في فضل أيام التشريق
خطبة لمعالي الشيخ الدكتور: صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
عباد الله؛ اتقوا الله واشكروا نعمة الله عليكم حيث هيأ لكم مواسم الخيرات، وشرع لكم من أنواع الطاعات ما يرفع به درجاتكم ويكفر خطاياكم، ومن ذلك هذه الأيام التي أنتم فيها وهي أيام التشريق المباركة وهي أيام منى.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث نبيشة الهذلي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل"، وفي بعض الروايات أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعث في أيام منى منادياً ينادي: (لا تصوموا هذه الأيام، فإنها هي الأيام المعدودات)، التي قال الله عز وجل فيها: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) [البقرة: 203]، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
عباد الله! وذكر الله عز وجل المأمور به في هذه الأيام أنواع متعددة:
منها: ذكر الله عز وجل عقب الصلوات المكتوبات والتكبير في أدبارها بعد السلام، وذلك من فجر يوم عرفة إلى آخر اليوم الثالث من أيام التشريق.
ويسمى بالتكبير المقيد؛ فإذا سلم من الصلاة المكتوبة قال: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر والله أكبر، ولله الحمد).
ومن ذكر الله عز وجل في هذه الأيام؛ ذكره بالتسمية والتكبير عند ذبح النسك من الهدي والأضاحي.
فإن ذبح الأضاحي سنة مؤكدة من سنة إبراهيم الخليل عليه السلام، ومن سنة خاتم المرسلين نبينا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فيذبح المسلم الأضحية عنه وعن أهل بيته، ويذبح الأضحية عن الأموات من أقاربه، وعن غيرهم من المسلمين، وفيها أجر عظيم، وثواب جزيل، ويأكل من هذه الأضاحي، ويهدي منها لجيرانه، ويتصدق منها على الفقراء والمساكين.
ويمتد وقت ذبح الأضاحي إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر من ذي الحجة على الصحيح من أقوال العلماء.
وأفضل كل جنس من هذه الأجناس أسمنه وأوفره لحماً، ثم أغلاه ثمناً، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
ومن ذكر الله عز وجل في هذه الأيام المباركة: ذكره على الأكل والشرب، فإن المشروع في الأكل والشرب أن يسمى الله في أوله ويحمده في آخره، وفي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الله عز وجل يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة؛ فيحمده عليها، ويشرب الشربة ويحمده عليها وقد روى أن من سمى على أول طعامه، وحمد الله على آخره، فقد أدى ثمنه، ولم يسأل بعد عن شكره.
ومن ذكر الله عز وجل في هذه الأيام المباركة: ذكره بأداء المناسك فيها من الوقوف بالمشاعر والطواف والسعي ورمي الجمار وغير ذلك بالنسبة للحجاج.
ومن ذكر الله في هذه الأيام المباركة: ذكره بالتكبير المطلق في كل أوقاتها، فقد كان عمر رضي الله عنه يكبر بمنى في قبته، فيسمعه الناس؛ فيكبرون فترتج منى تكبيراً، وقد قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200]، وقد استحب كثير من السلف كثرة الدعاء بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، فهذا الدعاء من أجمع الأدعية للخير، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يكثر منه، فإنه يجمع خير الدنيا والآخرة.
قال الحسن: الحسنة في الدنيا: العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة.
عباد الله! إن أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر وبذلك تتم النعم، وفي قول النبي صلّى الله عليه وسلّم إنها أيام أكل وشرب، وذكر لله عز وجل، وإشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد، والشرب إنما يستعان به على طاعة الله عز وجل، وقد أمر الله في كتابه بالأكل من الطيبات، والشكر له بالطاعات، فمن استعان بنعم الله على معاصيه، فقد كفر نعمة الله عليه وبدلها كفراً، فاحذروا من ذلك يا عباد الله، ولا تجعلوا هذه الأيام المباركة أيام غفلة عن ذكر الله، وأيام اشتغال باللهو واللعب والإعراض عن طاعة الله، فتلكم حال الأشقياء. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152].
من كتاب: الخطب المنبرية في المناسبات العصرية (2/ 115- 117). -بتصرف يسير-
مكتبة المعارف. الطبعة الثانية: 1420هـ - 1999م.
خطبة لمعالي الشيخ الدكتور: صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
عباد الله؛ اتقوا الله واشكروا نعمة الله عليكم حيث هيأ لكم مواسم الخيرات، وشرع لكم من أنواع الطاعات ما يرفع به درجاتكم ويكفر خطاياكم، ومن ذلك هذه الأيام التي أنتم فيها وهي أيام التشريق المباركة وهي أيام منى.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث نبيشة الهذلي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل"، وفي بعض الروايات أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعث في أيام منى منادياً ينادي: (لا تصوموا هذه الأيام، فإنها هي الأيام المعدودات)، التي قال الله عز وجل فيها: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) [البقرة: 203]، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
عباد الله! وذكر الله عز وجل المأمور به في هذه الأيام أنواع متعددة:
منها: ذكر الله عز وجل عقب الصلوات المكتوبات والتكبير في أدبارها بعد السلام، وذلك من فجر يوم عرفة إلى آخر اليوم الثالث من أيام التشريق.
ويسمى بالتكبير المقيد؛ فإذا سلم من الصلاة المكتوبة قال: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر والله أكبر، ولله الحمد).
ومن ذكر الله عز وجل في هذه الأيام؛ ذكره بالتسمية والتكبير عند ذبح النسك من الهدي والأضاحي.
فإن ذبح الأضاحي سنة مؤكدة من سنة إبراهيم الخليل عليه السلام، ومن سنة خاتم المرسلين نبينا محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فيذبح المسلم الأضحية عنه وعن أهل بيته، ويذبح الأضحية عن الأموات من أقاربه، وعن غيرهم من المسلمين، وفيها أجر عظيم، وثواب جزيل، ويأكل من هذه الأضاحي، ويهدي منها لجيرانه، ويتصدق منها على الفقراء والمساكين.
ويمتد وقت ذبح الأضاحي إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر من ذي الحجة على الصحيح من أقوال العلماء.
وأفضل كل جنس من هذه الأجناس أسمنه وأوفره لحماً، ثم أغلاه ثمناً، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
ومن ذكر الله عز وجل في هذه الأيام المباركة: ذكره على الأكل والشرب، فإن المشروع في الأكل والشرب أن يسمى الله في أوله ويحمده في آخره، وفي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الله عز وجل يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة؛ فيحمده عليها، ويشرب الشربة ويحمده عليها وقد روى أن من سمى على أول طعامه، وحمد الله على آخره، فقد أدى ثمنه، ولم يسأل بعد عن شكره.
ومن ذكر الله عز وجل في هذه الأيام المباركة: ذكره بأداء المناسك فيها من الوقوف بالمشاعر والطواف والسعي ورمي الجمار وغير ذلك بالنسبة للحجاج.
ومن ذكر الله في هذه الأيام المباركة: ذكره بالتكبير المطلق في كل أوقاتها، فقد كان عمر رضي الله عنه يكبر بمنى في قبته، فيسمعه الناس؛ فيكبرون فترتج منى تكبيراً، وقد قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200]، وقد استحب كثير من السلف كثرة الدعاء بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، فهذا الدعاء من أجمع الأدعية للخير، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يكثر منه، فإنه يجمع خير الدنيا والآخرة.
قال الحسن: الحسنة في الدنيا: العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة.
عباد الله! إن أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر وبذلك تتم النعم، وفي قول النبي صلّى الله عليه وسلّم إنها أيام أكل وشرب، وذكر لله عز وجل، وإشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد، والشرب إنما يستعان به على طاعة الله عز وجل، وقد أمر الله في كتابه بالأكل من الطيبات، والشكر له بالطاعات، فمن استعان بنعم الله على معاصيه، فقد كفر نعمة الله عليه وبدلها كفراً، فاحذروا من ذلك يا عباد الله، ولا تجعلوا هذه الأيام المباركة أيام غفلة عن ذكر الله، وأيام اشتغال باللهو واللعب والإعراض عن طاعة الله، فتلكم حال الأشقياء. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152].
من كتاب: الخطب المنبرية في المناسبات العصرية (2/ 115- 117). -بتصرف يسير-
مكتبة المعارف. الطبعة الثانية: 1420هـ - 1999م.
تعليق