إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأحداث المصرية، تضرب العمق الإسرائيلي !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأحداث المصرية، تضرب العمق الإسرائيلي !

    الأحداث المصرية، تضرب العمق الإسرائيلي !
    د. عادل محمد عايش الأسطل
    من المبكّر جداً أن نصف إسرائيل بالمسرورة، من الأحداث العنيفة والمختلفة التي تقع من حولها، خاصةً الحاصلة الآن في مصر، وإن بدت صورتها الظاهرة كذلك، بسبب أن ما تراه من أحداث مؤلمة بين شعوب الدول العربية وحكامها، لم تهدأ بعد ولم تستقر، وهي متفاقمة ربّما أكثر في الأوقات القادمة، كما يُستشف من طبيعة البيئات السياسية والأمنية المتصاعدة إلى الآن. وما دام الأمر كذلك، فإن ليس هناك من نتيجة بائنة لتلك الأحداث، حتى يُستطاع بناءً عليها، أن يُحكم من خلالها، فيما إذا وصل إلى ما يمكن اعتباره بأن مكسب ما، قد حاز عليه طرف من الأطراف التي تسعى إليه بالضرورة، وإن كان هذا المكسب يخدم مرحلةٍ ما، قد تطول أو تقصر. صحيح، لقد وصل التصور العام لدي الكثيرين وخاصةً من الإسرائيليين السياسيين والعسكريين، إلى التحقق منذ الآن، من أن فكرة أو عملية التلويح بوجود جيوش عربية قادرة، وخاصةً لدى الدول التي كانت تُوصف كذلك، قد انتهت الأن عملياً، بفضل ما آلت إليه أحداث الربيع العربي من جهة، ومن أخرى ما هي صوريّة فقط ولا عمل لها. وسيكون من غير المسموح التصوّر بأنها ستُبنى حتى في المستقبل البعيد، وإن بدت فستكون على النحو (النظري) وحسب. ما سبق ليس بالضرورة أن يكون مفجعاً أو مفرحاً بالنسبة للشعوب العربية، بسبب - إذا ما تم القياس على هذه المرحلة- فإنه سيّان لديها، لأنها في نظر بعضها أصبحت وأمست شعوباً إرهابية أو لديها صلةً بالإرهاب أو أي شيء قريب من هذا النحو. لاعتبارها في نظر القائد، أنها العدوّ في الداخل الذي سوف يُعامل بقسوة أكبر. إسرائيل وهي بطلة هذه المقالة، ليست سعيدة كل السعادة ولا غاضبة كل الغضب، إلى حد الآن، بسبب أنها تجهل فيما إذا كانت في جانب الحقيقة أو الكابوس وبسبب أنها تفشل في كل مرة حينما تنظر لمرحلة بعينها، وهي الآن تحاول الإمعان في حساباتها تبعاً لمجريات الأحداث وتطورها، واعتمادها على تجارب ابتلاع أشياء غير مفيدة أو مستساغة تأمّلاً منها في أن تجد ما يضرًها في ساعة، ما ينفعها أعوام طويلة والعكس. فبالنسبة لها، فقد أخذت على أنها لن تأبه كثيراً لمسألة انهيار الجيوش العربية، أو حتى تلاشيها تماماً، بل هي تعلن بأنها أقرب إلى الحرص على بقائها وإعانتها والمدافعة عنها إذا لزم الأمر، وهي أبعد من الحسرة على فقدها. لأنها ببساطة سيكون أمامها ما هو أكبر من الجيوش وأشدها خطراً على مصيرها. الأقرب الأن هو أن إسرائيل تبدو أكثر قلقاً من ذي قبل وهي بصدد انتظار هلال (إخواني) لا يتكون من جديد، وإنما يُرسخ وجوده وبدرجة أشد من ذي قبل. وهذا واضح تماماً منذ الآن وخاصةً في دول الطوق، بزيادة الدولة التركية التي بدأت تتحول إلى مساندة الإخوان إن لم تكن بدأت فعلاً تتحول بالكلية إلى الأخونة. رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" يبدو مضطرباً إلى حدٍ مرئي للعيان، باتجاه ما جرى ويجري حوله من أحداث. وبات لا يدري ما يمكن أن يفعله إزاءها، وهل بالإمكان أن يعيب على الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بسبب موقفه الأخير من الأحداث المصرية أو يتأخّر. لا سيما وأنه يشعر بأن "أوباما" لا يفكر بطريقة صحيحة وهو يدعم الإخوان المسلمين الأن، كما تخلّى عن الرئيس "حسني مبارك" منذ عامين ونصف، وهو يعلم أن الإخوان قادمون. وما يزيد من بؤسه، هو أن الأجواء السائدة في الولايات المتحدة عموماً هي معادية بشكلٍ واضح لتحركات الجيش المصري لدرجة أن رجال اللوبي اليهودي الأمريكي أبلغوه بأنه لا جدوى الآن للتحرك من أجل الدفاع عن الحكم المصري لأنهم لا ينجذبون لخوض معركة خاسرة. إن الأحداث الجارية في مصر أثارت قلقاً شديداً، ليس على مستوى رئاسة الدولة فقط، وإنما طالت أركان الأوساط الإسرائيلية، حكومةً وقوىً حزبية وصحافةً والجمهور أيضاً، ففي الوقت الذي أعلن فيه نائب وزير الخارجية الإسرائيلي "زئيف إلكين"، من أن إسرائيل لا تتدخل فيما يحدث في الجارة مصر، ولكن موقفها لابد أن يتغير في حال تعرض أمنها للخطر. وصرّح الجنرال المتقاعد، "عمرام ميتسناع" بأن الأحداث الجارية في مصر تبعث على القلق، وهي تُلزِم الحكومة الإسرائيلية بتسريع خطواتها باتجاه التوصل إلى سلام مع الجانب الفلسطيني، لأن البديل في حال اضطراب الأوضاع في مصر، قد يضع إسرائيل في حالة تحدي تواجه فيها أخطاراً مصيرية تهدد أمنها على أكثر من صعيد. الصحافة الإسرائيلية أدلت بدلوها أيضاً، حيث أذاعت القناة الأولى الإسرائيلية الرسمية عن محللين وخبراء لدى المؤسسة العملاتية الإسرائيلية يعربون عن قلقهم البالغ نتيجة تطورات الأحداث المصرية، وأوضحوا إلى أنه من الممكن الاعتماد على تدخل الجيش للحفاظ على العلاقات المصرية - الإسرائيلية، إلاّ أنهم أقرّوا بأن ما يجري في أنحاء مصر، لا يحمل بشائر سارّة للدولة العبرية. وبات عليها ضرورة النظر بكثير من القلق والاهتمام وقليل من الأمل حيال الوضع العنيف. ولا شك هذا صحيح، فعندما ترى إسرائيل هزيمة الإخوان في مصر، فهذا لا يحمل أخباراً جيدة، لأن محور الإخوان المسلمين، الذي نشأ وينمو في المنطقة، هو محور غير مريح لها سواءً في الوقت الراهن أو في المستقبل. لا سيما وأن هناك مشاهد تحمل علامات كبرى ضدها تضطرها للوقوف على رجلٍ واحدة طوال الوقت. وأهمها، رؤيتها لوزير الدفاع المصري وصاحب الكلمة الطولى الفريق "عبد الفتاح السيسي" في وضعٍ يعجز من أن يجمع نفسه بين ما يجري في شوارع وميادين مصر من احتجاجات واعتصامات قد تصل إلى حد العصيان ضده، وبين العمليات العسكرية ضد الجهاديين الإسلاميين في منطقة شمال سيناء، حيث لا يستطيع إزاءها أن يغفو قليلاً. والحال كذلك، فإن أكثر ما يخشاه القادة في إسرائيل من حكاية انهيار الجيوش العربية وخاصةً الجيش المصري، حيث يعوّلون عليه كثيراً، هو انهيار منظومة السلام المصرية – الإسرائيلية، والحفاظ عليها دوماً، من خلال الوثوق فيه، باعتباره الجهة الأقدر على مداومة تطبيقها، ومن جهةٍ أخرى إمكانية الاعتماد عليه في قدرته على منع الإخوان من العودة إلى الحكم أو حتى المشاركة فيه، الذين هم وحدهم سيبقون في نظرهم، يمثلون الهاجس (الأشرّ) والأكبر ضد إسرائيل، ليس إلى حينٍ قريب، ولكن على طول المدى، بسبب أنهم لا يؤمنون بالسلام مع إسرائيل. وهذا أكبر ما يضربها في أعماقها، لا سيما وأنهم لم يسقطوا بعد. وهو السبب الأهم، الذي يجعل قادة الدولة العبرية يمتنعون عن رفع القبّعة إلى الجيش المصري حتى الآن. خانيونس/فلسطين 17/8/2013
جاري التحميل ..
X