إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نص بيان البرادعي في مجلس الأمن - سياسة التدمير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نص بيان البرادعي في مجلس الأمن - سياسة التدمير

    بيان محمد البرادعي أمام مجلس الأمن الدولي (نص)

    نيويورك - خدمة قدس برس
    يلي نص البيان الذي أدلى به محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمام مجلس الأمن الدولي في جلسته التي عقدتها يوم الاثنين السابع والعشرين من كانون ثاني (يناير) 2003:

    (بداية النص)

    في الأيام الستين الماضية، انخرط مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عملية التحقق من وجود، أو عدم وجود، برنامج للأسلحة النووية في العراق. واليوم، وعملا بالفقرة الخامسة من القرار 1441 (2002)، قَدَّمتُ لرئيس مجلس الأمن تقريرا مستكملا عن التقدم الذي أحرزناه منذ استأنفنا الأنشطة المتعلقة بالتحقق من وجود أسلحة نووية في العرق – من حيث النهج الذي اعتمدناه، والأدوات التي استخدمناها، والنتائج المحددة التي توصلنا إليها، ومستوى التعاون الذي تلقيناه، وأخيرا، بشأن رأينا في الطريقة التي نواصل بها العمل. ويمكن الحصول على النسخ المتوفرة من التقرير في هذه القاعة. واسمحوا لي أن أحدد في هذا البيان الخطوط العريضة للجوانب الرئيسية لهذا التقرير.
    ولفهم النهج الذي اتبعته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عمليات التفتيش على مدى الشهرين الماضيين، من المهم أولا أن نذكر بما تم إنجازه أثناء عمليات التفتيش التي أجريناها بين عامي 1991 و 1998 تنفيذا للولاية التي أناطها بنا مجلس الأمن لإزالة برنامج العراق للأسلحة النووية. في أيلول (سبتمبر) 1991، استولت الوكالة في العراق على وثائق كانت تدلل على نطاق برنامجه للأسلحة النووية.
    وبحلول نهاية عام 1992، قمنا، إلى حد بعيد، بتدمير أو إزالة أو تعطيل كل المنشآت والمعدات العراقية ذات الصلة بإنتاج الأسلحة النووية. كما صادرنا ما لدى العراق من مواد يمكن استخدامها في صنع الأسلحة النووية – اليورانيوم عالي الإثراء والبلوتونيوم – ومع مطلع عام 1994 أزلنا هذه المواد من البلد. وبحلول كانون الأول (ديسمبر) 1998، حينما توقفت عمليات التفتيش تحسبا لضربة عسكرية وشيكة، كنا على ثقة بأننا لم نغفل عن أي مكونات يعتد بها في برنامج العراق النووي.
    ومع أننا لا ندعي اليقين المطلق، فقد استنتجنا آنذاك أننا نجحنا في تحييد برنامج العراق للأسلحة النووية، وأنه لم تكن هناك مؤشرات على أن العراق يحتفظ بأية قدرة مادية على إنتاج مواد يمكن استخدامها في صنع الأسلحة النووية.
    وخلال فترة السنوات الأربع التي لم نكن فيها متواجدين في العراق، واصلنا عملنا التحليلي بقدر ما تسمح به قدرتنا، عن طريق استخدام التصوير بالسواتل وغير ذلك من المعلومات. ولكن التحليل عن بعد لا يمكن أن يحل محل التفتيش الموقعي، وبالتالي لم نكن قادرين على التوصل إلى أي استنتاجات عن امتثال العراق لالتزاماته تجاه مجلس الأمن في المجال النووي، بعد كانون الأول (ديسمبر) 1998.
    وإزاء هذه الخلفية، وعندما وافق العراق في أيلول (سبتمبر) الماضي، على إعادة فتح أبوابه أمام التفتيش، وفي أعقاب اتخاذ مجلس الأمن لاحقا للقرار 1441 (2002) الذي عزز سلطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعملية التفتيش، كان الاستطلاع هو هدفنا الأول من عمليات التفتيش التي نقوم بها. وفي هذه المرحلة، سعينا على وجه السرعة إلى إعادة إنشاء قاعدة معلوماتنا عن قدرات العراق النووية، والتأكد من أن المنشآت الرئيسية لم تفتح مرة أخرى، والتحقق من موقع المواد النووية والمواد غير النووية ذات الصلة، وتحديد هوية مسؤولين عراقيين رئيسيين، والشروع في إجراء مقابلات معهم.
    وعلى امتداد هذين الشهرين الأولين من عملية التفتيش، أحرزنا تقدما لا بأس به بالنسبة لمعرفتنا بقدرات العراق النووية، من خلال عمليات التفتيش التي بلغت في مجموعها حتى هذا التاريخ 139 عملية تمت في حوالي 106 مواقع. والجزء الأعظم من هذه العمليات أجري في منشآت تديرها الدولة أو منشآت صناعية خاصة، وفي مراكز للأبحاث وجامعات – إما في المواقع التي كان من المعروف أن العراق يحتفظ فيها بقدرات تقنية كبيرة في الماضي، أو في مواقع جديدة أوحت بها عملية الرصد عن بعد والتحليل. وجميع أنشطة التفتيش تمت بدون إخطار العراق مسبقا، باستثناء الحالات التي كان فيها الإخطار مطلوبا لضمان توفر الدعم اللازم.
    وقد استغل مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية استغلالا تاما سلطة التفتيش المخولة لهم بموجب القرار 1441 (2002)، وسيواصلون السير على هذا المنوال. وفي هذا الصدد، صدرت تعليمات للمفتشين ببذل كل جهد ممكن لمباشرة أنشطتهم مع التحلي بالدرجة الواجبة من التمرس المهني والحساسية.
    ومع مواصلتنا، إلى حد ما، هذا العمل الاستطلاعي، تكون عمليات التفتيش التي نضطلع بها قد قطعت الآن شوطا بعيدا في مرحلة التحقيق – مع تركيزنا بصورة خاصة على تحديد ما إذا كان قد حدث في العراق، أو لم يحدث، في غضون السنوات الأربع الماضية، أي شيء له صلة بإعادة بناء قدرات العراق النووية. وعمليات التفتيش التحقيقية هذه، تركز على مجالات الانشغال التي حددتها دول أخرى، والمنشآت التي تم تحديدها عن طريق صور السواتل، بأنها عُدلت أو أنشئت منذ عام 1998؛ وعلى أدلة التفتيش الأخرى التي توصلت إليها الوكالة بشكل مستقل.
    وبالتوازي مع أنشطة التفتيش المذكورة، أجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحليلا مستفيضا للمعلومات الداعمة التي تم الحصول عليها من شتى المصادر.
    وفي هذا الصدد، دمجنا المعلومات الجديدة التي قدمها العراق، بما في ذلك الإعلان المقدم في 7 كانون الأول (ديسمبر) استجابة للقرار 1441 (2002)، مع السجلات التي جمعناها بين عامي 1991 و 1998 والمعلومات الإضافية التي جمعناها من خلال الرصد عن بعد منذ عام 1998. وكان الإعلان العراقي متسقا مع فهمنا الحالي لبرنامج العراق النووي قبل عام 1991؛ ولكنه لم يقدم أية معلومات جديدة تتعلق بمسائل معينة كانت معلقة قبل عام 1991 وتتصل بتصميم أسلحة وصنع طارد مركزي. ورغم أن هذه المسائل لا تمثل قضايا غير محسومة في نزع السلاح إلا أنها تحتاج إلى توضيح إضافي.
    وفضلا عن التفتيش في المواقع والتحليل بعيدا عنها، استخدم المفتشون مجموعة من الأدوات لإنجاز مهمتهم. وإذ استفدنا من بصمة المواد المشعة، استأنفنا رصد أنهار وقنوات وبحيرات العراق للكشف عن وجود نظائر مشعة معينة. وتم جمع مجموعة كبيرة من العينات البيئية وعينات تربة من كل أرجاء العراق وأخذها إلى مختبرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتحليلها، وأعدنا إجراء عمليات المسح الروتيني بأشعة كاما المحمولة على السيارات أو بالأيدي لرصد مواد نووية غير معلنة.
    وأجرى المفتشون أيضا عددا كبيرا من المقابلات مع علماء ومديرين وفنيين عراقيين - بصفة رئيسية في مواقع عملهم في سياق عمليات تفتيش مفاجئة - بوصفها مصدرا قيّما للمعلومات عن البرامج والأنشطة السابقة والحالية. وكانت المعلومات التي حصلنا عليها مفيدة في تقييم اكتمال ودقة الإعلان العراقي.
    من الواضح أن القرار 1441 (2002) فوض الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش تحديد منهجيات ومواقع إجراء المقابلات مع المسؤولين العراقيين وأشخاص آخرين. ورفض أول شخصين طلبت الوكالة الدولية اللقاء بهما على انفراد طلب المقابلة بدون حضور ممثل للحكومة العراقية. وكان ذلك عاملا مقيدا. ورغم أن الحكومة العراقية التزمت مؤخرا بتشجيع المسؤولين والموظفين الآخرين العراقيين على إجراء المقابلات الانفرادية عند طلبها، للأسف فإن الطلب الثالث، الذي قُدم قبل يومين بشأن، إجراء مقابلة على انفراد مع شخص فإن ذلك الشخص رفض تلبية ذلك الطلب.
    وستستمر الوكالة الدولية في تحديد طرائق وأماكن المقابلات، بما في ذلك احتمال مقابلة موظفين عراقيين في الخارج. وسنواصل إبلاغ مجلس الأمن عن جهودنا لإجراء مقابلات وفقا للطرائق والأماكن التي نفضلها ومدى النجاح الذي نحققه في هذا الصدد.
    أود أن أوجز لكم عددا من النتائج المنبثقة حتى الآن من أنشطتنا للتفتيش.
    أولا، فتشنا كل المباني والمنشآت التي تم تحديدها، من خلال الصور الملتقطة بالساتل، كما تم تعديلها وتركيبها خلال السنوات الأربع الماضية. وتمكن مفتشو الوكالة الدولية من الوصول بسهولة إليها وتوضيح طبيعة الأنشطة الجارية حاليا في هذه المنشآت. ولم نرصد أية أنشطة نووية محظورة خلال عمليات التفتيش هذه.
    وكانت المسألة التي ركزنا عليها بصفة خاصة محاولة العراق حيازة أنابيب الألمومينيوم شديدة القوة ومسألة ما إذا كان من الممكن استخدام هذه الأنابيب، لو تمت حيازتها، في صنع طاردات مركزية. وأشارت السلطات العراقية إلى أن محاولتها غير الناجحة لحيازة الأنابيب الألمونيوم تتعلق ببرنامج هندسي لتحويل صواريخ تقليدية.
    وللتحقق من تلك المعلومات، فحص مفتشو الوكالة الدولية مواقع إنتاج وتخزين الصواريخ، وأخذوا عينات من الأنابيب، وقابلوا موظفين عراقيين معنيين، ودققوا في عقود الشراء والوثائق ذات الصلة. ومن التحليل الذي قمنا به حتى الآن، يبدو أن أنابيب الألمونيوم تتسق مع الغرض الذي أعلنه العراق، ولو لم تُعدل لن تكون مناسبة لصنع طاردات مركزية. ولكن ما زلنا نبحث في هذه المسألة. ومع ذلك، من الواضح أن محاولة حيازة مثل هذه الأنابيب محظورة بموجب قرار مجلس الأمن 687 (1991).
    أما المجال الآخر الذي انصب عليه التركيز فهو معرفة الكيفية التي نُقلت أو استُعملت بها مواد أخرى ذات استخدام مزدوج – أي المواد التي يمكن استخدامها في إنتاج أسلحة نووية ولكن لها أيضا استخدامات أخرى مشروعة. ومثال جيد على ذلك الإعلان العراقي المتعلق بمادة HMX شديدة الانفجار، الذي يفيد أن كمية ما من مادة HMX التي خضعت إلى أختام الوكالة الدولية في العراق في نهاية عام 1998 تم استخدامها في مصانع أسمنت كمتفجرات صناعية للتعدين. إن أماكن المواد المنقولة والاستخدام النهائي لها أمور تتطلب تحقيقات إضافية، رغم أنه سيصعب التحقق من كيفية التصرف في المادة HMX المعلن عن استخدامها.
    وتمثلت النقطة المحورية الرابعة في فحص تقارير عن محاولات عراقية لاستيراد أورانيوم بعد عام 1991. وأنكرت السلطات العراقية القيام بأي من هذه المحاولات. وستواصل الوكالة الدولية متابعة هذه القضية. ولكن ليست لدينا في هذه المرحلة معلومات كافية وسنكون ممتنين لو تلقينا المزيد من المعلومات.
    ونحرز أيضا تقدما في عدد من القضايا الأخرى المتعلقة على سبيل المثال بمحاولة استيراد مصنع لإنتاج المغناطيس.
    وبالإضافة إلى السلطات الجديدة المخولة بموجب القرار 1441 (2002)، اعتقد أن التصميم الموحد للمجلس على دعم عملية التفتيش كان عنصرا حيويا ويجب أن يبقى كذلك لو أردنا تحقيق حل سلمي للوضع في العراق. وأعتقد أن المجلس سيواصل دعمه الموحد والمطلق لعملية التفتيش في العراق.
    وخلال الأشهر القليلة القادمة ستركز عمليات التفتيش بشكل أوثق بكثير على متابعة شواغل محددة بينما سنواصل زيارة المواقع وإجراء المقابلات مع موظفين عراقيين مهمين. ولقد بدأنا عمليات التفتيش بطائرات الهليكوبتر، التي تدفع من قدرة المفتشين على التنقل وقدرتهم على الاستجابة السريعة للمعلومات والسماح بإجراء عمليات مسح واسعة النطاق للرصد الإشعاعي. إن التحليل المخبري للعينات البيئية مستمر وسنعيد تركيب أجهزة جمع عينات الهواء من أجل رصد بيئي لمساحات واسعة. وسنعيد أيضا إدخال أنظمة للاستطلاع بكاميرات الفيديو في مواقع هامة للسماح بالرصد شبه الفوري عن بعد للمعدات ذات الاستخدام المزدوج.
    إن عملية التفتيش بطبيعتها، في العراق وغيرها على حد سواء، لا تقوم على أساس الثقة بل على عملية شاملة لتقصي الحقائق تدعمها حرية الوصول إلى جميع المعلومات المتاحة. وينبغي أن يشمل ذلك، حيثما أمكن تطبيقه، المعلومات المتاحة للدول التي قد تتصل بالغرض من التفتيش. ولقد بدأنا في الأسابيع القليلة الماضية تلقي المزيد من المعلومات الموجبة لاتخاذ إجراءات من دول – أي المعلومات ذات القيمة المباشرة والراهنة لمتابعة التفتيش. وسأستمر في مناشدة الدول المتاح لها الوصول إلى مثل هذه المعلومات تقديمها إلى المنظمات التي تقوم بأعمال التفتيش حتى يمكن الإسراع في عملية التفتيش وتوفير ضمانات إضافية.

    أخيرا، قمنا بحث العراق مرة أخرى على زيادة درجة تعاونه مع عملية التفتيش. ودعما لعمليات تفتيش الوكالة الدولية حتى الآن، أتاحت السلطات العراقية إمكانية الوصول إلى جميع المنشآت التي تمت زيارتها، بما في ذلك مجمعات رئاسية ومساكن خاصة، بدون شروط وبلا تأخير. وكانت السلطات العراقية متعاونة أيضا في إتاحة وثائق أصلية إضافية استجابة لطلبات من مفتشي الوكالة الدولية.
    وفي مناقشاتنا مع المسؤولين العراقيين الأسبوع الماضي في بغداد، أكدنا على الحاجة إلى الانتقال من الدعم السلبي – وهو الاستجابة حسب الحاجة لطلبات المفتشين – إلى الدعم الاستباقي – أي المساعدة الطوعية للمفتشين من خلال تقديم الوثائق والأشخاص والأدلة الأخرى مما يساعد في سد الفجوات الباقية في معلوماتنا.
    وهناك مثال على كيفية زيادة أخذ زمام المبادرة من جانب العراق تجسد في عملية تفتيش مسكن خاص تمت قبل أسبوعين فقط، ونتج عنها الحصول على عدد كبير من الوثائق، بعضها سري ويتعلق، جزئيا، بجهود العراق قبل عام 1991 لاستخدام تكنولوجيا الليزر في تخصيب الأورانيوم.
    وإن كانت تلك الوثائق لا تعكس، فيما يبدو، وجود أنشطة جديدة أو جارية تتعلق بالأسلحة النووية في العراق، فهي قد تحفز فهمنا المفصل لبعض جوانب البرنامج النووي للعراق قبل عام 1991. ولذا من الجوهري والملح للعراق، وبمبادرة منه، أن يقدم أي أدلة إضافية لمساعدة المفتشين في تنفيذ ولايتهم.
    ومن شأن هذه المشاركة النشطة من جانب العراق – كما أخبرناهم – أن تكون في صالح العراق جدا وهي فرصة متاحة قد لا تدوم طويلا. فينبغي أن يبذل العراق كل ما في وسعه لبلوغ أقصى قدر من الشفافية – مع إثبات رغبته في حل القضايا بدلا من أن تقتضي الحاجة إلى فرض ذلك. ولن يرضى المجتمع الدولي عن بقاء الأسئلة قائمة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية؛ فالعالم يطلب درجة عالية من ضمان أن العراق خال تماما من تلك الأسلحة وقد نفد صبر العالم من أجل الحصول على ذلك الضمان. وكلما أسرع المفتشون في تقديم هذا الضمان، أسرعت آفاق الوصول إلى حل سلمي يترجم إلى واقع يرتجى.
    وإن عملية التفتيش تستغرق وقتا طويلا. ولا بد لي أن أذكر أنه حتى في حالة جنوب أفريقيا التي كنا نحصل فيها على تعاون كامل ونشط، أمضت الوكالة عامين لكي تكمل العملية في ذلك البلد. غير أنه لو نجح التفتيش، يمكن كفالة نزع السلاح بالطرق السلمية. وجدير بالذكر أننا في تجربتنا السابقة في العراق أنجزنا معظم عملية القضاء على برنامجه المتعلق بالأسلحة النووية عن طريق التفتيش المباغت. وجدير بالذكر أيضا أن وجود المفتشين الدوليين في العراق اليوم يظل مفيدا كأداة ردع فعالة وضمان من استئناف برامج تطوير أسلحة الدمار الشامل، حتى ونحن نواصل البحث عن احتمالات وجود أنشطة سابقة.
    وختاما فإننا لم نجد حتى الآن أي دليل على أن العراق أحيى برنامجه للأسلحة النووية منذ القضاء على ذلك البرنامج في التسعينات. ومع هذا يسير عملنا باطراد وينبغي أن يسير سيره الطبيعي. أما وقد أصبح الآن نظامنا للتحقق قائما وإذا لم تطرأ ظروف استثنائية، وشريطة أن يكون هناك تعاون مستمر وإيجابي من جانب العراق، سنتمكن في الأشهر القليلة القادمة من تقديم ضمانات موثوقة بأن العراق ليس لديه برامج للأسلحة النووية. ونرى أن هذه الشهور القليلة استثمار قيم في السلام لأنها يمكن أن تساعدنا في تجنب الحرب. ونحن واثقون من أننا سنظل نتلقى الدعم من المجلس في بذلنا لأقصى جهد للتحقق من نزع أسلحة العراق النووية بطرق سلمية، وإثبات أن عملية التفتيش يمكن أن تصبح، بل وأصبحت، صورة رئيسية للنظام الدولي لتحديد الأسلحة النووية.
    التعديل الأخير تم بواسطة عثمان; 28/01/2003, 11:02 PM.

  • #2
    بيان هانز بليكس أمام مجلس الأمن الدولي (نص)

    نيويورك - خدمة قدس برس
    يلي نص البيان الذي أدلى به هانز بليكس رئيس فريق مفتشي الأمم المتحدة في العراق أمام مجلس الأمن الدولي في جلسته التي عقدتها يوم الاثنين السابع والعشرين من كانون ثاني (يناير) 2003:

    (بداية النص)

    يطلب القرار 1441 (2002) الذي اتخذه مجلس الأمن بشأن العراق في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي من لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش ومن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تطلعا المجلس على ما استجد من تطورات بعد 60 يوما من استئناف عمليات التفتيش. ويحين موعد ذلك اليوم. وتشكل الإحاطة بالمستجدات المقدمة اليوم فيما يبدو جزءا من التقييم الذي يجريه المجلس وأعضاؤه للنتائج التي حققتها عمليات التفتيش حتى الآن ولدورها كوسيلة لتحقيق نزع سلاح يمكن التحقق منه في العراق.
    ونظرا لأن جلسة المجلس هذه مفتوحة، فقد يكون من الملائم أن أقدم بإيجاز نبذة عامة بغية التوصل إلى تفهم أفضل للوضع الذي نقف فيه اليوم. وهذا هو ما سأفعله الآن بعد إذن المجلس.
    أستهل بياني بالتذكير بأن عمليات التفتيش بدأت كجـزء مـــن عمليـــة نــــزع السلاح في العراق في عام 1991، بعد حرب الخليج مباشــــرة. واستمرت مدة ثمانية أعـــوام حـــتى عام 1998، عندما سُحب المفتشون. بعد ذلك توقفت عمليــــات التفتيش لمـا يقـــرب من أربعة أعوام. ولم تستأنف إلا في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي.
    ولئن كان الهدف الأساسي من عمليات التفتيش في العراق دائما التحقق من نزع السلاح، فإن القرارات المتعاقبة التي اتخذها مجلس الأمن عبر السنين كانت متباينة إلى حد ما في التشديد وفي النهج. ففي عام 1991 تضمن القرار 687 (1991)، الذي اتخذ بالإجماع كجزء من عملية وقف إطلاق النار بعد حرب الخليج، خمسة عناصر رئيسية. وكانت العناصر الثلاثة الأولى منها تتعلق بنـزع السلاح. وقد طلبت من العراق تقديم إعلانات عن برامجه الخاصة بأسلحة الدمار الشامل والقذائف بعيدة المدى؛ والتحقق من تلك الإعلانات من خلال لجنة الأمم المتحدة الخاصة والوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وقيام هاتين المنظمتين بالإشراف على تدمير المواد والبرامج المحظورة أو القضاء عليها. وبعد استكمال عملية نزع السلاح، ستكون لدى المجلس السلطة اللازمة للمضي قدما في رفع الجزاءات، ثم تنتقل المنظمتان القائمتان بعمليات التفتيش إلى مرحلة رصد وتحقق مستمرة طويلة الأجل.
    وتطلب القرار 687 (1991)، شأنه شأن القرارات اللاحقة التي سأشير إليها، التعاون من جانب العراق. إلا أن هـــذا التعاون كثيرا ما كان يحجب أو يقدم بتردد. وخلافا لما فعلته جنوب أفريقيا التي قررت من جانبها أن تقضي على أسلحتها النووية ورحبت بالتفتيش باعتباره وسيلة لكسب الثقة في عملية نزع سلاحها، فإن العراق لم يقبل بشكل حقيقي فيما يبدو حتى اليوم عملية نزع سلاحه التي طلبت منه والتي يتعين عليه تنفيذها من أجل كسب ثقة العالم والعيش في سلام.
    وكما نعلم جميعا، فإن العملية التوأم “الإعلان والتحقــق” الموصوفـــة في القرار 687 (1991) كثيرا جدا ما تحولت إلــى “لعبــة الاختباء والبحث” hide-and-seek. وبدلا من التحقق من الإعلانات وتدعيم الأدلة، فإن المنظمتين القائمتين بالتفتيش وجدتا أنفسهما منخرطتين في جهود ترمي إلى تحديد معالم برامج الأسلحة والبحث عن الأدلة من خلال عمليات التفتيش، والمقابلات الشخصية، والحلقات الدراسية والتحقيق مع المورِّدين والوكالات الاستخبارية. ونتيجة لذلك، لم تستكمل مرحلة نزع السلاح في الفترة القصيرة التي كانت متوقعة. وبقيت الجزاءات بآثارها الشديدة إلى أن قبل العراق برنامج النفط مقابل الغذاء، الذي أدى التطوير التدريجي له إلى تخفيف آثار الجزاءات.
    ومع ذلك أدى تنفيذ القرار 687 (1991) إلى نتائج لا يستهان بها في عملية نزع السلاح. ومن المعترف به أن أسلحة الدمار الشامل التي دمرت بموجب هذا القرار تزيد على ما دمر خلال حرب الخليج: تم تدمير كميات كبيرة من الأسلحة الكيميائية تحت إشراف اللجنة الخاصة قبل عام 1994. وبينما يدعي العراق، دون تقديم أدلة كافية، بأنه دمر كل أسلحته البيولوجية بمفرده في عام 1991، فمن المؤكد أن اللجنة الخاصة دمرت المنشآت الكبيرة لإنتاج الأسلحة البيولوجية في عام 1996. ودمرت الهياكل الأساسية النووية الكبيرة وأزيلت المواد الانشطارية من العراق على يد الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
    ثمة ثلاثة أسئلة هامة تواجهنا اليوم، أولها يتعلق بكمية ما بقي سليما قبل عام 1991، وربمـــا بعد ذلك، دون الإعــلان عنـــه؛ والســـؤال الثاني يتعلق بمــا إذا كان قد تم إنتاج أو شراء أي شيء بشكل غير قانونــي بعد عام 1998 عندما غادر المفتشون العراق؛ والسؤال الثالث يتعلق بكيفية منع إنتاج أو شراء أي أسلحة دمار شامل في المستقبل.
    في كانون الأول (ديسمبر) 1999 – بعد عام من توقف عمليات التفتيش في العراق – اعتمد المجلس القرار 1284 (1999)، مع امتناع أربعة أعضاء عن التصويت. وهذا القرار، باستكماله القرارات الأساسية الصادرة في عام 1991 وفي الأعوام التالية، أتاح للعراق نهجا أقل طموحا إلى حد ما: مقابل التعاون في جميع النواحي لفترة زمنية محددة، بما في ذلك إحراز تقدم في حسم المهام الأساسية المتبقيـــة فــــي نزع السلاح، فإنه يفسح المجال لإمكانية القيام لا برفع الجزاءات وإنما بتعليقها.
    ولفترة تقرب من ثلاث سنوات رفض العراق قبول أي عمليات تفتيش تقوم بها لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش. إلا أنه بعد مناشدات من الأمين العام ومن الدول العربية، فضلا عن ضغوط من الولايات المتحدة ودول أعضاء أخرى، أعلن العراق في 16 أيلول/سبتمبر من العام الماضي أنه سيقبل مرة أخرى عمليات التفتيش دون شروط.
    واتخذ المجلس القرار 1441 (2002) في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، وأكد من جديد بشكل قاطع طلبه بضرورة تعاون العراق. وطلب أن يتم هذا التعاون فورا دون شروط وبشكل فعال. وقد تضمن القرار أحكاما كثيرة نرحب بها باعتبارها تعزز وتوطد نظام التفتيش. وكان الإجماع الذي اتخذ به هذا القرار بمثابة رسالة قوية من المجلس بأنه يتكلم بصوت واحد في إعطائه فرصة أخيرة لنـزع السلاح في العراق بالوسائل السلمية من خلال عمليات التفتيش.
    وتشاطر لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش المجلس إحساسه بالطابع الملح لاستخدام عمليات التفتيش كسبيل لتحقيق نزع سلاح العراق بشكل يمكن التحقق منه وفي فترة زمنية معقولة. وبموجب القرارات التي ذكرتها، ستعقب تحقيق نزع السلاح عملية رصد تستمر للفترة التي يراها المجلس ضرورية. وتشير القرارات أيضا إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في نهاية المطاف.
    إن اللجنة، بوصفها من الهيئات الفرعية للمجلس، تدرك تمام الإدراك وتقدر حق التقدير الاهتمام الوثيق الذي يوليه المجلس لعمليات التفتيش في العراق. وفي حين أن عملية الإحاطة بالمستجدات التي نجريها اليوم هي أمر متوقع في القرار 1441 (2002)، فإن المجلس بوسعه أن يطلب أية إحاطات إضافية كلما يتراءى له ذلك، وهو يفعل هذا بالفعل. فقد عقدت جلسة إحاطة في 19 كانون الثاني (يناير)، ومــن المقـــرر بصفــة مبدئية عقد جلسة إحاطة أخرى يوم 14 شباط (فبراير).

    أنتقل الآن إلى المطلب الأساسي بالتعاون من جانب العراق واستجابة العراق لهذا المطلب. فقد يقال إن التعاون أمر يتصل بالمضمون والإجراءات العملية. ويبدو من تجربتنا حتى الآن أن العراق اتخذ قرارا من حيث المبدأ بتقديم التعاون في مجال الإجراءات العملية، خصوصا من ناحية الوصول إلى المواقع المطلوبة. والمطلوب قرار مماثل لا غنى عنه يتصل بتقديم التعاون من حيث المضمون بغية استكمال مهمة نزع السلاح من خلال عملية التفتيش السلمية ومن أجل وضع مهمة الرصد على مسار راسخ. وثمة خطوة مبدئية ثانوية تتمثل في اعتماد التشريعات التي طال انتظارها والتي تتطلبها تلك القرارات.
    سأتناول أولا التعاون فيما يتصل بالإجراءات العملية. هذا التعاون يتعلق بالإجراءات والآليات والهياكل الأساسية والترتيبات العملية لمواصلة عمليات التفتيش والسعي إلى تحقيق نزع السلاح الذي يمكن التحقق منه. وفي حين أن عمليات التفتيش لا تنطلق من توافر الثقة، ولكنها قد تؤدي إلى إيجاد الثقة في حالة نجاحها، فلا بد مع ذلك من وجود قدر من الثقة المتبادلة منذ البداية في إجراء عمليات التفتيش.
    ويمكن القول إجمالا إن العراق تعاون بشكل طيب إلى حد ما حتى الآن مع لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش في هذا الميدان. وأهم نقطة يجب إبرازها في هذا الصدد هي أن الوصول إلى جميع المواقع التي رغبنا في تفتيشها كان يتم فورا دون إعاقة، باستثناء حالة واحدة. كما حصلنا على مساعدة كبيرة في بناء الهياكل الأساسية لمكتبنا في بغداد وللمكتب الميداني في الموصل. وكانت الترتيبات والخدمات التي تقدم لطائرتنا وللطائرات المروحية جيدة. وكانت البيئة صالحة للعمل فيها. وشملت عمليات التفتيش التي قمنا بها جامعات، وقواعد عسكرية، ومواقع رئاسية، ومساكن عادية. وأجريت عمليات التفتيش أيضا في يوم الجمعة وهو يوم العطلة عند المسلمين؛ ويوم عيد الميلاد؛ ويوم رأس السنة الجديدة. وقد جرت عمليات التفتيش تلك بنفس الطريقة التي أجريت بها عمليات التفتيش الأخرى. فنحن نسعى لأن تكون هذه العمليات صحيحة وفعالة.
    وفي هذه الإحاطة بالمستجدات أجد نفسي مضطرا مع ذلك لأن أسجل بعض المشاكل التي واجهتنا. المشكلة الأولى تتعلق بنوعين من العمليات الجوية. ففي حين أن لدينا الآن القدرة الفنية على إرسال الطائرة يو – 2 التي وضعت تحت تصرفنا للتصوير الجوي وللمراقبة خلال عمليات التفتيش، وقد أبلغنا العراق بنيتنا تلك، فإن العراق رفض ضمان سلامة الطائرة إلا إذا تم استيفاء عدد من الشروط. ونظرا إلى أن هذه الشروط قد تجاوزت ما نص عليه القرار 1441 (2002) وما مارسته اللجنة الخاصة للأمم المتحدة ومارسه العراق في الماضي، نلاحظ أن العراق لم يمتثل لطلبنا حتى الآن. وآمل أن يتغير هذا السلوك.
    ثمة مشكلة أخرى تتعلق بالعمليات الجوية – تم حلها خلال المحادثات الأخيرة التي أجريناها في بغداد – والتي تتعلق باستخدام طائرات الهليوكوبتر للتحليق في مناطق حظر الطيران. لقد أصر العراق على إرسال طائرات هليوكوبتر تابعة له لمرافقة طائراتنا. الأمر الذي كان سيثير مشكلة أمنية. ولكن تم حل هذه المسألة بجهد قمنا به لأخذ المرافقين العراقيين في طائرات الهليوكوبتر التابعة لنا إلى المواقع، وهذا ترتيب اتبعته اللجنة الخاصة للأمم المتحدة في الماضي.
    وأجدني مضطرا إلى التنويه ببعض الحوادث المقلقة والمضايقات التي وقعت مؤخرا. على سبيل المثال، تم التصريح علنا عن بعض المزاعم بأن الأسئلة التي يطرحها المفتشون لها طبيعة استخباراتية. ومع أنني لا أدافع عن كل سؤال سأله المفتشون، يعلم العراق أن المفتشين لا يخدمون أغراضا استخباراتية، وينبغي للعراق أن لا يقول ذلك.

    وجرت مظاهرات في عدة مناسبات، أمام مكاتبنا وفي مواقع التفتيش. وفي أحد الأيام قام خمسة من المفتشين بجولة ترفيهية لمشاهدة أماكن سياحية، وقامـوا بزيارة مسجد، ولكنهم تبعتهم جموع غفيرة من الجماهير الهائجة بلا مبرر. لقد ذهب المفتشون بدون أي علامات للأمم المتحدة وتم الترحيب بهم بالطريقة الودية التي هي سمة السلوك العراقي الطبيعي تجاه الأجانب. لقد خلعوا أحذيتهم وتمت مرافقتهم في زيارة المسجد. وسألوا أسئلة بريئة تماما، وعندما غادروا المسجد وُجهت إليهم دعوة لزيارته مرة أخرى. وبعد ذلك بوقت قصير، تلقينا احتجاجات من السلطات العراقية بشأن عملية تفتيش لم يُعلن عنها وبشأن أسئلة لا صلة لها بأسلحة الدمار الشامل. نعم، لم تكن للأسئلة صلة بأسلحة الدمار الشامل.
    إن المظاهرات والتجمعات الهائجة من هذا النوع من غير المحتمل أن تخرج في العراق بدون مبادرة أو تشجيع من السلطات. ولا بد أن نسأل أنفسنا عن الدوافع وراء تلك الأحداث. لأنها لا تُيسر أداء مهمة هي صعبة حقا، ونحن نحاول أداءها بفعالية وبروح مهنية وبطريقة صحيحة في الوقت نفسه، فإذا كانت لدى نظرائنا العراقيين بعض الشكاوى فبإمكانهم أن يفصحوا عنها بهدوء لا بأسلوب مكدّر.
    ويتعلق التعاون الموضوعي المطلوب قبل كل شيء بالتزام العراق بأن يعلن عن جميع برامجه لأسلحة الدمار الشامل وأن يقدم إما الأشياء والأنشطة لتصفيتها أو الدليل الذي يثبت النتيجة النهائية بأنه لم يبق شيء محظور.
    وتنص الفقرة 9 من القرار 1441 (2002) على أن يتعاون العراق “بنشاط”. فتح الأبواب ليس كافيا. التفتيش ليس لعبة “إمسك إن استطعت أن تمسك”. وإنما حسبما قلت، عملية تحقق بغرض إيجاد الثقة. إنه لا يستند إلى افتراض الثقة. إنه، وبالأحرى، مصمم كيما يؤدي إلى الثقة، إذا توفر الانفتاح للمفتشين والعمل لتقديم الأشياء لهم كي يحطموها أو لتقديم دليل يعول عليه بعدم وجود تلك الأشياء.
    في 7 كانون الأول (ديسمبر) 2002 قدم العراق إعلانا يتألف من زهاء 000 12 صفحة استجابة للفقرة 3 من القرار 1441 (2002) وفي حدود الإطار الزمني الذي حدده مجلس الأمن. ويتضمن الإعلان في ميداني القذائف والتكنولوجيا البيولوجية، قدرا كبيرا من المواد والمعلومات الجديدة التي تغطي الفترة من عام 1998 وما بعده. ونحن نرحب بذلك.
    وكان المرء يتوقع أن يحاول العراق، لدى إعداد الإعلان، أن يجيب وأن يوضح وأن يقدم الدليل الداعم فيما يتصل بقضايا نزع السلاح الكثيرة المعلقة، التي ينبغي أن يكون الجانب العراقي على اطلاع حسن بها من وثيقة اللجنة الخاصة للأمم المتحدة S/1999/94 والتقرير المسمى تقرير إموريم (S/1999/356) الصادر في آذار (مارس) 1999. وهذه أسئلة كثيرا ما أشارت إليها لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش والحكومات والمعلقون المستقلون.
    ولئن كانت لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش تعدّ قائمتها بالقضايا الحالية لنزع السلاح التي لم تحسم ومهام نزع السلاح الحاسمة الأهمية المتبقية استجابة لمتطلبات القرار 1284 (1999)، نجد أن التنويه بالقضايا المدرجة في التقريرين اللذين أشرت إليهما بأنها قضايا لم تحسم، أمــــر لـــه ما يبرره من الناحية الفنية. هذان التقريران لا يؤكدان أن أسلحة الدمار الشامل ما زالت موجودة في العراق، كما أنهما لا يلغيان ذلك الاحتمال. إنهما يشيران إلى الافتقار إلى دليل وإلى وجود تباينات، الأمر الذي يثير علامات استفهام لا بد من الإجابة عليها، إذا أريد لملفات الأسلحة أن تغلق وإذا أريد للثقة أن تُبنى.

    ويتعين على العراق أن يعالج هذه القضايا بجدية بدلا من النظر إليها بلا مبالاة باعتبارها مكائد شريرة حاكتها اللجنة الخاصة للأمم المتحدة. ومن دواعي الأسف، أن الإعلان الذي يتألف من 000 12 صفحة، معظمها صفحات أعيدت طباعتها من وثائق سابقة، لا يتضمن، فيما يبدو، أي دليل جديد يزيل الأسئلة أو يقلل عددها. وحتى الرسالة التي بعث بها العراق إلى رئيس مجلس الأمن، في 24 كانون الثاني (ينايـــــر)، استجابــــــة لمناقشاتنا مؤخرا في بغداد، لا تقودنا إلى حلول لهذه القضايا.
    سأتطرق إلى بعض الأمثلة فقط على القضايا والأسئلة التي يتعين الإجابة عليها وأبدأ أولا بقطاع الأسلحة الكيميائية.
    غاز الأعصاب “في إكس” (VX) واحد من أشد الغازات سمية التي طورت على الإطلاق. لقد أعلن العراق أنه أنتج غاز “في إكس” على نطاق تجريبي فقط، عدة أطنان فقط، وكانت نوعيته رديئة والمنتج غير مستقر. ونتيجة لذلك، قيل إن الغاز لم يستخدم في الأسلحة على الإطلاق. وقال العراق إن الكمية الضئيلة المتبقية بعد حرب الخليج تم تدميرها من جانب واحد في صيف عام 1991.
    بيد أن لدى لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش معلومات تتعارض مع ما ذكره العراق. وهناك مؤشرات تفيد بأن العراق قد عمل على التوصل إلى حلول لمشكلتي النقاء والاستقرار، وأنه حقق أكثر مما أعلن عنه. بل إن إحدى الوثائق التي قدمها العراق توضح في الواقع بأن نقاء الغاز، على الأقل في إنتاج المختبرات، كان أعلى مما أُعلن عنه. وهناك مؤشرات تفيد أيضا بأن الغاز استخدم في الأسلحة.
    وإضافة إلى ذلك، هناك أسئلة يتعين الإجابة عليها تتصل بمصير السلائف الكيميائية لغاز “في إكس”، التي صرح العراق بأنها فُقدت أثناء القصف في حرب الخليج أو التي دمرها العراق من جانب واحد.
    وأتطرق الآن إلى الوثيقة المسماة بوثيقة القوات الجوية التي ناقشتها مع المجلس من قبل. لقد عثرت مفتشة للجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش على هذه الوثيقة أصلا في خزانة في مقر القوات الجوية العراقية في عام 1998، وأخذها منها المرافقون العراقيون. وتقدم هذه الوثيقة سردا للنفقات على القنابل، بما فيها القنابل الكيميائية، التي تكبدها العراق أثناء الحرب العراقية – الإيرانية. وأشعر بالتشجيع لأن العراق قدم الآن هذه الوثيقة إلى لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش.
    وتوضح الوثيقة أن القوات الجوية العراقية ألقت 000 13 قنبلــــــة كيميائيـــــة في الفترة ما بين عامي 1983 و 1988، في حين صرح العراق بأنه تم استخدام 500 19 قنبلة خلال تلك الفترة. وهكذا، هناك فارق قدره 500 6 قنبلة. وتصل كمية العنصر الكيميائي في هذه القنابل إلى زهاء 000 1 طن. وإذا لم نحصل على دليل يناقض ذلك، يتعين علينا أن نفترض بأن تلك الكميات لا يعـــرف مصيرها.
    وأُعلن على نطاق واسع عن اكتشاف عدد من الصواريخ الكيميائية ذات الرؤوس الحربية من عيار 122 مليمترا في خندق بمستودع يقع على بعد 170 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من بغداد. وكان هذا الخندق جديدا نسبيا، ولذلك، لا بد أن تكون الصواريخ قد نقلت إليه في السنوات القليلة الماضية، في وقت لا يجوز للعراق فيه أن تكون لديه هذه الذخيرة.
    وما زالت التحقيقات جارية بشأن هذه الصواريخ. ويقول العراق بأنه غفل عنها منذ عام 1991 لأنها كانت ضمن مجموعة صواريخ بلغ عددها زهاء 000 2 صاروخ تم تخزينها هناك أثناء حرب الخليج. قد يكون هذا هو الحال. ولكن قد تكون هذه الصواريخ أيضا مجرد غيض من فيض. إن اكتشاف عدد قليل من الصواريخ لا يحسم وإنما يؤكد قضية كون عدة آلاف من الصواريخ الكيميائية لا يعرف مصيرها.

    إن اكتشاف هذه الصواريخ يبين أن العراق بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود ليكفل أن إعلانه صحيح في الوقت الراهن. وخلال مناقشاتي مؤخرا في بغداد، أعلن العراق أنه سيبذل جهودا جديدة في هذا الصدد وأنه أنشأ لجنة للتحقيق. ومنذ ذلك الحين أفاد العراق بأنه اكتشف أربعة صواريخ كيميائية أخرى في مستودع في التاجي.
    وأذكر كذلك أن المفتشين وجدوا في موقع آخر كمية مختبرية من ثنائي ثيو غليكول، من سلائف غاز الخردل.
    وبصدد تناولي للقضايا الكيميائية، ينبغي لي أن أذكر مسألة، أبلغتُ عنها في 19 كانون الأول/ديسمبر 2002، تتعلق بمعدات في مصنع أهلي للمواد الكيميائية في الفلوجة. لقد أعلن العراق أنه قام بإصلاح معدات لتجهيز المواد الكيميائية دُمرت فيما سبق تحت إشراف اللجنة الخاصة للأمم المتحدة ونصبها في الفلوجة لإنتاج الكلور والفينول. لقد قمنا بالتفتيش على هذه المعدات ونقوم حاليا بإجراء فحص تقني مفصل لها. وعند اكتمال الفحص سنقرر ما إذا ينبغي تدمير هذه المعدات ومعدات أخرى قام العراق بإصلاحها.
    أنتقل الآن إلى الأسلحة البيولوجية. لقد تطرقت إلى قضية الجمرة الخبيثة (الإنثراكس) أمام المجلس في مناسبات سابقة وأعود إليها الآن، لأنها قضية هامة. لقد أعلن العراق بأنه أنتج زهاء 500 8 لتر من عامل الحرب البيولوجية هذا، وصرح بأنه قام بتدميرها، من جانب واحد في صيف عام 1991.
    وقدم العراق أدلة قليلة بشأن ذلك الإنتاج ولم يقدم أدلة مقنعة فيما يتعلق بتدميره.
    وهناك مؤشرات قوية إلى أن العراق أنتج من إنثراكس أكثر مما أعلن عنه، وأن بعض هذه الكميات على الأقل قد احتفظ بها بعد موعد التدمير المعلن عنه. ولربما لا تزال هذه الكميات موجودة. فإما أنه يتعين العثور عليها وتدميرها تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة، أو أنه ينبغي تقديم أدلة مقنعة على أنها دمرت فعلا في عام 1991.
    وكما أبلغت المجلس في 19 كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، لم يعلن العراق عن كمية كبيرة، حوالي 650 كيلوغراما، من عناصر النمو الجرثومي، التي اعترف العراق بوجودها، كما ورد في تقريره إلى فريق أموريم في شباط (فبراير) 1999. وكجزء من إعلان 7 كانون الأول (ديسمبر) 2002، أعاد العراق تقديم وثيقة فريق أموريم، ولكنه لم يضمنها الجدول الذي يبين استيراد هذه العناصر بالذات. وغياب هذا الجدول قد يبدو وكأنه متعمد، لأن صفحات الوثيقة المعاد تقديمها قد أعيد ترقيمها.
    ولقد قال وزير خارجية العراق في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 24 كانون الثاني (يناير) من هذا العام “إن كل الكميات المستوردة من عناصر النمو تم الإفصاح عنها”. وهذا ليس دليلا. وأقول إن كمية العناصر المذكورة من شأنها أن تكفي، مثلا، لإنتاج حوالي 000 5 لتر من الإنثراكس المركز.
    أنتقل الآن إلى قطاع القذائف. لا تزال هناك أسئلة كبيرة عما إذا استبقى العراق قذائف من نوع سكود بعد حرب الخليج. وقد أعلن العراق عن استهلاك عدد من قذائف سكود كأهداف في إطار تطوير نظام دفاعي مضاد للقذائف التسيارية خلال الثمانينيات. إلا أنه لم تقدم أي معلومات فنية عن ذلك البرنامج ولا بيانات عن استهلاك القذائف.
    وحدثت مجموعة من التطورات في ميدان القذائف خلال السنوات الأربع الماضية، قدمها العراق في الإعلان باعتبارها أنشطة غير محظورة. ونحن نحاول أن نتوصل إلى فهم واضح لتلك الأنشطة من خلال عمليات التفتيش والمناقشات في الموقع.
    وهناك مشروعان يبرزان بصفة خاصة، وهما تطوير قذائف تعمل بالوقود السائل، تسمى الصمود 2، وقذائف تعمل بالوقود الصلب، تسمى الفتح. وقد جربت قذيفتان إلى مدى تجاوز الـ 150 كيلومترا المسموح بها، حيث جربت قذيفة الصمود 2 إلى مدى 183 كيلومترا، والفتح إلى مدى 161 كيلومترا. وقد زودت القوات المسلحة العراقية ببعض القذائف من هذين النوعين بالفعل، حتى وإن ذكر أنها لا تزال قيد التطوير.

    بالنسبة إلى قطر قذيفة الصمود فقد تم زيادتها عن نموذج مبكر إلى النموذج الحالي الذي يبلغ قطره 760 ملليمترا. وأجري هذا التعديل على الرغم من أن هناك رسالة من الرئيس التنفيذي للجنة الخاصة للأمم المتحدة صادرة في عام 1994 توجه العراق إلى الحد من قطر قذائفه إلى أقل من 600 ملليمتر. علاوة على ذلك، ففي رسالة صادرة في تشرين الثاني/نوفمبر 1997 من الرئيس التنفيذي للبعثة الخاصة للأمم المتحدة إلى العراق، حظر استخدام المحركات من قذائف أرض/جو معينة لاستخدامها في القذائف التسيارية.
    وخلال اجتماعي الأخير في العراق، أحطنا علما بهذين البرنامجين. وقيل لنا إن المدى النهائي لهذين النظامين سيكون أقل من الـ 150 كيلو مترا المسموح بها.
    ويبدو للوهلة الأولى أن هذه القذائف تمثل جيدا حالات للنظم المحظورة. فمدى التجارب الذي يتعدى 150 كيلومترا يتصف بالأهمية، وإن كنا في حاجة إلى النظر في بعض الاعتبارات التقنية الأخرى قبل التوصل إلى نتيجة بشأن هذه المسألة. وفي غضون ذلك، طلبنا من العراق أن يوقف التجارب التي يجريها على كلا النوعين.
    وبالإضافة إلى ذلك، عمل العراق على تجديد بنيته الأساسية الخاصة بإنتاج القذائف. فقد عاود على الأخص بناء عدد من حجرات السبك التي سبق تدميرها تحت إشراف اللجنة الخاصة للأمم المتحدة. وكانت تلك الحجرات تستخدم في إنتاج القذائف التي تعمل بالوقود الصلب. وأيا كانت نظم القذائف التي يُزمع استخدام تلك الحجر في إنتاجها، فإنها يمكن أن تنتج محركات لقذائف قادرة على الوصول إلى مدى يتجاوز 150 كيلومترا بكثير.
    ومن التطورات المرتبطة بهذه القذائف ما يتعلق باستيراد عدد من المواد خلال السنوات القليلة الماضية، رغم عمليات الحظر المفروضة عليها، استمر حتى كانون الأول (ديسمبر) 2002. وكان أبرزها استيراد 300 محرك صاروخي قد تستخدم للصمود 2.
    وقد أعلن العراق أيضا عن استيراده مؤخرا لمواد كيميائية تستخدم في محركات الدفع، وأدوات التجارب والتوجيه ونظم التحكم. وهذه المواد ربما تستعمل لأغراض محظورة، الأمر الذي لم يحسم بعد. وما هو واضح أن هذه المواد قد جلبت للعراق بشكل غير قانوني، أي أن العراق، أو بعض الشركات في العراق، قد تحايلت على القيود التي تفرضها قرارات عديدة.
    لقد تناولت بعض المسائل المتعلقة بنزع السلاح التي لا تزال مفتوحة والتي تحتاج إلى الرد عليها إذا أردنا أن نقفل الملفات وأن نبني الثقة. فما هي الوسائل المتاحة للعراق للرد على هذه الأسئلة؟ لقد أشرت إلى بعضها خلال عرضي لهذه المسائل. واسمحوا لي أن أكون أكثر دقة بعض الشيء. إن نظراءنا العراقيين مغرمون بالقول إنه ليس هناك أي مواد محظورة، وإذا لم تقدم أدلة خلافا لذلك، فلا بد من تأويل الشك لصالحهم، أي أن يُفترض أنهم أبرياء. ولجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش، من جانبها، لا تفترض بأن هناك مواد أو أنشطة محظورة في العراق، ولكن لا يمكنها، ولا يمكن لأي جهة أخرى، بعد عمليات التفتيش التي تمت في الفترة بين عامي 1991 و1998، أن تفترض العكس – أي لا توجد مواد وأنشطة من هذا القبيل في العراق. والافتراضات لا تحل المشكلة. فالأدلة والشفافية الكاملة قد تساعدان. وسأكون أكثر دقة فيما سأقوله.
    إن المعلومات التي قدمتها الدول الأعضاء تبلغنا بما حدث بالنسبة لتحريك وإخفاء القذائف والأسلحة الكيميائية والوحدات المتحركة لإنتاج الأسلحة البيولوجية. ونحن بالتأكيد سنتابع أي أدلة ذات مصداقية تقدم إلينا، وسنقدم تقريرا عن أي نتائج قد نتوصل إليها، وأيضا عن حرماننا من إمكانية الوصول إليها.

    وحتى الآن، قدمنا تقريرا عما عثرنا عليه مؤخرا من عدد صغير من الرؤوس الحربية الفارغة من عيار 122 ملليمترا لحمل أسلحة كيميائية. وقد أعلن العراق أنه أنشأ لجنة تحقيق للبحث عما إذا كان هناك المزيد منها. حسنا، لماذا لا يتم توسيع البحث ليشمل مواد أخرى، والإعلان عما قد يعثر عليه، وتدميره تحت إشرافنا؟
    وعندما قمنا بحث نظرائنا العراقيين على تقديم مزيد من الأدلة، كثيرا ما كان يأتينا الرد بأنه لم يعد هناك أي وثائق أخرى. فكل الوثائق ذات الصلة الموجودة تم تقديمها، كما كان يقال لنا. وكل الوثائق المتعلقة ببرنامج الأسلحة البيولوجية قد دمرت مع الأسلحة.
    ومع ذلك، فإن لدى العراق كل ملفات الحكومة وإدارتها ومؤسساتها وآلياتها المختلفة. وينبغي أن تكون لديه وثائق الميزنة وطلبات اعتماد الأموال والتقارير المتعلقة بكيفية استخدامها. وينبغي أن يكون لديه خطابات الاعتماد وبوالص الشحن وتقارير الإنتاج والمفقود من المواد.
    واستجابة لطلب لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش مؤخرا لعدد من الوثائق المحددة، تمثلت الوثائق الجديدة الوحيدة التي قدمها العراق في سجل من 193 صفحة، ذكر فيه العراق كل الواردات التي تمت في الفترة من عام 1983 إلى عام 1990 عن طريق شعبة الواردات التقنية والعلمية، وهي الهيئة المختصة باستيراد احتياجات برنامج الأسلحة البيولوجية. ومن المحتمل أن يساعد ذلك في توضيح بعض القضايا المعلقة.
    إن ما عثر عليه في إطار عملية التفتيش الأخيرة للمسكن الخاص لأحد العلماء من صندوق يحتوي على حوالي 000 3 صفحة من الوثائق، يتعلق الكثير منها بتخصيب اليورانيوم بالليزر، يدعم الشك القائم منذ فترة طويلة في أنه تم توزيع الوثائق على منازل أفراد خاصين. ويدحض الجانب العراقي هذا التأويل، حيث يدعي أن طاقم التفتيش قد يحمل معه إلى المنزل أوراقا من أماكن العمل. ونحن، من جانبنا، لا يسعنا إلا أن نظن بأن هذه الحالة قد لا تكون منعزلة، وأن توزيع الوثائق على هذا النحو متعمد لجعل اكتشاف أمرها صعبا، ومحاولة حماية الوثائق بوضعها في مساكن خاصة.
    إن أي بادرة أخرى لإخفاء الوثائق من شأنها أن تكون أمرا خطيرا. وقد التزم الجانب العراقي في محادثاتنا الأخيرة بتشجيع الأشخاص على قبول إمكانية الوصول إلى المواقع الخاصة أيضا. ولا يمكن أن يكون هناك ملاذات للمواد أو الأنشطة أو الوثائق المحظورة. ومنع الوصول الفوري إلى أي موقع سيكون أمرا خطيرا جدا.
    وعندما يدعي العراق بأنه لا تتوفر أدلة ملموسة في شكل وثائق، ينبغي له على الأقل أن يوفر الأشخاص والمهندسين والعلماء والمدراء للإدلاء بشهاداتهم بشأن تجاربهم. فبرامج الأسلحة الكبيرة يحركها ويديرها بشر. والمقابلات مع الأفراد الذين ربما سبق لهم العمل في هذه البرامج يمكن أن تسد الثغرات في معرفتنا وفهمنا. وقد يكون من المفيد أيضا أن نعرف أنهم يعملون حاليا في قطاعات سلمية. وهذه هي الأسباب التي دعت لجنة الأمم المتحدة إلى طلب قائمة بأسماء هؤلاء الأشخاص، بموجب القرار 1441 (2002).
    وقد قدم الجانب العراقي حوالي 400 اسم بشأن جميع برامج الأسلحة البيولوجية والكيميائية، وكذلك البرامج المتعلقة بالقذائف. ويمكن مقارنة هذا بأكثر من 500 3 اسم لأشخاص ارتبطوا في الماضي ببرامج الأسلحة تلك، والذين إما أجرت لجنة الأمم المتحدة مقابلات معهم في التسعينات أو أنها عرفت عنهم من الوثائق ومصادر أخرى. وفي اجتماعي الأخير في بغداد، التزم الجانب العراقي باستكمال القائمة، وقدم حوالي 80 اسما إضافيا.
    في الماضي، كنا نستخلص من المقابلات الكثير من المعلومات القيمة. وكانت هناك أيضا حالات تعرض فيها من تمت مقابلتهم للتخويف بسبب حضور مسؤولين عراقيين هذه المقابلات أو مقاطعتهم لها. كانت هذه خلفية تنفيذ الحكم الوارد في القرار 1441(2002)، والذي ينص على حق لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، في إجراء مقابلات خاصة “بأي طريقة وفي أي مكان” نختاره، داخل بغداد أو حتى خارجها.
    وحتى هذا التاريخ، طلبنا إجراء مقابلات مع 11 شخصا في بغداد. وكانت الردود تفيد دائما بأن الشخص المطلوب لن يتكلم إلا في مديرية المراقبة العراقية، أو، بأي حال من الأحوال، في حضور مسؤول عراقي. وقد يكون هذا راجعا إلى رغبة الأشخاص المدعوين في أن يكون لديهم الدليل على أنهم لم يذكروا أي شيء لا ترغب السلطات في الإفصاح عنه. وفي محادثاتنا الأخيرة في بغداد، تعهد الجانب العراقي بأن يلتزم بتشجيع الأشخاص على قبول إجراء مقابلات “خاصة” – أي أن يجروها معنا بمفردهم. وبالرغم من ذلك، فإن النمط لم يتغير. لكننا نأمل في أن يكون بالإمكان، مع زيادة التشجيع من جانب المسؤولين، أن يقبل العالمون ببواطن الأمور إجراء مقابلات خاصة داخل بغداد أو خارجها.
    ولا يمكنني أن أختتم هذا البيان المستكمل بدون ذكر بعض النبذات حول القدرة المتنامية للجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش.
    في الشهرين الماضيين عززت اللجنة من قدراتها في العراق، من لا شيء إلى 260 موظفا من 60 بلدا. وهي تتضمن حوالي 100 مفتش جديد للجنة، و 60 موظفا للعمليات الجوية، إلى جانب موظفي الأمن والاتصالات والترجمة التحريرية والشفوية، والدعم الطبي والخدمات الأخرى في مكتبنا في بغداد، والمكتب الميداني في الموصل. وهم جميعا يخدمون الأمم المتحدة، ولا يرفعون التقارير لسواها. وفضلا عن ذلك، فإن قائمتنا الخاصة بالمفتشين ستظل تتنامى مع مواصلة برنامجنا التدريبي – فحتى في هذه اللحظة لدينا دورة تدريبية تنعقد في فيينا. وفي نهاية تلك الدورة التدريبية، سيكون لدينا قائمة تضم حوالي 350 من الخبراء المؤهلين ، لنختار منها مفتشينا.
    وهناك فريق وفرته الحكومة السويسرية يقوم حاليا بتجديد مكتبنا في بغداد الذي ظل خاليا طوال أربعة أعوام. كما ساهمت حكومة نيوزيلندا بفريق طبي وفريق اتصالات. وستساهم الحكومة الألمانية بطائرات استطلاع بدون طيارين، ومجموعة من المتخصصين لتشغيلها لنا من داخل العراق. وتكرمت حكومة قبرص بالسماح لنا بإنشاء مكتب ميداني في لارناكا. وكل هذه المساهمات ساعدتنا على بدء عمليات التفتيش على وجه السرعة، وتعزيز قدراتنا؛ وكذلك كانت المساعدة المقدمة من الأمم المتحدة في نيويورك، ومن المنظمات الشقيقة في بغداد.
    وفي الشهرين الماضيين اللذين قمنا خلالهما بتعزيز حضورنا في العراق، أجرينا حوالي 300 عملية تفتيش لما يزيد على 230 موقعا مختلفا. ومن بينها كان هناك أكثر من 20 موقعا لم يكن قد تم تفتيشها من قبل. ومع نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر)، بدأت لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش في استخدام الطائرات المروحية، سواء في نقل المفتشين أو في أعمال التفتيش الفعلي. ولدينا الآن ثماني طائرات مروحية. وقد ثبت بالفعل أنها قيمة في المساعدة على “تجميد” المواقع الكبيرة من خلال مراقبتها لحركة المرور في المنطقة وحولها.
    كما أن إنشاء المكتب الميداني في الموصل يسر إجراء عمليات تفتيش سريعة لمواقع في شمال العراق. ونعتزم أن ننشئ في القريب العاجل مكتبا ميدانيا ثانيا في منطقة البصرة، حيث قمنا بالفعل بالتفتيش على عدد من المواقع.
    ولدينا الآن جهاز للتفتيش يسمح لنا بإرسال أفرقة تفتيش متعددة يوميا في جميع أنحاء العراق، برا أو جوا. وأود أن أنهي بياني بمجرد التنويه بأن تلك القدرة التي تم بناؤها في وقت قصير، والتي بدأ تشغيلها الآن، موجودة تحت تصرف مجلس الأمن.

    تعليق


    • #3
      برغم قسوة هذا التقرير بحق العراق إلا أنه خيب آمال الأمريكيين بإيجاد ذريعة لشن الحرب مما اضطرهم للادعاء بأنهم يملكون أدلة على امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل سيقدمونها لمجلس الأمن كما سيقدمون أدلة بخصوص علاقته بتنظيم القاعدة ( وهذه الحجة يحتاجون إليها حتى يكسبوا دعم مواطنيهم المجروحين من أحداث سبتمبر ) ويمكننا من كل هذا أن نستنتج ما يلي :
      1- يبدو أن الأمريكان أدركوا أن خوض الحرب بدون غطاء دولي سيكون كارثياً بالنسبة لعلاقاتهم مع باقي دول العالم أما بالنسبة للعالم العربي وشعوبه فسيعمق ذلك شعور الكراهية ضدهم عند العرب والمسلمين في حال قيامهم بالحرب بدون غطاء دولي .
      2- تتزايد الأصوات الرافضة للحرب داخل الولايات المتحدة وتنهار شعبية بوش حسب الاستطلاعات كما تتزايد الأصوات الرافضة خارج الولايات المتحدة والوقت لا يسير أبداً لصالح الأمريكان .
      3- ما داموا محتاجين لتوفير غطاء دولي فمعنى ذلك أن موعد هذه الحرب سيطول ولن يكون لا في فبراير ولا في مارس لأن الموضوع سيحتاج لوقت سواء لمناقشة ادعاء الأمريكان لامتلاكهم أدلة أو بسبب أن المفتشين أنفسهم يحتاجون لوقت لانهاء أعمال التفتيش .
      4- لماذا يدعي الأمريكان أنهم يملكون أدلة الآن ؟ لماذا لم يقدموها للمفتشين إذا كانت أدلة دامغة ؟ ومعنى ذلك أنهم لم يكونوا أصلاً مهتمين بعمليات التفتيش من أساسه ولكن الهدف كان جمع المعلومات الاستخباراتية ريثما ينتهي موضوع حشد القوات .
      وإذا تمت مناقشة هذه الأدلة ولم تكن دامغة ولم يقتنع بها أعضاء مجلس الأمن فستكون هذه بمثابة الضربة القاضية للأمريكان على المستوى السياسي ومعنى ذلك أن لا حرب ستكون ولا ما يحزنون فلن يستطيعوا بعد هزيمة سياسية كهذه أن يفتحوا أفواههم ويتشدقوا بذرائع عن الحرب .
      5- النقطة الرابعة أعلاه تدفعني للتساؤل التالي :
      هل يملكون فعلاً هذه الأدلة الدامغة ؟
      إذا كان الجواب لا سمح الله بنعم فمعنى ذلك أن ما يشبه الغطاء الدولي قد يتوفرمما يجعل الوضع أخطر بكثير مما كنا نظن .
      التعديل الأخير تم بواسطة خميس لطفي; 29/01/2003, 08:23 PM.

      تعليق


      • #4
        ليس أتفه من حديث بوش حديثا !!
        كنت في الماضى حين استمع لخطابات زعماء العالم الثالث أصاب بالغثيان , واما مع خطاب بوش فقد أضيف التقيوء إلى الغثيان ..
        كلنا يذكر ( دوسية .. ) ملف توني بليرالازرق قبل شهور عن معلومات استخباريه حول تطوير العراق لقدراته , يومها لم يستطع توني بلير أن يقنع حتى أمه بمحتوى الدوسية التي يحملها ويعرضها على مجلس النواب البريطاني .. حتى أن امه قالت له
        - روح الله يخزيك .. خزيتني ووطيت راسي قدام خلق الله ..
        واليوم هذا الابله( بوش الرضيع ) يمضغ كلمات ثم يلوكها في فمه ويجد لها طعما كالغائط ثم يستلذ بها فيمضي مستمتعا بمضغها محتلبا طعمها ومنتشيا , وهو بدون خلق الله جميعا , يمارس حالة التغوط من فمه ..
        العراق على علاقة بتنظيم القاعده
        العراق يطور اسلحة نوويه
        العراق يشكل خطرا على الامة الامريكيه
        العراق يخرج عن الشرعيه ...
        ... معك حق ايها الرضيع .. فطالما كلنا لك سجدا وركع , فلما لا تعتلي ظهورنا وترتع

        تعليق

        جاري التحميل ..
        X