[ شتان شتان.. بينهما في رمضان ]
أتاك شهر السعد والمكرمات
فحيّه في أجمل الذكريات
يا موسم الغفران أتحفتنا
أنت المنى يا زمن الصالحات
فحيّه في أجمل الذكريات
يا موسم الغفران أتحفتنا
أنت المنى يا زمن الصالحات
هبت نسائِمُ الشوقِ لكَ يا رمضان فأتيت تحمِلُ مِن العطايا الكثير ومِن المِنح الخيرِ الوفير.. تَستحِثُ سوادَ القلوبِ ليؤول إلى البياضِ بِمنحةِ ربانية تقشعُ عن الروحِ ضبابَ الذنوب وسَوداويةَ المعاصي المُتراكمة, ليرتسم على الكون لونُ البياضِ الناصِع الذي لا تشوبُه شوائِب,, وتعلوا الهِمم قِمم الجِبال الرواسي وتسقطُ الدنيا إلى الدُنى فلا يقتفي آثرها إلا من لزِم القاع وآبى الصعود !!
أطلَ هِلالُ الخيرِ على الدُنيا ليرسِم مشاعِرً تضطرِبُ بِها النفوس بينَ قاصي وداني ورمى بِنورِه على زاويةٍ إكتنفت بينَ رُكنيها فتاتان!! لِكُلٍ مِنهُما حال لَكِن شتان! شتان! رُغم إسبالِ سُتُرِ رمضان.. فأي الفُتاتان كُنتِ أنتِ..؟!
بِعزمٍ صارِم وهِمةٍ سامية وطاقةُ بلغت ذُروتها, استقبلت شهرها, بِنوايا التغيير والعزِمِ على المسير, بِهمةٍ مُتوقِدة وانطِلاقةٍ قَويةٍ حالِمة, وبِعهودِ العطاء والبذلِ والسخاء.. كانت نُقطةُ البِداية عقدت النواصي وبدأت فِي صِيامِها وقيامِها وتِلاوتها واستِذكارِها وصدقتِها وللعلى قادت جيادها حيثُ مواطِن العطاء وارتقت وسمت عن الدُنى وهجرت الدُنيا لتفوز بالآخرة!
هذهِ كانت صاحبتُنا الأولى في رُكنِها القاصي..
هذهِ كانت صاحبتُنا الأولى في رُكنِها القاصي..
بِخوفٍ ووجل وطول ترقبٌ وكسل وتقاعُسٍ وملل, استضافت ضيفها الكريم شهر رمضان الحبيب, بِنيةٍ مُختلِفة وعزمٍ مِن حديد فِي الاستمِرار والتزود بِالمزيد مِن حصادِ السنون في عالمِ الفنون.. واقتِفاءِ آثرِ السهر على المرح والفرح الموقوت, وجادت للشيطان بِالعهود على أن تجعل الشهرَ مِنها يفوت وأن تسكُن القاع حتى لا يُلهيها هِلالُ الخيرِ عن حصادِ الذنوب.. وهذهِ صاحبُتنا الأُخرى في رُكنِها الداني..
سمعتك يا قرآن والليل غافل
سريت تهز القلب سبحان من أسرى
فتحنا بك الدنيا فأشرق صبحها
وطفنا ربوع الكون نملؤها أجرا
سريت تهز القلب سبحان من أسرى
فتحنا بك الدنيا فأشرق صبحها
وطفنا ربوع الكون نملؤها أجرا
وهُناك حيثُ تسكُنُ صاحِبتُنا الأولى حفِظت جُزأها, وتَلت وِردها, وصامت يومها, وأعدت فطورها, بينَ طاعةِ لوالِدة, وذكرٍ يُرطِبُ لِسانها, وطاعةٍ تشغلُ عقلها, وهِيَ فِي ربوةِ مِن الخيرات تجني ثِمارها مِن آثرِ الطاعات..
أما الأُخرى قضت نهارها بِترديد أغانيها, واستِماعِ موسيقاها, والنومِ في سريرِها لانقضاء نهارِها, ونهرٍ وزجرٍ لِوالدتِها, وتأفُفٍ ملحوظ, وترقُب لِمدفعِ الإفطار, وانشغال العقل بِقصة الأمس وحلقة اليوم, انقضى يومها ولم تزرع في تُربتِها غيرَ الحنظل إثرِ المعاصي.. وغاب عنها قولِه تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.
يا صائماً ترك الطعام تعففاً
أضحى رفيق الجوع واللأواء
أبشر بعيدك في القيامة رحمة
محفوفة بالبرّ والأنداء
أضحى رفيق الجوع واللأواء
أبشر بعيدك في القيامة رحمة
محفوفة بالبرّ والأنداء
(تسحروا فإن في السحور بركة) عمِلت بِقولِ نبيها, والتمست البركة في صومِها, واخرت السحور وعجلت الفطور, ولم يفتأ ذِكرُ ربِها عن لِسانِها تُردِدُه, فكانت مِن الذاكرين الشاكرين..
وصاحِبتُنا الأُخرى لم تنهض مِن نومِها, فاعتكفت سريرها, ولم يكُن لها في السحورِ حاجةً تُريدُها, ولم تستيقِظ حتى دنوا المغرِب رُغم الترقُب أخرت الفِطر نوماً وتكاسُلا, ونَسيت دُعاء فِطرِها وبِهذا خسِرت يومها..
ليلها بينَ سجودٍ وركوع, قد شعَ مِن مُصلاها النور, وحفتها الملائِكة, تُرتِل آياتِ الله في نغمٍ عذب, تَسمعُ نحيبها في الوعيد, وتستبشِر فِي آياتِ النعيمِ المُقيم, وجدت لذتها بينَ يَدي ربِها, وسعادتها في ثنايا آياتِهِ.. ولِسانُ حالِها يقول:
يا أيه الراقد كم ترقد
قم يا حبيبا قد دنا الموعد
و خذ من الليل و ساعات
حظا إذا هجع الرقد
من نام حتى ينقي ليله
لم يبلغ المنزل أو يجهد
قللذوي الألباب أهل التقى
قنطرة العرض لكم موعد
قم يا حبيبا قد دنا الموعد
و خذ من الليل و ساعات
حظا إذا هجع الرقد
من نام حتى ينقي ليله
لم يبلغ المنزل أو يجهد
قللذوي الألباب أهل التقى
قنطرة العرض لكم موعد
أما تِلك سهِرت ليلها, لا لِصلاة تُقيمها أو دمعةٍ مِن خشيةٍ تُسقِطُها, لَكِنها سهِرت على التِلفاز تُتابِعُ الجديد, وبِتلهفٌ شديد, تُشاهِدُ المُسلسلات, وتتبعهُا الفوازير والمُسلسلات, وإن آتى خلفها الكليبات, فلديها الوقتُ والجهدُ والسعيُ الحثيث.. وتغفوا على أنغام الموسيقى, وترحلُ مِن رمضان وقد خلفت الزاد, ومضت بِلا وقود !
فأيهما تريدين؟؟!!
فأيهما تريدين؟؟!!
تعليق