إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فتوى علماء الولايات الإسلامية في الصومال من له حق التشريع.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فتوى علماء الولايات الإسلامية في الصومال من له حق التشريع.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    فتوى علماء الولايات الإسلامية في الصومال

    في الأمور التالية:
    1. من له حق التشريع.
    2. حكم من نازع الله فى التشريع.
    3. حكم من أطاع غير الله فى التشريع.

    الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومستدرج العاصين بمكره، الذي أظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يمانع، الظاهر على خلقه فلا ينازع، الحكيم فيما يريد فلا يدافع، نحمده على إعزازه لأوليائه، ونصرته لأنصاره، وخفضه لأعدائه، حمد من استشعر الحمد باطن سره، وظاهر جهاره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، المتفرد بحكمه، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، له الحكم وإليه ترجعون، شهادة من طهر بالتوحيد قلبه، وأرضى بالمعاداة فيه والموالاة ربه، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، رافع الشك وخافض الشرك، وقامع الكذب والإفك؛ اللهم صل على محمد وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.

    وبعد: فإن الله سبحانه نصب في كل زمان رجالا يحمون شريعته، وينصرون ملته، ويجاهدون فيه حق جهاده، إذا انتهكت حرماته غضبوا غضب الأسد، وإذا سُلِك سبيله فرحوا فرح الوالد بالولد، أسْبل الله عليهم من العلم النافع والعمل الصالح ما أهّلهم للقيام بهذه المسؤولية العظيمة، والمهمة الجسيمة، فاستخدموا هذا السلاح الذي أسبل الله عليهم أذياله في هداية الخلق، وإرشادهم إلى الطريق السوي، والنهج المرضي، كما استخدموه أيضا في استئصال شبه المنحرفين، وإبطال حجج المشركين من علمانيين وديمقراطيين، وغيرهم من أهل النحل الشركية والفاسدين، والقضاء على بدع المبتدعين؛ أداءا للواجب، وإبراءا للذمة، ووفاءا للميثاق الذي أخذه الله تعالى على أهل العلم في قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران:178].

    وإن من أوجب البيان على العلماء؛ تبيـيـن التوحيد للناس والدعوة إليه، والتحذير من الشرك وأهله، فإن الله خلق الخلق ليعبدوه وعبادتهم له عز وجل لا تتحقق الا بإخلاص التوحيد له، والبراءة من الشرك وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56]، و قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة:5]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النساء:125]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا» متفق عليه.
    وإفراد الله سبحانه بالألوهية يصاحبه في القرآن كثيراً إفراده سبحانه بالملك والهيمنة ولذلك كان من أسّ التوحيد تسليم التشريع لله وحده.

    وعليه فإذا كان بيان التوحيد من أوجب الواجبات على العلماء، ورأينا الوضع الحالي الذي تمر به البلاد من استبدال القوانين الوضعية بالشريعة الغراء وإحلالها محلها وغزو صليبي سافر كان لزاما علينا أن نبين الأمور التالية:

    أولا: من له حق التشريع (التحليل والتحريم)؟

    إن التشريع للخلق هو حق خالص لله تعالى، وصفة من صفاته فله وحده التحليل والتحريم وهو وحده المتصرف في جميع أمور عباده لأنه يعلم ما يصلح لهم، كما قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]، فلا يُشَرِّع للخلق إلا الربُّ جل وعلا، والأدلة على ذلك كثيرة: قال الله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف:40], وقال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف:54]، وقال الله تعالى:﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشورى:10], وقال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ [الأنعام:57] ، وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:33] ، وقال تعالى: ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:26]، قال الشنقيطي رحمه الله: (والمعنى: ولا يشرك الله جل وعلا أحداً في حكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا لا حكم لغيره ألبتة، فالحلال ما أحله تعالى، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه. والقضاء ما قضاه. .... وحكمه جل وعلا المذكور في قوله: ﴿وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا﴾: شامل لكل ما يقضيه جل وعلا. ويدخل في ذلك التشريع دخولاً أولياً.) وقال تعالى:﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا﴾، وقال تعالى:﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: 59]، قال ابن عباس: (إن أهل الجاهلية كانوا يحرمون أشياء أحلها الله من الثياب و غيرها و هو قول الله: ﴿قل أرأيتم ... ﴾ الآية فأنزل الله تعالى: ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ...﴾ الآية رواه الطبري بسند حسن. و قال القاضي أبو طالب الطرطوشي رحمه الله: (فجعل فعل ذلك إما أن يكون بإذن من الله، و إما أن يكون بافتراء، و قد صحّ أن لا إذن من الله في الجاهلية فلم يبق إلا أن يكون افتراء). وعليه فالمشرع مفتر على الله ولابد وهي حال لازمة و الافتراء عليه تصريحاً أو حالاً يلزم به الكفر.

    وقال تعالى:﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾: [النحل:116]، قال ابن القيم رحمه الله: (و نهى أن يقول أحد هذا حلال و هذا حرام لما لم يحرمه الله ورسوله نصاً وأخبر أن فاعل ذلك مفتر عليه الكذب)، وقالفقسم الحكم إلى قسمين قسم أذن الله فيه وهو الحق و قسم افترى عليه فيه و هو ما لم يأذن فيه). إهـــ.
    ومن أسمائه تعالى الحَكَم كما جاء عند أبي داوود وغيره بإسناد صحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ» ، فالحُكم والتشريع صفة من صفات الله تعالى فكما أن الخلق صفة من صفاته لا يستحقها غيره فكذلك التشريع لخلقه لا يستحقه غيره تعالى، كما دلت عليه الأدلة السابقة، وذلك إجماع علماء المسلمين لايختلف فيه إثنان منهم، كما لا يختلفون في أن الخلق لله؛ وقد عاب الله على المشركين أنهم جمعوا بين الشرك والتحريم لما أحل الله، والتحليل لما حرم الله، والشرك يدخل فيه كل عبادة لم يأذن الله بها، فإن المشركين يزعمون أن عبادتهم إما واجبة، وإما مستحبة. ثم منهم من عبد غير الله؛ ليتقرب به إلى الله، ومنهم من ابتدع دينا عبد به الله، كما أحدثت النصارى من العبادات .

    وأصل الضلال في أهل الأرض إنما نشأ من هذين، إما اتخاذ دين لم يشرعه الله، أو تحريم ما لم يحرمه، يقول سيد قطب رحمه الله : (التشريع من شأن الألوهية وحدها، وهو مظهر الألوهية في حياة البشر، فلا يجوز أن يزاوله إنسان فيدعي لنفسه مقام الألوهية وهو واحد من العبيد!). أهـــ. فالتحليل والتحريم إما أن يكون من الله ولله أو يكون افتراء وكذبا عليه إذ لا واسطة بينهما.
    قال الإمام الشنقيطي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام:121]، (من المعلوم أنه لا تشريع إلا للسلطة العليا و السلطة الحاكمة على السموات و الأرض هي التي لها الأمر و النهي و التشريع، فالتشريع لرب العالمين ﴿فالحكم لله العلي الكبير﴾ ﴿إن الحكم إلا لله﴾ ﴿و لا يشرك في حكمه أحداً﴾. فالحاكم هو الله و التشريع تشريع الله و النبي مبلغ عن الله شرعه لخلقه، و المشرع هو الخالق جل و علا.)

    ولذلك فلاسعادة للخلق ولاخير للبرية إلا بتحكيم شرع الله والتقيد به فهو الحبل المتين الذي لا يتطرق إليه الريب، وقد جاءت الشريعة كاملة لا نقص فيها، جامعة تحكم كل حالة، مانعة لا تخرج عن حكمها حالة، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ [المائدة: 3].
    ولم تأت الشريعة لجماعة دون جماعة، أو لقوم دون قوم، أو لدولة دون دولة، وإنما جاءت للناس كافة من عرب وعجم، شرقيين وغربيين، على اختلاف مشاربهم وتباين عاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم، فهي شريعة كل أسرة، وشريعة كل قبيلة، وشريعة كل جماعة، وشريعة كل دولة، بل هي الشريعة العالية التي ما استطاع البشر أن يأتوا بمثلها.
    ولم تأت الشريعة لوقت دون وقت، أو لعصر دون عصر، أو لزمن دون زمن، وإنما هي شريعة كل وقت، وشريعة كل عصر، وشريعة الزمن كله حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

    ثانيا: حكم المنازعين لله في التشريع:

    وإذا تبين لك بتلك التقريرات النيرات تفرد الله بالتشريع والحكم، فلا ينازعه في ذلك إلا شاذ عن أوامر الله ورسوله كافر بهما؛ قال الله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:21]، قال ابن كثير: (أي: هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس، من تحريم ما حرموا عليهم، من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل الميتة والدم والقمار، إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة الباطلة، التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم، من التحليل والتحريم، والعبادات الباطلة، والأقوال الفاسدة.) اهــ. وقال ابن تيمية رحمه الله: ( فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو بفعله من غير أن يشرعه الله فقد شرّع من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكا لله شرّع له من الدين ما لم يأذن به الله) فوصف الله تعالى من نازعه فى التشريع (التحليل والتحريم) ، بأنه منازع له فى ربوبيته وألوهيته، حيث وصفه بأنه جعل نفسه شريكا لله فى الألوهية بإعطائه نفسه ما يختص بالله من صفات كماله، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام:1]: أي يجعلون لله عَدْلاً ونظيراً في صفاته وأفعاله ومنها التشريع.

    وقال تعالى:﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المـحْكَم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات المـلَكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان، الذي وضع لهم اليَاسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعًا متبعًا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يُحكِّم سواه في قليل ولا كثير، قال الله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون. ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عَقل عن الله شرعه، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء)، وقد علق كثير من العلماء المعاصرين على كلام ابن كثير السابق مُبَيِّنين أن هذا هو حال الحكام الذين يحكمون المسلمين بالقوانين الوضعية الآن، فقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله (أفيجوز ـ مع هذا ـ في شرع الله أن يحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربة الوثنية الملحدة؟ بل تشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة، يغيرونه ويبدلونه كما يشاءون، لا يبالي واضعه أوافق شرعة الإسلام أم خالفها؟ ـ إلى قوله ـ إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام ـ كائنا من كان ـ في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها) . إهـ.
    وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [التوبة:37]، قال الحافظ ابن كثير: (هذا مما ذم الله تعالى به المشركين من تصرفهم في شرع الله بآرائهم الفاسدة، وتغييرهم أحكام الله بأهوائهم الباردة، وتحليلهم ما حرم الله وتحريمهم ما أحل الله) . إهـ .
    وعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : «أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ...» أخرجه مسلم.

    وقد كفَّر الله اليهود لما غيروا حكم الله فى من زنا فعنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : «مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا، فَدَعَاهُمْ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟، قَالُوا : نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ، فَقَالَ : أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟، قَالَ : لَا وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُهُ الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا، فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، قُلْنَا : تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل ﴿يَأَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ إ﴿ِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ﴾ يَقُولُ ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ، وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾» أخرجه مسلم، ففي هذا الحديث أنهم غيروا حكم الله واستبدلوه بحكم من تلقاء أنفسهم، فاجتمع علماؤهم واتفقوا على هذا الحكم الجديد، فكفرهم الله بذلك، والذي يحدث اليوم هو نظير ذاك، والنظير يأخذ حكم النظير، وصورة سبب النزول قطعية الدخول فى النص على الراجح عند جمهور أهل العلم، كما قال صاحب المراقي:
    واجزم بإدخال ذوات السبب وارو عن الإمام ظنا تصب

    فعلى هذا فإن كل من شارك فى وضع الدساتير الموضوعة لهذا البلد - سواء وضع فى الستينيات أو فى إمبغاتي أو ما يروجونه ويُطبّلون له الآن - منازعون لله فى التشريع كفار مرتدون خارجون عن دائرة الإسلام وإن صلوا وصاموا وزعموا أنهم مسلمون، لأن تشريع الأحكام بمجرد الهوى و تحسين العقول كفر و ردة عند السلف الصالح، وهذا واضح من تكفيرهم لمن شرع الأحكام من عند نفسه ، كما نقل ابن كثير فى البداية والنهاية، حيث ذكر نماذج من تشريع التتار ثم ذكر حكم الإسلام فيها، فقال: (فمن ترك الشرع المحكم المنــزل على محمد بن عبد الله خاتم الانبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ) ، وقال ابن تيمية رحمه الله: (والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه؛ أو حرم الحلال المجمع عليه؛ أو بدل الشرع المجمع عليه؛ كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء)، فتشريع الحكم من البرلمان و غيرهم شرك و كفر أكبر، لأن الشرك في الحكم كالشرك في العبادة لا فرق بينهما البتة، قال تعالى في الحكم: ﴿و لا تشرك في حكمه أحداً﴾ ﴿وإن أطعتموهم إنكم لمشركون﴾ وفي العبادة ﴿ولايشرك بعبادة ربه أحداً﴾.

    ثالثا:حكم من أطاع غيرالله فى التشريع

    حكم الله تعالى فى كتابه في غير ما آية على من أطاع غيره في التحليل والتحريم بالشرك، وأنه اتخذ من أطاعه في ذلك ربا ومعبودا من دون الله، قال الله تعالى:﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام:121]، وأخرج الإمام الترمذي و أبو داود و النسائي عن ابن عباس قال: «أتى ناس النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا: يا رسول الله إنا نأكل ما نقتل و لا نأكل مما يقتل الله؟» فأنزل الله: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾ إلى قوله ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ حديث حسن. و هذا التفسير مروي أيضاً عن عكرمة و سعيد ابن جبير و مجاهد و الضحاك. وقال ابن كثير:في تفسير الآية (أي: حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك) وقال تعالى: ﴿ وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [آل عمران:64]، قال ابن جُرَيْج: يعني: (يطيع بعضنا بعضا في معصية الله) ، و قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره: (أي لا نتبعه في تحليل شيء أو تحريمه إلا فيما حلله الله تعالى).

    وقال الله تعالى:﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة:31] عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ : «يَا عَدِيُّ، اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَة، اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ، قَالَ :«أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ » وفى رواية: «أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟ » قُلْتُ : بَلَى، قَالَ: « فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» أخرجه الترمذي وغيره وهوحديث حسن. و أخرج ابن جرير بإسناد صحيح عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال «أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَصُومُونَ لَهُمْ، وَلا يُصَلُّونَ لَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحِلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُمْ حَرَّمُوهُ، فَتِلْكَ كَانَتْ رُبُوبِيَّتَهُمْ». وقال القرطبي: (معناه أنهم أنزلوهم منـزلة ربهم في قبول تحريمهم وتحليلهم لما لم يحرمه الله ولم يحله الله)، وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله: (وهو نص في أن من يتبع تشريع الشيطان تاركاً تشريع الله أنه اتخذ الشيطان رباً ومعنى هذا واضح، لأن الأمر والنهي والتحليل والتحريم لا يكون إلا للأعظم الذي بيده كل شيئ، فإذا جعله لغير الله فقد أعطى منصب الربوبية الكامل لغير الله وجعله رباً غير الله)إهـ.
    وقال أيضا: (فبين له – يعني عديا- أنهم أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم في ذلك، وأن ذلك هو اتخاذهم إياهم أرباباً.

    ومن أصرح الأدلة في هذا: أن الله جل وعلا في سورة النساء بين أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله يُـتعجب من زعمهم أنهم مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ما يحصل منه العجب. وذلك في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً﴾ [النساء:60].
    وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور: أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يَشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم)إهـ.

    فإن قال قائل كيف اتخذ من أطاع غيرالله فى التحليل والتحريم ربا من دون الله وهو ينكر ذلك؟
    فالجواب كما قال الإمام ابن حزم حيث قال: (التسمية لله عز وجل فلما كان اليهود والنصارى يحرمون ما حرم أحبارهم ورهبانهم ويحلون ما أحلوا كانت هذه ربوبية صحيحة وعبادة صحيحة قد دانوا بها وسمى الله تعالى هذا العمل باتخاذ أرباب من دون الله وعبادة وهذا هو الشرك بلا خلاف). إهـ.
    فإذا تبين لك أن التحليل والتحريم لله وحده، وأن من نازعه فى ذلك كافر مرتد خارج عن الإسلام بادعائه لنفسه صفة من صفات الله وهي التشريع لخلقه، وأن من أطاع غير الله في تحليل الحرام وتحريم الحلال فقد اتخذه ربا وإلها من دون الله ، فاعلم أن كل من تحاكم إلى هذا الدستور الكفري أو رضي به أو أيده أو دافع عنه أو دعا الناس إلى التحاكم إليه فهو عابد لغير الله مرتد عن الإسلام بذلك، - عريفا كان أوعالما أوتاجرا أو غير ذلك من شرائح المجتمع كما يفعله الآن بعض من قل نصيبه وخسر الدنيا والاخرة ممن يُسمُّون أنفسهم بالنقباء في تسويغ وإمرار هذا الدين الجديد الذي وضعه العبد الكافر الأسود (مهيغا)، نيابة عن أسياده الأمريكان - وهذه المسألة من مسائل الإجماع التي لا يختلف فيها اثنان من علماء المسلمين.

    وبناءً على ذلك أفتى علماء الولايات الإسلامية بما يلي :-

    1- إن التشريع للخلق هو حق خالص لله تعالى، وصفة من صفاته فله وحده التحليل والتحريم وهو وحده المتصرف في جميع أمور عباده لأنه يعلم ما يصلح لهم.
    2- أنّ من نازع الله في التشريع والتحكيم شاذ عن أوامر الله ورسوله كافر بهما ومرتد عن الإسلام إن سبقه إسلام .
    3- فإن كل من شارك فى وضع الدساتير الموضوعة لهذا البلد - سواء وضع فى الستينيات أو فى إمبغاتي أو ما يروجونه ويُطبّلون له الآن - منازعون لله فى التشريع كفار مرتدون خارجون عن دائرة الإسلام وإن صلوا وصاموا وزعموا أنهم مسلمون، لأن تشريع الأحكام بمجرد الهوى و تحسين العقول كفر و ردة .
    4- وأن من أطاع غير الله في تحليل الحرام وتحريم الحلال فقد اتخذه ربا وإلها من دون الله.
    5- أن كل من تحاكم إلى هذا الدستور الكفري أو رضي به أو أيده أو دافع عنه أو دعا الناس إلى التحاكم إليه فهو عابد لغير الله مرتد عن الإسلام بذلك، - عريفا كان أوعالما أوتاجرا أو غير ذلك من شرائح المجتمع كما يفعله الآن بعض من قل نصيبه وخسر الدنيا والاخرة ممن يُسمُّون أنفسهم بالنقباء في تسويغ وإمرار هذا الدين الجديد الذي وضعه العبد الكافر الأسود (مهيغا)، نيابة عن أسياده الأمريكان، وهذه المسألة من مسائل الإجماع التي لا يختلف فيها اثنان من علماء المسلمين.

    وصايا عامة:

    نوصي المسلمين عامة والصوماليين خاصة بتقوى الله فى السر والعلن فهي وصية الله للأولين والآخرين ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾، كما نوصيهم بالصبر والثبات على الدين والتمسك بحبل الله المتين الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنـْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾، ونذكّرهم أن الإيمان لا يتحقق فى قلب العبد إلا بالكفر بالطاغوت، قال تعالى:﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، وقال تعالى:﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾، عن أبي مالك عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، حَرُمَ مَالُهُ، وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» أخرجه مسلم. ومن أكبر الطواغيت اليوم هذه الطائفة الكافرة ودستورها وهيآتها المتعددة (كالذين يُدعَون بالبرلمان)، فعلى المسلمين أن يتبرؤوا من هذا الطاغوت ويكفروا به، وعليهم أن لا يعترفوا بشرعيتها ولا يتحاكموا إلى محاكمها، بل (لو اقتتلت البادية والحاضرة، حتى يذهبوا، لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتا، يحكم بخلاف شريعة الإسلام، التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان هذا التحاكم كفرا، والنّزاع إنما يكون لأجل الدنيا، فكيف يجوز لك أن تكفر لأجل ذلك؟ فإنه لا يؤمن الإنسان، حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وحتى يكون الرسول أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. فلو ذهبت دنياك كلها، لما جاز لك المحاكمة إلى الطاغوت لأجلها، ولو اضطرك مضطر وخيرك، بين أن تحاكم إلى الطاغوت، أو تبذل دنياك، لوجب عليك البذل، ولم يجز لك المحاكمة إلى الطاغوت)، (فيا معشر العقلاء، ويا جماعات الأذكياء وأولى النهى - كيف ترضون أن تجرى عليكم أحكام أمثالكم وأفكار أشباهكم أو من هم دونكم ممن يجوز عليهم الخطأ بل خطؤهم أكثر من صوابهم بكثير بل لا صواب في حكمهم إلا ما هو مستمد من حكم الله ورسوله نصاً أو استنباطاً تدَعُونهم يحْكمُون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم وفي أموالكم وسائر حقوقكم ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحكم الله ورسوله الذي لا يتطرق إليه الخطأ و﴿لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد﴾).

    وعليكم – أيها المسلمون - أن تحموا أعراضكم من تدنيس كلاب عُبّاد الصليب أحفاد القردة والخنازير، ونذكركم بقول النبي صلى الله عليه وسلم للمهاجرين حين قال لهم: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ، الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» أخرجه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

    ونوصي إخواننا من أهل العلم: أن يُؤَدُّوا ما أوجب الله عليهم من البيان وأن يصدعوا بالحق ولا يخافوا فى الله لومة لائم وأن يغتنموا ما وعد الله للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من الأجر العظيم والفضل الجزيل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَالَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ، فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ» أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الألباني.

    وعليكم - أيها العلماء- أن تهبوا لنصرة دين الله، فإنه قد استبيحت الحرمات، وانتهكت الأعراض وغُيِّـر الدين ولم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، فما لكم أيها العلماء: لا تفيقون من سباتكم العميق، أما آن الأوان أن تسدوا ثغركم، ونربأ بكم أن تكونوا ممن قال فيهم ابن القيم رحمه الله: (وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين وخيارهم المتحزن المتلمظ ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون، وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل).
    كما نوصى الشرفاء والوجهاء وشيوخ العشائر، أن يقوموا بدورهم في توجيه الأمة نحو تطبيق الشريعة الإسلامية، ويحرضوهم على مواجهة العدو الصليبي، وأذنابهم المرتدين، وليكن سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسعد بن زارة وثمامة بن أثال الحنفي أسوتهم وقدوتهم، وغيرهم من سلفهم الصالح، ونوصيهم بالوفاء بالعهود والبيعات التى عقدوها مع المجاهدين.

    كما نوصي إخواننا التجار : أن ينفقوا أمواهم فى سبيل الله، قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ : هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ»، أخرجه مسلم، وعليهم أن لا يبخلوا بأموالهم عن دفاع دينهم وأعراضهم وأراضيهم، ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.

    كما نوصي أصحاب الخبرات أن يفيد كل فى مجال خبرته، فإن الساحة بأمس الحاجة إليهم، ولْيَسُدَّ كل منا ثغره، فى مواجهة العدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا، فلا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه.
    وأخيرا نوصى: إخواننا المجاهدين المرابطين من المهاجرين والأنصار أن يثبتوا على المبادئ، ويصابروا أعدائهم، ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾.

    وأخيرا: نؤكد على الأمة الجهاد فى سبيل الله، والذوذ عن حياض الدين، فإن جهاد الدفع يقصده كل أحد ولا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعا وعقلا.
    اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُـعز فيه أهل طاعتك ويُـذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    (26 جمادى الآخرة 1433)

    ومن العلماء الذين أصدروا هذه الفتوى :

    1- الشيخ/ محمد برو محمود .
    2- الشيخ/ عبدالله رابي حسن .
    3- الشيخ/ جامع عبدالسلام ورسمة .
    4- الشيخ/ محمد بشار عبدالكريم .
    5- الشيخ/ عمر محمود حسين .
    6- الشيخ / أحمد عبدالله عرب ( أحمد طيرى).
    7- الشيخ/ محمد محمود نور ( جولس) .
    8- الشيخ/ نور معلم عبدالرحمن .
    9- الشيخ/ أحمد إبراهيم علي (أبوميمونة) .
    10- الشيخ/ حسن محمود تكر .
    11- الشيخ/ حسين شيخ آدم بدر .
    12- الشيخ/ على عبدالله ( علي كتين) .
    13- الشيخ/ إسحاق معلم حسن .
    14- الشيخ/يحيي علي وهلية .
    15- الشيخ/ عبدالقادر مؤمن .
    16- الشيخ/ أحمد حسن أبيب .
    17- الشيخ/محمد معلم علي محمد ( ابو سعد).
    18- الشيخ/ آدم معلم عبدالله إلمو.
    19- الشيخ/ عثمان علي جامع (أبو مصعب).
    20- الشيخ/خالد شيخ محمد إسماعيل .
    21- الشيخ/محمد عيديد محمد .
    22- الشيخ/ إسحاق محمد علي (أبوعبدالله) .
    23- الشيخ/محمدآمين عثمان أحمد .
    24- الشيخ/ مصعب محمد محمود (أبوريان) .
    25- الشيخ/ محمد عبدالنور آدم .
جاري التحميل ..
X