تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ..
حدثني صديق لي سافر من مكان دراسته في الخارج إلى عمان بالأردن، لكي يرى أهله في إجازة الدراسة ويقضيها معهم، وذلك لأنه لا يستطيع العبور إلى الضفة الغربية من المعبر الإسرائيلي إلا بعد أن يكمل دراسته، بسبب الخوف من منعه بالرجوع مرة أخرى، وبالتالي يضيع عليه سنوات العمر في الدراسة، وقال لي: هذه المرة حضر ابن عمي -الذي هو أصغر مني بسنتين- مع والديّ وكنت أول مرةٍ أراه منذ زمن بعيد، وكنت فقط أتواصل معه بشكل متقطع عن طريق الإيميل، وقد رأيته بعد ذلك بدت عليه ملامح الرجولة والهدوء في تناول الأمور، وقال لي: أدهشني ما رأيت منه من الالتزام والاتزان وكنت أتوقع منه عكس ذلك تماما، لأني أعرف كيف صارت البيئة التي يعيش فيها في بلدتنا وكيف تأثيرها السلبي على الشخص الغير متمكن من دينه، وبعد ذلك قضينا الوقت معا وكانت إجازة مختلفة تماما عن سابقاتها لأن فيها ابن عمي .. صديق طفولتي، قال لي بعدها: كنت أرى من ابن عمي الشخصية المتلهفة للحوارات التي كانت تدور بيننا، والتي نحسبها أنها كانت تُخرِج مقدار الهمّ الذي كنا نستودعه في أنفسنا على وطننا وبلدنا وأقصانا، وما هو السبيل للتحرير وكيف يبدأ التغيير بالنفس لكي تستطيع أن تغيّر ما هو حولك، وقال لي أنه كان من أهم حواراتنا ونقاشاتنا هو أنه كيف صار وضع شبابنا هذه الأيام في الضفة الغربية وأنه قلما تجد منهم المحافظ على كتابه ودينه والتزامه، وأنه كيف صارت أتفه المواضيع وأحقرها هي الشاغل الوحيد لشبابنا في الضفّة هذه الأيام، وكنت ألاحظ على ابن عمي الحرقة الشديدة في هذا الموضوع بالتحديد.
يقول: ومضت الأيام بعد ذلك، وبعد ثلاثة أسابيع كان موعد عودتي لإكمال دراستي، وودعت والديّ وابن عمي وكان وداع ابن عمي مؤثرا للغاية، وكنت أرى في عينيه كأنه يقول لي "كيف ستتركني هكذا أرجع إلى هذه البيئة الفاسدة ؟؟ .. ومع من سأجد الإصلاح لها ؟؟.. ومن سيساعدني في تنفيذه!!" قال لي صديقي: لم أجد ما أعبر له عن هذا الموقف ولم أستطع أن أوصل له ما يدور في خلجات نفسي .. ومن ثم افترقنا بعد ذلك، وعاد صديقي إلى جامعته ليكمل دراسته، وبعد أقل من أسبوع تكلم مع ابن عمه على الإيميل ليطمئن عليه ويسأله عن أحواله ودراسته، فقال لي ونحن نتحدث فإذا بابن عمي في منتصف كلامنا يذرف الدمع ويتقطع في الحديث، فقلت له ما بك يا ابن العم، قال أتعلم يا ابن عمي أني كل يوم أتقطع مئة مرة لأني منذ أن رأيتك إلى الآن لم أجد شاب أو صديق أشترك معه في ما تناقشنا به أنا وإياك، أو على الأقل لم أجد من أتحدث معه في موضوع مثمر أو مفيد ..
إلى هنا ينتهي ما قاله لي ذلك الصديق ..
وهذا هو حال شبابنا في الضفة الغربية هذه الأيام .. تغيرت عليه البيئة المصطنعة حوله وأدخلت الدسائس والسموم فيها, فأدت إلى صنع الفلسطيني الجديد .. الذي يتغنّون به هذه الأيام!! أما عن تساؤلنا .. هو أنه إلى متى سيبقى حالنا وحال شبابنا هكذا في الضفة الغربية ؟؟ ألم يأن الوقت الذي وجب فيه على كل واحد منا نحن أهل الضفة الغربية أن يبدأ في التغيير والإصلاح ؟؟ وليكن ذلك من نفسك أولا ولا تنتظر من يساعدك .. أقول من نفسك لأنه إذا تغلبت عليها في البداية سيسهل عليك بعد ذلك أن تنشره لمن حولك !! وأن تصلح بيئتك ومجتمعك بعدها !!
وأسأل الله أن يصلح حالنا وحال شبابنا إلى أفضل حال إنه وليّ ذلك والقادر عليه ..
والله من وراء القصد ،،
تعليق