إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حكايا مؤمن .. الحلقة الأولى : 29 عاماً من ( … )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حكايا مؤمن .. الحلقة الأولى : 29 عاماً من ( … )

    حكايا مؤمن
    الحلقة الأولى : 29 عاماً من (…)







    غداً سيكون عيد ميلاد صديقنا مؤمن .. ها هي السنين تمر كالبرق وخلال ساعات قليلة فقط سيصبح على حافة الثلاثينات من عمره. الموضوع بسيط جدا بالنسبة لمؤمن .. فعيد ميلاده لا يحتاج للتجهيزات المعقدة لحفلة مميزة .. لأنه سيكون هذه المرة – ومثل كل مرة – وحيدا. فقد اعتاد على هذه الأجواء في كل سنة .. لكنه يحب أن يميزهذا اليوم .. فهو في النهاية يوم تاريخ ميلاده .. فلا يعقل ألا يفعل شيئا .. لذلك يقوم مؤمن في هذا اليوم من كل سنة بتجهيز كأس من عصير الفخفخينا !! .

    ألم أقل لكم أن الموضوع بسيط بالنسبة له ؟؟.. لكن هذه السنة مختلفة .. لأن صديقنا حزين ومتشائم أكثر من أي سنة مضت .

    جلس صديقنا على مكتبه ممسكا بكأس الفخفخينا بيمينه .. والقلم بشماله .. وفكر أن يقيِّم حياته بعد هذه السنين .. ليقدِّر.. هل هو على الطريق الصحيح ؟؟ .. أم أنه يسير في هذه الدنيا بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير؟؟.. فسجل العنوان التالي على رأس الورقة : 29 عاما من ……….. .. وتركه هكذا .. غير مكتمل .. وأخذ يبحث عن الكلمة الأنسب لهذا الفراغ بحيث تصبح الجملة معبرة تماما عن حياته وواقعه. وقرر أن يبدأ بسرد بعض تفاصيل حياته وكتابتها .. وبذلك ستسهل عليه عملية اختيار الكلمة الأنسب.
    “حسنا.. لكي أجد الكلمة الأمثل وأكمل الجملة بشكل صحيح .. عليَّ أن أُقيِّم محورين في حياتي .. ألا وهما الماضي والحاضر” .

    هكذا بدأ مؤمن عصفه الذهني .. ومع أول رشفة من عصير الفخفخينا .. بدأ مباشرة بتذكر ملفات الماضي .. لكنه وجدها كثيرة جدا .. بحيث أصبح لا يعرف من أين يبدأ وإلى أين سينتهي. فذهب إلى أن يسأل نفسه أسئلة محددة وواضحة ليسهل على نفسه البحث .. فهو في النهاية يريد تقييم ماضيه .. وليس نبش كل الملفات

    فكان السؤال الأول : ما أكبر وأهم ملف موجود في مكتبة الماضي ؟ فكر مؤمن بتأنٍ ثم أجاب بصراحة – وقد اعتاد أن يكون صريحا مع نفسه- أن أكبر ملف في ملفات الماضي هو .. أنه انجرف في تيار اختيار التخصص الجامعي الخاطئ – كحال أغلب الشباب العربي- ودرس التخصص (الفلاني) لمجرد أنه تخرج من المدرسة بمعدل كبير.. فقط لا غير. وبدأ يتذكر معاناته في تلك الأيام .. ليس لصعوبة الدراسة والمواد .. ولا لقلة ذكائه .. ولكن لأنه كان لا يجد نفسه في هذا التخصص ولا يجد أي متعة في تناوله.

    تسلل الإحباط حينها إلى نفسه .. وزاد ضيقه وتشاؤمه .. وبدأ يفكر في ملامح الكلمة التي ستكمل الفراغ الذي وضعه في العنوان.

    لكنه لم يرد أن يظلم نفسه .. ويقيم حياته مباشرة من إجابة سؤال واحد فقط .. فقرر أن يعطي نفسه فرصة .. علَّه يرى الماضي بصورة أوضح .. وسأل نفسه سؤالاً مهماً : ما هي أهم الإنجازات التي حققتها في ماضيك؟؟!

    هنا توقف مؤمن كثيرا .. فلم يكن السؤال سهلاً عليه بالمرة .. وأخذ يبحث عن إنجاز له من هنا ومن هناك .. ولكن للأسف الشديد في النهاية لم يجد شيئاً يستحق أن يذكر كإنجاز.

    ” سأتوجه إلى المحور الثاني .. وهو الحاضر .. عله يكون أفضل حالاً من الماضي ” .. استكمل صديقنا العزيز سلسلة أفكاره بهذه الجملة بعد برهة من التوقف .. وبدأ في التفكير من جديد مع تناول بعض الرشفات الباردة من الفخفخينا .. لتهدِّئ من روعه .. فقد أزعجته أسئلة الماضي كثيرا .

    في محور الحاضر .. لم يطل مؤمن التفكير كثيراً.. بل مر عليه مرور الكرام .. لأنه سرعان ما اكتشف أن الحاضر مرتبط جدا بالماضي .. فكيف يشعر بالراحة والسعادة وهو ما يزال منجرف في نفس التيار حتى هذه اللحظة .. فهو يعمل الآن في نفس مجال التخصص الذي درسه .. ليس هذا فحسب .. بل إنه – ورغم إخلاصه الشديد في عمله الذي لا يحبه- لا يجد الإحترام والتقدير من رئيسه في العمل .. وذلك لأنه من أصحاب النفوس المريضة التي ترتعد خوفا على منصبها – الذي ربما وصلت إليه بسهولة- من الشباب المجتهد الطموح!!
    وبذلك لم يحتاج مؤمن الكثير من الوقت لتقييم حاضره.

    ومع انتهائه من شرب الفخفخينا ..وصل مؤمن لنهاية المطاف .. وكانت الصورة قد اتضحت واختار بالفعل الكلمة المناسبة لإكمال الجملة التي ستصف حياته .

    توقف مؤمن لبرهة أخرى .. فالأمر لم يكن هيناً عليه .. فمع أن ماضيه وحاضره يزعجانه كثيرا .. إلا أنه لا يشعر أنه بذلك السوء .. وإن كان لم يقدم الكثير لنفسه وللآخرين .

    وقبل أن يضع الكلمة في الجملة ويقرأها بشكل كامل لأول مرة .. فكر مؤمن في نفس هذا اليوم من السنة القادمة ..وقال في قرارة نفسه : لم لا أكمل هذه الجملة في السنة القادمة ؟.. فالحياة ليست ماضي وحاضر فقط .. بل هناك محور ثالث وهو المستقبل .

    وقرر أن يفعل شيئا مختلفا هذه المرة .. بأن يضع لنفسه هدفا يحاول أن ينجزه خلال السنة .. فإن فشل في تحقيقه .. فسيكمل الجملة بنفس الكلمة التي كان سيكتبها منذ لحظات .. وإن نجح .. فعليه أن يجد كلمة جديدة تناسب الوضع الجديد.

    وفي النهاية .. بدأ مؤمن بالتفكير في الهدف الذي يريد تحقيقه .. وقام بتغيير بسيط في الجملة التي سيقوم بإكمالها .. وأصبحت كالتالي : 30 عاما من ………… .

    الكتلة الاسلامية - جامعة النجاح الوطنية
    29/1/2012 م.
جاري التحميل ..
X