إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إن الأسير لا يُفتدى بالخطب * عبدالله الشاعر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إن الأسير لا يُفتدى بالخطب * عبدالله الشاعر


    لقد علمتنا سنن البلاء أن محنة "يوسف" لا تُفتدى بثمن بخسٍ مهما علا صراخنا وحشدْنا للتصفيف أيادٍ طالما تلوثت بالفساد أو بالجريمة.
    ما دفعني للكتابة هذا الأسبوع ما تشهده شوارع الوطن الجريح من نضالات "مشلحة" وبطولات خطابية تجعلني على يقين بأن كثيرا مما يجري لا يتعدى خانة رفع العتب، فالمسيرات حين لا تكون مشفوعة بخطوات أخرى عملية فإنها ستظل نشاطات لا تسمن ولا تغني من قيد، لأنها ستغدو فرصة للتستر وغسيل المواقف، وتسويق الوطنيات الكاذبة، وتهرّبا علنيا من المسؤولية الحقيقية، فلم يسبق لنا أن سمعنا عن أمّة نُصرت بالبيانات، ولا عن أسرى تحرروا بالصراخ، ولا عن مسؤول يكاد (ينفزر) وينفجر من الشبع أن يحس بآلام الجوع الذي يعيشه الأسرى!.
    سيلتقط بعض المنهزمين رؤى جوعكم، وسينبري تخاذلهم في تأويل رؤياكم، فلا تسمعوا لهؤلاء العرافين الجهلة، ولا لأولئك الحيارى الأغبياء.. فمن راح يطوي صعاب الجبال وإن أحكم الصعب لا يرجع.. صحيح أن البضع قد تمادى بأجسادكم، وصحيح أن محنتكم يشيب لها رأس الوليد وفي مثلها تذهل الرضّع، ولكن لا يُسند الظهر إلى رحال ظننتم أنهم وقوف وهم رُكّع!.
    إن محنة الأسرى -أيها الناس- لا ينهض بأعبائها رجل جلّ همّه أن يُزيّن ربطة عنقه ويتنكّر للأمانات التي في عنقه، ويسكنه هاجس الاستعداد الدائم لعدسات التصوير، وتُزيّن له نفسه أنه فعل شيئا حقيقيا لنصرة المذبوحين من القهر والجوع؛ فهو شريك ولو ثانوي في محنة الأسرى..
    إن جسد الأسير لا يحتمل دبابيس مآربكم الهابطة، وأحلامه فوق مُتناول فعالياتكم الخنثى، وحين تقتصر معركتنا على المسيرات فاعلموا أننا أمام "أم الهزائم"، وستكون حشودنا وخطاباتنا همّازة لمّازة غدّارة "مقرفة" يعشعش فيها البؤس ويسكن فيها الخوف والحذر، فعبثا ينهزم الطغاة أمام خيول من قصب أو بطولات من خطب!!..
    إن الكلام المعسول لا يُحسّن من أدائكم المعلول، وإن حق السجين سيظل مهدورا وضائعا تحت أنظار الصفاقة الدولية في هرولتها نحو سلالم العفن والمزاودات..
    بعد أيام ستقض مضاجعنا الذكرى الرابعة والستون لنكبتنا الأليمة، وسنعبّر كعادتنا عن هذا الألم بإقامة دوري في كرة القدم أو بطولة في سباق الخيل، فباللعب وحده نؤسس لعودة الفقيد إلى أرضه وشعبه، وبالغناء وحده ستعود فلسطين العروس إلى أحضان شعبها، وحينئذ حريٌّ بكم أن تأخذوا قيلولة مؤبدة!!
    أما أنتم -أيها الأسرى- فإن إضرابكم سيُخرج من أضلاع الأسر قمرا يجرد الليل من ظلمائه، وينحت من جوعكم وطنا..
    سيمضي بلال ذياب ولا يلوي على وجعٍ.. ولا يطأطئ "ثائر" جرحا نازفا.. كبّر لمأساتكم يا جعفر تعبر كل العصور، وفي كل فجرٍ لها مطلع..
جاري التحميل ..
X