تويت
ما بين الديانتين السامرية واليهودية
بقلم: ياسين عز الدين
تنتسب الديانتين إلى بني إسرائيل وموسى عليه السلام وتتشابهان بالكثير من المعتقدات والطقوس مع وجود اختلافات بينهما.
نشأت الديانة السامرية قبل حوالي ألفي عام، وهم يقولون أنهم يسيرون على الديانة الصحيحة التي جاء بها موسى عليه السلام وأن اليهود انحرفوا عنها، أما اليهود فيقولون أن السامريون ليسوا من بني إسرائيل بل من الشعوب التي تهودت قبل ألفي عام.
يؤمن السامريون فقط بالأسفار الخمسة الأولى من "الكتاب المقدس" وهي التي نزلت على موسى عليه السلام (التوراة)، والنسخة الموجودة لديهم فيها اختلافات عن توراة اليهود.
أما اليهود فيؤمنون بأجزاء إضافية من "الكتاب المقدس" وينسبونها إلى عدة أنبياء من بني إسرائيل، كما يتبع أغلب اليهود التلمود الذي يجمع شروحات وتفاسير الحاخامات للتوراة والأحكام الدينية المختلفة.
بالنسبة للسامريين تعتبر نابلس مدينتهم المقدسة وليست القدس كما هو الحال عند اليهود، وكان لهم قديمًا انتشار في عدة مدن فلسطينية حيث نجد اليوم آثار وجودهم مثل حمام السمرة في غزة، إلا أنه مع تراجع أعدادهم انحصر وجودهم في مدينة نابلس.
ولا علاقة للديانة السامرية بالسامري المذكور في القرآن فهنالك حوالي ألف عام بينهما.
عدد السامريون اليوم بضع مئات نصفهم يعيش في نابلس والنص الآخر يعيش في مستوطنة حولون قرب تل أبيب والتي انتقلوا إليها بعد حرب النكبة، أما اليهود فيتجاوز عددهم في العالم 13 مليون، فلماذا هذا التفاوت بأعداد الديانتين؟
يبدو أنه منذ البداية كان عدد اليهود أكثر من السامريين لكن السبب الأهم لهذا التفاوت الكبير هو وجود عدة موجات لاعتناق اليهودية انقذتها من الانقراض أما السامرية فرفضت طوال الوقت دخول أي شخص من خارجها.
فأغلب اليهود والسامريين الذين كانوا في فلسطين اعتنقوا الإسلام بعد الفتوحات الإسلامية وذابوا في المجتمع العربي المسلم واختفى أثرهم، بل إن أغلب اليهود الذين عاشوا في فلسطين بالعهد العثماني قدموا من الخارج: قسم منهم من يهود الأندلس (السفارديم) وآخرين من أوروبا (الأشكناز) وقسم ثالث من اليهود المغاربة.
ووفقًا للباحث شالوم ساند فإنه لولا ثلاثة موجات من اعتناق اليهودية لكانت ديانتهم في طريقها للانقراض (مثل السامرية)، وهي: اعتناق بعض قبائل الجزيرة العربية لليهودية بمن فيهم بعض ملوك اليمن، بالإضافة لانتشار اليهودية بين بعض الأمازيغ في المغرب العربي الذين أصبحوا لاحقًا نواةً ليهود الأندلس (السفارديم)، وهاتين الموجتين حصلت في الفترة السابقة للإسلام.
أما الموجة الثالثة فكانت بعد الإسلام حيث اعتنقت قبائل الخزر التي كانت تعيش في ما يعرف اليوم بجنوب روسيا وأوكرانيا (وهي على صلة قرابة مع الأتراك)، ثم انتقلت إلى الشمال الغربي في ما يعرف اليوم بروسيا وبولندا ومنها انتشروا إلى أوروبا وأمريكا ويعرفون بالأشكناز، وهم غالبية يهود العالم (أكثر من 80% منهم).
وأنصح بقراءة كتاب شالوم ساند "اختراع الشعب اليهودي" ففيه رد موثق ومفصل على الخرافة الصهيونية بأن يهود العالم تعود أصولهم جميعًا إلى فلسطين وبني إسرائيل.
فيما يتعلق بولاء السامريين السياسي فرغم أنهم جزء من الشعب الفلسطيني ورغم أنهم لا يعترفون دينيًا باليهود ولا يعترف اليهود بهم دينيًا، إلا أن حكومة الاحتلال تعمل على استمالتهم واستيعابهم مما يجعل السامريون في حولون أقرب لدولة الاحتلال أما السامريون في نابلس فهم أقرب سياسيًا للفلسطينيين ويعملون كوسطاء من أجل حصول الفلسطينيين على تصاريح وما شابه من خدمات، وهنالك بعض أبناء الطائفة السامرية ممن انخرط بالمقاومة مثل الأسير نادر صدقة والمحكوم بالسجن المؤبد.
تعليق