إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير راتب النابلسي لسورة البقرة الآية (204)(205)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير راتب النابلسي لسورة البقرة الآية (204)(205)

    من أرضى الناس جميعاً فهو منافق :
    قال تعالى:
    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)
    وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)سورة البقرة


    هذا النموذج شائع جداً، يواجهك إنسان فيُثْني عليك ثناءً، يمدَحك مديحاً يجعلك تخجل، وبعد أن تدير ظهرك يتكلم بعكس ما مدحك به، ذو الوجهين لا يكون عند لله وجيهاً، كن بطلاً، وكن موحَّداً، وكن واضحاً.
    كن صريحاً، فهذا الشيء يؤلم كثيراً، إذ تلتقي مع إنسان يثني ثناءً عطراً على كل شيء، تصدقه أنت، تعدّه من طرفك، فإذا به في غيبتك يطعن في كل شيء، وهذا النموذج ممقوت عند الله عز وجل، كن واضحاً، فكلمة الحق لا تقرِّب أجلاً ولا تقطع رزقاً، فالذي تمدحه امدحه صادق، والذي لا تحبه لا تمدحه، اسكت عن مدحه، وإلا فأنت منافق، ومن أرضى الناس جميعاً فهو منافق.


    كلمة (تولى) لها معنيان :
    قال تعالى:
    ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى ﴾
    عنك..
    ﴿ سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾
    "تولى " لها معنيان هنا:
    1 ـ تولى عنك أي ترك المجلس :
    تولى عنك أي: ترك المجلس، تولى؛ كان عمله سيِّئاً، هو أشهد الله على ما في قلبه، أنه مؤمن، وصادق، ومحسن، ومستقيم، فإذا تركك وانصرف إلى جماعةٍ آخرين أفسد الأرض ومن عليها، فهذا معنى.
    2 ـ إذا تولى أي انصرف أو استلم عملاً فجعل الفساد همَّه :
    المعنى الثاني: إذا تولى شيئاً، أو مهمةً، أو استلم عملاً، فإنه يريد الاختلاط، والفسق، والفجور، والمال الحرام،

    ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ﴾
    فالفساد أيها الأخوة لا يمكن أن يكون إلا بتدَخُّل بشري، لأن كمال الله عز وجل مُطْلَق، وكل شيء خلقه الله عز وجل كامل إطلاقاً، فنحن نفسد، خلق الله الطفل الصغير مثل المَلَك، ولو كان ابن مجوسي، أو ابن أفسق إنسان فهو مَلَك، فالأسرة تفسد الابن أو تصلحه، كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، إذاً هذا الإنسان الذي يقسم لك أنه مخلص، ومحب لله، ومستقيم، وطاهر، ويحب الله ورسوله، وهو ألد الخصام، فما الذي يكشفه؟ إذا انتقل إلى حقل آخر، إلى مكان آخر، إلى جماعة آخرين، هذا ورد في سورة البقرة أيضاً:
    ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُون ﴾[سورة البقرة: 14]
    إنّه ملوَّن، " فتولى " أي انصرف أو استلم عملاً فجعل الفساد همَّه.

    ﴿ سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ﴾
    فالفساد تدخُّل بشري، وأصل الفساد كائن مخيَّر ومعه شهوة، وترك المنهج، ولو أمسك بالمنهج ما صار فساداً، فعلاقة إنسان بامرأة وفق المنهج زواجٌ، وبلا منهج زنىً ودعارة، وأعمال لا ترضي الله عز وجل، علاقته بالمال وبالمنهج كسب مشروع إذ لا توجد مشكلة، بلا منهج سرقة، واحتيال، وخداع، وربا، وما شاكل ذلك.

    الحرث له معنيان:
    قال تعالى:
    ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ ﴾
    1 ـ النبات بالمعنى النباتي الأرضي :
    المعنى الأول: النبات، أيْ:
    ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾[ سورة الواقعة: 63-64 ]
    هناك فساد حتى بالنبات، الله عز وجل صمم الخلق أكمل تصميم، فجاء الإنسان وأفسد النبات، وضع للنبات هرمون نمو، هذا يعطيه حجماً كبيراً، وألواناً زاهية، لكنه مسرطن، فاستخدم هرمونات للنمو، مثلاً هناك كثير من الأشياء تزيد من ملوحة التربة، فكل المبيدات الكيماوية مؤذية جداً، صمم ربنا مبيدات حيوية، فنحن استخدمنا المبيدات الكيماوية فصار هناك فساد، الأدوية الراقية أدوية نباتية، نحن استخدمنا أدوية كيماوية لأجسامنا، صار في مضاعفات، أمراض كثيرة جداً من أدوية نستعملها بشكل مثير، الشراب الطبيعي استبدلناه بشراب كيماوي، فأكثر أنماط السلوك أنماط مُبْتَدَعَة، ليست في أصل التصميم، فنشأت أمراض وبيلة، نشأ ارتفاع نِسَب السرطان، فهذا من باب إهلاك الحرث وإفساده.
    2 ـ المرأة بالمعنى الإنساني :
    والمعنى الثاني:
    ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾[ سورة البقرة: 223]
    فالإنبات يأتي عن طريق الأرض، وعن طريق المرأة، فالأرض فسدت، والمرأة أُفْسِدَت، فصار هناك إفساد للحرث، بالمعنى النباتي الأرضي، وبالمعنى الإنساني أي المرأة، والمرأة إذا فسدت حدث شيء مخيف، وهناك قصص عن فساد المرأة؛ ممكن أن تقيم مشكلات لا تنتهي إذا فسدت، فشيئان إذا فسدا فسد المجتمع، المرأة أحد هذين الشيئين، وقد يحارب المسلمون بالمرأة، فأكبر حرب تُشَن على المسلمين إفساد أخلاقهم عن طريق ما تأتي به الفضائيّات، فهذا إفساد، المرأة فسدت، فالزواج فسد، حدثني أخ كريم قاض شرعي، قال لي: نسب الطلاق في سوريا كانت اثنين بالألف، الآن خمسة عشر بالمئة، وأغلب هذا الطلاق أساسه هذه المحطات الفضائية.

    راتب النابلسى
    موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية

جاري التحميل ..
X