوجة تدعو الزوج إلى الاختباء و التخفي من الشوارع حتى انقطع الاتصال بصوت انفجار هائل ، وما هي إلا دقائق معدودة وكان الشهيد عدنان الغول قد التحق بكوكبة الشهداء وحقق الله له أمنيته ليلحق بقائديه الشيخ أحمد ياسين وصلاح شحادة وولديه محمد وبلال بعد حياة مسطرة بنور الجهاد لأكثر من 23 عاماً ، و قد وصل إلى المستشفى أشلاء متفحمة بحيث صعب في البداية التعرف على هوية القائد عدنان . خلال ذلك بدأت أصوات المساجد ترتفع و بدأت الدنيا تتغير ، فقد كانت القوات الإسرائيلية قد اغتالت أخيراً القائدين القساميين عدنان الغول وعماد عباس في القصف الصهيوني الذي استهدف سيارتهما نحو الساعة التاسعة مساءً حيث كانت تسير السيارة التي كانا يستقلانها في شارع يافا وسط مدينة غزة و قد أسفر ذلك عن استشهاد القائدين وإصابة عدد آخر من المواطنين ، فقد كانت طائرات الاستطلاع الصهيونية هي التي قصفت السيارة التي يستقلها القائد عدنان و رفيق دربة القائد عماد عباس بصاروخين مما أسفر عن تحطيمها واحتراقها بشكل كامل .
      في تلك الأثناء علت أصوات المساجد و بدأت تذيع الخبر بحزن و أسى و صار الكثير من الناس يبكون لما لهذا القائد من مكانة في قلوب الفلسطينيين ، و خرجت مسيرات عفوية من كل مكان في قطاع غزة و الضفة الغربية و بدأت إذاعات محطات الراديو الفلسطينية تذيع الخبر بحزن و أسى بعدما تأكد للجميع أن الشهيد هو الرجل الثاني في كتائب الشهيد "عز الدين القسام" الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس ، القائد الكبير عدنان الغول . و بدأت الجموع تطلق النار في الهواء ، وتطالب بالانتقام لاغتيال القائد القسامي الكبير عدنان الغول " أبو بلال " كما و بدأت الإذاعات الإسرائيلية تنشر الخبر بفرح و ابتهاج كبيرين .
      و قد أكد لحظتها سامي أبو زهري الناطق الإعلامي باسم حركة المقاومة الإسلامية نبأ استشهاد المجاهدين القساميين القائد الكبير عدنان الغول و مرافقه الشهيد القسامي القائد عماد عباس وأضاف أبو زهري بأن الشهداء ليسوا خسارة ، بل هم مكسب لقضيتنا ولمقاومتنا ، هذه المقاومة التي تزكي الطريق بهذه الدماء الذكية . وأوضح سامي أبو زهري أن دماء الشهداء تزيد الشعب الفلسطيني أملاً على الاستمرار في هذا الطريق وأن استهداف القادة يؤكد على أن المقاومة هي الطريق الصحيح لمحاربة الصهاينة المحتلين . وأوضح أبو زهري في ذلك أن اغتيال قادة كتائب القسام يؤكد أن كتائب القسام تؤذي هذا العدو الصهيوني الغاصب وأن رد حماس على ذلك هو مواصلة المقاومة في وجه العدوان و هو الالتفاف حول المقاومة فهذا يزيد الشعب إصرارا وثباتا . وأضاف أيضاً بأن حماس عودت الشعب الفلسطيني المرابط و الأمة العربية و الإسلامية بأنها حركة ولودة فهي تفقد المزيد من أبنائها وقادتها لكنها قادرة وفاعلة على صناعة القادة وبشكل كبير جدا فقد فقدت خيرة قادتها وفي مقدمتهم الشيخ المجاهد أحمد ياسين إلا أنها ازدادت قوة وفاعلية و قال أنه لا قلق هناك على مستقبل القوة والمقاومة فالشهداء هم مكسب الشعب و مقاومته . وهذا العدو غروره يعميه عن الحقيقة فاستهداف القادة يزيد يقين رجال القسام أن الطريق الصحيح والناجح فهو طريق هؤلاء القادة و كل الأمة اليوم تلتف حول خيار المقاومة ونهج هؤلاء الشهداء فالمستقبل للأمة المسلمة و للمقاومة .


      الفصل الثالث عشر
      دفن القائد
      خرج عشرات الآلاف من سكان قطاع غزة لوداع القائد الكبير و الرجل الثاني في كتائب القسام يحيى "عدنان " محمود جابر الغول (46 عاما) من قرية هربيا و الشهيد عماد عباس (31 عاما) أحد القادة البارزين في كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ، وانطلق الموكب الجنائزي من مشفى الشفاء بمدينة غزة ومن ثم اتجه إلى "منزلي الشهيدين" من اجل إلقاء النظرة الأخيرة عليهما قبل الصلاة عليهما في المسجد العمري الكبير. وتقدم عدد من قادة حركة "حماس" والعشرات من المسلحين الذين أطلقوا النار في الهواء وهم يتوعدون بالرد القاسي و المؤلم و بالعمليات النوعية و الصواريخ المزلزلة. و قد توافدت الجماهير منذ الصباح و حضرت عشرات المسيرات من مساجد قطاع غزة إلى المسجد العمري الكبير وسط مدينة غزة، حيث أديت صلاة الجنازة هناك بعد صلاة الجمعة على جثماني الشهيدين القائدين عدنان الغول و عماد عباس، ومن ثم انطلقت الجنازة وقد حُمل جثمانا الشهيدين على أكتاف المشيّعين الذين قدّر عددهم بما يزيد عن 250 ألف مشيع ، بينهم عدد من المسلحين من كافة الفصائل الذين أطلقوا النار في الهواء إكراماً وتقديراً للشهيد الغول، الذي يحظى بعلاقات طيبة مع الجميع ونقل خبرته لبقية الفصائل العسكرية.
      وعلى الرغم من الظروف الأمنية الصعبة التي يعيشها القطاع بفعل سياسة الاغتيالات الصهيونية والتحليق الدائم والمكثف لطائرات الاستطلاع و((الأباتشي)) في سماء القطاع، إلا أن قيادة حركة حماس أبت إلا أن تشارك في جنازة القائدين الكبيرين عدنان الغول وعماد عباس، حيث شارك عدد من قيادات الحركة على رأسهم الأستاذ إسماعيل هنية عضو القيادة السياسية لحماس، ووصف هنية الشهيد القائد بأنه كان مشروع جهادٍ ومقاومة وحده، منذ أن التحق بركب حركة حماس ، مشيراً إلى أنه كان يمتلئ حماساً وحباً للجهاد وحباً للكفاح المسلح، وأنه من أوائل من امتشق البندقية وجاب في شوارع غزة وخارجها في الدول العربية.
      وأضاف هنية: ((إن الغول عاد إلى أرض الوطن ليكمل المسيرة وليحمل الراية في سبيل الله، وليكون أحد قواعد البناء في داخل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولا يستطع أحدٌ أن ينكر هذا الدور العظيم له في إطار التصنيع وفي تطوير وسائل المقاومة وقدّم لهذه الحركة وللشعب الفلسطيني الكثير))..
      وقال: ((نعم فقدنا القائد الكبير عدنان الغول ولا شكّ أنه خسارة لحماس وللشعب الفلسطيني وللأمّة العربية، ولكن حسبنا أنه ارتقى إلى الله شهيداً، وترك من بعده جيشاً جهادياً كبيراً وجيلاً آمن بما آمن به عدنان))..
      وقال الشيخ إسماعيل هنية أثناء الجنازة المهيبة إن الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية قدمت اثنين من الشهداء والقادة العظام.
      كذلك فقد أكد مشير المصري الناطق الإعلامي باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة أثناء تشييع الجنازة أن اغتيال القائد القسامي الكبير عدنان الغول (أبو بلال) هي جريمة جديدة تضاف إلى مسلسل الجرائم التي يرتكبها الصهاينة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني ، وأضاف مشير المصري قائلاً "نؤكد أن أمثال هذه الجرائم لا يمكن أن تمر دون عقاب قاس ولا يمكن أن يقف شعبنا بأيدٍ مكتوفة أمام هذه الجرائم مشيراً إلى أن شارون يجر شعبه إلى الدمار عبر هذه الجرائم فشعبنا مستعد لتقديم الأرواح والمال من اجل نصرة المقاومة وتحرير فلسطين. وأوضح الناطق باسم حركة حماس أن العدو الصهيوني فشل في تحقيق أهدافه فالمقاومة ما زالت قوية وفاعلة وأضاف " قادة المقاومة لا يمكن أن ننساهم ودماء شهدائنا هي التي تعبد لنا الطريق طريق المقاومة حتى النصر. سنقاتلهم وسيكون الرد مؤلما " وأضاف المصري أن هذا هو خيار الشعب الفلسطيني وهذا هو نهجه فلن يتوقف عن مسيرة المقاومة فهذه هي حرب مفتوحة وسيعلم العدو الصهيوني عندما يري الرد القسامي القاسي أن الشعب الفلسطيني مستعد للتضحية وانه لا يمكن أن يرفع الرايات البيضاء مهما تعاظمت التضحيات.
      و قد شاركت الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية كذلك في مسيرات جماهيرية حاشدة للتنديد باغتيال أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية الشهيد القائد عدنان الغول.
      *****
      و قد أصدرت كتائب القسام بياناً عسكرياً قالت فيه :

      كتائب القسام تزف القائد
      ( وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين )
      بيان عسكري صادر عن
      كتائب الشهيد عز الدين القسام
      قائد جديد يترجل والموت للأعداء قادم
      رحيل كبير المهندسين بعد أن خرّج مئات المهندسين القساميين
      يا جماهير أمتنا العربية والإسلامية.. يا جماهير شعبنا الفلسطيني المجاهد..
      لا تزال الدماء القسامية الطاهرة تروي أرض فلسطين المباركة ، ولا يزال المجاهدون الأبطال يتوافدون إلى جنان الله مضرجين بدمائهم، تفوح منهم رائحة المسك الزكية ، يعبدون الطريق بأشلائهم ، يزرعونها صبراً واحتساباً و يروونها بالدماء الطاهرة الزكية لتنبت بعد ذلك نصراً وتمكينا بإذن الله تعالى. تزف كتائب الشهيد عز الدين القسام اثنين من قادتها الميامين الذين أفنوا سني أعمارهم جهدا وجهاداً ، لا تلين لهم قناة ولا تهن لهم عزيمة ولا تكسر لهم شوكة وإن امتد جهادهم عبر السنين :

      الشهيد القسامي القائد / يحيى (عدنان) محمود جابر الغول (أبو بلال)
      46عاماً من منطقة المغراقة
      أحد القيادات القسامية الكبيرة وكبير مهندسي تصنيع المتفجرات في كتائب القسام خلال انتفاضة الأقصى وما قبلها طور فيها مع إخوانه في كتائب القسام الصناعات العسكرية ونفذ العديد من المشاريع في مجال التصنيع كان آخرها قاذف الياسين المضاد للدروع.
      والمطارد لقوات الاحتلال الصهيونية لما يزيد على 18 عاماً مسطراً أسطورةً تاريخية من الصمود في وجه الاحتلال بعد أن قدم اثنين من أبنائه شهداء في أكثر من محاولة لاغتياله واعتقال ابنه الثالث.
      والشهيد القسامي القائد / عماد محمود عيد عباس (أبو أحمد)
      31 عاماً من حي الدرج
      بعد أن قدما تاريخاً مشرفاً في الجهاد والمقاومة ، واللذين استشهدا في قصف صاروخي غادر من إحدى طائرات العدو الصهيوني الغاشم للسيارة التي كانا يستقلانها في مدينة غزة مساء اليوم الخميس السابع من رمضان 1425هـ 21/10/2004م.
      إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام نؤكد أن المئات من مهندسي القسام سيواصلون الدرب من خلف قائدهم ونطمئن شعبنا وأمتنا أن الصناعات العسكرية لدى كتائب القسام لن تتأثر برحيل القائد الكبير الذي خرج مئات الاستشهاديين وقدم عشرات المشاريع في تطوير الأسلحة القسامية. وبأن خسارة شعبنا والمقاومة في القائدين يحيى الغول وعماد عباس كبيرة ولكن طريق الجهاد والمقاومة بحاجة إلى تضحيات وستكون هذه الدماء الزكية هي ضريبة النصر والتمكين بإذن الله تعالى وعزاؤنا أن الشهيد خلّف من بعده تراثاً عسكرياً كبيرا سيتواصل وسيستمر بإذن الله.
      ونؤكد بأن العدو الصهيوني الغاشم قد ارتكب حماقة عظيمة باغتياله لقادتنا القساميين، وسيعرف مدى حماقته في الوقت المناسب وبالكيفية المناسبة.
      وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
      وإنه لجهاد نصر أو استشهاد
      كتائب الشهيد عز الدين القسام
      الخميس 07 رمضان 1425هـ
      الموافق 21/10/2004م

      تعليق


      • #4
        رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

        الفصل الرابع عشر
        ردود الأفعال
        الجانب الإسرائيلي :
        دولة الكيان الصهيوني تنفست الصعداء بعد أن نالت من القائد الغول ، فبعد عشرين عاماً من المطاردة والملاحقة، لم تأل خلالها حكومات الاحتلال المتعاقبة جهداً ولا وسيلة إلا واتبعتها من أجل إنهاء حياة هذا الرجل. فوسائل الإعلام الصهيونية كانت أول من أعلن خبر اغتيال المطلوب الأقدم والأكثر أهمية في الأراضي الفلسطينية القائد عدنان الغول ، ففي الوقت الذي تضاربت الروايات الفلسطينية في اللحظات الأولى لعملية الاغتيال حول هوية المستهدفين بسبب تفحم جثتيهما، أعلنت إذاعة الجيش الصهيوني أن المستهدف هو عدنان الغول العدو التاريخي لقوات الاحتلال. ووصف بعض المحللين الصهاينة عملية اغتيال الغول بأنها أكبر وأقسى ضربة تلقتها حماس خلال السنوات الماضية بعد اغتيال القائدين الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي ، غير أن صحيفة ((يديعوت أحرونوت)) وصفت تصفية الغول بأنها ضربة أشد بكثير لحماس من تصفية الرنتيسي وياسين.
        وذكرت صحيفة ((معاريف)) أن الجيش الصهيوني نجح أخيراً وبعد مطاردة مضنية وشاقة في تصفية الغول وهو نائب محمد ضيف قائد الذراع العسكرية لحماس، والذي كان مسؤولاً عن تطوير وإنتاج صواريخ القسام .
        و قد اعتبرته إسرائيل بأنه خبير متفجرات من طراز فريد ، أعد صواريخ القسام التي يطلقها القساميون على المستوطنات الإسرائيلية . و حملته إسرائيل مسؤولية عدد كبير من الهجمات ضد إسرائيل . كذلك اعترفت بأنه أحد المؤسسين الرئيسيين لكتائب القسام و أنه قد تعرض لعدة محاولات اغتيال في السنوات الماضية ، كذلك اعتبرته الأجهزة الإسرائيلية بأنه أقدم المطلوبين لإسرائيل منذ الثمانينيات ، و قد فقد اثنين من أبنائه في عمليات إسرائيلية سابقة وهما بلال الذي قتل في 2001 خلال محاولة اغتيال والده عدنان ، ومحمد وابن عمه في 2002 خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي لمنزل الغول الذي دمر كليا في منطقة المغراقة.
        كذلك حملت إسرائيل عدنان الغول مسؤولية قتل 150 مواطن إسرائيلي و قتل فيكتور ارجوان أحد قادة جهاز الشاباك و رون طال قائد الشرطة العسكرية الإسرائيلية في غزة و عدد كبير من المتعاونين معها من العملاء . كما و حملته مسؤولية صناعة صواريخ القسام و إنشاء علاقات متميزة مع حزب الله .
        حركة حماس :
        توعدت حركة حماس برد قوي و قاسٍ فقد شرعت في إطلاق صواريخ القسام فور عملية الاغتيال للتأكيد بأن دماء الغول لن تذهب هدراً و بأن اليهود أصبحوا مستهدفين في كل بقعة من بقاع أرضنا المحتلة فرَداً على جريمة الاغتيال قام جند القسام بإمطار المغتصبات الصهيونية بعشرات صواريخ القسام وقذائف الهاون، حيث وصل عدد الصواريخ والقذائف التي سقطت على مغتصبات ((سديروت)) و((غوش قطيف)) وإيلي سيناي)) و((ناحل العوز)) و((نفيه ديكاليم)) و((كفار داروم)) وغيرها من المغتصبات إلى ما يزيد عن ثمانين قذيفة وصاروخاً خلال نبأ استشهاد القائد ، حينذاك انتشرت حالة من الرعب والهلع في صفوف المستوطنين و أعلنت سلطات الاحتلال حالة الاستنفار القصوى في جميع المدن و المستوطنات الصهيونية.
        فيما قالت كتائب القسام على لسان أبي عبيدة المتحدث الرسمي باسم كتائب القسام أن عدنان ترك بصمات كبيرة وخرج مئات المهندسين الذين سيواصلون الطريق من بعده و هم على أهبة الاستعداد أن يخلفوا قائدهم ، و أضاف أبو عبيدة بأن أبا بلال هو كبير المهندسين و العقل المدبر لمئات العمليات العسكرية التي كان آخرها قاذف الياسين و الذي أثبت فعاليته في الاجتياح الإسرائيلي لمخيم جباليا .
        و قال أبو إبراهيم في وصفه للقائد عدنان الغول " عشرون عاماً ما ذاق طعماً للراحة ، و ما ألقى السلاح و لطالما تعرض لمحاولات اغتيال ، هذا الرجل الذي عرفت بيارات المغراقة آثاره و هو يطارد الاحتلال ، و الذي كان يصنع من لا شيء عبوات متفجرة تنفجر في وجه أعداء الله تعالى .
        و أضاف أبو إبراهيم مخاطباً الشعب الفلسطيني " اطمئنوا فذاك الشهيد البطل قد أرسى قواعد التصنيع العسكري و ترك مؤسسة تقوم بأمر الله تعالى و هو راض عنها " و تابع " هذا الشهيد الذي كان يقول أغرقوا القطاع بقذائف الـ آر بي جي " حتى نتصدى لقوات الاحتلال " .
        التنظيمات الأخرى :
        فقد نعت حركة "فتح" في قطاع غزة القياديين في كتائب الشهيد عز الدين القسّام ، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ، قتلتهما قوات الاحتلال بقصف سيارتهما.
        و قال بيانٌ صادر عن حركة "فتح" إن الشهيدين عدنان الغول و مرافقه عماد عباس : "استشهدا إثر عملية اغتيال بشعة ، نفّذتها قوات جيش الاحتلال (الإسرائيليّ) مساء الخميس (21/10/2004م) بقصف سيارتهما بصاروخٍ من طائرة حربية (إسرائيلية) في مدينة غزة" . و ذكر البيان أن الحركة تشاطر عائلتي الشهيدين "و الأخوة في حركة حماس و كتائب الشهيد عز الدين القسّام أصدق و أحرّ المشاعر الأخوية و الوطنية باستشهادهما ، سائلين المولى عز و جلّ أن يسكنهما فسيح جناته مع الشهداء و الصديقين و الأنبياء و حَسُن أولئك رفيقاً" ..
        و أدانت "فتح" : "جريمة الاغتيال البشعة" و حمّلت "الحكومة (الإسرائيلية) كامل المسؤولية" ، و حذّرتها "من مغبة النتائج الخطيرة المترتّبة عنها ، و مواصلة اغتيال القيادات و الكوادر النضالية الفلسطينية" .
        و قالت إن حكومة الاحتلال : "بهذه الممارسات الإرهابية ، و جرائم الحرب البشعة ، تمعن و تهدف إلى إبقاء المنطقة في دائرة الصراع ، و تقويض أية تحرّكات و مبادرات سياسية لإخراجها من دوامة العنف و العنف المضادّ ، و خطر إرهاب الدولة (الإسرائيليّ) الرسمي المنظّم" ، كما جاء في البيان .
        كذلك شرعت باقي التنظيمات الفلسطينية بالرد على اغتيال القائد الغول و أصدرت عدة بيانات عسكرية ضمن التأكيد على الثأر لدماء الغول فقد أصدرت الجبهة الشعبية و الجبهة الديمقراطية و سرايا القدس و كتائب الشهيد أحمد أبو الريش عدة بيانات نعت فيها القائد الغول و أعلنت حالة الرعب في صفوف الاحتلال و أطلقت عدة صواريخ على المستوطنات الجاثمة على أرضنا المغتصبة .
        كما هددت لجان المقاومة الشعبية إسرائيل بأن الرد سيكون سريعاً على جريمة الاغتيال و قال أحد عناصر المقاومة لوكالة فرانس برس " على شارون و أركان جيشه أن ينتظروا رد كتائب القسام و المقاومة الشعبية ، و عملياتنا العسكرية و الاستشهادية قريبة جداً "
        السلطة الفلسطينية :
        أدانت السلطة الفلسطينية الغارة الغاشمة على الشهيد القائد عدنان الغول و قالت على لسان صائب عريقات وزير شؤون المفاوضات لوكالة فرانس برس " ندين هذا القصف و عملية الاغتيال" ثم تابع : " إن عملية الاغتيال إنما تعكس مدى إصرار الحكومة الإسرائيلية على استمرار اللجوء إلى الحلول العسكرية بدلاً من المفاوضات ، و تصعيد الوضع المتردي أصلاً لإحباط أي جهد أو تحرك لإنقاذ عملية السلام " .

        الفصل الخامس عشر
        الصحف المحلية تقول
        القائد الكبير عدنان الغول " أبو بلال " الشهيد المطارد الذي استطاع أن يطور المقاومة الفلسطينية من خلال تصنيع أسلحتها محلياً في ظل الحصار المفروض على الجهاد الفلسطيني، وشح السلاح الذي يقاومون به أقوى ترسانة أسلحة في الشرق الأوسط.
        صاحب الحقيبة
        "بدأ عدنان عمله في إعداد وتصنيع السلاح من الصفر، ومن أول تجربة أجراها كان لديه إصرار غير عادي على أن تمتلك المقاومة السلاح... بكل تواضع كان يتحرك بين خلايا المجاهدين حاملاً حقيبته.
        (م. ع.) من أوائل الذين عملوا مع الشهيد عدنان الغول .. يقول عن حقيبة المهندس التي لم تكن تفارقه: "كان يضع فيها دائماً ساعة فحص وأسلاكاً وأدوات كهربية". ويضيف: "منذ بداية علاقتي به عام 1988م كان رحمه الله يحرص على تدريبنا على ما يعرفه.. كان شعلة نشاط لا تكل، وبدأ يذيع صيته في صفوف الخلايا التي يتعامل معها حتى أصبح المرجعية في مجال التصنيع والسلاح في كتائب القسام بل مرجعية المقاومة الفلسطينية فيما بعد".
        النقلة النوعية في مجال السلاح التي تمكن الشهيد الغول من تحقيقها كانت في إعداد أول قنبلة يدوية حيث اجتهد في تشكيل مادة الTNT التي كان يضعها في كأس حتى تأخذ شكل القنبلة. ورغم شح وضعف الإمكانات المتوافرة إلا أنه تمكن من تصنيع عدد من القنابل.
        أحد مقاتلي كتائب القسام قال: "القنابل اليدوية كانت بمثابة البذرة لكافة الأسلحة المصنعة محلياً بعد ذلك، وأبو بلال كان أول من أقام مصنعاً لإنتاج القنابل اليدوية التي عمل على تطويرها في وقت لاحق بشكل فني وحرفي جعل إنتاج حماس من القنابل اليدوية يضاهي الأنواع الأخرى من القنابل المعروفة".
        وأضاف المجاهد القسامي: "من الأسلحة التي عمل عليها من البداية قذائف الأنيرجا، حيث أجرى تجارب لهذا السلاح قبل انتفاضة الأقصى واستطاع أن ينتج منه لاحقاً آلاف القذائف".
        أبو صواريخ القسام
        الشهيد عدنان الغول "أبو بلال" انطلق بعد ذلك في تصنيع السلاح فانتقل إلى تصنيع قذائف الهاون ثم عمل على مشاريع القذائف المضادة للدروع فصنع صاروخ البنا، ثم انتقل إلى محطة في غاية الأهمية في سيرته الجهادية من خلال تصنيع صواريخ القسام على مختلف مداها؛ حيث استحق لقب "أبو صواريخ القسام". وقد جد في تحسين قدراتها خلال العامين الأخيرين وتفادي الأخطار التي يمكن أن تصيب المجاهدين، والمتمثلة في طائرات الصهاينة التي كانت تستهدفهم، وبعدما كان يتم الإطلاق عن طريق الدائرة الكهربية التقليدية من خلال السلك تمكن الشهيد أبو بلال من تحويل الدائرة للعمل من خلال "التوقيت" حيث يتم تحديد وقت الإطلاق وينصرف المقاومون من المكان، وبهذا لا تتمكن الطائرات من اصطيادهم.
        ثم واصل أبو بلال عمله في مجال الصواريخ ولكن في اتجاه القذائف المضادة للدروع، فتمكن من تصنيع "البتار" الذي استخدمه المقاتلون في الاجتياحات وحقق نتائج جيدة في مواجهة قوات الاحتلال.
        أما آخر المشاريع التي تمكن من إنجازها قبل استشهاده وظهرت بشكل متميز في تصدي المجاهدين للعدوان الصهيوني على شمال القطاع فهو سلاح "الياسين"، وهو مأخوذ عن فكرة "آر بي جي2" فكان هذا السلاح فعالاً في المعركة، ومكن المجاهدين من خوض اشتباكات ومعارك مع آليات الاحتلال أعطبت العديد منها، وينقل أحد المجاهدين عن أبي بلال أنه "لن يهدأ له بال حتى يغرق قطاع غزة بهذا السلاح". أما المشروع الطموح الذي كان يعد له قبل استشهاده فكان الإعداد لمشروع الصاروخ المضاد للطائرات، وهو ما لم يتمكن من إتمامه؛ حيث كان مصمماً على تصنيع سلاح يواجه هذه الطائرات.
        الشهيد عدنان كان دائماً قريباً من الخطر والشهادة؛ لأن الخطأ الواحد في عمله معناه الموت، وقد أصيب بالفعل في إحدى تجاربه .
        المرجعية التصنيعية
        أطلقوا على الشهيد الغول أيضاً "أبو انتفاضة الأقصى" التي صنع سلاحها ووصلت لمختلف الفصائل والمقاتلين، كما اشتهرت وانتشرت مقولة في أوساط مجاهدي كتائب القسام أن "أبو بلال يستطيع أن يصنع من الرمل متفجرات".
        لقد كان المرجعية الأولى في مجال الهندسة والتصنيع؛ حيث ترك خلفه مؤسسة من مئات المهندسين في التصنيع العسكري. وحول ذلك يقول أبو عبيدة القائد في كتائب الشهيد عز الدين القسام: "إن الشهيد القائد عدنان الغول ترك بصمات كبيرة وخرّج المئات من المهندسين الذي سيواصلون الطريق من بعده وهم على أهبة الاستعداد أن يخلفوا قائدهم". وأضاف أبو عبيدة: "الشهيد أبو بلال هو كبير المهندسين القساميين وهو العقل المدبر الذي يقف وراء عشرات المشاريع العسكرية التي كان آخرها قاذف الياسين وهو سلاح مضاد للدروع استخدم في رد العدوان الأخير على شمال قطاع غزة وأثبت فعاليته".
        فلسطين تودع عدنان
        ما من شك أن خسارة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجناحها العسكري كتائب القسام بل والشعب الفلسطيني بأكمله كبيرة وقاسية بفقدان القائد القسامي وكبير المهندسين القساميين يحيي (عدنان) الغول (46 عاماً) ، كيف لا والغول وباعتراف العدو الصهيوني هو واحد من أبرز القيادات العسكرية للشعب الفلسطيني على مدار سني المقاومة الفلسطينية، والأب الروحي للمقاومة الفلسطينية جمعاء، وحّد ولم يفرّق.. بنى ولم يهدم... جاهد ولم يتخاذل في زمن كثر فيه المتخاذلون.
        يحيى الغول اختتم باستشهاده في الحادي والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي رحلة من العمر امتدت لستة وأربعين عاماً، منها عشرون عاماً من الجهاد والمقاومة والمطاردة، كان خلالها مطلوباً لقوات الاحتلال الصهيوني التي طاردته من مدينة إلى أخرى، تعرض خلالها لعدة محاولات اغتيال، غير أن الله سبحانه كان في كل مرة يخذل عدوه وينصر أولياءه، بأن يسلم القائد يحيى ليكون ذخراً للمقاومة الفلسطينية جمعاء، وأباً روحياً للتصنيع العسكري المعتمد أساساً على الخبرة والفطنة والذكاء.
        القسام تنعي عدنان
        ((كتائب الشهيد عز الدين القسام)) الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) زفت في بيان لها استشهاد ((اثنين من قادتها الميامين الذين أفنوا سني حياتهم جهداً وجهاداً، وزفت في بيانها القائد الكبير يحيى (عدنان) محمود جابر الغول (أبو بلال) ووصفته بأحد القيادات القسامية الكبيرة، وكبير مهندسي تصنيع المتفجرات في كتائب القسام خلال انتفاضة الأقصى وما قبلها، والتي طور فيها مع إخوانه في كتائب القسام الصناعات العسكرية ونفذ العديد من المشاريع في مجال التصنيع، كان آخرها قاذف ((الياسين)) المضاد للدروع، واعتبر بيان الكتائب أن الغول كان مطارداً لقوات الاحتلال الصهيونية لما يزيد على 18 عاماً مسطراً أسطورةً تاريخية من الصمود في وجه الاحتلال، بعد أن قدم اثنين من أبنائه شهداء في أكثر من محاولة لاغتياله واعتقال ابنه الثالث.
        كما زفت كتائب القسام الشهيد القسامي القائد عماد محمود عيد عباس (أبو أحمد) (31 عاماً) من حي الدرج بعد أن قدم تاريخاً مشرفاً في الجهاد والمقاومة.
        وختمت الكتائب بيانها بالقول ((إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام نؤكد أن المئات من مهندسي القسام سيواصلون الدرب من خلف قائدهم ونطمئن شعبنا وأمّتنا أن الصناعات العسكرية لدى كتائب القسام لن تتأثر برحيل القائد الكبير الذي خرج مئات الاستشهاديين، وقدم عشرات المشاريع في تطوير الأسلحة القسامية، وبأن خسارة شعبنا والمقاومة في القائدين يحيى الغول وعماد عباس كبيرة، ولكن طريق الجهاد والمقاومة بحاجة إلى تضحيات، وستكون هذه الدماء الزكية هي ضريبة النصر والتمكين بإذن الله تعالى، وعزاؤنا أن الشهيد خلّف من بعده تراثاً عسكرياً كبيراً سيتواصل وسيستمر بإذن الله)).
        حركة المقاومة الإسلامية (حماس) توعدت بأن الرد سيكون قاسياً ومؤلماً على اغتيال الرجل الثاني في كتائب القسام إلى جانب أحد القادة الميدانيين في الكتائب، وقال سامي أبو زهري الناطق الإعلامي باسم حماس تعقيباً على عملية الاغتيال ((إن الشهداء ليسوا خسارة فهم مكسب لقضيتنا ولمقاومتنا هذه المقاومة التي تزكي الطريق بهذه الدماء الزكية)). وأوضح أبو زهري أن ((دماء الشهداء تزيدنا أملاً على الاستمرار في هذه الطريق)).
        صواريخ القسام.
        ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي أكدوا أن الحديث يدور عن إحدى التصفيات الأهم في السنوات الماضية، مؤكدين أن هذه هي الضربة الأشد التي يتلقاها الذراع العسكرية لحماس، لأن الرجل ليس شخصية سياسية بل رجلاً تنفيذياً كان مسؤولاً عن توزيع السلاح لنشطاء الحركة.
        وأكدت ((معاريف)) أن محافل عليا في جهاز الأمن استقبلت برضى نجاح التصفية. ولكنها أعربت عن تخوفها من أن تؤدي إلى إطلاق مكثف لصواريخ القسام نحو ((سديروت)).
        كيف كان يتخفى؟!
        من الصفات التي تميّز بها أبو بلال رحمه الله حبّه الشديد للتواضع والبساطة والزهد في كل الأشياء ومزاحه الدائم وبسمته التي لا تغادر شفته. كما أنه كان يتقن فنون التخفي بشكل جيد، فتارة تراه على شكل رجل طاعن في السنّ يتّكئ على عكازه، وتارة على شكل رجل فلاح وأخرى على شكل مهندس أو طبيب أو موظف، وقد عرف عنه ذكاؤه الشديد وحنكته وسرعة بديهته وقدرته على تقليد أصوات الحيوانات البرية والطيور وغيرها. ويروي أحد مرافقي القائد الغول أن الشهيد يوسف أبو هين وهو الساعد الأيمن لأبي بلال روى له أنه في عام 1996 وأثناء التحضير لعمليات الرد على اغتيال المهندس عياش كان الاثنان على السياج الفاصل بين القطاع وأراضي الـ48 في محاولة لإيجاد طريقة للتغلب على السياج الإلكتروني، فمرت دورية صهيونية وشكّت أن أحداً قريباً من السياج فما كان من يوسف وأبي بلال إلا الانبطاح أرضاً بين العشب، وأخذ عدنان الغول يصدر صوتاً شبيهاً بصوت الذئب بشكل مرتفع، حينها اعتقد الصهاينة أن في المكان حيواناً أو ما شابه وانسحبوا من المكان.


        الفصل السادس عشر
        الصحف العبرية تقول
        احتارت الصحف الإسرائيلية في وصف أثر اغتيال المجاهد الفلسطيني القائد يحيى الغول. وبدلا من تسميته باسم <<أبو بلال>> وهو الاسم الذي يعرفه به الناس على اسم ابنه الأكبر، أطلقت عليه اسم <<أبو القسام>> نسبة للصاروخ. بل ذهبت هذه الصحف إلى اعتبار اغتيال الغول <<الضربة الأشد>> للذراع العسكري لحماس منذ سنوات.
        ولا ريب في أن الفترة الطويلة التي قضاها الغول في النضال مطلوبا لسلطات الاحتلال أدّت دورا مهما في منحه هذه الألقاب ، فتحدثت جميع الصحف العبرية عن استشهاد القائد عدنان الغول في مقدمة صفحاتها في فرح كبير و تخوف أكبر من الرد القسامي الملتهب فقد صدر يوم الجمعة 22/ 10 / 2004 في الصحف العبرية ما يلي :
        يديعوت : تصفية مخترع القسام
        هآرتس : الجيش الإسرائيلي يغتال كبير حماس كان مطلوباً منذ عشرين سنة
        تخوف من تصعيد نار القسام
        تصفية الغول ضربة شديدة لحماس ( يديعوت : الأحد 24 / 10 / 2004 )
        ثأر حماس وابل من الراجمات على غوش قطيف ( يديعوت : الأحد 24 / 10 )
        ***
        معاريف تقول
        صفى الجيش الإسرائيلي نائب قائد الذراع العسكري لحماس عدنان الغول ، و روى شهود عيان بأن صواريخ أطلقت من الجو أصابت السيارة التي كان يستقلها الغول ، و الذي كان مسؤولاً عن تطوير و إنتاج صواريخ القسام ، و معه أيضاً قتل يده اليمنى عماد عباس الذي كان مشاركاً شخصياً في قتل موشيه زلسمان و ابنه عامي قبل نحو 12 عاماً في مشغل للتغليف في حاجز كارني .
        و يقول مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي أن الحديث يدور عن إحدى التصفيات الأهم في السنوات الماضية ، و في غزة اعترفوا بأن هذه هي الضربة الأشد التي يتلقاها الذراع العسكري لحماس لأن الرجل ليس شخصية سياسية بل رجلاً تنفيذياً كان مسؤولاً عن توزيع السلاح لنشطاء الحركة .
        و استقبل جهاز الأمن برضى نجاح التصفية و لكنه أعرب عن تخوفه من أن تؤدي إلى إطلاق نار مكثفة من صواريخ القسام نحو سيدروت و في الآونة الأخيرة شدد سلاح الجو غاراته في القطاع و في الجيش الإسرائيلي يقولون بأن هذا السيل سيستمر .
        و كان التلفزيون الفلسطيني قد أوقف برامجه بعد التصفية و بث آيات من القرآن ، و في حماس سارعوا إلى الإعلان بأن الثأر السريع سيكون ثأراً لم تشهده إسرائيل من قبل ، ففضلاً عن كونه أباً لمشروع القسام لدى حماس وقف الغول أيضاً خلف عمليات تفجيرية شديدة جبت حياة 150 إسرائيلي فقد أعد الغول فيما قبل المواد المتفجرة للعمليات الفتاكة في بيت ليد في كانون الثاني 1995 و في ديزنغوف سنتر في 1996 .
        عدنان الغول كان من كبار المطلوبين لسلطات الجيش الإسرائيلي و يعد الخبير الأول لدى حماس في تركيب العبوات الناسفة فهو أعلى كفاءة من المهندس يحيى عياش .
        و لقد كان الغول ضابط ارتباط بين حماس و السلطة الفلسطينية و خصوصاً مع جهاز الأمن الوقائي و أنه تمكن من خلال العلاقات التي أقامها مع أفراد الجهاز أثناء تواجده في السجن من حثهم على دعم نشاطات حماس .
        يديعوت أحرنوت تقول
        ما لا يقل عن ألف مسلح حملوا من كل أنواع السلاح شاركوا في جنازة هائلة أجريت لعدنان الغول في غزة ، و بين المشاركين في المظاهرة كان قادة حماس الذين خرجوا من أماكن اختبائهم تحت الأرض و وصلوا إلى الجنازة .
        … و قالت مصادر في الحكومة الإسرائيلية أن تصفية الغول هي ضربة أشد بكثير لحماس من تصفية الرنتيسي و ياسين و نشرت حماس يوم الجمعة أشرطة فيديو للغول بينما يعمل على القياسات و التطويرات لصواريخ القسام و وصفته المنشورات بأنه الأب المعلم لمئات مهندسي القسام" .
        ***
        و كان عدنان الغول من مؤسسي الذراع العسكري لحماس قد تدرب في سوريا و لبنان ، و قد اختص في إعداد العبوات الناسفة في معسكرات تدريب حزب الله و تمكن من التسلسل إلى قطاع غزة في 1994 .
        في أعقاب سلسلة العمليات الشديدة في 1996 مارست إسرائيل ضغوط كبيرة على عرفات بهدف اعتقاله . و اعتقلت أجهزة الأمن الفلسطينية الغول و لكنها زعمت أنه تمكن من الفرار من السجن ، أما إسرائيل فقالت أن الغول خرج من السجن الفلسطيني في إطار سياسة " البوابة المستديرة " بل أنه جنّد للأمن الوقائي الفلسطيني .
        قبل عامين و نصف نجا الغول مع قائده محمد الضيف من محاولة اغتيال إسرائيلية ، و قد أصيب ضيف بجراح خطيرة و في فترة شفائه التي استغرقت سبعة أشهر كان الغول بمثابة قائد الذراع العسكري لحماس . و حسب بعض التقارير شارك قبل نحو عام في جلسة أركان حماس في غزة بمشاركة الشيخ أحمد ياسين ، و كما يذكر فقد قصف الجيش الإسرائيلي المبنى الذي عقدت فيه الجلسة بعد دقائق معدودة من مغادرة المشاركين المكان .
        و تقول أوساط جهاز الأمن أن الغول كان ضالعاً أيضاً في تهريب و وسائل القتال من مصر إلى قطاع غزة ، و ثبت المكانة العسكرية لحماس في قطاع غزة في السنوات الماضية . فجملة التطويرات على الأسلحة و الأسلحة المهربة للغول عرضت مؤخراً في مسيرة عسكرية لحماس في غزة ، و كان بين الوسائل القتالية صواريخ من أنواع مختلفة ، راجمات ، قنابل يدوية و بنادق .
        هآرتس تقول
        حتى الأسبوع الماضي كان لمنظمة حماس في القطاع رد دائم على الاغتيالات الإسرائيلية بحق رجالها ، وابل من صواريخ القسام على سدروت و كانت قوة منوطة بمدى ارتفاع مكانة النشيط الذي قتل و عدد من المصابين .
        عندما قصف الجيش الإسرائيلي ساحة تدريبات حماس في حي الشجاعية في بداية أيلول ، و قتل 15 من رجال المنظمة ، ردت حماس بسلسلة من الصواريخ على سدروت ، أدت إلى الحملة العسكرية الواسعة " أيام الرد " في شمالي القطاع ، و لكن تسلسل الأحداث هذا لم يتكرر في نهاية الأسبوع بعد اغتيال المسؤول الكبير في حماس عدنان الغول ، رغم الاستعداد الواسع للجيش الإسرائيلي في حدود القطاع ( و ربما ، بقدر ما ، بسببه ) و منذ انتهت حملة أيام الرد قبل ثمانية أيام ، امتنعت حماس عن إطلاق الصواريخ على سدروت . و الصاروخ الوحيد الذي أطلق ، قبل ساعات من الاغتيال بحق الغول ، أطلقته منظمة أخرى هي لجان المقاومة الشعبية .
        اغتيال الغول المطلوب الذي حرص في السنوات الماضية على السرية و تملص من الإصابة يعزز المخاوف في حماس من عمق التسلل الاستخباري الإسرائيلي ، فعندما تكون خلايا إطلاق الصواريخ مكشوفة على إصابة مروحيات من خروجها من المخابئ و كبار المسؤولين يصابون في عمليات الاغتيال فإن معنويات الحركة تنخفض و لعله ليس بالصدفة أن أعلنت حماس في نهاية الأسبوع عن إعدام عميل ساعد على اغتيال أحمد ياسين بالذات بعد اغتيال الغول .
        و بعثت إسرائيل بتهديد للفلسطينيين، بواسطة حشد القوات ( و الصور المتواترة لها ) على الخط الأخضر ، إلى وجود مكثف للمروحيات فسماء شمالي القطاع ، و تداخل هذه العناصر ساهم في قرار حماس بتوجيه جهودها في نهاية الأسبوع إلى القصف الواسع على غوش قطيف بالراجمات ، خلايا شمالي القطاع ، مخيم الشاطئ و مدينة غزة ، نزلت إلى خان يونس بعد الاغتيال للمشاركة في إطلاق الراجمات .
        رد حماس بالتأكيد لم يتلخص في ذلك : في الأيام القريبة سيتم إرسال مخربين آخرين في عمليات إطلاق نار و عبوات قرب الجدار ، و يحتمل أن يجري حث تنفيذ عمليات انتحارية توجد في مراحل الإعداد في القطاع ، و ربما أيضاً استئناف نار القسام . و لكن القسام كما يفهم من أحداث الأسبوع الماضي لم يعد وسيلة هجوم مسلّم بها . حتى الآن لم يوقع قصف غوش قطيف إصابات إسرائيلية . و إذا ما وقعت مثل هذه الخسائر ، فسيتعين على رئيس الوزراء أرئيل شارون التعامل مع ادعاءات المستوطنين بان دمهم أقل احمراراً في نظره من دماء أهالي سيدروت و سيأخذ شارون بالحسبان ، الأحرى اعتباراً آخر : هل استخدام القبضة الحديدية ضد الفلسطينيين ، في الأسبوع الذي تصوت فيه الكنيست على فك الارتباط جيد لصورته السياسية .
        حماس في هذه الأثناء ستلعق جراحها و ستواصل المشروع الكبير لعدنان الغول ، الجهود لزيادة القسام و حث إنتاج الصواريخ و يحتمل أن تتوقف نار الصواريخ و لكنها ستستأنف أخيراً في محاولة للتجسيد الملموس الزيادة في مدى الإصابة ، كإطلاق الصواريخ نحو ضواحي عسقلان الجنوبية ، الاستنتاج الناجم عن نهاية الأسبوع ، على أية حال ليس التهديد قد زال عن سيدروت : هذا توقف لغرض إعادة فحص الوضع و الانتعاش … "
        ( محاولة تثبيت ميزان ردع جديد : عاموس هرئيل )

        الفصل السابع عشر
        مقالات كتبت في الشهيد

        رسالة 262
        إلى الشهيد عدنان الغول
        د. عطالله أبو السبح
        السلام عليك ورحمة الله و بركاته :
        معذرة –سيدي – في بداية حديثي إليك ، إذ أشعر بأن قلمي بجانب قامتك قزماً ، و ليس أهلاً لأن يخاطبك إلا بعد استئذانك ، و لكن أشعر أيضاً أنني صاحب حق في أن أخاطبك ، و كذا كل صاحب حق ، و كذا علمتنا ، إذ لم تستأذن أي شيء في صناعة أي شيء ، و تطويره ، وتحوّله إلى صوت جهير مدوي ، و إلى فعل ينزع القلوب الحاقدة من قلوب أصحابها ، و يطيح برأس الباطل و إن اعتمر بألف (خوذة ) و تمزق أوصال الحديد حتى و إن أمسى الحديد مدفعاً أو ( مركفاه ) و لم يقف في طريقك خوف على حياة ، أو رغبة في لحظة هدوء أو أمن ، أوحرص على زوج أو ولد ، كانت حياتك سلسلة ذهبية مشغولة و شاغلة ، بديعة التكوين ، رائعة النقش ، محبوكة ، لا انفصام فيها و لا ضعف أو ارتخاء ، و كانت حياتك حافلة ، دائبة الحركة من زهرة إلى زهرة ، ترتشف من كل زهرة ما بها من رحيق ، تصل به ما بين أسلاك ملقاة على الطريق بعد أن تلتقطها بأصابع ذكية مدربة و مبدعة ، فيسري بها تيار ، سرعان ما يستحيل إلى ( صاخّة ) تجعل من ( اللصوص ) فراشاً مبثوثاً ، و من كيانهم عهناً منفوشاً !! و ( لصاختك ) أبجدية خاصة بها ، هي من حرفين فقط ، هما ( ب،م ) و لها كلمة واحدة ، سرعان ما يتقنها المستضعفون ، و قد طربوا لها ، و استطابوها لعبقريتها ، و يفزع لها الطغاة ، فتتعالى صرخاتهم ، و يسكن الرعب وجودهم ، و يطل من أحداقهم التي هرب منها الحركة ، فما كان منها مفتوحاً بقي على حاله ، ليقفز الهلع منها ، و ما كان مُسَكَّراً بقي مُسَكَّراً حتى لكأنها في عمى منذ أن كانت ، أو تكونت ، و الصخب يملأ الدنيا ، و أبواق و اضطراب ، و ضجيج و فزع ، و دخان و شظايا ، بينما أنت ساكن في زقاق ما من أزقة هذا الوطن ، الذي يتمزق كل يوم مائة مرة ، و يتشظى ألف مرة ، و يتيتم ألف مرة ، و يتهدم ، و يُعدم ، تُعلق أشجاره على أعواد المشانق ، و تجتز رؤوس بنيه كل سكاكين الدنيا ، و يهجر الضياء وجه قمره ، و الشعاع عيون نجومه ، و تحاول و تحاول ، بلغتك ( بالكلمة الواحدة التي تنسجها أبجديتك أن تعيد شيئاً من أوصال وطنك الممزق ، و تلملم شمل أشلائه ، و تمسح بيدك الحانية على ( شعر ) أيتامه ، و تبني شيئاً مما انهدم ، و تعيد غصناً إلى قلب الأرض ، عساه يوماً يورق أو يتبرعم ، و تعيد الحياة إلى تلك الرؤوس الصغيرة التي فصلوها عن أعناقها بعد أن تعيد إليها لحمتها ، و يعود إلى القمر ضياه ، و إلى النجوم الألق بينما أنت في زقاق ما من أزقة هذا الوطن ، و قد لا تجد لحظتئذٍ قطرة ماء تبل بها لسانك البليغ ، أو كسرة خبز طالما افتقدها السابقون السابقون من المهاجرين ، لا ... لا .. بل المهجرين ، الذين شاء لهم ( الجبناء ) أن يظلوا هائمين ، و بلا وطن ، لأنهم هجروا أبجديتك و ما نطقوا بلغتك ، و انخرست ألسنتهم كغبي بليد عند دراستها ، و تلقين ( الجيوش ) و ( الجموع ) بلغة جبانة سخيفة ركيكة ، ما عرفتها –سيدي – يوماً ، و لم ( يَصِخِ ) السمع لها فهي سامة ، تنفثها أفعى في سماء المستضعفين !! إن بدنك النحيل الذي كان دوماً دون الخمسين من ( الكيلوجرامات ) بل لم يزد في ميزاته على ما حملت مناكبك من سنين ، إن بدنك هذا زلزل الدنيا ، و ارتج له ( الخرتيت ) اللئيم ، و تجعله ( هائجاً ) و متخبطاً لا يكاد يستقر له كيان ، فيأخذ في رفس ( جباليا ) ، وقصفها بالحمم ، و يدمر رفح على رؤوس الأبرياء ، و يقفز في الهواء ، ليقع بكل غيظه ، و رعبه ، على مخيم جنين ، و قلقيليا ، وطولكرم ، و يتخبط و يتخبط ، و يتحول إلى جهنم تحرق على بعد بعيد ، و إلى ( قدم ) تركل ( الحلفاء ) و ( الوزراء ) ، و ( ديكتاتور ) يتمطى ظهر ( الديمقراطية ) و إلى فرعون جديد يجأر ب ( ما أُريكُم إلاَّ ما أرى و ما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) وكيانه ينطق –منك- بالفزع ، يريد –بإصرار- الهروب من غزة ، وفق خطة كل حرف منها قيد ، و كل قيد يتحول إلى مشنقة ، و كل مشنقة تطيح برأس ، فواحدة للأمن الفلسطيني ، فلا يملك أمننا رأسه ، و واحدة للدولة الفلسطينية ( المشتهاة ) فلا دولة لنا ، و ثالثة للتواصل الجغرافي ، إذ ستبقى أرضنا ممزقة الأوصال ، هذا إن بقي لنا أرض ، و واحدة للقدس ، و لا قدس ما فيها بعد انسانها ، الأقصى ، فالأقصى ستحيله خطة شارون إلى ركام لتبني من ركامه هيكلاً بدل ذلك المزعوم ، و واحدة للسيادة لنظل لبني صهيون عبيداً أبد الآبدين ، و واحدة للبحر ليظل البحر مسجّراً ، لا يبتلع أبداً ألسنة اللهيب ، التي تعرف طريقها إلى أفئدتنا ، تشويها ، تفحمها و واحدة لحقنا في الحياة ، فلا نستحق –بزعم عوفاديا- إلا الموت ، فما نحن إلا ( صراصير)
        و ( ذباب ) و ( أفاعي ) و ( عقارب ) نحن ( حشرات ) أينما حللنا حل (الخراب ) و أينما توجهنا سار بركبنا ( الخراب ) فكان منك يا سيدي الرد ( بم ) تفجر غرورهم و صلفهم ، و تفجر استبدادهم و عنصريتهم ، و تفجر استعلاءهم و كبرياءهم ، تفجر اليأس العربي و تحرك الدماء في عروق الجيوش التي تجلطت ، و تبعث الحياة في أوصال الجسد العربي الذي تيبس لغتك يا سيدي جعلت من الحزين منتشياً سعيداً ، و جعلت من المصلى المرواني الذي أوشك أن يصل إلى ساحة الإعدام ، لولا أنك ردمت تلك الساحة ، لغتك يا سيدي هي اللغة أضحت برهاناً على أن ( هنا ) شعب ، له ( تواجد ) في الشتات ، بعد أن عمد تجار( الأفيون) أن يزجوا به إلى بحر (النسيان ) فشددته إلى مركز الذاكرة ، حتى و إن كلفك ذلك ( بلالاً ) فيمضي شهيداً فتودعه بابتسام على أمل اللقاء ، ثم تودع أخاه بابتسام أبرق و أبهى ، فقد قرب اللقاء ، ثم تطير نظراتك عبر الدروب الوعرة ، و تخترق الحدود ، و الحراس ، و الأسلاك ، ورغم و رغم لتصل إلى ثالث أولادك في سجون يهود ، و منافيهم ، تحت العذاب المقيم .... و أنتم في ذلك أشد إقبالاً على اللقاء و أكثر شوقاً ، و فرحاً ، فمن يطول ، و من له مثل ما لك ، و هنا يعن لي سؤال ، أي قلبٍ قلبك يا سيدي- و كيف اتسع لهذه الرغبة ( الجامحة ) في الشهادة فلم تكبحها (زوجة) و لا (دار) و لا (ولد) ، يتطاير أبناؤك أشلاء و أنت أنت ، لا يكاد يستقر لك جنب في زقاق إلا و تنتقل إلى آخر أكثر ضيقاً و أشد فقراً ، و أنت أنت سنة سنتان ثلاث تسع عشرة ، مطارد (بفتح الراء و كسرها) طائراً ، راجلاً ، من غزة إلى الضفة إلى بيروت و دمشق ، إلى طهران ثم إلى غزة عبر نفق ، و أنت أنت ، رغبة ملحة في الشهادة ، فأي عظيمة تلك الشهادة ، و سؤال كيف استطعت أن تكون ذلك العدنان تجمع الإعصار في قلب حسّون ، و تصنع الموت لأعدائك باصبع طرية كالياسمين ، و ذراعين كجناحي عصفور (دوري) و كيف استطعت أن تجعل من عقلك (ورشة) تصنع (القسام) و (البتار) و (الياسين) و (قنبلة) ؟ و كيف استطعت أن تجعل من حبك (ثورة) لا تعرف التراجع أو (اليأس) ؟ و كيف استطعت أن تجعل من (الفكرة) (جمرة) تحرق قلوب الغاصبين ، و يستدفىء بها المستضعفون من زمهرير الإغتراب ، و تعد على مهدها كوبا من الشاي لتشربه مع كسرة خبز جافة في زقاق (ما) من أزقة مخيم (ما) ؟ و كيف استطعت أن تستوعب معاني الشهادة و معاني الحياة في قلبك الرقيق ؟ و كيف استطعت أن تقف (شراعاً) يستعصي على العواصف الهوج فتنجو بك( مركب) بسيط في بحر عميق ؟ و كيف –ياسيدي-استطعت أن تقف أمام الجلاد الفلسطيني ، وقد حملتك أهواؤه من زنزانة إلى أخرى ؟ و كيف استطعت أن تتألف هذه العشرات من الألوف من البشر في هذا الوطن و أنت لم تتحدث لهم إلا بأبجديتك (ب،م) لم نسمعك خطيباً ، و لا محاوراً ، أومنشداً ، لم نسمعك منظراً ، و لم نقرأ لك سطراً واحداً ، أللفعل كل هذه البلاغة ، و كل هذه القدرة على الإفهام و الإقناع ؟ كيف استطاع اسمك أن يحتل (الخبر) الأول في كل نشرات الدنيا ، مسموعة أو مرئية ؟ و كيف استطاع أن يحتل (مانشيتات) الجرائد و الصحف و المجلات في المعمورة ؟ كيف؟ ألأنك مخلص جداً ؟ ألأنك بطل جداً ؟ ألأنك لم تطلب المال أو الشهرة و لم تسع لهما جداً ؟ ألأنك أعطيت و أعطيت لهذا الوطن دون انتظار لجزاء أو شكر ؟ ألأنك مدرسة أنت فيها المدرس المتواضع المتخصص النابه ، و انت التلميذ النجيب فيها ؟ و أنت (المدير) و (الآذن) و أنت الحداد و النجار و الكراس و القلم ؟ ألأنك البسام اذا جعت و البسام اذا شبعت ؟ ألأنك المريض الذي اجتمعت على جسده كل الأمراض فسكن (الروماتيزم) أوصاله و أعصابه و صدره و قلبه و معدته ، و سكن عينيه الرمد و لم تنزل عنها النظارات الثقيلة السميكة ؟ ألأنك كتلة من الود و الغضب ؟ ألأنك صادق إذا وعدت صادق إذا توعدت ؟ أم لأنك كل هذا ؟ و من هنا ألتفت حولك هذه الألوف لتودعك الوداع الأخير ، و تألفت عليك القلوب فلتاعت لفراقك ، فقد جمعت الضد إلى الضد إلى (الأعداء) و إن كانوا بك من المعجبين فاحترموك رغم أنهم حرصوا على أن يصيروك فحمة !!! و ما دروا أنك ستصير (جمرة) يتطلع الكثير الكثير من رجال هذا الوطن أن تظل منقذه ... رحمك الله أبا بلال ، و أسكنك فسيح جناته و شفعك في محبيك-و العزاء كل العزاء لوطن !! .


        يحيى": رحلت عنا بعد أن أحييت كرامتنا
        إلى الشهيد القسامي: يحيى "عدنان" الغول
        قال صلى الله عليه وسلم : (ليس شيء خيراً من ألف مثله إلا الإنسان)
        بقلم : الأستاذ / عبد الرحمن فرحانة
        بين "يحيى" الضفة وصقرها ، و"يحيى" غزة وأسدها مسافة لا يمكن قياسها حتى بالسنة الضوئية ، لأن فضاءها أرحب ، وفلكها متسع الأرجاء ، إنه مدار الشهادة "فوق الفلكي" الذي يصل الأرض بالسماء ، ويحوِّل صلصال الأرض وطينها إلى طيور تحلق في فضاء الجنة العلياء وتحت سقفها عرش المليك الأعظم جل شأنه .ليسا وحدهما .. بل كل الشهداء الغرباء في بيت المقدس ، نحسبهم كذلك .
        لكن "اليحيين" كانا قنديلي شهادةٍ من نوعٍ آخر . لأنهما أعز فارسين مقدسيين جندلا الكثير من علوج قريظة وشذاذ بني النضير . ولأن الإبداع المقاوم تولد على يديهما بنكهة جهادية تشّبع بها فضاء الأرض المباركة العطشى للثأر .
        "اليحيى" الأول أخترع آلة موتٍ حطمت مئات الجماجم العفنة من بني صهيون عبر ثلة من الاستشهاديين الذين فجروا الأحشاء الإستراتيجية للكيان الغاصب . ورائحة باروده أقضت مضجع رابين وجعلته يصيح في كل مرة يلتقي ضباط أمنه قائلاً بالعبرية "إيفو مهندس" – أين المهندس .
        أما "يحيانا" الثاني .. أسد غزة هاشم ... فحكايته "سلفية" المنحى ، مخزومية العنفوان ، تعبق بالكرامة المشبعة بالعزة المضرية .
        عاش رحمه الله في عين الموت سنين طويلة مطارداً ، لكن باروده المتمرد كان يقتل جند بني قنيقاع عبر ماسورة صاروخ القسام ، ذلك المحلق الذي يشعل الفضاء المقدسي ويخترق أجواء الانكسار العربي المزمن. ويهزأ بترسانات الجيوش العربية التي يأكلها الصدأ والخوار.
        أبا بلال القسامي .. !!
        أعترف أن حروفي تعجز عن رسم صورة ملحمة البطولة التي صنعتها .. فقدت يدك في مسيرة الجهاد .. إذ سبقتك إلى الجنة بسنين .. وفقدت ولديك ولم تجزع .. وهبت نفسك ودمك وروحك للجهاد في سبيل الله .. فهنيئا لك يا أبا بلال .. فكل الرجال يغبطونك .. وكل النفوس العلية تتوق لمنزلتك .
        قالت زوجتي عندما رأت صورتك على شاشة الكمبيوتر بكلماتٍ حزينة .. قتلوه .. الله يقتلهم ..!! فقلت لها : بل جعلوه يستريح هناك ، لقد تعب في هذه الدنيا ... فقالت .. نعم ذهب إلى وطنه الأول .. في الجنة عند ربه سبحانه .
        صورتك يا أبا بلال سنظل نراها كلما انطلق صاروخ قسامي في الفضاء المقدسي ، ستظل تسكننا مع مشاتل العزة التي زرعتها في صدرونا .. سنظل نذكرك .. وستلاحقنا صورتك في أوراق مصاحفنا كلما قرأنا الأنفال والإسراء .
        أبا بلال الغزّي ..!
        أحببناك قائداً قسامياً .. أحببناك معلماً جهادياً ونموذجاً فذاً لقوة الإرادة .. أحببناك حباً لا يطيق مداه الحرف .. ولا تتسع له فضاءات الأوراق والكلمات .. فكن لنا شفيعاً يا أبا بلال عندما يشفّع الشهداء .. ولا تنسنا فأحبابك كثر في هذه الأمة .
        أبا بلال القسامي
        زرعت كبدك الرطبة في الأرض المباركة لكي تنبت سنابل الكرامة لنا .. لكي نرفع هاماتنا .. لكي لا نخجل من أسمائنا .. وهكذا يفعل الشهداء عندما يصنعون الحياة لنا .
        أعظم الله أجركم .. أيها القساميون .. أعظم الله أجركم يا أهل فلسطين ... أعظم الله أجركم أيها المسلمون .. ورحم الله "يحيانا" الذي رحل عنا ولكن بعد أن أحيا جذور كرامتنا .





        عدنان الغول سيف القسام المسلول
        بقلم : نضال حمد / أسلو
        لا شك أن استشهاد القائد المجاهد عدنان الغول و رفيقه القائد عماد عباس خسارة فادحة للمقاومة الفلسطينية ، لأن كلاهما من القادة العسكريين ، المصنعين للمتفجرات ، والمخترعين للصواريخ القسامية الفعالة في حرب تحرير غزة أولاً.. فالأول من الوزن الثقيل جدا في حماس ومن المستوى القسامي الأول على غرار يحيى عياش وأبو هنود والشريف وصلاح شحادة... والثاني أيضا من المجاهدين الذين عاهدوا الله على تحرير فلسطين، ولم يحيدوا عن عهدهم.
        لقد كانت الغارة الصهيونية التي أدت لاستشهاد الغول وعباس غارة ناجحة ودقيقة جدا أيضا، ولعل عوامل كثيرة تتداخل في هذا الموضوع منها الميداني والمخابراتي والصدفة. فقد يكون الرصد الصهيوني نجح بعد سنوات من مطاردة الشهيد في رصده و استهدافه بدقة، كما قد يكون أحد العملاء استطاع الوصول إليه والإبلاغ عن مكان وجوده بواسطة أجهزة متطورة وحديثة، وقد يكون تصادف وجوده أو مروره في تلك المنطقة مع وجود أو مرور عميل أو مخبر ما أو مع تحليق لطائرة تجسس ورصد في سماء القطاع.. لكن في كل الحالات فإن الجريمة حدثت والخسارة كبيرة والضربة موجعة والرد يجب أن يكون موجعا ومميزا عبر استهداف البنية الأمنية والعسكرية والمخابراتية للاحتلال في كل فلسطين المحتلة.
        لقد كان الشهيد عدنان الغول سيفاً مميزاً من السيوف القسامية المسلولة بوجه أعداء فلسطين والحياة ، وكان يداوي الداء بالدواء ولا يهادن ، بتار في حده ومرفوع بوجه أعداء الحياة وفلسطين . رافق الراحل المهندس يحيى عياش في رحلة الثورة المستمرة والعمليات الضاربة ضد الاحتلال، وبعد استشهاد قائد القسام ومهندس حماس يحيى عياش في عملية اغتيال منظمة يوم الخامس من يناير/ كانون الثاني 1996، كان الغول على قدر مسئوليته، مناضلا ومجاهدا آمن بالثورة والمقاومة سبيلا وبالكفاح المسلح والجهاد طريقا مقدسا لاسترداد البلاد وعودة العباد. كما أن الشهيد عماد عباس ليس أقل قدرا من الشهيد عدنان الغول لأنهما معا كانا يشكلان ثنائي قسامي لا يعرف الكلل والملل، يجاهدان سرا وعلانية في سبيل القضية. إن خسارتهما في ضربة غادرة لا بد ستؤثر في المقاومة قليلا لكنها ليست الضربة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تتعرض لها المقاومة الفلسطينية عموما وحركة حماس خصوصا. لذا فقد اعتادت المقاومة على التضحية بقادتها وكوادرها ومجاهديها من اجل أن تستمر المقاومة ويستمر الجهاد في سبيل دحر الاحتلال عن ارض فلسطين وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
        كان الصهاينة يعتبرون الغول وعباس من أهم خبراء المتفجرات وتصنيع صواريخ القسام التي جعلت من شمال قطاع غزة جنوب لبنان جديد . وقد وضع الصهاينة نصب أعينهم تصفية قادة وكوادر حماس والمقاومة الفلسطينية بكل تلاوينها أملا في وضع حد لإطلاق الصواريخ ولعملية تصنيعها. هذا وكان خبراء المتفجرات من الفلسطينيين على رأس قائمة المطلوبين للتصفية ، خاصة أن هؤلاء كانوا بالنسبة للصهاينة مسئولين عن العمليات الاستشهادية والقصف الصاروخي ، وكان لا بد من تصفيتهم عاجلا أم آجلا. وهذه العملية الغادرة التي أودت بحياة الشهيد الغول وهو من أبناء وسكان حي المغراقة في جنوب قطاع غزة ، لم تكن الأولى لكنها كانت الأخيرة ، فقد تعرض في السابق لعدة محاولات اغتيال إسرائيلية فاشلة ، و كان من أقدم المطلوبين للصهاينة حسبما أعلنت مصادر في حركة حماس. وكان الصهاينة في محاولات اغتيال سابقة استهدفت عدنان الغول وفشلت، تمكنوا من قتل اثنين من أبنائه هما بلال (2001) و محمد مع ابن عمه (2003) ، كما قاموا بتدمير منزل الغول في عملية خاصة.
        إن الجنازة المهيبة والضخمة للشهيدين الغول وعباس تعتبر استفتاءً فلسطينيا جديدا على نهج المقاومة وتمسكا بالخط المقاوم الذي يرفض التسليم للمشروع الصهيوني الأمريكي. وما خروج مئات الآلاف من الفلسطينيين في تشييع الشهداء سوى الدليل القاطع على أن هذا الشعب لا زال بخير وأن المقاومة لازالت بخير وأن على السلطة الفلسطينية أن تنهض من نومها وتضم جهودها لجهود الآخرين وتقدم مشروعاً جدياً للوحدة الوطنية يضم الجميع بشكل جدي وعملي لا صوري، ويكونوا في إطار جبهة وطنية عريضة تقود نضال الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الوطنية الحاسمة والعصيبة من عمر فلسطين، مرحلة الصراع على كل الجبهات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والتطبيعية والتثقيفية. وأفضل حل للقيام بهذه المهمة يبدأ بحلّ السلطة الفلسطينية وإعلان تشكيل قيادة طوارئ وطنية إسلامية تقود الشعب الفلسطيني في السلم وفي الحرب عبر تمسكها بالثوابت الوطنية وعبر التعامل مع الواقع الإقليمي والدولي والمحلي بعقلانية.
        إن الوفاء للشهداء يكون بتصعيد نهج الجهاد والكفاح وبرص الصفوف وتفويت الفرصة على الأعداء وبرامجهم المعدة لتخريب وهدم الساحة الفلسطينية من داخلها. كما يكون بالالتزام بمبادئ المقاومة وبمواصلة المسيرة حتى تعود فلسطين إلى شعبها ويعود أهل فلسطين اللاجئين إلى أرضهم المحررة ودولتهم المستقلة. هذا هو مشروع الجهاد والمقاومة الذي مثله كل شهداء مقاومة شعبنا منذ انطلقت في نهاية الخمسينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا.


        و يمضي فارس آخر..
        بقلم : سليمان نزال / الدانمارك
        و يمضي فارسٌ آخر إلى الرفعة و الخلود..و يستشهد القائد البارز في كتائب القسام الشهيد البطل عدنان الغول و معه مساعده الشهيد البطل عماد عباس.
        و تستمر المجازر الصهيونية ضد شعبنا و صقوره و أطفاله و مدنييه..و هي ضربات متلاحقة في القلب الفلسطيني الذي تصدر عنه آلاف القبضات كي ترفعَ راية النصر و الحرية, لا راية خنوع و استسلام بيضاء, مهما تكالبت ذئاب و مخالب هذا الزمن المتوحش علينا و من كل حدود و جغرافيا الباطل و التواطؤ المدروس, بغية حمل الفلسطيني على إنزال سقف مطالبه و حقوقه و ثوابته الوطنية و وضعه في حفرة سوداء هلامية تحت أرض اليأس و الإحباط.
        أهداف الفلسطيني يحددها دمه.. و يحميها و يصونها دمه.. و أهداف و خطط الإرهاب و التصفية و الإبادة الشارونية تنطلق على ضوء أحقاده, و فشله في إخماد الانتفاضة..و إخفاقه في جر الفلسطينيين إلى الفتن الداخلية البغيضة..و عجزه عن التخفيف من أزمات متعددة, أمنية و اقتصادية و اجتماعية و أخلاقية.. يعاني منها كيانه العنصري الإجرامي, تحت تأثير استمرار الانتفاضة الباسلة و أفعالها و عملياتها البطولية المجيدة.
        لقد فقدَ فضاء التحدي و العنفوان آلاف الأقمار الفدائية..مثل الشهيد القائد الراحل عدنان الغول و رفيقه..لكن هذا الفضاء الواسع ما زال يزخر بضياء ملايين النجوم و الأقمار و الكواكب..فيا للفلسطيني في صعوده شهيداً من فضاء البلاد إلى جنة الخلد.
        هي الآلام تولد من آلام..مكابدات تأتي من مكابدات.. و معاناة فلسطينية ليس لها أفق معروف.. إلا أفق التحرر و الخلاص النهائي من شرور و جرائم الاحتلال الصهيوني..تلك الجرائم التي لا يصح وصفها بالنازية..لأن المقارنة لن تكون في صالح الصهاينة و شارونهم السفاح المجرم العتيد.
        يرحل الشهيد عدنان الغول, و القلب الفلسطيني الجمعي المتحد في ميادين العزة و الشموخ و النضال لن يتوقف عن الخفقان, مهما كانت الضربة التي سددت إليه موجعة و غادرة و بواسطة أسلحة صهيونية أمريكية متطورة جداً في إلحاق الخراب و التدمير و الاغتيال و التنكيل بالشعب الفلسطيني الأعزل.
        قلبٌ فلسطيني كبير..يتولى صوغ أسس و منطلقات كينونة النهوض و السمو في كامل حضورها و اكتمال كافة عناصرها السيادية الصحيحة..يواصل انتفاضة الاستقلال و الأقصى و العودة .
        ينبثق من شلالات الدماء الفلسطينية الطاهرة المراقة في مخيمات و مدن و قرى غزة البطولة و ضفة الصقور..ألف ألف سؤال..عن المجتمع الدولي و أسباب و غايات صمته عن جرائم و مذابح الصهاينة بحق شعب فلسطيني يقاتل بأسلحة بيتيه و شبه بدائية..عن أخوته في العروبة و الدين الذين يضنون عليه حتى بمظاهرة تسانده في محنته و في شهر رمضان الكريم بالذات..الشهر الذي شهد أبرز الانتصارات الإسلامية في التاريخ الذي كان..عن قيادته التي لم تتوصل حتى الآن إلى برنامج سياسي جامع, مانع, واضح, متفق عليه من كل الفصائل التنظيمات.. عن حالة الفساد المستشري دون حساب و مساءلة جادة.. أسئلة متعددة وحارقة..
        في الوقت الذي ينشغل فيه الفلسطينيون في تشييع جثامين شهدائهم الأبرار, و في شهر الصيام.
        عرب كثر منشغلون بمتابعة المسلسلات الرمضانية و برامج الاستلاب و التعليب و التدجين و يسرهم أن يشاهدوا الفلسطيني في" تغريبته"-من باب التسلية- ثم يمضون إلى صلاة التراويح. غير مبالين عملياً و في النتائج الملموسة, بما يحدث للشعب الفلسطيني و للشعب العراقي...فيا للمقدسات كم يستغلك منافقون؟
        فلسطينيون..يشيعون البطل القائد عدنان الغول و رفيقه البطل الشهيد عماد عباس و قوافل من شهداء على مدار ساعة الجرح الفلسطينية..فيا لائحة الخلود و السؤدد و التضحيات الباهظة.. لا تكوني طويلة إلى هذا الحد المؤلم..حتى لا ننزف إلى هذا الحد..دون أن يهب لنجدة شعبنا أحد..
        و لا من أحد في طوابق الافتراءات الدولية و طوابقها العليا يسأل عن جراحنا..لا أحد من الخانعين الأنذال يريدنا في الحياة على قيد الحياة..نحن الذين نحب الحياة أكثر من كل أموات و مومياءات الأنظمة و الحكومات الرسمية و جهات و منابر الصمت العالمي اللئيم.


        الغول في زمن الذبول
        بقلم : آمنة الموسوي / الكويت
        اغتيال الشهيد السعيد عدنان الغول على يد الصهاينة ليست الأولى من نوعها و لن تكون الأخيرة ، فهي حلقة من حلقات مسلسل الإرهاب الصهيوني المسكوت عنه ، و استشهاد الغول كان إحدى النتيجتين اللتين طالما رام لهما فإما النصر و إما الشهادة ، إنما كل حادثة من هذه الحوادث تعري الترهل و الذبول و ربما الموت السريري للأنظمة العربية التي تدّعي تبنيها للقضية الفلسطينية بل و مجمل القضايا العربية ، هذه الأنظمة التي تخلت حتى عن بيان استنكار أو شجب أو إدانة .
        و لكن العجب كل العجب إذ نقضي ليلنا و نهارنا نبحث عن الوسائل المجدية لمواجهة التطرف الديني في حين لا يتعفف ساسة واشنطن حماة السلام و دعاة الديمقراطية و الإنسانية و أبطال مواجهة كل أشكال التطرف لا يتعففون عن دعم أسوء أشكال التطرف و الإجرام فيرفعون الفيتو في مقابل مجرد كلمة إدانة تدين المجازر البشعة التي يرتكبها الصهاينة في الأراضي الفلسطينية المحتلة هذه الأيام تحت عنوان العمليات " أيام الندم " و الأكثر من ذلك و ما زالت تعطي الصهاينة الضوء الأخضر لارتكاب ما يحلو لهم بحق المقاومة الفلسطينية بحجة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ! و كلمة الدفاع عن النفس قد تصل إلى الحد الذي يقطع فيه الصهاينة جسد طفلة في العقد الأول من عمرها و هي تحمل حقيبتها ببراءة الطفولة و متوجهة نحو مدرستها ، أو أن يقوم الضابط الصهيوني بوضع بندقيته في فتاة لم تتعد الرابعة عشرة بعد أن أصابتها طلقة قناص صهيوني ليحطم جمجمتها الغضة بعشرات الطلقات متهماً إياها بقتل أصدقائه !! غريبة كيف تتمدد الأوامر بمواجهة التطرف إن كان من طرفنا و كيف تتقلص و تنكمش إن كانت تتعاطى مع التطرف الصهيوني البشع .
        سيضج مارينز الداخل بالطبع و مروجو سياسة الأمر الواقع و يطالبون الجميع بأن يكونوا أمثالهم فينحنوا أمام العاصفة التي تعصف بنا سنسن طويلة و لا يزيد حدتها إلا هذه الدعوات الخادعة المزيفة للحقائق و يطالبون كل حركات المقاومة بالتخلي عن سلاحها و كرامتها و كذا قطرات الحياء في وجهها كما فعلوا هم ، و لكن ما يحدث اليوم في فلسطين لا يضع للشك مقالاً أن ما لا واقع لنا بل هي مجرد أوهام تدغدغ مشاعر السذج و الجبناء من المنبطحين ، فها هي الدولة الفلسطينية تؤخر يوما بعد يوم و لم تفلح كل التنازلات التي قدمتها السلطة و من لف لفها من الأنظمة العربية في الحصول على دويلة فلسطينية بلا سيادة و لا حدود و لا جيش ، و لم يجن المنبطحون سوى المزيد من الركل و السحق ، و حتى الانسحاب من غزة و التي يتبجح بها ساسة واشنطن كونها خطوة تجاه السلام لن تتم إلا على جثث الأبرياء من الشعب الفلسطيني المظلوم و ما هي إلا خطوة لإخراج الدولة الصهيونية من مأزق المقاومة الموجعة و المدمرة لاقتصادها .
        عدنان الغول لم يعد بحاجة إلى كلمة إدانة من المتخاذلين ، بل ربما استشهد و هو واثق بأن هذه الكلمة لن تقال و وجودها كعدمها ، إنما هو العار الذي نستشعره و الغضب الذي يكوي قلوبنا من جراء خسارة مثل هذا الغول العظيم ، عزاؤنا الثقة بأن دم الغول سيغذي آلاف الغيلان التي ربما لا زالت في رحم الأمهات أو أصلاب الرجال ، فأرحام نساء فلسطين لم تعقم كما عقمت همم الأنظمة العربية المتخاذلة و المهادنة ، و أصلاب الرجال لم تيبس كما يبست الألسن عن الوقوف في وجه كل هذا الإجرام الصهيوني بينما تطول و تحّد حينما تمس شعرة من شعرات الصهاينة هنا أو هناك .
        خالداً سيبقى الغول في زمن الذبول .


        مرثية إلى روح الشهيد القائد عدنان الغول
        كبير المهندسين في كتائب القسام و مخّرج مئات المهندسين
        بقلم : الأستاذ / يسري الغول
        قال تعالى "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "
        .. و تمضي قافلة الشهداء بركب جديد سائرة على ذلك الدرب العظيم ، و يترجل أبو بلال رافعاً رأس الأمة عالياً ، و تبقى في ثنايا الذاكرة تلك الصورة البهية لذلك الوجه المستنير ، و تبقى العلامة التي تميز المؤمن من كثرة سجوده تلمع براقة في عيون الوطن ، و تبقى الدهاليز التي تخضبت بدماء الشهداء ترتوي بدم جديد ، زكي ، طاهر ، و رائحة المسك تحف جنباته ، تنعش وجه الأرض ، الوطن ، الأمة ، و تضرب عمق هذا الزمن القديم منذ الأزل ، و الصوت لا يزال يصدح (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) هكذا يترنم الصوت طويلاً ، عذباً و أصوات المساجد ترتفع و كأن الأرض أخذت دورتها و سارت في انحدارها إلى النهاية بينما ينزاح ذلك الوِقر من تلك الآذان الصماء ، كأن هذا المصاب الجلل ما جاء إلا لتحريك الهمم كما عودنا القائد أبو بلال ، فكما صواريخ القسام التي يتردد صداها في كل مكان ، تبزغ الصورة في أرجاء المعمورة و الجميع يهتف بحياة القائد عدنان الغول .
        تبزغ تلك الحادثة لتحرك الأجساد الهامدة و النفوس الميتة التي تسعى في هذه الظروف إلى اجتثاث الانتفاضة من جذورها و يأتي استشهاد مهندسنا عدنان و رفيق دربه القائد عماد عباس ليقول لمن يتاجرون بدماء الشهداء (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) و يقول ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) لكن الله لهم بالمرصاد ، فكانت مشيئة الله أن يمضي أبا بلال منتصباً مع رفيقه عماد لتكون بداية العودة لروح جهادية تخرج من رحم الخوف الذي بدأ يجثم على صدور المرجفين ليبلغ أن تلك الدعوة سائرة و أن الصواريخ مستمرة بهم أو بغيرهم . عزاؤنا بأبي بلال قول الشاعر
        و من نزلت بساحته المنايا فلا أرض تقيه و لا سماء
        و أرض الله واسعة و لكن إذا نزل القضا ضاق الفضاء
        دع الأيام تغدر كل حين فما يغني عن الموت الدواء
        إن العين لتدمع و إن القلب ليحزن و أنا على فراق القائد الشيخ عدنان لمحزونون ، لكننا لن نقول إلا ما يرضي ربنا " إنا لله و إنا إليه راجعون " و " حسبنا الله و نعم الوكيل "
        نعم ، هكذا جاء الأجل بقائدنا الفذ أبي بلال و هو بأحسن حال ، و أي حال أحسن ممن يخرج مجاهداً ، صائماً ، عابداً ، صابراً ، مهاجراً إلى الله بماله و نفسه و طلق الدنيا ثلاثاً ، و هو يعلم أن الأحياء ليسوا كالأموات و أن الشهداء لا يتبنون الأموات .
        نسأل الله أن يكون الشيخ عدنان الغول و رفيقه عماد عباس ممن يغبطهم الأنبياء والشهداء و الصالحون من مكانتهم العلية عند الله العظيم و كأني أسمع السماء تترنم
        يكفيك أن الموت خير شهادة إن الشهيد يعود للرحمن
        كي يعتلي بالموت خير منصة في صحبة المختار و الأقران
        رحمك الله أبا بلال فقد كنت نعم الرجل و نعم القائد
        و السلام عليك و رحمة الله و بركاته

        تعليق


        • #5
          رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

          غـــــول الـكـتـائــب
          قصيدة مهداه إلى روح الشهيد القائد عدنان الغول
          بقلم : فارس عودة / ليبيا
          تَرَكَ المَعَامِعَ غُولُهَـا عَدْنَانُ وَمَضَى يَزُّفُّ رَحِـيلَهُ رَمَضَـانُ
          شَدَّ الرَّحِيلَ إِلَى الجِنَانِ فَفُتِّحَتْ أَبْـوَابُهَـا واسْتَشْرَفَ الرَّيَّــانُ
          وَتَبَرَّجَتْ حُورُ الجِنَـانِ وَأَقْبَلَتْ نَحْوَ الشَّـهِيدِ تَزُفُّهَـا الأَلْحَـانُ
          نَادَاهُ بالأَبْـوَابِ صَـوْتُ مُحَمَّدٍ أَهْـلاً رَشِـدْتَ وَطِبْتَ يَاعَدْنَـانُ
          أَقْبِلْ بُنَيَّ فَفِـي قُدُومِـكَ بَهْجَةٌ للنَّـاظِـرِينَ يُحِبُّهَـا الإِخـْوَانُ
          يَلْقَاهُ عِنْدَ الحَوْضِ صَحْبُ مُحّمَّدٍ وَيُظِـلُّـهُ بِجَنَـاحِـهِ رُضـْـوَانُ
          فِي جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ يَمْرَحُ شَـادِياً قَدْ أَطْـرَبَتْهُ بِعَـزْفِهَـا الأَفْنَــانُ
          فِيهَا النَّعِيمُ وَمَـا يَـلذُّ لأَعـيُنٍ وَالنَّخْلُ وَالأَعْـنَابُ والـرُّمَّــانُ
          مُتَنَعِّماً فِيهَـا بِكُـلِّ نَفِـيسـَـةٍ وَيَطُوفُ بَيْنَ قُصُـورِهِ الوِلْــدَانُ
          يَلْقَى بِهَـا قَبْلَ السَّلامِ تَحِـيـَّةً وَرِضـاً أَفَاضَ عَـبِيرَهُ الرَّحْمَانُ
          قَتَلُـوكَ يَا غُولَ الكـتَائِبِ غِـيلـَةً وَكَذَلكَ يَفْعَلُ فَِي الوَغَى الْخَوَّانُ
          كَمْ عِشْتَ يَا زَيْنَ الرِّجَـالِ مُطَارَداً يَقْفُو خُطَـاكَ البُـومُ وَالْعُقْبَانُ
          تَرْمِيكَ بِالحِـقْدِ الدَّفِينِ عُيُونُـهُمْ وَتَسِـيرُ خَـلْـفَ دَبِيبِـكَ الآذَانُ
          وَجِرَاؤُهُـمْ تَشـْتَمُّ رِيحَـكَ كُلَّمَا ضَـاعَ العَـبِيرُ تَنَبَّهَ السـَّـرْحَانُ
          وَعُيُونُهُمْ للغَـدْرِ سَـاهِرَةٌ فَـلا غَطَّتْ عُـيُونَ الخَائِنِ الأَجْفَـانُ
          يَا وَيْلَ خَـائِنَةِ العُـيُونِ إِذَا الْتَقَتْ مِنَّـا وَمِنْهَـا البِيـضُ وَالْمُرَّانُ
          والبِيضُ تَعْـرِفُ والْقَـذَائِفُ أَنَّنَا نَحْنُ الجُنُـودُ إِذَا الْتَقَى الأَقـْرَانُ
          كَمْ زَلْزَلَتْ كَفُّ الشَّهِيدِ مَعَـاقِـلاً كَمْ صُدِّعَتْ مِنْ عَـصْفِهِ الأَرْكَانُ
          تُشْـقِـي يَهُـوداً مِنْ يَدَيْهِ أَنامِلُ وَبِصَـوْتِـهِ يَتَفَجَّـرُ البُـرْكَـانُ
          وَ لِزَأْرِهِ تَجْـرِي الضِّـبَاعُ ذَلِيلَةً وَتُقِيمُ عِـنْدَ جُحُورِهَا الفِئْـرَانُ
          وَيُبَلَّلُ القِـرْدُ البَغِـيـضُ إِزَارَهُ وَيُنَكَّسُ الطَّـاغُوتُ وَالشَّيْطَـانُ
          يَا قَـائِدَ الأُسْـدِ الأُبَاةِ غَـداً تَرَى تَلَّ الرَّبِيـعِ تُضِـيـئُهَا النِّيـرَانُ
          وَالْغَاصِـبِينَ وَقَـدْ تَبَدَّدَ جَمْعهُمْ يَوْمَ اللـقَــاءِ وَهَـدَّهُ الْخُـذْلانُ
          وَقِلاعَ عَكَّا حِينَ يُرْجِفُهَا الصًّدَى و اللِّـدَّ حِـينَ يَدُكُّهَـا الإِخْــوَانُ
          فَتَخِرُّ هَـامَـاتُ الطُّغاةِ ذَلِيلَـةً وَتُـدَكْـدَكُ الأَصْـنَامُ وَالأَوْثَــانُ
          وَتَرِفُّ فَوْقَ القُدْسِ رَايَاتُ الهُدَى وَعَلَى الْحَيَـاةِ يُهَـيْمِنُ القُـــرْآنُ
          يَـا فِتْيَـةَ القَسَّـامِ هَذَا يَوْمُـكُمْ فَلْـتُطْـرَحِ الأَوْشَــابُ وَالأَدْرَانُ
          وَيُجَـذُّ جِـذْرُ المُرْجـفِينَ فَإِنَّهُمْ حَاشَاكُمُ- الطَّاعُونُ وَالسَّـرَطَانُ
          فَاسْـتَأْصِلُوا الدَّاءَ الْخـبِيثَ بِقُوَّةٍ إِنَّ اجْتِثَـاثَ الخَـائِـنِينَ أَمــَانُ
          فَمَتَى نَرَى رَأْسَ العَـمِيلِ مُـذَلًّلاً فِي الأَسْـرِ تُلْجِـمُ فَكَّهُ الأَرْسَــانُ
          فَيُقَـادُ للمَـوْتِ الذَّلِيلِ مُصَـفَّداً وَلِبَاسُـهُ الأَشْـوَاكُ وَالْقَطِــرَانُ
          آنَ الأَوَانُ لأَنْ يُمَـزَّقَ لَحْـمُهُمْ لِتَـذُوقَـــهُ الغِـرْبَـانُ والدِّيـدَانُ
          وَيَزُولَ عَنْ أَرْضِ الكَرَامَةِ رِجْسُهُمْ وَيُقِـيمَ فَـوْقَ تِلالِهَــا الإيمَــــانُ
          يَاأَيُّهَا القِـرْدُ القَمِـيءُ غَـداً تًرَى يَافَـا يَرُجُّ سُـهُولَهَا البُرْكَـــانُ
          فَارْقُبْ قُبَيْلَ الصُّبْحِ يَأْتِيكَ الرَّدَى وَتُقِـيمُ بَيْـنَ قُرُودِكَ الأَحْــــزَانُ
          وَتَرَى الكَـمِيَّ إِذَا تَكَلَّمَ شِـبْلُنَا تَصْطَكُّ بَعْدَ جَنَـانِـهِ الأَسْــــنَانُ
          هَذِي جُـنُودُ العِـزِّ مُشْرِعَةُ القَنَا يَرْتَجُّ تَحْتَ خُيُـولِهَا الفُـرْسَــانُ
          فَإِذَا انْبَرَى شـِبْلُ الكَـتَائِبِ وَلْولَتْ مِنْهُ الكُـمَاةُ وَفَرَّتِ الشُّـجْعـــَـانُ
          فَهُنَا الجَبـَـابِرُ والرؤُوسُ تَحَطَّمَتْ والبِيضُ والأَقْـيَـالُ والتِّيجَـــانُ
          عَدْنَانُ عِشْ فِي الخُلْدِ يَا أَسَدَ الوَغَى فَالْعَيْشُ فِي الأُخْرَى هُوَ الحَيَوَانُ
          يَا سَـيِّدِي إِنْ غَـابَ عَنَّــا نَجْمُكُمْ فَشُـمُوخُكُمْ شَهِدَتْ بِهِ الأَكـْـوَانُ
          رَحَـلَ الأُبَاةُ وَلَمْ تَزَلْ آثَـارُهــُـمْ مَنْقُوشَـةً تَزْهُو بِهَا الأَوْطَـــانُ
          بِدِمَـائِهِمْ تَسْرِي الْحَيَــاةُ بِأُمَّتِي وَبِعَـرْفِهِمْ يَتَعَـطَّـرُ المَـــــــيْدَانُ
          يَا فِتْيَةَ القَسَّـــامِ يَا أُسْـدَ الشَّـرَى أَنْتُـمْ لِعِــزَّةِ أُمـــَّـتِي الْعــُـنْــوَانُ
          شَـهِدَتْ لَكُمْ بِالْعِـزِّ كُلُّ حِجَــارَةٍ في الأَرْضِ وَالآفَـاقُ وَالأَزْمَـانُ
          وَاللـهُ يَعْلَمْ وَالخَـلائِـقُ أَنَّكُـمْ -جُنْدَ الكَـتَائِبِ- أَنْتُمُ الفِتْيـــــانُ


          الشهيد القائد عدنان الغول
          شـعــر : مـحـمـد حـسـيـن مـنـصـور / مصر

          (1)
          أأقول يا عدنـان أو يحيـى أو البطـل الطريـد ؟
          أم هل أُكنّي بعد طـول البُعـد بالليـث الشريـد ؟!
          لكن سهـام الغـدر أطلقهـا – لتقتلـك – العبيـد
          ولذلـك انسـاب الكـلام يـردّد الاسـم الجـديـد
          ويقول : فزتَ بجنةٍ فـي الخلـد فاهنـأ يـا شهيـد
          (2)
          إلحق بصحبك واطمئنّ علـى جهـادٍ لـن يهـون
          فشبابنـا مـا عـاد غُـرّاً يلتهـي فيـه المجـون
          لكـنـه لله وقـفٌ..خـاض فــي الله المـنـون
          والرايـة الغـرّاء تصقلهـا المجـازر والسنـون
          فإذا قضى في ساحهـا الآبـاء ..يرفعهـا البنـون
          (3)
          يا مـن قضيـت سنـيّ عمـرك مستخفّـاً بالعنـاء
          ومشى على أنّات جرحِـك ركـبُ عشّـاقِ الفـداء
          قد آن أن ترتـاح بعـد الكـدّ مـن عـبء الخفـاء
          وترى الضياء على الدروب ..ويزدهي فيك الضياء
          وتظـلّ أستـاذاً تعـلّـم جيلـنـا درس الـوفـاء
          (4)
          سلّم على أصحاب دربك ..قل لهـم طـال الغيـاب
          وانقل لهـم نبـأ الكتائـب كيـف تجتـاح العبـاب
          طمئن ( صلاح ) عن الأسود تعيش في ظلّ الحراب
          طمئنه عن صاروخ قسّـامٍ عـلا متـنَ السحـاب
          يهوي على رأس الغزاة الغاصبيـن كمـا الشهـاب
          (5)
          وشهيدنـا فـي مقلتيـه كتـابُ فـقـهِ المعنوية
          فاقرأ فصول كتائـب القسـام ..لا ترضـى الدنيّـه
          وشهيدهم وصّى الألـى.. بدمائـه خـطّ الوصية
          هبّـوا سراعـاً للفـدا .. لا ..لا تبالـوا بالمنـيّـه
          وعلى الصدور مصاحفٌ وعلـى المناكـب بندقية





          الفصل الثامن عشر
          بلال ، محمد ، عمران
          ملح الأرض و عبيره
          نقلاً عن موقع القسام في سيرة الشهداء الأبطال: بتصرف

          الشهيد القسامي/ بلال عدنان الغول
          قارع الصهاينة رغم حداثة سنه
          ولد الشهيد القسامي بلال عدنان الغول في منطقة المغراقة يوم 23 / 8 / 1983 في عائلة ملتزمة بشرع الله تعالى وترعرع على موائد القرآن في مساجد المغراقة الصغيرة والتي تخرج منها العديد من رجال القسام. فكان بلال منذ صغره مبتسما ومحبوبا بين أصدقائه و أقربائه .
          وعُرف عن بلال انه تدرب على السلاح منذ صباه على يد المعلم الأكبر القائد عدنان الغول والده و أحد المطلوبين الأوائل للصهاينة حتى انضم إلى صفوف إخوانه في الوحدات القسامية رغم صغر سنه واعتقل لدى جهاز المخابرات الفلسطيني اكثر من مرة بعد مطاردته لفترة من الزمن و قد عمدت المخابرات الفلسطينية إلى اختطافه و كان عمره وقتها 12عاماً و عذبوه عذاباً شديداً كي يبوح بمكان والده وليشكل ضغطاً على عدنان ليسلم نفسه ، إلا أن ذلك لم يفت من عضد أبو بلال .
          نشاطاته
          عرف عن بلال انه تدرب على السلاح منذ صغره في المغراقة حتى تمرس في استخدامه بعد فترة وجيزة وله باع بطولي في استخدام الأسلحة الجديدة والثقيلة كقذائف الهاون والانيرجا وغيرها، وشارك بلال في غارات عديدة ضد أهداف صهيونية مع اخوانه في كتائب القسام وكان يمتاز بالجرأة والشجاعة وكان أحد القساميين الذين شاركوا في حفل تأبين الشهيد القسامي عبد الحكيم المناعمة في مخيم المغازي.
          أهله
          عاش بلال في أسرة ملتزمة بشرع الله عز وجل لا تعرف إلا طريق المساجد وله ثلاثة اخوة : محمد في الثالث الإعدادي و الذي استشهد لاحقاً ، ومحمود في الرابع الابتدائي وهلال الذي لم يتجاوز عمره خمسة اشهر أما أبوه عدنان فعرف عنه انه رجل شجاع صابر محتسب جاهد كثيرا ضد الصهاينة ويعتبر من رموز ومؤسسي كتائب القسام وهو من أوائل المطلوبين للصهاينة لما كتبه سجله الجهادي من أعمال بطولية ضدهم وكان كثيرا ما يرشد بلال إلى طريق الشهادة ويحببه بها حتى نالها و نالها أبوه من بعده ، أما عن عمه المسجون أبو عمران فك الله أسره الذي يعتبر من المجاهدين الذين لهم باع طويل في السجل الجهادي ضد الصهاينة، وأم بلال فهي تلك المرأة الصابرة المحتسبة والتي يعجز القلم أن يسطر إرادتها القوية وعزيمتها الجبارة وإيمانها المتجدد ، ويكتفي القلم بأن يكتب لها "سلم ذلك الصدر الذي ارضع ذاك الأسد " أما عن أخيه محمد فهو ذاك الشاب الخلوق والبشوش الذي ورث ابتسامة بلال ومحمود في الصف الرابع الابتدائي والذي ما زال صغيرا أما هلال فلم يتجاوز عمره خمسة اشهر فربما يكتب له القدر أن يسطر ما لم يستطع أن يسطره أخوه بلال ويذكر أن عائلة الغول قدمت عشرة شهداء من خيرة أبنائها في الفترة الواقعة بين عامي 84 وحتى 2001.
          استشهاده
          بعد أن عمل بلال كثيرا في طريق الجهاد والمقاومة مع إخوانه في كتائب الشهيد عز الدين القسام نال شرف الشهادة في سبيل الله تعالى عندما قامت طائرات صهيونية أمريكية الصنع من نوع اباتشي بقصف السيارة التي كان يستقلها وسيارة والده وكان معه أحد المجاهدين بأربعة صواريخ ولكنه هرب منها واستمرت الطائرات في ملاحقته حتى استشهد على ثرى فلسطين الطاهر يوم الأربعاء 22 سبتمبر عام 2001.
          برّ بوالده واستشهد لحمايته فشيعه الفلسطينيون في جنازة عظيمة
          بلال الغول .. فدى بنفسه أباه وقائدين كبيرين آخرين من كتائب القسام
          "هذا الشبل من ذاك الأسد" .. هكذا وصف الشهيد بلال يحيى الغول كل من عرفه, وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره. فهو نجل أحد القادة العسكريين الكبار لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس", واغتالته مروحيات صهيونية في عملية اغتيال كانت تستهدف أصلاً والده يحيى الغول الملقب "عدنان"، وقائد كتائب القسام والمطلوب رقم واحد للكيان الصهيوني محمد ضيف، ومساعداً آخر للغول يُدعى سعد العرابيد الذي أصيب بجراح.
          أسرة الغول التي ينحدر منها الشهيد بلال, ومن قبله والده "عدنان", أسرة مناضلة عرفت منذ سنين, فقد قدمت العديد من الشهداء والمناضلين منذ احتلال فلسطين. ورغم صغر سن بلال, فإن والده وهو من أخطر المطلوبين لدى سلطات الاحتلال ومن أشدهم في مقاومة المحتل؛ كان يعتمد عليه في تحركاته وتنقلاته, وكان بلال دائماً عند حسن ظن والده فيه, فضلاً عن عمله في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، وكتائب القسام في آن واحد.
          ويقول أحد أصدقاء بلال الذي كان يحمل صورته خلال تشييعه في غزة إن الشهيد كان جريئاً جداً, ونفذ العديد من العمليات العسكرية ضد المواقع الصهيونية والمستوطنات اليهودية خلال عمله في الخفاء في كتائب القسام, ومساعدته لجان المقاومة الشعبية، مشيراً إلى أنه كان يحب والده حباً كبيراً, ويعتبره قدوته, ولذا لم يستغرب حينما سمع أنه فداه وزميليه بنفسه, حينما استهدفتهم المروحيات الصهيونية.
          وأضاف إن بلال تمكن من تضليل الطائرات المروحية, التي كشفت سيارته وسيارة أخرى كانت تقل والده ومحمد ضيف و العرابيد في طريق فرعية قرب وادي غزة وسط القطاع, وأتاح تضليله الطائرات الصهيونية فرصة لوالده وزميليه للهرب من المكان, ففداهم بنفسه ليرتقي إلى العُلا شهيداً بصواريخ طائرات "الأباتشي" الصهيونية (أمريكية الصنع) التي فحمت جثته.
          وقد خرجت للشهيد جنازة عسكرية كبيرة ، كونه أحد أفراد جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني, تقدمها قادة حركة "حماس" وجهاز الأمن الوقائي وقادة الفصائل الفلسطينية، وحملت جثمانه عربة عسكرية خرجت من مشفى الشفاء, وتوجهت إلى ديوان أسرته في مخيم الشاطئ, حيث ألقى ذووه عليه نظرة أخيرة, ثم سار الموكب إلى مسجد الكتيبة, حيث صُليت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الظهر.
          وتحولت جنازة الشهيد , التي انطلقت من مسجد الكتيبة إلى مسيرة حاشدة قدر المشاركون فيها بأكثر من عشرة آلاف فلسطيني , بينهم مئات المسلحين الفلسطينيين, الذين أطلقوا الرصاص في الهواء بغزارة, كما شوهد لأول مرة مسلحون من لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية يحملون قذائف من نوع أنيرجا .
          وسارت جنازة الشهيد في شوارع مخيم الشاطئ ومدينة غزة متجهة نحو مقبرة الشهداء شرق المدينة, حيث ووري جثمانه الثرى، بينما تعهدت كتائب عز الدين القسام عبر مكبرات الصوت بالثأر والانتقام لدم الشهيد الغول, وأعلنت أنها أطلقت سبع قذائف هاون على إحدى المستوطنات اليهودية في القطاع كرد أولي على اغتياله, ووعدت بمزيد من العمليات ضد الاحتلال الصهيوني.


          الشهيد القسامي المجاهد محمد عدنان الغول (أبو يحيى)
          الفتى الذي لم يعرف المحال فسار بخطاه على درب أخيه بلال
          الله غايتنا وهل من غاية أسمى وأغلى من رضى الرحمن وزعيم دعوتنا الرسول وما لنا غير الرسول محمد من ثان دستورنا القرآن وهو منزل والعدل كل العدل في القرآن وسبيل دعوتنا الجهاد وإنه إن ضاع ضاعت حرمة الأوطان والموت أمنية الدعاة فهل ترى ركناً يعاب بهذه الأركان.
          كلا والذي رفع السماء بلا عمد والله إنه لمنهج قويم وعلي خطاه أنتم سائرون إنكم مجاهدون هنيئا لك يا محمد الشهادة.
          محمد عدنان الغول هو الشهيد الثاني للقائد القسامي كبير المهندسين الشهيد عدنان الغول بعد الشهيد الأول بلال . فمن هو محمد وكيف عاش ؟ لنعرف كيف كان هذا التقرير.
          حب الجهاد والتضحية والفداء ؟؟
          ولد شهيدنا القسامي المجاهد محمد عدنان الغول ( أبا يحيى) في 31 / 10 / 1987 في أحضان الجهاد والمجاهدين فقد رضع حلاوة الجهاد والمقاومة وترعرع في أسرة متدينة مسلمة ملتزمة بشرع الله تبارك وتعالى تعلم منذ صغره القرآن الكريم في مسجد الإيمان بقرية المغراقة فترعرع فيها على حب الجهاد والتضحية والفداء تربى على الابتسامة الصادقة والتربية الحسنة والده ذلك الرجل المطارد عدنان الغول وهو من أكبر قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام وأسرته أسرة فلسطينية متمرسة في المقاومة، في حالة نموذجية من تواصل الأجيال داخل الأسرة الواحدة، بين الوالد عدنان الغول، والأنجال الشهداء القساميين مثل بلال ومحمد، الذين تبزغ أسماؤهم في صفوف الشهداء ممن قضوا نحبهم في حالات من الإقدام والمواجهة تبدو للوهلة الأولى أسطورية.
          تربى محمد على حب إخوانه حب يعجز اللسان عن وصفه لأن محمد أدرك بأن أداء الواجب بالدم لا بالمداد وأن الدنيا فانية متاعها متاع فان ولكن الدار الآخرة هي دار المؤمنين الموحدين دار الشهداء والصالحين نعم هنيئا لك الشهادة يا محمد.
          فارس الكتلة الإسلامية ؟؟
          كان محمد ابنا مخلصا وفارسا من فرسان الكتلة الإسلامية فقد كان مواظبا على حضور الدروس الأسبوعية والدورية في المساجد دروس الدعوة والجهاد دروس العلم والقرآن نعم إنه سيسافر إلى جنات عرضها كعرض السماوات والأرض فكان كثير الحب لأبناء جيله من أبناء الكتلة الإسلامية كان يشارك معهم في نشاطاتهم الدعوية والأخوية والميدانية متواضعا أحبه الجميع من خفة دمه التي كان يعبر عنها بابتسامة مرسومة على وجهه البشوش نعم إنه محمد الذي كان بالأمس بينكم واليوم بينهم بين الشهداء نحسبه عند الله كذلك ولا نزكي على الله أحدا .
          فقد أدرك محمد الغول (17 عاماً) منذ استشهاد شقيقه الأكبر بلال ؛ أنه قد جاء دوره ليحمي المجاهدين بروحه رجال المقاومة في قطاع غزة، والذي يعتبرهم العدو الصهيوني من أخطر الذين يهددون مصير الكيان الصهيوني.
          ابنا للإخوان المسلمين ؟؟
          نعم إن محمدا كان مخلصا في عمله الإسلامي على الرغم من صغر سنه إلا أن إخلاصه أهّله بأن يكون جنديا في دعوة الإخوان المسلمين فكان نعم الشبل والفتى المطيع فكان لا يتغيب عن جلسات أسرته الدعوية التي يتعلم فيها كيف يكون الرجل رجلا وكيف يكون المجاهد مجاهدا نعم إنه تعلم وعلم وطبق ما تعلمه على أرض الواقع كيف لا وهو ينادي بكل صوته الله أكبر في وجه قوات الاحتلال الصهيوني عندما حاولت اقتحام المنزل نعم هكذا هم رجال الأخوان المسلمين يسيرون على خطى شهيدهم الأول الشهيد الإمام المرشد حسن البنا مؤسس جماعة الأخوان المسلمين.
          مطاردة عدنان الغول ؟؟
          والده هو عدنان الغول كانت قوات الاحتلال قد بدأت مطاردته في عام 1988، أي بعيد اندلاع الانتفاضة الشعبية السابقة انتفاضة المساجد (1987-1994). إذ تمكن الغول خلال تلك الفترة من التسلل إلى خارج الأراضي الفلسطينية، والتنقل بين دول عربية وإسلامية، وتدرب على تصنيع المتفجرات وأصبح يتقن فنونها ببراعة، ليعود بعد ذلك إلى قطاع غزة كما خرج ويستأنف نشاطه المقاوم.
          ولكن طريق عدنان الغول لم تكن مفروشة بالورود؛ فإلى جانب ملاحقة قوات الاحتلال له؛ جرى اعتقاله مرتين من جانب جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية، مع بداية إنشاء هذه السلطة. كما حاولت المخابرات الصهيونية اغتياله بالسم من خلال أحد العملاء .
          ومن يقف بين يدي سيرة القيادي العسكري البارز في المقاومة الفلسطينية عدنان الغول سيجد من بين محطاتها أيضاً اعتقال نجله بلال لدى جهاز المخابرات العامة التابع للسلطة، وقد جرى تعذيبه خلال الاعتقال من أجل معرفة مكان والده، ولكن الفتى الصغير آنذاك أبدى صلابة لم تفلح معها محاولة انتزاع الاعترافات بالقسوة.
          أخيه الفدائي بلال ؟؟
          محمد ذلك الشبل من ذاك الأسد أخوه بلال نعم نعرفه حق المعرفة إنه بلال الذي فدى والده عندما لم يتردد في 22 آب (أغسطس) 2001 أن يبر والده ليفديه بروحه ويحميه هو وقادة آخرين في كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حينما قصفت المروحيات الصهيونية السيارات التي كانوا يستقلونها في طريق ترابية كانوا يسلكونها في منطقة وادي غزة وسط القطاع.
          إذ كان بلال يرافق والده وعدداً من قادة كتائب القسام، حينما أدرك أنّ طائرات الأباتشي تحلق في أجواء المنطقة، وتستعد لقصف سيارة والده التي كانت مرصودة، فطلب بلال من والده أن يتم تبديل السيارات بحيث يغادر والده وقادة القسام في سيارته ليموّه هو على الطائرات فتقصفه ويستشهد هو، مقابل إنقاذ والده من عملية اغتيال كانت محققة، لينجح التمويه ويحقق بلال أمنيته في الاستشهاد.
          الفتى الذي امتشق بندقيته ؟؟
          محمد هو أخ بلال ولم يختلف الأمر كثير فمحمد هو الآخر فدائي من الدرجة الأولى فقبل استشهاده طلب من ابن عمه المستهدف عمران بأن يغادر المنطقة لأنه سيفديه بروحه والذين شاركوا في جنازة محمد وإخوانه الشهداء فكانوا يتساءلون عن محمد وعن أخيه الأول الشهيد بلال الغول ذلك الفتى اليافع الذي كان يمتشق بندقيته، ويضع على رأسه عصابة خضراء مزينة بشعار التوحيد نعم إن محمد هو الذي تسلم الراية من بعده ليواصل الطريق ذاته المحفوف بأغلى التضحيات طريق الحق والقوة والحرية طريق الجهاد والمقاومة طريق القسام .
          وبعد مسيرة حافلة في المقاومة، كانت ساعة الحقيقة قد حانت بالنسبة لمحمد بعد أقل من عامين من استشهاد بلال. كان ذلك عندما توغلت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الصهيوني إلى بلدة المغراقة، حيث بيت القيادي المقاوم عائلة الغول، في عملية استهدفتهم فجر الجمعة السابع والعشرين من حزيران (يونيو) 2003.
          وإنّ أهالي تلك المنطقة التي يطلق عليها المواطنون اسم "عرين عدنان الغول"؛ يشهدون لمحمد بأنه شارك بقوة في معركة كبيرة خاضوها مع قوات الاحتلال ولم تتمكن من قتلهم وإصابتهم إلاّ بعد أن نفذت ذخيرتهم، موقعين إصابات كبيرة في صفوف قوات الاحتلال الصهيوني .
          كان الخيار الوحيد الذي حدده الابن محمد لنفسه أن يسقط شهيداً، وهو ما تحقق له فجر الجمعة، السابع والعشرين من حزيران (يونيو)، بالفعل في عملية استهدفت قوات الاحتلال الصهيوني خلالها منطقة المغراقة جنوب مدينة غزة.
          سأسطر معركة بالدم لا بالمداد ؟؟
          هذه القصة التي شارك فيها محمد ابن عمه عمران ربما يتبادر للأذهان تلك المعركة البطولية التي قادها المهندس عمران الغول سنبدأ من حيث دخول قوات الاحتلال الصهيوني إلى قرية المغراقة مستهدفة إلقاء القبض على المجاهدين الذي كانوا يتواجدون في المنطقة نقول أن المهندس عمران الغول رحمه الله كان قد جهز بيته بكافة الوسائل القتالية حتى إذا ما أقدما قوات الاحتلال لاقتحام منزله كان مستعدا من اللحظة الأولى فقد حفر بالقرب من منزله خندق خاص للمواجهة لا يعرف أحد عنه شئ سواه بعض رجال كتائب القسام وكان رحمه الله قد جهز خطة كاملة في حالة هجوم قوات الاحتلال الصهيوني ومع اقتراب ساعات الفجر ومن وسط صيحات الآذان أقدمت قوات الاحتلال إلى قرية المغراقة مستهدفة إلقاء القبض على المهندس عمران وبينما القوات الصهيونية الراجلة تحاصر المنزل وكانت بأعداد كبيرة جدار تحفها الدبابات والمجنزرات أرضا وطائرات الأباتشي والكوبرا جوا في هذه الأثناء كان محمد وهو ابن عم عمران في المنزل فخرج ليتوضأ لصلاة الفجر من صنبور المياه الواقع خرج المنزل فسمع محمد صوت غريب فقال بصوت مرتفع من هناك وقف ففي هذه الأثناء بدأ جنود الاحتلال بإطلاق النار على محمد وحينها أدرك الجميع أن قوات الاحتلال الصهيوني قد دخلت إلى المنطقة وهي الآن ستحاصر المنزل وستتم عملية كبيرة كان عمران يحلم بها.
          محمد الفدائي الثاني ؟؟
          بدأ عمران وقد جهز نفسه للمواجهة وبدأ محمد بإطلاق النار من مسدسه على قوات الاحتلال عمران لم يستطيع الانتقال إلى الملجأ لأساب لا يعرفها إلا المقربين منه ويقول لنا أحد الذين نجوا من الاشتباك أن عدد جنود الاحتلال الخيالي كان سبب رئيسي في عدم الدخول إلى الخندق ويواصل الحديث قائلا لو استطعنا دخول الخندق لكانت معركة أسطورية بمعنى الكلمة على العموم كان المهندس عمران قد زرع عبوة بالقرب من باب المنزل فارتقب اقتراب الجنود الصهاينة إلى مكان العبوة وفعلا اقتربت وحدة جنود صهيونية من العبوة فما كان من عمران إلا أن ضغط على بطارية التفجير في وسط الجنود الصهاينة فقطعهم أشلاء متناثرة وربما رأيتم هذه الأشلاء في الشريط المصور الذي تمكن رجال القسام من تصويره ولكن الاحتلال الصهيوني لم يعترف إلا بمقتل واحد وتناثره أشلاء جراء انفجار العبوة التي نصبها المهندس عمران ولكن شهود عيان خاضوا الاشتباك قالوا أن عدد الجنود الذين قتلوا في المعركة كانت كبيرة جدا ولكن الاحتلال أخفى ذلك والدليل أن المجاهدين رأوا بعد انسحاب قوات الاحتلال أكثر من رجل وأكثر من جزء من أجسام الجنود كما رأوا أمعاء الجنود الصهاينة ملقاة على الأرض وهنا يقول لنا أحد السكان أن صراخ الجنود الصهاينة الذين رأوا رفاقهم يتقطعون أشلاء بعد العبوة كان صراخهم ملفوف بالخوف والفزع وقد زرع هذا الموقف الرعب في قلوب الصهاينة فلا نعلم سينجب هؤلاء الجنود مستقبلا أم لا.
          معا معك يا عمران ؟؟
          المهم بعد أن فجر عمران العبوة في الجنود الصهاينة بدأ له عمل آخر وهو الاشتباك المسلح فقد أقسم أن يخرج استشهاديا للجنود وأن يقتل منهم وأن يبلي بلاء حسنا فقد بدأ بإلقاء عشرات القنابل اليدوية القسامية على الجنود ثم نزل إلى الأرض للمواجهة فرآه الجنود الصهاينة من شرفة المنزل فأطلقوا عليه النار فأصابوه في الجهة اليمنى من البطن فاستمر شهيدنا عمران وهو ينادي على الذين معه الله معكم يا شباب أنا بخير وبدأت أصوات التكبيرات تخرج منه ومن شهيدنا القسامي محمد الغول ابن عمه فقد نادى محمد في هذه اللحظة على عمران قائلا اهرب يا عمران فأنا سأواجههم نعم إنه الفدائي الثاني بعد أخيه بلال ولكن عمران رفض وقال إنني استشهادي فدخل محمد على مجموعة من الجنود الصهاينة بدأ يطلق النار عليهم وهو يكبر فأطلق الجنود الصهاينة عليه النار فارتقى شهيدا كما كان يتمنى .
          الأعمال الجهادية التي شارك فيها ؟؟

          •- شارك شهيدنا الفتي القسامي محمد عدنان الغول في عشرات إطلاق قذائف الهاون ضد أهداف صهيونية.
          • - شارك شهيدنا القسامي المجاهد محمد الغول في إطلاق عشرات صواريخ القسام على المغتصبات الصهيونية التي أقلقت مضاجع بني صهيون.
          • - شارك شهيدنا المجاهد في تصنيع صواريخ البنا والبتار مع إخوانه المجاهدين من أبناء كتائب القسام.
          • - شارك في التصدي لقوات الاحتلال الصهيوني أثناء اجتياحها لبلدة بيت حانون حيث اشتبك مع مجموعة من المخربين الصهاينة.
          • - شارك في التصدي لقوات الاحتلال الصهيوني أثناء اجتياحها لحيي الزيتون والشجاعية.
          • - ألقى شهيدنا المجاهد محمد الغول العديد من القنابل اليدوية على جيب عسكري صهيوني على مفرق الشهداء مما أدى إلى إصابة الجيب إصابة مباشرة في أوائل الانتفاضة المباركة.
          • - شارك القسامي محمد الغول في عشرات عمليات الرصد القسامية التي استهدفت آليات وأهداف صهيونية لضربها من قبل كتائب القسام.
          • - كان محمد يسهر الليالي يحرس في سبيل الله فكان يبيت على ثغرة من ثغر الإسلام وكان رحمه الله يقظا حريصا منتبها.
          الفتى الفارس يترجل ؟؟
          وعندما ترجل الفارس محمد ترجل عريسا إلى الحور العين زفته جماهير النصيرات البطلة على أكتاف شبابها الذين عرفوا محمد حق المعرفة فقد كان يحب الجميع والجميع يحبه فقد بكاه الجميع والصديق قبل القريب ذلك الأسد الجسور فقد شارك الآلاف من أبناء النصيرات في تشييع شهيدنا القسامي الجاهد محمد الغول حيث طافت الجماهير به أرجاء النصيرات وهي تهتف بكل إخلاص وتفاني تحية لكم يا سادتي الشهداء تحية لكم وأنتم تسطرون بدمكم الغالي ثرى فلسطين الحبيبة ثرى المسجد الأقصى المبارك ولا نقول وداعا ولكن نقول إلى اللقاء في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
          وقد كان عرس الشهادة لشهيدنا المجاهد محمد الغول مع عرس شهيدنا المهندس عمران الغول عرسا مميزا فتحت فيه الأناشيد الإسلامية وهنأت الآلاف من جماهير فلسطين ذوي الغول في استشهاد ابنيهم المجاهد محمد الغول المهندس عمران عمر الغول.
          والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقكم يا أبناء القسام لمحزونون ولكن عزاؤنا أنكم مضيتم شهداء عند مليك مقتدر نسأل الله العظيم أن يتقبلكم وأن يجمعنا معكم في الفردوس الأعلى .



          الشهيد القسامي المهندس عمران عمر الغول (أبو عمر)
          قاد معركة المغراقة الأسطورية (استشهد متوسما شعار الإيمان والبندقية)

          لا يا أخي لا تقلها قد خبا صوت النضال ، فصراعنا كر وفر والوغى دوما سجال ، وطريقنا شوك الشعاب حصادنا أعلى الجبال ، هذي الكتائب يا أخي قد حطمت صمت الليالي واهتزت الدنيا بزحف النور يمضي للمعالي ومضت منارا للمنى من دونه حلم الخيال فإلى النضال على النضال إلى النضال.
          لملم جراحك يا أخي واحمل سلاحك لا تبالي ما عاد يجدينا الأسى ما عاد يكفيني سؤالي قد حنت الهيجاء إليك وأشفقت شم الجبال فإلى النضال إلى النضال إلى النضال أجل لقد سطر شهيدنا القسامي المهندس المجاهد عمران عمر الغول أبا عمر ملحمة بطولية قادها فقهر الجيش الذي يزعم بأنه لا يقهر هنيئا لك الشهادة يا عمران وأنت تسطر بدمك الطاهر أروح ملاحم العزة والإباء عمران الغول اسم له معاني كثيرة ممكن التعرف عليه من خلال هذا التقرير الذي أعده مراسل قسام.
          أسرة ذات جذور مجاهدة ؟؟
          ولد شهيدنا القسامي المهندس عمران الغول في أسرة مجاهدة عرفت معنى العزة والكرامة أسرة مجاهدة بكل ما تحمل الكلمة من معاني وولد عام 1982م والده ذلك الأسد الجسور الذي يقبع الآن في سجون الاحتلال الصهيوني الغاشم وقد حكم عليه بمدى الحياة وذلك لأنه كان مجاهدا مشرفا سجل نقطة أسطورية لابد الوقوف عندها مرارا وتكرارا كيف لا وهو المعلم الأول فقد سار شهيدنا الاستشهادي المجاهد القسامي المهندس عمران الغول على خطى والده ولم يخف في الله لومة لائم شهيدنا عمران من عرف سنه استغرب عمله فهو ومنذ الصغر كان يتميز بالعديد من الصفات التي لا يمكن توفرها في أي شخص فكان رحمه الله أكثر ما يتميز بالسرية والتواضع فلم يكشف سرا لأحد عن أعماله التي كان يقوم بها كما أنه كان متواضعا لدرجة خيالية فكان يخجل خجلا شديدا لا يحب الظهور كان دوما يريد العمل بجد وبصمت.
          مسجد الإيمان مخرج الأبطال ؟؟
          ترعرع منذ نعومة أظفاره على موائد القرآن الكريم في مسجد الإيمان ذلك المسجد الشامخ الذي خرّج الشهداء القساميين أمثال بلال الغول ومحمد الغول و زكريا الصعيدي وغيرهم من المعتقلين القساميين الذين يقبعون خلف القضبان وعلى رأسهم الأسد الأول محمد (رياض) حسان وعمر الغول وغيرهم الكثيرون وكان عمران طيب الله ثراه يحث العديد من الشباب المسلم على استمرار حفظ القرآن الكريم وتعلم علوم الدين وعلوم القرآن وحضور دروس العلم في مساجد الله تعالى .
          في جماعة الإخوان ؟؟
          انضم شهيدنا المهندس إلى جماعة الإخوان المسلمين فكان نعم الجندي المطيع ونعم البطل الجسور فلم يتخلف عن حضور الجلسات الأسرية الخاصة التي يتربى فيها أبناء جماعة الإخوان المسلمين على تدارس علوم الدين ومناقشة الأحداث والمستجدات وحفظ القرآن الكريم والرقي بالنفس بالأمور الروحانية التي من شأنها زيادة الإيمان لدى الفرد المسلم حقا أجل لقد ربح البيع يا عمران لقد ارتقيت شهيدا كما تمنيت فأكرمك الله في الدارين في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.
          صفات حميدة وتطبيق دقيق ؟؟
          الطاعة والصمت والأدب الأخلاق والمحبة والإخلاص والتفاني كلها صفات ملازمة لشهيدنا المهندس القائد فلا تستغرب من هذا الشاب الذي يفني وقته في سبيل إرضاء الله عز وجل وخضوعا له تبارك وتعالى مضى مشواره منذ الصغر بين أحراش المغراقة القسام الصامدة فتربى على يد العديد من القادة القساميين الميامين أمثال سعد العرابيد ومحمد الضيف حفظه الله من كيد الكائدين وغيره الرجال القادة الذين جعلوا حياتهم رخيصة في سبيل الله تعالى كيف لا وهم يرتقون بأنفسهم شهداء واحد تلو الآخر وهنا يا عمران لا نقول وداعا ولكن نقول إلى اللقاء في الجنة بإذن الله تعالى مع النبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
          على درب المجاهدين الأوائل ؟؟
          ولابد أن نذكر أيضا أن عمران الغول سار على درب الجهاد والمقاومة على درب عمه وهو عدنان الغول أبو بلال الذي قدم ولديه في سبيل الله وكانت قوات الاحتلال قد بدأت مطاردة عدنان الغول (43 عاما) في عام 1988، أي بعيد اندلاع الانتفاضة الشعبية السابقة والتي سميت بانتفاضة المساجد (1987-1994). إذ تمكن الغول خلال تلك الفترة من التسلل إلى خارج الأراضي الفلسطينية، والتنقل بين دول عربية وإسلامية، وتدرب على تصنيع المتفجرات وأصبح يتقن فنونها ببراعة، ليعود بعد ذلك إلى قطاع غزة كما خرج ويستأنف نشاطه المقاوم.
          معركة قسامية أسطورية ؟؟
          ربما يتبادر للأذهان تلك المعركة البطولية التي قادها المهندس عمران الغول من نبدأ لكم لا نعرف ولكن سنبدأ من حيث دخول قوات الاحتلال الصهيوني إلى قرية المغراقة مستهدفة إلقاء القبض على المجاهدين الذي كانوا يتواجدون في المنطقة نقول أن المهندس عمران الغول رحمه الله كان قد جهز بيته بكافة الوسائل القتالية حتى إذا ما أقدما قوات الاحتلال لاقتحام منزله كان مستعدا من اللحظة الأولى فقد حفر بالقرب من منزله خندق خاص للمواجهة لا يعرف أحد عنه شئ سواه بعض رجال كتائب القسام وكان رحمه الله قد جهز خطة كاملة في حالة هجوم قوات الاحتلال الصهيوني ومع اقتراب ساعات الفجر ومن وسط صيحات الآذان أقدمت قوات الاحتلال إلى قرية المغراقة مستهدفة إلقاء القبض على المهندس عمران وبينما القوات الصهيونية الراجلة تحاصر المنزل وكانت بأعداد كبيرة جدار تحفها الدبابات والمجنزرات أرضا وطائرات الأباتشي والكوبرا جوا في هذه الأثناء كان محمد وهو ابن عم عمران في المنزل فخرج ليتوضأ لصلاة الفجر من صنبور المياه الواقع خرج المنزل فسمع محمد صوت غريب فقال بصوت مرتفع من هناك وقف ففي هذه الأثناء بدأ جنود الاحتلال بإطلاق النار على محمد وحينها أدرك الجميع أن قوات الاحتلال الصهيوني قد دخلت إلى المنطقة وهي الآن ستحاصر المنزل وستتم عملية كبيرة كان عمران يحلم بها.
          خطة مهندس على أعتاب الشهادة ؟؟
          بدأ عمران وقد جهز نفسه للمواجهة وبدأ محمد بإطلاق النار من مسدسه على قوات الاحتلال عمران لم يستطيع الانتقال إلى الملجأ لأساب لا يعرفها إلا المقربين منه ويقول لنا أحد الذين نجوا من الاشتباك أن عدد جنود الاحتلال الخيالي كان سبب رئيسي في عدم الدخول إلى الخندق ويواصل الحديث قائلا لو استطعنا دخول الخندق لكانت معركة أسطورية بمعنى الكلمة على العموم كان المهندس عمران قد زرع عبوة بالقرب من باب المنزل فارتقب اقتراب الجنود الصهاينة إلى مكان العبوة وفعلا اقتربت وحدة جنود صهيونية من العبوة فما كان من عمران إلا أن ضغط على بطارية التفجير في وسط الجنود الصهاينة فقطعهم أشلاء متناثرة وربما رأيتم هذه الأشلاء في الشريط المصور الذي تمكن رجال القسام من تصويره ولكن الاحتلال الصهيوني لم يعترف إلا بمقتل واحد وتناثره أشلاء جراء انفجار العبوة التي نصبها المهندس عمران ولكن شهود عيان خاضوا الاشتباك قالوا أن عدد الجنود الذين قتلوا في المعركة كانت كبيرة جدا ولكن الاحتلال أخفى ذلك والدليل أن المجاهدين رأوا بعد انسحاب قوات الاحتلال أكثر من رجل وأكثر من جزء من أجسام الجنود كما رأوا أمعاء الجنود الصهاينة ملقاة على الأرض وهنا يقول لنا أحد السكان أن صراخ الجنود الصهاينة الذين رأوا رفاقهم يتقطعون أشلاء بعد العبوة كان صراخهم ملفوف بالخوف والفزع وقد زرع هذا الموقف الرعب في قلوب الصهاينة فلا نعلم سينجب هؤلاء الجنود مستقبلا أم لا.
          سأكون استشهاديا ؟؟
          المهم بعد أن فجر عمران العبوة في الجنود الصهاينة بدأ له عمل آخر وهو الاشتباك المسلح فقد أقسم أن يخرج استشهاديا للجنود وأن يقتل منهم وأن يبلي بلاء حسنا فقد بدأ بإلقاء عشرات القنابل اليدوية القسامية على الجنود ثم نزل إلى الأرض للمواجهة فرآه الجنود الصهاينة من شرفة المنزل فأطلقوا عليه النار فأصابوه في الجهة اليمنى من البطن فاستمر شهيدنا عمران وهو ينادي على الذين معه الله معكم يا شباب أنا بخير وبدأت أصوات التكبيرات تخرج منه ومن محمد ابن عمه فقد نادى محمد في هذه اللحظة على عمران قائلا اهرب يا عمران فأنا سأواجههم ولكن عمران رفض وقال إنني استشهادي فدخل محمد على مجموعة من الجنود الصهاينة بدأ يطلق النار عليهم وهو يكبر فأطلق الجنود الصهاينة عليه النار فارتقى شهيدا أما عمران فاستمر في المواجهة وقد بدأت الإصابة تؤثر عليه فزحف لغير مكانه ويجابه الجنود من مكان آخر وفعلا خرج لهم من مكان آخر وبدأ يطلق النار من سلاحه مكبرا الله أكبر فأمطره الجنود بوابل من الرصاص فقتل عمران كما كان يتمنى .
          وقد بدأت أصوات المساجد في مخيم النصيرات القريب من المغراقة من نعي الشهداء عمران الغول ومحمد الغول و زكريا الصعيدي حيث انضم معهم لينال هو الآخر نصيبه في الشهادة وقالت مكبرات الصوت أن المجاهدين قادوا معركة بطولية أسطورية يعجز جيش عن قيادتها فربما كان الله قد أمد المجاهدين بمدد من عنده لذلك انسحبت قوات الاحتلال خائبة فلم تفلح في إلقاء القبض على المهندس عمران الغول لأنه ارتقى شهيدا كما تمنى.
          سجل مشرف وتاج فوق الرؤوس ؟؟
          وقد حصل مراسل قسام على سجل بعض العمليات التي قام بها المهندس عمران الغول أثناء حياته الجهادية التي كانت محفوفة بالشوك بالدم بالرماح فنبدأ معكم بهذه الأعمال الجهادية المشرفة:
          • - شارك شهيدنا المهندس في عملية إطلاق النار على كاسحة الألغام والجيب العسكري مما أسفر عن مقتل جندي صهيوني باعتراف العدو الصهيوني وذلك على خط كارني نتساريم.
          • - شارك شهيدنا المجاهد عمران الغول في عملية إطلاق النار على الأبراج العسكرية بالقرب من منطقة الحمامات في منطقة دير البلح.
          • -شارك شهيدنا القسامي المهندس في مئات إطلاق قذائف الهاون على مغتصبة نتساريم الجاثمة على أرضنا المحتلة.
          • -يعد شهيدنا المهندس أول من أطلق صاروخ قسام هو ورفاقه على مغتصبة نتساريم كما شارك في إطلاق العشرات منها على مغتصبة نتساريم.
          • -شارك شهيدنا القسامي المجاهد في عملية إطلاق نار بالرشاشات الثقيلة على بوابة مغتصبة نتساريم مما أسفر عن إصابات في صفوف العدو الصهيوني.
          • -شارك المهندس عمران في عمليتين لإطلاق قذائف الآربيحي على خط كارني نتساريم.
          • -قام شهيدنا القسامي القائد بتفجير عبوة أرضية في جرافة صهيونية في المغراقة عند اجتياح المغراقة في وقت سابق.
          • -شارك شهيدنا المجاهد في زراعة عبوة بجانب البوابة الشرقية لمغتصبة نتساريم مما أدى إلى انفجار جرافة عسكرية.
          • -شارك المهندس عمران في عشرات عمليات الرصد لأهداف عسكرية صهيونية من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.
          • -يشهد له الخط الشرقي بزراعة عشرات العبوات الناسفة التي أقلقت مضاجع الصهاينة وأوقعت القتل والدمار بين جنودهم.
          • -أطلق شهيدنا المجاهد صواريخ القسام شرق مخيم البريج وذلك عند اجتياح المخيم كما أطلق عشرات قذائف الهاون.
          • -شارك المهندس عمران الغول في تصنيع وإعداد قذائف الهاون والعبوات الناسفة والمواد المتفجرة.
          • -كان شهيدنا بارعا في مضماره مواجها مخلصا في عمله مقداما في ميدانه قائد في تخطيطه أسدا لا يعرف الكلل والملل.
          • -شارك شهيدنا المجاهد في تفجير عبوة في باص للمستوطنين الصهاينة قادم إلى مغتصبة نتساريم بالقرب من مفرق الشهداء.
          • -شارك في إعداد مئات القنابل اليدوية والعبوات الموجهة والقذائف والمواد المتفجرة.
          • -كان شهيدنا المجاهد يقضي كل ليلة في سبيل الله على ثغرة من ثغر الإسلام مع إخوانه في كتائب القسام.
          • -شارك شهيدنا المهندس في عشرات إطلاق صواريخ البنا والبتار على خط كارني نتساريم وفي أثناء اجتياح القوات الصهيونية للمعسكرات الوسطى والمغراقة.
          • -شارك شهيدنا المجاهد عمران الغول في عشرات إطلاق النار هو ابن عمه بلال على العديد من الأهداف العسكرية الصهيونية.
          عريسا إلى الحور العين ؟؟
          وعندما ترجل الفارس ولكنه ترجل عريسا إلى الحور العين زفته جماهير النصيرات البطلة على أكتاف شبابها الذين عرفوا عمران حق المعرفة فقد كان يخجلهم بابتسامته المرسومة على وجه ذلك الأسد الجسور فقد شارك الآلاف من أبناء النصيرات في تشييع شهيدنا القسامي المهندس عمران الغول حيث طافت الجماهير به أرجاء النصيرات وهي تهتف بكل إخلاص وتفاني تحية لكم يا سادتي الشهداء تحية لكم وأنتم تسطرون بدمكم الغالي ثرى فلسطين الحبيبة ثرى المسجد الأقصى المبارك ولا نقول وداعا ولكن نقول إلى اللقاء في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
          وقد كان عرس الشهادة لشهيدنا المجاهد عرسا مميزا فتحت فيه الأناشيد الإسلامية وهنأت الآلاف من جماهير فلسطين ذوي الغول في استشهاد ابنهم المهندس عمران عمر الغول.


          خاتمة
          هكذا استشهد القائد المجاهد يحيى محمود الغول بصاروخ خائن من طائرة صهيونية غادرة بعد أن طوى ثمانية عشر عاماً من المطاردة لجيش الاحتلال الغاصب .
          انتقل إلى الرفيق الأعلى بعد أن ودع ولديه بلال و محمد . و استشهد في صحبة رفيق دربه عماد عباس إلى حوض المصطفى صلى الله عليه و سلم وقت أن تسلم الراية من قائده المرشد الإمام شيخ الانتفاضتين أحمد ياسين ، و بعد أن أخذ العهد على الانتقام لدماء الدكتور عبد العزيز الرنتيسي و الشهداء جميعاً .
          استشهد عدنان وكثير من القادة استشهدوا قبله فلم تهلك أمة الإسلام العظيمة التي قال الله فيها ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) .. فكثير من عظماء هذه الأمة قضوا نحبهم وقد خلّفوا بعدهم بنيانا مازال يمتد ويتجدد بقوة ...
          استشهد الشيخ عدنان وقد استشهد من قبله الإمام المجاهد أحمد ياسين فخلّدته كل دروب الأرض وتسمى باسمه الأطفال و الشوارع و المساجد و الأبنية .
          إن هؤلاء الحمقى الصهاينة ظنوا خطأً أن عدنان الغول قد مات ، مخطئون ويعلمون الآن أنهم مخطئون بعدما انسحبت جيوشهم و مستوطنيهم بذيول الخيبة و الهزيمة بفضل صواريخ القسام العدنانية و بجهاد المجاهدين و الاستشهاديين بعد الله و فضله ... فعلموا أن الثمن كان عزيزا غاليا ولكنهم بشغفهم في الولوغ بدمائنا وحقدهم على أمتنا الراشدة تعالوا في الأرض و أبوا إلا لغة الإرهاب وهم أكثر من ينعق بنبذه والحق أنهم من نشره وأسس بنيانه منذ أكثر من نصف قرن من الزمان ...
          استشهد الشيخ عدنان الغول بموافقة أميريكة بحتة ...
          فقد قفزت أميركا بمزعم حربها على الإرهاب لتحاصر حركة المقاومة الإسلامية حماس وتعلنها منظمة إرهابية ... تجمع أصوات البغي و الظلم معها هنا وهناك وهي ومن معها يقدمون كل الحماية لشتات الأرض الذين استوطنوا فلسطين كهدية من الإمبراطورية التي لم تكن الشمس تغيب عنها .
          استشهد أبو بلال بذلة عربية وإسلامية
          استشهد عدنان الغول وستلد الأمة آلاف العدنانيين بعد أن أرسى قواعد التصنيع في كتائب القسام و بعد أن خرّج آلاف المهندسين الذين سيواصلون الدرب من بعده دون كلل أو خوف .
          فاليوم سيحل عدنان في ذاكرتنا من جديد بعد تحرير الأرض المغتصبة في قطاع غزة ، و بعد أن اعترف له العدو قبل الصديق بأن صواريخ القسام ليست كرتونية ، بل هي صواريخ القوة التي تطير لتقتل كل مغتصب و مستوطن .
          طاب يحيى و طاب التراب الذي يحتضنه . طابت غزة التي تحتويه بين جوانحها . فليهنأ عدنان في الخالدين ، فإنه سيبقى لأمتنا نوراً يضيء الطريق .
          و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
          أخوكم
          أبو أنس الغول

          تعليق


          • #6
            رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

            اخي الا توجد نسخه للتحميل من هذا الكتاب

            تعليق


            • #7
              رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

              بارك الله فيك اخى الكريم
              وجزاك الله عنا كل خير
              ورحم الله الفارس القائد ابو بلال الغول
              واليك اخى هل يوجد الكتاب الان بالاسواق

              واعلمو اخوانى انه لا يتحدث عن الابطال الا الابطال

              تعليق


              • #8
                رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

                الله يجزيك كل خير
                كتاب قيم ورائع
                يذر تاريخا طويلا من الجهاد لقائد عظيم يندر امثاله
                رحم الله الشهيد البطل عدان الغول والحقنا بدربه

                في تلك الفترة تحديداً كان لعدنان خط مع حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عن طريق الشهيد المجاهد عمار الأعرج رحمه الله و قد طلب عمار من عدنان عدة قنابل فأعطاه عدنان قنابل ذات صواعق طلقية من نوع ( صواعق طلقات ) و ليس ( صواعق كهربائية ) و قد قبل محمد الضيف ما حدث مع عدنان و رغب آنذاك أن يتم التنسيق مع عمار حتى يكون هناك عمل مشترك في بعض الأمور .
                حاول خلال ذلك أفراد الجهاد الإسلامي تحويل الصواعق من صواعق طلقية إلى صواعق كهربائية لكنهم فشلوا في ذلك فأعادوها إلى عدنان الذي قام بدوره بتحويل الصواعق بسهولة .

                أول عملية كانت لحركة الجهاد الإسلامي في تلك الحقبة من الزمن هي عملية نيتساريم و قد تمت بدراجة هوائية ، و المعلوم ذكره أن القنابل التي استخدمت في العملية هي ذاتها القنابل التي أعطاها عدنان لأفراد حركة الجهاد الإسلامي ، كذلك العمليات التي حدثت في بيت ليد و كفار داروم كانت تحمل الصواعق التي وفرها عدنان لهم و أعطاهم إياها .
                كذلك جاء إلى الشيخ عدنان وقتذاك أحد الأشخاص و كان يسعى إلى تجهيز عملية استشهادية رداً على اغتيال فتحي الشقاقي فأحضر له عدنان حقيبتين ملغمتين فجرهما " رامز عبيد " في عملية الجهاد الإسلامي في ديزنغوف .
                للتاريخ ..

                تعليق


                • #9
                  رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

                  المشاركة الأصلية بواسطة المجاهد السلفي
                  اخي الا توجد نسخه للتحميل من هذا الكتاب
                  أخي تم وضع نسخة إلكتونية لهذا الكتاب وبعض الكتب الاخرى هنا

                  تعليق


                  • #10
                    رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

                    الله يجزيك كل خير
                    كتاب قيم ورائع

                    تعليق


                    • #11
                      رد : كتاب ( اسطورة الهندسة القسامية ، عدنان الغول ) يعرض لأول مرة

                      للرفع رفع الله مقام الشهيد في الجنان

                      تعليق

                      جاري التحميل ..
                      X