إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقال/ نظرية المؤامرة: لغة العاجزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقال/ نظرية المؤامرة: لغة العاجزين

    نظرية المؤامرة: لغة العاجزين
    اياد خالد الشوربجي
    لا تزال عقول كثيرة في مجتمعاتنا الشرقية تخضع في تفكيرها وتحليلها للظواهر المختلفة سيما السياسية منها لما يسمى بنظرية المؤامرة، وهو نمط من التفكير مريح نسبياً لمن يتبناه، أو يتخذه منهجاً ثابتاً في تفسير الأحداث والتطورات المتلاحقة، حيث لا يكلف نفسه عناء البحث عن الحقائق والمعلومات وتحليلها بتجرد وموضوعية، وعوضاً عن ذلك يقوم بنسبة نتائج الأحداث والظواهر الى قوى معينة تكون في العادة مسؤولة – بحسب هذا التفكير - عن التدبير الخفي لمختلف شؤون الكون، وما نحن الا قومٌ مسلوبو الإرادة، موقعنا من الاعراب دوماً في محل المفعول به.
    فتجد أسرى هذا النوع من التفكير يعزون كل الأحداث الى هذه القوى بشكل تلقائي، وهذه القوى تتمثل غالباً في دوائر صنع القرار الغربية، ومعها أو قبلها بالطبع اليهود، فلا يوجد حدث أو تطور يحدث في المنطقة أو في العالم سلبياً كان أم ايجابياً، الا وتقف من خلفه هذه القوى، فما تكاد تقع هزيمة أو اخفاق أو فشل أو نجاح أو صمود أو مقاومة أو ثورة أو كسب انتخابات أو حتى زيارة الا وتُصنَّف في مسار الأحداث باعتبارها حلقة في مسلسل مرسوم ومخطط له سلفاً.
    هذا النوع من التفكير مرتبط ذهنياً ونفسياً بمفهوم آخر ترسَّخ في عقول الكثير من الناس عبر سنوات طويلة من الاخفاق والتراجع على كافة الصعد، وهو ثقافة الهزيمة، والذي يعتبر أخطر من الهزيمة ذاتها، لما له من آثار وانعكاسات مدمرة يكون نتيجتها شلل تام واستسلام كامل للواقع، وانعدام للإرادة المحركة باتجاه التغيير البنَّاء.
    هذا الكلام لا ينفي مطلقاً أن هناك قوىً تفكر وتخطط بل وتمكر مكر الليل والنهار، من أجل الدفاع عن مصالحها، بغض النظر فيما إذا تعارضت هذه المصالح مع مصالحنا نحن، فتعارض وتناقض المصالح بين القوى المختلفة أمر وارد وطبيعي، بل من غير الطبيعي ألا تفعل هذه القوى كل ما في وسعها لتعظيم مصالحها، طالما أنها تمتلك الامكانات المادية والعلمية لفعل ذلك، وهذا يجري وفقاً لعالم اليوم بعيداً على الأغلب عن أي حسابات أخلاقية وقيمية، رضينا بذلك أم لم نرضى، وهذا يقع ضمن الصراع الأزلي بين الحق والباطل، فسنَّة التدافع من السنن الالهية الثابتة التي تحكم جدلية التطور التاريخي.
    ولسنا هنا بصدد نفي التآمر من حيث وجوده، ومن حيث وجود قوىً معينة لا تنفك تخطط ضد هذه الأمة، لكن الكلام هو عن منهجية التفكير الذي يتبناه قطاع واسع من أبناء أمتنا، حيث نعتقد أن هذه المنهجية لا تؤدي الا الى مزيد من التراجع والاخفاق على المستوى الحضاري والانساني.
    فخطورة هذا النوع من التفكير في حالة طغيانه واعتماده منهجاً في تفسير الظواهر المحيطة والتطورات المتلاحقة في حركة التاريخ، تتمثل في التالي:
    1. مخالفته للعقيدة الصحيحة والايمان الراسخ بأن للكون إلاهاً هو وحده الخالق المدبر المتصرف، وما سواه الا مخلوقات يسخرها ويسيرها وفق ارادته ومشيئته سبحانه وتعالى.
    2. أنه يؤدي بالأمة الى حالة عجز كاملة عن أي فعل ايجابي نافع، فطالما أن كل الأمور تجري وفق مخطط مُعد سلفاً، فلا داعي لأي تحرك في أي اتجاه.
    3. أنها تُبعد الانسان عن منهجية التفكير السليم والمنطقي، وفق الحسابات العلمية والموضوعية، ومبدأ الأخذ بالأسباب، فضلاً عن حسابات المصالح والمفاسد، والربح والخسارة، وفقاً لمبادئ السياسة الشرعية وفقه الموازنات.
    4. انها تمنح فرصة عظيمة للقوى المناهضة لمصالح الأمة للاستمرار في الكيد لها، طالما أن فيها عقول عاجزة ومستسلمة تماماً لهذا الواقع، ولديه القابلية للاستعباد.
    5. المبالغة والتهويل من قدرة الأعداء والتحقير من قدرة الذات، مما يؤدي الى حالة احباط عامة ومزمنة.
    6. في حالة سيطرة هذا النوع من التفكير، فمن الصعب جداً على من يتبناه أن يغِّير قناعاته ولو مَثُلَت أمامه كل الشواهد والبراهين.
    يمكن القول أنه لن يتغير حالنا ما لم نغير ما بأنفسنا وعقولنا، ومنهجية تفكيرنا، ونعيد النظر فيما نحمله من قناعات وأفكار "إن اللهَ لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفُسِهِم".

    eshorbaji*hotmail.com

  • #2
    رد : مقال/ نظرية المؤامرة: لغة العاجزين

    بارك الله بك اخي
    المؤامرة موجودة والكل يتامر ضد الكل في هذا العالم والمشكلة تكمن في اتخاذ ذلك مبررا للقعود عن العمل والشعور بالعجز وتقبل نتائج المؤامرة فالمؤامرة لا تنجح ضد من يمتلك عناصر القوة الذاتية ويعمل على تطويرها ويكون في موقع التاثير والهجوم ولا يبقى في موقع المتلقي الخانع

    تعليق


    • #3
      رد : مقال/ نظرية المؤامرة: لغة العاجزين

      بارك الله فيك اخانا اياد الشوربجي على هذا المقال الرائع

      تعليق

      جاري التحميل ..
      X