إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رسالة مفتوحة إلى رئيس السلطة الفلسطينية!!!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رسالة مفتوحة إلى رئيس السلطة الفلسطينية!!!!

    رسالة مفتوحة إلى رئيس السلطة الفلسطينية

    السيد الرئيس محمود عباس المحترم
    تحية طيبة وبعد،
    كل عام وأنتم بخير. أعرف أن مشاغلك وهمومك كثيرة وأنك في وضع لا تحسد عليه فالتركة ثقيلة والرياح المعاكسة تعصف بوطننا والمنطقة في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية معقدة وصعبة. ورغم ذلك، وبسبب ذلك فإنني أرجو أن تجد الوقت لقراءة رسالتي هذه بعين منطلقها "صديقك من صدقك القول"، فلا خير في أمة إن لم ينصح رجالها وعقلائها حكامهم، ولا خير في حكام إن لم يستمعوا لنصح رعيتهم. وحتى لا أطيل عليكم سأطرق الموضوع دون ديباجة أو مقدمات.
    عندما فازت حركة حماس في إنتخابات المجلس التشريعي بأغلبية مريحة كان من الطبيعي كما هو الحال في أي نظام ديمقراطي أن تتولى حماس تشكيل الحكومة؛ وكان المطلوب من حركة فتح، التي قادت الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة منذ أكثر من أربعة عقود ولعبت دور الحزب الحاكم منذ إنشاء السلطة الفلسطينية، أن لا تكتفي بالاعتراف بنتائج الانتخابات فحسب، بل أن تقر عن طيب خاطر بهزيمتها وأن تقبل نتائج صناديق الاقتراع - الحكم الفاصل في أي نظام ديمقراطي- فتفتح الأبواب على مصراعيها لمبدأ تداول السلطة بشكل سلمي.
    أنتم تعلمون كما يعلم الجميع أن الناخب الفلسطيني صوّت لحماس في الانتخابات التشريعية وقبل ذلك في الانتخابات البلدية لسببين، الأول: لأن سلفها في السلطة تطاول على القوانين وتجاوزها أو طوعها لمصلحته الشخصية والفئوية وأهمل بناء مجتمع مدني وسلطة قضائية ودستورية هي الأساس لأي ديمقراطية وليدة. أما الثاني فاستياء الناخب من سير عملية السلام والمفاوضات مع إسرائيل ومستوى أداء المفاوض الفلسطيني.
    السبب الأول تتحمل وزره قيادة فتح وعلاجه، إن أردنا أن لا نتحول إلى إحدى جمهوريات الموز ( وأنا على يقين أن هذا يتعارض مع شخصيتك ومواقفك)، يقتضي العمل بعكس نهج بعض الأطراف في فتح منذ إعلان نتيجة الإنتخابات والمتمثل بداية بما أسماه بعض المحللين السياسيين بالمناكفة وإنتهاء بتعميق الأزمة . إن العلاج يكمن في استخلاص فتح دروس وعبر الفشل لتستثمرها في عملية إصلاح وتغيير داخلي تطال السياسات والتحالفات والبنى. وفي الوقت الذي تستعد فيه فتح لجولة مستقبلية تضمن عودتها إلى موقعها التاريخي، مستندة -دون شك- إلى حجمها وتاريخها النضالي الطويل، تقوم بلعب دور بناء سواء معارض للسلطة الجديدة أو مشارك فيها.
    أما وزر السبب الثاني فتتحمله على وجه الخصوص كل من إسرائيل والولايات المتحدة. الأولى لأنها عمدت إلى تدمير روح اتفاقية أوسلو، التي حظيت بموافقتكم -رغم نقائصها- على أمل أن تشكل بداية انطلاقة مسيرة سلام بين الشعبين وليس أن تؤدي، كما أثبتت الأحداث، إلى تعميق تهويد ما تبقى من فلسطين. أما الثانية، أي الولايات المتحدة، فلأنها دعمت إسرائيل بلا حدود. وهنا كان بإمكانكم وقيادة فتح الاستفادة من نجاح حركة حماس واستثماره بإلقاء اللوم على اولئك الذين كانوا وراء ذلك النجاح بسبب إفشالكم للمرة الثانية.
    كانت المرة الأولى عندما تبوأتم في عام 2003 موقع رئيس أول مجلس وزراء فرفضت إسرائيل التجاوب معكم في الوقت الذي أوحت فيه أنكم مجرد "كارزاي" بذلت كل ما في وسعها للإطاحة بكم وإفشال مهمتكم. شهدت نهاية تلك المرحلة فصلاً كنت فيه الضحية بسبب النظام الفلسطيني الذي فُصل قانونه الأساسي لصالح الرئيس الراحل. خلال صياغة القانون الأساسي رفض البعض (وأكثريتهم من فتح) الاقتراح بالتأسيس لنظام برلماني، مشابه للنظام البريطاني، تتمركز فيه السلطة التنفيذية برأس واحدة، ممثلة برئيس مجلس للوزراء، يخضع للمسائلة ووزراءه أمام مجلس تشريعي مخول، إذا استدعى الأمر، بنزع الثقة من الحكومة بينما يبقى رئيس السلطة الفلسطينية رمزاً يقدم الرأي والمشورة. لقد رفض هذا الاقتراح لصالح نظام رئاسي يعطي صلاحيات واسعة لرئيس السلطة على حساب الديمقراطية، رئيس لا يُسْأل من قبل ممثلي الشعب. إلا أن هذا البعض الرافض استجاب لاحقاً للضغط الأمريكي القاضي بسلب بعض صلاحيات الرئيس الراحل لصالح منصب رئيس للوزراء، لينتج نظاما هجينا برأسين بدون مراعاة لخلل ازدواجية وتداخل الصلاحيات. وبذا أصبح قيام حكم فاعل ومتزن في حكم المستحيل، ومُهّد لما يدور اليوم من تخبط دستوري. وكانت نهاية المطاف استقالتكم بعد هجوم مخطط على المجلس التشريعي أثناء إلقاء خطابك الذي لم يُسمح لك ولأعضاء المجلس حتى بمناقشته.
    أما المرة الثانية فكانت بعد انتخابكم في إنتخابات حرة ونزيهة مطلع عام 2005 (بأغلبية كانت بمثابة تفويض شعبي لتطبيق برنامجكم السياسي والإصلاحي الذي لا يشكك حتى الأعداء في واقعيته واعتداله) حيث لم تتجاوب إسرائيل معكم بل وفعلت كل ما في وسعها لإضعافكم في ظل عدم مبالاة الولايات المتحدة بتقديم أي انجاز يفتخر به الرئيس أبو مازن أمام شعبه. هل نسيتم تصريحات شارون ومن بعده أولمرت بعد انتخابكم بأنك لا تشكل الشريك القادر على اتخاذ قرار السلام. وكذا فعل اولمرت برفضه مقابلتكم وتجاهلكم وإعلانه عن تصميمه بالمضي قدماً في مشروعه الأحادي الجانب. أما مقابلته الاخيرة معكم، والتي جاءت على أثر هزيمتهم في لبنان، فليست إلا تغييراً شكلياً يشبه تكتيك شامير بإطالة أمد المفاوضات لعشرات السنين. ففي الوقت الذي كان يقبلك كان جيشه يغتال الكوادر، ويعتقل البعض الآخر ويفتح الطرق الالتفافية في الخليل ويجرف الجبال للتمهيد لبناء مستعمرة جديدة. ومن المؤسف ان تجربة 12 سنة من المفاوضات العبثية لم تساعدكم على تغيير إستراتيجية المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي. فقبل أن يجف حبر صحيفة القدس التي نقلت تصريح رئيس دائرة المفاوضات د. صائب عريقات: " الجانبين اتفقا على عدم القيام بأي خطوات استباقية تجحف بقضايا الحل النهائي" أعلنت الإذاعة الإسرائيلية موافقة وزير الدفاع الإسرائيلي على إنشاء مستعمرة جديدة.
    إن سياسة إسرائيل والولايات المتحدة وليس سياسة حماس هي التي أفشلت مشروعكم، مخيبة أمل شعبنا في تحقيق السلام. فشل العملية السياسية بالترابط مع استمرار الفساد الذي وصل حد الفضيحة الوطنية عندما شارك البعض في بناء الجدار العازل، كان المحفز لهذا الشعب للتصويت لصالح حماس.
    لعلك توافقني الرأي سيدي الرئيس أن أحد مآسي النظام السياسي الفلسطيني، منذ قيام منظمة التحرير وحتى إنتخابات المجلس التشريعي الثانية، أن تراكم الهزائم وتكرار الأخطاء، الاستراتيجية منها والتكتيكية، كان يمر دون حساب. ولعلك تتفق معي أيضاً أن غياب المحاسبة والتعديل كانا وراء أزمة فتح التاريخية.
    اليوم، وبدل احترام إرادة الشعب، بإعطاء حماس الفرصة التي تستحقها، تحمّل حماس -التي فازت بانتخابات ديمقراطية لا غبار عليها- مسئولية الحصار/ العدوان الثلاثي (الأمريكي- الإسرائيلي- الأوروبي) ضد الشعب الفلسطيني وبدل التزام المعارضة بمصلحة الشعب من خلال الوقوف ضد الحصار الذي تفرضه قوى أجنبية، معادية تاريخياً لشعبنا ولقضيته، بعضها شكل أصل البلاء بإصدار وعد بلفور وبعضها يشكل اليوم أصل البلاء الذي يعم أمتنا المنتهكة حدوداً وشعوباً ونظماً وحكاماً وقيادات، يصطف البعض مع دول أجنبية ضد مصلحة الشعب وقضاياه المصيرية.
    ولعل من المفيد هنا الرجوع الى تجربة جزيرة صغيرة في المحيط الهادئ وهي دولة فيجي التي أطاح انقلاب عسكريّ بحكومتها المنتخبة؛ وعلى أثر ذلك قامت بعض الدول الغربية بفرض عقوبات على هذه الدولة. وفي محاولة لوقف انهيار "فيجي" نحو كارثة سياسية واجتماعية واقتصادية، تبنى "التحالف من أجل الديمقراطية والسلام" وهو تجمع فيجي عريض معاد للعسكر شعار: لا للعقوبات- الفقراء وحدهم سيعانون.
    إن إضراب الجهاز الإداري وتعطيل مصالح الشعب لا يصب في مصلحة الشعب بل في مصلحة أعدائه ولفئة إستفادت من الفترة السابقة وتعاملت مع شعبها كبقرة حلوب، وهي غير مستعدة اليوم للتنازل عن مصالحها.
    ما اريد أن أقوله سيدي الرئيس أنني كنت ( وكثير من أبناء شعبنا) كنا لنتغاضي عن بعض الأمور لو أن ذلك يعني حصولكم على الحد الأدنى المقبول من الأماني العادلة لشعبنا، أما أن نضرب بوحدتنا الوطنية والسلم الأهلي وقوانين اللعبة الديمقراطية عرض الحائط لسواد عيون بعض التصريحات الإسرائيلية والوعود الأمريكية والأوروبية الفارغة والجوفاء فهذا أمر غير مقبول. وعليه سيدي الرئيس فإنني لا أوافق على تحولكم من رئيس للسلطة الفلسطينية، رئيس لكل الشعب بكافة تياراته وقواه إلى رئيس معارضة تحاول فرض شروطها التفصيلية على حكومة الوحدة الوطنية. كما أرى من واجبي أن أنبهكم بأن تصريحكم بإجراء انتخابات مبكرة، إذ يشكل خرقاً للقانون الأساسي، فهو غير ديمقراطي وخارج ولاية رئيس السلطة الفلسطينية.

    السيد الرئيس،
    كمشرّع بادر ودافع ورفض مع غيره من الزملاء النواب رفضاً قاطعاً وجود نص في الدستور يخول رئيس السلطة حل المجلس التشريعي – حتى في حالة الإعلان عن حالة الطوارئ- بهدف الحيلولة دون استغلال هكذا نص لحل المجلس تحت أي ظرف، أجد لزاماً علي الآن أن أقف هذا الموقف دفاعاً عن المجلس التشريعي كمؤسسة كما وقفت في حينه رغم أن الغالبية الساحقة من أعضاء المجلس النشريعي في حينه كانوا من حركة فتح أو من أنصارها (حزب السلطة)

    السيد الرئيس
    اسمح لي أن أحيلكم لتصريحات رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار عيسى أبو شرار في أكثر من مناسبة للرد على اقتراحكم بالرجوع إلى القضاء للبت في صلاحيتكم الرئاسية بالدعوة لانتخابات مبكرة. إن تصريحاته قبل توليه هذا المنصب لم تشكك فحسب باستقلالية السلطة القضائية بل إنه اتهمها بالفساد ومخالفة القوانين، فهل يا ترى أصبح القضاء بعد تعيينه مستقلاً وشفافاً؟ إن أي عمل خارج القانون من أي طرف من الأطراف لن يحل الإشكاليات التي تواجه الشعب الفلسطيني. لقد عشنا تجربة الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت خمسة عشر عاماً فأكلت الأخضر واليابس ثم رجعت جميع الأطراف إلى المربع الأول.


    السيد الرئيس
    لو كنت في موقعك، لاخترت الإبقاء على المجلس التشريعي خلال الثلاث سنوات القادمة ( المدة القانونية الباقية لعمر المجلس التشريعي) لتجري بعدها انتخابات رئاسية وتشريعية وبلدية يقرر الشعب على إثرها خط توجهه بعد أن يكون قد راقب تجربة حماس في الحكم وتجربة فتح الجديدة كمعارضة.
    في هذه الأثناء وضمن صلاحياتك التي منحها لك القانون تعمل كرئيس للشعب من أجل تحقيق الإصلاح الداخلي الذي يجب أن يبدأ بدمقرطة حركة فتح بصفتك رئيسها، ومحاكمة كل من أساء إليها واستغلها لمصالحه الشخصية، وتعمل على تطوير النظام السياسي الفلسطيني بشكل يضمن فعاليته وتحقيق التوازن والتناغم بين سلطاته الثلاث وبين مؤسستي الرئاسة ومجلس الوزراء، ومن ثم تركز جهودك نحو إعادة تأهيل منظمة التحرير الفلسطينية التي تم تغييبها، لضمان تعبئة الشعب الفلسطيني برمته لصالح قضية الشعب، وهذه الجهود ستعيد للشعب الفلسطيني حيثما وجد لحمته ونسيجه الاجتماعي والأخلاقي ومثله التي عبر عنها في أوائل الانتفاضة الأولى.
    وتستطيع سيادتكم، خلال السنوات الثلاث القادمة وبواسطة المؤسسة البرلمانية التي يجب أن يتعامل معها الجميع باعتبارها إطار تمثيلي للوحدة الوطنية التي شكلها الشعب بنفسه، العمل وبالحوار على حل الاشكاليات التي تواجه النظام السياسي الفلسطيني وأهمها:
    • الاشكالية الدستورية للنظام السياسي الفلسطيني والمتمثل بوجود نظام هجين برأسين (رأس رئيس السلطة ورأس رئيس الوزراء)، بصلاحيات متداخلة ومتناقضة، رئيس سلطتها معفى من المساءلة مع انه يقوم بولاية تنفيذية. أثبت هذا النظام فشله حتى عندما كان الرأسين من حركة فتح، فكيف يمكن أن يعمل بوجود رأسين من حركتين مختلفتين
    • المواءمة بين مشروعيّ فتح وحماس الوطنيين فرغم ما يبدو من خلاف جذري بين المشروعين فإن نقاط الاتفاق أكثر من نقاط الخلاف. والاختلاف بين الحركتين في إطار هذين المشروعين الوطنيين هو اليوم حول أدوات ووسائل تحقيق هذا المشروع؛ ففتح، ممثلة بكم، تعتبر المفاوضات وحدها هي الأداة الوحيدة التي يجب ان يقتصر عليها النضال الفلسطيني لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني. وقد وافقت السلطة الفلسطينية (حركة فتح) بدون تحفظات على خارطة الطريق التي تنص فيما تنص عليه بقيام السلطة الفلسطينية بتدمير البنى التحتية للإرهاب ( أي المقاومة الفلسطينية). أما حماس، فانها ترى في المقاومة الأداة الرئيسية لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني.
    • بعث الحياة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، والعمل المشترك بين الحركتين للاتفاق على بناء مؤسسة المجلس الوطني والمركزي وبقية الدوائر، وعلى ميثاق وطني مشترك.
    • إتفاق الطرفين على تصور مشترك حول الإصلاح ومعالجة ملفات الفساد المالي والإداري والسياسي والفلتان الأمني وذيوله. وقد فشلت حركة فتح طوال الاثني عشر سنة الماضية من معالجة ملفات الفساد بالرغم من أن المجلس التشريعي الأول، بأكثريته الفتحاوية قد اقر مشروعاً للإصلاح، ولكنه فشل في متابعته وفرض تنفيذه.
    • تقرير أفضل شكل للنضال والمقاومة التي ضمنتها مواثيق حقوق الانسان وميثاق جنيف مع التوكيد على عدم المساس بالمدنيين. ومن جانب آخر اختيار وسائل النضال اللاعنفي التي تكفل مشاركة الجميع، رجالاً ونساء. وهذا لا يعني بالضرورة التخلي عن وسائل الكفاح الأخرى في حال توافقها مع المصالح الوطنية.

    مع كل الاحترام والتقدير
    عبد الجواد صالح
    3/1/2007
جاري التحميل ..
X