إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مشكلة حديث "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مشكلة حديث "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"


    يا شيخ مشكلة حديث "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"
    اننا نجد ان المرأة نجحت في العصر الحالي وافلح قومها ، هل من جواب ؟

    سأتكلم عن الموضوع بأقصى ماأستطيعه من التبسيط لأنه موضوع عميق جداً ومرتبط بأمور كبيرة ولها تفصيليات عميقة ؛ لكن أرجو ممن يريد أن يقرأ ألا يحكم إلا بعد قراءة ماكتبته بالكامل.وستكون الإجابة طويلة لذلك قد لاتكفيها مساحة واحدة بل في مساحة إجابة ثانية..وكالعادة سأضع نقاط تفصل كل عنصر عن الآخر:
    أولاً: بالنسبة لثبوت الحديث فلاشك في صحته وثبوته فقد وجدت أكثر من عشرين رواية في كتب الحديث، من بينها صحيح البخاري بسند ثابت،،
    طبعاً تلامذة الإستشراق والدخلاء على العلم الشرعي دائماً مايحبون تأويل الصريح من القرآن وإنكار الصحيح من السنة استجلاب لرضا الغرب ورغبة في مسح الجوخ وأن يقربهم إليه ويقول : أنتم أنتم ، كما يقول ابليس لأتباعه.. ولن ترضى عن اليهود ولاالنصارى بنسف حديث أو آية بل باتباع ملتهم فما بالك بالملاحدة.
    ثانياً: اشكالية العقلية العربي دائماً تكمن في وعيه بالواقع الذي يعيشه واصراره على استجلاب تفاصيل واقع القرون الوسطى على الحالة الراهنة للعالم..!
    لذلك تجده سواءاً الإسلامي أو العلماني يريد فهم النص منقطعاً عن سياقاته وفرض معطياته على الواقع ومن ثَم إثباته في حال كونه اسلامي أو نقده ونفيه في حال كونه علماني..!هذه المقدمة مهمة لما سيأتي..
    ثالثاً: لن أتكلم عن الاتجاهات في فهم الحديث وعن الخلافات والتفصيلات وأفند كل رأي ومن قال به ومن ناقشه ..الخ ، بل سأتكلم عن الرأي الذي أراه فيه سارداً مجمل الأدلة من غير تفصيل مراعاة لحال من سيقرأ بحكم أن الأغلب غير متخصصين في العلم الشرعي..
    رابعاً: لننظر لمتن الحديث أولاً :في رواية البخاري،،عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
    ( لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رسول الله ﷺ أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ . قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً).
    ومن الروايات للمتن أيضاً:
    _عندالطيالسي وأحمد {لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة}.
    _وعند البيهقي،،{لن يفلح قوم ملكوا أمرهم امرأة}
    _وعند الحاكم وأحمد،،{لن يفلح قوم تملكهم امرأة}..
    والروايات الأخرى ترجع لهذه الروايات في مجملها..
    خامساً: المعنى التفصيلي لألفاظ الحديث:_لن: حرف نفي للاستقبال ،، بمعنى أن النفي قائم للمستقبل وليس لحقبة معينة كما يريد البعض تصويره.._يفلح: الفلاح المقصود به الفلاح السياسي بالدرجة الأولى لأن السياق كان حول الدولة الفارسية التي لم يصل الإسلام إليها في ذلك الحين.. وفي الإسلام السياسة لحراسة الدين والدنيا لذلك الفلاح يصل للدين أيضاً.._قوم: وهنا نكرة في سياق النفي ؛ لذلك هي تدل على العموم ، في أي قوم وأي دولة ينطبق عليها الحديث..بحسب القاعدة المعروفة عند أهل العلم._ولّوا : هنا الكلام ، مامعنى الولاية؟
    نرى أن العلماء بحسب النصوص عرفوا الولاية بصياغات مختلفة أشملها وأجمعها أن الولاية :
    هي سلطة شرعية تمكن صاحبها من التصرف الصحيح النافذ لنفسه أو لغيره جبراً أو اختياراً.
    لاحظ (جبراً) هذه لها دلالة سنعرفها بعد قليل.._أمرهم: والمقصود هنا الأمر العام وهو بالمعنى الشرعي الإمامة العظمى وهي كما يعرفها الإمام الطحاوي :رياسة عامة لحفظ مصالح الناس ديناً ودنيا وزرجرهم عما يضرهم.
    لاحظ (زجرهم). وهذه لها دلالة أيضاً سنأتي عليها.._امرأة: واحدة متفردة بالقرار ومتفردة برياسة الدولة وتزجر وتجبر على قراراتها.!

    سادساً: قبل أن ندلف للمعنى الواقعي للحديث تجذبنا القصة التي وردت في القرآن عن ملكة سبأ والتي عُرفت باسم (بلقيس) حيث قال الله تعالى عنها على لسان هدهد سليمان:{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} وسنلاحظ هنا المدح للمرأة في الملك حيث تم وصفها بأنها (أوتيت من كل شيء) واللفظ عام سواءاً كان هذا الشيء مادي أم معنوي.. ولها عرش عظيم.. ثم استمرت القصة كما في سورة النمل إلا أن بلقيس مع ماأوتيت لم تتعامل سياسياً بما يتوائم مع مصالح قومها السياسية ، وتعاملت بانحناء واضح فقد استدرت عطفه في البداية برشوة على شكل هدية ثم أمرها بالمجيء :
    {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ،،قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}
    فكلمات سليمان تدل على استذلال سياسي لها ومع أنه مبرر إلا أنّ موقفها السياسي كما جاء في القرآن في غاية الضعف بالنسبة لقومها مع أنه تكلل بالفلاح الديني لا السياسي في الأخير..
    إضافة إلى أن هذه الواقعة كانت تاريخية
    وهذه القصة تعطينا أمر وهو أن الدين لم يُنقِص من حال المرأة كفرد فقد ذكر أنه قد تُأتى المرأة من كل شيء ومن ضمنه القدرة العقلية والإدارية،، وقد تكون مستعدة للقيادة العامة أيضاً،، هذه لفتة يجب أن نضعها في الحسبان حين الحكم على الحديث..سابعاً: إذن مالمراد بالحديث ؟
    وهل مانشاهده الآن من فلاح للدول التي تحكمها النساء في الغرب يخالف الحديث؟
    هل يصح أن النبي ﷺ المعصوم عن الخطأ يخطئ؟هذا الذي أتعجب منه فعلاً..مادخل الحديث بالواقع الحالي..الحديث يتكلم عن فلسفة : ١_سياسية،، ٢_واجتماعية،، معينة..١_ سياسية: الفلسفة السائدة في عصر النبوة وماسبقه من عصور أن الدولة هي:
    أ: إما أوتوقراطية وهي أن تكون السلطة السياسية بيد شخص واحد بالتعيين لا بالانتخاب. وتتركز كل السلطات تحت يده.ب: وإما ثيوقراطية: تعني حكم الكهنة أو الحكومة الدينية او الحكم الديني .ج: وإما ملكية مطلقة تكون الحكم فيها بالتوريث ويتسلم الملك أو الملكة أيضاً جميع السلطات. ونادراً مايخرج الحكم عن هذه الأشكال الثلاثة أو الدمج بينها في ضمن حقب معينة..
    ولذلك وجدنا أن الحديث قال (ولّوا) وقال (ملّكوا) فالأمر منوط بهذه الفلسفة المتعلقة بالتمليك والولاية بالمعنى المعروف والمتداول عند الفقهاء..٢_الإجتماعية : الفلسفة الإجتماعية السائدة في التاريخ قبل الإسلام والواقع المعاصر للوقت الذي خرج به الحديث يقول أن المرأة كانت ممتهنة اجتماعياً ، فالرجال كانوا يأنفون في الغالب من ولادة الأنثى ويحتقرونها في الأعمال ويوكلون إليها الأعمال التي يستكبرون عنها.. وهذه الثقافة كانت سائدة جتى في عصور الانفتاح الروماني واليوناني والفرعوني والساساني الذي ورد في حقه هذا الحديث وبالطبع في الواقع العربي الذي كانت البنت تدفن حية في وقته..
    ومع أن الإسلام كان قائماً إلا أن النعرة الذكورية عند العرب لم تذهب بعد ولم تذهب حتى الآن.. فلو حكمت في هذا الواقع المرأة بوراثة أو بتأييد من فئة أوصلتها للحكم ،ستكون مع الشعب أحد اثنين :
    إما قامعة بالقوة حتى يخضع الرجل الذي لايراها أهلاً لحكمه، وهنا لن يكون الفلاح متحققاً لأن الاستبداد بوار وخسران وليس فلاحاً،
    وإما مراعية للشعب وتبحث عن مصالحه وهنا سيعتبرها الرجل بنظرته الفوقية نوع ضعف وتبدأ القلاقل في المجتمع والمطامع وهذا ماحدث في تاريخنا حين حكمت شجرة الدر فعلياً..


    لذلك في أي مجتمع من عهد النبي ﷺ وحتى يوم القيامة تكون ذات الفلسفة السياسية والاجتماعية هي السائدة لايمكن بحال من الأحوال أن تفلح المرأة في قيادة الدولة في ظل الضغوط الكثيرة والقاهرة لها،، وهذا مالم يحدث الآن في الغرب..الفلسفة السياسية اختلفت تماماً وأصبحت السلطة ليست في يد فرد أبداً له الولاية جبراً على الشعب..
    ففي العرف السياسي الحالي لاتستطيع أنجيلا ميركل(المستشارة الألمانية) مثلاً أن تنفذ قراراً فيه اجبار للشعب الألماني من غير اقناع المجلس الأعلى (البوندسرات) ، المجلس الأدنى (البوندستاغ) ، بل حتى اقناع الحزب الذي ترأسه (الاتحاد الديمقراطي المسيحي) بالإضافة لاقناع عشرات المستشارين وتحاوز تقارير المؤسسات المدنية التي هي الحاكم بالفعل..!!
    ونجاح (ميركل) معتمد على نجاح حزبها في تنفيذه للوعود الانتخابية وسيطرته الإدراية على الحكم.. فهي تشترك مع المئات من الأشخاص في إدراة الأقاليم الفيدرالية التي ترأسها..متى نعي أن هذا لايقع علينا؟
    لو حكمت ميركل أقوى _امرأة في العالم بحسب التصنيفات _ اليمن لقام شيوخ القبائل باغتيالها اليوم التالي .. ولربما قامت انتفاضة أقوى بكثير من انتفاضتهم ضد علي عبدالله صالح..ولن يكون في وسعها إلا الاستبداد..!
    ولو أرادت أن تكون ملكة هنا في السعودية لرفض ذلك من يكرمون السامع حين ذكر الأنثى لن تستمر طويلاً إلا أن تفعل كما تفعل في اليمن..الأمر النبوي موافق للحالة العربية لأنها تقنياً وذهنياً تعيش في القرون الوسطى ..
    ولكنه مخالف للحالة الغربية التي أبدعت فلسفة سياسية تضمن للمرأة ذات حق الرجل سياسياً واجتماعياً فأضحت المرأة تتمتع بمكانة قريبة من حالة الرجل..نحن نستخدم مع هذا الحديث نفس مشكلتنا مع القهوة العربية حين حرمها الفقهاء لما جاءت إلينا لأن القهوة لغة تعني الخمر..!
    لم يفرق الفقهاء حينها بين الاسم والمسمى،،
    ونحن كذلك لم نفرق بين الاسم والمسمى بين الحاكم الأوروبي والحاكم العربي وإن ادعى العربي الديمقراطية الأوروبية..هذا الحديث يتكلم عن حالة ونحن نقيسه على حالة أخرى..ولن أدخل في تفصيليات الحكم الإسلامي المستقبلي وهل المرأة تصلح له أم لا؟ لأن هذا الحكم حتى الآن غير متصور ويعيش في حالة من الضبابية عند أتباعه ..



    عبدالكريم الدخين

جاري التحميل ..
X