إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من علامات الافتقار إلى الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من علامات الافتقار إلى الله

    من علامات الافتقار إلى الله تعالى
    (1) غاية الذل لله تعالى مع غاية الحب
    فالمؤمن يُسلم نفسه لربه منكسراً بين يديه، متذللاً لعظمته، مقدماً حبَّه سبحانه وتعالى على كل حب.

    طمأنينة نفسه، وقرَّة عينه، وسكينة فؤاده أن يعفِّر جبهته بالأرض، ويدعو ربه رغبة ورهبة .

    ومَنْ كانت هذه هي حاله وجدته وقَّافاً عند حدود الله مقبلاً على طاعته ملتزماً بأمره ونهيه، فثمرة الذل : أن لا يتقدم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فكلما ازداد القلب حباً لله ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية ازداد له حباً وحرية عما سواه، والقلب فقير بالذات إلى الله من وجهين : من جهة العبادة، وهى : العلة الغائبة، ومن جهة الاستعانة والتوكل، وهى : العلة الفاعلية، فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر لا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه، والإنابة إليه ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه، ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه " . أ . هـ . " مجموع الفتاوى " (10/193،194)

    (2) التعلّق باللّه تعالى وبمحبوباته
    فشعور العبد بفقره وحاجته إلى ربه عز وجل يدفعه إلى الاستكانة له والإنابة إليه، ويتعلق قلبه بذكره وحمده والثناء عليه، والتزام مرضاته، والامتثال لمحبوباته .

    ولهذا ترى العبد الذي تعلق قلبه بربه وإن اشتغل في بيعه وشرائه أو مع أهله وولده أو في شأنه الدنيوي كله مقيماً على طاعته مقدماً محبوباته على محبوبات نفسه وأهوائها، لا تلهيه زخارف الدنيا عن مرضاة ربه .

    ويصف الإمام ابن القيم رحمه الله الافتقار إلى الله تعالى بقوله : " يتخلى بفقره عن أن يتأله غير مولاه الحق، وأن يضيع أنفاسه في غير مرضاته، وأن يفرق همومه في غير محابه، وأن يؤثر عليه في حال من الأحوال، فيوجب له هذا الخلق وهذه المعاملة صفاء العبودية وعمارة السر بينه وبين الله وخلوص الود، فيصبح ويمسي ولا هم له غير ربه، قد قطع همه بربه عنه جميع الهموم، وعطلت إرادته جميع الإرادات، ونسخت محبته له من قلبه كل محبة لسواه " . أ . هـ . " طريق الهجرتين " (1/37)

    (3) مداومة الذكر والاستغفار
    قلب العبد المؤمن عاكف على ذكر مولاه، والثناء عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى في كل حال من أحواله، دائم التوبة والاستغفار عن الزلل أو التقصير، يجد لذته وأنسه بتلاوة القرآن، ويرى راحته وسكينته بمناجاة الرحمن، قال الله تعالى : " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ " [الرعد/28]، وقد وصف الله عز وجل أهل الإيمان بقوله " أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون " [الزمر/9] .

    إنَّ حمد الله تعالى وشكره والثناء عليه بما هو أهله مع الاعتراف بالذنب والعجز يعمّر القلب بالنور، ويوجب له الطمأنينة والسعادة، وما أجمل كلام الإمام ابن القيم رحمه الله عند ما قال : " في القلب خلة وفاقة لا يسدها شيء ألبته إلا ذكر الله عز وجل، فإذا صار شعار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة واللسان تبع له فهذا هو الذكر الذي يسد الخلة، ويفني الفاقة فيكون صاحبه غنياً بلا مال عزيزاً بلا عشيرة مهيباً بلا سلطان، فإذا كان غافلاً عن ذكر الله عز وجل فهو بضد ذلك فقير مع كثرة جدته ذليل مع سلطانه حقير مع كثرة عشيرته " . أ . هـ . " الوابل الصيب " (ص91،92) .

    (4) الوجل من عدم قبول العمل
    مع شدة إقبال العبد على الطاعات والتقرب إلى الله بأنواع القربات إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق؛ يخشى أن يُحرم من القبول .

    روى الترمذي وغيره ـ وصححه الألباني رحمه الله ـ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ " وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ " قَالَتْ عَائِشَةُ : " أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ "، قَالَ : " لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ " .

    قال الإمام ابن القيم رحمه الله : " ولله در الشيخ أبي مدين حيث يقول : من تحقق بالعبودية نظر أفعاله بعين الرياء، وأحواله بعين الدعوى، وأقواله بعين الافتراء، وكلما عظم المطلوب في قلبك صغرت نفسك عندك، وتضاءلت القيمة التي تبذلها في تحصيله، وكلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية وعرفت الله وعرفت النفس وتبين لك أن ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق ولو جئت بعمل الثقلين خشيت عاقبته، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضاً بكرمه وجوده وتفضله " . أ . هـ . " مدارج السالكين " (1/176)
    وصلى الله على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين .

    المصدر: موقع سنن
جاري التحميل ..
X