{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32)}
هكذا تكون الحياة بالنسبة لمن يقف عند وصفها على أساس أنها (الحياة الدنيا) إنها لا تزيد على كونها لهواً ولعباً. واللعب- كما نعلم- هو مزاولة حدث ونقضه في آن واحد
والمثال على ذلك الطفل على شاطئ البحر قد يقيم بيتاً من الرمال ثم يهدمه، إنه لم يقم ببناء بيت من الرمال إلا ليهدمه. واللعب عملية يُقصد بها قتل وقت في عمل قد يُنقض، فالبناء والنقض في هذه الحالة لعب ولا يشغل اللعبُ الإنسان عن الواجب. أما اللهو فهو قتل الوقت في عمل قد ينقض ويشغل الإنسان عن الواجب أيضاً.
والطفل الصغير- على سبيل المثال- يتلقى من والديه بعض اللعب ليقضي وقته معها وقد يخربها ويهدمها وقد يعيد بناءها. ولعب الطفل هو لهو في الوقت نفسه؛ لأن الطفل غير مكلف بواجب. وما أن يدخل إلى المدرسة وتصير له بعض من المسئوليات نجد الأسرة تعلمه أن يفرق بين وقت أداء مسئولياته ووقت اللعب؛ لأنه إن لعب في وقت أداء المسئوليات صار لعبه لهواً؛ لأنه شَغَله عن أداء مسئولية مطلوبة منه.
وكذلك الحياة الدنيا مجردة من منهج الله الذي خلقها وخلق الإنسان فيها هي لهو ولعب، إما إن أخذ الإنسان الحياة بمواصفات من خلقها فهي حياة منتجة للخير في الدنيا وفي الآخرة. والذي خق الحياة الدنيا جعلها بالنسبة لنا مزرعة للأخرة. والمؤمن- إذن- له حياتان: حياة صلاح في الدنيا، وحياة نعيم في الآخرة؛ لأنه يعيش الحياة الدنيا على مراد من خلقه.
ومن العجيب أن من خلقنا لم يكلفنا إلا بعد أن يصل الإنسان منا إلى البلوغ، أي أن يكون الإنسان صالحاً لإنجاب إنسان مثله إن تزوج. ويأتي التكليف متناسباً مع النضج وعند تمام العقل. وسمح الحق لنا أن نلعب في سنوات ما قبل النضج، ولكن لابد أن يكون مثل هذا اللعب تحت إشراف من الكبار حتى يمكن للعب أن يتحول إلى دُرْبة تفيدنا في مجالات الحياة، ويجلعنا نعرف كيف وصلنا في العصر الحديث إلى درجة من التقدم في صناعة اللعب التي يتعلم منها الطفل، ويمكن أن يقوم بتفكيكها وإعادة تركيبها، وحتى الكبار نجدهم في زماننا يتعلمون قيادة السيارات في حجرات مغلقة وأمامهم شاشة تليفزيون، وكأنهم في طريق حقيقي وفي شارع مزدحم بالسيارات، ومن يتقن هذا التدريب العملي يخرج إلى قيادة السيارة.
وهكذا نجد أن التدريب مفيد للإنسان، يعلم الصغار اللعب الذي ينفعهم عندما يكبرون، وكذلك يفيد التدريب الكبار أيضاً.
وعندما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعلم أبناءنا ركوب الخيل والسباحة والرماية، كانت الخيل- في زمن الرسالة- هي إحدى الأسلحة المهمة ليركبها الداعون إلى الله المجاهدون في سبيله.
وحين طلب منا أن نعلم الأبناء السباحة فهذا بناء للجسم والقوة يفيد الشاب ويعلمه مواجهة الصعاب، وحين طلب منا أن نعلم الأبناء الرماية فذلك لأن تحديد الهدف مادياً أو معنوياً ومعرفة الوصول إليه أمر مطلوب من كل شاب. وكل هذه ألعاب ولكنها ليست لهواً، إنها ألعاب ممتعة ويمكن أن تستمر مع الإنسان بعد أن يكلف. قال عليه الصلاة والسلام: (علموا أبناءكم السباحة والرماية).
فماذا عن ألعاب عصرنا وزماننا؟
إننا نجد أن لعبة كرة القدم قد أخذت اهتمام الرجال والنساء والكبار والصغار، وهي لعبة لا تعلم أحداً شيئاً، لأنها لعبة لذات اللعب، وهي لعبة تعتدي على وقت معظم الناس، وأخذت تلك اللعبة كل قوانين الأمور الجادّة. فهي تبدأ في زمان محدد، ويذهب المشاهدون إليها قبل الموعد بساعتين، وتجند لها الدولة من قوات الأمن أعداداً كافية للمحافظة على النظام مع أنها من اللهو ولا فائدة منها للمشاهد. وقد تمنع وتحول وتُعَطِّل البعض عن عمله والبعض الآخر عن صلاته. يحدث كل ذلك بينما نجد أن بعضاً من ميادين الجد بلا قانون.
وأقول ذلك حتى يُفيق الناس ويعرفوا أن هذه اللعبة لن تفيدهم في شيء ما. وأقول هذا الرأي وأطلب من كل رب أسرة أن يُحكم السيطرة على أهله، وينصحهم بهدوء ووعي حتى ينتبه كل فرد في الأسرة إلى مسئولياته ولنعرف أنها لون من اللهو، ونأخذ الكثير من وقت العمل وواجبات ومسئوليات الحياة، حتى لا نشكو ونتعب من قلة الإنتاج.
إن على الدولة أن تلتفت إلى مثل هذه المسائل، ولنأخذ كل أمر بقدره، فلا يصح أن ننقل الجد إلى قوانين اللعب، ولكن ليكن للجد قانونه، وللعب وقته وألا ننقل اللعب إلى دائرة اللهو؛ لأن معنى اللهو هو أن ننصرف إلى عمل لا هدف له ولا فائدة منه. وإن نظرنا إلى الحياة مجردة من منهج الله فهي لعب ولهو.
ونلتفت هنا إلى دقة الحق حين جاء باللعب أولاً ثم اللهو من بعد ذلك، ثم يقول: {وَلَلدَّارُ الآخرة} وفي هذا لفت واضح إلى أن الإنسان حين ينعزل عن منهج الحق في الحياة تفاجئه الأحداث بالانتقال المفاجيء إلى جد واضح؛ لذلك فلنأخذ الحياة في ضوء منهج الله؛ لأنه سبحانه حين أبلغنا أنه خلق الإنسان من طين، وصوره ونفخ فيه من روحه فقد أعطاه الحق بذلك حياة أولى، يشترك فيها المؤمن والكافر، والطائع والعاصي وكل إنسان إلى الغاية منها وهي الحياة الثانية وهي الدار الآخرة فإنها الحياة الكاملة الباقية، ونسمع قول الحق سبحانه وتعالى: {ياأيها الذين آمَنُواْ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
إن الحق سبحانه وتعالى يقدم لنا حياة عالية دائمة تخلف الحياة التي تنتهي.
والذي يتوقف عن أخذ منهج الله في حياته يكتفي بمثل ما يَأخذ الحيوان من الحياة وهي النفخ في الروح، لكن الذي يأخذ بمنهج الله يأخذ الحياة العالية.. حياة الخير والجمال والإصْلاح والإحسان. ونعلم أن الجمال في الحياة هو الجمال الذي لا يورث قبحاً. والخير الحقيقي هو الذي يعمم خير الله على العباد، فلا يأخذ الإنسان الخير لنفسه ويترك شروره للآخرين؛ لذلك أقول: لا تأخذ أيها المسلم الخير لنفسك على حساب الشر للآخرين؛ لأنك لا تحب أن يحقق الآخرون الخير على حسابك، والذي يحب أن ينطلق بشروره في الناس فليستقبل الشر من غيره. ومن يحب أن يأخذ الخير من الناس فليعطهم من خيره حتى يبقى الوجود جميلاً. إذن فالحياة بدون منهج الله تكون قبيحة؛ لأن القوي يعيث فيها فساداً بقوته وينزوي الضعيف إلى الإحساس بالذلة والضياع.
لكن الحق سبحانه أراد الحياة للمؤمنين في ضوء منهجه، وعندما يطبقون تكاليفه ب (افعل) و(لا تفعل) فهم يصونون الحياة من الفساد حسب أوامر الخالق الأعلى للحياة، فهو سبحانه الذي أوجدنا ووضع لنا قوانين صيانة الحياة. وحين منع مؤمنا واحداً من الشر، فهو قد منع وحرم على كل إنسان مؤمن من أن يصنع شراً لأخيه، وبذلك حمى الإنسان من الشر. وإنما خص الله المؤمنين بالنداء والدعاء؛ لأنهم أهل الاستجابة والطاعة؛ أما ما عداهم من أهل الكفر والشرك فقد تأبوا على الله وعصوه ولم يؤمنوا به. وحين يأمر الله المؤمن بالخير، فهو يأمر المؤمنين جميعاً بأن يصنعوا الخير لهم ولغيرهم. وبذلك يكسبون حياة مطمئنة؛ لذلك يقول سبحانه: {استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}.
فالذين لا يستجيبون لله ولا لرسوله حين يدعوهم لما يحييهم يظلون في الحياة الدنيا غارقين في اللهو واللعب، إنهم كالموتى. وحتى نعرف أن الحق سبحانه أراد لنا- نحن المؤمنين- الحياة العالية؛ إنه سبحانه قد سمى المنهج الذي يرسم لنا الأوامر والنواهي بالروح: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا}. وسمى الحق سبحانه وتعالى بهذا المَلكَ الذي نزل بالوحي: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193].
إذن فالحياة التي تعطي الإنسان الحس والحركة هي الحياة الأولى التي يلعب ويلهو من خلالها، وليست هي الحياة المرادة لله؛ لأن الحياة المرادة لله هي الحياة الإيمانية ولذلك سماها الحق سبحانه الحيوان أي الحياة الكاملة وسمى المنهج روحاً. {وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 32].
إن مجرد التعقل يعطي الإنسان الخير، والتعقل هو محاولة فهم نواميس الكون من الأسباب والمسببات، ونحن نرى نور الشمس يعمّ النهار ويشيع الضوء والدفء، وغياب الشمس وظهور القمر يحقق صفاء السكون ويهدي الناس في ظلمات البر والبحر، وجَريان الماء يروي الإنسان والزرع، وحركة الرياح تحرك السحب وتقود السفن وتساعد في حركة الملاحة في الجو والبحر وتلقح النبات، وكل ذلك أسباب أرادها الله حتى يتحقق التوازن في الكون.
والإنسان يأخذ حظه من الحياة بالأسباب التي عمل فيها ولا يأخذ الإنسان من أسباب غيره.
صحيح أن هناك أناساً يعيشون بلا أسباب ويأخذون تعب غيرهم، ولكن عليهم أن يحذروا الله، فإياك أيها المسلم أن تبني لحمك ولحم أولادك من استغلالك لغيرك؛ ذلك أن أغيار الحياة ستمر عليك وقد تصير قوتك إلى ضعف، وتأمين الإنسان لضعفه إنما يكون بإخراج الزكاة للضعيف، ومساعدته ومعاونته في كل ما يحتاج إليه، ونجد غير المؤمنين وقد أخذوا فكرة التأمين من الزكاة، فأنت تدفع للفقير زكاتك لتؤمن نفسك كمؤمن، وهم أخذوا هذه الفكرة ليحولوها إلى تأمين على الحياة، ولذلك تدخلوا في قدر الله.
لكن الحق أراد بالزكاة أن يطمئن المجتمع كله لا أن يطمئن من يؤمن على نفسه فقط. ونعلم أن الذي يخيف الإنسان ويجعله يكدس المال ويجمعه ويكنزه هو الخوف من الضعف، لكن لو أعطى الغني بعضاً من المال للفقير لأشاع الاطمئنان في نفسه ونفوس الضعفاء.
والذي يجعل الناس تلهث في الحياة للادخار لأبنائها هو عدم اقتناعهم بالتكافل الاجتماعي الذي شرعه الإسلام. وهم يرون اليتيم وهو يضيع في المجتمع، لكن لو آمن الناس في المجتمع بالتكافل الاجتماعي لوجد كل يتيم أبوة المجتمع كله له.
والإنسان الذي يلهث وراء الكسب من أجل أن يؤمن مستقبل أولاده قد يحول أولاده إلى يتامى لأنه مشغول عن تربيتهم، ولذلك يقول أمير الشعراء شوقي رحمة الله عليه:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من ** هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له ** أمَّاً تخلت أو أباً مشغولا
إن على المجتمع أن يأخذ قضية الخير من قول الحق سبحانه: {استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}. فكما أحيا الحق الأجسام بالروح التي نفخها في القالب الطيني فصار لها حس وحركة، فهو قد أنزل المنهج أيضاً روحاً من عنده لترتقي به روح الحس والحركة، حتى لا يصير الإنسان كالأنعام أو أضل سبيلاً: {وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 32].
والدار الآخرة خير؛ لأن الدنيا مهما طالت فهي منتهية، لكن الحياة الآخرة خلود أبداً، ونعيمنا في الدنيا نأخذه بالأسباب، ولكن نعيم الآخرة نأخذه على قدر سعة ورحابة قدرة الله. وآفة الدنيا حتى بالنسبة لأهل النعيم والقوة والثراء هي الخوف من الفقر أو الموت، لكن في الآخرة لا يفوت أهل الجنة النعيم ولا يفوتون النعيم.
نداء الايمان
![](https://www.paldf.net/forum/image/jpeg;base64,/9j/4AAQSkZJRgABAQAAAQABAAD/2wCEAAoGBxQUExYTFBMWGBYYGRoZGRkWGRwZGRkZFhkZGRYaGBkaHysiGhwoHxYZIzQjKCwuMTExGiE3PDcwOyswMS4BCwsLDw4PHRERHDAoISEwMDAwMDAwMC4wMDAwMDAwMDAwMDAwMDAwMDAwMDAxMDAwMDAwMDAxMDEwMDAwOjA5Of/AABEIAN0A5AMBIgACEQEDEQH/xAAcAAACAgMBAQAAAAAAAAAAAAAEBQMGAQIHAAj/xABHEAACAgEDAgQDAwkFBgMJAAABAgMRAAQSIQUxEyJBUQZhcTKBkQcUI0JSobHB0RViguHwQ1NUcpPSF2PCFiQlM0SDksPx/8QAGQEAAwEBAQAAAAAAAAAAAAAAAQIDAAQF/8QALhEAAgICAgEDAQYHAQAAAAAAAAECERIhAzFBBBNRIgVhcaGx0SMyQpHB4fAV/9oADAMBAAIRAxEAPwDlwGbHPEZkZey1HkNc4THrXHrg7HPIMJuhz0WZ2lUknvnU9AajB Wce6fqvDcHOqfDvU0liC3zWR5V5G8EGs62QxA9MP6P1QScHviLq3R3RiwBKnnJfh MmQUDWSaVWjocYOOi1P2zm3x7pGEu/aAD7D J986gqGspX5TtQqoikXZv2w8bqRzI57WZReflmjPZ4Fficyz1x OdRjZjZvJ42GDA5lLzGD3kzOl6bLM4WNC7H0H8fkMI6Ho/Ebn3zp/wp0qOMXtGG9a9ryc54lMqRT l/k5mcEyuENGgOTu/Vs 3vkC/AU5/OQh3NC6qgoDxLAZjZPHlYffnXAv3ZpAihmqrZrPzNAfwA/DI 4ybk2cS1Pw5qYnVJYihb7NkEGquiCe1jG2j DZGFk1nTep9OjkYMyW9bVYi/DXuSoPAY/j29sjj0gXj8L71hfKwWc013w3JGLq/nnuhdIeZ9vIA750bVQLXIyLpmmRDwM3uug5Ue6X8PxoBSjDX6Sp9BhykVm4bJglJsq/VuicWt37Xg3S9OPUVWWjWEVi7R6WyT8816oCN9PDzjCOPPQwgZOowIBpWeyXbnsNGPmIYRpdKzsFHFnD9Jp0A9zjDRoAwYVx/rjOwrQ56f8HogUtz2v7/Y/h /AOv8AQ0aWOGHl5OaH6qjuxx1rurKdK0m tnB9yTwAOO5OJPh3xkm8VlJd 9jsp7C/TJpy22MlYn6n0OWE ZTjX4a60ICAxrLR8RRySxfY9PUf0Oc5lgO4gnke2GLyWxao6903rkMw22L9caQrGovjOM6KZkJUEhgbuzyG7fz/AAxw3xLKFqya9xXF/XJvi DUW/4k JvBBWPlq/DOZ9a6pLqG3yH6f5ZtreoyNIXv7Qr7rFZBCwPf0PBPJ7VQykYKIVFPoJ6H0V52pfT eP3 AXr0vIvgPWFNSUIsMBz7bRQzobdRj9SBi8k5RdIDjRzDV/Ccyem4DM9O6KzHzCvrnVo4lZeKrAtTpIwfTEXK6AuyudG6Lsy4dGvtY4wLwxXGaHU7CDfbJuTk7YzTY96i7KtgE/TBIZt1EHDNJ1EMnNdshXokZbchK7uSAeLPrWK0CMktMYaV7XnA tsscTSXVckmzx7cDjDYIworviP496msWle1Zt/kFEgAt70eMaKt0JexNN8TIR3wGH4l2vfplM0oZjXOWTp2hBobQb9zl3xxig0WzRfEiN tWTSfEEY/WGVl kheeRi6TRsG78ZPCL8mou0fVw/rjTSOKykaCJlIo5ZNBqqq8SSo0kP1OSDBdNPeFLgQhsMzns9hMfM6as1RwmPqFDvgRjP vnmPDOdo1hY15Dq5o7TYB5AI7GvU5bem/G3FvEL9wP4/flHAw6CUDjFkk xl2WzV/G5ZaVaJFfT6ZWoSGYsx5JvnC9NpVcE1wBeByaNj2B uCKS6HaaJ5IXYjbW4XX94eq/XPStuQEA2xC0e4JPIP4Zrp5XTuOPYjNNXqSzjw6HY/IEXZ/fhpjWuzTWNR2irHf5fL64N4dkEcZ4lewJP8z7k5l5RfA7Y1EbLb8PaBFS1e3PJPrk/UtQ4xP8ACerpyT6dhlk1QEik1QGSlpnRBJm/SviBgoByHqfWmbt6YBEwBIz2vPkwJKysuNVYbpviA1tLc5JqetKFJY8fLliT2Cj3OUiSdi 1Tz7 g Z WH6GRTIoNk l/vIHucZwRzwf1UWnonVPC3SytbPzsB8qD9VR78dz6416f8ZyMxqMML4CmiBXF388pnU9KpplG0D0skn5kn mOvgqFtx3bdhquRd4koqrLT4opPQ 6t8XTmNgkRWQEFWsEcehGUDrHUp5pC0xPJvbztH0HpnUJtMlcjKV8U6RO4GDikrqjlpCbpjebLL0eS2ynxS1jTQ64ryO VnG0YtuskugOchMVkYJ0yVnr55YdNpeRec7 nQWaafS8ZIYqIwuSChxgxvEFQ00TAAYcNQMSaJ8YFSRgBQV cjPZDHBx3OewbNSOBx6bNn03yx4Om0O1fwzZND8xndkVwK1JBWS FQHHNc373/Ssev08Dngn0F/vwN9G3O4d81mxCdPp38MmvJ s3YH5DMQUzeSUJ/dblT/AEzRtWzKInYhF7V2z2hfTIbYbq/j87wUEJ1BsVMgVv1WX7BHyI4vK3KSpPuQf3nHnWOsmUbEsRjsp7A 4OJZo7Ab34 8Y0RGRaePufka 7MxLZHzyRFPNeg 7njNoZNt7Buaj5vYDk7R/PGBRMdO0arIpBDeo9x3B9jhMXWHAIJwCFyRXNE3XzrvmWX/APmCk xk2uhppuqAck5jX9R3ih29P8vfFQh9T GYknrt39/9dsGKHfJKqJhS9 P4n/mP8sgeW3D88Edvb1wZ5CcwXxqJJlr0pimNrwfYtQwyOQaYbvEG6 VHb7iMpkcteuSmUnkknExLPnbjTR0XTfE/iCjm0PTm1TbV4HqT/LKV0mTmrzpXwIwBPPeslOKhtC19NiTqf5PHRSySWRzRHfKsoKkg8emd3lIIo5Wvib4SSdCUUB 4btR 70wR5fDJKXyVL4bmHY5a9G2U2Dp8unfZIKPyNg/Q5adHKSoOJyLdoZvQzkl4wTfkoQkc5ssYGTFRtohzjNMTSapV9czF1cemYquKTVj0DPZFptUCoOYzEqZzsVXYH65jwx6DIQ2T6ducv0dNETaS/TIZtL6Vj CCxeD6nTVzgUxb2U3XxkH2 mAqTfc5Ztfplvn1/dla6gdjkZeLsWQwlmYRg7jih5ixNk9 3pm41FjknIEruO FIVsnZ75HHuO4FZA0wv7NXx5e SFTR9LzVogvJwi2TQw32Ncev9ca6HptiuFB/E/VsTRajnvhp1rL9kf83ejgdlFRa ifk7fVx JHqI0AZk2srE SrPB Ywl/yJag/wD1cP8A03/7safAmnDdNEiiYkTSL4cRUFvEKbrLA2oC3XtfHarnq5JBHt8N0SMQkkuqqyllEouPzDYoJ4pT25FjJuTOec3bOaf B p/4uH/AKb/ANcz/wCB p/4uH/pv/XOuDWDzkq6qgNswoNtvdtH2jVd6o3xeRaPW NGXj3pZZRvWmtTRIB4 n hgzkLkzlA/IfqP Lh/wCm/wD3ZuPyJ6n/AIuH/pv/AN2dL0/UY2jgjd5A08e9C/cmlYqXjpd43fZBFgGuAc26K36Pwl8rqpYnYoUF3kHCrQ4KHj6WSTebNmyZzeD8jWpU3 dw/wDTf/ux1038n2qhIZdTFx/df8O XHSzTMiFQCXUMzSUAl91CJyxHsSP b0yHX M8cyA2d21fAtJFUqrGmdgpk8w5tQLvkisDbfYVySXR6LpMlDc638gawuPQkCiRgY1TySorMUCyMKjIIciNJEViR2Ku3Y0dvz4l0erP6aRjIVEgUKUZQgUKpKF1XevJYkWO4BNczwQHJsU/Enwi o2lZVUqb8wJ4P0wfS/Bcq95kI Stlp07yFm3Iqr2XzbmPzYAUo QJ7 nbI1SZw27agKkKELFgT2YvwAfkFNftHGrVGzYri G5AK8RfwOeb4bc/7RfwOZ6brWpZHdyVhg3RlhtUTEK7sdoLsCj8kD7J4F41bUS21Q8DgeddzG6uuwSubJ3f3cXBGzZVtX8ESub8ZB/hOCTfDTwFNzh919gRVV7/AFy4Tax0KNJsCsKaiTsai1hjW5KBs0Kq 11r1hQdh/5v5ZpaRaHqJrV6FOm0tKBnsMAz2TBmciLYVoxgiYbpTWdMujpTH2hHGa68Ajvg2n1NDCpYCQCT6XX3X OR8iPsr3USDxlW624L2Owyx/EsDx b0PqO196 tZT9W dMOgTegZ3OFQClBrBsIiauMcmjdhuPF57URk4ZBEprjvhf9mrtLUfxwWOoCvSaIkqo 0/7lHc/yx6/S9ooDt65F0LT2 4H5c w7Y 1EFo11/niylseKosv5PZynTJEUyLIzyiNo4mlIYgBSAoq79yPckDnGsHSteZnOoeJkeFEkeGIK5C94wXlbuZHN7SKJraSQYfyYSGPp8jAbirykKPUgAgCuectvT9QZI1Y1Z77e1/L3H vlk32cc/5mK9LFqFMsqo5Dyg FM63sVNh2FbVLIUhSTwvJBNCDqmq1kkLeCE05varkNLIpV9puIREMpIrg9uQao47i1yNK8QJ3oFZuKoPu28 v2T/AKBqTTalJBujdWFkWpBFjgix6g4BReNEx0pQxqzlWYJvKqGZi6qJALXaSKYCxtBAvIumExNp4pmHjGJg5BG2SS1ZqNCze9qodzjvBdZqkSiwJY8AKpZj8gAO3uTQHqRgMAJBq49yxmFk3Mylt4dQzFgpUcPV0Da2ALyPp8esKNI0iCRiAFkiKhFVnu1jmYEktYII8oUNZBOOIp1YkBgStbgCCVJ9GrsclzGEvTekSIV8R1Ox1KbARYWNktgTw22Tb3PCA tAPqmmmX85CSzF59oiEccjKhAqyxfYligSpjFC/tG8s2QjULvMe4bwNxX12k0DXtYzGEkGn125lE4BAW3mgRombb5vBWKZJEHa/EJ5usjb4XdS0sc7LMxBYIWihY7gXLRoxLORxuYsRxllxfqOqKG2orSNvVHERU Hu9ZLYbR6n1rmsJiEdHbw2Uuu543RiqkLudmYEAkkKpdqF uQiHULL48gZyYzGYYGGwHcpD7pHQE8NztB81XwMYdN6iswYx2VVtu4jytQBJX3HNfUH0omSbVorKjMAz8Kv6ze9KOSBfJ7D1wGKrL8Mgw6fTMxDrvNDa4RWLse6gUpdVBULyFoKQhR5qoQiRoCaFjn7vbgD5DgdhxhkWsDOUVWO37T7SEBB yGNbjyfs3VG64sP4hl27P8X/pxZ9DR7Ibz2L/zv557IlMTmJmTgA2fZRzk6o60SrKD2v8AngXTWViNhA/jjjVS1HTNnUzrIdNP5ls8WLw3qeva7H hlUk6lRNZhPiBlUgqHvteFwFtFg6lIraeRnYDapCluQGb2A/WNVfoPrnPpWs4b1frDzEFqAAoKvCj7vfB9NBu VHKQjihH9TpEKD8cImFUc2i03myefRGru82QfbYRppgFHbJ5Oo TYPX GJUcg4x6N02XUyBYx6iyey32vM/k1hWm1GxTXr 7JDr2I4vH8P5PpWRP0gDFWLD0HfYq/gLJxR8SfDU mKIP0u 6EasWoGgSovv/LFU4vyHI6b Rt70BP8A50n/AKcaaLXeG5RuXfewZpGffHGwUNuICqadSUUADcavviL8jEW7pjoSRummU1wRdDj2ONpOkakX4jLqBtZVVEWBfMKJkLOx3VxaUPMfL2rh9XHlkv4br9TlTjk7IYeoo05RW8SOeMyADw3jIagGLG3kJ2vXdAPL6Lk3TtSx2CXxRtcBfEkRd5vcG2xGqHICnilHF85BofgVI0Xa7xy026SKRyx3sXZC0m7egY8bgT3PBJuU/C5SWKRN0jhxveWeQeSxyUUFXIBYqtAAkmxZOcTj6rKk3X4f7oZOFbG5pJWeV5AoA2M7qsQLkrsVQQSw2g24P2xR7gBdU1ayQiayyND4yRleLjG87ip8xKuBtNjy3ms i1LBoZIoJIVffu3lpJAsniongugRWsAbjIRxdc0IG6fNK25TqEk3MVGoEbwQggqU8OJ18QMp4pmK2PMKIPrkQqRZFXVpE4V2ZZIiFWkWRFXcRXm/SRyMSbJv6ZEmp1Cqil4yNzmVnB3BGZmVUKkAMoIXceOLr0z0HSG0oKwrLKm1VVN4ZhtFKHknkJCAkkBBxZ4bA5vhWVY12vJI93sOpkjjQ8sNjBSzBWCgBgeKPpWcHqY ock N0vwspBx/qCOgdaiKHwnikO47ijsxJ9C5cly20Lyx nFYXf/AL08YkiSR4gwO7dPsVgAVjZdoQMZP2uSpPtg/wD7HQFg7xrJIKIklBkcbTa08lstHkAEAYV1DSlJROkEkrhQFAlVUVqZdxV2AU7WrcATR7ZvSe7k/cuvF1 VGnjqjWXqMcUjaVtQkbvHcbPKWlLvv3Ha428UpVQefN5QBi51mDRxTyJYaAxmJCscpXUI0jrTeR6PmQ3xbA1uCkt8L7kAciVmYs6zvLNArM2 kgZwrAE0t1QAOESfDS JAY5DFFC29YYY40jaQk7nPkJFhmB2kcM3PmOd5M9qYy8Do8hjWORzI4J3LHHIZVr/AAbO/oTwc9ER5pGkf9FKwbw9tOrsssQdq3FEWUcAgfau8L1yTjcIFhXebMjs1qdoXd4YWpCAo43r2GQ6j4cidRGXlEYAVkRyiyAKqAPtonhAOCO5HbjMYD0sx8Vv0gDr40LsbbZtcTQblsC/Bcmz7j6ETretVoYJI5GkUiTzOKckEBtykDawNgrQqqoVWbyaVdPKPNBNq5Rs8SYbZWTyoNyRRksgAXcTtFk8qDxD1rQrp4dPAoWgJPsKEWyVZtqDhFtjQ9BQxJdD8auSQh/tQfPPZOvTQecxk7R14nH4tWymwSMnfq8jcFicDTng5gijWdpK2FqxIzSX2GZ05z0gzWPjaIHj7/TJZJKUfdz61mkz5ogsfTjCJddBen1FkXwAMzPrOaB4wJhk2mQWpkVtjX5gD6cEr7kGsDRRTfRGJLOdj BNNp20ySwptJUK4Pe19TnJItGxQFULE1yOaC1uPsLLKPvzo35Muo0rwlT7hgeLPpXof8sny7jo3typsup1ig193yyfTxjcZByWAF wHYfTk/icqjyktJExKtdqTxdc466Fu20efof65zdGnx4xux38JdLTTxOkf2Wld69i9Fv32fvrHDuACSQAOSTwAB3s4L0keT/Ef5Yo631BZgI0kHhb1WR1Pl3NIIwgftYO88HhkQH7VZZdHHLscdM6gk6eIgbZZCswK79posoPJW7o tWOCCS80ijCgKoAAFADgADsAPTEHWeuNfhx XcOJOO17S3mNIvs5DdiQp8u4gLFnsq3SevuCqMklMCyq/MiD7RQtZLyKCBsIsV9prBJvxA6yxVuk8Ot58F2VpFonaCnmIPBpSCeB60Y8/NHhjlIaMXJ0hpFrI2ZkV1ZkrcoIJXde3cB2uj39sX/ABX1V9Np2mRQSpFlgzKgPdmVPMw9KXnkYs6CYjBG0EXhxsNwQp4ZG7k7l/avueb72ci6 NkcmpIZ3hjaSNWO5UMak2idg9A YgnmrA4zzY/a8XyYOLW6KvgdWmWvTybkVqrcoNH0sXWRdQ6hFAhlmkSOMVbOwVRZocn3OJOq9YaGMSbZZAWRahXe3mIG6v2Rdk4NBLJqYv08UkLB3AXeN4ALIHSROV3KTypBokA1yT/6sFHNxdXXj9Owey7qywr1WAxeOJ4vCq/F3r4dDud11X35voNYkqCRCSjXtJBWwCRYDAEg1wexFEcHKZ1MRQtCsejeV1V/BWNAUjZAXq2OyN3tvPW4898J6316aDS/nKxSOQEZ4r86q5AceWxuXdZ9PKfrhX2onjUH9Wltfub2avfRZep9VSELuDszGlSNGd2PrSqOB7saA9SMHj1jmKWTVKumjo1cg3ohXlpHXyo3P6rMBX2j6Keidfj1UYlilYiwGVrV0bvtde6n9x7ixiyOV5Y4NQYTqJVcRkFwFiKSOksqox2hlIPIG6qFgDFX2qralBpp12u3f7B9j7xt0BDFqHjj0rLCa84RfPaqyyvPJL4krVakbWIJHPBJH/KLNtbT/wD3P/15tLqnTVxjc22WKQXf68Toyj71eQ/4cG/KQgb823Gj k/gmdPpvWx9TpJrV/nX Axg4TRFotUCgOexBptQFXbeezoxZ1UcshfPEWcjHf8AfkkR9c7TmQXCmYlXM6eTNpGxTp1QOyZtDxeZORbuePbGRKSSMznCOnMArXZoggEWt0Tdj5hRXrfywS6/y/rk8ToSByTVc9gx9Vr eaQIOnY1Tzjw0F1dXQFEk8E1tB78c8eww/oWvOmnLAggAjygqHPHYML9e59sTaMlmUAsG3AChYJvt8vTJ5tMZAXqTykg0C3N2zMQPLV9yPfntk6Ohb7OtzjTakhGZfEULdGmG7tjPRdOSNdgv5NfPHH45wdeovG36ORzwASbBBBsUT/THGr NtXNF4Rm2 5ACsw9r/pWI J Dnn8J6Oyu0n5q9spUORI0ZO7wRXiFQDayVYq/Qkc0MqTyN4pA/OhOdRwPOsHgswPNjYJSlGjUvi16nGv5Eb/ALPJYksZ5SSTZJJBsn3xv1zpqQoXRP0ZYNJHZKEiQSbwhO1bO8E0Bbhm4XDVaOSXZJptRImglkUGkjlaHdu3 GikxeJu53cfWtt83kXU4dRAumj0RhAdijvMrML8MukjbSCb8IpV/wC0WqoY/jZZEBBDI68exVh/Q5XJtRNp9kVDYCFVnUyCxW0xhaN1Z2E3YIUbQMwAuGOZ9S0U0m6NYUPh EuyVmsO 42wZWQ UGgHTucX6DU7dkV7iZdQgJPPhwSyqD/eIqNT9SckXqeplfYYwrhfMqAq6b68nincNlry4C7gLXkAZN1f4REsMSRzPDNCd0csYBpmBElo3DK1m1v25zj9Z6f34KP/AHQ8JYuwLrMDibTzox8j HIl V45yqkkftK6owPtuzTUdbjOo/NHjcK4ZPEIHh7/AA/EaIn9rwm3 2RQ9KXTyK u6mssqAtGsvh6eNdwKl1jBpmqxuJNWffFOo6Pouo6zdDF44RlbUSq7 CSi1HGtNskc UEgEBAb5Izyl6LFqPIm8U9r5uy3uX0M mdXH9nJOHRtkQRnLeTen6NizC6TeLJ9uc0 HtRKseoZpm1io/6N40ALkIpeOML5WAfgUaFkE8Go vfCmhV2llWVRKeYomk2SuB/uY WNLyAK45yDpvwNExYpHrtNDfliE7Ij3ZY GrFkX5FgeTwMX2OJwk6e3e1 S8/wBg5O10D9A M5NbNPpF00mmmSN9rud4RhwpkTaNvJBrm8snQtW8sCSSKFk8yuF5XfGzI5U qkqSPkRgU3wBozW3TslCiYndC49Q5RgX rWfnjhdEyRhIkChFCopBCKBQA4HYDOP1UOOUUuGDVvynr53fkpBtdsVdY0O2QauLiRKEnoJYQfOr 7KLZT6Fa7E4hE7S6bURpHI6nUGTZC4WSTS6hzIrxn03MX49lbnHuv HdRP5J528E/aigjMe8fsvIzszKexC7bBOb9Y EodQyO6SI6LsDQu0ZMd2I2290v09L4yvFJcaUeS215Sbqul4vz AJb6FfTGmEGmM1 LBqViJJDMRJuhXew4Zgsy7j 0hwj8qk 1dL8/E/d4eOdF0ZIokhjjKxoQVXzGirbwSTyTu5s uK/ymeEp0rzANt8TbGeA7HwwNx9h3r1 l56P2bPLkk8WlvxWm7/cCVyjFFB/Ob5vPZsugDFis8IG48fpTV80CsdEc mYz2ridHty GUmWIxuymiVNGuR9xzUPjHq2jVANoNk8km7xYR8sqcjVM3WXNhKciXN0b5A/Ik/zzUgqTNjLmQjkFgrFV7kA7RZrk nNZIgjHeNj/iIr9xw7QageHqI7I3QvQvtsIcDn08vpX8sHRnsVMM8o57XnlF4dH09qw2CKb6IJJmIIN0asenH XGGLriNrbzuAK7SAVCjtQqv1m YJP1zV9JxgUqEZqTK3KJNrtcXoUp235goVjdcMR3r0 pwRsyGrJoow/yOESTbO2/kMcf2byf9tJ3/AMOXvcDxYOfMPTOkRuzNM6pGm0k7GcvbgBBt5WxuO7sKHvj/AOHU0 mKRrqIZWmpJHQFBH9l2ssPMoKFbG0sH4qslKOyGFs7n03p8cIZIrCliwQsSqluSEBPlW7O0cAk1WFybWBBog9waIP1GfOD9O/Sb1QchT5quygLiz7MWGPelwqLoLvA/u/UURgapFI8GTqzt niRF2oFRR2CgKB9w4yXePcfjnE2CamFhtRWFqxkHFAckADk8d8pc2mjF VT6XtHpgj9RpcGPk oC6 4zVdoFCgB6CgM XDo1IJCr8 BkQjX9lfwGPgxfb 8 qt49x Oe3j3H458qiBP2F/AZMmlVuBGp/wjB7YPbPqTcPcfjmPEHuPxz5kPS4QhY/aAXy UbmO3coFXxbc/wB3Cjo4KJG3geXlaPD0a2 pVBt7jfyeMDiGPEm9s kd49x OZ3D3GfOmv02nRSUYOfQBR6kkX9AOfmRjKLS6VGISZQBVElD3aQdwlchUPY7d1m8GAz4UvJ3nePcZU/jzRRTNAHK8F9oIBvhd3B Wc51CafxCsuoZgpNMKKjytWzYvPIA3Dvfb2GGuYjZCwd3NuSdmzkGgeFortH1DYrTov6fhjkpZb KJ p6QJIyiZ0UVtCu1VtHPlPveezCJCtiezJfNdgBwoFsDQAHpnsWj0aBtTokZb2iyo5 uB67oS7QVNVx9cL0fUk4B49MYOwIO3njv7cZbJo4HFFJk0ygkHuPbICePkvqfX2GHdSgYliK8p59zeLAp7Y6ITJfGFcWD 7/LNC99wD/HMrF888wA eEUM00CjvY/fjrRIPfEEM9gD2xjpdXWKy/G0MtbAO4xHrEF9x/r7sL1HUPnivUy3hiGckabFvlvwBOPNDpV2fq0feyf3VWIAcL0 pI4vMycZJMazwUDRFevHcfjgMDWwHpfNcWPuw6DURuDuIHHHyxTqplDeX8cyGl8lp6zHGsUckaJx9obQbr3 Ruvux7BpNOY11EYSIMvmUcC/eh65zp9a7Ltske2OunQSTQ7PFoDutgH8CeclKGuzKW7Qy6r8QIIfDiokkhif4jK5OOxPA9cj1mkVDW5jXvxkHhg p/HKRio9GlJvsnaRQDR597wIXycIGn9uc3bTXSji/fDYmLIoSKur9B7Y/ HOjPqGAVyq/rvVAD2T1Zv3DFKQbBtux39O Wf4c6iFFA4s260PCNugzrPwjGi3HZPuTZym6iEo1HOqaV96c 2UT4w0yoVo97P3XWT45vpjTjSEoa8K0MG5qvFu sY9JlKuDV5ZiR2yyx/DJZLGI9bDJp2JBIsUfmO4/AgEfTOndIZWjHHcDFvXvhr84ZAPKGJBb2znjyb2HKmc/brTtRKRg1RIsbj 0QpqznsdzfBTh3WMsyq2267mgT/Gvuz2PlAbOfyVeN6 mO iyttsnt2xfB0WtrM3BxuXRBRoexxhkxB8RSVI9Gro/5Yn8Q4R1WUNKxHbBayiOeTtm3JzLj0zaHPRx9ycIpiLjNzKT2zUkN6gVmjAjMNZuSc0Zs3H1yNswDG7CIOTycGGT6SEuwReWYhVA7lmNKB9SRgNYZqjGF4s/f/LBIaPFZZuh/BMmohaZ28NQQB2ZjtkKTBl7qy7TQPfDtd TeSJDIs29lMg2beXYSBIlXngsDzfYjE9yK1YzdlTUbe/bGE3UovCCgHcP1hx91Yv67ppIZmhkG1l44uiPQqSBan0OA1jdgUqCJJd2bQMLAOD5upAwgvdj/SRgce/vm2pKjirHz/rmkCFipU8UKzbrDBdqKfN t8vlkr2d0F9AJ Ybjxwfme2RzK0bcH64ZFpXClwefnzggG4HcfpQ9fbCmLPiSWuxx0b4uaMbWW8Wa52lN/U8 lm800ei3GrybUxkGmbd9D2 7thWKZLCUkCR6MsaFH6ZaPhzoRJ83p3xZ0WdY27A8 voMt3QZHc6h41TcZAFD2F8qDvt59f35Pkm/A0ePFWxrBONOoDmh6H0P9MayasJA0p5UCx/LnFfk1WmL7Wjav3jiwObF5r8Par8800sLuC6jaWW6PswsDmx2 WQoRpXsn0vVDtvcBZuvrnsSwaCYCipv6Z7BR1YcfyUaHrIKUcX6/qZbgdqxdk2k2bv0l7a9L77lvsR6bv887ao4XNkeYwyQQ29GxQ2XvHOw7q4776rdxV3kqjS21lqq127uTcgo7hY4MZJ91YDuMNiAIf2zbfa1eGaMaapvEJ4FRfbs0knIoUCXERp AC2MJ00HhsyO24Pwv6SypLdt1ApQX1Dbv7uazWV8Eg9s3fv3 uNEXS8Bnk/2l0t/aaoSD/dXzN71QvFjIB/XNZiMnMRoSazBw/pKWbzN0gpW6JoOjlvTLt8HfC2mGmMuoTczMwMnO6EAgKwIJ2UV3b643c WyF2gYCiRly6FNGTuUIpP7FoT9QGo/eM5p8j6Ly4klZMYkiSdXkAMo8S7pWZgEeSP2vysVHrurucOh1iuFaPzi/U0bNkmmFmiSKHuPbKdqpF/OZaQgIVCrfKDzszIOdlsq/ZA9wRzc2hmKElSqeUkHuK/VYk8E2FHqDdHjJSQ0eFON2NPiToI1KyL4atOUKRkrcenDf3z9qQ9ywBYcUBXPIOoaNoZXhf7UbFT93qPkRR /O5azSysgJ84rtv2p8ztXuPkSR7ZyubSHxtQG08ch8Q0kexECtE2zaQn/LW0A7iOb734ZPo5pFbXnMhfoPrlonlnZHf8wiUsArMBbMCysVAXm/sA2bAFUDebSGRAv8A8MQ GAQbLEE7VUmvtN5FHFk175exbK9pdb4f2ST 4ZMmp3sHI9eccQwyqpZumI5BdmdivJDGTybRZXkAHkmqs9sl0gkpl/s5GVvNsQjcnlKABqocqT2uiDdndistx8rT30Q/nQK9xwO2JhZJIJ 45YdSJVlVTo1raVRVO5fM0dsxqxQ4H2a3eo4O0yttJGhiUfabY1EABGoKVtSw4B4sq3fm1iqLy5lLsVdPkqO797zLwgi75w2CUsI2j04VSHjVT5i1KiAsSBZplF pJqjjBxIQxGljXY8aiyfKNyts9iPNTH2v2zMaHKseirxTU1G/xy0/D3VpI22o6eG114oP/wAyrKF17EgWDXbF oLXR0CB7Bu15vz1RB3E G/HoPLQJO7OmnmtR ZKxqlHIB2NsuuaO5m5Jo0e 0VnGyc TRp1b4hmtoo2ESMSWRGBBs2abaCB8uMsHwD1f83sEEo1WV5Iq/3c4oj6PHO58dV044PlKJzbAqzsKHcndRsICN3rro4tLDGN0qGRlicHxHsMdu PyQkBaZjv3EigNt2CHFVRLNN/UdQ/tBG8yOKPOezlGp6kRI4ilcpvbaaHK3wfMt9vfPZP2mHFfJUhmwXPIMmAzoJ0QZjN3GanGBRgZsnYjPHPLhAZDH0zbdX2syVoXjX4O06vqU3jcBzR7cFR/PEboKV6B16HMwQrC9OaU16jb3vtw6nn0N5HoJdpr2zqOuAigAAsBD61yqlAb99qAZS hPuXwiBtloNx3820X71d/XJrktFo8e9GdJrFI75bPhTqkYYIZQGY0oPoPYX9onngXQFmgM5c0hRmAPZiPwJGS6PqkquJEcq67trdyNylDV/Jjglx2F8tqmdZ6h0GDWDxYJTvVyrSKbvYSrhx2Ybh8hXbvzpovhMI/jSymVkNlSvzZg4sksaN/cwGVb4E JnhR4RGnhxQyTGrDu1geZrPv7eg9sZ9R OZIZtwjDA6fTPtLesrW3Nf aBf9we Raa0IpNLTLD1jrMcUbSeH5UQuShCFlBAuJzQckn7Ng/iL5B1TqUk0zzFntmsWzEgDhRZJNgfP3yfrXUDPPJNygdj5AeABQrgDd9kdx6D2xe X44Y7Ek/BiSdz3dj27sT2qu59KH4Zs2qk/3j9wR5j3BsHv3BGaHMZYU3XVy/7yT/APNv65NDK44Dt9AxAwYYfoAL7Yr0FRNHmkAA3tQBAG40A3LAD0uhfvQyOXVOe7sa/vH uM pRgLdYlI5zKqGksXROdfKSW8WTcRRJdrINCibuuBx8hmBqm48zcfM/XjLB8P/AA8kl7mP4ZL1L4biRyATVgfuBwZK6DFMQjWPQ/SPwAB5jwB2A54GeGpk7eI9e2417cc/IfhjbqHRkRbBOIFNHMmntBknaTGMEjoSdzEH7Q3Hn7/fI9bdA7ty/tHuCeSG9jf45Jp/MOcHlkMZJHI7EHsR7HNZScEo6No3Fd89mJ4CNpBoMoaqur9L 7PYbIWz/9k=)
هكذا تكون الحياة بالنسبة لمن يقف عند وصفها على أساس أنها (الحياة الدنيا) إنها لا تزيد على كونها لهواً ولعباً. واللعب- كما نعلم- هو مزاولة حدث ونقضه في آن واحد
والمثال على ذلك الطفل على شاطئ البحر قد يقيم بيتاً من الرمال ثم يهدمه، إنه لم يقم ببناء بيت من الرمال إلا ليهدمه. واللعب عملية يُقصد بها قتل وقت في عمل قد يُنقض، فالبناء والنقض في هذه الحالة لعب ولا يشغل اللعبُ الإنسان عن الواجب. أما اللهو فهو قتل الوقت في عمل قد ينقض ويشغل الإنسان عن الواجب أيضاً.
والطفل الصغير- على سبيل المثال- يتلقى من والديه بعض اللعب ليقضي وقته معها وقد يخربها ويهدمها وقد يعيد بناءها. ولعب الطفل هو لهو في الوقت نفسه؛ لأن الطفل غير مكلف بواجب. وما أن يدخل إلى المدرسة وتصير له بعض من المسئوليات نجد الأسرة تعلمه أن يفرق بين وقت أداء مسئولياته ووقت اللعب؛ لأنه إن لعب في وقت أداء المسئوليات صار لعبه لهواً؛ لأنه شَغَله عن أداء مسئولية مطلوبة منه.
وكذلك الحياة الدنيا مجردة من منهج الله الذي خلقها وخلق الإنسان فيها هي لهو ولعب، إما إن أخذ الإنسان الحياة بمواصفات من خلقها فهي حياة منتجة للخير في الدنيا وفي الآخرة. والذي خق الحياة الدنيا جعلها بالنسبة لنا مزرعة للأخرة. والمؤمن- إذن- له حياتان: حياة صلاح في الدنيا، وحياة نعيم في الآخرة؛ لأنه يعيش الحياة الدنيا على مراد من خلقه.
ومن العجيب أن من خلقنا لم يكلفنا إلا بعد أن يصل الإنسان منا إلى البلوغ، أي أن يكون الإنسان صالحاً لإنجاب إنسان مثله إن تزوج. ويأتي التكليف متناسباً مع النضج وعند تمام العقل. وسمح الحق لنا أن نلعب في سنوات ما قبل النضج، ولكن لابد أن يكون مثل هذا اللعب تحت إشراف من الكبار حتى يمكن للعب أن يتحول إلى دُرْبة تفيدنا في مجالات الحياة، ويجلعنا نعرف كيف وصلنا في العصر الحديث إلى درجة من التقدم في صناعة اللعب التي يتعلم منها الطفل، ويمكن أن يقوم بتفكيكها وإعادة تركيبها، وحتى الكبار نجدهم في زماننا يتعلمون قيادة السيارات في حجرات مغلقة وأمامهم شاشة تليفزيون، وكأنهم في طريق حقيقي وفي شارع مزدحم بالسيارات، ومن يتقن هذا التدريب العملي يخرج إلى قيادة السيارة.
وهكذا نجد أن التدريب مفيد للإنسان، يعلم الصغار اللعب الذي ينفعهم عندما يكبرون، وكذلك يفيد التدريب الكبار أيضاً.
وعندما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعلم أبناءنا ركوب الخيل والسباحة والرماية، كانت الخيل- في زمن الرسالة- هي إحدى الأسلحة المهمة ليركبها الداعون إلى الله المجاهدون في سبيله.
وحين طلب منا أن نعلم الأبناء السباحة فهذا بناء للجسم والقوة يفيد الشاب ويعلمه مواجهة الصعاب، وحين طلب منا أن نعلم الأبناء الرماية فذلك لأن تحديد الهدف مادياً أو معنوياً ومعرفة الوصول إليه أمر مطلوب من كل شاب. وكل هذه ألعاب ولكنها ليست لهواً، إنها ألعاب ممتعة ويمكن أن تستمر مع الإنسان بعد أن يكلف. قال عليه الصلاة والسلام: (علموا أبناءكم السباحة والرماية).
فماذا عن ألعاب عصرنا وزماننا؟
إننا نجد أن لعبة كرة القدم قد أخذت اهتمام الرجال والنساء والكبار والصغار، وهي لعبة لا تعلم أحداً شيئاً، لأنها لعبة لذات اللعب، وهي لعبة تعتدي على وقت معظم الناس، وأخذت تلك اللعبة كل قوانين الأمور الجادّة. فهي تبدأ في زمان محدد، ويذهب المشاهدون إليها قبل الموعد بساعتين، وتجند لها الدولة من قوات الأمن أعداداً كافية للمحافظة على النظام مع أنها من اللهو ولا فائدة منها للمشاهد. وقد تمنع وتحول وتُعَطِّل البعض عن عمله والبعض الآخر عن صلاته. يحدث كل ذلك بينما نجد أن بعضاً من ميادين الجد بلا قانون.
وأقول ذلك حتى يُفيق الناس ويعرفوا أن هذه اللعبة لن تفيدهم في شيء ما. وأقول هذا الرأي وأطلب من كل رب أسرة أن يُحكم السيطرة على أهله، وينصحهم بهدوء ووعي حتى ينتبه كل فرد في الأسرة إلى مسئولياته ولنعرف أنها لون من اللهو، ونأخذ الكثير من وقت العمل وواجبات ومسئوليات الحياة، حتى لا نشكو ونتعب من قلة الإنتاج.
إن على الدولة أن تلتفت إلى مثل هذه المسائل، ولنأخذ كل أمر بقدره، فلا يصح أن ننقل الجد إلى قوانين اللعب، ولكن ليكن للجد قانونه، وللعب وقته وألا ننقل اللعب إلى دائرة اللهو؛ لأن معنى اللهو هو أن ننصرف إلى عمل لا هدف له ولا فائدة منه. وإن نظرنا إلى الحياة مجردة من منهج الله فهي لعب ولهو.
ونلتفت هنا إلى دقة الحق حين جاء باللعب أولاً ثم اللهو من بعد ذلك، ثم يقول: {وَلَلدَّارُ الآخرة} وفي هذا لفت واضح إلى أن الإنسان حين ينعزل عن منهج الحق في الحياة تفاجئه الأحداث بالانتقال المفاجيء إلى جد واضح؛ لذلك فلنأخذ الحياة في ضوء منهج الله؛ لأنه سبحانه حين أبلغنا أنه خلق الإنسان من طين، وصوره ونفخ فيه من روحه فقد أعطاه الحق بذلك حياة أولى، يشترك فيها المؤمن والكافر، والطائع والعاصي وكل إنسان إلى الغاية منها وهي الحياة الثانية وهي الدار الآخرة فإنها الحياة الكاملة الباقية، ونسمع قول الحق سبحانه وتعالى: {ياأيها الذين آمَنُواْ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
إن الحق سبحانه وتعالى يقدم لنا حياة عالية دائمة تخلف الحياة التي تنتهي.
والذي يتوقف عن أخذ منهج الله في حياته يكتفي بمثل ما يَأخذ الحيوان من الحياة وهي النفخ في الروح، لكن الذي يأخذ بمنهج الله يأخذ الحياة العالية.. حياة الخير والجمال والإصْلاح والإحسان. ونعلم أن الجمال في الحياة هو الجمال الذي لا يورث قبحاً. والخير الحقيقي هو الذي يعمم خير الله على العباد، فلا يأخذ الإنسان الخير لنفسه ويترك شروره للآخرين؛ لذلك أقول: لا تأخذ أيها المسلم الخير لنفسك على حساب الشر للآخرين؛ لأنك لا تحب أن يحقق الآخرون الخير على حسابك، والذي يحب أن ينطلق بشروره في الناس فليستقبل الشر من غيره. ومن يحب أن يأخذ الخير من الناس فليعطهم من خيره حتى يبقى الوجود جميلاً. إذن فالحياة بدون منهج الله تكون قبيحة؛ لأن القوي يعيث فيها فساداً بقوته وينزوي الضعيف إلى الإحساس بالذلة والضياع.
لكن الحق سبحانه أراد الحياة للمؤمنين في ضوء منهجه، وعندما يطبقون تكاليفه ب (افعل) و(لا تفعل) فهم يصونون الحياة من الفساد حسب أوامر الخالق الأعلى للحياة، فهو سبحانه الذي أوجدنا ووضع لنا قوانين صيانة الحياة. وحين منع مؤمنا واحداً من الشر، فهو قد منع وحرم على كل إنسان مؤمن من أن يصنع شراً لأخيه، وبذلك حمى الإنسان من الشر. وإنما خص الله المؤمنين بالنداء والدعاء؛ لأنهم أهل الاستجابة والطاعة؛ أما ما عداهم من أهل الكفر والشرك فقد تأبوا على الله وعصوه ولم يؤمنوا به. وحين يأمر الله المؤمن بالخير، فهو يأمر المؤمنين جميعاً بأن يصنعوا الخير لهم ولغيرهم. وبذلك يكسبون حياة مطمئنة؛ لذلك يقول سبحانه: {استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}.
فالذين لا يستجيبون لله ولا لرسوله حين يدعوهم لما يحييهم يظلون في الحياة الدنيا غارقين في اللهو واللعب، إنهم كالموتى. وحتى نعرف أن الحق سبحانه أراد لنا- نحن المؤمنين- الحياة العالية؛ إنه سبحانه قد سمى المنهج الذي يرسم لنا الأوامر والنواهي بالروح: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا}. وسمى الحق سبحانه وتعالى بهذا المَلكَ الذي نزل بالوحي: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193].
إذن فالحياة التي تعطي الإنسان الحس والحركة هي الحياة الأولى التي يلعب ويلهو من خلالها، وليست هي الحياة المرادة لله؛ لأن الحياة المرادة لله هي الحياة الإيمانية ولذلك سماها الحق سبحانه الحيوان أي الحياة الكاملة وسمى المنهج روحاً. {وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 32].
إن مجرد التعقل يعطي الإنسان الخير، والتعقل هو محاولة فهم نواميس الكون من الأسباب والمسببات، ونحن نرى نور الشمس يعمّ النهار ويشيع الضوء والدفء، وغياب الشمس وظهور القمر يحقق صفاء السكون ويهدي الناس في ظلمات البر والبحر، وجَريان الماء يروي الإنسان والزرع، وحركة الرياح تحرك السحب وتقود السفن وتساعد في حركة الملاحة في الجو والبحر وتلقح النبات، وكل ذلك أسباب أرادها الله حتى يتحقق التوازن في الكون.
والإنسان يأخذ حظه من الحياة بالأسباب التي عمل فيها ولا يأخذ الإنسان من أسباب غيره.
صحيح أن هناك أناساً يعيشون بلا أسباب ويأخذون تعب غيرهم، ولكن عليهم أن يحذروا الله، فإياك أيها المسلم أن تبني لحمك ولحم أولادك من استغلالك لغيرك؛ ذلك أن أغيار الحياة ستمر عليك وقد تصير قوتك إلى ضعف، وتأمين الإنسان لضعفه إنما يكون بإخراج الزكاة للضعيف، ومساعدته ومعاونته في كل ما يحتاج إليه، ونجد غير المؤمنين وقد أخذوا فكرة التأمين من الزكاة، فأنت تدفع للفقير زكاتك لتؤمن نفسك كمؤمن، وهم أخذوا هذه الفكرة ليحولوها إلى تأمين على الحياة، ولذلك تدخلوا في قدر الله.
لكن الحق أراد بالزكاة أن يطمئن المجتمع كله لا أن يطمئن من يؤمن على نفسه فقط. ونعلم أن الذي يخيف الإنسان ويجعله يكدس المال ويجمعه ويكنزه هو الخوف من الضعف، لكن لو أعطى الغني بعضاً من المال للفقير لأشاع الاطمئنان في نفسه ونفوس الضعفاء.
والذي يجعل الناس تلهث في الحياة للادخار لأبنائها هو عدم اقتناعهم بالتكافل الاجتماعي الذي شرعه الإسلام. وهم يرون اليتيم وهو يضيع في المجتمع، لكن لو آمن الناس في المجتمع بالتكافل الاجتماعي لوجد كل يتيم أبوة المجتمع كله له.
والإنسان الذي يلهث وراء الكسب من أجل أن يؤمن مستقبل أولاده قد يحول أولاده إلى يتامى لأنه مشغول عن تربيتهم، ولذلك يقول أمير الشعراء شوقي رحمة الله عليه:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من ** هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له ** أمَّاً تخلت أو أباً مشغولا
إن على المجتمع أن يأخذ قضية الخير من قول الحق سبحانه: {استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}. فكما أحيا الحق الأجسام بالروح التي نفخها في القالب الطيني فصار لها حس وحركة، فهو قد أنزل المنهج أيضاً روحاً من عنده لترتقي به روح الحس والحركة، حتى لا يصير الإنسان كالأنعام أو أضل سبيلاً: {وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 32].
والدار الآخرة خير؛ لأن الدنيا مهما طالت فهي منتهية، لكن الحياة الآخرة خلود أبداً، ونعيمنا في الدنيا نأخذه بالأسباب، ولكن نعيم الآخرة نأخذه على قدر سعة ورحابة قدرة الله. وآفة الدنيا حتى بالنسبة لأهل النعيم والقوة والثراء هي الخوف من الفقر أو الموت، لكن في الآخرة لا يفوت أهل الجنة النعيم ولا يفوتون النعيم.
نداء الايمان