الشيخ الضال.. قصص وعبر
أحياناً.. يعرف المرء الحق ويرغب في إتباعه..لكنه يغرى بمتع الدنيا.. فيظل على معصيته.. نعم يغرى إما بوظيفة أو مال أو جاه أو صداقة فيترك استقامته على الدين بسببها.. ويؤثر الحياة الدنيا.. والآخرة خير وأبقى.. (الأعشى بن قيس)..
كان شيخاً كبيراً شاعراً خرج من اليمامة من نجد يريد النبي عليه الصلاة والسلام راغباً في الدخول في الإسلام.
مضى على راحلته مشتاقاً للقاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بل كان يسير وهو يردد في مدح النبي(صلى الله عليه وسلم) قائلاً:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبت كما بات السليم مسهدا
ألا أيهذا السائلي أين يممت فإن لها في أهل يثرب موعدا
نبي يرى ما لا ترون وذكره أغار لعمري في البلاد وأنجدا
أجدك لم تسمع وصاة محمد نبي الإله حيث أوصى وأشهدا
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله فترصد للأمر الذي كان أرصدا
وما زال يقطع الفيافي والقفار, يحمله الشوق والغرام, إلى النبي عليه الصلاة والسلام, راغبا في الإسلام, ونبذ عبادة الأصنام.
فما كان قريباً اعترضه بعض المشركين فسألوه عن أمره؟
فأخبرهم أنه جاء يريد لقاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليسلم.
فخافوا أن يسلم هذا الشاعر فيقوى شأن النبي (صلى الله عليه وسلم). فشاعر واحد وهو حسان بن ثابت قد فعل بهم الأفاعيل, فكيف لو أسلم شاعر العرب الأعشى بن قيس.
فقالوا له : يا أعشى دينك ودين آبائك خير لك.
قال: بل دينه خير وأقوم..
فنظر بعضهم إلى بعض وجعلوا يتشاورون, كيف يصدونه عن الدين, فقالوا له: يا أعشى إنه يحرم الزنا.
فقال أنا شيخ كبير, ومالي في النساء حاجة.
فقالوا: إنه يحرم الخمر.
فقال: إنها مذهبة للعقل, مذلة للرجل, ولا حاجة لي بها.
فلما رأوا أنه عازم على الإسلام, قالوا: نعطيك مائة بعير وترجع إلى أهلك وتترك الإسلام.
فجعل يفكر في المال, فإذا هو ثروة عظيمة, فتغلب الشيطان على عقله, والتفت إليهم وقال: أما المال فنعم.
فجمعوا له مائة بعير, فأخذها, وارتد على عقبيه, وكرَّ راجعاً إلى قومه بكفره, واستاق الإبل أمامه, فرحاً بها مستبشراً, يرى أنه قد اجتمع له الشعر مع الجاه والغنى, لكنه نسي أن الله له بالمرصاد, كيف يعص الله لأجل الدنيا, والله عنده خزائن السموات والأرض.
فما كاد يبلغ دياره, حتى سقط من على ناقته فانكسرت رقبته ومات. خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
من كتاب: بطن الحوت
للشيخ الداعية: د.محمد العريفي
للشيخ الداعية: د.محمد العريفي
تعليق