كيف يستقبل المسلم شهر رمضان
وأيصاً نستقبل رمضان بعقد النية الصالحة على صلاح القول والعمل،ولتكن من بداية الشهر المبارك، فيعزم المسلم بينه وبين الله تعالى على المسير إلى الله والتقرب إليه بطاعة وذكره، وحسن عبادته، فكم من أناس أدركوا شهر رمضان فصاموا يوماً أو يومين، ولكن ادركتهم المنية قبل بلوغ آخره فأعطاهم الله الأجر كاملاً، لأنَّهم كانوا يطمحون ويطمعون في فعل المزيد من الطاعات.
والذي يساعد على عقد النية الصالحة استشعار الفضل العظيم والأجر الكبير المترتب على الصيام، لأنَّ تجديد النية أمر مهم، فبعض الناس تعوَّد على الصيام، ولم يستشعر الاجر والثواب المترتِّب على الصيام، ففي الصحيحين أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانا ً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". أخي لابد من أن نستقبل رمضان بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى،والاعتراف بالذنب، فإذا كانت البداية مع الله توبة نصوحاً تطهرت الروح، وتزكى القلب، فتسقط الدموع، وينجلي الخشوع، فيصحو القلب الغافل من نسيانه، ويسبح بحمد ربه ويستغفره، ويتوب إليه، فيستشعر المسلم بشريات القبول قد بدت تلوح في الآفاق، علينا إخوتي أن نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات والتحلل من جميع الذنوب, والإقلاع عنها، ووالعزو الصادق بعدم العودة إليها, فهو شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى يتوب يا عباد الله؟ إنَّ استقبال رمضان يتطلب منَّا أن نصفي قلوبنا من علائق الدنياوشهواتها، ونقبل على عبادة الله تعالى بحب وإخبات حتى يشرح الله صدرورنا للإسلام والإيمان، قال تعالى:"أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" سورة الزمر:22. ومن تصفية القلب: الصدق أولاً مع الله تعالى، ثمَّ الصدق مع النفس والصدق مع الناس، وحب الخير للجميع،والبعد عن أمراض القلوب من غل وحقد وحسد، وكبر، وغيبة ونميمة، وغش وغيرها،فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "كُلّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ. فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ". رواه ابن ماجة. نستقبل رمضان بمجاهدة النفس من الشيطان والهوى والشهوات والشبهات، والإقبال بجد واجتهاد وإخلاص وإتقان على الصوم والصلاة وقراء القرآن، وقيام الليل، والصدقة، لأن عزَّة المسلم وشرفه في تلك المجاهدة، ولابد من عقد العزم الصادق على اغتنامه، وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه، وأعانه على الطاعة، ويسر له سبل الخير، قال الله تعالىفلو صدقوا الله لكان خيراً لهم) محمد: 21. وهذه جارية تعلم أسيادها كيف يستعدُّون لرمضان: فقد روي أن قوماً من السلف باعوا جارية، فلما اقترب شهر رمضان عند من اشتراها، رأتهم يتأهبون له، ويستعدون بالأطعمة وغيرها، فسألتهم عن سبب ذلك؟ فقالوا: نتهيأ لصيام رمضان، فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان! لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، ردوني عليهم .
تعليق