إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العقلية الأمنية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العقلية الأمنية

    العقلية الأمنية
    (نسخة خاصة إلى وزراء الداخلية العرب وقادة أجهزتهم الأمنية وكافة العاملين في هذه الأجهزة)
    أحمد أبورتيمة
    العقلية الأمنية هي التي تنظر إلى كل حركة وسكنة في المجتمع نظرةً أمنيةً متغافلةً أن المجتمع هو قبل كل شيء تجمع بشري له أنماط حياته واختياراته ومن حقه أن يعيش حياةً طبيعيةً وأن يعبر عن آرائه بكل حرية، ويتجاوز هذا الحس الأمني دوره الوظيفي الهادف إلى حفظ الأمن والتصدي للجريمة وللاستخبارات المعادية ليتحول إلى هوس أمني يتوجس خيفةً من هبوب نسمات الهواء وسقوط أوراق الشجر فتحشر الأجهزة الأمنية أنفها في كل صغيرة وكبيرة من شئون الناس وتتدخل فيما لا يخصها..
    تنتج العقلية الأمنية في البلاد الخاضعة للحكم الاستبدادي، لأن هذه الأنظمة تحكم الناس بالقوة وليس بالحب والإقناع، لذا فهي في قلق دائم من ثورة الناس ضدها، فتراهن في حكمها على تكميم أفواه الناس وتقييد حرياتهم، وتحيط نفسها بجدار سميك من الخوف وتتصدى لكل من يحاول كسر هذا الجدار أو اختراقه حتى لا يتشجع الآخرون للتأسي به..
    الأنظمة الاستبدادية التي تحكم شعوبها بالقوة تعاني من هاجس أمني دائم، وهي تخاف من أي تحرك شعبي وتحسب كل صيحة عليها..
    هذا القلق من قبل المنظومة الحاكمة هو حالة طبيعية في أوضاع غير طبيعية إذ لا يتوقع ممن يكره الناس على القبول بحكمه أن ينام هانئ البال مطمئناً، لذا فإن العلاقة عكسية بين مستوى الديمقراطية في المجتمع وبين سيطرة العقلية الأمنية على المنظومة الحاكمة، فحين يصل الحاكم إلى السلطة بطريقة مشروعة ووفق آليات التداول السلمي للسلطة ووفق مبدأ سيادة القانون فإنه سيكون راسخ القدمين ولن يكون حكمه مهدداً بالزوال حتى لو حدثت اضطرابات في البلاد لأن هذا الحكم يضرب بجذوره عميقاً في تربة المجتمع، وبذا يكون رصيد المنظومة الحاكمة من الاستقرار والأمن أكبر، لكن حين يكون الحاكم مغتصباً للسلطة فإنه لن يأمن لمن حوله وسيظل في قلق دائم من أن ينقض الشعب عليه فينتزع منه هذه السلطة، وستكون مراهنته في الاستمرار في الحكم على يقظته الأمنية وإبقاء الناس في حالة الخوف ومصادرة حريتهم، وسيظل هو ذاته ومنظومته الحاكمة محرومين من الطمأنينة إذ كيف يتحقق لهم الاستقرار وهم قد أقاموا بناءهم على أنقاض الآخرين، وسينعكس قلقهم بمضاعفة الإجراءات الأمنية وتقييد حريات الناس والحذر من أي بادرة للتعبير الحر عن الرأي..
    في تراثنا الإسلامي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ينام آمناً مطمئناً تحت ظل شجرة دون حراسة لأنه كان واثقاً بأنه يأوي إلى ركن شديد وأنه قد أدى الذي عليه تجاه الأمة فلم يعد خائفاً لأن الخوف يأتي من داخل النفس نتيجة إحساس الإنسان بتقصيره في أداء حقوقه، وحين رآه أحد الفرس على هذه الحالة قال كلمته الشهيرة "عدلت فأمنت فنمت"..
    والقرآن تحدث عن العلاقة بين الأمن والظلم فقال في سورة الأنعام على لسان إبراهيم عليه السلام: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"..إن الأمن رصيد نفسي يناله الإنسان حين يحقق العدل على مستوى النفس فلا يظلمها بالشرك بالله أو على مستوى العلاقة مع الناس فلا يعتدي عليهم.
    المجتمعات الطبيعية هي المجتمعات المصبوغة بصبغة مدنية، والتي ينحسر فيها دور الأجهزة الأمنية وتتراجع مظاهر العسكرة إلى حدها الأدنى، وبمقدار تراجع مظاهر العسكرة والتدخل الأمني في شئون الناس بمقدار ما يكون ذلك مؤشراً إيجابياً على استقرار المجتمع وازدهاره..
    دور الأجهزة الأمنية ينبغي أن يظل محصوراً في حدود تأمين البلاد والعباد وضمان سيادة القانون على الوزير قبل الغفير دون أن تدس أنفها في أفكار الناس وآرائهم وأنشطتهم السياسية والاجتماعية، فالفكر يواجه بالفكر وليس من اختصاص الأجهزة الأمنية أن تتدخل في أفكار إنسان أو في أنشطته السياسية والاجتماعية، بل إن من مسئولية قوى الأمن أن تحمي المعارضين السياسيين للنظام الحاكم، وتوفر الحماية الأمنية اللازمة لتظاهراتهم وأنشطتهم الاجتماعية والسياسية دون أن تمن عليهم بذلك، فدورها دور وظيفي لا سياسي كدور الطبيب في معالجة مرضاه دون التفريق بينهم على أساس سياسي، وكدور المدرس في تدريس تلاميذه دون محاباة أحدهم وفق انتمائه الحزبي، كذلك دور الأمن هو أن يؤمن أفراد المجتمع وأنشطتهم دون النظر إلى منطلقاتهم الفكرية وآرائهم السياسية..
    مما تتذرع به الأنظمة الاستبدادية في خنق حريات الناس ومصادرة حقهم الفطري في التعبير عن آرائهم هو قولها بأنها تخشى من استغلال أي تظاهرة أو منبر للتعبير عن الرأي في التحريض ضد السلطة الحاكمة وقيادة البلاد نحو الفوضى والفلتان، وهي حجة داحضة تدينهم ولا تبرئهم، فهذا القول يكشف هشاشة الأساس الذي قامت عليه هذه الكيانات وأنه لا يمتلك مناعةً ضد الانهيار..لماذا لا ينهار النظام في بريطانيا مثلاً حتى لو نظمت في قلب العاصمة تظاهرات مليونية بينما ترتجف الأنظمة العربية التي لم تصلها رياح التغيير فرقاً من تجمع خمسين شخص في العاصمة؟؟ لأن النظام في بريطانيا قائم على أساس متين من التعاقد بين الشعب والحكومة، وهناك آليات للتعبير عن الرأي وللتداول السلمي على السلطة، وهناك قانون حاكم، فليس بوسع المتظاهرين أن ينقضوا هذا الأساس المتين حتى لو كان من بينهم آلاف المشاغبين المدسوسين ذوي الارتباطات الخارجية والأهداف الخبيثة لأن هناك قانوناً مهاباً يضمن التعامل مع هؤلاء المدسوسين المخربين، أما حين يكون الأساس هشاً فإن الأنظمة تخاف من أي تظاهر أو تعبير عن الرأي خوفاً من افتضاح هشاشة بنائها وسقوطه، لكن هذا الحذر لن يغني عنها شيئاً لأنه لا بد أن يأتي اليوم الذي ينتفض فيه الناس ويكسرون القيود والأغلال ويتمردون على واقعهم بعد أن يتراكم في نفوسهم الشعور بالظلم والاضطهاد، لذا فإن الرهان على الأجهزة الأمنية في إدامة الملك في ظل غياب العدل هو رهان خاسر لو كانوا يعقلون ..
    سيطرة العقلية الأمنية تقتل المجتمع وتغتال عقوله، وتطمس كفاءاته فتتوقف عجلة الإنتاج، وتعطل طاقاته الإنتاجية، لأن الناس لا تستطيع أن تفكر تفكيراً طبيعياً في ظل هيمنة أجواء الخوف، وفي ظل كثرة القيود والمحظورات، وتدخل الأجهزة الأمنية في تفاصيل الحياة المدنية، فالتظاهر ممنوع والانتقاد ممنوع والحديث عن الأخطاء ممنوع، ودور النشر مراقبة، وتدوينات الانترنت تحت بصر الرقيب، والانتساب إلى الوظيفة يجب أن يسبق بتقييم أمني، وأي مبادرة شعبية هي محل تشكيك وارتياب واتهام بتنفيذ أجندة خارجية..
    إن الحياة ذاتها تغتال في المجتمعات الأمنية، ولا يتوقع من مجتمع يصادر حرية أبنائه وينتقص كرامتهم سوى أن يمضي قدماً نحو الهلاك..
    والله المستعان..

  • #2
    رد : العقلية الأمنية

    السؤال الذي يطرح نفسه
    الافراد التي تعيش وتتأقلم مع الاستبداد هل تكون مجتمع يحمل مقومات المجتمعات ؟!!

    تعليق


    • #3
      رد : العقلية الأمنية

      هي أقرب ما تكون إلى صبغ كل شيء بطابع أمني
      وكأن الحياة لا يمكن أن تسير إلا اذا تدخلت فيها الأجهزة الأمنية ورسمت معالمها
      وهي بذلك تفسدها ...
      الضفة الغربية أكبر مثال
      والنتيجة : خوف ، تخاذل ، نكوص ، هوان ..

      تعليق


      • #4
        رد : العقلية الأمنية

        قيل للإمام علي كرم الله وجهه : لماذا في زمان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لم تكن هذه القلاقل التي إتسمت بها خلافتك فرد عليه الإمام : لأن في زمان عمر كانت الرعية أنا وأمثالي
        كما تكونوا يولى عليكم ، هذا ليس مسوغ للإستبداد أن يطلق العنان لسلطته كي تنكل بالشعب وتخنق أنفاسه كلا ، لكن هل نحن في حياتنا تشربنا ثقافة الحوار ؟؟ هل نحن لا نمارس الظلم فيما بيننا ؟؟ هل نحن غيّرنا ما بأنفسنا حتى يغيّر الله بما بنا ؟؟ هل نحن نحترم بعضنا البعض ؟؟ هل نحن تعالينا بقيمنا عن إذاية الغير ؟؟ وهل نحن جعلنا تعريفا للعدو الحقيقي الذي يتربص بنا جميعا ؟؟ وهل كلماتنا لها واقع على الأرض أم هي تنميقات ليس إلا ؟؟ ..

        كنا نعتقد أن الإستبداد في العراق حالة شادة حيث كان النظام يمارس علي الشعب أبشع التنكيل ويزج به في السجون ويلحق به الأذى الناظر للمشهد العراقي الآن يكاد يرى القسوة عنوانهم ، التنكيل ببعضهم البعض ، لغة الحوار مفقودة ، يتحالف مع العدو فقط لتبقى مكانته محفوظة ، لا يهمه إن خربّ البلد كله ، المهم أن يبقى قابعا على الحكم وووو.....
        حين نكون في مستوى وعي عال وحين تكون بصمات الإسلام بادية علينا وحين تكون ثقافة عالية من الوعي ننضبط لها وحين نحترم القوانين ، وحين نحتكم لشرع ربنا حين نختلف ، حتما سيغيّر الله حالنا ..

        تعليق


        • #5
          رد : العقلية الأمنية

          ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

          تعليق


          • #6
            رد : العقلية الأمنية

            المشاركة الأصلية بواسطة اسامة سالم مشاهدة المشاركة
            السؤال الذي يطرح نفسه
            الافراد التي تعيش وتتأقلم مع الاستبداد هل تكون مجتمع يحمل مقومات المجتمعات ؟!!
            لا
            إن الاستبداد يقتل في المجتمعات مقومات الحياة فتتحول إلى كيانات خشبية جامدة لا روح فيها

            تعليق


            • #7
              رد : العقلية الأمنية

              المشاركة الأصلية بواسطة فوزي القطب مشاهدة المشاركة
              هي أقرب ما تكون إلى صبغ كل شيء بطابع أمني
              وكأن الحياة لا يمكن أن تسير إلا اذا تدخلت فيها الأجهزة الأمنية ورسمت معالمها
              وهي بذلك تفسدها ...
              الضفة الغربية أكبر مثال
              والنتيجة : خوف ، تخاذل ، نكوص ، هوان ..
              وغير الضفة مثال آخر

              تعليق


              • #8
                رد : العقلية الأمنية

                المشاركة الأصلية بواسطة أم كوثر مشاهدة المشاركة
                قيل للإمام علي كرم الله وجهه : لماذا في زمان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لم تكن هذه القلاقل التي إتسمت بها خلافتك فرد عليه الإمام : لأن في زمان عمر كانت الرعية أنا وأمثالي
                كما تكونوا يولى عليكم ، هذا ليس مسوغ للإستبداد أن يطلق العنان لسلطته كي تنكل بالشعب وتخنق أنفاسه كلا ، لكن هل نحن في حياتنا تشربنا ثقافة الحوار ؟؟ هل نحن لا نمارس الظلم فيما بيننا ؟؟ هل نحن غيّرنا ما بأنفسنا حتى يغيّر الله بما بنا ؟؟ هل نحن نحترم بعضنا البعض ؟؟ هل نحن تعالينا بقيمنا عن إذاية الغير ؟؟ وهل نحن جعلنا تعريفا للعدو الحقيقي الذي يتربص بنا جميعا ؟؟ وهل كلماتنا لها واقع على الأرض أم هي تنميقات ليس إلا ؟؟ ..

                كنا نعتقد أن الإستبداد في العراق حالة شادة حيث كان النظام يمارس علي الشعب أبشع التنكيل ويزج به في السجون ويلحق به الأذى الناظر للمشهد العراقي الآن يكاد يرى القسوة عنوانهم ، التنكيل ببعضهم البعض ، لغة الحوار مفقودة ، يتحالف مع العدو فقط لتبقى مكانته محفوظة ، لا يهمه إن خربّ البلد كله ، المهم أن يبقى قابعا على الحكم وووو.....
                حين نكون في مستوى وعي عال وحين تكون بصمات الإسلام بادية علينا وحين تكون ثقافة عالية من الوعي ننضبط لها وحين نحترم القوانين ، وحين نحتكم لشرع ربنا حين نختلف ، حتما سيغيّر الله حالنا ..
                شكراً لمرورك الكريم

                تعليق


                • #9
                  رد : العقلية الأمنية

                  المشاركة الأصلية بواسطة فوزي القطب مشاهدة المشاركة
                  الضفة الغربية أكبر مثال
                  .
                  الموضوع كبير ومهم، ويستحق الدراسة والتفكير، والشكر بالتأكيد موصول لكاتبه. لكن محاولة تقزيمه من البعض أو تسييسه لهدف حزبي تافه يدل على أن من يدورون في ساقية هذه العقلية كثر، حتى وان كانوا لا ينتمون لتلك الأجهزة.
                  العقلية الأمنية تسيطر على الضفة والخوف من تكرار تجربة تدمير غزة كما هي مدمرة اليوم ما زال معششاً في أدمغة الأجهزة الأمنية هذا صحيح، ولكن تلك العقلية بالتأكيد ما زالت معششةً في رؤوس بعض من يقبضون على رقبة غزة ورقاب أهلها، وإن كانت بأسلوب أقل وعياً وعلماً، وأكثر فوضوية وحقداً وفتكاً.

                  تعليق


                  • #10
                    رد : العقلية الأمنية

                    المشاركة الأصلية بواسطة khallood مشاهدة المشاركة
                    الموضوع كبير ومهم، ويستحق الدراسة والتفكير، والشكر بالتأكيد موصول لكاتبه. لكن محاولة تقزيمه من البعض أو تسييسه لهدف حزبي تافه يدل على أن من يدورون في ساقية هذه العقلية كثر، حتى وان كانوا لا ينتمون لتلك الأجهزة.
                    العقلية الأمنية تسيطر على الضفة والخوف من تكرار تجربة تدمير غزة كما هي مدمرة اليوم ما زال معششاً في أدمغة الأجهزة الأمنية هذا صحيح، ولكن تلك العقلية بالتأكيد ما زالت معششةً في رؤوس بعض من يقبضون على رقبة غزة ورقاب أهلها، وإن كانت بأسلوب أقل وعياً وعلماً، وأكثر فوضوية وحقداً وفتكاً.
                    شكراً لأنك أدركت صلب الفكرة التي أريد إيصالها

                    تعليق

                    جاري التحميل ..
                    X