إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

    تصويب في السطر الأخير من المداخلة السابقة: د. ماهر الكرد ..



    الانتخابات الإسرائيلية أتت بمن يفضل بوش/بيكر وكذلك أبو عمار ..
    فاز حزب العمل بزعامة صاحب نظرية تكسير الأذرع عندما كان وزيرا للدفاع في الحكومة المشتركة مع ليكود شامير - كمعالجة حاسمة لفعاليات الانتفاضة التي كانت تعتمد في اشتعالها على التحرك الشبابي الفلسطيني بمواجهة آلة الحرب الجهنمية الصهيونية بالحجارة والكر والفر- إسحق رابين ..
    منذ البداية فجعت م.ت.ف. بقيادة عرفات بالوافدين الجدد ذات المصدر السابق:


    ولم يخف الفلسطينيون، وفدا وقيادة، فرحتهم وتفاؤلهم إلا بعد انعقاد الجولة "السادسة" من مفاوضات واشنطن والأولى في عهد حزب العمل. وبعد صدور تعليقات صحافية سلبية حول نتائج الانتخابات، من دمشق ولبنان والأردن، تنبه الفلسطينيين إلى مخاطر التفاؤل الزائد.

    كان من العجيب أن تكون فرحتهم قد بلغت إلى ذلك الحد، وكأنهم يغفلون عن أن جميع الحروب بين العرب واليهود كانت في عهد حزب العمال هذا، وبتخطيط منه، ماعدا حرب 73 التي كان تخطيطها وبدئها بيد العرب ..


    ذات المصدر السابق

    وبعد أيام قليلة من تشكيل الحكومة العمالية في إسرائيل تحول التفاؤل الفلسطيني الزائد الى ما يشبه خيبة الأمل، خاصة أن برنامج الحكومة جاء مختلفا عن كل التصريحات السياسية التي صدرت عن قيادة حزب العمل خلال حملة الانتخابات. وأكد البرنامج على التمسك بصيغة مدريد ورفض التفاوض مع المنظمة، ورفض فكرة الدولة المستقلة، ورفض صيغة العودة إلى حدود عام 1967 . وتمسك البرنامج ببقاء المستوطنات وبقاء القدس عاصمة أبدية لإسرائيل. وأكدت الحكومة العمالية الجديدة اعتبار الاستيطان في القدس مسألة إسرائيلية داخلية وانها ستواصله هناك. وأصرت على استكمال العمل غير المنجز في باقي مناطق الضفة وقطاع غزة، أي بناء ما يزيد على عشرة آلف وحدة سكنية. وأعلنت قيادة حزب العمل عن وقف العقود الجديدة ووقف تنفيذ المخططات التي وضعت في عهد حزب الليكود التي لم يباشر بتنفيذها. وكرر إسحق رابين أحاديثه عن المستوطنات السياسية والأمنية.
    وانقلب التفاؤل الفلسطيني إلى دعوات لمقاطعة المفاوضات وتعليق الجولة السابعة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية التي أصبحت تدق الباب. لكن ضغط الإدارة الأمريكية أمَّنَ انعقاد تلك الجولة. وتعمد الوزير بيكر ترتيب الجولة بحيث تعقد على وجبتين. الأولى قبل الانتخابات الأمريكية والثانية بعدها بأيام قليلة. لاحقا جاءت الانتخابات " 2/11/92" مخيبة للآمال الفلسطينية. وإذا كان رحيل الليكود ولد انتعاشا وأمل عند الفلسطينيين فرحيل بيكر- بوش ولد أثار امتعاضا وقلقا شديدين. خاصة أن حملة الانتخابية الأمريكية
    للحزب الديمقراطي ومرشحه "بيل كلينتون" أظهرت موقفا داعما واسعا لإسرائيل دون حدود. وأظهر "بيكر" خلال عام ونصف من الاتصالات والمفاوضات تفهما لأوضاع الفلسطينيين ومواقفهم ، وتفهمه حمل في طياته شيئا من التضامن في مواجهة مواقف شامير المتعنتة.

    قصر نظر عربنا رهنهم بالحكام والحكومات، وكأنهم لا يعلمون بأن الأمور الاستراتيجية -خارج بلاد العُربِ أوطاني- لا ترتهن بنزوات الحكام، وتخضع لنظام مؤسساتي ومراكز تخطيط دائمة ..

    راح شامير إجا رابين ..
    بيريز بقي مترتح في الخارجية ..
    وراح بوش إجا كلينتون ياحلاوة يا اولاد ..
    واستبدل بيكر بوارن كريستوفر ..

    هل تبدل شئ؟
    الحلول المطروحة من قبل العدو الصهيوني في كواليس واشنطون كما هي..

    مطبخ أوسلو شغال بهدووووووء والتعارف انتهت مرحلته وبدأت صداقات أضفت جوا حميميا يتناقض مع دخان قنابل الغاز والرصاص الحي والمطاطي في شوارع وحواري غزة والضفة ..

    شعب يشعلها نارا في وجه العدو الغاصب ..
    وقادة!!!!








    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي; 15/09/2013, 10:36 AM.

    تعليق


    • #32
      رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

      تل الزهور وأثرها على المفاوضات


      بعد رحيل الحزب الجمهوري ورحيل "بيكر" من الخارجية الأمريكية ظهر ميل إسرائيلي نحو الإبطاء في المفاوضات. وبعد فترة وجيزة أقدم رابين يوم 17/12/92 على إبعاد أكثر من أربعمائة كادر وعنصر من منظمتي "حماس" والجهاد الإسلامي، مستغلا عملية عسكرية خطف فيها رقيب إسرائيلي )توليدانو( وتم إعدامه. وكانت خطوة الإبعاد هذه بمثابة هزة قوية لبقايا القناعات الفلسطينية من أن تغيرا ما قد يطرأ على السياسة الاسرائيلية من القضايا السياسية التي كانت تعيق تقدم المفاوضات.
      .

      المصدر السابق









      وهذا الذي أتاه ولم يكن يتوقعه يتوقعه عرفات، فقد أهداه رابين هدية جاءت من حيث لم يحتسب، إذا أن طريق واشنطون كان ما زال مغلقا كما خلفه شامير ..
      وواشنطون وتل الربيع تركزان على الوفد الفلسطيني المفاوض بشكل كبير، في تجاهل مقصود لمرجعية الوفد الرسمية، وهذا ما كان يتوجس منه عرفات خيفة، فالوفد المفاوض وبالرغم من انه لا يدلي بكلمة إلا بمعرفة لجنة الإشراف في م.ت.ف. وباتصال مباشر مع عرفات شخصيا، والتصريحات المتكررة عن رموز الوفد -فيصل الحسيني وحنان عشراوي- بأن إدارة المفاوضات تتم من تونس وأن من الأفضل للفرقاء المعنيين -إسرائيل وأمريكا- الاتصال مباشرة بأصحاب القرار بدلا من تلقي المعلومة عبر وسيط ..
      فإن لا مبالاة الجنبان الإسرائيلي والأمريكي وعدم اكتراثهما بنصائح أعضاء الوفد كانت تزيد من ريبة عرفات حتى أنه كان يقول: يقول انا نفذت المطلوب مني، ويتساءل عن الشروط وكأنه لايتذكرها. وكان يختتم حديثه بالقول: شروطهم واضحة يريدون إذلال عرفات وشطبه،. شطبه يعني شطب المنظمة وشطبكم جميعا.


      لقد لخص عرفات القضية والمنظمة والقيادة بشخصه، فإذا ما تخلص منه الأعداء انتهت القضية الفلسطينية!!
      من هنا جاءت هدية رابين بإبعاد المجاهدين الأربعماءة إلى مرج الزهور لتعطي عرفات كومة من الأسباب يبني عليها سلسلة من التصرفات والتصريحات يقلب فيها الطاولة في الهواء..
      سارع بتبني قضية المبعدين قبل أن تأ أقدامهم الأراضي اللبنانية ..
      فقد أوعز للوفد في واشنطون -دون التشاور مع الوفود العربية الأخرى- بالامتناع عن حضور الجلسة الأخيرة من الجولة الثامنة للمفاوضات ..

      استغل عملية قتل الجندي الصهيوني داخليا بأن دعا إلى اجتماع عاجل ومفتوح للقيادة الفلسطينية شن خلاله هجوما فظيعا على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"
      ..

      قال: إسلاميا لا يجوز قتل الأسير حتى ولو كان إسرائيليا، والعملية لا تعطي وجها حضاريا للمقاتل الفلسطيني، وارتكب الإخوان في حماس حماقة سياسية ووصف العملية بأنها سخيفة. وأطال الحديث عن أضرار العملية، حتى أن بعض الحاضرين تهامسوا فيما بينهم وتبادلوا قصاصات أوراق تقول: توقعوا أن يدعونا أبوعمار بعد قليل إلى قراءة الفاتحة على روح "الشهيد توليدانو". ورقه أخرى قالت: من الآن وصاعد يمكن إطلاق اسم "تواليدانو" على قاعة الاجتماعات هذه، وطالبت استدعاء أفضل خطاط فلسطيني لتخطيط اليافطة المطلوبة.


      المصدر السابق

      ودعا عرفات حماس لحضور الاجتماعات الموسعة، فما كان من حماس إلا ان لبت الدعوة فورا..
      ما خدم عرفات اكثر أن الوقت كان في الأصل غير محسوب، فحكومة رابين الجديدة تفضل التريث لحين استتباب الأمور لسيد البيت الأبيض الجديد وتشكيله لحكومته، ومن ثم الالتفات إلى الشأن التفاوضي الجامد من الأصل ..
      تحرك عرفات في عدة اتجاهات متاجرا في ال400 مبعد في تل الزهور:



      دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد، ودعوة وزراء خارجيةالدول العربية الخمس إلى اجتماع طارئ، وإرسال رسالةإلى قمة الدول الخليجية، وبحث مسالة الدعوة لاجتماع عربي شامل، وإرسال مبعوثين إلى دول السوق الأوروبية المشتركة، ودعوة رئاسة المؤتمر السلمي لعقد جلسة عاجلة، ومواصلة الاتصال مع أمين العام للأمم المتحدة "بطرس غالي" ومطالبته إرسال ممثل عنه للمنطقة.
      حقيقة أنه أعطى للقضية ما تستحقه من اهتمام استقطب دول العالم وليس العرب فحسب،


      يتبع ...

      تعليق


      • #33
        رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

        وعلى صعيد وضع المبعدين قال ابو عمار : نحن متفقون أن لا نترك "أحمد جبريل" (قائد منظمة القيادة العامة المرتبطة بدمشق) و"فتحي الشقاقي" قائد منظمة الجهاد الإسلامي المحسوب على إيران وحزب الله في لبنان، التصرف ومعالجة القضايا الإنسانية والحياتية لإخواننا المبعدين. سنرسل لهم ما يلزم من تموين وتجهيزات تساعدهم على الصمود في جنوب لبنان أطول فترة زمنية ممكنة. وأضاف ابو عمار: لعلمكم أمرت بشراء "شلية" غنم وبعض الملابس والدفايات لإخوانكم.
        وختم أبوعمار الاجتماع بتوجيه دعوة لحركة حماس للمشاركة في اجتماعات القيادة الفلسطينية. وتم الاتفاق على استنفار أجهزة المنظمة وبقاء اجتماعات القيادة مفتوحة وتصعيد الحملة العالمية ضد الإبعاد وضد الموقف الأمريكي.

        لا بأس فقد حرص ألا يترك الأرض لمنافسيه ليس إلا، فأدلى بدلوه في إمداد نجوم تل الزهور الذين صاروا بين عشية وضحاها محجا لحرار العالم، وتهافت الجمعيات الخيرية على التواجد على الأرض لتلبية احتياجاتهم التي لم تتجاوز الحد الأدنى للحفاظ على حياتهم فوق أرض وعرة مليئة بالأفاعي والعقارب، وفي مناخ شتوي غاية في القسوة.



        الشيخ حامد البيتاوي -رحمه الله- خطيب المسجد الأقصى أحد المبعدين الى مرج الزهور


        فقادة المجاهدين وكوادرهم رفضوا ومن اللحظة الأولى اعتبار ذلك منفاهم .. بل يجب ألا يتجاوز كونه إبعاد مؤقت لسوف يسلكون كافة السبل لإنهائه والعودة، فلا تهجير بعد اليوم .. كان هذا قرارهم ..

        وهكذا وعند اتخاذ القرار لبسوا أكفانهم ويمموا وجوههم شطر أرض الرباط فلسطين المباركة..

        اجتماع م.ت.ف. مع قيادات حركة حماس في الخارج كانت غير مجدية، فقد طرحت حماس رؤيتها للموقف بدقة، والحاجة إلى تجديد م.ت.ف. لتكون الوعاء الشامل لكافة القوى الوطنية والإسلامية الموجودة على أرض الواقع وفق مبادئ وقيم يتفق عليها لتحل محل ذلك الإطار المتهكع الذي بات ملجأ للعجزة من مخلفات التنظيمات المنتهية ..

        بالطبع، لم يرق ذلك لعرفات ولا من حضروا عن تنظيمات ورقية لا وجود لها في الساحة الفلسطينية ..
        المهم أنه حقق ما يريد من الاجتماع بلفت أنظار من يريد من العرب والعجم إلى البديل الممكن لديه، فمجرد عقد ذلك الاجماع كان كافيا لإثارة الزوابع من حوله وتحريك مياه تجمدت ردحا طويلا من الزمن ..
        ومن ثم كان أن نسف عرفات الاجتماع وتبادل مع حماس الاتهامات ..

        كل ذلك كان يجري في المنطقة العربية ..
        ومفاوضات واشنطون في حالة توقف ..

        فهل توقف العمل في أوسلو ياترى؟



        http://www.youtube.com/watch?v=VwKVQ2vpRqY

        تعليق


        • #34
          رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

          ومع بدء الاجتماعات وخلال تواصلها، توالت ردود الأفعال الدولية والاسرائيلية. وتكثفت وتنوعت الاتصالات الدولية والعربية مع أبوعمار.
          وكانت محصلتها لصالح أبوعمار والمنظمة. جميعها أدانت الإبعاد وحملت رابين مسؤولية دفع المنظمة نحو التطرف ونحو التعاون مع حماس. وكثير منها طالب أبوعمار التريث وعدم الاندفاع في بناء تحالف وعلاقة مع حماس. وكعادته حاول أبوعمار التجاوب مع الدعوات وطالب بثمن ذلك، وتلقى وعودا كثيرة ومتنوعة.
          ممدوح نوفل هنا يكشف صراحة أغراض عرفات من عقد ذلك اللقاء الذي جلب له من جديد الأضواء التي ابتعدت عنه طويلا، استخدم "حماس" كفزاعة لجهات عربية ودولية طالما اتخذت منه مواقف سلبية خلال السنوات التي تلت حرب الCNN لتحرير الكويت ..

          حتى إذا ما اطمأن إلى أن رسالته قد وصلت إلى الجميع، وأن السنانير قد غمزت في البحار التي ألقاها بها ببراعة، عاد إلى قواعده في تونس سالما غانما، كي يتفرغ لجني الثمار، والتركيز مع مندوبيه الثلاث الذين لم يتوقفوا عن العمل في النرويج ..

          بعد التسريبات التي مررها عرفات إلى رابين-بيريز عبر أكثر من مفتاح من بينها الدكتور أسامة الباز الذي كان يشغل منصب المستشار السياسي للمخلوع حسني مبارك، وحمل فيها رسالة واضحة بأنه يقبل بحل غزة أريحا أولا، وذلك بينما كانت تصريحات عرفات العلنية يصب فيها جام غضبه على الحكومة الإسرائيلية برئاسة رابين، ويعلق المفاوضات في واشنطون مستنكرا فعلة الإبعاد التي اراد بها رابين تفريغ الضفة والقطاع من كوادر حماس القيادية "العسكري منها والسياسي وحتى الدعوي" .. ولينشغل الداخل الفلسطيني بمشاكل جديدة ناجمة عن غياب ذلك العدد الكبير من الكوادر ..

          بعد استلامه للرسالة ولتخفيف التوتر العلني، والتمهيد لرفع الستار عن التفاوض السري الذي قطع شوطا ليستحق الاقتناع به، أرسلت حكومة رابين إلى الكنيست الصهيوني
          مشروع قرار برفع الحظر عن الاتصال مع م.ت.ف. ... وقد كان ..

          www.youtube.com/watch?v=aE1vdyQC2S8

          يقرر رابين بالتفاهم مع بيريز عرض ما قدمه مفاوضوا أسلو من نتائج كورقة مسودة لاتفاق فلسطيني إسرائيلي على مستشار قانوني ليبدأ مشواره مع طاقم أوسلو العتيد ..

          www.youtube.com/watch?v=zcZLwvWyQhY

          وهذا ما سنتناوله بتسليط الضوء عليه لاحقا ..

          تعليق


          • #35
            رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

            عود على بدء..
            كما قدمنا سابقا بأن البنية التحتية التي جهزت لبناء معقل آمن ومنيع لمفاوضات سميت فيما بعد ب"مفاوضات أوسلو السرية" كانت عبارة عن مركزي أبحاث غير حكوميين تقرر خلقهما باقتراح من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ..
            الأول F.A.F.O في أوسلو بالنرويج وقد ترأسه الباحث الاجتماعي النرويجي تيري رود لارسون، والثاني كان في فلسطين المحتلة "إسرائيل" تحت مسمى "مؤسسة التعاون الاقتصادي D.C.S" وهذه أسست بإيعاز من "د. يوسي بيلين" الصهيوني العمالي "من حزب العمال" ويوصف بين اليهود كداعية سلام وقد تولى إدارة العمل فيها كل من الباحثين الأكاديميين "يائير هيرتشفيلد" و "رون فوندك" ..
            حتى إذا ما كانت ساعة البداية عمل المكوك النرويجي بفطنة واحترافية على خلق جو من الطمأنينة بين الطرفين الفلسطيني الذي كان يمثل م.ت.ف برأسها ياسر عرفات وعراب العلاقة الفتحاوية الصهيونية أبو مازن "محمود عباس" وقد ضم الوفد الفلسطيني كل من أبو علاء "أحمد قريع" والذي اشتهر من قبل عند إدارته لاستثمارات "فتح" في الخارج وإدارته لمؤسسة "صامد" أحد أذرع م.ت.ف. "فتح" الاقتصادية لتشغيل الفلسطينيين في لبنان أساسا ومن ثم الإسهام في تصدير المنتجات الفلسطينية في الضفة والقطاع ..
            ويضم الوفد أيضا "حسن عصفور" من مكتب أبو مازن وكذلك د. ماهر الكرد الخبير الاقتصادي في مكتب أبو عمار ..

            جهز الملاذ الآمن للغرباء الخمسة خارج مدينة اوسلو ليكون الملتقى الذي تنطلق فيه أول اتصالات مرضي عنها إسرائيليا ونرويجيا دون أدنى مسؤولية رسمية والطرف الفلسطيني هو الذي يعتبر ممثلا رسميا للجهة التي ابتعثته ..
            استمر التفاوض خمسة أشهر أثار خلالها أبو العلاء إعجاب ليس مفاوضيه الصهاينة فحسب، بل وأساطين التفاوض المخضرمين في الحكم بتل الربيع .. فقد كانت انطلاقاته في العطاء على طاولة التباحث غير متوقعة صهيونيا .. بالقياس إلى ما يجري في واشنطون حيث اعتبر الصهاينة أن وفدا مختارا من الضفة والقطاع ولا يمثل رسميا م.ت.ف. قد دأب على وضع العقدة في المنشار متشددا في كل نقطة تطرح على بساط البحث !!
            وكان الوفد الصهيوني هناك -في واشنطون- كان أقل تشددا في طروحاته ومواقفه التي لم يحد عنها قيد أنملة منذ افتتاحية شامير في مدريد ..

            حتى إذا ما تولى حزب العمل الحكم في إسرائيل ودخل الشريكان اللدودان رابين-بيريز إلى دار الحكومة كرئيس ووزير خارجيته وهما قد كانا فيها قبل الانتخابات كوزيرين للدفاع والخارجية .. اتفقا على تحييد خلافاتهما المزمنة وصراعهما الدائم فيما بينهما والتفرغ لتسيير دفة ذلك الشئ الذي قد حملت به اوسلو ويجب رعايته حتى الوصول به إلى غرفة التوليد سليما .. وكان بيريز هو الأكثر تشجعا واهتماما بذلك المسار، فيما كان رابين يتوقع أن يصل مع السوريين لحل بأسرع منه مع الفلسطينيين ..
            فكان ان أدخل بيريز مدير مكتبه الشاب آنذاك "أوري سَبير" إلى حلبة المفاوضات بأوسلو في نقلة نوعية محسوبة، ليكون أول ممثل رسمي للخارجية الصهيونية فيها ..
            وكان من الطبيعي أن يترأس ممثل الدولة الصهيونية الوفد الإسرائيلي المفاوض رسميا ..

            مما تعلمته من الخبراء الأجانب أنهم كان كثير منهم يعتمد على مدونته الشخصية يسجل فيها أحداث كل يوم بيومه .. حتى أن بعضهم كانوا يسجلون في يوميته خلال الاجتماعات كل ما يقال وكأنه مسجل لاقط للصوت ..
            حتى إذا ما دب خلاف حول نقطة ما تتعلق بذلك الاجتماع، كانت مفكرته اليومية هي الفصل بيننا .. وقد أعجبت بدقتهم وامانتهم في النقل وبدون اختصار ..
            وأعتقد أن "سَبير" كان واحدا ممن يدونون يوميا .. لذا فقد خرج بكتاب مفعم بتفصيلات لا أظن أنها قد استدعيت من ذاكرته فقط ..

            وفي كاتابه هذا من التافاصيل الكثير مما غاب عنا في شريط الجزيرة "ثمن أوسلو" أو مروا عليه مرورا سريعا ..

            مقدمة الناشر العربي للكتاب أجدها مهمة:










            تعليق


            • #36
              رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

              شكراً للجهد الكبير الذي يبذله الأخ / أسامة الكباريتي / والأسلوب السلس في إيصال المعلومة والفكرة وإن كان لايزال من المبكر الحكم والتقرير إن كانت القراءة حقاً متأنية وما برحنا ننتظر جديداً لم ينشر من قبل أو إضافة ورؤية جديدة.

              أكرر شكري ودمتم بكل خير

              تعليق


              • #37
                رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

                المشاركة الأصلية بواسطة علي ابو طوق مشاهدة المشاركة
                شكراً للجهد الكبير الذي يبذله الأخ / أسامة الكباريتي / والأسلوب السلس في إيصال المعلومة والفكرة وإن كان لايزال من المبكر الحكم والتقرير إن كانت القراءة حقاً متأنية وما برحنا ننتظر جديداً لم ينشر من قبل أو إضافة ورؤية جديدة.

                أكرر شكري ودمتم بكل خير
                آآآآه يا أخ علي ..
                دلني على ذلك الذي أنبش عنه بأظفاري ..

                ذلك الذي لم ينشر ..
                كثير من شهوده قد توفاهم الرحمن، والأحياء منهم لا يعطون إلا بالقدر الذي يخدم أغراضهم ..

                في قراءتي المتأنية، ولست في معرض نقد برنامج الجزيرة، بل هي محاولة الإضافة إلى ما قدمه -ثمن أوسلو- لعلي أستفيد وأفيد معي في الوقت ذاته، أحاول أن أربط بين الأحداث، وأن أسترجع مواقفا وأحداثا مررنا بها يوما .. واليوم نستنبط علاقتها بما جرى هنا أو هناك ..

                مثلا استغلال عرفات لإبعاد كوادر فلسطينية إلى مرج الزهور ..
                لم يخطر ببالنا أنه وهو يدعو حماس للقاء مع مخلفات منظمة التحرير وفتح بأنه كان يهدف إلى الخروج من الصندوق الصغير الذي وضع فيه عربيا ودوليا ..
                حتى إذا أتت تحركاته وبياناته اكلها .. نفض يده من مرج الزهور ومن حماس ..
                كان يقول إنه عندما يريد أن يستخدم حماس لشئ ولا يفيدهم قيد أنملة وتمضية أيام في تفاوض عقيم لا يوافق خلاله على أي من مطالب حماس، فإنه كان يقدم محترف التفاوض والتعجيز "هاني الحسن" وهذا فعله حقا مع حماس ..
                فهاني الحسن لديه طاقات مذهلة في التحاور والمناورة وتمضية الوقت لأيام وشهور بلا طائل ..
                فيما يكون الطرف الثاني -حماس- يشتغل بصدق وإخلاص طوال المفاوضات لإقناع الحجر بعدالة موقفه وأحقيته في طروحاته ..
                هذا الشئ لم أفهمه عندما سمعته في حينه .. واليوم وعلى ضوء القرائة في أكثر من مصدر معلوماتي، وربط هذا بذاك، توصلت لما غاب عني قديما ..

                اخي علي
                أنا لا املك إمكانات "يسري فودة" البارع في "سري للغاية" .. لكني وقدعايشت أحداثا وكنت شاهدا على وقائع ومواقف كثيرة وبخاصة خلال الفترات الأولى للعمل الفدائي الفلسطيني وحتى قبيل اجتياح صدام للكويت حيث اعتزلتهم عازفا عن مشاركتهم آثام كنت أراها تجر نضال شعبنا إلى الوراء كثيرا ..

                تعليق


                • #38
                  رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

                  بالطبع لسنا في معرض تحميل الكتاب ولا الترويج له، فالكتاب لايعدو كونه سرد للأحداث التي عاشها الكاتب، وكله ترويج للعملية برمتها وإن لم يهتم الكاتب بإخفاء جوانب القصور والتقصير في مواقف الطرف الفلسطيني وتلهفه على الوصول إلى تلك النتيجة التي رضي عنها يهود وجعلتنا ندفع أثمانا لا يمكن تقديرها بأي شكل كان ..

                  لكننا نستنبط من بين السطور بعضا مما يفيد في معرفة ملابسات كثيرة، وتأكيد مفاهيم وقناعات تولدت لدينا منذ ذلك الحين، وترسخت مع تسلسل الأحداث على الأرض عبر سنوات من الشقاء للشعب الفلسطيني، فقد كانت -ومازالت- معاناتنا من أوسلو وتوابع أوسلو وبخاصة ما لقيناه ونلقاه من أبناء جلدتنا أشد في وطئها مما يجثم على صدورنا جراء الاحتلال الذي لم يتغير فيه شئ سوى بالشكل، وبتوكيل ابن وطني لينوب عنه في مواجهة الشعب ومقاومته للاحتلال بموجب صك ألزمه به ولم يلزم نفسه مقابله بشئ ..








                  بيريز ذو السبعين عاما يختار موظفيه من جيل شابا "الصابرا" أي جيل اليهود الذين ولدوا في فلسطين ولم يمروا بمرحلة اغتصاب فلسطين وإعلان دولتهم عليها ..

                  ونرى فيما بعد ابن جيله وشريكه رابين يفضل محاميا يهوديا شابا أيضا لديه الخبرة في مجال المباحثات مع العرب..

                  بينما كان الاختيار في الطرف الفلسطيني ينبني على الولاء الشخصي أولا .. حتى ولو انعدمت الكفاءة ..
                  فحكم بلعاوي الذي كان سفيرا للمنظمة في تونس، ومسؤول امنها فيها، يستشيط غضبا عند شعوره بأن هناك ما يدور في الخفاء من وراء ظهره:

                  قبل انتهاء الجولة التاسعة بأيام قليلة، أدرك رابين أنها ستكون جولة فاشلة. وبعد الاطلاع على ملف أوسلو أرسل "يوري سافير" مندوبا عنه للتدقيق في حقيقة ما يجري في أوسلو و"سافير" مدير وزارة الخارجية السرائيلية، والده عمل سفير إسرائيل سابقا في فنلندا، ومعروف أنه لا يعارض قيام دولة فلسطينية. وموقف والده من الفلسطينيين موثق في كتاب عن الفلسطينيين. و"يوري سفير" يبلغ من العمر أربعين عاما ، عمل في البعثة الدبلوماسية السرائيلية في نيويورك وكان ديناميكيا في عمله.

                  وفي آفاق هذا المسار. قبل الجولة الجديدة في أوسلو نقل أبوعلاء عن "لارسن" أن شخصية إسرائيلية رسمية ستحضر اللقاء، ولم يحدد اسم الشخصية او صفتها الرسمية. وبناء على هذه المعلومة اقترح أبوعمار وأبو مازن سفر عبد ربه إلى أوسلو وحضور اللقاء. لم يتحمس أبوعلاء لمشاركة ياسر لكنه لم يفصح عن موقفه.
                  رغم ذلك، سافر عبد ربه بناء على إلحاح أبوعمار وأبو مازن. أبوعمار يثق في قدرات ياسر السياسية ويعرف أنه لا يخفي عنه شيئا. وللتمويه على الموضوع اختار ياسر طريق تونس - باريس - أوسلو، لكنه وقع في خطأ بسيط كشف مكان تواجده. سار حسب العادة القديمة وطلب من "نظمي" المعني بتأمين سفر واستقبال القيادات الفلسطينية من وإلى تونس أن يؤمن له التذاكر. وهو يعرف أن نظمي مرتبط بجهاز الأمن الفلسطيني وعلاقته مباشرة مع "حكم بلعاوي" سفير فلسطين في تونس ومسئول الأمن الفلسطيني فيها.
                  بالكاد وصل عبد ربه استكهولم مساء 10 حزيران/ يونيو حتى اتصل حكم بلعاوي مستفسرا عن مكان وجود ياسر. قلت أظن أنه في باريس. قال: لا، أنت لا تعرف، ياسر في أوسلو . أنكرت علمي، لكن حكم قال أشتم الرائحة ، يبدو أن شيئا ما يجري طبخه هناك منذ فترة، و"العصفور" شريك في الموضوع، يقصد حسن عصفور. وعلق: إذا صح الأمر فهذا غير معقول وغير مقبول. العصفور لا يعرف كلمتين من اللغة النجليزية، وأنت تعرف أنه عضو في اتحاد الطلاب لا يصلح للمفاوضات السياسية الرسمية. قلت: لا أفهم ما تقول. رد قائلا: لا مجال للحديث في الموضوع على الهاتف، سأحدثك لاحقا ومن الضروري أن تدقق مع صاحبك (يقصد ياسر). قل له عندما يعود، لا تلعب من خلف ظهري ولا من خلف ظهر أبو مروان. وأضاف: وقفت معكم فترة الصراع الذي عاشته الجبهة الديمقراطيه ودعمت تنظيم "فدا" وأطروحاته. وختم حديثه بالقول: على كل حال أنا لهم بالمرصاد. بسيطة، إذا كان أبومازن وياسر وأبوعلاء يطبخون من خلف ظهري فليس صعباعلي أن أفتح خطا خاصا مع السرائيليين. وإذا كان كل واحد سيفتح خطا على حسابه فأنا أقدر الناس على فتح أوتوسترادات.
                  أنكرت معرفتي، وقلت: أبو مروان أنت تعرف خفايا الأمور. ياسر عبد ربه لا يتحرك إلا بعلم ياسر عرفات وموافقته. قال: هذا صحيح، لكن عتبي سيكون كبيرا على أبومازن وياسر. وغير منطقي ولا يدخل لعقل أن يشارك العصفور ولا يشترك أناس خبراء في اللغة والقانون والمفاوضات والأمن. المفاوضات ليست لعبة للتسلية. هذا مصير وطن وشعب وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم. في نهاية المكالمة اتفقنا متابعة ما يدور في الخفاء من خلف ظهر لجنة متابعة المفاوضات وأن نقاطع معلوماتنا لاحقا.

                  مساء اليوم ذاته اتصل ياسر من أوسلو وقال: وصلت، والأمور لم تسر كما كنا نتوقع. غدا سأكون بطرفكم، لم أشارك في الاجتماعات لأن الجماعة لم يحضروا. قلت: انتبهوا، أبومروان (حكم بلعاوي) يعرف مكان وجودك ويبدو أنه يتابعكم.
                  1. عصفور عضو اتحاد الطلاب في العراق !! ولاء بلا أدنى كفاءة
                  2. التغيير الوحيد في الوفد كان في استبعاد د. ماهر الكرد (اكتشف أبو علاء أنه يقدم تقاريرا مباشرة إلى عرفات) واستبداله بشخص آخر يدعى محمد أبو كوش (لم يعجز عرفات عن تجنيده أيضا ليقدم له تقارير مباشرة.. يموت الزمار وصبايعه بتلعب)..
                  3. فيما كانت سفينة م.ت.ف تترنح وسط أمواج عاتية، كان هم كل من فوقها هو البحث عن طوق نجاة يؤمن به ذاته : وإذا كان كل واحد سيفتح خطا على حسابه فأنا أقدر الناس على فتح أوتوسترادات. !!
                  هكذا كانت "فتح" من فوق .. فكيف بها في القعر!!
                  الله يرحمك يا معروف الرصافي لما قلت يوماً: عارفين الراس فاسدة .. بدنا نشوف الفساد وصل للذيل والا لسه!!



                  منذ الوهلة الأولى للقاء التعارف، فراسة أبو علاء في معادن البشر أفضت إلى زحلقة القدس الشريف من ملف أوسلو، لسوف نعود إليها لاحقا؟!!! لما تشوف حلمة ودنك يا أبا علاء









                  منهم -بكل أسف وأسى- نتعلم كيف يجب أن تُحَيِّد خلافاتك الشخصية ومنافساتك الحزبية من اجل مصلحة ما هو أكبر من الأشخاص والرغبات الذاتية..
                  يحضرني في هذا الشأن ما حدث بعد استشهاد شيخنا أحمد ياسين أسأل الله له حسن التقبل واعلى مراتب الشهداء، واتفاق شورى حركة حماس على اختيار الشاب -نسبيا- خالد مشعل قائدا للحركة خليفة للياسين، وكيف فضّل الاحتفاظ بمسماه -الوظيفي- الذي اشتهر به كرئيس للمكتب السياسي للحركة، ومن ثم قام بتسمية الأسد الهصور د. عبد العزيز الرنتيسي لقيادة الحركة في قطاع غزة. يومذاك اذكر انه قد تحرك عدد من الإعلاميين وبعض من الناس لينفخوا في رأس الزعيم الكبير -بحكم تاريخه في تأسيس الحركة ومسيرته النضالية في الداخل وووو- فيرد عليهم -تقبله الله قبولا حسنا بأن السمع والطاعة لقائدي "خالد مشعل"، هنا تتجلى أخلاق الصحابة الكرام التي يتحلى بها قادتنا الأحباب، التواضع وإنكار الذات واستراتيجية التفكير تقدمت على الأقدمية وكل المؤهلات التي ترفع من شأن الفرد وتقدمه ..
                  رحم الله شيخنا وحبيبنا أبو محمد الرنتيسي، ورفعه إلى ما يرضاه له من مقام بين الصديقين والأولياء وصحبه الكرام، كواكب الشهداء الأبرار ..
                  ولا نزكي على الله احدا ..

                  تعليق


                  • #39
                    رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر









                    ما يدهشني هو درجة الألفة والانسجام التي نسجت خيوطها بين المتفوضين الفلسطينيين واليهود، بدات بسخونة وتحفز سرعان ما بردهما جليد النرويج، فيما أذاب الجلوس قرب المدفأة لساعات وساعات التشنج الناشئ عن فكرة انك تلتقي بعدو لك.
                    حتى وعندما تردهم اخبار سيئة عن الاشتباكات بين الجماهير الثائرة وجيش الاحتلال، وعن كواكب الشهداء التي كانت تترى، القافلة تلو الأخرى، واكتظاظ المستشفيات بالجرحى الذين توقف المتابعون تجميع أعدادهم وحالات إصاباتهم، والمعتقلات التي أتخمت بآلاف الفلسطينيين من مختلف الأعمار بدءا بالصبية الصغار وانتهاء بالشيوخ الكبار، ولم يتورع العدو الغاصب عن اعتقال المرأة الفلسطينية وبمختلف الأعمار أيضا ..
                    كل ذلك كان لا يترك لدى الفريق الفلسطيني أثرا نجده في ادبيات من سطروا مذكراتهم عن تلك المحادثات..
                    حتى الإبعاد الشهير لكوادر المقوامة الإسلامية إلى مرج الزهور الحدودية اللبنانية لم يتمكن من إيقاف سير المفاوضات، بل أعطاها دفعة إلى المام بعدما مرر عرفات رسالته الشهيرة إلى رابين -مع د. اسامة الباز- بموافقته على البدء بغزة اولا مع اقتراح أريحا معها بصفة رمزية كمسمار له في الضفة، واختيار أريحا لا يشكل بالنسبة للصهاينة أي مشكلة نفسية أو استراتيجية، فأريحا مغضوب عليها يهوديا من الناحية التاريخية الدينية، والمغتصبات لم تنشأ قريبا منها بل تناثرت في مختلف أرجاء الأغوار وفق مخطط صهيوني للسيطرة على المنطقة برمتها وشكيل عازل دائم بين أي كيان فلسطيني مستقبلي وبين نهر الأردن، فلا يكون لهم أي اتصال بالأردن بأي حال كان، من هنا فلا بأس في التخلص منها، طالما تحقق مصلحة في دفع مسيرة أوسلو إلى الأمام ..
                    وتحقيق المائة سؤال الزنجري الذي انهمك قريع في الإجابة عليه من فوره فزال شعوره بالمهانة وإحساسه بأنه يخضع لتحقيق عسير، ساعات متواصلة تجلى أبو علاء في الرد المباشر صعق مستجوبه بسلاسته وحسن انتقائه للكلمات المطمئنة، ما دفعه وهو رجل القانون الذي عرف بصرامته وتحفظه إلى الاندفاع نحو بيريز فور لقائه متحركا بغريزته الفطرية اليهودية التي تستشعر بالفرص وتلمحها عن بعد فيقول له : إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع هؤلاء الأشخاص .... سنكون حميرا!!
                    وحمار حقا من لا يغتنم فرصة التهام الكتف كله ويلقي بالعظم إلى الكلاب.. طالما ان الكلب راض ويهز ذيله فرحا بما يتلقاه..











                    لم يحرص عرفات على إخفاء رغبته في التفرد المطلق في حكم ما يلقيه إليه الاحتلال، كدأبه دوما، فسليقته الدكتاتورية، ورفضه لأي شراكة لا تكون تحت سيطرته التامة، تسيطر على فكره وتوجهان تخطيطاته المستقبلية ..
                    وقد تبدى ذلك جليا في الأردن عندما كانت فتح وبالتعاون مصلحيا مع الجبهة الشعبية تقوم بوأد أي تحرك فلسطيني آخر للقيام بدور في المقاومة، فيسارع التنظيمان اللدودان إلى تصفية خلايا أولية لإنشاء منظمة جديدة تخالفهما فكريا وعقديا ..
                    حتى مع الجبهة الشعبية، لم يتورع في دعم تطلعات الانفصال فيها فخرجت من تحتها "الجبهة الديموقراطية-نايف حواتمة" و"القيادة العامة-أحمد جبريل"..
                    وفي بيروت مارس هوايته المفضلة في زعزعة التنظيمات الفلسطينية وتفتيتها إلى هياكل كرتونية لا تملك إيجار المكاتب التي تسارع باستئجارها معتمدة على دريهمات يلقيها لها عرفات ضامنا ولاء الدولار لجيبه حيثما ذهب..
                    جورج حبش فهمها مبكرا، فحل جهازه العسكري في لبنان -سنة 1972- مع الإيعاز لمقاتليه بالانضمام إلى فتح الغنية التي سوف توفر لهم حياة أفضل..

                    هذه النزعة التفردية كانت تؤرقه لعجزه عن ممارستها مع حماس التي انطلقت بعيدا عن مخالبه في الداخل الفلسطيني، وقد كان تواقا إلى الانتقال من تونس إلى غزة حتى يتسنى له اللعب فيها وفي الضفة على مناشيره التي صدأت منذ سنوات، فيحاول تنشيطها من جديد لبعثرة ذلك التنظيم الذي ولد عملاقا وفي أماكن يصعب على أزلامه مجاراته فيها ..
                    فالمسجد، يعرف أهله، والتربية الفكرية في الصغر تخرج فتيانا أصحاء وأشداء سرعان ما يشبوا عن الطوق ويردفوا من اعتادوا أن يصلوا خلفهم لسنين ..
                    قدوة تخرج أجيالا تختلف عن تلك التي تربت في قواعد فتح في لبنان على ما يتناقض مع تلك التربية وذلك التأسيس الذي زرعه الياسين وإخوانه في جوامع الأحياء الصغيرة وازقة المخيمات ..
                    فكان أن تراجع رصيد فتح الذي جمعته في الداخل الفلسطيني عبر تلك الهالة الكبيرة والإعلام المكثف خلال المد الثوري في الأردن ومن بعده في لبنان..
                    وحتى بعد الشتات ما بين الجزائر والعراق، ظل العمل الفتحاوي في الداخل يتلقى إمداداته بلا توقف.. بل وازداد تدفق الأموال خلال الانتفاضة الكبرى عبر قنوات شبه علنية لاستقطاب الجماهير وتحريكها وفقا لما يوجهها إليه المحرك الأكبر في تونس، وبالرغم من فقدان الكثير من تلك الموال عبر الطريق من قبل من كانوا موضع ثقة عرفات وزلمه، وهذا بحد ذاته مما يصب في خانة عملية شراء الذمم وتسجيل الخطايا التي برع فيها عرفات كي يسهل عليه التحكم في تلك الذمم المريضة عند الحاجة، فإن ما كان يصل إلى أزلامه كثيرا جدا، بالمقارنة مع الاكتفاء الذاتي الحمساوي، والتربية التقشفية التي كانت تصنع الرجال المؤمنين الصادقين، والقليل في الكم المبارك في المصدر الذي كان يصل حماس من منتسبيها ومن بعض أعضاء الإخوان المسلمين الفلسطينيين في الخارج..

                    ذات يوم، سال أبو المنذر "صبحي أبو كرش" أبو عمارعن ثمن طن الدقيق الذي كان يرسله إلى الداخل خلال الانتفاضة، فأجابه بكذا، فأبرز له أبو المنذر صورة فاتورة لدقيق قام الإسلاميون بتوريده إلى الداخل عبر جمعيات خيرية تركية، صعق أبو عمار بفارق السعر مع أنه في نفس الفترة!!
                    وسرعان ما استغل ذلك بفطنته المعهودة فيطرح صورة الفاتورة على طاولة أول اجتماع للجنة التنفيذية ل م.ت.ف صائحا بغضب مفتعل: شايفين ازاي بيسرقوني ازاي التجار المنتفعين من ما نورده من قوت لأهلنا في الضفة والقطاع !!
                    طب انا اعمل ايه؟ قولولي .. مش همهدول التجار الثقة اللي يادوبك عرفنا نستخدمهم!!

                    ما نعرفه أن الزعيم الإسلامي التركي نجم الدين أربكان -رحمه الله- كان قد عرض على عرفات أمورا اقتصادية جمة تعود بالفائدة على الشعب الفلسطيني و م.ت.ف ومفاتيح دعم اقتصادي للشعب في الداخل مستغلا علاقات تركيا مع الكيان الصهيوني والتي ورثها عن الحكومات التاتوركية السابقة ..
                    وكان العرض قد قدم له من خلال الأخ المحامي "أحمد سيف الإسلام حسن البنا" الذي كانت علاقاته طيبة مع أربكان، وبعضا من قادة فتح الذين لم ينقطعوا عن صداقاتهم مع رموز الإخوان المسلمين في مصر ..

                    سمعتها منه -البنا- شخصيا في بيته في العجوزة بالقاهرة أو من ذلك القيادي الذي أوصل الرسالة لعرفات شخصيا.. فذاكرتي خانتني في هذه الواقعة والذي رافقته في زيارة للرجل الكبير امتدت من الظهيرة لما بعد منتصف الليل..
                    بالطبع أبقى عرفات الباب مواربا على أربكان، لكنه لم يحاول الاستفادة من العروض الصادقة التي طرحها عليه في الوقت الذي كانت موارد المنظمة قد تقلصت بسبب حرب صدام على الكويت والدور المرسوم لعرفات بالوقوف في صفه

                    www.youtube.com/watch?v=0yXB3qeKPro

                    حقيقة أن النرويجيين الذين اصطفاهم عرفات ليكونوا وسطاءه لدى يهود، كانوا اكثر صهيونية من الصهاينة انفسهم .. فقد كانوا اللسان الذي يخاطب به الإسرئيليين عرفات في ذلك الوقت، وكانوا ابتكاريين في انتزاع المواقف من عرفات لصالح الطرف القوي الذي أخلصوا له..

                    تعليق


                    • #40
                      رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

                      أواخر أيار/ مايو 1993 ، وبعد أقل من عشرة أيام على آخر لقاء، اتصل "لارسن" مع أبو علاء عبر القناة الخاصة، واستخدم شيفرة بسيطة وتعابير خاصة متفق عليها. وأبلغه أن الجانب الاسرائيلي يطلب لقاء مستعجل، وسيحضر مع المجموعة الاسرائيلية خبراء في القانون. ونصح "لارسن" حضور رجل قانون مع أبو علاء. استبشرت الخلية الفلسطينية خيرا وناقشت الاقتراح النرويجي.
                      وجرى تداول بأسماء عدد من رجال القانون الفلسطينيين. لكن "خلية أوسلو" لم تتفق على اسم محدد، وآثرت السرية على الدور النوعي وبلغ الحرص على السرية درجة عدم العثور على رجل قانون قادر على كتم الأسرار. وجرى التداول من جديد ببعض الأسماء من غير القانونيين ممن راكموا خبرة في المفاوضات وبرزوا في إعداد الوثائق والملفات ويتقنون اللغة الانجليزية. وكالعادة وجدت "الخلية" نفسها محشورة بالوقت وبسرية قناة أسلو. وخلال الحشرة تحفظ أبو علاء على ضم عناصر جديدة لمفاوضات أوسلو.
                      وأمام الاقتراح النرويجي واستجابة لموقف أبوعمار وأبو مازن وياسر عبد ربه وافق أبو علاء على ضم أحد اثنين "يزيد صايغ" أو" خليل الهندي" للمفاوضات. ولم يطرح عبد ربه اسم رجل القانون الدولي " أنيس قاسم" بسبب معرفته المسبقة أن أبوعمار لا يرتاح لمواقف وآراء أنيس الخالية من أية مجاملات.
                      طبخة أوسلو لممدوح نوفل

                      المعروف أن الوفد الفلسطيني لا يضم شخصا واحدا يتمتع بسابق خبرة في خوض مفاوضات .. أي مفاوضات كانت، ربما كان أبو علاء بخبرته في العمل في مجال الاستثمار، وتراكم خبراته داخل حركة فتح وتمتعه بثقة أبو عمار –وهذا هو الأهم- قد تأهل ليكون على رأس الوفد الفلسطيني السري إلى أوسلو ..
                      ومن الطبيعي أن يتحايل لضم أعضاء لا يشكلون عليه خطرا في ترؤسه وبروزه امام المفاوضين اليهود..
                      حتى عند الحاجة إلى خبير قانوني، تبدى عجز القيادة في استخراج واحد من مئات الخبراء الذين يشار إليهم بالبنان من خلال عملهم لدى دولا عربية وفي المحافل الدولية !!
                      فكانت فرصة قريع في تركيز كل البيض في سلته وحده .. فكان هو الواجهة التفاوضية في كافة الشؤون السياسية والعسكرية –على قلتها- والجغرافية والاجتماعية ..





                      إلى ذلك، عاد ياسر من اجتماع "الخلية" وأجرى، في ساعة متأخرة من الليل" اتصال مع د. خليل الهندي وسأله إذا كان يمكنه السفر غدا صباحا إلى النرويج. واعتذر خليل الهندي بسبب ارتباط سابق بالتحدث في ندوة في باريس مقررة منذ مدة طويلة. وبعد فشل المحاولة مع خليل تم الاتصال مع يزيد صايغ حيث تواجد في عمان وطلب منه تحضير نفسه للسفر في اليوم التالي إلى النرويج، وهناك سيلتقي مع أبو علاء ويطلع
                      على المهمة. وافق يزيد إلا أنه تم العدول عن الموضوع في ذات الليلة. ولم يسافر يزيد، وسافر أبو علاء ومعه حسن عصفور والتحق بهما "محمد أبو كوش" بديلا عن ماهر الكرد. ومحمد أبو كوش من طاقم أبو علاء وأحد العاملين معه في الدائرة الاقتصادية، سبق وعمل في مجال العلاقات السياسية في الساحة الأمريكية. وأظن أن أبو علاء قدمه للخلية على أنه خبير في اللغة ومسائل القانون الدولي.
                      واستبدال ماهر الكرد كان نتيجة انزعاج أبو علاء منه، خاصة بعدما اكتشف أبو علاء أن ماهر فتح خطا مستقلا ومباشرا مع أبوعمار، يقدم له تقارير خاصة عن المفاوضات من خلف ظهره ولا يعطيه نسخا عنها. لكن من يعرف أبوعمار لا يفاجأ بسلوك الكرد، ويؤكد أن أبو علاء تسرع في إبعاد الكرد عن المفاوضات. فهو لم يقدم التقارير متبرعا من تلقاء نفسه بل بناء على طلب مباشر من أبوعمار. ومعروف للجميع أن أبوعمار شكاك ويحب تقديم الطلبات الخاصة مباشرة، وتقديم التقارير الخاصة مباشرة له، ويحب عقد الخلوات الخاصة حتى ولو خلت من كل جديد. يهتم بالتفاصيل وبخاصة تلك التي لها طابع أمني، ولا يكتفي بالعموميات ولا بالمحاضر الرسمية المنمقة. على كل حال ما حصل لاحقا مع أبو كوش لم يختلف عما حصل مع ماهر الكرد. حيث استدعاه أبوعمار وطلب منه تقديم تقارير خاصة.
                      المصدر السابق

                      الولاء على حساب مصلحة العمل، ولا دخل للوطن في المسألة برمتها، ولم يكن أبو عمار حالة شاذة في تجنيد المخبرين في كل مكان، بل هي سمة أخذت صفة الشمولية في الحركة، لكل قيادي عدد من المخبرين المنبثين في مختلف الأجهزة والمواقع الحساسة..
                      حتى ما سمي بخلية أوسلو، كان اختيار أبو عمار لأبي مازن وياسر عبد ربه ليشاركوه العمل في سرداب أوسلو مبنيا على الولاء وليس الخبرة أو الصفة التنظيمية، استبعد كبار القادة ممن لهم باع طويل في التفاوض والعلاقات الدولية لتأكده من أنهم لن يسيروا معه إلى المدى الذي وطد نفسه للوصول إليه في تنازلات وعروض لا يقبل بها أي منهم ..






                      سافر أبو علاء وعصفور وأبو كوش إلى أوسلو ووجدوا شخصا جديدا انضم للوفد الاسرائيلي. وقبل الدخول إلى الاجتماع يوم 11 حزيران/ يونيو اختلى أبو علاء بأعضاء المجموعة الاسرائيلية الأصلية، وأبلغوه أن رابين أرسل " زنغر" المستشار القانوني لوزارة الخارجية الاسرائيلية. وهذا الرجل مقرب جدامن رابين. ورابين يعتمد عليه وعلى أقواله وتقديراته ولا يعتمد تقييم " سافير" باعتباره مقربا من بيريز. وطلبوا من أبو علاء الهدوء وضبط الأعصاب وتحمل ما يطرحه "زنغر" حتى لو كان حديثه وأسئلته
                      استفزازية. وقالوا بصراحة اللقاء مع هذا الرجل حاسم، وطلبوا اعتباره امتحانا استفزازيا مقصودا لا بد منه.
                      فعلا، كانت المناقشة مع "زنغر" حامية كما وصفها أبو علاء. كان الرجل استفزازيا وكان استفزازه لا يطاق. أخرج من ملفه ورقة أسئلة تفصيلية دقيقة واستفزازية، تفاوتت الروايات عن عددها، الحد الأدنى خمسون سؤالا والأقصى ثمانون.
                      ضبطأبو علاء أعصابه وأجاب على الجزء السهل منها الذي لا يحتاج إلى تحديد مواقف جديدة وحمل بقية الأسئلة وعاد إلى تونس منزعجا ومحبطا إلى أبعد حد. أعادت أسئلة "زنغر" الأمور إلى نقطة الصفر ونسفت مسودتي إعلان المبادئ الأولى والثانية. إلى ذلك، اجتمعت خلية أوسلو فورا ودرست الأسئلة وأبدت امتعاضها الشديد من مبدأ الأسئلة، واعتبرته أسلوبا تفاوضيا فيه شيء من عدم اللياقة في التعامل والتفاوض. لكن ما نقله أبو علاء وعصفور للخلية وما نقله أبو كوش إلى أبوعمار عن جماعة بيريز وتمنياتهم، جعل الخلية تبلع الاستفزاز. وناقشت الأسئلة سؤال بعد سؤال. وأجابت على الأسئلة وأرسلها أبو علاء إلى "لارسن" في أوسلو لنقلها للإسرائيليين.
                      أجمعت "خلية أوسلو " أنه بالرغم من الاستفزاز فالمفاوضات في قناة أوسلو تسير للأمام ودخلت طورا جديدا. واعتبروا أي لقاء جديد يعني الاقتراب من الاتفاق. وانتبهت الخلية لبعض التفاصيل التي وردت في أسئلة " زنغر" خاصة تلك المتعلقة بمسألة غزة- أريحا أولا.
                      المصدر السابق

                      في كتابه المسيرة وحكاية أوسلو من الألف إلى الياء كتب أوري سابير:
                      لقد كانت طبيعة المفاوضات بيننا -نحن الطرفين-متشابهة إلى حد بعيد ففى جولتي المحادثات اللتين اجريتا فيالفترة الواقعة بين 41-15 من حزيران و 4 - 6 من تموز وجه كل طرف للطرف الآخر مجموعة من التساؤلات لاستيضاح موقفة.

                      وفى اليوم الذي وجه فيه يوال زينجر قائمة المائة سؤال لأبو علاء، ادرك أبو علاء أنه يقف امام اختبار اسحق رابين ،لأنه كان يعلم ان رابين يصغى ليوال زينجر، وأنه طلب منه ان يقدر فرص وإمكانية التوصل إلى اتفاق مع منظمة التحرير. وقد جعل هذا الوضع ابو علاه يجيب عن الأسئلة بأناة وصبر ويضبط نفسة إلى أقصى حد رغم الغضب الذي كان يجيش في صدره -كما خيل إلى- من اسلوب ولهجة زينجر، التي تميل إلى التحقيق. وقد جات الأسئلة والأجوبة على النحو الآتي:
                      زينجر: بأيدي من سيكون مصدر الصلاحيات في الضفة الغربية وغزه لا
                      أبو علاء: ستنقل بصورة تدريجية إلى أيدينا،
                      زينجر: هل فكرتم في جهاز سلطة ( جهازاو جهازان)
                      أبو علاه: نحن نطالب بصلاحيات تنفيذية وتشريعية.
                      زينجر: وماذا بشان إعادة الانتشار.
                      ابو علاه: يجب أن يطبق على جميع المناطق المأهولة بالفلسطينيين في البداية، ويجب عليكم أن تخلوها قبل ان تجري انتخاباتنا.
                      زينجر: وماذا بشأن مسائل الانسحاب الاخرى.
                      ابو علاه: يجب ان تنسحبوا إلى مناطق أمنية محددة.
                      زينجر: وما الوصف الذي سيعطى لهذه المناطق (انا افترض أنك تدرك أن الجيش الإسرائيلي هوالذي سيحدد أماكن إعادة الانتشار في الضفة الغربية)

                      أبو علاء: وأنا افترض أنكم لن تتخذوا قرارا ينص على ان الضفة الغربية هي منطقة امنية.


                      وهكذا
                      « تواصلت الأسئلة طيلة اليومين الأولين للقاء، وطيلة ثلاثين ساعة تقريبا،مما ساعد زينجر في بناء فكرة تحدد اتجاهمنظمة التحرير.

                      شعرت بالخشية من الانطباع الذي
                      أثاره زينجر في أوساط الفلسطينيين. فقد كنت أفضا دائما أسلوب الإقناع كوسيلة مجدية لإنجاز الأهداف. بيد انني سرعان ما أدركت أن لدى زينجر أسلوبه الخاص ، وأنه يجيد عملية خلق الثقة. وعلى أية حال فقد تأثر زينجر منهذا اللقاء من عمق وجدية محادثيه.
                      وفى أعقاب اللقاء طرنا إلى فينا لتقديم تقرير إلى بيريز،الذي قدم إلى المدينة للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وفى الطريق قال لي زينجر أنه مقتنع بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق مع منظمة التحريربيد انه اهاب بي كيلا نبدي حماسا خلال تقديم التقرير لبيريز.
                      كان زينجر مثله مثل الكثيرين غيره، يعتقد أن "شبيبة بيريز" متلهفون اكثر مما ينبغي لمعانقة العدو،هذا رغم أنه غير رأيه فيما بعد واعتبرنا من أشد المفاوضين الإسرائيليين.

                      عندما عاد بيرس إلى غرفته، وجدنا بانتظاره ، فقال بصوت مرتفع: كيف سارت الأمور يا زينجر؟
                      - زينجر:إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع هؤلاء الأشخاص سنكون حميرا.
                      - أنا : يا إلهى كيف تبدو عندما تكون متحمسا.
                      هناك تناقض بين الروايتين ..
                      نوفل يقول بأن ابو علاء قد أجاب عن بعض الأسئلة وحمل الباقي إلى تونس لتلقي الإجابة وإرسالها إلى أوسلو..
                      وسابير يقول بأن زينجر وأبو علاء استمرا ليومين استغرقا 30 ساعة عمل أجاب
                      أبو علاء خلالها على الأسئلة .. ومن ثم طار سابير وزينجر إلى جنيف لتقديم تقرير إلى بيريز الذي كان هناك!!
                      هل يكون قد فات سابير ذكر تفصيلة مهمة كهذه؟ فمصدر الإجابات كلها عنده هو أبو علاء ..
                      هل أجاب أبو علاء على الأسئلة كلها ثم حملها وعاد إلى تونس ليبرئ ذمته ويلقي بتبعة الإجابة عن كاهله؟
                      غير معقول!! فهو يعرف أنه مراقب وهناك من ينقل لعرفات كل صغيرة وكبيرة ..

                      الله اعلم

                      إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع هؤلاء الأشخاص سنكون حميرا.

                      هذا الكلام لم يصدر عن رجل شارع جالسا على قهوة يدردش مع صديق له ..
                      بل إن مصدره كان خبيرا قانونيا محترفا ..
                      انبهر ذلك الخبير بسذاجة مفاوضيه وسهولة اختراق معاقل اعتراضهم وإطارة شكوكهم.. فلم لا يغتنم فرصة قد لا تلوح لليهود من جديد بعد عشرات السنين؟!!

                      في النهاية لم يكونوا حميرا ..
                      الحمرنة كلها كانت في جانبنا .. فقد اشترينا الوهم بأغلى الأثمان ..


                      وكتب سابير في تقريره لبيريز:


                      "لا شك لدي في أن الفلسطينيين يسعون إلى إقامة دولة مستقلة، ويخيل إلي أنهم يفضلون إقامة اتحاد كونفدرالي مع الأردن، مع تطوير مصالح مشتركة مع إسرا نيل.وهم معنيون بتوجه عرفات إلى المناطق، وهدف عرفات يتمثل في نزع سلاح حماس، وفى نفس الوقت، بأنهم يخشون من إدارة الحكم الذاتي، ويدركون أنهم سيكونون مرتبطين بالتعاون مع إسرائيل. وهم شديدو الحساسية تجاه الرأي العام الفلسطيني،بيد أنهم لا يكنون الكثير من التقدير للزعامة المحلية التي تدير المفاوضات في واشنطن. "اعتدت خلالزمن المفاوضات أن أتقاسم مع بيريز مشاعري وأحاسيسي تجاه الفلسطينيين. وقد قلت له ذات مرة: لقد أخطأنا جميعا بالادعاء أننا خبراء فى الشؤون العربية بشكل عام،والشؤون الفلسطينية بصورة خاصة. فكلما أكثرت من الالتقاء بشركائنا الفلسطينيين،كلما
                      اكشفت أننا ربما نعرف الكثير جدا . بيد أننا نفهمهم قليلا.
                      وهم معنيون بتوجه عرفات إلى المناطق، وهدف عرفات يتمثل في نزع سلاح حماس،

                      بالطبع لم تكن هذه الفقرة من استنتاجاته الشخصية، بل هي منقولة عن تبريرات عرفات التي نقلها قريع لتسريع عملية تسليم "غزة وأريحا اولا" وبعد عشرين عاما نجد أن من أضافوا "وأخيرا" كانوا مصيبين ..






                      تعليق


                      • #41
                        رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

                        ويسبق الصحو عاصفة ..

                        استخدم أبو عمار المرحلة الأخيرة من مباحثات السرداب في أوسلو وتعطيله لتلك العلنية في واشنطون للضغط على أمريكا كي تفتح مزلاج التدفق النقدي على م.ت.ف. والذي كانت أغلقته بعد حرب الخليج كجزء من فيلم تركيع الفلسطينيين، تمهيدا لصعقات الحلول الاستسلامية، فكان ان أغلق خزنته حيث الكنز المجهول، وانكشف حال الصندوق القومي الفلسطيني حيث عجز عن دفع أية التزامات كانت.
                        فواتير فندق واشنطون حيث يقيم الوفد الفلسطيني، إيجار واتعاب موظفي مقر الوفد في القدس، إيجارات بيوت أعضاء اللجنة التنفيذية ل م.ت.ف وفواتير هواتفهم، رواتب البعثات الدبلوماسية في مختلف أنحاء العالم، حتى أنه كان يجيب السفراء بأن يبيعوا مقر السفارة وبيت السفير ويعودوا إلى تونس أو عمان..
                        كانت الحركة مكشوفة للجميع في تونس، وضاق كبار القوم ذرعا بها، فاجتمع نفر منهم في مكتب أبو مازن ليبحثوا وسائل الضغط على عرفات ليكشف لهم حقيقة الأوضاع المالية، وبحث مسألة إصلاح البيت الذي لم يعد يصلح فيه أي ترميم ..
                        اتفق أبو مازن - محمود درويش - ياسر عبد ربه على الاستقالة جماعيا .. ورقة من خمسة أسطر أرسلوها مع محسن ابراهيم (صديق الجميع أمين عام منظمة العمل الشيوعي اللبناني الذي غادر معهم بيروت) إلى عرفات ليعود لهم بعد قليل بأن عرفات بكى بحرقة وهو يقرأ رسالة الاستقالة ..
                        لم تنطلي عليهم دموع التمساح الأكبر وأصروا على الاستقالة ..




                        السويعات الأخيرة في سرداب أوسلو
                        مكالمة الساعات السبع ..
                        التي حولت المنظمة
                        من التحرير إلى التفريط


                        فصل في كتاب طبخة أوسلو لممدوح نوفل:

                        سهرة على الهاتف... تحسم الاتفاق.

                        ليلة استقالة أبومازن وياسر عبد ربه ومحمود درويش 17/8/1993 اتصل مكتب أبو عمار، بحدود الساعة الحادية عشرة ليلا، مستفسرا عن ياسر. قلت لهم أنه غير موجود. تحدث أبو عمار مباشرة وقال: ياسر هارب مني يا ممدوح، حضوره الان لطرفي ضروري جدا. قلت: ياسر في البيت يا أبوعمار وأنا متأكد من ذلك.

                        السادسة صباح اليوم التالي (18/8/1993) رن جرس الهاتف. كنت غارقا في غفوة الصباح، نهضت زوجتي وعادت تقول، ياسر على الخط ويلح على الحديث معك. نهضت أفرك عيني، وقلت لنفسي: خير إنشاء الله، ما الذي دفع ياسر للاتصال في مثل هذا الوقت، لا بد من حصول شيء هام. خلال وجودنا في لبنان كان الاتصال في مثل هذا الوقت نذير شؤم، وكان يتم فقط في حال وقوع غارة إسرائيلية قوية على مواقع الثورة، أو استشهاد شاب أو مجموعة في عملية قتالية، أو غارة جوية على أحد المخيمات أو المواقع العسكرية أو هجوم إسرائيلي على الجنوب اللبناني .
                        رفعت السماعة وقلت خيرا إن شاء الله، بادرني عبد ربه بالقول: مبروك! ولما استفسرت حول الموضوع، قال: تم التوصل إلى اتفاق مع أولاد عمنا. سهرنا حتى الخامسة صباحا وسهر معنا في الجهة الأخرى بيريز ورابين وهولست وزير خارجية النرويج. في الخامسة صباحا انتهينا وأخذنا صورة تذكارية (أبوعمار وأبو مازن وأبو علاء ومحسن إبراهيم وأنا) ونسي أن يذكر حسن عصفور. قلت: عظيم وعجيب، أمس نمنا وأنتم والأمور في أوسلو شبه مقفلة، بليلة واحدة ظلماء انتهى صراع أربعين عاما.
                        قال: "صدق أو ل تصدق هذا ما حصل، شرِّف لطرفي إذا أردت معرفة التفاصيل. أنا عاجز عن النوم منفعل وغير مصدق ما جرى".
                        بعد هذه المكالمة لم استطع ضبط انفعالاتي ولم أسيطر على أعصابي. دخلت المطبخ لأعد قهوة الصباح. كنت أتحدث مع نفسي ولم أتوقف عن الكلم إل بعد أن سألت زوجتي مع من تتحدث؟ في تلك اللحظات اجتاحتني موجة قوية من المشاعر المتناقضة بعضها كان مفرحا والآخر مؤلما ومبعث حزن وألم. أن يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بين منظمة التحرير والحكومة الاسرائيلية فهذا يعني انقلابا في الفكر الصهيوني، وتغييرا استراتيجيا
                        نوعيا في تفكير رابين. ويعني أيضا أن الدولة الفلسطينية قادمة لا محالة، طال الزمن أو قصر. لكن الاتفاق يعني أيضا أننا سلمنا بأن جزءا عزيزا من أرض الآباء والأجداد لم يعد لنا، وصار اسمه إسرائيل.
                        في طفولتي كانت تطاردني كوابيس أحلم حول اليهود القتلة الأقوياء. أخذوا أرضنا وتسببوا في فقرنا وجوعنا، هكذا كانت تقول أمي. فهل الاتفاق قادر على محو آثار تلك الكوابيس، أم أنه هدنة طويلة اتفق عليها المتحاربون بعدما تعبوا وملوا الحرب ولم يعودوا قادرين على مشاهدة مزيد من الدماء والخراب والدمار الذي تخلفه الحروب؟ هل ستنتهي هذه الهدنة عندما يكبر الصغار ؟ وسألت نفسي هل كان يمكن تقصير الطريق واختزال الزمن والعذاب، أم أننا واليهود كنا ضحايا صراع العمالقة الكبار وضحايا الحرب الباردة التي صنعوها وامتدت خمسين عاما؟ في تلك اللحظة قررت إطلاع زوجتي على قصة أوسلو وقصة الاتفاق.
                        بعد أقل من ساعتين كنت في بيت ياسر وسمعت الرواية التالية: بعد الاستقالة ليلة أمس ومغادرتنا مكتب أبو مازن، اتصل "هولست"، وزير خارجية النرويج مع أبو عمار مباشرة وقال له بحثت عن أبو علاء على الأرقام المتفق عليها ولم أجده، هل لي أن أزعجك يا سيادة الرئيس بالعثور عليه؟ أتحدث من السويد من عند الصديق الاسرائيلي نظيري من الطرف الآخر(بيريز)، وهو يرغب في الانتهاء الليلة من كل الموضوع، وحتما سنكون بحاجة لمساعدتك. وتمنى على أبوعمار أن يبقى ساهرا.
                        بعدها راح أبوعمار يبحث عن الثلاثة أبومازن وياسر وأبو علاء، وبعد نصف ساعة كانوا مجتمعين مع محسن إبراهيم وحسن عصفور عند أبوعمار. وعلى مدى سبع ساعات دارت مفاوضات على الهاتف بين الطرفين. كانت المفاوضات تجري بين خلية "يوغرتا" (مقر أبوعمار في تونس)، وبيريز في ستوكهولم ، بوساطة الوزير النرويجي
                        "هولست"، الذي طار إلى هناك بناء على طلب بيريز لإدارة المفاوضات بين الطرفين. كانت مسودات الأوراق أمام الطرفين، وكان الحديث حول كل موضوع يتم بالرقم المعطى له.
                        من بداية المكالمة، نقل الوزير النرويجي موافقة بيريز على:
                        أ. تثبيت مسودة إعلان المبادئ الأخيرة كأساس للبحث والنقاش.
                        ب. تثبيت، تأجيل البحث في القضايا التي كانت مقترحة للتأجيل في آخر لقاء بين الطرفين، وهي: الحدود، اللاجئين، القدس، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، العلاقة والتعاون مع جيران آخرين.
                        ج. الموافقة على تثبيت المحضر الملحق لآخر جلسة عقدت بين الطرفين في أوسلو جزءا رسميا في الاتفاق.
                        بعد تثبيت هذه النقاط الرئيسية بدأ أبو علاء والوزير النرويجي التدقيق في بنود إعلان المبادئ بندا بندا ، وكل منهما يضع أمامه ذات النسخة من الإعلان. بعد الاتفاق على القضايا المؤجلة بات واضحا أن ما تبقى من نقاط يمكن الوصول بشأنها إلى قواسم مشتركة، وبالتالي يمكن الانتهاء من الصياغة النهائية للاتفاق خلال الليلة ذاتها. خلال التدقيق في البنود جرى التوقف مطولا عند بعض البنود، وبعضا من البنود الأخرى لم يستغرق وقتا طويلا، وتم تثبيت الصيغة النهائية للمسألة المركزية التي تحملها.
                        في المادة الأولى من إعلان المبادئ مثل، جرى التيقن من الفقرة الأخيرة التي تقول "الترتيبات الانتقالية جزء لا يتجزأ من عملية السلام، ومفاوضات الوضع الدائم ستؤدي إلى تطبيق قراري مجلس المن 242 و 338 ". وبعد مساومات وأخذ ورد تم تثبيت صيغتها النهائية التي وردت في الاتفاق كما يطالب الفلسطينيون.
                        أما المواد الثانية والثالثة والرابعة من البروتوكولات فتم المرور عليها مرور الكرام. عند المادة الخامسة طال النقاش حول الفترة الزمنية للمرحلة الانتقالية، وكذلك حول تاريخ بدء مفاوضات الوضع الدائم بين حكومة إسرائيل وممثلي الشعب الفلسطيني، والوجود الدولي المؤقت، وحل الحكومة العسكرية والدارة المدنية الاسرائيلية، وترتيبات الوضع على المعابر. وحاول أبو علاء، بناء على إلحاح أبوعمار وتوجهات الخلية، اختصار الفترة الزمنية وتقريب تاريخ بدء المفاوضات حول الوضع النهائي. إلا أن محاولته لم تنجح لسيما أن المناقشات السابقة لم تؤثر في الموقف الاسرائيلي، وظل المفاوض الاسرائيلي متمسكا بالنص.
                        أخيرا ثبتت صيغة تقول "تنتهي مفاوضات المرحلة النهائية في فترة أقصاها خمس سنوات، والنص أخذ من رسالة الدعوة لمؤتمر مدريد" . والشيء ذاته وقع عند محاولة شطب الجملة الأخيرة من النقطة الثالثة من ذات المادة الخامسة التي تقول "ومسائل أخرى ذات الاهتمام المشترك". أما بشأن الإدارة المدنية فقد تمت الموافقة على
                        حلها. وتم الاتفاق على بقاء الحكومة العسكرية لحين تنصيب المجلس الانتقالي.
                        ظل النقاش على الهاتف متواصل، إل أن العقد الكبيرة كثيرا ما فرضت على أحد الطرفين طلب التوقف بضع دقائق لإجراء المشاورات. وعندما كان أبو علاء يغلق الخط للتشاور مع الخلية، كان بيريز يتصل فورا مع رابين في تل أبيب.
                        عند مناقشة المادة السادسة من مسودة الاتفاق طال النقاش وحصلت تشنجات على الهاتف.
                        وحاول أبو علاء زيادة عدد مجالات السلطة التي سيتم نقلها للفلسطينيين قبل انتخاب المجلس الانتقالي. وطلب الجانب الاسرائيلي ربع ساعة لإجراء الاتصالات، وعاد بعدها وأصر على موقفه وعلى العدد الأولي الذي ثبت في المسودة قاعدة النقاش. ورفض بيريز بشكل قاطع، عبر الوزير النرويجي، نقل المجال الاقتصادي للفلسطينيين قبل تنصيب المجلس الانتقالي المنتخب. وحتى الن لم أجد تفسيرا لهذا الموقف من بيريز إذ أنه يناقض ذاته. هو من جهة يركز على ضرورة أن ينهض الفلسطينيون بالأعباء الاقتصادية ويعتبرها أساس نجاح الاتفاق، وبالمقابل، يرفض تسليم السلطة الفلسطينية المجال الاقتصادي. وتزداد الغرابة والاستهجان إذا عرف أن مجالي الاقتصاد والزراعة وافق "بيغن" عام 1979 على تسليمها للفلسطينيين. ووافق "روبنشتاين" في مرحلة من مراحل مفاوضات واشنطن على تسلم الفلسطينيين ثلاثة عشر مجالا بينها المجال الاقتصادي. وأصر بيريز على حصر السلطات المنقولة في ستة مجالات فقط: التعليم والثقافة والصحة والشؤون الاجتماعية والضرائب المباشرة والسياحة، وبناء قوة الشرطة، دون الاتفاق على عددها أو تسليحها أو وظائفها وحدود صلاحياتها.
                        بعد محاولات متعددة لزيادة عدد المجالات وجدت الخلية الأنسب تجاوز الموضوع، وعدم إفشال الاتفاق بسببها، لسيما أن جميع المجالات يفترض نقلها للفلسطينيين خلال فترة لا تتجاوز تسعة شهور. وأظن أن موافقة رابين على تسليم غزة وأريحا للمنظمة دفع أبوعمار إلى عدم التشدد في هذا الموضوع. والقضية الثانية التي طال النقاش حولها كانت مقر قيادة السلطة الفلسطينية ومركز إدارة المجالات التي سيتم نقلها قبل الانتخابات، أي مكان إقامة أبوعمار والقيادة الفلسطينية، ومصير المؤسسات والمراكز الفلسطينية الموجودة في القدس.
                        خلل المكالمة الهاتفية لفت نظر الخلية الفلسطينية إصرار بيريز على وضع نص يقول أريحا وغزة هما المقر لإدارة هذه السلطات، دون النص على فترة زمنية محددة، ودون ذكر شيء عن مصير الموجود من المؤسسات الفلسطينية في القدس. حاولت الخلية شطب كل النص لكن بيريز رفض وتعقدت المفاوضات حول الموضوع.
                        ، وبعد أن نام رابين، قرابة الخامسة صباحا وافق بيريز على أن يتضمن "البروتوكول" رقم 2 نصا في النقطة الخامسة يقول: "سيكون موقعها في قطاع غزة ومنطقة أريحا لحين انتخابات المجلس". وتعهد بيريز للوزير النرويجي أن لا تطرأ أية تغييرات على وضع المؤسسات والمراكز الفلسطينية الموجودة في القدس بما في ذلك
                        "الأورينت هاوس". ولم تكتف الخلية بالتعهد الشفوي وطلبت أن يقدم بيريز ورقة خطية للراعي النرويجي تنص على ذلك. في تلك اللحظات وافق بيريز واعتبر الطرفان أن الاتفاق على إعلان المبادئ قد تم. أما الاعتراف المتبادل فاتفق على استكمال النقاش حوله بعد وصول أبو علاء إلى أوسلو.
                        وقبل إغلاق الخط لم يحاول الجانب الفلسطيني إثارة أية قضية من قضايا إجراءات بناء الثقة، وقضايا حقوق النإسان الفلسطيني، من نوع المعتقلين والمبعدين ووقف الاستيطان ووقف مصادرة الأراضي، علما أن هذه القضايا كانت موضع صراع دائم في مفاوضات واشنطن. لاحقا أثار أبو علاء بعضها إلا أنه لم يخرج بنتائج تذكر. وفي نهاية المكالمة أصر الوزير النرويجي على أبوعلء السفر في اليوم ذاته (صباح 18/8/1993) إلى أوسلو لتوقيع الاتفاق بالأحرف الأولى. وأبلغه أن بيريز سيتأخر لهذا الغرض، ويرغب في العودة إلى إسرائيل وهو يحمل اتفاقا نهائيا، وعرضه على مجلس الوزراء الاسرائيلي الذي سيعقد اجتماعا استثنائيا لمناقشة الاتفاق. وشدد الوزير النرويجي على حضور أبو علاء لاستكمال مناقشة مسألة توقيع م. ت. ف. على الاتفاق ومسألة الاعتراف المتبادل. ونقل "هولست" عن بيريز أنهم جاهزون للبحث في الموضوع جنبا إلى جنب مع اتفاق "إعلان المبادئ"، وقبل التوقيع النهائي وإتمامه ليكون جاهزا على الاتفاق.
                        لا شك في أن من حق "هولست" أن يسجل الفلسطينيون له أنه فاوض نيابة عنهم في أحيان كثيرة، وأن يسجلوا له أنه ظل بجانبهم وتبنى آراءهم ومواقفهم طيلة فترة المفاوضات. وكل من يسمع شريط المحادثات -المفاوضات- على الهاتف يستطيع معرفة حجم الجهد الكبير و المضني الذي بذله "هولست" لانتزاع بعض النصوص التي طلبها الفلسطينيون. وقبل إغلاق الخط اتفق أن يبذل أبو علاء جهده للسفر يوم الاربعاء 18/8/93 ، وإذا تعذر ذلك عليه حتما أن يكون في أوسلو يوم 19/8/93
                        بعد إقفال الخط حمل أبوعمار أوراق الاتفاق ووقف بجانبه أبو مازن وأبو علاء وياسر ومحسن إبراهيم وحسن عصفور، والتقطت لهم صورة تذكارية. وارتجل أبوعمار كلمة قصيرة كانت، حسب وصف ياسر، عاطفية ومؤثرة. وردا على سؤالي حول آراء الإخوان في الصيغة النهائية للاتفاق، خصوصا أنه قفز عن وقف الاستيطان، قالياسر: الكل مقتنع أن موازين القوى والظروف المحيطة بنا لا تعطينا أكثر مما أخذنا. المسالة الجوهرية هي الاعتراف بالمنظمة ممثل للشعب الفلسطيني. وتعرف أن الانسحاب من غزة وتسليمها للمنظمة يشكلان قضية مركزية سيطرت على ذهن أبوعمار.
                        وأضاف أن محسن إبراهيم (أمين عام منظمة العمل الشيوعي في لبنان) حاول تأجيل التوقيع على الاتفاق أطول فترة زمنية ممكنة، واقترح أن يتم التريث فلسطينيا، ويقوم أبو عمار بجولة عربية يطلع خلالها الزعماء العرب على الاتفاق. وأن يتم الانتظار ريثما يتوصل العرب الآخرون إلى اتفاقات، ويكون التوقيع جماعيا كي لا يتهم الفلسطينيون أنهم عملوا "كمب ديفيد" جديد، لكن الجميع رفض فكرة محسن، واتفق على الإسراع في التوقيع والعمل على إطلاع الزعماء العرب بصورة أو أخرى على الاتفاق.
                        واعتبر الحاضرون أن اقتراح محسن يعرض الاتفاق لأخطار جسيمة. واتفقوا أن تتم جولة أبوعمار على الدول العربية بعد التوقيع وليس قبله.
                        صباح اليوم التالي تذكرت الخلية أن الاتفاق أنجز ولم يقرأه قانوني فلسطيني أو عربي أو دولي مندوبا عن الفلسطينيين، علما أن "زنغر" هو المستشار القانوني لرئيس الحكومة الاسرائيلية وكان مفاوضا رئيسيا. فورا تم الاتصال مع "سعيد كمال" سفير فلسطين في القاهرة وطلب إليه إبلاغ "طاهر شاش" السفر فورا إلى أوسلو، و"شاش" قانوني مصري الجنسية شارك في مفاوضات الحكم الذاتي بين مصر وإسرائيل عام 1971 - 1981 ، وألحق لفترة من الزمن، بناء على طلب من أبوعمار، بالوفد الفلسطيني في مفاوضات واشنطن. سافر "شاش" إلى أوسلو دون معرفة طبيعة المهمة المكلف بها. وهناك استقبله "لارسن" وأطلعه على المهمة وسلمه نسخة من الاتفاق. بعد قراءة الاتفاق وتدقيقه من الناحية القانونية اتصل "شاش" وقال: لا مشكلة في النواحي القانونية للاتفاق.

                        ضحى يوم 19 /8/ 1993 اتصل أبومازن مع ياسر وطلبه حضور اجتماع طارئ لخلية أوسلو، وأبلغه أن رابين اعترض على النص المتعلق بمقر السلطة والمجالات المنقولة قبل الانتخابات. ذهب ياسر، وبعد أقل من ساعة عاد وقال: أوضاع الاسرائيليين ليست أفضل حالا منا. رابين عينه على المعارضة الداخلية. نهض السيد من نومه وتناول كالعادة كأس ويسكي وسأل: ماذا تم بشأن مركز السلطات المنقولة، وقيل له بيريز وافق على نص يقول "تكون أريحا وغزة مركزها لحين الانتخابات" عندها توتر وانفعل بحدة ورفض. وطلب من بيريز تعديل الصيغة. ناقشنا النقطة، وثبتنا "لحين تنصيب المجلس" بدل من "لحين الانتخابات". أما الرسالة بشأن المراكز الموجودة في القدس، فقد بقي الاتفاق حولها كما هو وسوف نحصل لاحقا على رسالة رسمية موجهة من الحكومة الاسرائيلية إلى وزير الخارجية النرويجي، على أن تبقى سرية لا يجري عرضها على أي هيئة فلسطينية ولا يتم تسريبها لوسائل الإعلام.
                        وأضاف ياسر: يبدو أن مسألة تبادل الاعتراف بالمنظمة ستسبق التوقيع الرسمي على الاتفاق. هذه آخر أجواء بيريز ورابين، لكن الثمن لن يكون بسيطا، المطلوب تثبيت نص خلاصته شطب ميثاق منظمة التحرير.
                        صباح يوم 19/8/93 عاد "هولست" و"لارسن" ومن معهما إلى أوسلو لاستقبال الوفد الاسرائيلي برئاسة بيريز الذي رتب وصوله بدعوة رسمية لزيارة النرويج. واستقبال الوفد الفلسطيني في زيارة سرية رتبت على عجل. مساء اليوم ذاته وصل أبو علاء وحسن عصفور وأبو كوش أوسلو والتقوا فورا الوفد الاسرائيلي بحضور الطرف النرويجي. كان اللقاء حميما، وبعد تبادل التهاني بالنجاح دخلوا فورا في مناقشة مسألة الاعتراف المتبادل وترتيبات التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق. وبعد نقاش قصير اتفقوا على الانتهاء أولا من توقيع إعلان المبادئ بالأحرف الأولى، يتابعون بعدها إعداد الأوراق اللازمة لتبادل الاعتراف.
                        في حينه، قدم الجانب الاسرائيلي "سافير" و "زنغر" لتوقيع الاتفاق، عندها صار لا بد من مشاركة حسن عصفور بجانب أبو علاء.
                        في الساعة الأولى من فجر يوم 20/8/93 نظم احتفال بسيط ووقع المعنيون من الطرفين الاتفاق بحضور الوفدين الاسرائيلي والفلسطيني ومعهم "هولست" وزوجته و"لارسن" وزوجته "منى" وعدد محدود من طاقم الخارجية النرويجية والطاقم الأمني النرويجي الذي أشرف على حراسة الوفدين. وبعد التوقيع تبادل أبو علاء و سافير الكلمات العاطفية .
                        فور انتهاء الاحتفال اتصل أبو علاء مباشرة مع تونس، وأبلغ أبوعمار أن الاتفاق وقع بالأحرف الأولى، واتفق على توقيعه بصفة رسمية ونهائية خلل عشرة أيام من تاريخ التوقيع بالأحرف الأولى، وأن تصادق عليه المؤسسات التشريعية من الطرفين خلال فترة أقصاها شهر بدءا من تاريخ 20 آب/ أغسطس. وافق أبوعمار على ذلك وتم تثبيتها نقطة ملحقة بالاتفاق. وقال أبو علاء: سوف نتابع مناقشة موضوع الاعتراف المتبادل، وأكد أن الاسرائيليين متمسكون بمطالبهم وخاصة إلغاء بعض بنود الميثاق. وشدد أبو عمار أن يكون الاعتراف بالمنظمة ممثل شرعيا ووحيدا واضحا وصريحا، وأن تتولى المنظمة التوقيع الرسمي عبر من تنتدبه لذلك.
                        بعد التوقيع توجه الجميع إلى منزل وزير خارجية النرويج "هولست" والتقى أبو علاء وحسن مع بيريز. ودارت بينهم دردشة حول الاتفاق وحول المستقبل. في الدردشة سأل من  بيريز من جانبكم على اطلاع وعلم بالموضوع؟ رد أبو علاء: ستة فقط، المترجم وأبو عمار وأبو مازن وياسر عبد ربه وأبو علاء وحسن عصفور، والصديق اللبناني محسن إبراهيم الذي نعتبره جميعا من أهل البيت الفلسطيني المطلعين على أسرار ودواخل القيادة الفلسطينية. وسأل بيريز: أين موقع أبو اللطف، وزير خارجيتكم، من الموضوع، المفترض أن أوقع الاتفاق معه؟ رد أبو علاء على استفسار بيريز: اليوم ظهرا أبلغ أبو اللطف بالموضوع.
                        لم يفاجأ بيريز بما قاله أبو علاء وراح يدقق في المشكلات المحتملة على الجانب الفلسطيني، ومدى قدرة أبو عمار على انتزاع موافقة القيادة الفلسطينية واللجنة التنفيذية. وتحدث بإسهاب عن المشكلات التي سيخلقها الاتفاق في إسرائيل، وأكد تصميم حزب العمل المضي قدما بالاتفاق ومواجهة كل الصعوبات. وقال: "علينا أن نطير بالاتفاق وبالمفاوضات اللاحقة وأن يكون طيراننا بأقصى سرعة، ونعتمد أسلوب الارتفاع في العالي أثناء التحليق وتجنب الطيران المنخفض والبطيء، فأي تلكؤ أو إبطاء في التنفيذ تكون له انعكاسات سلبية لسيما في المرحلة الأولى. أمامنا شهر علينا استغلاله بأقصى الحدود. في الجلسة ذاتها أثيرت ردود الفعل المحتملة من قبل الأمريكان لسيما أنهم سيفاجؤون بالاتفاق وسرعة الوصول إليه. واقترح بيريز أن تبادر النرويج إلى إبلاغ وزير الخارجية الأمريكي "كريستوفر" بما تم، وان يترك لبيريز شخصيا أمر إقناعهم والحصول على دعمهم وتأييدهم. وقال بيريز: نحن أدرى الناس بالأمريكان، نحن الأقدر على التفاهم معهم. وطمأن الحضور إلى أن الأمريكان سوف يدعمون الاتفاق ويدفعون بعضا من كلفته. وأضاف: سأعود إلى إسرائيل فورا لأطلع رئيس الحكومة على الاتفاق وأغادر بعدها فورا إلى واشنطن للقاء "كريستوفر"، وترتيب إخراج الاتفاق للعالم. وشدد بيريز على كتم الموضوع مدة عشرة أيام فقط، يكون خلالها سافر إلى واشنطن وعاد.
                        بعد ذلك، انتقل جميع من في أوسلو من الطرفين إلى مناقشة دور م. ت. ف. في التوقيع على الاتفاق وكيفية تجاوز العقبات. وطرح بيريز أنه يفضل دفع الأمور إلى أقصى مدى ممكن وبأسرع وقت ممكن. وقال: نحن نعرف قيمة الاتفاق وجديته أن يكون مع م. ت. ف. مباشرة. ونحن نعرف ثقل م. ت. ف. في غزة والضفة وعلى المستوى العربي والدولي، ونعرف أن توقيع فيصل أو حيدر أو كل الوفد يضعف الاتفاق ولا يحميه. وتحدث بإسهاب عن انطباعاته حول فيصل وحيدر والوفد المفاوض في واشنطن. وقال: لو اعتمدنا عليهم لما وصلنا إلى أي اتفاق. واقترح بيريز أن يتواصل النقاش بين المجموعتين، وأن لا يغادر أحد أوسلو قبل إتمام اتفاق الاعتراف المتبادل. وختم حديثه بالقول أطلعت على مسودة البيان المقترح صدوره عنكم. البيان جيد ويحتاج إلى بعض التدقيق وبعض التفاصيل. المهم أن يكون هناك نص واضح على إلغاء بنود الميثاق التي تدعو إلى تدمير دولة إسرائيل، وتتعارض مع نصوص الاتفاق وروحه، وأن تجدوا صيغة تدعو إلى إنهاء العنف. نحن نقدر أن من الصعب على المنظمة أن تدعو الآن إلى وقف الانتفاضة بصورة علنية ومباشرة.
                        تحدث أبو علاء مطولا حول الأوضاع والظروف الصعبة التي تمر بها المنظمة، وردود الفعل السلبية المحتملة على الصعيد العربي، والتصعيد المحتمل في مواقف المعارضة الفلسطينية. وأكد أن نجاح الاتفاق مسؤولية فلسطينية - إسرائيلية ، ولا غنى للطرفين عن دعم وإسناد الأمريكان. عليهم تحمل مسؤولياتهم في جميع الاتجاهات بما في ذلك الحصول على دعم عربي للاتفاق وتخفيف معارضة المعترضين. وطرح ضرورة أن يقوم الطرفان النرويجي والإسرائيلي بدور تجاه دفع الولايات المتحدة لإعادة علاقاتها مع المنظمة وفك الحصار المالي المضروب حول م. ت. ف. وأكد أن حصار المنظمة ماليا فرض بقرار أمريكي ورفعه يتم بقرار أمريكي. أكد الوزير النرويجي وبيريز منطقية الطرح، ووعدا تحمل المسئولية وبحث الأمر مع الأمريكان.
                        انتقل أبو علاء بعدها للحديث عن مسئولية إسرائيل في إنجاح الاتفاق. وأكد أهمية أن يلمس الناس بأسرع وقت ممكن نتائج الاتفاق على الأرض. وطالب أبو علاء بيريز أن تبادر الحكومة الاسرائيلية إلى إطلاق سراح المعتقلين وإعادة المبعدين، ووقف الممارسات القمعية ورفع الحصار عن القدس...إلخ، من المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان الفلسطيني وبناء الثقة بين الطرفين. رد بيريز قائلا : هذا حق، وسنقوم بما هو أكبر من ذلك. لكن انتظروا علينا قليلا وأعطونا مهلة شهر. كل شيء ممكن ولكن بعد الانتهاء من مشكلة "درعي" وشاس، والانتهاء من مناقشة الاتفاق في الكنيست. وسأل فيما إذا كانت لدى أبو علاء كشوف محددة بالمعتقلين والمبعدين. اعتذر أبو علاء ووعد بإرسالها خلال أيام قليلة. وقبل مغادرته أكد بيريز ضرورة الانتهاء من رسائل الاعتراف المتبادل خلل فترة أقصاها أسبوع. عند هذا الحد انتهى اللقاء، وكانت الساعة تجاوزت الثالثة صباحا من فجر يوم 93/8/20 ، حسب رواية أبو علاء.

                        لم يُبقِ أبو علاء نتائج اللقاء مع بيريز تنتظر حتى الصباح وأسرع إلى الاتصال مع أبو عمار وأبو مازن وياسر ووضعهم في صورة اللقاء. وطلب من تونس العمل على وضع رسالة الاعتراف المتبادل في صيغتها النهائية، وقال أنهم سيعملون من جانبهم في أوسلو على مناقشة المسودة القديمة مع المجموعة الاسرائيلية.
                        صباح اليوم التالي اتصل ياسر معي وتباحثنا في أخف الصيغ الممكن وضعها في رسالة الاعتراف المتبادل. اقترحت على ياسر أن يتبنى فكرة تشكيل لجنة وطنية مصغرة تقوم بوضع تصور متكامل لخطة العمل والتحرك الفلسطيني في المستقبل، بدءا من كيفية الإعلان عن الاتفاق وطرحه على الشعب الفلسطيني والعرب، مرورا بالتحضير للمفاوضات اللاحقة، وانتهاء بقوانين ونظم الدولة والمجالات التي سيتم تسلمها. وأضفت: انتهت مرحلة الثورة ودخلنا مرحلة بناء الدولة. لا بد من إعادة النظر في كل أساليب العمل السابقة والتوجه لخلق وبناء المؤسسات.
                        وافق ياسر على الفكرة وأضاف: عندي الكثير من الأفكار التي ينبغي العمل على إنجازها قبل وبعد الإعلان عن الاتفاق، لدينا وقت لمناقشتها لاحقا. واتفقنا على إطلاع (حزب فدا) على الموضوع، عدد محدود من الرفاق في قيادة التنظيم الذي ننتمي له سويا والطلب منهم إبقاء الموضوع طي الكتمان، والتصرف سياسيا وتنظيميا وإعلاميا وجماهيريا على أساس أن هناك اتفاقا قد تم. في حينه، تم إطلاع صالح رأفت وعزمي الشعيبي وعدد آخر من قيادة التنظيم. ورغم التشديد على سرية الأمر إلا أنهم بالتأكيد أطلعوا صفا واسعا من الرفاق والأصدقاء. حيث أن تعميم الأخبار والمعلومات الجديدة جزء من تقاليد العمل الحزبي في الساحة الفلسطينية.
                        في سياق الحديث عن الذين عرفوا بقناة أوسلو والذين لم يعرفوا بها، تجدر الشارة إلى أنني أطلعت باتفاق مع ياسر عضو قيادة "حزب فدا" جميل هلال على مسار الأمور في أوسلو أولا بأول، منذ أوائل شهر حزيران/ يونيو 1993 وفي منتصف تموز أطلع ياسر عزمي الشعيبي وصالح رأفت على مسار أوسلو. والتدقيق في الأمر يكشف أن عدد من كان على علم بقناة أوسلو قبل التوصل إلى الاتفاق لا يقل عن بضع عشرات. وبرغم أن هذا العدد ليس بقليل فقد تم كتم السر. وتأكد لأول مرة أن الصورة المعروفة عن القيادة الفلسطينية على أنها غير قادرة على كتم الأسرار صورة غير دقيقة.
                        وأكدت تجربة أوسلو أن الشعور العالي بالمسؤولية الوطنية كفيل بضبط المشاعر والعواطف عند الفلسطينيين، ووقف الاندفاع نحو التسريب ونحو التسابق الإعلامي.
                        قبل عودته من أوسلو، سربت بعض الأوساط الإسرائيلية لصحيفة "يديعوت أحرنوت"، خبرا مفاده أن بيريز التقى خلال رحلته إلى الدول الاسكندنافية مع مسئول كبير في منظمة التحرير، وتم ذكر اسم أبومازن.
                        وتسابقت وكالات الأنباء في نقل الخبر. مما دفع أبو مازن إلى إصدار تصريح ينفي الموضوع جملة وتفصيلا ، وضمّنه جملة تقول أن قيادة م. ت. ف. سبق وأيدت عقد مثل هذه اللقاءات، وتعتقد أن اللقاءات المباشرة بين الحكومة الاسرائيلية وقيادة م.ت.ف. تعجل الوصول إلى نتائج وإنجاح عملية السلام. أما بيريز فقد رفض التعليق في أوسلو على الموضوع. وقال عندما أعود إلى إسرائيل سأطلع رئيس الحكومة على كل نتائج زياراتي للدول الاسكندنافية.
                        في حينه، كرر الفلسطينيون والاسرائيليون الحديث عن لقاءات نبيل شعث مع يوسي ساريد، ولقاءات محمود درويش مع شولميت آلوني، ولقاءات فيصل الحسيني مع رسميين إسرائيليين في الداخل، وزج باسم مصر في الموضوع .
                        فور عودة بيريز إلى إسرائيل، عقدت الحكومة الاسرائيلية اجتماعا خاصا ناقشت فيه الاتفاق، وناقشت فكرة الاعتراف المتبادل. وتم كتم السر في إسرائيل ولم يتم تسريب الموضوع. وأبلغ بيريز الجانب الفلسطيني، عبر قناة أوسلو، أن الحكومة الاسرائيلية ناقشت الاتفاق بناء على عرض شفوي قدمه، وأن الأجواء الأولية إيجابية جدا والحكومة ستتابع النقاش في الأيام اللاحقة. وقبل سفره إلى واشنطن التقى بيريز بلجنة الشؤون الخارجية والأمن التابعة للكنيست وطرح عليها لأول مرة بصورة رسمية وعلنية فكرة غزة - أريحا أولا. ودافع عن الفكرة ووضع لها ضوابط، وحاول طمأنة المعارضة والمستوطنين، وركز دفاعه على أن أمن المستوطنات والمستوطنين وجميع الاسرائيليين الموجودين في الضفة وغزة سوف يبقى بيد إسرائيل، وأن إسرائيل لا يمكنها التساهل في هذا الأمر، أو في اعتبار القدس مدينة موحدة وعاصمة دولة إسرائيل. وقام رابين بزيارة قطاع غزة والتقى كبار العسكريين الاسرائيليين هناك، وتحدث عن رغبة إسرائيل الانسحاب من قطاع غزة على أن لا يتأثر وضع المستوطنات والمستوطنين.

                        تعليق


                        • #42
                          رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

                          أوردت هذا الفصل من الكتاب لأنني وجدت فيه تفريغا لتسجيل مكالمة الساعات السبع المهلكات والذي لم ينس ممدوح نوفل رحمه الله أن ينسب القول طوال السرد إلى ياسر عبد ربه ..

                          وكل من يسمع شريط المحادثات -المفاوضات- على الهاتف يستطيع معرفة حجم الجهد الكبير و المضني الذي بذله "هولست" لانتزاع بعض النصوص التي طلبها الفلسطينيون.

                          حتى في هذه لم يكن السيد نوفل مصيبا، فقد ألفت كتب فيما بعد تبين كيفية انحياز الشركاء/الأصدقاء النوريجيون إلى الصف الصهيوني بالكامل، ومدى إسهامهم في ضبط الخازوق الذي ألبس للشعب الفلسطيني انطلاقا من أوسلو الصديقة جدا ..

                          ونستشف من الكتاب ككل مدى متابعة ممدوح لسير مفاوضات أوسلو مع شريكه في حزب "فدا" عضو مطبخ أوسلو ياسر عبد ربه .. وفي نفس الوقت مدى تأييده للمسيرة وموافقته جملة وتفصيلا عليها إلا في بعض التفاصيل الصغيرة التي لم تكن لتغير من موقفه خلالها ..

                          ولا اجد لزوما التوقف طويلا عند تلك المكالمة التي لم تعدو كونها فاصلا في مسلسل التنازل الفلسطيني موقفا تلو موقف، وفراسخ تلو فراسخ من الأرض وما عليها من عرض ..

                          نعم هي كما فهمها أوري سابير أن عرفات كان مستعدا للقبول بأقل من "غزة" بما يكفي لإقامة دولة مراسم له .. حرس شرف وسجادة حمراء .. وعلى ذراعه مجموعة من الأقلام بألوان الطيف، يلون فيها مواقفه حسب المناخ، وأهمها القلم الأحمر الذي كان يحرص على صلاحيته دوما .. فهو قلم التنازلات الكبرى ..

                          تعليق


                          • #43
                            رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

                            مع بدء تسرب نصوص الاتفاق للصحافة العربية نقلا عن الصحف الاسرائيلية، بدأت تفاعلات الاتفاق في الساحة الفلسطينية تأخذ أشكالا جديدة. كان الوفد الفلسطيني لمفاوضات واشنطن أول المصدومين، بعضهم سافر إلى واشنطن خجل، خصوصا من كانوا يعتبرون أنفسهم عرفاتيين حتى العظم. بعضهم فكر في الاستقالة من العمل السياسي الفلسطيني، احتجاجا على الطريقة التي أديرت بها المفاوضات وعلى طبيعة وأبعاد الاتفاق. قبل سفرهم إلى واشنطن يوم 28 آب/أغسطس 1993 ، وبعد قراءة أولى للاتفاق أجراها حيدر عبد الشافي وفيصل الحسيني وحنان عشراوي وسعاد العامري ونبيل قسيس وزكريا الغا، سجلوا جميعا تحفظاتهم وملحظاتهم على نصوص الاتفاق. وأجمعوا على أن قبول الجانب الفلسطيني تأجيل بحث وضع المستوطنات لمفاوضات المرحلة النهائية خطأ جسيم يلحق الأذى بالمصالح الوطنية الفلسطينية.
                            واعتبروا تجزئة المرحلة النتقالية بين غزة وأريحا أولا وبقية الضفة ثانيا ، خطأ ثانيا خطيرا
                            قد يجعل من غزة وأريحا أولا وآخرا. وسجلوا ملحظات أخرى على النصوص المتعلقة بالأمن وبعدد السلطات التي سيتولاها الجانب الفلسطيني. وسجلوا غياب الحديث عن تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة وخلو الاتفاق من أي نص حول حقوق الإنسان الفلسطيني والمعتقلين والمبعدين.

                            وتعمد أبوعمار يومها عدم اللقاء مع المتواجدين من الوفد. لم يعد بحاجة لهم ولم يعد
                            يخشاهم، ولا داعي لوجع الرأس مع أي منهم. وهم أيضا لم يحاولوا اللقاء به.
                            طبخة أوسلو - ممدوح نوفل

                            استقالة محمود درويش
                            يروي أمنون كابليوك في كتابه «عرفات الذي لا يُقهر» (رام الله: وزارة الثـقافة، 2005) ما يلي: أخبـرني محمود درويش، حـين قرأ مشـروع اتفـاق أوسلو انه قال لعرفات إن ثمة أمورا كثيرة ظلت غامضة، وأن هذا الغموض يستفيد منه دائمـاً الطـرف الأقوى. ومنذ البـداية تـصرف المفاوضون بعكس المنطـق: ففي الـعادة، يتم التوصل الى اتـفاق على المبـادئ الكـبرى ثم يجلس المتـفاوضون الى مـائدة المفاوضات للبحث في التفاصيل. والحـال، أن المتفاوضين أهمـلوا ـ أو أرجـأوا ـ الاتـفاق على المسائل الجوهرية: القدس، الحدود، مـسألة اللاجـئين، الخ. ولم تأتِ الاتفاقية على ذكر إقـامة دولة فلسـطينية في نـهاية العمـلية، وأضـاف درويش: «أنـا أريد كلـمة دولة». وشدد أيضاً على أن الاتفـاقية لا تتضمن عبارة «إنـهاء الاحـتلال»، أي احـتمال العودة الصـريحة الى حـدود 1967، وفي نظر الشاعر إن الـقيادة الـفلسطينية اعـترفت بدولة إسـرائيل، بينـما لم تعتـرف هذه الأخيرة إلا بمنظمة لا أكثر. وأشار درويش الى أن م ت ف اعتـرضت دائماً على وجود مراحل انتقالية، لخشيتها من أن يتحول هذا الانتقالي الى نهائي. وها هو الانتقالي يشكل جوهر الوثيقة، دون أن يتم تحديد المبادئ التي تقوم عليها الاتفاقية النهائية: إذا حدث وانتهت المفاوضات الى الفشل، سوف يجد الفلسطينيون أنفسهم أسرى هذا الوضع المؤقت.
                            وختم درويش حديثه قائلاً: «إنك تدرك جيداً يا أبو عمار أنني لا أعترض على الاتفاق مع إسرائيل، ولكن كان يجب عقد اتفاقية مشرّفة، تمكننا من الحصول على أكثر مما حصلنا عليه ـ على الأقل تفكيك المستوطنات في قطاع غزة، التي تشكل شوكة في جسدنا. خاصة وأنت تعرف مدى توق إسرائيل الى الانسحاب من غزة. توقيعك على هذه الاتفاقية يا أبو عمار سيفتح أبواب البلدان العربية أمام إسرائيل، فهو يمنحها الشرعية التي طالما انتظرتها. إن الملك حسين ينتظر منذ سنوات طويلة جرة قلم منك في ذيل معاهدة سلام مع إسرائيل لكي يفعل الشيء ذاته. لقد كلفتنا هذه الاتفاقية غالياً، ولم نحصل على مقابل ذي شأن. هل ستحقق لنا مثل هذه الاتفاقية السلام المنشود؟ أشك في ذلك. هذه مغامرة يا أبو عمار!».

                            أما ماريك هالتر وإريك لوران فيرويان في كتابهما «مجانين السلام» (بيروت: دار الطليعة، 1994)،
                            أن محمود درويش وجه كلامه هذا الى ياسر عرفات قائلاً: إنني أتكلم باسم قسم كبير من الشعب الفلسطيني. فرد عليه عرفات بالقول: إن الشعب الفلسطيني سيئ التهذيب أحياناً. فما كان من درويش إلا أن أجابه: إذا صحّ ذلك، فلماذا لا تختار لنفسك شعباً آخر؟



                            عارض فلسطينيون آخرون مثل محمود درويش وإدوارد سعيد.:
                            «منظمة التحرير الفلسطينية حولت نفسها من حركة تحرر وطني إلى ما يشبه حكومة بلدية صغيرة، مع بقاء ذات الحفنة من الأشخاص في القيادة» – إدوارد سعيد


                            جورج حبش:

                            موقفه من إتفاقيات أوسلو

                            يعد حبش من ألد المعارضين للاتفاقيات المبرمة بين الفلسطينيين وإسرائيل فيما يعرف بإتفاق أوسلو وكان حبش يرى أن الحلول المنفردة للأطراف المتنازعة مع إسرائيل شيء مرفوض، ورأى أن نتائج أوسلو رجحت لمصلحة إسرائيل بشكل حاسم، وظل حبش رافضا لتقديم طلب إلى إسرائيل للعودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة حتى وفاته.


                            مواقف وآراء خاصة بالراحل جورج حبش
                            (فيما يتعلق بالسلام مع الكيان الصهيوني)

                            - الخط السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية مهد الطريق ووفر الغطاء للسادات". (10/5/1979)
                            - "لا للدولة الفلسطينية إذا كانت ستقوم وثمنها استمرار بقاء إسرائيل". (الأنباء 14/6/1979)
                            - "إن خطوة اتفاق غزة - أريحا تفوق نتائج معاهدة كامب دايفيد". (النهار 18/12/1993)


                            جورج حبش
                            من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة



                            التوقيع بالأحرف الأولى وأخذ الصور التذكارية والعرض على كريستوفر وآراء في الاتفاقية


                            وبعد ..
                            فماذا بقي من أوراق أوسلو؟
                            غزة وأريحا أولا ... وأخيرا ..
                            وحتى أريحا تحاصر من كل جانب ..
                            وغزة ................ حررها أسودها وغسلوا عنها عار أوسلو ..
                            وإن بقيت آثار عفن أوسلو تعشش في نظام الحكم فيها والمبني على ..... أوسلو ..
                            الحكومة الشرعية ملزمة بما كتبه سابقوها في دستورها المهكع ..
                            وحصار غزة تشتد وطاته على الشعب الصابر المثابر ..
                            التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي; 19/09/2013, 01:19 PM.

                            تعليق


                            • #44
                              رد: قراءة متأنية في "ثمن أوسلو" فلسطين تحت المجهر

                              رسائل الاعتراف
                              الخطاب الأول
                              9 أيلول 1993

                              السيد رئيس الوزراء
                              إن التوقيع على إعلان المبادئ يرمز لعصر جديد في تاريخ الشرق الأوسط، ومن منطق إيمان راسخ، أود أن أؤكد على التزامات «م.ت.ف» التالية:
                              تعترف «م.ت.ف» بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن. تقبل «م.ت.ف» قراري مجلس الأمن للأمم المتحدة 242 و338. إن «م.ت.ف» تلتزم بعملية السلام في الشرق الأوسط بحل سلمي للصراع بين الجانبين وتعلن أن كل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة سوف يتم حلها من خلال المفاوضات.
                              وتعتبر «م.ت.ف» أن التوقيع على إعلان المبادئ يشكل حدثاً تاريخياً ويفتتح حقبة جديدة من التعايش السلمي والاستقرار، حقبة خالية من العنف وأي أعمال تشكل خطرا على السلام والاستقرار. وطبقاً لذلك فإن «م.ت.ف» تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وسوف تأخذ على عاتقها إلزام كل عناصر أفراد «م.ت.ف» بذلك من أجل تأكيد التزامهم، ومنع الانتهاكات وضبط المنتهكين.
                              وفي ضوء إيذان عصر جديد والتوقيع على إعلان المبادئ وتأسيساً على القبول الفلسطيني بقراري مجلس الأمن 242 و338 فإن «م.ت.ف» تؤكد أن بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنكر حق إسرائيل في الوجود وبنود الميثاق التي تتناقض مع الالتزامات الواردة في هذا الخطاب أصبحت الآن غير ذات موضوع ولم تعد سارية المفعول وبالتالي فإن «م.ت.ف» تتعهد بأن تقدم إلى المجلس الوطني الفلسطيني موافقة رسمية بالتغييرات الضرورية فيما يتعلق بالميثاق الفلسطيني.

                              المخلص ياسر عرفات
                              رئيس منظمة التحرير الفلسطينية


                              الخطاب الثاني
                              9 أيلول 1993
                              السيد الرئيس
                              رداً على خطابكم المؤرخ في 9 أيلول 1993، فإنني أود أن أؤكد لكم، في ضوء التزامات «م.ت.ف» المتضمنة في خطابكم، فإن حكومة إسرائيل قررت الاعتراف بـ«م.ت.ف» باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني، وبدء المفاوضات مع «م.ت.ف» في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط.

                              المخلص إسحق رابين
                              رئيس وزراء إسرائيل




                              الخطاب الثالث
                              9 أيلول 1993
                              عزيزي الوزير هولست
                              أرغب في أن أؤكد لكم أنه بمقتضى التوقيع على إعلان المبادئ فإنني سوف أضمن المواقف التالية في بياناتي العلنية:
                              في ضوء العصر الجديد الذي يرمز إليه التوقيع على إعلان المبادئ فإن «م.ت.ف» تشجع وتدعو الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الاشتراك في الخطوات المؤدية إلى تطبيع الحياة ورفض العنف والإرهاب والمساهمة في السلام والاستقرار والمشاركة بفاعلية في إعادة البناء والتنمية الاقتصادية والتعاون.
                              المخلص ياسر عرفات
                              رئيس منظمة التحرير الفلسطينية




                              ويوم أن زار كلينتون "غزة" أهداه عرفات الميثاق الوطني الفلسطيني ليمزقة بيد واحدة:
                              14 ديسمبر 1998
                              وفي هذا الاطار اظهر الفلسطينيون مزيدا من المرونة حيث قال المفاوض الفلسطيني حسن عصفور ان المشاركين في اجتماع غزة سيرفعون ايديهم وسيقفون ويصفقون عندما يسألهم عرفات في نهاية خطابه هل يؤيديون السلام ورسالته إلى كلينتون المتضمنة الغاء فقرات الميثاق, لكنه شدد على انه لن يجري عد للاصوات.
                              دشن الرئيس الامريكي بيل كلينتون زيارته لاسرائيل بدعم سياسي واقتصادي لاسيما إذ ايد المطالب الاسرائيلية بعدم اعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد واتخاذ المزيد من الاجراءات لوقف العنف والتحريض عليه وتأكيده إن زيارته بغزة تستهدف التأكد من الغاء بنود الميثاق

                              تعليق

                              جاري التحميل ..
                              X