د.السوسي: الرضا شرط من شروط استمرار عقد الزواج
في غزة.. رجالٌ تجبرهم "الظروف" على الزواج!
في غزة.. رجالٌ تجبرهم "الظروف" على الزواج!
غزة- خالد كريزم
ترتبط كثيرًا مسألة الإجبار على الزواج بالمرأة، فهي الحلقة الأضعف في مجتمعاتنا العربية، لكن من مفارقات الزمان أن يصبح رجالٌ "أزواج" هم الطرف الأضعف من قبل والديهم أو الظروف التي تحكمهم، حيث نقف على عددٍ من الزيجات التي تمت بإرغام الرجل من قبل والديه.
كثيرٌ من الرجال الذين يتطلّعون للحياة المستقبلية، ويخطّطون لمواصفات معينة في زوجاتهم، يتفاجؤون بإلحاح ذويهم على تزويجهم، لتنتهي أحلامهم وتتبعثر أمنياتهم، إما بسبب عاداتهم التي تنصّ على أنه لن يتزوج إلا ابنة عمه، أو بسبب ظروفٍ لعبت الدور الرئيس في هذا الزواج كأن يكون زوجاً لزوجة أخيه الذي توفي أو استشهد، من أجل تربية أولاده والحفاظ عليهم، ليجد نفسه مُجبراً على تقديم هذه التضحية.
أولى بالمعروف
أبو مراد فتح قلبه لـ"فلسطين" بعد محاولةٍ لا ستدراجه نحو حديثٍ فيه بعض الحرج، فقال:"أجبرني والدي على الزواج بابنة عمي، بحجة أنها أولى من غيرها من الغريبات، وأن الذي تعرفه أفضل من الذي لا تعرفه، وأن الأقربون أولى بالمعروف".وأضاف في حديثه لـ"فلسطين": "رفضتُ فكرة زواجي بابنة عمي واتباع هذه التقاليد، وانقطعت عن التفكير في الزواج حتى يرجع والدي عن قراره، وحين لم أجد مفر من ذلك ولم يقتنع أبي، اضطررت للزواج منها، تحقيقًا لمطلب والدي، لكني لم أكن راضياً عن هذه الزيجة".
فيما يقول أبو أحمد إن أخاه استُشهد في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ما اضطره للزواج بزوجة أخيه، "كي أضمن وجود أولاده لدى العائلة وأن نبقى إلى جانبهم، وهذا أقل واجب أقدمه لأخي في رحيله".
ولم يتذمر أبو أحمد من زواجه بزوجة أخيه، قائلًا: "ارتباطي بزوجة أخي عمل نبيل، وأنا قدمتها على أي امرأة أخرى، لأنها من رائحة أخي، وأشعر بالسعادة لأنني بجانب أبنائه كي أُحسن تربيتهم".
بدوره، قال د. ماهر السوسي أستاذ الفقه المقارن في الجامعة الإسلامية: "عقد الزواج هو عقد مشترك يبنى على أمر يُسمى الإرادة، والإنسان يوافق على العقد بإرادته، ولابد أن يكون راضياً تمام الرضا، وليس عقدًا يكتبه ثم بعد فترة قصيرة يفسخه".
وأضاف في حديث لـ"فلسطين":"الرضا مهم جدًا لأنه شرط من شروط استمرار عقد الزواج، والمشكلة التي نتحدث عنها فيها طرفان: طرف الأهل الذين يضغطون ويجبرون، والزوج أو الزوجة المجبوران ، والأمر لا يستقيم بضغط الأهل على الاقتران بشخص لا يرغب به أحدهما لأن ذلك قد يؤدي إلى انهيار الزواج".
زواج متعثر
وبين أن الزواج لو كان في هذه الحالة فسيستمر بطريقة متعثرة، مضيفًا: "ليس من حق الأهل أن يضغطوا على أبنائهم"، مستدلًا بقصة في زمن النبي محمد عندما قال لإمرأة أجبرها والدها على الزواج "لكِ الحق في أن تفسخي النكاح أو تُطيعي أباكِ".وأوضح السوسي أن الإنسان العاقل البالغ الفاهم لدينه يرفض الزواج بالإجبار، "وبإمكانه أن يتعامل بالحسنى ويُقنع أهله بأن إجباره على الاقتران أمر ليس في مصلحة الزواج، وإن كانت تتحقق مصالح أخرى، كالعادات الاجتماعية أو تحقيق مكاسب كالعلاقات التجارية من الزواج".
وفي شأن زواج الرجل من زوجة أخيه المتوفى عنها، قال السوسي: "القضية متروكة لإرادة الإنسان، ومن أراد الزواج في هذه الحالة، يجب أن يكون مقتنعًا بهذه الزيجة، وليس من باب الشفقة أو اعتقاده بأن الزواج بهذه الحالة مجاني أو بأرخص الأثمان".
وأضاف في ذات السياق:"بعد فترة من الزمن لابد أن يبقى توجهه لهذه الزيجة كما كان، ولا يتغير تجاه زوجته، لذلك يجب أن يكون قاصدًا الزواج لأجل الزواج، أما أن يكون من باب التضحيات واعتبارها صفقة ثمينة ومربحة، فهنا المقصد غير واضح، ولابد أن يكون لأجل الزوجة نفسها".
وشدد السوسي على وضوح الهدف من الزواج في تلك الحالة، وألا يتعثر بعد فترةٍ من الزمن لوجود عدد كبير من الأولاد لدى المرأة مثلًا، مبينًا أن حالات كثيرة أثبتت فشلها لعدم وضوح الرؤية لدى الزوج.
ولا يقف خطر الإجبار على الزواج هنا، ولكن قد يتطور هذا الشعور ليحدث رفضٌ من بعض الرجال لزوجاتهم، أو يصل به الأمر إلى معاملتها معاملةً سيئة انتقاماً لنفسه، حيث إنه يجدها السبب الرئيس في ذلك، وإن لم تكن هي السبب الفعلي، فلا يجد متنفساً له سوى الإساءة إليها.
المصدر: فلسطين أون لاين
تعليق