إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السمْت المقدسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السمْت المقدسي

    السمْت المقدسي


    لم يخلق الله البشر ليكونوا هباء منثورا بلا طعم و لا لون و لا رائحة؛ بل أودعهم خصائص تجعلهم يقاربون الملائكة طهرا، و مع درجة الانبياء أجرا إن أحسنوا؛ و بالمقابل قد يفوقون الشياطين و مردتهم و إبليسهم إن اساءوا! خلقنا الله لنتمايز بصفاتنا و أعمالنا؛ فلا نكون نسخا عن بعضنا حتى في العائلة الواحدة؛ فجعل للوراثة دورها في إكساب الصفات، و أبقى مساحة واسعة للإنسان ليعمل على صياغة و تحسين عقله و قلبه و جوارحه، و كان صحابته صلى الله عليه وسلم نجوما كما قال عنهم بعضهم يضيء لوحده كمجموعة كاملة، و بعضهم خافت الضوء و لكن في ظل تكامل المجتمع كان الساطع يعين الخافت، و يقرضه من نوره فبزغ المجتمع بكليته ليكون "خير القرون قرني" نعم هناك أوصاف متميزة متمايزة لصفوة البشر إيمانا و عملا؛ فلا يعقل أن يستوي القاعد و العامل و المتحفز و صاحب الهمة مع التنبل المتراخي! و قد وضح لنا الله هذه السمات غير مرة في ذكر الصفوة، و ليست أية صفوة، إنها صفوة نسبها إليه سبحانه فقال "و عباد الرحمن" "عبادا لنا" و جعل لهم اسما من اسمه فقال "ربيون" ثم فصل في بيان تكوينهم النفسي و السلوكي حتى الجسماني بدقة المِشية و نبرة الصوت و نوعية الكلام و صلابة الجسم و الكف عن الحرمات، حتى الأحلام و المشاريع و الدعاء بالذرية الصالحة و إمامة المتقين أوردها في هذا الشرح المتكامل لكل من أراد أن يقتدي بهداهم في الدنيا؛ لينضم إلى ركبهم في الآخرة، فكما لهم علامات معروفة في الدنيا لهم مثلها في الآخرة إذ قال تعالى: "تعرف في وجوههم نضرة النعيم" "وجوه يومئذ ناضرة" "وجوه يومئذ مسفرة" و جاء في وصفهم في الحديث "غرا محجلين" و للمكان و الزمان دور في صياغة شخصية الإنسان؛ فالبيئة و المكان يؤثران، و الله جعل لبعض الأماكن فضل و بركة أكثر من غيرها فمن استقام على طريق الله من سكانها كان مستحقا لبركتها، بركة مادية و بركة معنوية واسعة قد تتعدى حتى حدود الجغرافيا المنظورة؛ فمحمد صلى الله عليه و سلم غادر مكة، و ظلت مكة مستقرة في وجدانه راسخة في كيانه بكل فيوضها و تجلياتها الربانية. و الأمر ذاته ينطبق على القدس؛ فالمكان باسمه منتسب إلى اسم الله القدوس، و من نهل و اغترف و أحصى و عمل استحق لقب المقدسي في موازين الانتساب إلى الله. لا يختلف بعض المسلمين المتواكلين المتخاذلين عن غيرهم من اتباع الديانات الأخرى؛ فهم ينتظرون مخلصا عمريا أو زنكيا أو صلاحيا أو عثمانيا ليقوم بالدور عنهم؛ ليقطفوا هم ثمار النصر و ما يدرون أن الأمر تكليف فردي خاص بذات كل منا؛ ليكون ما يستطيعه، و الاستطاعة مفهوم متمدد بالإيمان و الإرادة، من عمر أو صلاح الذين لم يكونا بدعة لوحدهما؛ بل كانا أبناء ثقافة و جيل قام كل شخوصه آباء و أمهات و معلمين و قادة بدوره على أكمل وجه حتى استطاعوا أن يقدموا النماذج؛ و لذا أحسن من وجه الناس فقال "لقد عادت القدس بصلاح الدين فأصلحوا دينكم يا مسلمين" لقد كان للمحررين المقدسيين سمات و صفات حتى في ضحكتهم؛ فورد عن صلاح الدين إحجامه عن الابتسام حتى تحررت القدس، كان الهم بها يملك عليه كل مشاعره، كل عضلة في جسمه، فلم تنبسط عضلات فمه و الأقصى يئن في الأسر، كان يعاني من حكة لم تكن تهدأ إلا بركوب الفرس، قيامه لليل كان إعدادا لغايته في تحقيق النصر، زواجه كان لتوحيد الشام و مصر لأجل القدس، كله من ألف حياته إلى يائها ظاهرا و باطنا كان مرتبطا بقبلة و راية واحدة، يممت شطر بيت المقدس؛ فاستحق أن يُعرف بها و تعرف به. و الله لم يقصر الفضل على الأوائل فقط؛ فجعل للمتأخرين اللبنة الأخيرة و القول الفصل و الرفع النهائي لراية النصر و هم لهم تكوينهم أيضا، تكوين مستمر بفعل المضارعة في ظروف صعبة و تحديات جلل، و لكنهم أهلها فجاء في الحديث"لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم؛ إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك.قالوا: يا رسول الله! وأين هم؟قال: «ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس" الصفات مفصل فيها و مبثوثة للجميع، و لكن التحقيق اصطفاء من الله بعلمه الصدق و الإقدام في قلوب عباده؛ فالتحقيق يسير باتجاهين إرادة الله و إرادة العبد و عمله، و هذه القضية دون غيرها تنفي الخبثاء و الخبث؛ فلا يخدمها إلا بعث الله، و لا يحررها إلا جنده. انظروا في أشكال و أخلاق الخُلّص من العاملين للقدس و ستجدون أن لهم سمتا خاصا يليق بمدينة الجلال و البركة و اقرؤا الإسراء؛ ففيها تفصيل الإجمال.
    د. ديمة طارق طهبوب

  • #2
    رد: السمْت المقدسي

    يسلموا كتير

    تعليق

    جاري التحميل ..
    X