زواج عابر للقارات !!
بقلم: عمر البهلول
لقد حث الإسلام على الزواج ورغب فيه وشرع له ضوابط وأحكام، والزواج كما نعلم هو السبيل لتكوين أسرة متماسكة تجتمع على الحب والصفاء والتفاهم والتكامل، والتعاون على تربية الجيل المنشود، ومن فوائد الزواج المهمة أنه يقي الإنسان من الوقوع في الزنا والفاحشة التي حرمها الله، ويقدم له الحلال الذي شرعه له، لأن الإسلام لم يحرم على الإنسان متاع الدنيا بل أرشده الى المتعة الحقيقية التي تجعله سعيدا في الدنيا والآخرة،
لقد تغير الوضع كثيرا عما كان عليه، وأصبح للزواج عدة طرق وأساليب مع الطفرة النوعية في المعلوميات والإنفتاح الا محدود على العالم الخارجي، والأنترنيت والفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي، وتاه الإنسان في العالم الآخر وترك الواقع خلف ظهره، وتفرغ للعالم الإفتراضي يبحث في صور الآخرين ويقلب صفحاتهم بحثا عن شيئ في نفسه لم يجده في الواقع، أو ربما لا يملك القدرة والإمكانيات، فهو يحتاج لتحقيق أحلامه في الواقع الى جهد كبير وصبر طويل، أما في الفيس بوك فالعكس صحيح، ربما يجد ما يريده بنقرة واحدة فقط وفي بضع ساعات،
إن كثيرا من المصائب التي نراها في المجتمع من إنحراف للشباب، والطفولة المغتصبة والتائهة في الشوارع لها سبب واحد وهو الطمع والبحث عن المال والجاه، والركض خلف السراب بحثا عن زوج غني يعيش في ديار المهجر سيجعل منها ملكة زمانها، ويحول حياتها الى أحلام وردية وترسل لأهلها المال كل شهر وتتباهى بزوجها أمام الناس، لكن عندما تصل الى ديار الغربة تتبدد كل الأحلام ويتحول ذلك الزوج الجميل اللطيف الى وحش كاسر يهدد ويتوعد، ويجبرها على النزول أمام رغباته الجنسية وربما يقدمها لأصدقائه أو يجبرها على العمل في ملهى ليلي ليكسب من ورائها المال، وهناك ستجد نفسها أمام مطرقة الغربة وسندان الزوج الذي إحتال عليها وتساوقت معه وجنت على نفسها بنفسها، ولعل الأمثلة التي نراها والنهايات المؤسفة التي تصل الى القتل أو الضياع في ديار المهجر، وإنقطاع وسائل الإتصال مع الأهل الذين يعتقدون أن إبنتهم تعيش أحلى الأيام وأجملها، وينتظرون إنقضاء أيام الشهر ليتوصلوا بالمال، لكن الفاجعة تكون كبيرة عندما تصلهم الرسالة الأخيرة وبيان النعي الذي يغلق كتابا من الأحلام والأمنيات ،
الزواج الحقيقي الذي أمر به الإسلام والذي يحقق الإستقرار النفسي هو ذلك الذي يجمع الزوجين تحت سقف واحد، يتشاركون فيه كل شيئ ويعيشون حياتهم كما أمر الله، أما الآن فقد أصبحنا نرى زواجا آخر غريب عجيب، يشتت فكر الإنسان ويجعله معلقا غارقا في الشكوك، ويفقد الزوج رجولته ويقلب عليه الطاولة، ويجعل منه زوجا بالإسم فقط،
فكم من سيدة تعيش في الخارج وزوجها يعيش في الداخل، بعد أن إستغلت عطلة الصيف لعمل زفاف بروتوكولي سريع، غادرت على الفور وتركت عريس الغفلة يجوب الشوارع والأزقة يكلمها ساعة أو ساعتين في اليوم عبر الأنترنيت، وبعدها ينقلب الى حال سبيله، يتفرغ لمعاكسة الفتيات في الشارع ويقيم العلاقات الغير شرعية، وكأنه غير متزوج، لأنه في قرارات نفسه لا يثق في زوجته أبدا، ويعتقد أنها تخونه هي الآخرى، إذ لا يعقل أن تعيش في الخارج لوحدها ولا تفعل شيئا ( هذا في مخيلة الزوج )، فمن هنا يبدأ التفكك وتطلق رصاصة الرحمة على الزواج المزعوم، ويتكلف كل منهما عناء لقاء الآخر على الأنترنيت يتبادلون الكلمات المنمقة ويخدعون بعضهم البعض،
لكن المشكلة الحقيقية إذا كانت الزوجة هي التي تعيش في الداخل والزوج هو من يعيش في الخارج، وقبل أن يغادر، كم من مرة خرج يتجول معها أمام الناس ؟ واشتهر بين أهل الحي أنه زوجها، وسيأخذها معه قريبا، وربما يحدث بينهما الكثير، لأن الفتاة سلمت أنه زوجها بالتالي فلن ترفض له أي طلب،
وماذا ستكون النتيجة يا ترى ؟؟ سوى تشويه صورة تلك الفتاة أمام الناس؟ ومن من الشباب يرضى لنفسه أن يتزوج بها وهي التي وهبت كل ما تملك لرجل غريب غدر بها وشوه صورة أهلها وتركها للقيل والقال.
عفانا الله وإياكم
تعليق