يوميات مسلم ( 11 ) ...... الشيخ عمر
بقلمِ أخيكم .
عمر وهدان , شاب مخلوق مهذب ,
من خِيرة شباب مسجِدِه وأحد ركائزه التي لا تنفكُّ عنه , يبذلُ جهده في خدمة دين الله , ولا يتوانَ هُنيهَةً عن فعل الخير , فقد حباه الله هِمَّةً تُناطِح السحاب ...!
ولإتقانِه فنَّ الدعوة الفردية ؛ فقد كلَّفَهُ الأخوة في مسجِده بملف الإستقطاب , وكذلك سلَّمَه أمير المسجد حلقة تحفيظٍ لبعضٍ من أطفال الحي وذلك لحفظه وإتقانِه للقرآن الكريم .
كان صاحِبُنا ذا روحٍ عذبةٍ ونفسٍ طويــــــــــل مع الأطفال , حيث لم تتجاوز أعمار الطلبة في حلقَتِه ثنتي عشرة عاماً , ولأناقَة مظهرِه وجميل منطِقه ورحمتِه في معاملتِه معهم ... ؛ كانت سرَّاً في كسب قلوب الأطفال , هذا وعن روحِه المرِحة التي لا تعرِف حزْنا أو انفعالاً ... , أحبَّه طلاب الحلقة كثيراً وكانوا ينتظرونَ صلاة المغرِب كي ينطلقوا للمسجد ليحفظوا ويلتقوا بشيخهِم ... كلُّ أخلاقِه بدت تنعكس على الطلَبة ! , فقد كانَ في كل يومٍ يأتيهم بشيءٍ جديد ... , مما أودَع في قلوبِهم الثقة العالية وعدم الرهبة أو الخوف من أي مشكلة وعدم التباطؤ في طلب مساعدته في حلِّ مشاكِلهم! , فلم ينتهِ عمر عند تحفيظهم فحسب ؛ بل إنَّه كان دائمَ الحرص على متابعة دراسَتِهم وأخبارِهم وتصرُّفاتِهم .
ولمَّا كان يوم الأربعاء يوماً شاقاً , ينطلِق فيه عمر من بعد الفجر لطلب العلم الشرعي عند شيخِه أبي بكرٍ الغزِّي , وبعدها يُراجِع بعضاً من الذكر , لينطَلِق بعدها إلى جامِعَته ... ولا يعود حتَّى أن تنتصِب الشمسُ في المغيب ! , عاد إلى منزِله مع نداء المغرِب , وكانت الكهرباء غائبة عن أسلاك المنزِل ؛ فحمل ماتور البيت – كعادَتِه – ونصبَه على باب المنزِل وأشعلَه , أُقيمت الصلاة ولمَّا ينتهِ بعد !! ...
اغتسل عمر وتطيَّب ( وأكل لقمتين من إيد الحجِّة ) وانطلَق إلى المسجِد ؛ فوجَدَهم قد أنهَو صلاتَهُم , وما أن دخل المسجد إلاَّ وأصوات حلَقَتِه ( هـــــــِيــــييي أجآآآآ الشيخ!!!! ) إرتَعد عمر وكبَّرَ مُصلِّياً على إثرِه , وما أن أنهى صلاتَه فإذا بسطرٍ من الأطفال خلفه مأموين , ( وطبعاً نُصهم مش متوضي ) وإذ بأحمد يقفز في حُضن الشيخ : حفظت يا شيخ ! ورامي من خلفِه يركُض ..! : عيني ياشيخ ضربوني
قام عمر متهادِياً إلى مكان الحلقة , والحبايب وراه طبور ما شاء الله .
اصطفُّوا حلقة زي النص شيكل ...
ش.عمر : كيف الحال يا حلوين ؟
- اللـــــــه يسلمَك يا شيخ !
ش.عمر : كيف الوضع طرَفكُم ؟
-هَتَف الجميع : مبسوطين ؛
ولكنَّ أسامة صاحب الروح المَرِحة , قاطَعهم وقال : جيِّد لا جديد – وطبعاً هادا مُصطَلع للعساكر – يبدو أنه قد سمعها من أخي الذي يخرج بعيداً في الليل
ش.عمر : طيِّب مين حافظ اليوم ؟
رفع أُسامة يده ... : أنا يا شيخ !
ش.عمر : هات نشوف شو بدك تسمِّع ؟
أسامة : سورة التين ! , بس قبل ما أسمِّع بدي أحكيلك يا شيخ إني شفتك في الحلم !
ش.عمر : يا سااااتر , وشو حلمت ؟
أسامة : حلمت إنَّك حامل موتور وبتشغِّل فيه على باب بيتكو قبل شوي
كهكه الطلاب جميعُهُم وابتلَّت أوداجُهُم بالحُمرة توقيراً لشيخِهِم
ش.عمر : الله يقطع شرَّك , يعني بدك تحكيلي إنك شفتني وأنا بشغِّل ماتور البيت ؟ , يا ويلك إدا بتغلط علقيت ! , يلا سمِّع أشوف
بدأ أسامة بالتسميع , وبصوت شجي بريء ... , إلى أن وصل لقوله تعالى :
" ثمَّ رددناه أسفل سافِلين " ؛ فإذا بصوت ضاحِك على يمين الحلقة ,
مييين ؟ طلع محمد مش ماسك حاله من الضحك .
ش.عمر: مين بزغزغ فيك يا عمري ؟
محمد : مش أنا يا شيخ .. هادا خالد ضحَّكني
ش.عمر: وليش ضحَّكك؟
محمد : لما أسامة حكى : " أسفل سافلين " لهوا خالد حط إيده ع تِمُّه ,قال : هييي بحكي كلام سافل
ارتمى الشيخ عمر على الأرض من الضحك , ولم يتمالك نفسه هذه المرَّة , ولكن لهيبتِه والحلقة ,
جلس معتدِلاً ... ووجَّه خِطابَه لخالد , لعيدِّل مسار فَهمِه , وقال : هادي ياخالد مش سافلين يعني ( سافل مش محترم ) , هادي يا حبيبي يعني أسفل , مش في طبور المدرسة بحكيلكم الأستاذ عالياً أسفل ؟! ... أسفل يعني لتحت
ويلا شدُّوا حالكوا واللي ما بسمع ما إله ( بسكويت ) , واللي بيخلص يستنا في السطر الأول , بدنا نبيِّن للحلقات التانيات كيف حنصلي كلنا العشاء في السطر الأول ... ,
ويلا يا أسامة هيَّك سمَّعِت ... يلَّا طررررربِق يا روحي !.
انتهى .
تعليق