إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ )

    (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)

    معادلة صعبة بالنسبة للبشرية أن يدركوها.

    نحن في التدبر لا نقف عند كل آية نحن نريد أن نعرف فقط من الآيات ماذا تريد الآية مني أن أحققه في حياتي في واقعي ومجتمعي؟ هذا معنى من معاني التدبر العظيمة. ربي سبحانه وتعالى يقول هنا (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ) واقع إنساني، الإنسان بطبيعته يخاف على أبنائه يريد أن يؤمن مستقبلهم ولكن اللافت للنظر أن هذه الآية العظيمة تعطيني وصفة لكل من يخشى على أولاده ويريد حقًا أن يؤمن مستقبلهم ماذا يفعل؟

    (فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) بينما نحن في واقعنا إذا أردنا أن نتأمل في الواقع إذا أردنا أن نؤمن على مستقبل أولادنا نزيد لهم في الحسابات في البنك ونزيد في الشراء ونزيد في الأموال ونزيد في الأراضي والقرآن يقول لي (فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) حِزام ضابط.



    المفروض لا تعارض بين الاثنين بمعنى آخر الإنسان يعقل ويتوكل، يتقي الله ويقوم بما يقدره الله سبحانه وتعالى ويمكنه فيه من العمل وأن يترك أولاده فعلًا وهم ليسوا بحاجة لأحد ماديًا أفضل بكثير من أن يتركهم وهم عالة على أنفسهم وعلى مجتمعاتهم ولكن علينا ضبط الأمور ووضع الأمور في نصابها كما يضعها القرآن العظيم. إذا أردت فعلا أن تؤمن مستقبل أولادك فعليك بالتقوى والقول السديد وهذا المعنى العظيم وهذه اللفتة التربوية جاءت في سور عديدة في كتاب الله عز وجلّ ومنها سورة الكهف (وكان أبوهما صالحا) لفتة رائعة لكل الآباء والأمهات: إذا أردت صلاح الأبناء وتأمين مستقبل الأبناء فعليك بالتقوى في نفسك والعدالة في القول مع الآخرين، العدالة في القول والعمل لأن الآية التي تليها مباشرة


    (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ).10







    وتدبروا اعجاز اللفظة القرآنية في تصوير العمل الحرام البشع أولًا جاءت كلمة (يأكلون) أكل، هل المال يؤكل؟! في زماننا المال أوراق نقدية، فهل تؤكل؟! هل رأينا فعلًا أكل حقيقي للمال؟! الإنسان يأكل أوراقا؟! لا، إذن لماذا القرآن يعبر عنها بالأكل (يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى)؟


    يمكن أن يكون أحد الأسباب أن الأكل هو أكثر ما تقوم به حياة الإنسان بالمال يتصرف به بالأكل الذي هو قوام الحياة البشرية. ويمكن أن يكون لتنفير الإنسان من هذا الفعل ومزاولته ولذلك جاء بها مرتين في آية واحدة (إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا) أكل! الإنسان الذي يأكل حقوق الآخرين إنما هو يأكل نارًا فهل يعقل لإنسان عاقل فعلًا أن يستسيغ أكل النار؟! المال الحرام نار، المال الحرام لا يمكن أن تقوم به حياة بشرية ولا تستقيم به حياة بشرية وتدبروا ربي سبحانه وتعالى جاء بلفظة نار (إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا) لأن طبيعة النار تحرق وتأكل كل شيء تأتي عليه، ربي سبحانه وتعالى بهذه اللفظة العظيمة المعجزة في هذه الآية أراد أن ينفرنا من الحرام، أراد أن يجعل الإنسان قبل أن يأخذ من المال الحرام ولو فلسًا واحدًا يتأمل فيه يدرك ويستحضر أن هذا الدينار الحرام سيأتي على كل ماله كما تأتي النار على كل شيء فتأكله وتجعله أثرًا بعد عين. المال الحرام يأتي على قوام الحياة البشرية يفسدها يجعلها فعلًأ أثرا بعد عين، فهل هذا الذي تريده لنفسك؟



    القرآن يعالج ظاهرة اجتماعية الإنسان حين تكون عنده أسرة ويكون عنده أولاد يبدأ يحمل همّ الرزق وهمّ العيال وكيف أؤمن ملبسهم وكيف أؤمن مدارسهم؟ هذا الخوف الذي ما أراده القرآن أن يكون لأنه خوف سلبي، الرزق بيد الله، والآيات في سورة النساء ستعالجه، هذا الخوف السلبي قد يدفع بالإنسان إلى أن يقع في الحرام والمحظور فنتيجة لذلك الخوف غير المبرر على الأبناء ومستقبل الأبناء ولماذا وكيف وماذا سأفعل وراتبي لا يكفي والحياة غالية والأسعار في ارتفاع وعشرات المبررات! هذه المبررات والمخاوف لا ينبغي أن تكون في نفس الإنسان الذي يدرك أن الرزق بيد الله وأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، هذا الخوف قد يدفع الإنسان بأن يسلك مسلكًا حرامًأ فتمتد يده إلى الحرام مبررًا ذلك لنفسه أنه يريد أن يؤمن مستقبل الأولاد وتدبروا بالله عليكم في حياتنا المعاصرة اليوم كم من أب اختلس أو وقع في الرشوة أو أكل مال اليتيم من أبناء إخوته أو من قريب أو بعيد تحت مبرر أولادي لا أريد أن أتركهم فقراء وأن ألبي احتياجات أولادي؟!


    عالجها القرآن بهذه الكلمة. تفكّر تدبر هل يمكن أن تقوم حياة الأولاد أو حياتك أنت بأكل النار؟! نار حقيقية! المال الحرام نار لا يمكن أن تستقيم به الحياة فهل تُدخل النار على بيتك وأسرتك وأولادك؟ هل تقبل؟




    (إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)

    آية عظيمة آية حين يقف عندها الإنسان يستحضر معانيها يدرك حجم الخطأ المهول الذي يقع فيه حين تمتد يده إلى حرام قلّ أو كثُر ولذلك خسرنا كثيرًا حين ابتعدنا عن التدبر في كتاب الله أيّما خسارة ولسنا نحن فقط من خسرنا، نحن وقعنا كذلك في وصول شعوب العالم اليوم إلى الخسارة التي يعانون منها اليوم، خسارة حقيقية، حتى الخسارة الاقتصادية، حتى ما يعاني منه العالم اليوم من فقر، العالم اليوم مستويات الفقر والبطالة فيه بلغت أدنى مستويات الإنسانية وأعلى مستويات الفقر والبطالة!


    من أين جاءت هذه المستويات؟

    من عدم إدراك هذه المعاني التي جاءت في كتاب الله عز وجلّ.




    د.رقية العلواني


    اسلاميات



جاري التحميل ..
X