إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سامية حرب .. قرآن ضدّ الرصاص

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سامية حرب .. قرآن ضدّ الرصاص

    سامية حرب .. قرآن ضدّ الرصاص

    د. ديمة طارق طهبوب.
    لقد هال المسلمين مصيبة قيام أحد الجنود الأمريكيين في العراق بتفريغ ذخيرته من الرصاص والحقد والكفر في المصحف الشريف.
    ولقد هال المسلمين -من قبل- مصيبة قيام أحد الجنود الأمريكيين في (غوانتانامو) وغيرها بتدنيس المصحف بالقاذورات.
    ولست أُقلِّل من هول المصابين، وما خفي دونهما كان أعظم، ولكن ما رأيته ورأته الكثيرات في حفل الحافظة الأولى للقرآن الكريم الذي نظَّمته جمعية الصالحين وجمعية المحافظة على القرآن الكريم جعلنا نوقن أن القرآن الكريم ضد الرصاص، وأن هناك مصاحف لا يمكن أن تصلها قناصة العدوان والغدر.
    كان معظم الحضور من حافظات كتاب الله، ولا بد أن كلَّهنَّ يحفظنَ: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46]. و لكنهنَّ لَمّا رأين سامية حرب الحافظة الكفيفة، وسمعن معاناتها حتى أتمت حفظ كتاب الله كان للآية معنى آخر.. معنى يقشعرُّ له القلب، وتدمع منه العين.. حتى إذا ما سمعت كلام سامية وتجربتها لانت القلوب والجلود في رياض كتاب الله.
    سامية الحافظة الكفيفة لا تجد في فلسطين قرآناً مكتوباً بلغة (بريل) لتحفظ منه، فتقتر على نفسها لتعيش بما يعادل دينارين شهريّاً وتوفر ثمانية، ودينار فوق دينار لتبلغ المئه لتشتري بها المصحف، تصبر على التقتير وقلة ذات اليد؛ لتظفر بجائزة الحصول على مصحف وتقول: قتَّرت على نفسي لدرجة جعلتني أستشعر قول الشاعر:
    يُقَتِّر عيسى على نفسه .. وليس بباق ولا خالد
    فلو يســـــــتطيع لتقتيره .. تنفَّس من منخر واحد

    سامية تُوفِّر كل ثروتها ومقدَّراتها للحصول على مصحف، والمبصرون يرون القرآن في بيوتهم نسخاً فوق نسخ يكسوها الغبار ولا تتغير وجوههم حياء من الله، و لا تمتد أيديهم لتناوله وتنظيفه ناهيك عن قراءته!
    تجربة سامية في حفظ القرآن جديرة بالاهتمام؛ فهي لم تجد من يُسمِّع لها ما تحفظ حيث إنها تسكن في قرى (رام الله)؛ فكانت تقطع المسافات جيئة وذهاباً إلى المسجد الأقصى بحثاً عمن تقرأ عليه، والمبصرون لديهم كل وسائل التحفيظ والتسميع البشرية والإلكترونية وما زالوا يتوانون عن أخذ القرآن بحقه حفظاً وتسميعاً وقراءة.
    ونحن نستمع إلى سامية الحافظة الكفيفة -وكأن على رؤوسنا الطير- رأينا ما كان يُوصف الصحابة به.. رأينا مصحفاً يمشي على الأرض!! أمر نستوعبه في عصر الصحابة والقرآن يتنزل عليهم، والرسول بين ظهرانيهم، ونستغربه في عصورنا!!
    ولكنها صنعة القرآن، وصبغة الله التي متى تمكَّنت من القلب أنتجت مثل أبي بكر وعمر وعائشة وفاطمة رضي الله عنهم جميعاً، ولو كان عمل القرآن محصوراً في عصرهم لذهب الأولون بالأجور، ولما عمل المتأخرون ولما نزلت: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26].
    ونحن نستمع بصمت وإجلال لهذه الحافظة كانت هي الأولى فوقنا جميعاً.. عندها تذكرتُ قول المصطفى صلى الله عليه و سلم: “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين”.. في موطن لا ينفع فيه حسب ولا نسب ولا لقب..
    بسامية ومثيلاتها ومثيليها نوقن أن للقرآن ربّاً يحميه..
    بسامية و مثيلاتها ومثيليها نعلم أن الله يحمي القرآن في صدور الرجال والنساء المؤمنين والمؤمنات، وأنه لا يُنتزع من الأرض بالرصاص والتدنيس إلى أن يأمر الله بنزعه من صدور عباده..
    بسامية ومثيلاتها ومثيليها ندرك فضل أهل القرآن.. أهل الله وخاصَّته.. وندرك فضل القرآن على أهله.. وقد وصف ذلك الشاعر القحطاني في “نونيته” الشهيرة:
    يا مُنزل الآيـــات والفرقــــــــان .. بيني وبينك حرمة القرآن
    أنت الذي صــــــورتــني وخلقتني .. وهديتني لشرائع الإيمان
    أنت الــــــذي علمتني ورحـمتني .. وجعلت صدري واعي القرآن
    أنت الذي أطعمتني وســـــقيتني .. من غير كسب يدٍ ولا دكان
    وجبرتني وســـــــترتني ونصـرتني .. وغمرتني بالفضل والإحسان
    أنت الــــــــــذي آويتني وحبــــوتني .. وهديتني من حيرة الخذلان
    وزرعت لي بين القلوب مـــــــــودة .. والعطـــــف منك برحمة وحنان
    ونشرت لي في العالمين محاسناً .. وسترت عن أبصارهم عصياني
    وجعلت ذكري في البرية شــــــائعاً .. حتى جعلت جميعهم إخواني
    والله لو علموا قبيح ســــــــــريرتي .. لأبى السلام علي من يلقاني
    ولأعرضوا عني وملوا صـــــــــحبتي .. ولبؤت بعد كرامة بهوان
    لكن سترت معايبي ومثـــــــــالبي .. وحلمت عن سقطي وعن طغياني

    أما أنت يا سامية.. يا قرآناً ضد الرصاص.. فنرجو الله الذي جمعنا بك في الدنيا أن لا يحرمنا اللقاء بك في جنة يُقال لقارئ القرآن فيها: “اقرأ ورتل وارتق فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها”. و أن لا نكون من الذين ينادونك من بعيد: ألم نكن معك؟! فتجيبين: “بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأمانيُّ حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغَرور”.. فإن قارئ القرآن أحد ثلاثة تُسعَّر بهم النار إن لم يأخذه بحقه ويعمل بما فيه..

  • #2
    رد : سامية حرب .. قرآن ضدّ الرصاص

    كتبت الدكتورة ديمة هذا المقال في فترة سابقة؛ لكنّ أحببت أن تقرأوه الآن معي.

    تعليق

    جاري التحميل ..
    X