إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الغرب العلماني الوثني توراتي بثوب نصراني - مصطفى إنشاصي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الغرب العلماني الوثني توراتي بثوب نصراني - مصطفى إنشاصي

    الغرب العلماني الوثني توراتي بثوب نصراني
    مصطفى إنشاصي
    قامت عدة ثورات وحركات إصلاح دينية ضد الكنيسة ومفاهيمها الضالة الباطلة، ومن الحركات التي كُتب لها النجاح (ثورة مارتن لوثر) التي كانت أحد أهم عوامل قيام النهضة الأوروبية، وخدعونا وقالوا: أنها كانت ثورة إصلاحية وضد الدين، كما خدعونا وقالوا: أن أوروبا نهضت وتطورت عندما فصلت الدين عن الدولة أو عن شؤون الحياة! ولخطورة ما نتج عنها من آثار مدمرة للعالم وأمتنا خاصة، سأوجز تلك المخاطر في عدة حلقات!
    ثورة مارتن لوثر التخريبية أضاعت فلسطيننا!
    لماذا الذين يمجدون مارتن لوثر ويرفعون من شأنه ويعتبرون ثورته (إصلاحية دينية) ... لا يقولون لنا أن ما قام به مارتن لوثر هو ثورة تخريبية للدين وليس إصلاحية، وأنها هي سبب نكبة أمتنا في هذا العصر وضياع فلسطيننا؟! لا تندهشوا؛ المذهب البروتستانتي عقيدته توراتية صهيونية قبل أن تكون إنجيلية نصرانية. قبل مارتن لوثر ونشأة المذهب البروتستانتي كانت الكاثوليكية تتمسك بنظرية القديس أوغسطين التي تقول:
    التوراة تعتبر مقدمة تاريخية للنصرانية، وأن ما ورد في الكتاب المقدس عن مملكة الله (مملكة أورشليم)، يفسر على أنه قائم في السماء وليس على الأرض. وعلى ذلك فإن القدس وصهيون ليسا مكانين محددين على الأرض لسكن اليهود ولكنهما مكانان في السماء مفتوحان أمام كل المؤمنين بالله. أما فكرة أن اليهود هم (الشعب المختار)، و(أرض الميعاد والعودة إليها)، فقد سقطت في عقيدة الكنيسة بعدم إيمان اليهود بعيسى عليه السلام، وإيذاءهم له والتآمر عليه وقتلهم إياه بحسب العقيدة النصرانية!
    لذلك كان اليهود قبل مارتن لوثر في الغرب منبوذون ومحتقرون ومضطهدون، وقد طردوا من كثير من أقطار أوروبا الغربية أيضاً بسبب جشعهم وحبهم للذهب وسرقة أموال الناس من خلال إقراضهم بالربا. وقد جاء مارتن لوثر ليعيد لليهود اعتبارهم وقداستهم ك(شعب الله المختار) وأبناء الله وأحباؤه، إلى درجة أن قال: "علينا أن نلتقط فتات موائدهم لنقتات به"! في إشارة إلى درجة القداسة التي رفعهم إليها في العقيدة البروتستانتية التوراتية الجديد!
    وجعل الاعتقاد بما جاء في التوراة والإيمان بخرافاتها عن العودة وإقامة (دولة يهودية) ... الخ شرط من شروط صحة الإيمان البروتستانتي، أي أعاد القداسة لليهود كـ(شعب الله المختار)، وبعد أن كانت (مملكة أورشليم) اليهودية ترمز إلى مملكة في السماء، وأن (مملكة أورشليم الأرضية) هي للنصارى المؤمنين بالمسيح، أصبحت هي لليهود، وأعاد الاعتبار إلى فكرة أن فلسطين هي (أرض الميعاد)، ولم تعد فلسطين والقدس وطن المسيح، والأرض المقدسة التي من أجل استعادتها من المسلمين أعلنت الكنيسة الحروب الصليبية أصبحت وطن اليهود وأرض (دولتهم الموعودة). وأنه على جميع النصارى أن يبذلوا كل ما يستطيعون من أجل إعادة (شعب الله المختار) إلى (أرضه الموعودة) .. لذلك يسمى المذهب البروتستانتي بـ(المسيحية الصهيونية)، كإشارة إلى أنه مذهب يهودي أكثر منه نصراني!
    كما وضع المذهب البروتستانتي تفسيرات أخرى تقول بالواقع الأرضي لمملكة الله، وبوعد الله المقدس لليهود، وبوكالتهم عن الله في إقامة مملكته، وبالعودة الثانية للمسيح وشروطها، وبالألفية وحتميتها. وبعد أن كانت الكنيسة التي يمثلها البابا هي صاحبة العصمة في الكاثوليكية فإن العصمة في البروتستانتية أصبحت للكتاب المقدس بجزئية: العهد القديم (التوراة) والعهد الجديد (الأناجيل الأربعة والرسائل)!
    وبعد أن كانت عودة اليهود إلى فلسطين في عقيدة اليهود عودة سلمية وبتدخل إلهي، ومثلها عودة المسيح في عقيدة النصارى تحدث نهاية الزمان بإرادة إلهية؛ قد تحولتا في العقيدة الجديدة (البروتستانتية التوراتية الصهيونية)، إلى: أن عودة اليهود إلى فلسطين تسبق عودة المسيح وأنها شرطاً لها، وأنه يمكن لهاتين العودتان أن تتحققا بإرادة وفعل البشر!
    لم يقل لنا أحد أن ما قام به مارتن لوثر كان مشروعاً لاهوتياً يهودياً لتخريب العقيدة النصرانية لا إصلاحها خدمة لتحقيق الغايات التوراتية، وأنه كان هو السبب الأول في نكبتنا وضياع فلسطيننا، وتهديد قدسنا وأقصانا اليوم، لأن الجمعيات وأتباع المذهب البروتستانتي هم الأشد تعصباً والأكثر إنفاقاً ودعماً لإعادة بنا (الهيكل الثالث) المزعوم، والأسرع دعماً لهدم المسجد الأقصى. ولأنه بتلك الأفكار فتحت أوروبا أبوابها على مصارعها لعودة اليهود إليها سادة مكرمين، ليفعلوا بها ما يشاءون بزعم أنهم (شعب الله المختار)، ويطالبوا الغرب بمساعدتهم بشتى الوسائل للعودة إلى (أرضهم الموعودة) تنفيذاً لأمر الرب، إلى أن أصبح اليهود اليوم يحكمون العالم ويتحكمون في مصائر شعوبه، كل ذلك بسبب أفكار مارتن لوثر الدينية!
    لم تكن الثورات الدينية التي قامت في أوروبا ضد الكنيسة تمرداً على الدين كدين أو على الكنيسة لأنها كنيسة؛ بل لأنها (مالك إقطاعي)! يقول ويلز "كانت ثورة الشعب على الكنيسة دينية. فلم يكن اعتراضهم على قوة الكنيسة بل على مساوئها ونواحي الضعف فيها وكانت حركات تمردهم على الكنيسة حركات لا يقصد بها الفكاك من الرقابة بل طلب رقابة دينية أتم وأوفي. وقد اعترضوا على البابا لا لأنه الرأس الديني للعالم المسيحي بل لأنه لم يكن كذلك أي لأنه كان أميراً ثرياً دنيوياً بينما كان يجب أن يكون قائدهم الروحي".
    وعليه لم تكن ثورة مارتن لوثر ثورة ضد الدين؛ لكنها كانت ثورة ضد تحالف الإقطاع والكنيسة، وضد ظلم رجال الدين الشعوب باسم الدين، لم يكن الفصل بين الدين والسياسة في الغرب انتقاماً من الدين النصراني، لكنه كان تقويم لما أحدثته الكنيسة على الدين من بدع، دينية وسياسية وغيرها، وتصحيح لعلاقة الدين بالمجتمع والدولة، وإعادة الدين إلى وضعه الصحيح والطبيعي في حياة المجتمعات الغربية، الذي أساسه (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله)!
    وقد كان أخطر نتائجها ثورة مارتن لوثر:
    * إحداث انشقاق ثاني في الكنيسة الغربية أدى إلى ظهور مذهباً دينيا نصرانياً جديداً كان سبباً في تدمير أمتنا وضياع فلسطيننا وهو المذهب البروتستانتي.
    * أنها حطمت الوحدة الشكلية للعالم الغربي النصراني، وأضعفت السلطة الكنيسة المركزية بكثرة ما أحدثته من مذاهب وفرق لا حصر لها.
    * وضع الأساس الأول والرئيس لنشوء الدول القومية في أوروبا على أساس اللغة والعرق.
    * ساعدت على نشوء الطبقة البرجوازية في أوروبا، التي دعمت حركات الخروج على الكنيسة والثورة ضد الإقطاع.
    * أدت في النهاية إلى عودة العلمانية اللا دينية الإغريقية - الرومانية إلى الحياة الأوروبية بأبشع صورها، وسيطرة الخرافات التوراتية عن آخر الزمان على عقول الغربيين حكاماً ومحكومين، وتم التعبير عن كل ذلك في تحالف السياسي والاقتصادي في نظام رأسمالي لا أخلاقي متغول يؤمن بأن البقاء للأقوى والأقوى هو الأصلح بغض النظر عن ما يسببه من دمار وهلاك للإنسانية والطبيعة!
    ومنذ أن استطاع اليهود تحقيق بعض التقدم في مخططهم بشق الكنيسة الغربية الكاثوليكية إلى كاثوليك وبروتستانت، بدأ اليهود الترويج لفكرة (القومية اليهودية)، أو (الأمة اليهودية)، أو (الشعب اليهودي)، والعمل على إعطاء (القومية اليهودية) مضمون فكري يرفعها إلى درجة الأيديولوجيا السياسية وأنها قومية عرقية (شعب)، قبل قرون من انتهاء الصراع والحروب الأوروبية مع الكنيسة والبينية، وقبل أن تأخذ الأمم القومية والدولة القومية في الغرب شكلها النهائي وتبلور مفهوم وشكل الدولة القومية في أوروبا!
    ففي منتصف القرن السادس عشر أعلن الحاخام الأرثوذكسي (ليفيا بن بلايل): "إن اليهودية لم تعد تُعرف على أنها دين، بل على أنها (شعب) وأن أوروبا منذ عصر النهضة لم تعد تتصور شكلاً آخر للتنظيم الاجتماعي سوى شكل (الأمة القومية) و(الدولة)" ويرى بن بلايل: أن المهمة الأولى لليهود هي أن يتكونوا في (قومية) وأن ينشئوا دولة لهم على أراضيهم الخاصة".
    وقد يسأل من يقرأ بوعي: ما علاقة ما قاله بن بلايل بالصراع في الغرب بين الكنيسة ومعارضيها؟!
    الإجابة: أن الذي يستطيع تحديد شكل وهيكلية النظام الاجتماعي للدولة والنظام السياسي الذي سيقوم في الغرب قبل قرون من انتهاء الصراع والتطور الفكري للأمة والقومية في أوروبا، هو الذي سيقود ويتحكم في عملية التغيير تلك، أو أنه سيلعب دوراً رئيساً فيها وفي توجيه حركتها الوجهة التي تخدم أهدافه وغاياته، ويكون قادراً على التحكم فيها في معظم مراحلها إن لم يكن كلها!
    كما أن الدارس لتاريخ الغرب منذ أواخر القرون الوسطى يستطيع تتبع الفكر اليهودي الرؤيوي وتعاليمه الواضحة عن إحياء إسرائيل ككيان سياسي "النظرية التدبيرية وعقيدة الحكم الألفي من وجهة النظر اليهودية". فقد أصبح التقليد اليهودي الصوفي المعروف بـ"القبلانية" وسيلة اليهود لنشر هذا النوع من اللاهوت. ويعتبر (جاكوب أو يهودا هليفي) الذي عاش في أسبانيا ثم استقر فيما بعد في القدس من 1074-1135 أحد القبلانيين الأوائل الذين تبنوا هذا الموقف. وكان لهم تأثير عميق على علماء الفلسفة الإنسانية (المسيحيين) أمثال "جوهانس ريخلين"، و"هيجو غرونيوس"، والمعاصرين كـ"مارتن لوثر"، ولقد حث "ليخرين" لاهوتيي حركة الإصلاح الديني على التأكيد على أهمية دراسة العهد القديم. وقد تطورت البروتستانتية التوراتية في الغرب مرتبطة لاهوتياً بفكرة إقامة دولة يهودية حديثة في فلسطين!
    وحركة القبالاه اليهودية الصوفية نشأت في القرن العاشر والحادي عشر الميلادي في الأندلس ضد تأثير الثقافة الإسلامية على عقائد اليهود العنصرية الاستعلائية، فكرة (شعب الله المختار، والعودة لأرض الميعاد)، ولمحاربة اندماج اليهود في المجتمع الإسلامي، وأخطر ما فيها: أنها ربطت خلاص العالم أجمع من أزماته ومشاكله بالعمل على إعادة اليهود إلى (أرضهم الموعودة) وإقامة (دولة الرب فيها)، وتلك هي عقيدة الاسترجاع النصرانية (البروتستانتية)!
جاري التحميل ..
X