هل تتلاشى حركة فتح في لبنان؟!
المراقب لأوضاع الفلسطينيين في لبنان، يلحظ بقوة التغير الطارئ على حركة فتح من حيث النشاط السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.. فمنذ نضوب نبع السلطة الذي كان يرسل الأموال إلى حركة فتح في لبنان، والحركة تعاني من اختلال في التوازن والأداء..
ولن مؤسسات منظمة التحرير، وتحديداً حركة فتح كانت تعتمد كلياً في الداخل على الفساد في السلطة، وفي الخارج على مصادر أموال السلطة، فإن المحنة التي تمر بها حركة فتح في لبنان تشير في خطها البياني إلى أن الحركة في مرحلة الضمور وربما –مستقبلاً- التلاشي.
بائعو الخردة
مررت مع صديق عند بوابة احد مخيمات مدينة صور، ولفت نظري كانت العاملين في جمع الخردة من الطرقات والحقول، فقلت ((مصائب حرب عن قوم فوائد))، فنبهني صديقي إلى أن مسألة جامعي الخردة الفلسطينيين لا تندرج في نفس السياق اللبناني للقضية (الدمار الذي خلفته الحرب)؛ بل إنهم سبقوهم، فصحيح أن الحرب زادت من نسبتهم، إلا أن ((الخردويين)) الفلسطينيين بدأوا منذ ستة أشهر، وأن معظم الجامعين كانوا عناصر في حركة فتح اتقطعت روابتهم، وبعضهم ضباط في الحركة.
وقد ذكرت مصادر مطلعة أن سعد الحريري دفع راتب الشهور الأولى لعناصر حركة فتح بعد انقطاع رواتبهم إثر فوز حماس في الانتخابات التشريعية.. غير أن ((الرائحة)) فاحت فانقطع الدعم الحريري عنهم.
وقد زادت الضائقة الاقتصادية على حركة فتح في لبنان، بحيث اضطر سلطان أبو العينين إلى تسريح ما يقارب نصف عناصره، بحيث تم تسريحهم مقابل القبول برواتب ثلاثة أشهر بدل الستة المستحقة، وقطع المكافآت الشهرية للمعلمين والطلاب والعامة (وهذا مؤشر على نتائج الانتخابات القادمة للمعلمين)..
ولعل هذا (الضائقة الاقتصادية) هو التفسير الأكثر منطقية لثوران سلطان أبو العينين الأخير على قادة حماس، حيث أن اختناق تنظيمه اقتصادياً أثر على سير العمل والنشاط الفتحاوي عموماً.
الانسياق السياسي
على ما يبدو أن هذا الأمر دفع بسلطان إلى تسريع الارتماء بأحضان (وهو أصلاً بأحضانهم) الإرادة ((الحريرية)) لتنفيذ القرارات 1559 و1701، بحيث بدأ بتنفيذ بنود القرار التي ما زالت موضع خلاف بين المقاومة والحكومة، وعلى رأسها نزع سلاح المقاومة (يعادله فلسطينياً نزع سلاح المخيمات الواقعة جنوب نهر الليطاني)، فقد بدأ سلطان أبو العينين جدياً بإجراءات نقل مقر قيادته من مخيم الرشيدية في صور (جنوب الليطاني)، إلى مخيم المية القريب من مخيم عين الحلوة (شمال الليطاني).
ويجري العمل على تسليم السلاح الفلسطيني إلى الجيش اللبناني، رغم أن القرار 1701 لم يتضمن هذه النقاط وهذه التفاصيل.
ويدرك المراقبون الصلة الوثيقة بين حركة فتح وتيار المستقبل، بحيث تسري إشاعات في البلد أن تسليحاً وتدريباً فتحاوياً مفتوح إلى بعض المجموعات في تيار المستقبل. والاشتباكات التي تحصل في منطقة التعمير في مخيم عين الحلوة، تبوح بسرّ التسليح الفردي والخفيف لبعض شباب التعمير المحسوبين على التنظيمات اللبنانية الصيداوية.
الغضب الداخلي
يبدو أن القاعدة الفتحاوية بدأت تغلي بالغضب على القيادة، خاصة بعدما رأوا أن حركة حماس وزعت المساعدات الغذائية على كل عائلات مخيمات صور أثناء الحرب، ثم أعادت التوزيع قبيل رمضان، ثم وزعت طروداً جديدة قبيل العيد. في الوقت الذي باعت قيادات فتح معظم المساعدات التي وصلتهم من تيار المستقبل (عليها ختم الهيئة العليا للإغاثة)..
الغريب أن الخبز الذي تم توزيعه بكثرة على اللاجئين في مخيمات صور، أمّنته حركة حماس، رغم أن حركة فتح تملك مخبزاً في مخيم الرشيدية فكانوا يبيعون الخبز.. وقد حدث أن وزعوا بعض المساعدات على كوادرهم دون العناصر العاديين، الذين استلموا المساعدات من حركة حماس في مساجد المخيمات.
الجدير بالذكر أن العناصر المولجة بالحراسة في بعض مراكز فتح لم تستنفر ولم تتأهب لقتال إخوانهم من حركة حماس، رغم التهديدات التي أطلقها سلطان أبو العينين ضد حماس. فهم غير مقتنعين بمقاتلة حماس في المخيمات، كما يحدث في فلسطين.
باختصار، فتح سرّحت العديد من عناصرها ومتفرغيها.. وتمنع الرواتب عن عناصرها، وعن المعلمين والتلاميذ الذين كانوا يتلقون مساعداتها المشروطة.. وبذلك فقدت ما يقارب نصف قاعدتها الانتخابية.
الأسابيع القادمة، ستبوح ببعض الذي ما زال مستوراً.. فلننتظر!!
تعليق