إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاعتدال والوسطية من سمات السلفية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاعتدال والوسطية من سمات السلفية

    الاعتدال والوسطية من سمات السلفية
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
    إن الاعتدال والوسطية أصلٌ عظيمٌ من أصول الإسلام وهو من أبرز سمات المنهج السلفي، وتدلُّ عليه نصوصٌ كثيرةٌ من الكتاب والسنَّة، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 143].

    وفي صحيح البخاري ح 7349 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ بَلَّغْتَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ يَا رَبِّ ، فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ : هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ : مَنْ شُهُودُكَ :فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ، فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) قَالَ عَدْلًاً".

    ولقد خلقنا الله عز وجل لأمر عظيم ألا وهو عبادته كما قال سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : 56]، وقد أمرنا بالاستقامة كما قال: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [هود : 112] ، وقال سبحانه: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) [الشورى : 15].

    كما أثنى الله على الذين استجابوا لأمره ورزقوا الاستقامة ووعدهم سبحانه بالخير العظيم فيقول سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت : 30].

    ولقد نهى الإسلام عن الغلو ولقد عرف شيخ الإسلام ابن تيمية في ااقتضاء الصراط المستقيم (1 / 328).بأنه مجاوزة الحد بأن يزاد في الشيء، سواء كان في الحمد أو الذم على ما يستحق أو نحو ذلك.

    وضابط الغلو: تعدِّي ما أمر الله به وهو الطغيان الذي نهى الله عنه في قوله: (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي).

    قال تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا) [النساء:171، 172]

    وقال تعالى: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) ) [المائدة :77- 79]

    والخطاب في هذه الآيات – وإنْ كان لأهل الكتاب- فإنه عام يتناول جميع الأئمة تحذيراً لهم أنْ يفعلوا بنبيهم –صلى الله عليه وسلم- فعل النصارى في عيسى واليهود في عزير.

    وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ"؟ قُلْتُ فُلَانَةُ لَا تَنَامُ بِاللَّيْلِ فَذُكِرَ مِنْ صَلَاتِهَا، فَقَالَ: "مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنْ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا". صحيح البخاري كتاب التهجد باب ما يكره من التشديد في العبادة ح1151.

    وروى البخاري ومسلم عنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ مَا بَالُ هَذَا قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. رواه البخاري ح1865 ومسلم ح 1642.

    وعن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا تَرَخَّصَ فِيهِ وَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ فَوَاللَّهِ إِنِّي أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً.رواه البخاري 1151.

    وعن ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. رواه البخاري ح 3445 .

    وفي السنن عن ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال :قال لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ هَاتِ الْقُطْ لِي فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخذفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ.أخرجه أحمد ح 3248 وابن ماجه ح 3029، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم كما في فيض القدير 3/162.

    وإنَّ الغلو يشمل التكفير وقتل المسلمين بشبهات فاسدة ،وتدمير الممتلكات ،وقتل المعاهدين وما ينبني على ذلك من مفاسد ، ولا يقف عند حدٍّ أو نوعٍ.

    والغلو مذموم بكل حال، وله صور متعددة منها:
    الغلو في نفي صفات لله عز وجل بدعوى نفي المشابهة بين الخالق والمخلوق، فتصوروا المشابهة أولاً ثم لجأوا إلى تعطيل الصفة وتأويلها، ولو لجأوا لطريق السلف في ذلك من إثبات ما في الكتاب وصحيح السنَّة إثباتاً يليق بجلاله وعظمته تبارك وتعالى لما وقعوا في الذي منه فرُّوا.

    ومن صور الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم: ما وقع من بعض المسلمين مع الأسف في تجاوز الحد في كون النبي صلى الله عليه وسلم عبداً لله عز وجل، وهذا رفع له منزلة فوق منزلة النبوة والعبودية لله إلى الألوهية، ولذا قال قائلهم:
    دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
    فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم

    فهذا الشاعر الذي يعظمه كثير من المسلمين ويترنمون بقصيدته المشهورة بالبردة، ويتبركون بها وينشدونها في الموالد، وبعض مجالس الوعظ والعلم، ويعدون ذلك قربة إلى الله تبارك وتعالى، ودليلاً على محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ،وهذا غلط بالغ وضلال مبين، وفي الحديث الصحيح عن ابن عباس أنه سمع عمر رضي الله عنه يقول على المنبر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله). أخرجه البخاري ح 3445.
    ومثله في الغلو قوله:
    يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
    وهذا ينافي قول الله عز وجل: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر : 60].
    ومن صور الغلو في محبة صحابته وأهل البيت غلو بعض الفرق بهم أو ببغضهم إلى درجة العصمة، وادعت أن لهم منزلة لا يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب ، إضافة لمنادة الأئمة والاستغاثة بهم من دون الله عز وجل.

    وإن الصحابة وأهل البيت منهم ليسوا بحاجة إلى هذا الغلو، ولهم من الفضائل ما يكفيهم ،وقد أثنى الله سبحانه عليهم والسنة وافرة بالثناء عليهم ،وهم ليسوا بحاجة إلى الغلو فيهم.
    ولقد كثر المتحدِّثون والخائضون في الغلوِّ على اختلاف مشاربهم وأفكارهم، سواء أكانوا ممن ينتسبون إلى الإسلام أو من غير المسلمين وخاصةً في السنوات الأخيرة، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ونجد من يرمي من استقام على دين الله عز وجل ظاهرا وباطنا من أهل السنة أتباع نهج السلف بالغلو والتشدد، وهذا ظلم وبهتان لدين الإسلام ولنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، وللسلف ولمن سار على منهجهم.
    موقع سنن.

  • #2
    رد : الاعتدال والوسطية من سمات السلفية

    الابن الفاضل أسامة
    جزاك الله خيرا وشيخك الكريم
    ووفقنا الله الى منهج السلف الصالح الى أن نلقى الله بسلام آمين

    تعليق


    • #3
      رد : الاعتدال والوسطية من سمات السلفية

      وإياكم والدتنا الكريمة أم هشام
      ثبتنا الله وإياك على الحق حتى نلقاه
      بوركتي

      تعليق

      جاري التحميل ..