بسم الله الرحمـن الرحيـم
أمثالٌ وكلماتٌ فاســدةُ
أمثالٌ وكلماتٌ فاســدةُ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الصادق الأمين، محمد بن عبدالله خير الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعـد:
تنتشر بين العامة أمثالٌ شعبيةٌ ومعتقداتُ وأفعالٌ وأقوالٌ تختلف مع شرع الله وتتصادم مع كلام الله عزّ وجلّ وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، مما جعل البعض يرددها كثيرًا ويضربون بها الأمثال ويعتقدون بما فيها وتسمع ترددها كثيرًا على الألسنة على الرغم ممن مخالفته للعقيدة الصحيحة ولأحكام الإسلام.
وهذه الأمثال والمعتقدات سببها البعد عن شرع الله عزّ وجلّ وأحكامه مما جعل نشرها سهلاً وترديدها بدون خوفٍ ولا خشيةٍ مع أنها تتصادم مع توجيهات الشرع الحنيف. وهذا سببٌ من أسباب الإنحراف التي تعيشه الأمة حيث أنها تؤمن بهذه الخرافات والمعتقدات والأمثلة مسببةً بذلك تكوين صورة سيئة مضادة لحكمٍ أو توجيهٍ من أحكام وتوجيهات دين الله فتنتشر بين العامة ما يُسبب اضمحلال وتراجع ما يقابلها في دين الله، بل إن كثيرًا من الأوامر القرآنية والسنّن النبوية تُركت وهُجرت وخُلِّفت بسبب هذه الأمثال والمعتقدات.
وفي هذا الموضوع سنستعرض بعضًا من تلك الأمثلة والمعتقدات والأقوال والأفعال الخاطئة الضالة ونبين خطأها ونذكر الصحيح المقابل لها.
- خطر اللسان:
قال تعالى: "ما يلفِظُ من قولٍ إِلَّا لديهِ رقِيبٌ عَتِيدٌ"، فاللسان محاسبٌ على ما ينطق، والمسلم مؤتمن على كلامه، لذلك لما سأل معاذ بن جبل رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وهل نحن مؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟" أجاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم"، ولما سأله أحد صحابته رضوان الله عنهم: "يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليّ؟" أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلسان نفسه ثم قال: "هذا".
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه".
وجاء أن ابن مسعود رضي الله عنه ارتقى الصفا فأخذ بلسانه، فقال: "يا لسان! قل خيرًا تغنم، واسكت عن الشر تسلم من قبل أن تندم ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أكثر خطايا ابن آدم من لسانه"
- أمثلة ومعتقدات خاطئة:
- كثرة السلام يقلل المعرفة:
مثلٌ خاطئ لا يجوز لمسلمٍ أن ينطق به لما فيه من مخالفة الأمر النبوي، حيث أنه حضّ على نشر السلام والحرص عليه، فقال: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"، وقال تعالى: " فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله"، بل حرص الشارع الحنيف على ترديد السلام كثيرًا، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو حائط أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه"، فأنظر إلى هذا التوجيه النبوي الذي يحث على الإكثار من السلام حتى لدرجة أنه إذا فرّق بين المسلم وأخيه شجرةٌ فليُسلّم عليه عند اللقاء ثانيةً!
والعمل بالمثل المذكور يحدُّ من إفشاء السلام وعدم الإكثار منه، وهذه من علامات قيام الساعة في آخر الزمان وأرذله، جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد ولا يصلي فيه ركعتين، وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف".
فاستفدنا من الأدلة السابقة أن إفشاء السلام سبيلٌ للمحبة بين المسلمين والتي هي طريقٌ للإيمان، ولذلك فإن عدم إفشاءهِ يؤثر سلبًا في إيمان المجتمع.
- الأقارب عقارب:
مثلٌ يحضُّ على قطع الرحم وعدم التواصل معهم بحجة أنهم "عقارب"، وهذا المثل ضالٌ مضلٌّ لا يجوز التحدث به ونشره لما فيه من تحريضٍ على الأرحام الذين حرص الإسلام على صلتهم والإحسان إليهم وعدم الإساءة في حقهم، قال تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى" ، وقال: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا " ، وانظر إلى عظمة منزلة الرحم في الإسلام حيث ألحقها الله تعالى بالتحذير من الشرك والأمر بتقواه سبحانه.
وما يأمر به المثل هو قطع الأقارب وعدم وصلهم حيث شبههم بالعقارب التي لا يُطلب جوارها، وقطع الأرحام كبيرة من كبائر الذنوب لعن الله صاحبها، قال سبحانه: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم".
وصلّة الأرحام جالبةٌ لفوائد كثيرة غير الأجر حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: " من سره أن يعظم الله رزقه، وأن يمد في أجله فليصل رحمه".
وقد يتحجج قائل المثل أن قصده بالأقارب من أذاه وقطعه، ومع هذا فإن المثل يضلّ فاسدًا، فلقد قال عليه الصلاة والسلام: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها"، فالأمر ليس مجرد ردّ الوصل، بل إنشاء الوصل وإن كان الرحم قاطعةً وصاحبةُ أذية.
تعليق