إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بين بر الوالدين ورضا الوالدين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بين بر الوالدين ورضا الوالدين

    بين بر الوالدين ورضا الوالدين




    بر الوالدين، رضا الوالدين، العقوق

    بر الوالدين شيء، ورضاهم شيء آخر، وربما اتفقا وتناغما، وربما اختلفا وتعارضا
    البر فكرة وشعور وسلوك، وهو (كما يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم) = حسن الخلق. ويعرّفه العلماء بأنه لفظ جامع لخيري الدنيا والآخرة؛ وهو حسن المعاملة والمعاشرة والإحسان إلى الآخرين بأداء الحقوق (وفي حالة الوالدين: طاعتهما في أغراضهما في الأمور المندوبة والمباحة، لا في الواجبات والمعاصي) بغير عوض مطلوب.
    والبر هو أداء الأمر إلى من أبرّه/أبرّهم كما أمر به الله جل في علاه، فهو حسن الخلق في ميزان الخالق، وربما عارض هذا شهوة في النفس عارضة أو غامرة. هذا هو البر، وهو في حق الوالدين أول ما يكون في الإسلام (بعد أركانه الخمسة).
    والبرّ ضد العقوق. والعقوق (كما في اللغة) القطع؛ وأما في الاصطلاح، فهو: كل ما يتأذى به (وليس منه) الوالدان.
    لافتة: الوالدان هما الأب والأم من نسب أو رضاع، مسلمين أو غير مسلمين، ومن علا من الجهتين: الأجداد والجدات.

    سؤال: ما الفرق بين يتأذى (به) أو يتأذى (منه) ؟!
    جواب: الفرق كبير، جد كبير، بين أن أسلك سلوكا أقصد (به) الأذى، أو على الأقل، يكون هو في ذاته أداة أذى للوالدين، علمت ذلك أو جهلته؛ وبين أن أسلك سلوكا أقصد (به) برّهما وطلب رضاهما، ولكنهما يتأذيان (منه) !!!
    في القرآن: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما، وقل لهما قولا كريما).
    وفي القرآن: (ووصينا الإنسان بوالديه حسناً).

    وفي الحديث: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور).
    وفي الحديث أيضا: (ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث).
    وفي الحديث: (لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر).
    وفي الحديث: (رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه)، قيل: من يا رسول الله؟ قال: (من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة).
    وفي الحديث: (لا يدخل الجنة قاطع)، وفي رواية (قاطع رحم).
    وفي الحديث: (ثلاث دعوات مستجابات لهن، لا شك فيهن، دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالدين على ولديهما).

    والحديث عما تحدث فيه علماء الأمة من خطورة (العقوق) يطول، ويخيف.

    ومن صور العقوق: التأخر في إيصال الخير المؤمل من الوالدين (ومنه: التأخر عن التواصل معهما كما يحبون أو التحدث إليهما بما يحبون؛ تقديم الآخرين عليهم؛ وغيرها)؛ التسبب في الأذى (بقصد أو بدون قصد) بالجوارح واللسان (السب والشتم والكذب والغيبة والكبر وتصعير الخد) وتقديم المباحات والمستحبات على ما يحبون وغير هذا.
    وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (بكاء الوالدين من العقوق والكبائر).
    وروي أن الحسن البصري سئل: إلى ما ينتهي العقوق؟ قال: (أن يحرمهما، يهجرهما، ويحد النظر إليهما).
    وروي عن عطاء بن أبي رباح: (لا ينبغي لك أن ترفع يديك على والديك).
    وروي عن عروة بن الزبير: (لا تمتنع من شيء أحباه).


    والسؤال هنا: إذا كان العقوق بهذا السوء، فما الذي يدفع البعض للعقوق ؟!
    جواب: الجهل والكبر. أما الجهل، فإما جهل الآباء وإما جهل الأبناء؛ أما جهل الآباء، فهو الجهل بحقوق الزوج/الزوجة (الأب/الأم) مما يتسبب في نزوع الأبناء / البنات إلى الطرف (المظلوم) والنفور من الطرف (الظالم)؛ والجهل بالتربية الشرعية وحقوق الأبناء، مما يؤدي إلى الظلم في النفقة أو الرعاية والوقوع في عدم العدل بين الأبناء، وغير ذلك؛ وأما جهل الأبناء، فهو الجهل بحق الوالدين وقدرهما وثواب البر وعقاب العقوق. أما الكبر، فيجتمع فيه الاثنان، الآباء والأمهات من جهة، والأبناء والبنات من جهة أخرى؛ فربما علم الأهل أنهم على خطأ، ولكنهما قد يصران على الخطأ ويكابر على هذا؛ وربما علم الأبناء والبنات أنهم على خطأ، ولكنهم يتمردون على الحق، وربما ساعدهم في هذا الإعلام والفراغ والصحبة السيئة.
    وفي الحديث: جاء بشير بن سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليهب لابنه النعمان، قال له: (أكل بنيك منحت هكذا؟) قال: لا؛ قال: (لا تشهدني على جور، أشهد على هذا غيري، ألا تحب أن يكونوا لك في البر سواء؟).
    وفي الحديث: (أعينوا أولادكم على البر، من شاء استخرج العقوق من ولده).
    وفي الحديث: (كان جريج يتعبد في صومعة، فجعلت أمه تدعوه فقالت: أنا أمك كلمني؛ فصادفته يصلي، فقال: اللهم أمي وصلاتي؛ فاختار صلاته، فرجعت ثم عادت في الثانية، فقالت: يا جريج أنا أمك فكلمني؛ فقال: اللهم أمي وصلاتي؛ فاختار صلاته، فقالت: اللهم إن هذا جريج وهو ابني، وإني كلمته فأبى أن يكلمني، اللهم فلا تمته حتى يرى المومسات؛ قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن، قال: وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره، قال: فخرجت امرأة من القرية فوقع عليها الراعي، فحملت فولدت غلاماً، فقيل لها: ما هذا؟ قالت: من صاحب هذا الدير؛ قال: فجاءوا بفؤوسهم ومساحيهم، فنادوه فصادفوه يصلي، فلم يكلمهم، قال: فأخذوا يهدمون دَيْره، فلما رأى ذلك نزل إليهم، فقالوا له: سل هذه؛ قال: فتبسم، ثم مسح رأس الصبي، فقال: من أبوك؟ قال: أبي راعي الضأن؛ فلما سمعوا ذلك منه قالوا: نبني لك ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة؛ قال: لا، ولكن أعيدوه تراباً كما كان؛ ثم علاه).

    هذا كله في العقوق، وربما كان من الجيد أن نسأل هنا: ما هي حدود البر ؟! وما هي حدود العقوق ؟!
    المتفق عليه عند العلماء أن الطاعة تكون في فعل المباح والمندوب (الواجب أو المفروض)؛ وأن المعصية تكون في فعل الحرام وترك الواجب.
    ولكن الاختلاف عند العلماء يظهر فيما يلي: الشبهات أو الأمور البين-بين.
    فقد روي عن رسول الله صلة الله عليه وسلم أنه أبطل زواجا كان الأب قد أكره ابنته عليه.
    وقد روي أن أحمد بن حنبل سئل: هل للوالدين طاعة في الشبهة؟ قال: في مثل الأكل؟ فقيل: نعم؛ قال: (ما أحب أن يقيم معهما عليها، وما أحب أن يعصيهما، يداريهما، ولا ينبغي للرجل أن يقيم على الشبهة مع والديه).
    وقد روي أن أحمد بن حنبل سئل عن طاعة الوالدين في الشبهة فقال: (أحب أن تعفيني، أخاف أن يكون الذي يدخل عليه أشد مما يأتي؛ ما أحسن أن يداريهم).
    وروي عن بشر بن الحارث أنه سئل عن الشبهة، فقال: (لا تدخلني بينك وبين والديك).
    هذا كله فيما يتعلق بالبر والعقوق؛ بقي لنا أن نتحدث قليلا عن الرضا.
    أما الرضا فهو فكرة وشعور وسلوك صادر من الآخرين (الوالدين في هذه الحالة) بحيث يحمل رسالة إلى (المرضي عته/عليه) بأنك (مقبول/مقبولة) أو (بررت).
    والرضا شعور غامر بالطمأنينة والسعادة والاكتفاء من أمر / شخص ما.
    وربما اتفق الرضا مع البر، وربما اختلفا !!!
    ومن هنا، فإن هناك شعرة فارقة ربما أحدثت مشكلة في التعامل مع الوالدين، ذلك أن البر قد لا يقود إلى الرضا حتما، فكم من أبناء بارّين وبنات بارّات أيما برّ، إلا إن الوالدين قد لا يجودا بهذا الرضا، هكذا فقط، لأن تعريف (البر) لديهم قد يختلف عن تعريف الابن/الابنة.
    فربما كان رضا الوالدين (أو أحدهما) مرتبط ارتباطا شرطيا بما ليس برّا، فكم من آباء وأمهات ربطا علّقا (الرضا) بفعل لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وكم من آباء وأمهات (لأسباب كثيرة متعلقة بطريقة التربية في الصغر أو صعوبة الحياة أو المادية البهيمية أو غيرها) ظنوا أن البر لا يكون إلا بتعذيب الابن / الابنة للنفس !!! وهو ما لا يقبله شرع ولا عقل.
    ولهذا، فلقد اعتدت أن أقول لبعض من يستشيرونني من الأبناء والبنات ويشتكون غضب الآباء والأمهات (أبي يهددني بأنه سيغضب علي، أمي تدعو عليّ بالغضب والسخط) مع كونهم من الذين يحرصون على البر حقيقة وليسوا يخادعون أنفسهم أو يتبعون هوى (وهذا بعد أن أتحرى الأمر بنفسي) = اطمئنوا، فمثل هذا (الدعاء) لا يبلغ سقف البيت! وكنت أظن أن في هذا مبالغة وتجاوزا لقدري .
    في القول بالشرع بغير علم وقفو ما ليس لي بعلم، فتحققت من عدد من أهل العلم، فوافقوني (وهم يضحكون).

    أقول: بعض الآباء والأمهات يمارسون ما أسميه (الابتزاز العاطفي/الشرعي) بتهديد الأبناء بالسلاح الثقيل (منع الرضا أو الدعاء بالغضب)؛ وهذا مما لا يليق بمن يعرفون الله ويقدرونه حق قدره، وكأنهم يقولون (وأعوذ بالله من هذا، وسبحانه جل في علاه): نحن نوجه الله حيث نشاء؛ والله يأتمر بأمرنا !!! وهذا فهم سقيم. يقول الله: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) !!!
    والأعجب من ذلك، أن يكون هؤلاء الآباء والأمهات في حقيقة أنفسهم وعمقها = راضين عن أبنائهم وبناتهم، لكنهم يمتنعون عن التعبير عن هذا (الرضا)، بل إنهم ربما أظهروا تماما عكس ما يبطنون !!!
    وأسباب هذا كثيرة، ربما من أهمها: النشأة الجافة، التربية الشرقية، سوء تقدير النفس والقدرة عن التعبير عنها بصدق ووضوح، الخوف (الجاهل) من خسارتهم لذلك الابن أو تلك الابنة إذا أعلموهم بتميزهم لديهم أو رضاهم عنهم، وغير ذلك.
    إذن، البر قد لا يعود علينا (ظاهرا) بالرضا المرجو والمؤمل. فما العمل إذن ؟!

    المهم أن يكون واضحا لدينا مفهوم كل من البر والرضا والعقوق.
    البرّ هو تحرّي الحق والخير والأجر في كل ما أفعله من فعل أو أسلكه من سلوك مع الآخرين عموما، والوالدين خصوصا. ومن هنا، فإنني أعتق البرّ من الرضا حتى يتحرر من كل شيء إلا الله ورضاه، ثم يأتي بعد ذلك رضا الوالدين (وربما لم يأت).
    وهذا (البرّ) يتطلب [فقه النفس] وتقديرها وتخليتها وتفريغها، كما يتطلب مني أن أكون (خالي النفس) على الأقل، وليس في نفسي شيئا على الوالدين، وإلا كانت النتيجة = البرّ المزيف، أو العقوق المقنع، وهو أمر لا نقبله للنفس ولا للوالدين.
    وأي تربية طيبة تلك التي يزعمها آباء وأمهات يدفعون أبناءهم وبناتهم للكبت والغيظ وحمل الكثير من المشاعر السالبة في أنفسهم ؟! وأي حياة سعيدة تلك التي يعيشها والدان مع ابن كاره أو ابنة حانقة ؟! وأي أب أو أم نعدّ للمستقبل ونحن نجعل من النفوس سراديب مستودع فيها الآلام والذكريات السالبة ؟!

    أسأل الله أن يمتعنا بآبائنا وأمهاتنا وأن يمتعهم بنا، وأن يعيننا على البر بهم وأن يعينهم على فهمنا واستيعابنا.
    عبدالرحمن ذاكر الهاشمي
    طبيب واستشاري العلاج النفسي والتربوي

    https://app.box.com/s/0gfrbtrue2yznelfvkhn
    التعديل الأخير تم بواسطة مسك الأقصى; 5/12/2014, 06:54 AM.

  • #2
    رد: بين بر الوالدين ورضا الوالدين

    جزاكم الله كل خير على هذا الكلام الطيب

    تعليق


    • #3
      رد: بين بر الوالدين ورضا الوالدين

      أعظم قصة في بر الوالدين| شاب يبر أمه المجنونة|عبرة وموعظة



      https://www.youtube.com/watch?v=828l6GkCq8U


      تعليق

      جاري التحميل ..
      X