[align=justify]
حسين حجازي- الايام/ السبت 9/12/2006
"كل بيت ينقسم على نفسه مآله الخراب":
وصلنا إلى الطريق الـمسدودة في أمر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لأننا لسنا على قلب رجل واحد، فكرة خلاصية جامعة، ولأننا منقسمون حقاً حول هذه الرؤية الـمصيرية، "إن البيت الـمنقسم على نفسه مآله الخراب". هكذا يقول الـمخلص، عيسى ابن مريم، وهذا الانقسام في البيت اللبناني، والفلسطيني، إن لـم يجد حلاً لتناقضاته في الفكرة الاعتدالية التي قوامها حكومة الوحدة الوطنية، على قاعدة من التوازن الحقيقي بين أركان هذين البيتين، فإن الـمصير سيبدو غامضاً من هنا.
أشعلوا شمعة واحدة بدل أن تلعنوا الحصار:
"أضيئوا شمعة بدل أن تلعنوا الظلام". هكذا فكّرت حين رأيت إلى الـمسألة، إنما كان حرياً بالرئيس الذي هو الأب، الذي لـم يتوقف عن السفر طوال هذا الحصار، أن يتحصّل لنا من دولة ما، أي دولة على رواتب الـمعلـمين، والصحة، الذين يتجاوز عددهم نصف أعداد قطاع الـموظفين، وكان يمكن عندئذٍ تخفيف الـمعاناة عن باقي الـموظفين؟ هل كان يلزم أن ننتظر الزيارة الأولى، السفرة الأولى، لرئيس الحكومة الـمحاصرة، حتى يحقق هذه الأعجوبة؟شخصياً، اعتبر أن نجاح إسماعيل هنية في جلب رواتب الـمعلـمين والصحة من قطر، أهم من الـمفاوضات العقيمة على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، إذا كان الأمر يتعلق في هذه الحوارات الأخيرة، برؤية البعض كيف يشلح حركة "حماس" فوزها الأخير في الانتخابات، بطريقة أخرى.
هذا البحث كله من قبيل الهراء، وكنت أتمنى منذ البداية، أن يعمل الرئيس نفسه، بل و"فتح" نفسها على تأمين الرواتب لعموم الـموظفين، بدل القيام بلعن الحصار، وظهور الرئيس أمام الشعب الفلسطيني، بوصفه هو أبو الشعب الفلسطيني الـمسؤول عنه، بصرف النظر عن حكومته وأن تقول "فتح" أمام الأشهاد، ها إننا نحن الأمناء على وظائفكم، وقوتكم، وقد وظفناكم نحن، وليس الخلاف مع "حماس"، وحكومتها، إلا على الوسيلة الفضلى التي نراها تخدم تحقيق أهداف شعبنا.
عند هذه اللحظة، كان يمكن لـ "فتح" والرئيس أن يكسبا عطف الشعب، وثقته، لأنه يجب التمييز بين تأمين الأرزاق للشعب، والـموظفين، وبين الخلاف على البرامج السياسية والتكتيكات.
لكن الواقع، أن حكومة "حماس" هي التي تقترب من النجاح في تقليع شوكها وحدها، وإذ يسجل رئيس الحكومة أنه حصل على هذا الكم من الـمساعدات من دولة واحدة، هي قطر، وتسارع أميركا إلى تهديد قطر بعدم تحويل تعهدها بدفع الرواتب للـمعلـمين وقطاع الصحة، دون أن تعلي "فتح" والرئيس صوتيهما ضد هذا التدخل الوقح، والـمسارعة إلى تجنيد حملة دولية إعلامية ودبلوماسية ضد الـموقف الأميركي، فإن الشعب يعرف عندئذٍ كيف يميز بين الصواب والخطأ.
إن عدونا الرئيسي في الحرب التي تشنها علينا إسرائيل بلا هوادة، حتى كلّت قدرتها أخيراً، هي أميركا، فـ "أميركا هي الطاعون والطاعون أميركا"، كما قال شاعرنا منذ زمن، وهي اليوم، أميركا الفاشلة، والـمهزومة في الشرق الأوسط، من تصارع بيأس للابقاء على حصارنا، كما الابقاء على حكومتها الساقطة في لبنان.
ليذهبوا إلى الجحيم، هؤلاء القتلة ومحاصرو الشعوب، قاطعو الرواتب عنا، أولئك الحمقى، الذين صورت لهم معتقداتهم الخرافية، أن قتل الشعب الفلسطيني في تلك الـمذابح اليومية التي كانت ترتكبها إسرائيل، إنما هو الـمشيئة الإلهية. ألـم تصُل وتجُل إدارة بوش خلال السنوات الست الـماضية، لتأديب الشرق الأوسط ككل، ونظرت بازدراء لـمذابحنا؟ وإلا ماذا كان يعني القول في كل مرّة، على مرأى من أشلاء الأطفال الفلسطينيين، "إن إسرائيل تمارس حق الدفاع عن النفس"؟!
فهل نتوافق مع هؤلاء وقد خسروا وبدأوا يجرّون أذيال هزيمتهم في هذا الشرق لكي نعطيهم الذخيرة مرة أخرى لقتلنا؟
ويتضح الآن، أنهم هم من ينشدون مساعدة إيران وسورية لإخراجهم من الوحل. فلـماذا لا نمارس سياسة قويمة، متحدة، وقوية، لنجعلهم هذه الـمرة، هم من ينشدون مساعدتنا، بدل أن نصمت على أفعالهم، ونحاول إعادة حفّ أقدامنا لكي تتلاءم وقياس حذائهم، حذاء السيدة رايس؟
علينا أن نعيد قراءة الوضع أيها الإخوان، أنتم لا تقرأون هذا الوضع بصورة صحيحة، فعالـم إدارة الـمحافظين الجدد، آخذ في الانهيار، ولـم تعد أميركا هي اللاعب الأوحد، الذي يمسك بكل خيوط اللعبة. إن حكومتهم في لبنان تتهاوى، وحربهم في العراق وأفغانستان، أصبحت كارثة، ولـم يبق لهم، سوى العودة إلى ترميم تحالفاتهم القديمة، ما يسمونه معسكر الاعتدال، الذي حاولوا في لحظة ما من جنونهم حتى تحطيمه هو نفسه، باعتباره الاستبداد.
حسناً، ليطرح الرئيس أبو مازن إذاً، بورقته الخاصة، الشخصية، والرابحة على الطاولة، إذا كانت أميركا تنظر إليه الآن، بوصفه والرئيس مبارك والعاهل السعودي، والـملك عبد اللّه، القادرين على تخليصها، ليلعب الرئيس ورقته، لا الورقة الوهمية، التي يعدها له ما يسمون لجنة الخبراء في بحث الخيارات.هل الخيار الذي ينقذ الشعب الفلسطيني اليوم، هو تحدي "حماس" والانقلاب على نتائج الانتخابات، بالدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية؟ أم طرح الورقة الفلسطينية على الطاولة بقوة، بعد تقرير بيكر -هاملتون، الذي قال إنها القضية الأساس في كل مشاكل أميركا هذه الـمرة؟
لـماذا تضيعون أوقاتكم وأوقاتنا أيها السادة، في هذا العقم الفكري والسياسي، الذي لا يوصلنا إلى أية ناحية؟ وأكاد أقول هل كفت "فتح" عن القدرة على التفكير؟ وإلا من هم هؤلاء العباقرة الذين يفكرون بمثل هذه الخيارات والبدائل، من نوع، انتخابات مبكرة؟ وانتخابات لـماذا؟ هل لأن "حماس" تعرقل حقاً تشكيل حكومة وحدة وطنية؟ وإذا كان الجواب، نعم، أي لأنها تعرقل، وتماطل، وتحاول كسب الوقت.
ليكن كل ذلك، ولكن لتسألوا أنفسكم ماذا تريدون أنتم من هذه الحكومة؟ هل تريدون "العنب" أم "الناطور" أيها السادة؟ فإذا أردتم "العنب"، أي الغاية، التي هي خدمة الأهداف الوطنية، فإن مقاربة تشكيل الحكومة تختلف عندئذٍ عن الـمقاربة الأخرى، الثانية.
وما نعرفه أن "حماس" على استعداد للتوافق على وزير للخارجية، بإعطاء ما للخارج للخارج، ولكنها تصر على وزارتين، ومعها الحق في ذلك، الـمال، والداخلية، فالـمال هو أُس الفساد والسلطة معاً. وهي الحزب الحاكم الذي أعطاها الشعب هذا الحق. فإذا منحها الشعب هذا الحق، وهو أبو السلطان، فلـماذا نحرمها من هذا الحق، ألـم يكن موضوع الفساد هو الـمسألة الأولى على أجندة الرأي العام، خلال الانتخابات؟ وأنتم من أخطأتم في حق أنفسكم، حين سمح البعض لنفسه، بتلويث تجربة السلطة بهذه اللوثة، في سياق توظيف هذه القضية في الـمنافسات الداخلية، وأنا حذرتكم في حينه هنا من هذه الخطيئة القاتلة؟
فلـماذا تعطيكم "حماس" أو تعطي سواكم هذه السيطرة على الـمال، بحيث تفقد "حماس" قدرتها على السيطرة، وتتحمل في الانتخابات القادمة، وزر أي أخطاء يمكن أن تسجل ضدها؟
أما الداخلية، واسمحوا أن نقول هنا، إن حكومة "حماس" هي التي نجحت حتى الآن فيما فشلت فيه كل الحكومات السابقة في ضبط الأمن الداخلي. فالعائلات الـمتغطرسة تم تكسير أنفها، والذين يفكرون الآن، باستباحة الـممتلكات العامة، مستشفى الشفاء، أو العربدة، يحسبون ألف حساب للقوة التنفيذية، فماذا تريدون؟ تريدوننا العودة إلى الفوضى؟
ثم إن حكومة "حماس" هي التي نجحت في هذا الأمر الآخر، وهو التوصل إلى وقف إطلاق النار ووقف إطلاق الصواريخ، وهي الأقدر على ضبط الفصائل والحفاظ على تثبيت هذه التهدئة.
خذوا ما للخارج والعبوا الورقة الفلسطينية بجدارة، واتركوا ما للداخل للداخل، أي لـ "حماس"، وهكذا تتكاملون، أما انكم تريدون الخارجية، والـمالية، والداخلية، فاسمحوا لنا، هذه ليست حكومة وحدة وطنية، هذه حكومة، تجعل "حماس" شاهدة زور على إقصاء نفسها، و"حماس" لا تقبل بذلك.ولكن الأنكى من ذلك، هو إعطاء الشارة مجدداً، للإضراب، وهذه الـمرة، ليس إضراب الـمعلـمين، ولكن الوزارات التي لها علاقة بتحصيل الـموارد الداخلية، لإفراغ الخزينة الـمالية، فهل من الـمصلحة الوطنية هذا العمل؟ الذي قلّص حتى الآن موارد السلطة الداخلية من 100 مليون شيكل إلى النصف.ولـماذا بدل توجيه إضراب القطاع الوظيفي نحو تصويب الرصاص على الأقدام، القيام بدلاً من ذلك بتجنيد حملة شعبية وطنية، تشارك فيها كل قطاعات الشعب الفلسطيني، في الداخل، والجاليات في الخارج، للاحتجاج على الـموقف العدائي الذي تمارسه الإدارة الأميركية، بقطع الرواتب عن الـموظفين؟ أليس هذا هو الأجدى؟ فهل حكومة "حماس" هي التي تمنع عنا الرواتب؟ وهل هي صدفة انه في الوقت الذي حصلت فيه الحكومة على الـمساعدة القطرية لقطاع التعليم والصحة، وبات بمقدورها أن تسدد لنا لأول مرة راتبين قبل العيد، أن يتحرك إضراب الـموظفين عندنا في الضفة خصوصاً، وليس في غزة، وتصبّ أميركا جام غضبها على قطر، وتطلع عندنا لجنة الخبراء بتوصيات الدعوة لانتخابات؟
إن على قطاع الـموظفين ألا يكون شريكاً في هذه اللعبة، وإن على الرئيس "أبو مازن"، أن يلعب بورقته الآن في الاتجاه الصحيح، لكي نخرج جميعاً من هذا الـمأزق.[/align]
على الرئيس و"فتح" أن يلعبا ورقتيهما بالاتجاه الصحيح
حسين حجازي- الايام/ السبت 9/12/2006
"كل بيت ينقسم على نفسه مآله الخراب":
وصلنا إلى الطريق الـمسدودة في أمر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لأننا لسنا على قلب رجل واحد، فكرة خلاصية جامعة، ولأننا منقسمون حقاً حول هذه الرؤية الـمصيرية، "إن البيت الـمنقسم على نفسه مآله الخراب". هكذا يقول الـمخلص، عيسى ابن مريم، وهذا الانقسام في البيت اللبناني، والفلسطيني، إن لـم يجد حلاً لتناقضاته في الفكرة الاعتدالية التي قوامها حكومة الوحدة الوطنية، على قاعدة من التوازن الحقيقي بين أركان هذين البيتين، فإن الـمصير سيبدو غامضاً من هنا.
أشعلوا شمعة واحدة بدل أن تلعنوا الحصار:
"أضيئوا شمعة بدل أن تلعنوا الظلام". هكذا فكّرت حين رأيت إلى الـمسألة، إنما كان حرياً بالرئيس الذي هو الأب، الذي لـم يتوقف عن السفر طوال هذا الحصار، أن يتحصّل لنا من دولة ما، أي دولة على رواتب الـمعلـمين، والصحة، الذين يتجاوز عددهم نصف أعداد قطاع الـموظفين، وكان يمكن عندئذٍ تخفيف الـمعاناة عن باقي الـموظفين؟ هل كان يلزم أن ننتظر الزيارة الأولى، السفرة الأولى، لرئيس الحكومة الـمحاصرة، حتى يحقق هذه الأعجوبة؟شخصياً، اعتبر أن نجاح إسماعيل هنية في جلب رواتب الـمعلـمين والصحة من قطر، أهم من الـمفاوضات العقيمة على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، إذا كان الأمر يتعلق في هذه الحوارات الأخيرة، برؤية البعض كيف يشلح حركة "حماس" فوزها الأخير في الانتخابات، بطريقة أخرى.
هذا البحث كله من قبيل الهراء، وكنت أتمنى منذ البداية، أن يعمل الرئيس نفسه، بل و"فتح" نفسها على تأمين الرواتب لعموم الـموظفين، بدل القيام بلعن الحصار، وظهور الرئيس أمام الشعب الفلسطيني، بوصفه هو أبو الشعب الفلسطيني الـمسؤول عنه، بصرف النظر عن حكومته وأن تقول "فتح" أمام الأشهاد، ها إننا نحن الأمناء على وظائفكم، وقوتكم، وقد وظفناكم نحن، وليس الخلاف مع "حماس"، وحكومتها، إلا على الوسيلة الفضلى التي نراها تخدم تحقيق أهداف شعبنا.
عند هذه اللحظة، كان يمكن لـ "فتح" والرئيس أن يكسبا عطف الشعب، وثقته، لأنه يجب التمييز بين تأمين الأرزاق للشعب، والـموظفين، وبين الخلاف على البرامج السياسية والتكتيكات.
لكن الواقع، أن حكومة "حماس" هي التي تقترب من النجاح في تقليع شوكها وحدها، وإذ يسجل رئيس الحكومة أنه حصل على هذا الكم من الـمساعدات من دولة واحدة، هي قطر، وتسارع أميركا إلى تهديد قطر بعدم تحويل تعهدها بدفع الرواتب للـمعلـمين وقطاع الصحة، دون أن تعلي "فتح" والرئيس صوتيهما ضد هذا التدخل الوقح، والـمسارعة إلى تجنيد حملة دولية إعلامية ودبلوماسية ضد الـموقف الأميركي، فإن الشعب يعرف عندئذٍ كيف يميز بين الصواب والخطأ.
إن عدونا الرئيسي في الحرب التي تشنها علينا إسرائيل بلا هوادة، حتى كلّت قدرتها أخيراً، هي أميركا، فـ "أميركا هي الطاعون والطاعون أميركا"، كما قال شاعرنا منذ زمن، وهي اليوم، أميركا الفاشلة، والـمهزومة في الشرق الأوسط، من تصارع بيأس للابقاء على حصارنا، كما الابقاء على حكومتها الساقطة في لبنان.
ليذهبوا إلى الجحيم، هؤلاء القتلة ومحاصرو الشعوب، قاطعو الرواتب عنا، أولئك الحمقى، الذين صورت لهم معتقداتهم الخرافية، أن قتل الشعب الفلسطيني في تلك الـمذابح اليومية التي كانت ترتكبها إسرائيل، إنما هو الـمشيئة الإلهية. ألـم تصُل وتجُل إدارة بوش خلال السنوات الست الـماضية، لتأديب الشرق الأوسط ككل، ونظرت بازدراء لـمذابحنا؟ وإلا ماذا كان يعني القول في كل مرّة، على مرأى من أشلاء الأطفال الفلسطينيين، "إن إسرائيل تمارس حق الدفاع عن النفس"؟!
فهل نتوافق مع هؤلاء وقد خسروا وبدأوا يجرّون أذيال هزيمتهم في هذا الشرق لكي نعطيهم الذخيرة مرة أخرى لقتلنا؟
ويتضح الآن، أنهم هم من ينشدون مساعدة إيران وسورية لإخراجهم من الوحل. فلـماذا لا نمارس سياسة قويمة، متحدة، وقوية، لنجعلهم هذه الـمرة، هم من ينشدون مساعدتنا، بدل أن نصمت على أفعالهم، ونحاول إعادة حفّ أقدامنا لكي تتلاءم وقياس حذائهم، حذاء السيدة رايس؟
علينا أن نعيد قراءة الوضع أيها الإخوان، أنتم لا تقرأون هذا الوضع بصورة صحيحة، فعالـم إدارة الـمحافظين الجدد، آخذ في الانهيار، ولـم تعد أميركا هي اللاعب الأوحد، الذي يمسك بكل خيوط اللعبة. إن حكومتهم في لبنان تتهاوى، وحربهم في العراق وأفغانستان، أصبحت كارثة، ولـم يبق لهم، سوى العودة إلى ترميم تحالفاتهم القديمة، ما يسمونه معسكر الاعتدال، الذي حاولوا في لحظة ما من جنونهم حتى تحطيمه هو نفسه، باعتباره الاستبداد.
حسناً، ليطرح الرئيس أبو مازن إذاً، بورقته الخاصة، الشخصية، والرابحة على الطاولة، إذا كانت أميركا تنظر إليه الآن، بوصفه والرئيس مبارك والعاهل السعودي، والـملك عبد اللّه، القادرين على تخليصها، ليلعب الرئيس ورقته، لا الورقة الوهمية، التي يعدها له ما يسمون لجنة الخبراء في بحث الخيارات.هل الخيار الذي ينقذ الشعب الفلسطيني اليوم، هو تحدي "حماس" والانقلاب على نتائج الانتخابات، بالدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية؟ أم طرح الورقة الفلسطينية على الطاولة بقوة، بعد تقرير بيكر -هاملتون، الذي قال إنها القضية الأساس في كل مشاكل أميركا هذه الـمرة؟
لـماذا تضيعون أوقاتكم وأوقاتنا أيها السادة، في هذا العقم الفكري والسياسي، الذي لا يوصلنا إلى أية ناحية؟ وأكاد أقول هل كفت "فتح" عن القدرة على التفكير؟ وإلا من هم هؤلاء العباقرة الذين يفكرون بمثل هذه الخيارات والبدائل، من نوع، انتخابات مبكرة؟ وانتخابات لـماذا؟ هل لأن "حماس" تعرقل حقاً تشكيل حكومة وحدة وطنية؟ وإذا كان الجواب، نعم، أي لأنها تعرقل، وتماطل، وتحاول كسب الوقت.
ليكن كل ذلك، ولكن لتسألوا أنفسكم ماذا تريدون أنتم من هذه الحكومة؟ هل تريدون "العنب" أم "الناطور" أيها السادة؟ فإذا أردتم "العنب"، أي الغاية، التي هي خدمة الأهداف الوطنية، فإن مقاربة تشكيل الحكومة تختلف عندئذٍ عن الـمقاربة الأخرى، الثانية.
وما نعرفه أن "حماس" على استعداد للتوافق على وزير للخارجية، بإعطاء ما للخارج للخارج، ولكنها تصر على وزارتين، ومعها الحق في ذلك، الـمال، والداخلية، فالـمال هو أُس الفساد والسلطة معاً. وهي الحزب الحاكم الذي أعطاها الشعب هذا الحق. فإذا منحها الشعب هذا الحق، وهو أبو السلطان، فلـماذا نحرمها من هذا الحق، ألـم يكن موضوع الفساد هو الـمسألة الأولى على أجندة الرأي العام، خلال الانتخابات؟ وأنتم من أخطأتم في حق أنفسكم، حين سمح البعض لنفسه، بتلويث تجربة السلطة بهذه اللوثة، في سياق توظيف هذه القضية في الـمنافسات الداخلية، وأنا حذرتكم في حينه هنا من هذه الخطيئة القاتلة؟
فلـماذا تعطيكم "حماس" أو تعطي سواكم هذه السيطرة على الـمال، بحيث تفقد "حماس" قدرتها على السيطرة، وتتحمل في الانتخابات القادمة، وزر أي أخطاء يمكن أن تسجل ضدها؟
أما الداخلية، واسمحوا أن نقول هنا، إن حكومة "حماس" هي التي نجحت حتى الآن فيما فشلت فيه كل الحكومات السابقة في ضبط الأمن الداخلي. فالعائلات الـمتغطرسة تم تكسير أنفها، والذين يفكرون الآن، باستباحة الـممتلكات العامة، مستشفى الشفاء، أو العربدة، يحسبون ألف حساب للقوة التنفيذية، فماذا تريدون؟ تريدوننا العودة إلى الفوضى؟
ثم إن حكومة "حماس" هي التي نجحت في هذا الأمر الآخر، وهو التوصل إلى وقف إطلاق النار ووقف إطلاق الصواريخ، وهي الأقدر على ضبط الفصائل والحفاظ على تثبيت هذه التهدئة.
خذوا ما للخارج والعبوا الورقة الفلسطينية بجدارة، واتركوا ما للداخل للداخل، أي لـ "حماس"، وهكذا تتكاملون، أما انكم تريدون الخارجية، والـمالية، والداخلية، فاسمحوا لنا، هذه ليست حكومة وحدة وطنية، هذه حكومة، تجعل "حماس" شاهدة زور على إقصاء نفسها، و"حماس" لا تقبل بذلك.ولكن الأنكى من ذلك، هو إعطاء الشارة مجدداً، للإضراب، وهذه الـمرة، ليس إضراب الـمعلـمين، ولكن الوزارات التي لها علاقة بتحصيل الـموارد الداخلية، لإفراغ الخزينة الـمالية، فهل من الـمصلحة الوطنية هذا العمل؟ الذي قلّص حتى الآن موارد السلطة الداخلية من 100 مليون شيكل إلى النصف.ولـماذا بدل توجيه إضراب القطاع الوظيفي نحو تصويب الرصاص على الأقدام، القيام بدلاً من ذلك بتجنيد حملة شعبية وطنية، تشارك فيها كل قطاعات الشعب الفلسطيني، في الداخل، والجاليات في الخارج، للاحتجاج على الـموقف العدائي الذي تمارسه الإدارة الأميركية، بقطع الرواتب عن الـموظفين؟ أليس هذا هو الأجدى؟ فهل حكومة "حماس" هي التي تمنع عنا الرواتب؟ وهل هي صدفة انه في الوقت الذي حصلت فيه الحكومة على الـمساعدة القطرية لقطاع التعليم والصحة، وبات بمقدورها أن تسدد لنا لأول مرة راتبين قبل العيد، أن يتحرك إضراب الـموظفين عندنا في الضفة خصوصاً، وليس في غزة، وتصبّ أميركا جام غضبها على قطر، وتطلع عندنا لجنة الخبراء بتوصيات الدعوة لانتخابات؟
إن على قطاع الـموظفين ألا يكون شريكاً في هذه اللعبة، وإن على الرئيس "أبو مازن"، أن يلعب بورقته الآن في الاتجاه الصحيح، لكي نخرج جميعاً من هذا الـمأزق.[/align]
تعليق