إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب <<وهم الأسطور>> لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب <<وهم الأسطور>> لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

    [align=center]اسطورة الوهم

    كشف القناع عن الاستخبارات الامريكية - (محمد خليل الحكايمه)




    {{تحميل الكتاب على هيئة ملف وورد }}




    - الأولى
    - إهداء
    - مقدمة: الاستخبارات الامريكية و سقوط القناع

    - الفصل الاول: الاستخبارات الامريكية؛ النشأة و الاقسام والأعمال
    - الموقع و الاقسام
    - النشأة والقيادة

    - الفصل الثاني: كيف يتم تجند الجواسيس في وكالة الاستخبارات الامريكية؟
    - اكتشاف الجاسوس
    - تقييم الجاسوس
    - تجربة الجاسوس
    - تدريب الجاسوس
    - تشغيل الجاسوس
    - انهاء التعامل مع الجاسوس
    - جواسيس مابعد 11سبتمبر

    - الفصل الثالث: أسلحة الاستخبارات الامريكية؛ كيف تقوم الاستخبارات الامريكية بالتنصت على الاتصالات؟
    - الأقمار الصناعية
    - الطائرة الجاسوسية
    - كيف يعمل إيشلون؟
    - طرق التجسس علی اتصالات الحركات الاسلامية
    - التجسس على الهواتف النقالة
    - أجهزة التصنت الالكترونية

    - الفصل الرابع: فضائح الاستخبارات الامريكية؛ تاريخ العمليات القذرة
    - التواطؤ الأميركي مع المافيا خلال الحرب العالمية الثانية
    - وكالة الاستخبارات الأمريكية والمخدرات والصحافة
    - نص المقالة التي كتبها: الكسندر كوكبيرن بعد اغتيال الصحفي "جاري ويب
    - سلسلة من العمليات القذرة
    - مذابح الـCIA
    1 - في لبنان انفجار بئر العبد في 8 آذار1985
    2- مذبحة قلعة مزار الشريف عام 2001 في أفغانستان
    - عمليات خداع عقول الشعوب
    - عمليات اقتصادية قذرة للسيطرة على دول العالم الثالث
    - فضائح استخبارات البيت الابيض
    - فضيحة ووترغيت (Watergate)
    - برنامج فينونا
    - الموساد تخترق السي اي ايه
    - إختراق السي أي إيه
    - فضيحة الجمرة الخبيثة

    - الفصل الخامس: عمليات التجسس الدولية
    - أولاًً : العراق
    - CIA وانقلاب ضد صدام
    - المخابرات الأميركية تجند الدبلوماسيين العراقيين
    - الدور المخابراتي في احتلال العراق
    - الفشل المخابراتي في العراق
    - ثانياً: إيران
    - ثالثاً: مصر
    - علاقة الاستخبارات الامريكية برجال الحكم
    - عمليات التجسس
    - كيف يعمل مكتب الاف بي اي في القاهرة؟

    - الفصل السادس: استخبارات القاعدة و الCIA وجهاً لوجه ؛ غزوة منهاتن 11 سبتمبر2001
    - الفشل في منع احداث 11 سبتمبر/ أيلول
    - فقرات من تقرير مخابراتي عن الحالة الامنية في امريكا بعد 3 سنوات من غزوة منهاتن
    - توصيات استخباراتية
    - فشل ال CIA في إغتيال الشيخ اسامة بن لادن
    - المستقبل المرعب


    - الفصل السابع: الصراع من الداخل
    - إعترافات مدير الاستخبارات الأمريكية الأسبق (ستانسفلد ترنر)
    - إستقالة جورج تينيت مدير الاستخبارات الامريكية السي اي ايه السابق
    - تفكيك أجهزة الاستخبارات
    - اقالة جوس مدير وكالة الاستخبارات الامريكية


    - الفصل الثامن: الخطط الجديدة في مواجهة الحركات الاسلامية
    - ملحق: وثائق للاستخبارات الامريكية ؛ تقرير مجلس الاستخبارات القومي الامريكي ؛ توقعات للعقد الحالي حتى 2015
    - المصادر
    [/align]

  • #2
    رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

    الحكايمة يرد على حملة الجماعة الإسلامية ضده في حوار مع الحياة

    [صحيفة الحياة]
    بسم الله الرحمن الرحيم
    تحدث الى «الحياة» عن «سوء فهم» لبيان الظواهري ... الحكايمة يرد على انتقاد العمليات العشوائية
    القاهرة - محمد صلاح الحياة - 09/08/06//


    الحكايمة كما ظهر في الشريط الذي وزعته «السحاب» وأعلن فيه انضمامه إلى «القاعدة».

    نفى الأصولي المصري محمد خليل الحكايمة أن يكون الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» الدكتور أيمن الظواهري أعلن انضمام زعيم «الجماعة الإسلامية» الدكتور عمر عبدالرحمن الموجود في أحد السجون الأميركية ورئيس مجلس شورى «الجماعة» رفاعي أحمد طه المسجون في مصر والقياديين في التنظيم عبدالآخر حماد المقيم في ألمانيا ومحمد مصطفى المقرئ المقيم في بريطانيا إلى تنظيم «القاعدة»، مشيراً إلى أن «الظواهري تحدث عن أن الأربعة رفضوا مراجعات قادة الجماعة الإسلامية».
    وأكد الحكايمة في حديث إلى «الحياة» عبر البريد الالكتروني أنه انضم فعلاً إلى «القاعدة» «من باب نصرتهم في الدين»، وأن مطالبة «الجماعة الإسلامية» بإعادة تشكيل جناحها العسكري جاءت «لمواجهة أعداء الأمة من اليهود والصليبيين».

    ورد الحكايمة على سؤال عن نفي قادة «الجماعة الإسلامية» ما ورد على لسان الظواهري في شريط تلفزيوني من انضمام قادة آخرين غيره إلى «القاعدة»، وقال: «للأسف حدث سوء فهم لا أدري عن قصد أم لا عند تناول بيان الدكتور الظواهري عند ذكره إسم فضيلة الشيخ عمر عبدالرحمن والشيخ رفاعي طه (فك الله أسرهما) والشيخ عبدالآخر حماد والشيخ محمد مصطفى المقرئ حيث كان ذكرهم من باب أنهم قيادات للجماعة عارضوا التوجه الجديد للقيادات التاريخية وليس من باب أنهم انضموا للقاعدة. فالجميع يعلم أن الاتصالات مقطوعة مع كل هؤلاء المشايخ الأفاضل لظروف الحرب ولولا الخوف عليهم وهم يعيشون الآن أسرى تحت قوانين مكافحة الارهاب لأشركناهم في الامر ولم نُحرم مشورتهم».
    وعن توقيت ظهوره وإعلانه انضمامه إلى «القاعدة»، أشار إلى أن الوحدة والاعتصام «واجب شرعي في أرض القتال حيث لا يسع المسلمين تركه، إذ أفتى كثير من العلماء بعدم جواز تعدد الجماعات الإسلامية في أرض الجهاد»، معتبراً أن تلك الخطوة تعتبر «نصرة لأمير الجماعة الإسلامية الشيخ عمر عبدالرحمن» في سجنه الأميركي.
    ورأى أن تنظيم «القاعدة» يعتبر «أحد أهم طلائع الأمة الإسلامية في مواجهة «هُبل العصر» أميركا الصليبية وعليه فنصرتهم أصبحت واجبة شرعاً على كل مستطيع»، وأن إعلان التوحد والقتال معهم «هو من باب نصرتهم في الدين». وأضاف أن «الجماعة الإسلامية في مصر شريكة لتنظيم القاعدة في الجهاد ضد أعداء الأمة قبل عشرين عاماً في أفغانستان لقتال الاتحاد السوفياتي، وفي البوسنة والهرسك ضد الصرب، وفي الشيشان وداغستان، والآن في أفغانستان والعراق ضد الولايات المتحدة».

    ورد الحكايمة على نفي قادة «الجماعة الإسلامية» معرفتهم به أو كونه قيادياً في التنظيم رافضاً الدخول في مهاترات «لأننا أصبحنا أجداداً ودبّ الشيب فينا»، ولكنه خاطبهم قائلاً «لا يهمني أن تعرفوني أو لا تعرفوني فشهادتكم لن تنفعني يوم القيامة بشيء، وأقول لمشايخنا الأفاضل إن كنتم صادقين في ذلك فاذهبوا وأسألوا المحامي منتصر الزيات كم مرة ترافع عني في المحاكم؟ وكم مرة اعتقلت؟ وأسألوا الشيخ خالد ابراهيم أمير مدينة أسوان من الذي أسس الجماعة الإسلامية في أسوان وأسألوا الشيخ رفاعي طه من أسس مجلة «المرابطون» وإن كانت هناك مصداقية فأرجو نشر ما يقوله المشايخ عني في موقع الجماعة الرسمي».

    وتناول الحكايمة في رده على أسئلة «الحياة» أسباب مطالبته الجماعة بإعادة تشكيل الجناح العسكري، وقال «يجب ان نكون قدوة لامتنا التي نطالبها ان تهب للدفاع عن نفسها وتقف بجانب ابنائها المجاهدين، لأن الأمة الإسلامية تواجه عدواً تقاسم أدوار الحرب عليها فهم أحلاف عسكرية أعلنوا الحرب على دول ضعيفة العتاد والعدة، فبالأمس فلسطين واليوم لبنان وغداً مصر». وقال: «أنظر ماذا حدث في فلسطين، أين ذهب المدافعون عن الديموقراطية وعن حق اختيار الشعوب؟ لماذا لم يقفوا لاسرائيل حتى بكلمة واحدة عندما اختطفت نصف عدد حكومة حماس المنتخبة ديموقراطياً؟ وفي لبنان تراهم يعطون للجيش اليهودي الوقت الكافي لإحداث أكبر مجازر للمدنيين العزل. وفي الصومال تدخل اثيوبيا بجيشها ولا احد يتكلم عن انتهاك سيادة الدولة، انها الحرب العالمية الثالثة على الاسلام»، مؤكداً أنه طالب بإعادة تشكيل الجناح العسكري هذه المرة «لمواجهة أعداء الامة من اليهود والصليبيين». وأضاف: «استوعبنا التجربة الجهادية التي دفعت اليها الجماعة ولم تخترها بكامل ارادتها، دفعت الجماعة دفعاً من قبل قياداتها التاريخية ومن النظام الحاكم في وقت واحد».

    وكشف الحكايمة أن «رفاعي طه أبدى اعتراضه على القيادات التاريخية عندما قرروا بدء العمليات المسلحة عام 1992 وأرسل لهم «الأخ» ضياء الدين فاروق من بيشاور بشريط صوتي له كي يقنعهم برأيه حيث كان يرى ان الأمور لا تزال تحتاج الى كثير صبر واعداد فلم يؤخذ برأيه وهو مسؤول الجناح العسكري وعضو في مجلس الشورى للجماعة في الداخل والخارج. فالقيادة التاريخية دفعت الجماعة لخوض هذه التجربة. وحتى نكون منصفين لهم فقد اعطوهم الضوء الأخضر وإشارة البدء التي لم يفهمها الشباب المتحمس للجهاد، وعليه يجب ان تحمل مسؤولية ذلك كاملاً»، معتبراً النظام المصري «كان يدفع للمواجهة حيث تبنى سياسة الضرب في المليان وتصفية قيادات الجماعة العاملة في الدعوة». وتابع: «الآن عندما تكون الأمة في حالة حرب عالمية وفي حاجة ماسة للعلماء المجاهدين والى قيادة مخلصة تقودها لقتال أعدائها تخرج أبحاث جديدة وشروط تعجيزية لقتال العدو».

    وعلق الحكايمة على كتب أصدرتها «الجماعة الإسلامية» انتقدت فيها التفجيرات العشوائية التي قام بها أعضاء في «القاعدة»، ورأى أنها «ارتكزت على أربعة أسس غير واقعية لأنها استقرئت من خلال ما ينشر في وسائل الإعلام، فلم يحدث ان تتواصل قيادات الجماعة مع أسامة بن لادن ولا الظواهري للوقوف على استراتيجية المعركة التي يخوضونها». وأضاف: «الأمر الآخر ان كتابة هذه الأبحاث كانت بعد سقوط الإمارة في أفغانستان واحتلال العراق فكتبت بنفسية القائد الذي يستشعر مرارة الهزيمة واليأس. أما الآن فتغير الأمر تماماً بعد أن اثبتت القاعدة ومن ورائها الأمة الإسلامية انها قادرة على مواجهة الأميركان وإلحاق الهزيمة بهم في العراق وأفغانستان عما قريب».

    وحول الأسس الشرعية المطروحة في الأبحاث مثل «شبهة امان أهل الكتاب» و «التترس والتبييت»، فتساءل الحكايمة موجهاً الحديث إلى قادة الجماعة: «لماذا تحمّلون القاعدة كل الأخطاء التي تقع في كل عملية تحدث في بلاد المسلمين بالرغم من علمكم ان الشباب المجاهد يقوم بكل ترتيبات العمليات من دون إطلاع القيادة بسبب الظروف الأمنية المعقدة التي يعيشها؟ ولماذا لم تطرحوا في الأبحاث البدائل العملية لقتال العدو الصائل على الأمة وبالطرق والوسائل التي لا ترى فيها محاذير شرعية؟ هل لو أصدرت القاعدة بياناً تأمر فيه الشباب المجاهد بوقف العمليات بالمتفجرات أو غيّرت اسلوب القتال فيها ضد اليهود والصليبيين هل ستعلن القيادات التاريخية وقوفها بجانب القاعدة في حربها مع الاميركان؟».
    وحول موقف الدكتور عمر عبدالرحمن، قال «كان موقفه في البداية مثل كل القيادات في الخارج غير معترض على قرار وقف العمليات لثقته العمياء في ابنائه وتلاميذه. لكن حدثني الشيخ رفاعي طه ان الشيخ عمر عندما سمع بالتفاصيل أخرج بياناً شفهياً مع الأخ أحمد عبدالستار يسحب فيه تأييده للمبادرة».

    وسألته «الحياة»: البعض يقول لو كنت تعيش في مصر لوقعت ايضاً ووافقت على المراجعات التاريخية، لأنكم تعارضون فقط لأنكم تعيشون في الخارج بعيداً عن قبضة السلطات؟ فأجاب: «كنت أعترض على الشيخ رفاعي طه من أجل معارضته للقيادات التاريخية من أول بيان فكنت أقول له نصبر ونتبين الأمر، وكان يرد علي: يا ليت الأمر يقف عند هذا (يقصد بيان وقف العمليات)، وفي اليوم نفسه خرج مدير مباحث أمن الدولة الأسبق اللواء فؤاد علام على قناة الجزيرة وقال معلقاً على بيان الاخوة (كما خرجوا علينا بابحاث وفتاوى شرعية فلا بد وان يرجعوا بأبحاث وفتاوى شرعية) وبعد ثلاثة أعوام خرجت الابحاث الشرعية والفتاوى، وبالرغم من ذلك صبرنا لأن أبغض شيء للنفس السوية هو الخلاف في الدين لأن الجماعة رحمة والفرقة عذاب، كما بيّن العلماء. أما بالنسبة الى تغيير الآراء تحت قبضة السلطات فهذا أمر وارد في الشريعة ولولا هذا لما أمر الله تعالى المسلمين بالهجرة ولما وجدتَ في كتب الفقه حكم المكره، فيقال هذا مكره لا يؤخذ بقوله ولا بفتواه».

    وأنهى الحكايمة حديثه بمعلومات عن كتاب انتهى من إعداده أخيراً يحمل عنوان «وهم الأسطورة»، وأشار إلى أن «الفكرة بدأت بالبحث عن كل ما يخص الاستخبارات الاميركية وطرق عملها ونظامها الاداري ومهام كل قسم فيها والشخصيات المخضرمة أصحاب القرار وأسباب الفشل في غزوتي نيويورك وواشنطن والذي دفعني لذلك اننا نخوض حرباً تعتمد على المعلومات الاستخباراتية بنسبة 90 في المئة فكل الحرب في أفغانستان كانت ولا تزال بالمعلومات من الشماليين (الطابور الخامس) فكان الجاسوس يضع شريحة الكترونية بحجم شريحة الهاتف النقال بجوار المبنى أو في سيارة الشخص المستهدف لتقوم الطائرة بعد ذلك بالتقاط الذبذبات الصادرة من الشريحة فتقصف الهدف، هكذا بكل سهولة. فتكون عندي ارشيف ضخم من المعلومات عن الاستخبارات الاميركية استطعت أن اخرج منه شيئاً مفيدا للقراء، ويحتوي الكتاب على ثمانية فصول تناولت نشأة الاستخبارات الاميركية وكيفية تجنيد الجواسيس ووسائل التنصت على الاتصالات وملفات التجسس على العراق ومصر وايران والصراعات الداخلية وخططها المستقبلية في حربها على الاسلام».

    تعليق


    • #3
      رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

      انتهى التحميل
      بارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

        المشاركة الأصلية بواسطة Brave Man
        انتهى التحميل
        بارك الله فيك
        وبارك فيك أخي

        الكتاب مهم جداً ولن يخسر من يحمله

        تعليق


        • #5
          رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

          جرى التحميل..

          بارك الله بك أخي فسطاط الإيمان

          تعليق


          • #6
            رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

            للأسف الرابط مغلق ....

            نرجوا وضع رابط أخر ... ولا حرمكم الله الأجر

            تعليق


            • #7
              رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

              بارك الله فيكم وجزاكم خيراً

              تعليق


              • #8
                رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                على فكة هو محمد الحكايمة..

                الذي قال عنه رئيس مجلس ششورى الجماعة الإسلامية أنه شاب مغمور لم يسمع باسممه!!

                كتاب قيم جداً

                تعليق


                • #9

                  .

                  أخي الكريم ..
                  لو تكرمتم برفع الكتاب على موقع آخر ..
                  أو يُنقل مباشرة للمنتدى ..

                  ولكم جزيل الشكر ..


                  .

                  تعليق


                  • #10
                    رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                    المشاركة الأصلية بواسطة حطين

                    .

                    أخي الكريم ..
                    لو تكرمتم برفع الكتاب على موقع آخر ..
                    أو يُنقل مباشرة للمنتدى ..

                    ولكم جزيل الشكر ..


                    .
                    أخي الكريم ها هو:






                    اسطورة الوهم

                    کشف القناع عن الاستخبارات الامريكية





                    إعداد
                    محمد خليل الحكايمه




                    تم النشر في موقع مركز المقريزي



                    مقدمة
                    الاستخبارات الامريكية و سقوط القناع
                    إنها مفاجاة إستراتيجيّة بامتياز. فقد أُخذت الاستخبارات الأميركية من حيث لا تحتسب، خاصة وهي في وضع تتفرّد فيه بقيادة العالم. إنها مفاجأة بنتائجها.
                    أدّت هذه المفاجأة إلى إحداث صدمة في الوعي الأميركي.
                    لقد أدّت غزوة مانهاتن إلى تبدّل جذري في مفهوم الأمن الأميركي.
                    فبعد أن كان نصف القارة الشمالي معزولا عن بقية العالم وتهديداته بمحيطين، أصبح الآن في الداخل.
                    وضربت المفاجأة رموز القوّة الأميركيّة في بُعديها الاقتصادي والامني.فغيّرت المفاجأة معالم المركز المالي الأهم في العالم.
                    وكشفت للعالم اسطورة الوهم المسماة ب ( نا سا- السي اي ايه - الاف بي اي(.
                    كانوا يقولون عنهم سابقاً ( اذا دخل فأر امريكا أو خرج منها فلابد وان تجد عنه تقريرا في أرشيف الاستخبارات الامريكية).
                    وخسرت الاستخبارات الامريكية الجولة امام استخبارات القاعدة .
                    واضطر جورج تنيت رئيس الاستخبارات للاستقالة حفظاً لماء وجه رئيسه أمام أعضاء الكونجرس.
                    ثم كان القرار بإنشاء خمسة عشر جهازا للاستخبارات عسى ان يمنعوا تكرار الغزوتين في المستقبل .
                    في هذا الكتاب حاولت ان أضع بين يدي القارئ الكريم بعض الحقائق التي لم يتم الحديث عنها من قبل عن الاستخبارات الامريكية ولن ندعي علماً ببواطن الامور ولكن من خلال المثل القائل ( من فمك ادينك) فمن خلال مانشر من تقارير واخبار وابحاث أظهرت مدى الفشل الذي منيت به الاستخبارات الامريكية في الداخل و الخارج وفقنا الله تعالى الى كشف اسطورة الوهم.
                    المؤلف...
                    محمد خليل الحكايمة

                    الفصل الاول
                    الاستخبارات الامريكية
                    النشأة و الاقسام والأعمال
                    الموقع و الاقسام:
                    يقع مركز الاستخبارات المركزية في ضاحية "لانغلي" وتبعد 15 كلم عن واشنطن العاصمة وهو مركز محصن تحصينا طبيعيا بوجود نهر "بوتوماك"، فضلا عن الحراسة المشددة عليه والكاميرات التلفزيونية والميكروفونات الالكترونية المسلطة على المنطقة المحيطة ليلا ونهارا. وتبلغ مساحة هذا المركز حوالي 125 ألف متر مربع، بينما بلغت تكاليف الإنشاء عام 1966 ، 46 مليون دولار، ويحيط بالمبنى سوار يبلغ ارتفاعه أربعة أمتار تعلوه أسلاك شائكة. وتحتفظ الوكالة ببعض الأبنية لاستعمالها تحت أسماء مستعارة.
                    يقدر عدد العاملين فيها بحوالي 250 ألف موظف وجاسوس يقدمون خلاصة أعمالهم في تقرير يطلع عليه الرئيس الأمريكي صباح كل يوم .
                    النشاط التجسسي تضمه 100 مليون وثيقة كل عام و40 طناً من الوثائق يتم التخلص منها كل يوم.
                    ولكي نعطي بعض المعلومات المختصرة عن هذا الجهاز الأمني علينا أن توضح مايلي:
                    كان يوجد في الولايات المتحدة ثلاثة أجهزة للمخابرات تقوم بعملية التنصت داخل الولايات المتحدة وخارجها وهي:
                    وكالة الأمن القومي (NSA):
                    وهي أكبر هذه الأجهزة في موضوع التنصت هو (NSA) دون شك. وكالة الأمن القومي NSA الأذن الكبيرة الاسم الذي يستحق أن يسمى به جهاز الأمن في الولايات المتحدة وأكثرها سرية،وظيفته القيام بالتنصت على جميع المحادثات والمخابرات والاتصالات بين جميع الدول والمؤسسات، عدد العاملين في هذا الجهاز كان عام 1975م( 120.000) مائة وعشرين ألفاً، أما الآن فلا أحد يعرف عددهم، وإن كان من المؤكد أن العدد قد تضاعف ربما أكثر من مرة، ولكي يأخذ القارئ فكرة تقريبية عن مدى أهمية هذا الجهاز، نقول إنه يأخذ 80% من الميزانية التي تخصصها الولايات المتحدة الأمريكية لمختلف أنشطتها الاستخبارية والتي كانت تقدر بـ27 مليار من الدولارات في العام الواحد.
                    وتم تشكيل هذا الجهاز الأمني في 24- 10- 1952م بأمر من هاري ترومان ـ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك ـ، ولم يعرف بأمر تشكيل هذا الجهاز لا الرأي العام الأمريكي ولا حتى الكونجرس، وكانت تعليمات الرئيس هي قيام هذا الجهاز بالتنصت على نطاق عالمي.
                    قام الجهاز في بداية الأمر بالتنصت على المخابرات التي تتم بالشفرات بين الدبلوماسيين، وكذلك بين الضباط من الرتب العالية في جميع أنحاء العالم، ثم شمل نشاط التنصت جميع المخابرات والاتصالات الجارية في العالم (سواء أكانت بالهاتف الاعتيادي أم بالهاتف النقال أم بالفاكس)، ولاسيما للأشخاص المهمين من رؤساء الدول والحكومات، والوزراء، والضباط، ورؤساء الأحزاب، ورجال الأعمال المهمين... إلخ، وهو يستخدم في هذا السبيل محطات التنصت المبثوثة في جميع أنحاء العالم (في القواعد والمطارات العسكرية، وفي السفن الحربية، والغواصات، والطائرات العسكرية، والأقمار الصناعية).
                    بعد مدة قصيرة من تشكيل (NSA) عام 1952م صدر تعميم سري يحدد مجال عمل وحدود نشاط كل من: (NSA) و(CIA) لكي لا يكون هناك أي تصادم أو تداخل بينهما، وبعد عام واحد جرى الشيء نفسه بين (CIA) وبين (FBI)، حيث سمح لـ(CIA) باستعمال الأجهزة الإلكترونية للتنصت شريطة عدم التصادم مع نشاط (FBI).
                    مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI):
                    ويعرف اختصارًا باسم إف. بي. آي، شعبة المباحث الرئيسية في وزارة العدل الأمريكية. فإن الأف.بي.آي هي التي تهتم بالأمن القومي الداخلي.
                    ويُطلق على المحقِّقين في هذا المكتب اسم هيئة المحققين الخصوصية، ويُشرف على مكتب التحقيقات الفيدرالي مدير، يعينه الرئيس بعد موافقة مجلس الشيوخ، ويقع مقره في المركز الرئيسي للمكتب في واشنطن في مقاطعة كولومبيا.
                    ويضم مكتب التحقيقات الفيدرالي ما يقارب ستين فرعًا في الولايات المتحدة وفي بورتوريكو، وخمسة عشر فرعًا آخر في بلدان أخرى. كما يضم المكتب نحو 22 ألف رجل وامرأة، منهم حوالي 9,400، يعملون في هيئة المحققين الخصوصية. وتبلغ ميزانية المكتب السنوية حوالي بليون ونصف بليون دولار أمريكي.
                    ويضم قسمُ الأحوال الشخصية التابع لمكتب التحقيقات أكبر مجموعة في العالم من بصمات الأصابع؛ حيث تحتوي ملفاته على 185 مليون بصمة منها بصمات لأكثر من 100 مليون مشتبه. وتساعده هذه البصمات على التعرف على نحو 55,000 من المشتبه فيهم. أما المعمل فيُعد من أفضل معامل الجريمة في العالم، حيث يقوم علماء مكتب التحقيقات الفيدرالي بفحص مايزيد على 900 ألف قطعة من الأدلة في كل عام، بما في ذلك الطلقات النارية ونماذج الكتابات اليدوية وآثار الإطارات. أما المركز القومي لمعلومات الجريمة فمُزَوَّد بنظام تخزين المعلومات في الحاسوب، حيث يُخَزَّن فيه نحو 20 مليون سِجِل تتعلق بأشخاص مشتبه فيهم أو بممتلكات مسروقة. ويقدم المركز معلومات وإجابات لنحو 605,000 استفسار وسؤال تصله في اليوم الواحد. ويُقدِّم المعهد التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي في كوانتيكو في ولاية فرجينيا تدريبات في الطرق المتقدمة لمحاربة الجريمة.
                    وبعد أن قام ترومان بإصدار تعليمات أعطت الـ(FBI) صلاحية التنصت على أي شخص فيما يتعلق بأمن البلد دون أخذ إذن من أحد أو من أي جهة، سرعان ما أدى استعمال هذه الصلاحية الواسعة إلى مشكلات كبيرة، كما استغلت استغلالاً سيئاً ضد العديد من المثقفين والكتَّاب ، الذين اتهموا بمساعدة الشيوعية، كما استغلت ضد معارضي حرب فيتنام، لذا قامت المحكمة العليا الأمريكية عام 1972م بإصدار قرار أبطلت بموجبه هذه الصلاحية، ومنعت التنصت دون إذن من المحكمة ـ على أي مواطن أمريكي ليست له علاقة مع القوى الخارجية.
                    ولكن هذا القرار لم يستطع أن يكون سداً ومانعاً لعمليات التنصت، فقد تبين عام 1973م أنه تم التنصت على ستمائة مواطن أمريكي، وعلى ستة آلاف أجنبي يعيشون في الولايات المتحدة، وكان ضمن هذه المكالمات المسجلة مكالمات للسيناتور روبرت كندي ـ الذي قُتِل عام 1988م مع سوم جينكانا، و الذي كان من أكبر رؤساء المافيا آنذاك..
                    وكالة المخابرات المركزية (CIA):
                    بينما يتركز نشاط وكالة (NSA) على التنصت الإلكتروني نرى أن وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) إضافة إلى قيامها بالتنصت تقوم بنشاطات وفاعليات تجسسية تعتمد على الأفراد، لذا يتم تدريب الجواسيس عندها على جميع الأنشطة التجسسية ولكن أهم نشاط لها وأهم مصدر للمعلومات عندها هو التسلل إلى مخابرات الدول الأخرى، وتصيد عملاء لها من بين أفراد تلك المخابرات، كما تقوم بتبادل المعلومات الاستخبارية مع الدول الصديقـة.
                    وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) تملك اقمار تجسس واجهزة حاسوب عملاقة في مدينة (فورت ميد - ماريلاند) تتنصت بها على جميع الاتصالات التي تجرى في العالم، وتصل بريطانيا الى جزء من هذه المعلومات وذلك لان مقر الاستخبارات البريطاني في شيلتنهام يساهم في جميع هذه المعلومات ويجمع بعضا من المعلومات التي يتم اعتراضها والتي تريدها اميركا من اجل اغراضها الخاصة.
                    أن من المعلومات التي حصل عليها الطلاب الإيرانيون عندما احتلوا السفارة الأمريكية بعيد ثورة ( الخميني) سنة 1979م أن المخابرات الأمريكية (CIA) كانت تدفع أكثر من 250 ألف مرتب شهري لعملاء في منطقة الشرق الأوسط وحدها و تتراوح مراكزهم من رؤساء دول إلى وزراء وقيادات حزبية وسياسية حاكمة ومعارضة على حد سواء وتتسلسل المراتب من العملاء , لتصل إلى تجار و فنانين وكناسين في الشوارع !!!. وتبلغ ميزانيّة الأجهزة الأمنيّة حوالي 30 مليار دولار يذهب عشرها إلى السي.آي.أيه. أما البقية فتذهب بمعظمها إلى التكنولوجيا الحديثة، والمتعلّقة بالتنصّت والفضاء والتصوير الجوّي.
                    ويترأس رئيس وكالة الاستخبارات المركزيّة صُوريّا هذه التركيبة الأمنية، وذلك لأن أهم ثلاث وكالات استخباراتيّة هي فعليّا تحت سيطرة العسكر، أو وزارة الدفاع والمتمثلّة بـ: مكتب الاستطلاع الوطني (NRO) والذي يهتم بصور الأقمار، والـ U-2. ووكالة التصوير والخرائط (NIMA). أما الثالثة فهي وكالة الأمن الوطنيّة (NSA) والتي تتنصّت على العالم أجمع استنادا إلى ما كتبه جيمس بامفورد في كتابه "كتلة من الأسرار" (BODY of SECRETS). يُضاف إلى هذا وكالة الاستعلام للدفاع.
                    كذلك هناك أجهزة أمنية تابعة لكل من الوزارات التالية: الخارجيّة، المال والطاقة. مع التذكير بأنه يوجد جهاز استخباراتي لكلّ اختصاص من القوى العسكريّة الأميركية يُطلق عليه تسمية -J2 .
                    إذن مع تركيبة معقّدة كهذه تتناقض في الصلاحيّات، يبدو أن العمل الأمني فاشلاً.
                    ومع أن الجهاز الأمني أو الوكالة الأمنية تتعاون مع وكالات مشابهة لها في إنجلترا، وكندا، ونيوزيلندا، وأستراليا ضمن نظام استخباري ضخم يُدعى (Echelon) إلا أن نشاطها وفاعلياتها لم تقتصر على التنصت على الاتحاد السوفييتي ودول حلف (وارسو)، بل تبين في عام 1960م أنها تنصتت على محادثات ومكالمات دول صديقة مثل فرنسا وإيطاليا.
                    يذكر انه لم ينكشف بعض فاعليات هذه الوكالة في الولايات المتحدة إلا عام 1975م عندما اعترف رئيس هذه الوكالة الجنرال (لوي آلن) أمام لجنة في الكونجرس بأنهم قاموا خلال أعوام 1967م ـ 1973م بالتنصت على مخابرات الآلاف من المواطنين الأمريكيين، كما أورد الكاتب الأمريكي جيمس بامفورد حقائق مثيرة عن الوكالة في (قصر اللغز Puzzle Palace)، حيث ذكر قيام الوكالة بالتنصت على المكالمات الشفرية للسياسيين والعسكريين، وقال: إن معدل الوثائق التي تصل إلى هذه الوكالة نتيجة نشاطها التجسسي يتراوح بين (50 ـ 100) مليون وثيقة كل عام، وأنه يتم حرق 40 طناً من الوثائق السرية يومياً.
                    وهناك الوكالات الحديثة مثل جهاز المخابرات الخاص بحماية المعلومات المخابراتية ورصد المعلومات التي يتم تبادلها عبر الأجهزة الإلكترونية وشبكات الكمبيوتر الذي يطلق عليه جهاز سايبر سيكبورويتي و أن هذا الجهاز يتبع أيضا لوزارة الأمن الوطني الداخلي وقد عين الرئيس بوش في نفس اليوم 13 آذار الجاري رئيسا له والضابط السابق في السي أي أيه ليسكوسكي ومساعدا لوزير الأمن الوطني الداخلي لشؤون حماية البنية التحتية والإلكترونية والكومبيوترية الأميركية من الاختراق والرصد.
                    ويذكر أن مجلس إدارة علوم المخابرا ت التابع ل سي أي أيه وهو مجلس يعنى بتطوير أجهزة التنصت والرصد الحديثة والفائقة الحساسية لا ستخدامها في مهام التجسس وجمع المعلومات.
                    في20 كانون الأول/ديسمبر، 2004- تقرر أن يشرف من يتولى منصب مدير الاستخبارات الوطنية الذي استحدثه قانون إصلاح الاستخبارات الجديد، على مجموعة مترابطة من الوكالات والمنظمات التابعة للسلطة التنفيذية والتي تعمل إما معاً أو كل على حدة.
                    وفي ما يلي بيان أصدره مكتب برامج الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية الأميركية يعدد هذه المنظمات الاستخباراتية ويوضح مسؤولية كل منها:

                    برامج الإعلام الخارجي
                    وزارة الخارجية الأميركية
                    استحدث قانون تعديل أجهزة الاستخبارات الأميركية منصب مدير للاستخبارات الوطنية يشرف على برامج عمل وميزانية أجهزة الاستخبارات الأميركية الخمسة عشر
                    فوفقاً لقانون إصلاح أجهزة الاستخبارات والحيلولة دون الإرهاب الاسلامي الذي أقره الكونغرس ووقعه الرئيس بوش محوّلاً إياه بذلك إلى قانون ساري المفعول، يتمتع المدير بسلطة استراتيجية لتحديد توجه موحد لجمع المعلومات الاستخباراتية والعمليات التي تقوم بها جميع أجهزة الاستخبارات، ويكون مسؤولاً عن جميع العمليات. كما يتمتع المدير بسلطة وضع وتحديد ميزانية الاستخبارات السنوية السرية.
                    وكان مدير الاستخبارات المركزية، الذي كان أيضاً مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، هو المسؤول في السابق عن تنسيق عمل أجهزة الاستخبارات الأخرى التي تشكل مجتمعة نظام الاستخبارات الأميركي، ولكنه لم يكن يتمتع بأي صلاحيات في مجال الميزانية أو التوظيف. أما الآن، فلم تعد سلطة التنسيق بين عمل الوكالات المختلفة من صلاحيات مدير الاستخبارات المركزية.
                    كما نص القانون الجديد على إنشاء مركز وطني لمكافحة الجهاد الاسلامي في العالم سيكون مسؤولاً عن تخطيط المهمات الاستخباراتية وعمليات مكافحة المجاهدين.
                    ولكن هيكلية الأجهزة الاستخباراتية الحالية، وهي مجموعة مترابطة من الوكالات والمنظمات التابعة للسلطة التنفيذية والتي تعمل معاً أو كل على حدة، ستبقى على حالها، أي كما تم إنشاؤها بموجب قانون الأمن القومي للعام 1947 للقيام بالنشاطات الاستخباراتية.
                    وتتضمن تلك النشاطات ما يلي:
                    -1 جمع المعلومات التي يحتاجها الرئيس ومجلس الأمن القومي ووزيرا الخارجية والدفاع وغيرهم من المسؤولين في السلطة التنفيذية لتأدية مهماتهم ومسؤولياتهم.
                    -2 إنتاج المعلومات الاستخباراتية وتحليلها وتوزيعها على صناع القرار؛
                    -3 جمع المعلومات والقيام بنشاطات لحماية الولايات المتحدة من أي نشاطات استخباراتية موجهة ضدها، وأي نشاطات إرهابية أو نشاطات دولية تتعلق بالاتجار بالمخدرات، أو غيرها من النشاطات المعادية التي تقوم بها سلطات أجنبية أو منظمات أو أشخاص أو عملاء لديهم ضد الولايات المتحدة؛
                    -4 النشاطات الاستخباراتية الأخرى التي يأمر الرئيس بالقيام بها.
                    وفي ما يلي لمحة عامة عن:
                    أجهزة الاستخبارات الجديدة:
                    1- المنظمات الاستخباراتية التابعة للجيش والبحرية وسلاح الطيران ومشاة البحرية (المارينز)، التي تقوم كل منها بجمع ومعالجة المعلومات الاستخباراتية المتعلقة باحتياجات كل منها.
                    2- وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وهي الوكالة التي تقدم معلومات استخباراتية خارجية حول مواضيع تتعلق بالأمن القومي لصناع القرار وواضعي السياسات الأميركية.
                    3-وكالة استخبارات خفر السواحل، وهي مسؤولة عن المعلومات المتعلقة بالحدود الأميركية البحرية والأمن الوطني.
                    4-وكالة استخبارات وزارة الدفاع، وهي الوكالة التي تقدم معلومات استخباراتية عسكرية موضوعية في الوقت المناسب لقادة مراكز قيادات مسارح العمليات الإقليمية وصناع القرار والمخططين للقوات المسلحة.
                    5- استخبارات وزارة الطاقة، وتقوم بتحليل معلومات عن الأسلحة النووية الأجنبية وانتشار الأسلحة النووية وقضايا استخباراتية مرتبطة بأمن الطاقة.
                    6- استخبارات وزارة الأمن الوطني، وهي الجهة التي تحول دون وقوع هجمات داخل الولايات المتحدة وتقلل قابلية تعرض الولايات المتحدة لعمل إرهابي، وتقلص الضرر الناجم عن مثل ذلك الهجوم إلى أدنى حد ممكن وتؤمن التغلب على أضراره في حال وقوعه.
                    7- استخبارات وزارة الخارجية:
                    وهي الجهة التي تحلل المعلومات التي تؤثر على سياسة الولايات المتحدة الخارجية.
                    8 - استخبارات وزارة المالية، وتقوم بجمع ومعالجة المعلومات التي قد تؤثر على سياسات الولايات المتحدة المالية والنقدية، والمعلومات المتعلقة بتمويل الجهاد.
                    --9مكتب التحقيقات الفدرالي، وهو الجهة المسؤولة عن مكافحة المجاهدين، على الصعيدين المحلي والدولي، ومكافحة الجاسوسية (أو القيام بنشاطات تجسس مضاد)، والمعلومات المتعلقة بقضايا جنائية دولية.
                    10- وكالة الاستخبارات الأرضية:
                    الفضائية القومية، وهي الوكالة التي تقدم معلومات استخباراتية جغرافية دقيقة الصحة في الوقت المناسب متصلة بشكل وثيق بموضوع الأمن الأرضي/الفضائي لدعم الأمن القومي.
                    --11مكتب الاستطلاع القومي، ومهمته تنسيق جمع وتحليل المعلومات التي تحصل عليها الأسلحة المختلفة في القوات المسلحة الأميركية من طائرات الاستكشاف والأقمار الصناعية الاستطلاعية (أقمار التجسس)
                    12 - وكالة الأمن القومي:
                    ومهمتها جمع ومعالجة إشارات معلومات الاستخباراتية الأجنبية توفير المعلومات للزعماء القوميين وقادة مراكز قيادات مسارح العمليات، وحماية أنظمة المعلومات الأمنية الأميركية من اختراقها.
                    13- مجموعة الاستخبارات الأميركية ( جميع مهمات وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة استخبارات وزارة الدفاع ووكالة الأمن القومي ومكتب الاستطلاع القومي ووكالة الاستخبارات الأرضية-الفضائية القومية بالاستخبارات. وعليه، فإن كل منظمة من هذه المنظمات تعتبر، برمتها، عضواً فيها.)
                    14- المنظمات الأخرى
                    فمسؤولة في المقام الأول عن عمليات وقضايا غير الاستخبارات، ولكنها تتحمل أيضاً مسؤوليات استخباراتية. وفي هذه الحالات، يكون ذلك الجزء المسؤول عن القيام بالمهمة الاستخباراتية هو وحده جزءاً من مجموعة أجهزة الاستخبارات الأميركية.
                    ويقول خبراء مخابراتيون انه منذ تولي الجنرال نجروبونتي مسؤولية الاشراف على الوزارة الجديدة للاستخبارات و تقديم البيان الاستخباري اليومي الموجز للرئيس الاميركي جورج بوش، أصبحت وكالة المخابرات المركزية التي كانت تحدد يوما فحوى محتويات التقارير مجرد مساهم الى جانب اخرين مثل وكالات الاستخبارات التابعة لوزارتي الخارجية والدفاع (البنتاغون). ويقول مسؤولون سابقون ان هذه التطورات اثارت تكهنات بان المخابرات المركزية قد تفقد مهمتها التحليلية بالكامل لصالح نجروبونتي وتصبح مكرسة فقط لجمع المعلومات.
                    من ناحية أخرى تشير التقارير الصحفية التى راجت فى الآونة الأخيرة إلى أن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد قد طور جهاز المخابرات الدفاعية وأعاد تفسير قوانين الدولة لتسمح له بالسيطرة على كافة أعمال الجاسوسية فى أمريكا، بحيث لا يتكرر ما حدث مع بوش حين خرجت أجهزة بأفكار وتحليلات لا تؤيد توجهات القيادة السياسية فى خصوص العراق وأسلحة الدمار الشامل.

                    النشأة والقيادة:
                    بعد ان امر بوش بإنشاء وزارة خاصة بالمخابرات، و مع الأدوار الجديدة و الرئيسية والمقررة للمؤسسات المخابراتية الجديدة يصبح من الضروري إجراء قراءة استرجاعية لسلوك الجهاز منذ حقبة السبعينيات وحتى اليوم. وهي قراءة سنتجاوز فيها التفاصيل المعلنة بسبب مرور ثلاثين عاما عليها ( وصلت إلى نهاية عهد نيكسون – مر عليها 30 عاما ) في المقابل فإننا سوف نركز على المؤسسات والشركاء والمتعاقدون مع الجهاز. ذلك أن هؤلاء هم صناع سياسة بوش الذي تحول إلى مجرد دمية متحركة بين أيدي الجهاز والمؤسسات التابعة له.
                    ونعود الى النصف الثاني من السبعينيات حين كانت وكالة الاستخبارات المركزية وبطانتها غير الرسمية من العاملين السابقين في الأجهزة السرية ومن العملاء القدامى، إضافة إلى أنصارها في مختلف قطاعات المجتمع الأميركي، عاملاً رئيسيا في تعزيز مواقع الجناح اليميني المحافظ في السياستين الخارجية والأمنية للولايات المتحدة الأميركية. حيث من المتعارف عليه دعم اليمين ( الحزب الجمهوري ) للمخابرات ولدورها. في مقابل معارضة الحزب الديمقراطي لهذا الدور مع عمله على تقليص صلاحياتها.
                    لقد قامت التجمعات المالية والصناعية في تكساس وكاليفورنيا، وبينهم عمالقة صناعة الأسلحة، وفريق وزارة الدفاع ، ومعهم المجتمع الاستخباراتي الذي تقف الوكالة على رأسه ،بحكم تقديمها لمعظم الأموال، بنقل ملايين الدولارات وتحويلها إلى مراكز البحوث الملحقة بها، مثل مؤسسة راند في سانتا مونيكا ( وهي التي أصدرت ما عرف بتقرير راند الذي وضع السعودية من أهداف الولايات المتحدة في المرحلة القادمة ومعهد هوفر المتخصص بشؤون الحرب، ومركز الثورة والسلام في بالو ألتو ، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة جورج تاون بواشنطن، ومعهد واشنطن للمشاريع التجارية، ومعهد التقنية في مساشوتس، وغيرها من المراكز البحثية، بهدف تطوير قاعدة فكرية تؤسس لسياسة قوة أميركية متجددة دون وجود أي من شروط واحتمالات ال " إذا " أو تبريرات أل " لكن" .
                    وفي عام 1973 دفع بارون جوزيف كورز joseph Coors إلى المدعو بول فيريتش Paul weyrich مبلغ 250 ألف دولار المطلوب كدفعة أولى لاستحداث "مؤسسة التراث" وهي عبارة عن مركز بحث خاص لترويج أفكار الجناح اليميني، وحتى قبل تسلم ورنالد ريغان منصب الرئاسة كانت هذه المؤسسة قد بدأت بتقديم توصياتها على نحو منتظم بشأن ضرورة توسيع سلطات أجهزة الاستخبارات.
                    ففي أواخر تشرين الثاني من عام 1984 طالبت مؤسسة التراث إدارة الرئيس ريغان بتنفيذ عمليات سرية شبه عسكرية في أفغانستان وأنغولا وكموديا وأثيوبيا وإيران ولاوس وليبيا ونيكاراغوا وفيتنام.
                    وفي إطار مؤسسة التراث هذه شكل فيريتش لجنة أسماها ب " لجنة بقاء الكونغرس حراً". بهدف تعزيز مواقع أعضاء الكونغرس اليمينين ، وبالتعاون مع ريتشارد فيجوري Ridchard viguerie (الذي كانت تستخدم مكاتب شركته الاستشارية الكائنة في ضاحية فولز تشرش قرب واشنطن كمراكز قيادة للحركة اليمينية الجديدة) وهارود فيليبس Hpward phillips (من مؤسسة مؤتمر المحافظين conservative caucus ) شكل فيريتش الحركة الشعبية المحافظة اليمينية المعروفة باسم الأكثرية الأخلاقية Moral Majority. كما تجدر الإشارة الى أن مشروع تصدير الديمقراطية للشرق الأوسط ( المعروف بمشروع باول للشراكة الاميركية الشرق أوسطية) قد أعلن في خطاب ألقاه لاول في هذه المؤسسة. الأمر الذي يعطينا فكرة عن الأدوار الوظيفية لهذه المؤسسة المدنية الطابع والإستخباراتية المضمون.
                    ولقد حاولت هذه الحركة حشد جماعات الضغط (اللوبي) من أجل إنجاح أعضاء الكونغرس اليمينيين. ومن أجل فوز اليمين في الانتخابات الرئاسية.
                    و يمكن مقارنة تشكيل مؤسسة التراث بتشكيل مركز الدراسات الدولية لدى معهد التقنية في ماساشوتس في عام 1951 والذي أنشئ أيضا بأموال وكالة الاستخبارات المركزية. ولا ننسى هنا أن استحداث مراكز البحث والدراسات الخاصة بالوكالة وتمويلها بالكامل سرا هو جزء من تقاليد الوكالة.
                    لقد تشكلت مؤسسة التراث في وقت قرر فيه العاملون داخل الوكالة ومن أطرافها اجتذاب تعاطف الجمهور أكثر باتجاه وكالة الاستخبارات المركزية وعملياتها السرية وتطوير استراتيجية استخبارية على المدى البعيد. وفي عامي 1973- 1974، أجبر عدد من ضباط الاستخبارات على الاستقالة أو هم استقالوا طواعية لكي يكرسوا أنفسهم لهذا الواجب. ثم التحق العديد منهم بجمعية ضباط الاستخبارات السابقين (ِAFIO ) وبمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS ) أوبمؤسسة التراث. وكان من بين هؤلاء الضباط ديفيد فيليبس David philips ( الرئيس الأسبق لقسم الجزء الغربي من الكرة الأرضية التابع لمديرية العمليات في الوكالة) الذي كان قد أسس لوبي المجتمع الاستخبارات متمثلا بجمعية ضباط الاستخبارات السابقين. التي سرعان ما انتسب إليها أكثر من 2000 ضابط استخبارات سابق كانوا قد انسحبوا من تسعة فروع من أجهزة الاستخبارات الأميركية. كما استقال راي كلاين Ray S Cline الضابط السابق في مكتب الخدمات الاستراتيجية (OSS) ونائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية بين عامي 1962- 1966 من عمله في مكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية في عام 1973 لكي يشغل منصبا قياديا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي تربطه صلات وثيقة بالوكالة. وكذلك ترك العديد من الضباط الوكالة (مع أنهم كانوا واعدين في مناصبهم) للالتحاق بمراكز البحث المخابراتية المموهة. وهكذا قدمت وكالة الاستخبارات الامريكية إسهامات فكرية كبيرة صبت في إطار المساعي التي كانت تبذلها الجماعات اليمينية المحافظة بهدف تعبئة القوى السياسية والرأي العام دعماً لجنوح الولايات المتحدة في السبعينيات نحو ممارسة أقصى حد من سياسة القوة والتدخل بشؤون الدول في العالم.
                    ومع الوقت تحولت وكالة الاستخبارات المركزية إلى مركز أكاديمي هام للبحث والتحليل وإلى راع للتوسيع في البحوث العلمية والتقنية. وعلى هذا الأساس قدم المئات من الكليات والجامعات والآلاف من العلماء خدماتهم للوكالة بهذا الشكل أو ذاك، فكانوا بذلك إما معتمدين عليها أو متأثرين بها أو منقادين إليها.
                    كان الهاجس الأوحد لوكالة الاستخبارات المركزية ينحصر في استخدام الصحافة ،داخل الولايات المتحدة وخارجها، بقصد التأثير والتوجيه والتلاعب بالرأي العام. ولكن مع تنامي إدراكها لما تتمتع به وسائل الإعلام من إمكانيات هائلة في التأثير على الجمهور. ورغبة منها في أن تزيد من فاعلية تضليلها الإعلامي الواسع النطاق سعت الوكالة ، ولا تزال تسعى ، لزرع عملائها في هيئات تحرير الصحف وفي دور النشر. بل أنها فوق هذا وذاك تقوم بشراء المزيد من دور النشر والصحف بشكل مباشر.
                    كما أن للوكالة علاقات متعددة الأوجه مع مجلات الرأي والفكر مثل "ببليك أوبيوين كومينتري ناشيونال" و " ناشيونال أنترست". حيث يذكر أن أرفنغكريستول ناشر مجلة ناشيونال انترست ،وأحد حاملي لواء الفكر اليميني الجديد في الولايات المتحدة، كان قد عمل في الخمسينيات رئيساً لتحرير مجلة " انكاونتر" الشهرية التي تمولها وكالة الاستخبارات المركزية .
                    ويرأس نورمان بودهوريتز تحرير مجلة "كومينتري" التي تهتم بالمهالجة التفصيلية للجوانب الاستراتيجية والتكتيكية للأنشطة الاستخباراتية. وهذا أيضا يتلقى أموالا من الوكالة.
                    ولا تنحصر علاقات الوكالة مع وسائل الأعلام بمجلات الرأي فقط. فقد أظهرت الدراسات التي جرت في السبعينيات حول العلاقات التي تربط الوكالة ببقية وسائل الإعلام. فتبين أن الوكالة كانت في فترات مختلفة إما مالكة أو ممولة لأكثر من 50 صحيفة ووكالة أنباء ومحطة إذاعة ومجلة أو لأنواع أخرى من وسائل الاتصال.
                    ومنذ أوائل الخمسينيات قام عدد من دور النشر وبعضها من الدور المشهورة بإصدار 250 كتاباً بالإنكليزية كانت كلها من تمويل وإنتاج الوكالة بالإضافة إلى إصدار أكثر من 1000 مطبوعة باللغات الأخرى. ولتنفيذ مشاريعها هذه قامت وكالة الاستخبارات المركزية وعبر حملات خاصة بتجنيد مئات الصحفيين الذي حافظوا على مواقعهم الصحفية ولكنهم أصبحوا عملاء مأجورين لها. في حين عمل ضباط الوكالة في الخارج كمراسلين أو كمحررين من خارج الملاك في المؤسسات الصحفية التي تملكها الولايات المتحدة. ولم تتوقف وكالة الاستخبارات المركزية عن ممارسة هذه النشطات أبداً، بل هي على العكس قامت بتكثيفها.
                    ولقد تم تصميم هذا الاندماج التكاملي بين وسائل الإعلام وأجهزة الاستخبارات بهدف تضليل البلدان الأخرى وحرف توجهاتها نحو تأييد السياسات الأميركية. وفي الوقت ذاته يساعد هذا الشكل من الاندماج في السيطرة على الرأي العام المحلي والخارجي وتوجيهه وفق ما هو مطلوب داخل الولايات المتحدة.
                    ففي أواخر السبعينات استخدمت الجماعات اليمينية الأمريكية مثل جماعة الأكثرية الأخلاقية مبدأ " إمكانية الرد " الذي تعمل على أساسه الدعاية السوداء للوكالة في الخارج من أجل خلق جو من القلق وانعدام الأمان لدى الشعب الأميركي. ويبين جون ستوكويل الرئيس الأسبق لبعثة الوكالة في أنغولا، في كتابه "البحث عن الأعداء " كيف قامت الوكالة بفبركة الأخبار في أنغولا وتسريبها إلى صحيفة واشنطن بوست وشبكات التلفزة الأميركية.
                    وتعتمد الوكالة الاستخبارات المركزية طرقا ملتوية أكثر فأكثر للتأثير في الرأي العام. فهي تستخدم من أجل ذلك علاقاتها مع مجموعات متعددة كمثل كنيسة التوحيد / الموونيون (التي يرأسها الكاهن صن ميونغ موون) ويزعم الموونيون أن عدد أتباعهم يصل إلى 28 بلدا في العالم وهم يسيطرون اليوم على 20 منظمة دولية تقريبا وعلى صحف واسعة الانتشار مثل "واشنطن تايمز" و"نيويورك تريبون" و"ميدل إيست تايمز" ويلعبون بذلك دورا رئيسيا في عمليات الوكالة الامريكية للاستخبارات في الداخل و عملياتها السرية في جميع أنحاء العالم. لا سيما ضد البلدان النامية. وتعود الصلات القائمة بين وكالة الاستخبارات المركزية وطائفة كنيسة الموونيين إلى الستينيات عندما أنشأت الاستخبارات الأميركية وكالة الاستخبارات الكورية KCIA في كوريا الجنوبية وطبقا لما يذكره المنفيون من كوريا الجنوبية فإن العضوية في كنيسة التوحيد تعتبر بحد ذاتها كتاب توصية للعمل في أجهزة استخبارات كوريا الجنوبية والعكس صحيح. أي أن كل ضابط في وكالة الاستخبارات المركزية الكورية هو قساً من أعضاء الطائفة.
                    و في تقرير مجلس النواب الأميركي في 31 تشرين الأول من عام 1978 حول طائفة الموون إشارة الى أن أهداف كنيسة التوحيد داخل الولايات المتحدة تتفق مع أهداف وكالة الاستخبارات المركزية الكورية إلى ذلك الحد الذي يصعب معه التفريق بينهما. ويعتبر الكولونيل بو هي باك BO HI PAK ( نائب صن ميونغ موون) أحد الشخصيات المفتاحية في الصلة القائمة بين وكالة الاستخبارات المركزية وكنيسة التوحيد. إذ يذكر أحد التقارير في مجلة "كريستيان سينتشري" الأميركية أن هناك أدلة تثبت وجود صلات للكولونيل باك مع الاستخبارات الكورية الجنوبية فضلا عن العلاقات التي تربطه بوكالة الاستخبارات المركزية. وليس باك الملقب بالقبطان الألهي هو الناطق الرسمي باسم طائفة الموون فقط، بل هو أيضا رئيس مؤسسة الحرية الثقافية الكورية. التي تعتبر خليفة لجنة آسيا الحرة وهي الإبنة غير الشرعية لوكالة الاستخبارات المركزية. والتي كانت عاملا أساسيا في الحرب النفسية التي شنتها الوكالة إبان الحرب الفيتنامية. وكان الكولونيل باك قد خدم لسنوات عديدة كملحق عسكري لكوريا الجنوبية في واشنطن. وهو يدير حالياً الأمبراطورية الصحفية العائدة لكنيسة التوحيد والتي تسيطر بدورها على عدد من الصحف الأجنبية مثل صحيفة التيماس نوتيسياس في الأرغواي .
                    من جهة أخرى تمكنت الوكالة من أن تصبح عامل قوة أساسي في رسم السياسة الأمريكية وذلك من خلال الصلات المتعددة التي تربطها بالسلطة التنفيذية والاقتصاد الأميركي ومؤسسات البحث المختلفة إضافة إلى صلاتها الوثيقة مع الإعلام .
                    وفي 30 كانون الثاني عام 1975 أدى جورج بوش الاب ( المنتمي إلى مجموعة أثرياء نفط تكساس) قسم توليه لمنصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية أمام الرئيس جيرالد فورد. وكان معنى ذلك من الناحية العملية استيلاء سياسي جمهوري على الوكالة بوضع اليد. فقد كان بوش قد عقد عزمه على توظيف إمكانيات الوكالة وقدراتها في دعم تطبيق سياسات يمينية محافظة ( عزم إستخدام القوة) في الداخل والخارج. وتمثلت إحدى أولى الخطوات التي اتخذها جورج بوش ،بوصفه مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية، في تغيير تقديرات محللي الوكالة. التي كانت تفيد بوجود توازن عسكري متقارب ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. ولهذه الغاية عين بوش مجموعة خاصة سميت الفريق B ليكون النظير المنافس للفريق A.المؤكد على وجود هذا التوازن.
                    وكان يقف على رأس الفريق B كل من "ريتشارد بايبس" و"بول نتز" و"وليام فان كليف" وتوصلت هذه المجموعة إلى النتيجة المرجوة. حيث أظهرت التحليلات بعد تدقيقها وتنقيحها أن الاتحاد السوفياتي قد أحرز تفوقا نووياً بسبب الثغرات القائمة في اتفاقيات الحد من التسلح. وفي سعيهم وراء الحقيقة أحجم رؤساء الفريق B عن التلاعب بالأرقام أو عن إساءة تفسير الحقائق بشكل (مفضوح) واضح. وانتشرت الأخبار داخل الولايات المتحدة وخارجها معلنة تراجع قدرات الولايات المتحدة العسكرية أمام قدرات الاتحاد السوفياتي. في حين راحت صحف عديدة داخل الولايات المتحدة وفي البلدان الحليفة لها وفي مناطق أخرى من العالم ترسم صورة قاتمة عن تدني منزلة القوة الأميركية.
                    وفي عام 1976 عندما أصبح كارتر رئيساً للولايات المتحدة أسست بعض الجماعات المحافظة ،مقلدة بذلك فريق بايبس، لجنة الخطر الماثل حاليا CPD لدعم الولايات المتحدة في مساعيها للوصول إلى مواقع اليهمنة والتفوق من الناحية الجيو السياسية. وهكذا تم ربط هذه اللجنة بمجموعة باكتل المحدودة ( برزت في طليعة الشركات الاميركية المستفيدة من إعادة إعمار العراق) ومعهد هوفر المتخصص بشؤون الحرب ومعهد الثورة والسلام ومؤسسة التراث ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وغيرها. ومن المستشارين المعروفين لدى لجنة الخطر الماثل نقرأ أسماء "روجر بروكس" و "أرماند دي بوركغرايف" Arman De Borchgrave و "ريتشارد ألان" Richard Allen والكثيرين غيرهم. وكان لهذا الفريق الدور الرئيسي في الحؤول دون إعادة إنتخاب كارتر والمجيء باليميني ريغان ليفتتح عهد القوة الأميركي الذي فشل كلينتون في إحتوائه. وهو فشل يعود الى الأقنعة المؤسساتية ،المذكورة أعلاه، التي يرتديها اليمين الأميركي المتطرف. وفي هذا تفسير لإستلاب إرادة الرئيس ووكر بوش وخضوعه لنجوم هذه المؤسسات البحثية المخابراتية.

                    الفصل الثاني
                    كيف يتم تجند الجواسيس
                    في وكالة الاستخبارات الامريكية؟
                    إن الاستخبارات الامريكية لايمكن لها ان تنجح في مهامها الا بواسطة أمرين:
                    1- تجنيد الجواسيس لاختراق الدول والمؤسسات والجماعات.
                    2- التصنت على الهواتف و اجهزة الكومبيوتر.
                    وهذا ما سنتناوله بالتفصيل.
                    و حتى نكون على علم بما تقوم به الCIA من عمليات قذرة سنتطرق وكيفية عمل أجهزة الاستخبارات الامريكية في مجال التجنيد .
                    فهناك ست خطوات اساسية لعملية التجنيد والاختراق هي كالاتي :
                    اكتشاف الجاسوس
                    هذه الخطوة تقوم على تحديد الاجانب من غير الامركيين وغيرهم من الاشخاص الذين يكونون مستعدين للتجسس لحساب الوكالة .
                    ويقوم رجل الاستخبارات الاختلاط مع السكان المحليين في البلد الذي يعمل فيه أملا في اكتشاف عملاء محتملين وهو يركز جهوده عادة على المسؤولين في الحكومة المحليةوعلى افرادالقوات المسلحة وممثلي دوائرالاستخبارات في البلدالمضيف ذلك لأن الاشخاص الآخرين اللذين يعملون في مهن اخرى حتى وان كانوا قابليين للتجنيد لا يطلعون عادةعلى المعلومات الاستراتيجية العاليةالمستوىالتي تسعىلها وكالةالاستخبارات المركزية ويعمل معظم رجال الوكالة في السفارات الامريكية لأن الستار الدبلواسي يوفرلهم الفرصة المناسبة للوصول الى اهدفهم عن طريق اعداد لا تحصى من المسؤوليين كما ان الاتصالات الاجتماعية التي تتميز بها حياة الدبلوماسي حتى وان كان دبلوماسيا وهميا يعمل لوكالة الاستخبارات المركزية تعطيه فرصة ذهبية للوصول الى الاهداف و البعثة الدبلوماسية وحدها هي التي تعطي الغطاء لموظفي الوكالة للعمل في اي بلد , وهناك وظائف رسمية اخرى تعطي مثل هذا الغطاء مثل وكالة المعلومات الامريكية والقوات المسلحة وغيرها كثير . وليس من الضروري لموظفي وكالة الاستخبارات المركزية ان تكون له صفة رسمية . اذ ان كثير من الذين يعملون لحسابها من طلاب او صحفييون او حتى قساوسة .
                    ويتلقى رجل الاستخبارات تعلميات تستند الى دراسات يقوم بها خبراء الوكالة او اساتذة الجامعات المتعاقدين مع الوكالة . حول نوعية الناس الذين يتأثرون بسرعة بدسائس الجاسوسية واسترتيجيتها و تتفاوت شخصية الجاسوس المحتمل بين بلد وبلد وبين حالة وحالة , غير انه تم تحديد اصناف معينه لأنواع العملاء السريعي التأثر الذين تفضلهم الوكالة , و المخبرون الذين تسعى الوكالة الى تجنيدهم اكثر من غيرهم هم المسؤولون الاجانب الغير راضيين عن سياسات بلدانهم واللذين يتطلعون الى الولايات المتحدة طالبين الارشاد منها والتوجيه منها مثل هؤلاء اكثر استعدادا لأن يكونوا عملاء اوفياء متفانين من اؤلئك الذين يكونون دافعهم الاساسي مادياً ,ولا شك في ان المال يساعد كثير في الحصول على معلومات وعلى الاخص في دول العالم الثالث ولكن الرجل الذي تستطيع وكالات الاستخبارات شرائه يشكل هدفاً للخصوم والعميل الذي يعتقد ان مايفعله يشكل هدفا ساميا, لان يكون في الغالب سهل الانقياد لإغراءات البوليس السري او ايه استخبارات معادية وهو كذلك اقل تأثرا بالشعور بالذنب وهو وما يرافقه هذا الشعور من انهيار نفسيا كثيرا ما يعرقل عمل الجاسوس ويعتبر العمل العقائدي (الخارج على حكومته داخل بلاده ) صيدا ثمينا للعاملين في الوكالات ومن المرشحين المحتلملين للتجسس عن لاؤلئك المسؤولين الذين يعيشون حياة باهضة النفقات ولا يستطيون المحافظة على مستواها عن طريق دخولهم العادية او اؤلئك الذين يعانون من ضعف لا يستطيعون التغلب عليه تجاه المال أو امام المشروبات المسكرة والمخدرات او جنس او حتى امام الابتزاز .
                    ولا يبحث رجل المخابرات دواما عن عملاء محتملين بين اؤلئك الذين يشغلون مناصب ذات اهمية . ويعتبر الطلاب عادة اهدافا قيمة في هذا المجال وعلى الاخص في بلدان العالم الثالث حيث يرتقي خريجوا الجامعات الى مناصب حكومية رفيعة بعد تخرجهم .
                    وتبدي وكالة الاستخبارات اهتماما خاصا في البحث عن عملاء داخل القوات المسلحة لأن العسكريين هم العنصر المتحكم في هذه البدان او السيطرة عليها . ومن هنا جاء التركيز على استخدام اساتذة الجامعات التي يكثر فيها الطلاب الاجانب وكذلك على مدارس القوات المسلحة ومعاهد التدريب التي تستقبل الضباط الاجانب في دوارت تدريبية مثل ( مدرسة قيادة الميدان ) في ( فورت لافنوودث ) بولاية تكساس .
                    تقييم الجاسوس
                    بعد اكتشاف الجاسوس المحتمل . تقوم الوكالة بدراسة دقيقة عنه لتقرير ما اذا كان سيصبح في وضع يستطيع معه تقديم معلومات مفيدة والخطوة الاولى في هذه العملية هي التدقيق في ماضي هذا الشخص بالرجوع الى اخبار مفصلة في رئاسة الوكالة في ( لنغلي ) التي انشأت ( بنك للمعلومات) بحسب وكالات الاستخبارات المركزية وهو يتضمن معلومات عن الملايين من الاشخاص . فاذا عثر على اي معلومات عن العميل المترقب تصل هذه المعلومات الى ضابط الميدان الذي يواصل في غضون ذلك دراسة احتمال التجنيد ويقوم بتحريات خفية لرسم الصورة الحقيقية عن هذا العميل وقد يوضع الجاسوس المرشح تحت المراقبة لمعرفة المزيد عن عاداته وآرائه . ثم تبدا دراسة دقيقة لمعرفة الدوافع وراء قبوله العمل كجاسوس وهل هي عقائدية او نفسانية أو مادية واذا لم يكن له مثل هذا الدافع فان الوكالة ستلجأ الى وسائل اخرى كالتهديد والضغط وعلى الضابط المسؤول عن عملية التجنيد هذه ان يقرر ان كان الجاسوس المترقب حقيقة ام انه عميل للعدو اي عميل مزدوج .و عند انتهاء فترة تقييم العميل التي قد تمدتد اسابيع او اشهرا تقرر رئاسة الوكالة بالتشاور مع عناصر الميدان ان كان يجب الاتصال مع العميل المرتقب كي يبدأ العمل . فاذا كان القرار ايجابيا فمن الطبيعي ان يتصل رجل من الوكاله من الخارج بالعميل المترقب ولا يتصل به عادة الرجل الذي اكتشفه او الذي قام بتقييمه او اي من رجال الوكالة المحللين زيادة في الحفاظ على رجال الوكالة والعاملين لحسابها ومتى وصل الرجل الذي سيقوم بالتجنيد الى المنطقة يقوم العاملون بترتيب اجتماع بينهم وبين العميل المرتقب ويتم تعريف هذا الضابط المجند ( بكسر النون ) الى الرجل الهدف وفقا لظروف يُعد لها اعدادا دقيقا تسمح لرجل الاستخبارات الذي قام بدور المعرف بالنسحاب بهدوء تاركا الضابط وحيدا مع العميل المحتمل . وقد تتخذ خطوات تحسبية توفر للضابط طريقا مأموننا للهرب في حال وقوع ما في الحسبان واذا حدث ان كان العميل المرتقب في صفوف المعارضة في بلده فان الضابط المجند ربما يبدأ في الحديث عن المبادئ التي يجب ان يلتزم بها المواطن نحو وطنه وعن ميول اخرى ايديولوجيةويقترح وسائل يمكن للرجل معها ان يساعد بلاده وشعبه عن طريق التعاون سرا مع دولة اجنبية خيرة.اما اذا ظهران العميل المرتقب يتميز بالضعف بالمال فان الضابط قد يضرب على هذا الوتر مؤكدا انه يعرف الطريق لكسب كميات كبيرة من المال بسرعة وبسهولة أما اذا كان العميل المرتقب يهتم بالسلطة او اذا كان واقعا تحت تأثير ( الجنس او المخدرات ) او اذا اراد الهرب من بلاده والابتعاد عن عائلته ووضعه الاجتماعي فان الضابط المجند يحاول ان يركز جهوده على هذه الحاجات البشرية وينصرف الى تقديم مقترحات تتعلق بكيفية يمكن ان يحصل على حاجته هذه عن طريق التعاون مع(رفقاء
                    معينيين ) ومن مهمة الضابط المجند تحديد السبب الذي يؤثر في العميل المرتقب واذااستنتجت الوكالة ان العميل يخشى التهديد والابتزاز ,فان تهديد مبطننا بفضحه قد يستخدم , يواجه العميل المرتقب في بعض الحالات بالبيئة التي قدتستخدم في فضحه , اذا هو تردد في العمل لحساب الاستخبارات وتسجيل المحادثة بين الرجلين في جميع الاحوال اما بواسطة جهاز تسجيل او باتباع وسيلة اخرى كالتصوير او التقاط بصمات الاصابع او اي شئ قد يشكل بينة قد تستعمل ضده وبعد ان يقبل العميل المرتقب عرض وكالة الاستخبارات او يستسلم للتهديد يخوض الضابط المجند في تفصيلات الترتيبات فيعرض عليه راتب مغريا بين500دولار او1000دولار في الشهر كل حسب وضعه الاجتماعي يدفع جزء منه نقدا والباقي يوضع في حساب سريا امريكيا او سويسريا ويعود السبب في ذلك الى محاولة منع العميل من تبذير الاموال من جهة و كي لا يلفت انظار جهاز الامن المحلي والى احكام القيد على الجاسوس من ناحية اخرى يتعهد الضابط المجند بأن تضمن وكالة الاستخبارات سلامة العميل وافراد عائلته في حالة تعرضه لمشاكل مع البوليس وتحقيق هذه الوعود تتفاوت تفاوت كبيرا اذا يتوقف على نوع المهمة وشخصية ضابط الوكالة المسؤول ومعظم هؤلاء الضباط يحنثون بوعدهم في معظم الاحيان, ويحاول الضابط المجند حمل العميل الجديد لدى موافقته العمل مع وكالة الاستخبارات ان يوقع قصاصة ورق تربطه رسميا وبوضوح مع الوكالة وهي عقد عمل يمكن استعماله في وقت لا حق لتهديد العميل الذي يقوم بفضحه اذا هو توقف عن العمل . والمهمة الاخيرة من الضابط المجند هو التهيئة للجتماع بين العميل الجديدورجل الوكالة العامل في تلك البلاد الذي سيكون مسؤولاً عنه و كثيرا ما ينطوي هذا على اشارات متفق عليها سلفا ومن الاساليب المتبعه مثلا اعطاء العميل زرارين معينة ويقال له ان رجال يحملوا زرارين مماثلين سيقتربو منه او اعطائه كلمة سر ويقال له ان ضابطه سيستلمها في وقت لاحق لتعريف نفسه اليه . وحين يتم هذا كله يترك الضابط المجند الاجتماع ويغادر البلاد بأسرع ما يكون.
                    تجربة الجاسوس:
                    ومتى جُند العميل يذهب الضابط المسؤول الى اختبار ولائه ومدى الاعتماد اليه فيعهد اليه في مهمات معينة تعطي له في حالة تنفيذها تكون الدليل على ولائه و اخلاصه كما تبرهن على قدراته وقد يطلب الى العميل مثلا جمع معلومات عن موضع يُعرف انه سبق للوكالة ان حصلت على معلومات كثيرةعنها , فان لم تتفق المعلومات التي يأتي بها مع المعلومات المتوفرة لدى الوكالة , فيفسر ذلك بأن العميل اما ان يكون مزدوجا يحاول ان يخدع ضابطه او انه مصدر ضحل للمعلومات يحاول ان يرضي رئيسه الجديد ويظل العميل خلال فترة الاختبار تحت مراقبة دقيقة ترصد معها حركاته وسكناته ويطلب الى العميل بالأضافة كل ما تقدم ان يخضع لجهاز لكشف عن الكذب .يقول احد هؤلاء الخبراء ان اختبار العملاء الاجانب يتطلب مهارات اكبر من تلك التي يتطلبها استجواب الامريكيين الذين يبحثون في توظيفهم في الوكالة فقد وجد هذا الخبير ان الامريكيين صريحون عادة ويمكن التكهن نسبيا بتجاوبهم مع الاختبار مما يجعل من السهل نبذ اؤلئك الذين لا يرتقون الى المستوى المطلوب . ولكنه يقول ان اختبار العملاء الاجانب اصعب بكثير اذا يجب تعديل طريقة الاستجواب حيث تستوعب فيها الفروق الثقافية كما تستوعب فيها حقيقة اخر ى مثل ان العميل سيقوم بعمل سري غير مشروع وشديد الخطر .
                    تدريب الجاسوس
                    عندما تنتهي عملية اختبار العميل يبدأ تدريبه للمهارات الخاصة التي يطلبها عمله كجاسوس ويختلف نو ع التدريب ومكانه وطبيعته باختلاف ظروف العمليةويكون التدريب السري في بعض الحالات دقيقا , وقد يفتقر في حالات معينة الى العتاد اللازم فيترك للعميل حرية العمل معتمدا على غريزته وموهبته وعلى كفاءة ضابطه وسعة اطلاعه .
                    واثناء فترة التدريب يُعلم العميل طرق استعمال الاجهزة والآلات التي قد يحتاج اليها كجهاز تصوير دقيق مصغر لإلتقاط صور الوثائق ووسائل الاتصالات السرية والكتابة السرية وغيرهما وقد يلتقي بعض العملاء تدريبا خاصا في استعمال اجهزة استراق السمع او استخدام الحلقة السرية المتسلسلة للإتصالات وتقتضي عملية التدريب عزلة العميل لمدة ايام او اسابيع بعيدا عن اهله ومجتمعه ويطلب اليه في هذه الحالة اختلاق المبررات لغيابه هذا. وتوجد قواعد تدريب خاصة للمجندين معزولة عن كل النشاطات الاخرىفي كامب بيري ( المزرعة ) في جنوب ولاية فريجينيا .
                    وخلال فترة تدريبه يلمس الجاسوس كفاءة اجهزة الوكالة وفعالياتها كما يعيش في جو من التلاحم بين العملاء المحترفين وهذا ما يساعده على اقناع نفسه بأنه اصبح يواجه حياة افضل من حياته السابقة.
                    تشغيل الجاسوس
                    هناك طريقتان في العمل السري يمكن تطبيقها على عمليات التجسس التقليدية وعلى عمليات العملاء بوجه عام وهما التصالات السرية والاتصالات المباشرة وعلى الضابط المسؤول ان يقيم رسائل مأمونة للإتصال بالعميل والا انعدمت وسيلة يتبقى بواسطتها المعلومات التي يحصل عليها العميل ويزود بواسطتها بالتعليمات والتوجيهات اللازمة وتستخدم طرق مختلفة بين اونة واخرى للحد من احتمالات القضاء على العملية ولا توجد انظمة ثابتة او قواعد تتحكم في الاتصال بالعميل السري كما هي الحال في لعبة التجسس بأسرها فما دامت الاساليب المستعملة مأمونة وتفي بغايتها فان للضابط المسؤول حرية الابتكار .
                    ويفضل كثير من العملاء نقل معلوماتهم شفويا الى الضابط المسؤول ذلك لأنهم يرون ان ذلك اكثر امنا وسهولة من تضمين هذه المعلومات اوراقا رسمية او استخدام اجهزة تجسس قد تدينهم بالجريمة اذا اكتشفتهم السلطات المحلية ولكن وكالة الاستخبارات تفضل الوثائق لإمكانيةالتدقيق فيها والتأكد من مدى اخلاص العميل ويرى عملاء آخرون ان يكون اتصالهم الشخصي بالضابط المسؤول ذلك لأنهم يرون أن كل اجتماع سري يعرضهم الى الافتضاح وبالتالي الى السجن او ما هو اسوء من ذلك ويفضل مثل هؤلاء الاتصال فقط بأساليب غير مباشرة او بوسائل ميكانيكية ولكن وكالة الاستخبارات تصر على المحافظة اتصالاتها الشخصية بين الضباط وعملائهم الا في الحالات التي تنطوي على خطورة ذلك لأنه لابد من تقييم ولاء الجاسوس ومدى اندفاعه في العمل في اجتماعات تعقد بين آونه واخرى .
                    وكلما اجتمع الضابط المسؤول مع عميله كلما تعرض لخطر ملاحقتهما من جانب قوى الامن المحلية او من جانب استخبارات معادية وللتخفيف من هذه المخاطر تستخدم في معظم الأحيان وسائل غير مباشرة للإتصال وعلى الاخص عند نقل معلومات من العميل الى الضابط المسؤول من الطرق القياسية واستخدام شخص ثالث يعمل وسيطا وقد يكون هذا الشخص عالما بالأمر او غير عالم وقد يكون عميلا آخر وقد يكون مقيما في بلد آخر او من الضابط المسؤول تم نقلها الى آخريين دون ان يعلم شيئا عن محتواها وهناك اسلوب آخر هو نوع من صندوق البريد يسمى الصندوق الميت ( ومن بين الاماكن التي استعملت صندوق بريد في عملية سرية الفراغ القائم وراء انابيب التدفئة المركزيةامام مدخل احدى الشقق في ثكنة عسكرية في موسكو )ويقتصر الامر على ان يقوم العميل بوضع مادة المعلومات في صندوق البريد في موعد سبق ترتيبه من جانب الضابط المسؤول او الشخص الثالث الذي يستخدم لهذه الغاية .
                    ثم ان هناك اسلوب يستعمل كثيرا هو اسلوب الاحتكاك اذ يلتقي بموجبه العيل او الشخص الثالث بالضابط المسؤول او الشخص الثالث الذي يستخدم لهذه لغاية .
                    وبعد ثورة الاتصالات خصوصا بعى انتشار الانترنت و البريد الالكتروني تيسر الاتصال مع العملاء من دون خطورة علي حياتهم.
                    وعلى الرغم من ان الضابط المسؤول كثيرا ما يستخدم اسلوب الاتصال الغير مباشر فان عليه ان يهيء اجتماعات شخصية مع عميلين بين حين وآخر عندما يتم لقاء سري في باص او منتزه او مطعم فان رجال استخبارات آخرين يقومون بدور المراقبة كاجراءات وقائي ضد الخصوم الذين يحاولون التقاط المحادثة و التدخل فيها ويعرف هذا في عالم التجسس (بالمراقبة المضادة ) ويمكن للضابط او العميل او اي فرد من فريق المراقبة الاشارة على الآخرين بالمضي قدما في الاجتماع او تفادي كل اتصال او الغاء الاجتماع وتستخدم بيوت مأمونه ( تحتفظبها الوكالة ) مكانا للإجتماعات مع العملاء وتسمى البيت الامن.
                    وتتوقف المعاملة على قوة العلاقة التي يستطيع الضابط المسؤول اقامتها مع العميل يقول رجل استخبارات سابق في الوكالة ان على الضابط المسؤول ان يجمع بين مؤهلات الجاسوس الكامل وطبيب الامراض العقلية وكاهن الاعتراف هنا تواجهك نظريتان سائدتان داخل الوكالة الاستخبارات المركزية فيما يتعلق بأفضل الوسائل في معاملة العميل فوجهة النظر الأولى تقول : ان على الضابط المسؤول ان يقيم علاقة شخصية وقوية مع العميل ويقنعه بأنهما يعملان معا لتحقيق هدف سياسي مهم . ويوفر مثل هذا الاسلوب قوة دافعة قوية تشجع العميل على ركوب المخاطر في سبيل صديقه غير ان معظم كبار رجال الوكالة يعتقدون ان هذه الطريقة تنطوي على خطر قيام ارتبط عاطفي بين الضابط المسول وعميله قد تسبب في بعض الاحيان في ان يفقد رجل الاستخبارات الموضعية التي تتطلبها مهنته . اما وجهة النظر الثانية فتنادي بأن على الضابط المسؤول في الوقت الذي يتظاهر فيه بالاهتمام شخصيا ان يعامله معاملة بعيدة عن الرحمة والتساهل اذ ان ما يهم الضابط المسؤول هو النتيجة والنتيجة فقط فهو يدفع بالعميل الى اقصى الحدود املا بالحصول منه على اقصى ما يمكن من معلومات على ان لهذا الاسلوب نقائص ايضا ذلك لأنه ما ان أدرك العميل انه موضع استغلال من ضابطه حتى تتقلص همته بسرعة.
                    إن المخاطر وجو التوتر اللذان يترتب عليهما العمل وفي ظلهما يكون العملاء متلقلبين من ذوي النزوعات ويصعب التكهن بما يدور في خلدهم ولذاك فان على الضابط المسؤول ان يكون واعيا لأي دليل يشير الى عملية تعرضه للإنزعاج او الى انه لا يقوم بعمله كما يجب وعلى الضبط ان يستخدم اسلوب التملق والتهديد واسلوب الايديولوجيه والمال والارتباط العاطفي والقسوة لكي يبقى العميل نشيطا في عمله .
                    سافر ( بنكوفسكي ) وهو جاسوس امريكي في موسكو سافر مرتين الى خارج الاتحاد السوفياتي في مهمة رسمميةكبيرة كعضو في وفد حضر معارض تجارية نظمت برعايةالاتحاد السوفياتي وتمكن في هاتين المرتين في لندن ثم باريس من الافلات من زملائه السوفيات لتلقي التوجيهات من ضابط بريطانيين وامريكيين وطلب خلال احد الاجتماعات في لندن مشاهدة الزي العسكري للجيش الامريكي ولم يكن احد من رجال الاستخبارات الامركييين او البريطانيين يتوقع مثل هذا الطلب ولكن ضابطا سريع البديهة قال ان زي الجيش الامريكي موجود في بيت امين آخر وان التوجه الى هناك والعودة يستغرقان بعض الوقت . وقد هدأ الجاسوس مؤقتا وارسل احد الضباط المسؤوليين في الوكالة للبحث عن زي كولونيل يشاهده الجاسوس وبعد ان امضى هذا الضابط في شوارع لندن حوالي ساعتين بحثاعن لباس ضابط برتبة كولونيل يناسب جسم( بنكوفسكي ) عادومعه الزي الذي تسلمه الجاسوس بكل امتنان وتقدير .
                    وكانت وكالة الاستخبارات المركزية في الخمسينات قد جندت ضابط استخبارات من اوروبا الشرقية في ( فيينا) كان دافعه مثل (بنكوفسكي ) عقائديا في اساسه ومع انه وعد براتب كبير ( وبعلاقة حسنة عند انتهاء العملية التي يلجأ بعدها الى الولايات المتحدة ) فان الضابط المسؤول عنه امتنع عن دفع اية مبالغ مباشرة له في فيينا حتى لا يلفت انظار الخصوم اليه وقدر العميل الحاجة الى مثل هذه الاحتياطات ولكنه اثار قيامه بعملية التجسسس دون ان يبين لماذا يريدالمال وقداتضح اخيراان استمرار العميل يتوقف على حصوله على المال الذي طلبه وبعد ان تشاور هذا الضابط مع مدير المحطة ومع الرئاسة تقرر نهائيا ركوب هذا المركب الخطر واعطى العميل المال املا منه بأنه لن يقم بعمل طائش ينطوي على خطورة وكم كانت خيبة امله عندما وجدوه في نهاية الاسبوع التالي يروح ويغدوا في نهر الدانلوب في زورق تجاري اشتراه وبعدذلك ببضعة ايام جابهه الضابط هوطلب منه التخلص من القارب لأنه لا يمكن لرجل مثله يعيش في ظروف قاسية ان يشتري مثل هذا القارب من راتبه وحده وووافق العميل على ذلك قائلا انه كان يحلم منذان كان صغيرابأن يملك قاربااما الآن فقد تبخر ذلك الشوق وهو مستعد تماما للتخلي عن القارب.
                    وثمة مشكلة كبيرة في معاملة العميل تنجم عن تغيير الضابط المسؤول ويترتب ووفقا لسياسة وكالةالاستخبارات المركزية التي تقضي باستخدام الستارالدبلوماسي والرسمي لجميع رجالها العاملين في الخارج ان ينقل الضباط المسؤليين الذين يتسترون كدبلوماسيين امريكييين او مسؤووليين في وكالة الانباء الدولي او كممثليين لوزارة الدفاع الى بلد اجنبي آخر او الى رئاسة في واشنطن مرة كل سنتين اواربع سنوات كما هي الحال مع جميع المسؤوليين في الدوائر الرسمية الحكومية . ويقوم الضابط المسؤل المنقول بتعريف الضابط الذي سيخلفه الى جميع عملائه قبل سفره ولكن العملاء يترددون حينذاك في العمل مع رجل جديد ذلك لأنهم لا يميلون بعد ان اقاموا علاقات مقبولة مع ضباط مسؤول الى التحول عنه الى غيره ويزداد هذا التردد في كثير من الأحيان بسبب تعيين الوكالة ضباطا صغار السن لإدارة عملاء قدامى اثبتوا اخلاصهم وولائهم وبهذه الطريقة يستطيع رجل الاستخبارات الجديد ان يكسب خبرة من عملاء لا يحتاجون الى توجيه وخلاصة القول ان معظم العملاء يشعروا بأن التعامل مع ضابط تنقصه الخبرة يزيد في احتمالات القضاء على العملية ولهذا فان عملية تغيير الضابط المسؤول يمكن ان تكون شائكة ولكنها لن تؤدي الى الاضرار باي عملية مقررة وقدتتفادى الوكالة في حالات معينة وخاصة في العمليات الحساسة مسألة تغيير الضابط المسؤول عنها لرغبات عميل له مكانه عالية .
                    انهاء التعامل مع الجاسوس
                    لابدلكل عملية سرية من نهاية ( العمليات التي تعتمدعلى نشاط العملاء ) قصيرة الامد وكثيرا ما تنتهي بصورة مفاجئة فقد يموت العميل لأسباب طبيعية او نتيجة لحادث . وقد يعتقل ويسجن او ربما يعدم . وفي مثل هذه الحالة ينصب اهتمام رجال الوكالة على حماية مصالح مؤسستهم ويكون هذا عادة بانكار كل زعم بأن ذلك الرجل كان عميلا سريا للحكومة الامريكية ( تضطر الوكالة نفسها في بعض الاحيان الى انهاء العملية ( التخلص من العميل ) وقرار انهاء العملية انما يتخذه رئيس المكتب في البلد الذي تجري فيه العملية بموافقة رئاسة الوكالة وقد يعود السبب في انهاء كل علاقة مع العميل الى فقدانه سبيل الوصول الى الأسرار التي تريد الوكالة الحصول عليها او الى عدم الاستقرار العاطفي او عدم الثقة مما يهدد العملية بالفشل او يؤدي الى هتك حجاب السرية وهناك سبب آخر ربما كان اهم هذه الأسباب مسألة عدم الركون سياسيا الى الرجل ذلك حين يشتبه بأنه عميل مزدوج او انه اصبح كذلك او بات فريسة لاستخبارات الخصم .
                    ويمكن شراء العميل العديم الفائدة وغير المستقر اذا اقتضت الضرورة ثم اسكاته عن طريق التهديد .
                    جواسيس مابعد 11سبتمبر:
                    كشفت مجلة "التجسس العالمي" الأميركية في تقرير لها أن هناك فرقة تسمى (SAD) يجري تدريبها في "كامب بيري" وهو معسكر قرب وليام سبورغ (فرجينيا) يشكل مركزاً للتدريب الخاص ب"السي آي أي" إضافة إلى بوينت هارفي في نورث كارولاينا.
                    ويؤكد جيفري ريشيلسون، الكاتب المؤرخ الذي اختص بتاريخ التجسس، أن هذه الفرقة (SAD) تقوم بمهام متنوعة وهي تضم بعد إنشائها حديثاً، 200 ضابط تم تقسيمهم على شكل مجموعات عدة هي: مجموعة العمليات الخاصة، مجموعة تدريب الأجانب، مجموعة الدعاية والعمل السياسي المختصة بمعالجة المعلومات ونشر المعلومات المطلوبة، مجموعة الكومبيوتر التي تختص بحرب المعلوماتية، ومجموعة هيئة إدارة الممتلكات (PMS) التي تختص بترتيب تأسيس شركات تجارية أو شرائها وإعداد المكاتب التي تمنح غطاءً مناسباً لضباط فرقة (SAD) .
                    ويجري تجنيد هؤلاء الضباط من بين العسكريين الذين تقاعدوا أو استقالوا من الجيش، وخصوصاً من العسكريين في "قوة دلتا"، ومن العسكريين الذين عملوا خارج الولايات المتحدة في مهام خاصة.
                    هناك توصية واضحة إلى الإدارة الأمريكية تقضى بأن تقوم وكالة الاستخبارات الأمريكية فى عهدها الجديد، وبعد تطهيرها من الدماء الفاسدة لشخصيات مخضرمة، بمحاكاة دقيقة وحرفية لنظام عمل الجماعات الإسلامية الجهادية، كأن تقيم الوكالة جمعيات للبر والتقوى ومنظمات لجمع التبرعات والهبات ومؤسسات تربوية إسلامية تتجمع فى داخلها وحدات وفرق من أعداد صغيرة من ضباط مخابرات يتحدث أعضاؤها اللغات المحلية ويمارسون شعائر الدين الإسلامى وتتولفر فى كل منهم حماسة وإيمان بالمهمة المكلف بها تماماً كحماسة عضو الجماعة الإسلامية الجهادية . خلاصة القول، ينتهى نظام العمل بضباط مخابرات متنكرين كرجال أعمال أو صحفيين أو رجال دين ويبدأ نظام العمل بضباط شبان يسعون نحو المغامرة والمخاطرة بحياتهم ويرتدون ثياباً إسلامية ويمارسون شعائر المسلمين إن دعت الحاجة لإتقان التخفى، أى يذوبون فى المجتمعات الإسلامية والعربية. هكذا لن يحتاج العمل الاستخباراتى إلى خطة عظمى يقرها رئيس الدولة أو الكونجرس وربما لا يحتاج إلى جهاز استخباراتى فى واشنطن يخطط عن بعد. فلكل فريق أو وحدة فى الميدان خطة تتجدد يومياً حسب التطورات ولا تخضع لترتيبات من جهة عليا إلا بقصد إطلاع القائد العسكرى الأمريكى الذى يقع ميدان عمل الوحدة المصغرة بها ضمن اختصاصه.
                    ان الاعلانات المستمرة عن العروض السخية التي تقدر بالملايين للبحث عن قيادات اسلامية ماهي الا احدي الوسائل الحديثة للتجنيد في وكالة الاستخبارات الامريكية.

                    الفصل الثالث
                    أسلحة الاستخبارات الامريكية
                    كيف تقوم الاستخبارات الامريكية بالتنصت على الاتصالات ؟

                    الأقمار الصناعية:
                    أرسلت الولايات المتحدة أول قمر صناعي للتنصت في نهاية عام 1976م زادت قدرة وإمكانات وكالة (NSA) في عمليات التنصت على جميع الأجهزة السلكية واللاسلكية للاتحاد السوفييتي، وبلدان أوروبا الشرقية، أما في التسعينيات فقد بلغ عدد الأقمار عدة مئات.
                    وهذه الزيادة في عدد الأقمار التجسسية كان ضرورياً لمواكبة الزيادة الكبيرة، بل الانفجار في عدد الهواتف ووسائل الاتصال الحديثة، ففي عام 1987م كان عدد الهواتف الموجودة في العالم كله يبلغ 447 مليون هاتف، ولكن هذا العدد طفر في تسع سنوات فقط إلى 741 مليون هاتف، هذا عدا وسائل الاتصالات الأخرى، وبلغ مجموع المكالمات الهاتفية بين الولايات المتحدة وكندا وحدها في عام 1996م رقماً خيالياً وهو خمس مليارات ومائة وسبعة ملايين دقيقة، والخط الثاني من ناحية كثافة الاتصالات الهاتفية هو خط (الصين ـ وهونج كونج)، إذ بلغ مليارين وسبعمائة وستةً وخمسين مليون دقيقة.
                    وتمثل الأقمار الصناعية ربما أهم طرق التجسس في الوقت الحالي، ويمثل التواجد الأمريكي في الفضاء الخارجي حوالي 90% من المواصلات الفضائية. هناك أنواع عديدة من الأقمار الصناعية؛ فهناك مثلا الأقمار الخاصة بالتقاط الصور والتي تمر فوق أية نقطة على الكرة الأرضية مرتين يوميا. تتراوح قدرة التبين لهذه الأقمار ما بين 10 سنتيمترات إلى حوالي متر واحد.
                    وقد حدثت تطورات هامة في تكنولوجيا تحليل الصور الملتقطة بحيث أصبح من الممكن تكوين صورة ثلاثية الأبعاد تبعًا للمعلومات القادمة من الفضاء الخارجي والتي استخدمت عام 2001 في تزويد الطيارين بالمعلومات اللازمة عن الأهداف في أفغانستان، كما تستخدم في اكتشاف نقاط ضعف المناطق الواقعة تحت حراسة مشددة والتابعة لكبار تجار المخدرات من أجل اقتحامها.
                    هذا بالإضافة إلى وجود ملف كامل من هذه الصور ثلاثية الأبعاد لدى الحكومة الأمريكية تقوم بتوضيح جميع مصانع الأسلحة العراقية، والتي كان يتم عرضها على فرق التفتيش قبل سفرها إلى العراق.
                    وباستطاعة هذه الأقمار أيضا الرؤية عبر السحب وليلا، بل وباستطاعة بعضها اكتشاف التحركات القائمة تحت سطح الأرض!!، وكلنا ما زلنا نتذكر قدرات الأقمار الصناعية الأمريكية التي اكتشفت المقابر الجماعية المحفورة حديثا، والتي استخدمتها الناتو كأحد أدلة التطهير العرقي الذي قام به الصرب ضد ألبان كوسوفا.
                    هناك نوع آخر من الأقمار الصناعية تقوم بالاستطلاع الإلكتروني، وربما أبرزها هي شبكة التجسس "إيتشالون" والتي تم الحديث عنها من قبل القادرة على اعتراض ملايين الاتصالات التليفونية ورسائل الفاكس والبريد الإلكتروني يوميا من العالم أجمع. ومع أن الشبكة تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الدول الناطقة بالإنجليزية بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا تشترك معها فيها.
                    وقد صممت شبكة "إيتشالون" بعد انتهاء الحرب الباردة للكشف عن خطط الجهاديين وتجار المخدرات والاستخبارات السياسية والدبلوماسية. وقد قام الاتحاد الأوروبي العام الماضي باتهام الحكومة الأمريكية باستخدام الشبكة من أجل التجسس الصناعي.
                    وقامت الدول المشاركة في الشبكة بإنشاء محطات أرضية للاعتراض الإلكتروني، وبإنشاء أقمار صناعية لالتقاط جميع الاتصالات للأقمار الصناعية والموجات الصغرى والاتصالات الخلوية واتصالات الألياف الضوئية. تقوم الشبكة بتفنيد الإشارات المعترضة في كمبيوترات ضخمة تسمى بالقواميس، والمبرمجة على البحث في كل اتصال عن كلمات أو عبارات أو عناوين أو حتى أصوات معينة ومستهدفة. كل دولة من الدول المشاركة في الشبكة مسئولة عن مراقبة جزء معين من الكرة الأرضية.
                    هناك بالإضافة إلى هذين النوعين من الأقمار الصناعية أقمار الإنذار المبكر، والتي تكتشف إطلاق الصواريخ من أراضي العدو، وأقمار اكتشاف الانفجارات النووية من أجل متابعة التجارب النووية للدول المختلفة.
                    الطائرة الجاسوسية
                    هي من نوع EP-3E ARIES II تعتبر جوهرة تاج البحرية الأمريكية من حيث قدرتها على جمع المعلومات شديدة الحساسية؛ فتلك الطائرة محمّلة بأجهزة استقبال وهوائيات قادرة على اعتراض وتحليل الاتصالات اللاسلكية العسكرية والمدنية، بالإضافة إلى الأنواع الأخرى من الاتصالات الإلكترونية من بريد إلكتروني وأجهزة فاكس واتصالات تليفونية، ويمكن للقوات الأمريكية من خلال تحليل هذه الاتصالات التعرف على خطط وتحركات القوات الصينية حالة السلم والحرب.
                    هذه الطائرة التي تتكلف 36 مليون دولار قادرة على الطيران لما يزيد عن اثنتي عشرة ساعة ولمسافة 3000 ميل بحري، أي ما يوازي 5555 كيلومترا. ويوجد من هذا النوع حوالي 12 طائرة لدى البحرية الأمريكية وتتسع لـ24 فردًا هم طاقم الطائرة الكاملة ما بين طيارين وتقنيين. والطائرة بها أربعة محركات وطولها 32.28 مترا وعرضها بالجناحين 30.36 مترًا. ويتوقع أن تكون الطائرة قد اتجهت إلى سواحل الصين من القاعدة الأمريكية المتواجدة باليابان.
                    وقد كانت مسئولية تلك الطائرة هي القيام برحلات منتظمة على السواحل الصينية من أجل معرفة وتحديث شفرات الاتصال الخاصة بالأجهزة الصينية من خلال التعرف على التوقيع الإلكتروني ومصدر وتردد هذه الاتصالات، والتي يتم تغييرها بشكل مستمر من أجل تمويه السلطات الأمريكية.
                    ومع أن تعليمات وزارة الدفاع الأمريكية واضحة لطاقم مثل هذه الطائرات بالنسبة لضرورة تخريب الأجهزة الحساسة وأية معلومات سرية موجودة على الطائرة حال وقوعها في أيدي العدو، فإنه حتى ما يتبقى بعد عملية التخريب من معالجات processors قوية للغاية ودوائر إلكترونية شديدة السرعة لا تمتلك مثلها الدولة الصينية يمكن استغلالها من أجل بناء قذائف باليستية وأسلحة نووية وأنظمة لاقتفاء أجهزة الرادار شديدة الحساسية.
                    والجدير بالذكر ان وزارة الدفاع الامريكية قامت بتطوير هذة الطائرة الى مقاتلات واستخدمت في الحرب الدائرة الان ضد المجاهدين في افغانستان وباكستام و اليمن و العراق.
                    ففي السبعينيات طورت وكالة NSA ووكالة CIA تكنولوجيا إلكترونية عالية أطلقت عليها اسم (المجموعة الخاصة collection (Special وأصبحت الأجهزة الصغيرة جداً تقوم بمهمات كبيرة، مما يسر عمليات التنصت والتجسس بشكل كبير.
                    وبعد انتشار استعمال الكومبيوترات اعتباراً من أواسط الثمانينيات وما جلبه هذا الاستعمال من تغيير وتجديد في حياة الناس لم يكن من المنتظر ألا تقوم أجهزة المخابرات في الدول المتقدمة بإهمال هذا الأمر، فبعد ظهور أي جهاز جديد، وبعد حدوث أي تطور تكنولوجي يجب على مثل هذه المخابرات تطوير أجهزة أو نظم جديدة تستطيع التسلل إلى هذه الأجهزة ومراقبتها، بل أحياناً يسبق تطوير المراقبة تطوير الجهاز نفسه، فهذا ما حدث مثلاً في موضوع الكومبيوترات، إذ بدأت وكالة NSA بتطوير نظم مراقبة الكومبيوترات في السبعينيات، وكان أشهر أخصائي في هذا الموضوع هو "وليام هاملتون" الذي استحدث نظاماً جديداً أطلق عليه اسم إدارة نظام المعلومات للنائب العام، ويعرف باسمه المختصر (PROMIS)، ويستطيع هذا النظام تقييم المعلومات المستقاة من مصدرين مختلفين إلكترونياً، وبعد أن ترك "هاملتون" وكالة NSA، وأصبح مديراً لشركة INSLAW قام بتطوير هذا النظام إلى نظام أفضل أطلق عليه اسم PRONSS - VAX، ولكن تمت سرقة هذا النظام من قبل المخابرات الإسرائيلية التي أضافت إليه نظام "الباب المصيدة"، وسرعان ما تم عرض هذا النظام للبيع للمخابرات في كثير من الدول.
                    ثم طور نظام السابق الى نظام اكثر شموليه وسرعة سمي بنظام: وإيشلون:
                    وهو اسم يطلق على نظام آلي عالمي global Communications Interception (COMINT) لاعتراض والتقاط أية اتصالات، مثل: مكالمات الهاتف، والفاكسات، ورسائل البريد الإلكتروني، وأية اتصالات مبنية على الإنترنت، وإشارات الأقمار الصناعية بشكل روتيني يومي لأغراض عسكرية ومدنية، في حين يعتقد البعض أن إيشلون هو اسم كودي لجزء من نظام، يعترض ويلتقط الاتصالات التي تتم بين الأقمار الصناعية.
                    وتقوم على إدارة وتشغيل نظام إيشلون وكالات الاستخبارات في خمس دول، هي: الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا. وتقود هذا النظام وكالة الأمن القومي الأمريكي National Security Agency )NSA)، بالتعاون مع وكالات استخبارات البلدان الأخرى المشاركة فيه، ومنها: مراكز قيادة الاتصالات الحكومية البريطانية Government Communications Headquarters (GCHQ)، ومركز قيادة الإشارات الدفاعي الأسترالي Defence Signals Directorate (DSD).
                    وهو يعمل بموجب اتفاقية YKUSAبين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة عام 1947، عقب الحرب العالمية الثانية، وأُنشئ لتطوير نظام تجسسي، ولتبادل المعلومات بين الدول الموقّعة على الاتفاقية، وانضمت إليه بقية البلدان المشاركة لاحقًا، وقيل: إن له القدرة على التنصت على مليوني اتصال في الساعة أو 17.5 مليار اتصال في السنة، بينما يصل البعض بقدرته على التنصت إلى 3 مليارات اتصال يوميًّا، ثم يوجه تلك الاتصالات بعد ترشيحها، إلى الوكالات الاستخبارية المعنية في الدول الأعضاء فيه، وقد ذكرت بعض المصادر أنه توجه بمعظم طاقته إلى الإنترنت مع بداية التسعينيات؛ حتى إنه يتنصت على 90% من كل الاتصالات التي تتم عبر هذه الشبكة الدولية.
                    كيف يعمل إيشلون؟
                    هناك العديد من التقنيات تمكِّن إيشلون من القيام بمهامه، وتمر بمراحل عدة، تبدأ باعتراض المراسلات والتقاطها، ثم مرحلة الترجمة، ثم مرحلة التحليل، وآخر تلك المراحل مرحلة الاستنتاج والوصول إلى خلاصة عملية التجسس هذه.
                    الاعتراض والالتقاط:
                    هناك ثلاث طرق رئيسية لاعتراض الاتصالات:
                    التفريع المادي:
                    وهي طريقة للاعتراض يدل عليها اسمها بالضبط؛ حيث يكون هناك اتصال مادي فعلي بوسائل الاتصالات؛ كالأسلاك، أو كوابل الألياف الضوئية، أو محولات التليفونات؛ لذا تعد تلك الطريقة ضعيفة تقنيًّا، مقارنة بقدرات تقنيات الاتصال الحديثة، وهي تتم إما عن طريق تفريع سري خفي، أو تفريعة تقدمها شركات التليفونات.
                    ومع مرور الوقت، اعتمد جواسيس إيشلون على التفريعات التي تقدمها شركات التليفونات، فعلى سبيل المثال كان قد كُشف النقاب في البلاط البريطاني أن المسؤولين في شركة British Telecom (BT) قد زودوا جواسيس محطة تل Menwith؛ للتجسس في إنجلترا بوصلات لكوابل ألياف ضوئية عالية القدرة، تتحمل ما يزيد على 100.000 محادثة تليفونية في الوقت نفسه.
                    اعتراض إشارات الأقمار الصناعية:
                    في عالم الاتصالات الحديثة تتجه المحادثات التليفونية من مدينة إلى مدينة عبر الأقمار الصناعية؛ حيث يتم إرسال إشارة اتصالاتية إلى قمر صناعي للاتصالات، والذي يقوم بدوره بإرجاعها إلى أقرب محطة استقبال أرضية من الجهة المقصودة لتقوم بتوجيهها إليها، وحيث إنه من الممكن استقبال هذه الإشارات الراجعة إلى الأرض عبر مساحات شاسعة (مئات الآلاف من الكيلومترات)، فإنه يمكن لأي هوائي أرضي موجّه تجاه ذلك القمر الاتصالاتي أن يلتقط إشارة تلك المكالمة، وبالفعل فإنه اعتمادًا على تلك الحقيقة، فإن نظام إيشلون له محطات أرضية موجّهة لكل قمر اتصالات صناعي في أي مدار حول الأرض.
                    اعتراض موجات الميكروويف:
                    حيث تتم معظم اتصالاتنا الإقليمية من وإلى أبراج تحمل هوائيات لإرسال واستقبال موجات الميكروويف، فالكثير منا يراها أثناء سفره؛ حيث تفصل مسافات (عادةً حوالي 25 ميلاً) بين البرج والآخر. وبالرغم من أنّ الإشارة تتجه مباشرة من هوائي لآخر، فإن هذا لا يعني أن 100 % من الإشارة تنتقل للهوائي المستقبل، بل إن أقل من 1% فقط هو الذي يتلقاه الهوائي المستقبِل، بينما يستمر الباقي في خط مستقيم. ويمكن لقمر صناعي التقاط باقي هذه الموجات إذا اعترض سبيلها، بدلا من ضياعها في الفضاء، وإذا كان للأقمار التجارية القدرة على التقاط هذه الموجات، حتى وإن حاد عن مسارها بزاوية 8 درجات، فما بالنا بأقمار التجسس فائقة الحساسية التي يمكنها مراقبة المئات من أبراج الميكروويف في الوقت نفسه، والتقاط الإشارات الصادرة منها وإليها.

                    التّرجمة:
                    بمجرد التقاط إشارة ما، فإن الحاسبات الآلية، تفككها حسب نوعها (صوت، فاكس، بيانات رقمية.. إلخ)، وتوجهها إلى نظامها المناسب، والبيانات الرقمية، مثل تلك الخاصة بالإنترنت، توجه مباشرة إلى مرحلة التحليل، بينما تحتاج الفاكسات والأصوات إلى عملية الترجمة وتحويلها إلى إشارات رقمية أولاً.
                    بيانات الفاكس:
                    تمر رسائل الفاكس بعد فصلها عن غيرها من إشارات الاتصالات على حواسب آلية عبارة عن ماسحات ضوئية Optical Character Recognition (OCR) فائقة السرعة، لها القدرة على تحليل الخطوط لكل اللغات الموجودة على الأرض بكل الفونتات، ثم تحويلها إلى إشارات رقمية. وبالرغم من عدم توافر برامج لها القدرة على تحليل الخطوط اليدوية، فإن هذا لا يعني إهمال رسائل الفاكس المكتوبة بخط اليد، أو أنه لا توجد برامج تستطيع - ولو جزئيا - القيام بهذه المهمة.
                    الصّوت:
                    تمر المحادثات الصوتية إلى حاسبات فائقة السرعة في التعرف على الأصوات، تستخدم برنامجا يدعى "Oratory"؛ حيث يتم تحويل الاتصالات الصوتية إلى رقمية، والتي تُرسل بدورها إلى حاسبات التحليل، وبعض الأخبار المتسربة تفيد أن حواسب التعرف على الصوت لها قدرة جزئية على التحليل، كما أن لها حساسية لبعض الكلمات المنطوقة حسب كل لغة، أو لهجة على وجه الأرض.
                    التّحليل:
                    بعد ترجمة وتحويل كل المراسلات الملتقطة إلى بيانات رقمية، تُرسل تلك البيانات إلى حاسبات التحليل، والتي تبحث عن وجود بعض الكلمات، باستعمال قاموس إيشلون الخاص. وبالطبع ترتفع الحساسية لبعض الكلمات التي تمثل عصب ذلك القاموس، فيما يخص الاهتمامات التجسسية، بالإضافة إلى بعض الكلمات الطارئة أو المؤقتة التي تخصّ مواضيع معينة، ويبقي أن نكرر أن حاسبات التحليل هذه لها القدرة على إدراك أي كلمة بأي لغة وبأي لهجة موجودة على الأرض. ومع تقدم التقنيات الحديثة، فإن عملية التحليل أضحت عملية "تحليل موضوعي"، حتى إن هذه الحاسبات استطاعت أن تحدد- بعد التجسس على مسابقة لبعض الاختراعات والابتكارات الحديثة- أن موضوع الاختراع- من ملخصه- عبارة عن " مشروع لوضع عنوان وصفي لمستند، قد يحتوي على بعض الكلمات التي لا تظهر ضمن نصه".
                    الاستنتاج:
                    هذه هي المرحلة الأخيرة في العملية التجسسية، والتي تمكِّن من عملية مراقبة يومية على كل الاتصالات، بما فيها الشخصية، وبعد تحليل الاتصال. فإذا أثار أحدٌ العمليات الآلية لأي من ماكينات التحليل، وأعطى إنذارًا باحتوائه على ما يثير الشك أو الاهتمام، فإن نتيجة التحليل تُوجّه إلى محلل بشري، الذي إذا وجد في ذلك الاتصال ما يريب، فإنه يوجهه إلى الوكالة الاستخباراتية صاحبة التخصص في مجال هذا الاتصال.
                    إن سقوط الستار الحديدي عن إيشلون، باتهام أوربا الواضح ضد الولايات المتحدة باستخدامه ضد المصالح الأوروبية، وتحديدًا فيما يخص الجانب الاقتصادي في إطار منافسة غير شريفة، وتهافت استمراره بعد اختفاء الذريعة التي من أجلها أنشئ النظام ابتداءً، إبان الحرب الباردة -أدى إلى توتر العلاقات بين أمريكا وشركائها في نظام إيشلون من جهة، وحلفائها الأوروبيين من جهة أخرى، مع تنامي كراهية الشعوب والأنظمة -سواء أكانت حليفة، أم صديقة، أم عدوة- للولايات المتحدة الأمريكية.
                    طرق التجسس علی اتصالات الحركات الاسلامية :
                    فالطريقة الاولى: للتصنت على الهواتف السلكية و اللاسلكية بواسطة قاموس ضخم للكلمات التي يجب مراقبتها... فمثلاً.. "الإسلام، الحركة الإسلامية، قرآن، محمد صلى الله عليه وسلم، جهاد، فقه، سيرة، حديث... إلخ"، وكذلك أسماء رجال الإسلام السابقين والمعاصرين، وأسماء الحركات الإسلامية وزعماؤها "مثلاً: ، ابن تيمية، حسن البنا، ، الإخوان المسلمون، جماعة الجهاد.. الجماعة الإسلامية، اسامة... الشيخ.... الدكتور... القاعدة.... إلخ"، فهناك اجهزة إلكترونية ضخمة تقوم بفرز المكالمات التي ترد فيها هذه الكلمات وتسجلها ثم تسلمها إلى الكادر الفني المتخصص، وهو يضم كما قلنا عشرات الآلاف من الفنيين والمترجمين و المحلليين.
                    والطريقة الثانية بوضع بصمات الصوت للمطلوبين من المجاهدين و المستهدفين بالمراقبة وذلك من خلال عملية الفرز بواسطة الكومبيوتر العملاق الذي سبق الحديث عنه وهذه البصمات تم رصدها وتخزينها مسبقاً من خلال التجسس على الاتصالات في مناطق غير عربية دارت فيها رحى الحروب مثل افغانستان وباكستان والشيشان و البوسنة ووزير استان .
                    اما الطريقة الثالثة للتصنت فتتم عبر وضع برنامج لتحديد اللغة المطلوب مراقبتها فيمكن مراقبة كل من يتكلم العربية في أي بلد لايتحدث أهلها اللغة العربية.
                    التجسس على الهواتف النقالة:
                    عند انتشار الهواتف النقالة "الخلوية" بعد عام 1990م، كان الاعتقاد الشائع أنه يستحيل مراقبتها والتنصت عليها، لأنها كانت تستعمل نظام (GSM)، وأمام هذه الصعوبة في المراقبة طلبت وكالة CIA وضع رقائق صغيرة داخل هذه الهواتف لكي تتيسر لها مراقبة المحادثات الجارية خلالها، وبينما كان النقاش يدور حول هذا الأمر، ومدى مشروعيته، استطاعت إحدى الشركات الألمانية وهي شركة (Rode Schwarz)تطوير نظام أطلقت عليه اسم (IMSI-catcher) وهــو اختصـار لـ (International Mobile Scbscriber Identity) استطاعت من خلاله التغلب على هذه الصعوبة واصطياد جميع الإشارات الصادرة من هذه الهواتف وقلبها إلى كلمات مسموعة.
                    ولم تكتف المخابرات الألمانية باختراق المكالمات الجارية بالهواتف النقالة، بل توصلت لـمعرفة مكان المتحدثين أيضاً، كما طورت جهازاً إلكترونياً تستطيع بواسطته استخدام الميكروفون الموجود في الهاتف النقال لكي ينقل جميع الأصوات والمحادثات الجارية حوله، وسرعان ما انتقل هذا النظام الإلكتروني إلى وكالة NSA وإلى وكالة CIA الأمريكيتين، وكان هذا التقدم التكنولوجي المذهل هو السبب في اغتيال عدد من القيادات المجاهدة مثل يحي عياش و الرئيس الشيشاني دوداييف، لأنه من خلال استعماله لهاتفه النقال. ووقع "أوجلان" في الخطأ القاتل نفسه، عندما قام بالاتصال بمؤتمر البرلمانيين الأكراد في أوروبا، فتم تحديد مكانه،
                    بعدها صرح "بانكالوس" وزير الخارجية اليوناني السابق غاضباً: "كم قلنا لهذا الأحمق ألا يستعمل هاتفه النقال"، والحقيقة أن السبب الكامن وراء فشل جميع أجهزة المخابرات الأمريكية في معرفة مكان الجنرال الصومالي "عيديد" هو أنه لم يستعمل أي جهاز إلكتروني مطلقاً في أثناء الأزمة الصومالية (وهذه إحدى عيوب التقدم التكنولوجي).
                    كذلك لا يتم الإطلاع على جميع المكالمات الواردة على المقسمات ولا يمكن ذلك لأنها تعتبر بملايين المكالمات ولكن يمكن تحديد بعض الألفاظ المنتقاة لتقوم أجهزة الترصد بفرزها سواء كانت رسائل كتابية أو صوتية كأن ينتقي ألفاظ ( جهاد ، عملية ، استشهاد ،..أو أسماء : أسامة بن لادن أو الملا عمر...الشيخ... الخ ) ، او يكون الرصد للغة بعينها ( العربية) في بلد غير عربي .
                    أو يكون الترصد لرقم بعينه او رصد بصمة الصوت لشخص مطلوب . ويمكن أيضا إذا تم ضبط رقم لشخص أن يتم استرجاع المكالمات المسجلة في السابق سواء المكالمات الصادرة أو المكالمات الواردة على نفس الرقم ، ولذا فإن من الأفضل للذين يخشون على أنفسهم المراقبة من خلال الجوال أن يقوموا باستخدام الشرائح التي تباع بدون مستندات او بمستندات مزورة، ويقوم باستبدالها كل فترة زمنية ، وإذا استخدم الشريحة الثانية فلا يستخدمها على الجهاز القديم وكذلك عليه أن يتخلص من جهازه القديم ببيعه في مكان أو لشخص لا يعرفه .
                    أجهزة التصنت الالكترونية:
                    1- ميكرفون الليزر":
                    من هذه الوسائل التي تم الكشف عنها على احد مواقع الانترنت "ميكرفون الليزر" الذي يستعمل حتى الآن في التنصت على المكالمات الجارية في الغرف المقفلة، إذ يتم توجيه أشعة ليزر إلى نافذة من نوافذ تلك الغرفة، وعندما ترتد هذه الأشعة تحمل معها الذبذبات الحاصلة في زجاج تلك النافذة نتيجة الأحاديث الجارية في الغرفة، وتسجل هذه الذبذبات ثم يسهل تحويلها إلى أصوات واضحة هي أصوات المتحدثين في تلك الغرفة، ولا تقتصر فاعلية هذا الميكرفون الليزري على تسجيل الحوار الدائر في الغرفة، بل تستطيع اقتناص أي إشارة صادرة من أي جهاز إلكتروني فيها.
                    2- جهاز أطلق عليه اسم (TX)...
                    بعد اختراع هذا الجهاز لم يعد هناك ضرورة للمخاطرة لزرع جهاز إرسال صغير داخل الهاتف المراد التنصت عليه، فقد أصبح ممكناً بواسطة هذا الجهاز الدخول إلى خط ذلك الهاتف من بعيد دون أن يشعر أحد بذلك، كما يستطيع هذا الجهاز تحويل الهاتف الموجود في الغرفة إلى جهاز إرسال ينقل جميع المكالمات والأحاديث التي تجري داخلها، وحتى لو كان الهاتف مقفولاً يستطيع الجهاز تكبير وتضخيم الذبذبات الضعيفة التي يرسلها الهاتف في حالته الاعتيادية "أي في حالة عدم استعماله" فيسجل جميع المحادثات الجارية في الغرفة، ولكي يدخل هذا الجهاز إلى خط أي هاتف يكفي إدارة رقم ذلك الهاتف وعندما ترفع السماعة يعتذر بأن الرقم خطأ.. وعندها يتم كل شيء.
                    3- مسجل جيب يعمل بمجرد سحب القلم منه:
                    إذا جلست مع محام أو مع خصم لك ووجدته يسحب قلما من جيبه الداخلي ثم يعيده ثم يسحبه ....الخ فاحذر لان الرجل قد يكون مسلحا بهذا الجهاز العجيب الذي يقوم بتسجيل كل كلمة تقولها
                    جهاز التسجيل صغير وحساس يوضع في جيبة القميص او الجاكيت الداخلي وبداخل الجهاز قلم حبر عادي.... إذا سحبت القلم من الجهاز يبدأ الجهاز بالتسجيل دون أية أصوات ... إذا أعدت القلم إلى مكانه يتوقف التسجيل.... الجهاز حساس جدا ويمكن أن يلتقط كل كلمة تقال حتى لو كان مخبئا داخل جيبتك... للجهاز سرعتان... ويمكن أن تتحكم بالسرعة.
                    4- : كاميرا فديو صغيرة بحجم حبة العدس يمكن إخفاءها في أي مكان:
                    هذه كاميرا فديو صغيرة يمكن إخفاءها في أي مكان...... الكاميرا هي النقطة السوداء داخل هذه القطعة أي أن حجم الكاميرا لا يزيد عن حبة العدس وهي موصولة بسلكين بمكن ربطهما بمسجل وتلفزيون...... قوة الكاميرا ووضوح صورها تعادل أي كاميرا الفديو العادية..... هذه الكاميرا يمكن وضعها داخل ساعة أو منبه أو مروحة أو أية قطعة أثاث ولأنها لا تبدو ككاميرا ولا شكل لها يوحي بأنها كاميرا فأن اكتشافها صعب جدا.... يمكن وضعها في المنازل أو المكاتب أو المخازن ووفقا لما يقوله مصنعوها فان الشخص الذي ينظر إليها مباشرة لن يعرف أنها كاميرا فديو تأتي مع كل ملحقاتها
                    ثمن الجهاز شامل الشحن إلى أي مدينة في العالم هو 500 دولاراً فقط
                    5- : شاهد و استمع و سجِّل البعيد بواسطة المنظار الالكتروني:
                    هذا أحدث جهاز تنصت ينزل إلى الأسواق .... فهو ناظور يقرب إليك المناظر البعيدة ... ثم يقرب إليك الصوت ... ثم يعطيك إمكانية تسجيل الصورة والصوت إلى أي جهاز تسجيل ... باختصار فان هذا الجهاز ينقل إليك ما يحدث بعيدا بالصوت والصورة .
                    6- : كاميرا فديو صغيرة في ساعة اليد:
                    هذه هي قمة ما توصلت إليه تكنولوجيا الكاميرات في العالم ... كاميرا في ساعة ... يستخدمها المحامون ورجال التحقيق ... والعملاء السريون ... والمحققون الخاصون .... ساعة عادية تضعها في يدك ... محدثك أو الجالس أمامك لن يعلم أن الساعة الموجودة في يدك هي في الواقع كاميرا ... تتسع ذاكرة الكاميرا إلى مائة صورة .... أي تستطيع التقاط مائة صورة والاحتفاظ بها في ذاكرة الساعة ... يمكن توصيل الساعة بجهاز الكومبيوتر ونقل الصور إلى جهاز الكومبيوتر وطبعها أو إرسالها بالبريد الإلكتروني ... الساعة تعمل ببطارية ساعة عادية .... الصورة واضحة جدا ... الساعة مزودة بساعة عادية وخمسة أجهزة إنذار... هذه الساعة يستخدمها الصحفيون لالتقاط الصور ... ويمكن استخدامها لالتقاط الصور في الأماكن التي لا يسمح بإدخال الكاميرات إليها ... إذا اشترط محدثك اللقاء سرا للتباحث حول البزنس فهو قطعا لن يعرف أن ستحضر الاجتماع وعلى رسغك كاميرا لتصويره ... يمكنك طبع التاريخ والاسم ووقت التصوير على الصورة أيضا ...
                    تقدّم الأوقات العربيّة كاميرا المعصم الجديدة السّاعة التي يمكن أن تسجّل الصّور و تنقلهم في اللّون إلى كمبيوترك الشّخصيّ.
                    7- : كاميرا فديو ديجيتل بحجم قلم الحبر:
                    هذه الكاميرا بحجم قلم الحبر وهي كاميرا عادية وكاميرا فديو معا ويمكن ربطها بالكومبيوتر ايضا ونقل الصور منها الى جهاز الكومبيوتر.
                    هذه الكاميرا تستخدم من قبل الصحفيين والمخبرين والمحامين واصحاب مكاتب التحقيق ولديها قدرة على التقاط الصور الملونة ديجيتل التي يمكن ارسالها فورا عبر الكومبيوتر من خلال الانترنيت ... ولديها القدرة على تصوير لقطات فديو ايضا باللون والصوت رغم حجمها الصغير الذي لا يزيد عن حجم القلم .
                    الكاميرا تعمل ببطارية صغيرة متوفرة في جميع الاسواق وتعيش لسنوات طويلة .
                    الكاميرا تأتي مع كيبل صغير لربطها بالكومبيوتر لنقل الصور اليه...... حجم الذاكرة في الكاميرا 16 ميغابايت..... ويمكن تخزين ثمانين صورة في ذاكرتها ...الكاميرا تأتي مع برنامج سوفت وير لاستخدامها مع الكومبيوتر... ومع قاعدة لوضعها عليها فيما لو اردت ان تستخدمها مع الكومبيوتر ... كما تاتي مع كليب لوضعها في جيبة القميص كما تضع القلم العادي .
                    8- المرنان المغناطيسي (جهاز جديد لكشف الكذب):
                    مجس بالأشعة تحت الحمراء يقرأ الأفكار والمرنان المغناطيسي يرصد التغيرات في المخ
                    وزارة الدفاع الاميركية استخدمت جهاز كشف الكذب التقليدي في أكثر من 11 ألف اختبار وثلاثة ارباعها لرصد الجواسيس والمجاهدين.
                    يوظف بريتون تشانس البروفسور بجامعة بنسلفانيا اشعة قريبة من الاشعة تحت الحمراء للتعرف على الأكاذيب التي «تقبع» داخل عقول متطوعين من طلاب جامعته. وهو يأمل في ان تقوده ابحاثه يوما ما، الى تطوير جهاز يعوض جهاز كشف الكذب الحالي الذي لا يتميز بالدقة في قياساته، والذي ظل على مدى عقود، الآلة المفضلة لدى السلطات الاميركية لرصد الجواسيس والمخربين.
                    والبروفسور تشانس، واحد من عشرات الباحثين في الولايات المتحدة الذين ينقبون عن طرق جديدة لكشف الكذب لرصد( المخربين) خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001. ويلجأ العلماء الى توظيف اجهزة لرصد نشاط المخ، واخرى للتعرف على اسباب التخلف الذهني في التعلم، للكشف عن الكذب بدلا من الجهاز التقليدي المعروف الذي يرصد علامات القلق. حتى أقوى أنصار جهاز الكشف عن الكذب التقليدي، بدأوا يشككون في قدرات هذا الجهاز العتيق الذي اخترع عام 1915. ويستخدم هذا الجهاز اسلاكا وأقطابا لقياس تغير وتيرة التنفس، والتعرق، ودقات القلب. والمشكلة هي ان هذه التغيرات قد تحصل بسبب التوتر وليس بسبب الكذب! ولا تقبل شهادات هذا الجهاز سوى محاكم ولاية نيومكسيكو!
                    و يمول معهد جهاز كشف الكذب التابع لوزارة الدفاع الاميركية، ومقره فورت جاكسون بولاية كارولينا الجنوبية، 20 مشروعا على الاقل، للتوصل الى جهاز افضل لكشف الكذب. من جهة اخرى تقوم وكالة ابحاث الدفاع المتقدمة التابعة لنفس الوزارة، بأبحاث لتوظيف المرنان المغناطيسي الذي يمسح بدقة اعضاء الجسم البشري، ومنها المخ، واجهزة اخرى، في الكشف عن الكذب.
                    بينما ينتظر الباحثون نتائجهم يظل جهاز كشف الكذب التقليدي سائدا، فقد استخدم من قبل وزارة الدفاع والوكالات الحكومية الاخرى في 11 الفاً و566 اختبارا عام 2002، وفقا لتقرير صادر عن المعهد. وكانت ثلاثة ارباع الاختبارات تهدف الى رصد الجواسيس والمجاهدين، ولم ينجح سوى 20 شخصا من كل الذين خضعوا للاختبارات.
                    ولا يدخل في هذه الاحصاءات عدد الاختبارات التي اجرتها وكالة المخابرات المركزية ومكتب المباحث الفيدرالي ووكالة الامن القومي حيث تعتبر الارقام سرية.
                    ويدرس البروفسور تشانس في مختبره، كيفية التعرف على ردود فعل المخ عند حدوث التوتر او الاجهاد، أو ما يسميه «التضرر بسبب الخداع». وهو يعتمد على أداة رئيسية اسمها «كوجنيسكوب» cognoscope (جهاز «رسم الإدراك» ـ كما يبدو من الكلمة الانجليزية)، للاستشعار تعمل كمجس للاشعة تحت الحمراء يوضع في طوق على الرأس لقياس تدفق الدم والأوكسجين داخل مخ المتطوعين عندما يطلب منهم الكذب! وقد وجد تشانس ان «تشكيل الكذب» يؤدي الى توليد دفقة من النشاط في سريان الدم والاوكسجين تستغرق عدة مليثوان (الملي ثانية: واحد من الألف من الثانية)، في جزء محدد من المخ مسؤول عن اتخاذ القرارات. ويقول الباحث «يمكنك قراءة الفكرة قبل ان يتم التعبير عنها».
                    وقد اختبر معهد جهاز كشف الكذب أداة «كوجنيسكوب» على 42 متطوعا من الجنود. ورصد الجهاز الجديد الكذابين، الا انه رصد كذلك «الكذاب المزيف»، وهي حالة لجندي كان يقول الحقيقة، الا ان الصورة بالاشعة تحت الحمراء التي كان الجهاز يعرضها، أكدت انه كاذب.
                    ويعرب تشانس عن أمله في تطوير جهاز دقيق، كما يبدي قلقه ايضا من احتمال تداخل عمل جهازه مع خصوصيات الافراد، اذ ان خطورته تتمثل في استطاعته «قراءة الفكرة قبل ان يعبر صاحبها عنها»! في مختبرات اخرى يعكف دانييل لانجليبن الباحث بجامعة بنسلفانيا، على توظيف المرنان المغناطيسي للكشف عن الخداع داخل مختلف اجزاء المخ. وتعتمد دراساته على ابحاث حول نشاط المخ للمدمنين، والتلاميذ الذين يلاقون صعوبات في التعلم. وهو يقول منظرا، ان قول الأكاذيب يتطلب من المخ القيام بعمليتين، الاولى قمع الحقيقة، والثانية ترتيب الاكاذيب، ولذلك فإن رصد الدلائل على أي من العمليتين او كلتيهما سيؤدي الى رصد المخادعين.
                    وقد وجد لانجليبن ان المرنان يقدم فوائد كبرى في الكشف عن الكذب، الا ان كلفة كل جلسة من جلساته كانت باهظة جدا، اذ تعادل 1500 دولار. ويوظف علماء آخرون وسائل أقل تقنية، حيث يحاول باحثون في جامعة اوكلاهوما رصد الكذب عن طريق الكلمات والتعابير، مثل استخدام كلمات «ربما» و«يحتمل» و«حسب علمي» وما شابه. فيما يسعى آخرون الى كشف الكذب بتحليل نبرات الصوت وتوترها. وفي كل الاحوال يبدو ان ايام اجهازة الكشف عن الكذب قد اقتربت من نهايتها.

                    9- جهاز بصمة المخ:
                    وقد استخدم جهازه بالفعل أثناء التحقيقات التي أجريت مع المشتبه فيهم بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001‏.‏
                    لقد وصف كاتب أدب الخيال العلمي‏,‏ جيمس هالبرين‏,‏ هذا الجهاز بأنه فاق تصوراته الخيالية التي وضعها في روايته‏(‏ جهاز الحقيقة‏)‏ عام‏1996,‏ والتي تصور فيها أن يكون هناك جهاز لاختبار ومسح مناطق الذاكرة في مخ الإنسان‏,‏ في عام‏2024,‏ ولكن جهاز بصمة المخ جاء بأسرع مما كان يتصور‏,‏ ويقول‏:‏ لقد اخترت عام‏2024‏ لتكون هناك فترة كافية لا تكون فيها مثل هذه الفكرة سخيفة وبعيدة تماما عن الواقع‏.‏
                    ويؤكد د‏.‏ فارويل مخترع الجهاز أن بصمة المخ لا تحدد فقط هوية مرتكبي الأعمال الجهادية التي حدثت بالفعل‏,‏ ولكنها تقوم أيضا بدقة تصل إلي‏100%‏ من خلال قياس استجابات المخ الكهربية عندما تعرض علي المشتبه فيه تحديد أماكن حدوث الأعمال الإرهابية‏,‏ فتستدعي ذاكرته علي الفور جميع التفاصيل سواء المشاركين فيه ومراحل التخطيط السابقة واللاحقة له‏,‏ وتترجم هذه الاستدعاءات إلي بيانات رقمية علي شاشات الكمبيوتر المرتبطة بمخ المشتبه فيه وقد استخدمه فارويل علي بعض الأشخاص الذين كانوا يخططون للسفر لأفغانستان لمعرفة ما إذا كانت لديهم معلومات عن بن لادن أم لا ونوع هذه المعلومات‏,‏ وعدد المتدربين هناك‏.‏
                    هذا ما أُعلن عنه لكن مالم يعلن عنه يظل هو مكمن الخطر .

                    الفصل الرابع
                    فضائح الاستخبارات الامريكية
                    تاريخ العمليات القذرة
                    التواطؤ الأميركي مع المافيا خلال الحرب العالمية الثانية:
                    بلغ التواطؤ حد التعاون الفعلي (حيث التغاضي الأميركي أتاح للمافيا تكوين نواة ثروتها عن طريق تجارة الكحول الممنوعة في أميركا آنذاك) وباتفاق مكتب الخدمات الاستراتيجية الأميركي (وكالة المخابرات المركزية الcia) مع العراب لوكي لوشيانو، ومع عرابين آخرين، من أجل تكوين طابور خامس يمهد لاحتلال الأميركيين لصقلية. ويكون دليلاً للمارينز ( قوات المشاة البحرية) عند نزولهم إلى الجزيرة.لكن تسمية الطابور الخامس لا تتفق مع واقع الحال.
                    بعد سقوط الفاشية تولى الحكم في إيطاليا الحزب الديمقراطي المسيحي مما أتاح للشيوعيين الإيطاليين هيمنة ذات وزن في زمن الحرب الباردة. وبذلك تعاون الأميركيين مع المافيا (المعادية للشيوعية بحكم نموها في أجواء الثروة الأميركية- وربما لأن الشماليين كانوا ميالين للشيوعية) ليؤمنوا بعض النفوذ في جنوب إيطاليا وصقلية. لنستنتج من خلالهما أن هذا التواطؤ قد أعطى للمافيا نوعاً من المشروعية السياسية. ولنؤكد على دور التدخلات التواطئية في مساعدة المافيا للحفاظ على حيويتها واستمراريتها على الرغم من مخالفاتها، متعددة الصعد، للقوانين الأميركية.
                    ولكن ماذا عن الشائعات المتعلقة بهذا التواطؤ؟ وقد بلغ بعضها حدود القول بدور مؤثر للمافيا داخل الإدارة الأميركية!؟ وبتحديد أدق ماذا عن علاقة فرانك سيناترا بالرئيس ريغان؟ وماذا عن تنفيذ المافيا للعمليات السوداء (قتل واغتيال وخطف…الخ) لحساب المخابرات الأميركية طوال عقود؟ بل واستمرارية هذا الالتزام وإن بصورة أكثر تستراً بعد ذلك؟ وأيضاً ماذا عن دور المافيا في اغتيال جون كيندي؟ ولحساب من؟

                    وكالة الاستخبارات الأمريكية والمخدرات والصحافة:
                    علاقة الوكالة بسوق المخدرات في لوس أنجلس ومثل هذه التحالفات السوداء التي كشف بعضها الصحفي (جاري ويب) عام 1996م في كتابه «التحالف الأسود»، ليست حوادث قليلة عابرة يمكن التغاضي عنها، بل هي من السمات البارزة والممارسات المعهودة للوكالة.
                    وقد حاولت المخابرات الأمريكية تحطيم (جاري ويب) مداراً، كونه كشف اللثام عن علاقتها بتجار الكوكايين وإدخاله إلى كاليفورنيا في أوائل الثمانينات.
                    وقد بدأت المشكلة بين (جاري ويب) والمخابرات المركزية صبيحة يوم الأحد 18 أغسطس 1996م، حينها ذهل سكان مقاطعة سانتا كلارا، لما وردَ في صحيفتهم (سان جوس ميركيري نيوز)، والتي كان جاري ويب يعمل مراسلاً لها.
                    وتحلق بعضهم حول ما كُتبَ، وسرى الخبر في تلك الصبيحة، وسجلت العدد مبيعات هائلة.
                    «التحالف الأسود»، هكذا كان عنوان المقال الذي تصدر الصفحة الأولى كاسراً (تابلوهاً) كبيراً، وإلى الأسفل كان هناك عنوان فرعي «القصة الكاملة وراء تفتيش المخدرات». وإلى الأسفل من ذلك كله، صورة رجل أسود يدخن المخدرات، مع ظهور شعار بارز في الصورة يحمل الكلمات الثلاث (سونترال أنتيليجوتس آجونس).
                    في شكل نصف دائرة تعلو رأس صقر ملتفت. وكان ذلك هو شعار السي أي آيه ـ كانت جرأة الكاتب أكبر بقليل أو كثير من أن يصدقها القراء، وفي أعداد أيام 18، و19 و20 أغسطس 1996م، كان (ويب) يسدد القصة الكاملة للتحالف الأسود بين السي أي آيه وكارتل المخدرات المتنفذ حتى في الأسواق الأمريكية..
                    ووجدت الصحافة الأمريكية طوال أسبوعين بعد ذلك ما تملأ به صفحاتها من الأخذ والرد والنقاش الساخن لهذه القضية.
                    نص المقالة التي كتبها: الكسندر كوكبيرن بعد اغتيال الصحفي "جاري ويب:
                    وكالة الاستخبارات المركزية والصحافة الأمريكية
                    قلة من المشاهدين في الصحافة الامريكية في أواسط تسعينات القرن الماضي، كانت أشد إثارة للاشمئزاز من الحملة الضارية التي شنت على "جاري ويب" (صحافي أمريكي انتحر في أواخر الاسبوع الماضي ـ المحرر)، في صحف "نيويورك تايمز"،"واشنطن بوست" و"لوس انجلوس تايمز". فقد راحت أسراب من المأجورين الذين تربط بعضهم علاقات مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي. إيه) طيلة حياتهم العملية، تصب جام كلماتها الخبيثة الجارحة على جاري ويب، وعلى صحيفته "سان خوسيه ميركوري نيوز"، بسبب "تلويثه إسم الوكالة الناصع"(!) باتهامها بالمشاركة في جريمة استيراد الكوكايين إلى الولايات المتحدة في ثمانينات القرن الماضي.
                    هنالك أمور معينة لا ينبغي لك أن تقولها علناً في الولايات المتحدة. فقد اعتادت رعاية الدولة المنظمة للتعذيب من قبل الولايات المتحدة ان تكون من المحرمات الرئيسية التي لا يجوز التطرق إليها. ولكن ذلك ذهب أدراج الرياح هذه السنة (رغم ان الصحافي المعروف سيمور هيرش عامل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بلطف ليس في محله، في كتابه عن فضائح التعذيب في وقت مبكر من هذا العام، الذي يحمل عنوان "الطريق إلى أبو غريب"). ومن المحرمات الرئيسية الممنوع تناولها في النقاش العلني المهذب هنا في الصحافة، القول إن حكومة الولايات المتحدة ظلت تستخدم الاغتيال عبر السنوات أداةً لتنفيذ السياسة القومية، وكذلك القول إن تواطؤ وكالة الاستخبارات المركزية مع العصابات الاجرامية التي تتاجر بالمخدرات، يمتد من أفغانستان الحالية في هذه الأيام، رجوعاً في الزمن إلى الوراء حتى وقت تأسيس الوكالة سنة 1947.
                    وذلك المحظور الأخير هو الخط الذي تجاوزه جاري ويب، ودفع ثمن جرأته بأن تعرض لواحدة من أعتى وأظلم الحملات في تاريخ الصحافة الأمريكية، حتى أنقلبت عليه صحيفته ذاتها!
                    وقد مات ويب يوم الجمعة 10 كانون الأول في شقته في سكرامانتو (عاصمة ولاية كاليفورنيا)، جراء ما يبدو أنه عيار ناري أطلقه على رأسه بيده. وكانت الملاحظات التي نشرت عن موته في العديد من الصحف مخزية، كما هو العهد دائما بالصحف الامريكيةً. فقد حرصت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" على ان تذكر انه حتى بعد الضجة التي أثارها ما نشره ويب في صحيفة "سان خوسيه ميركوري نيوز"، بعنوان "الحلف الأسود"، كانت وظيفة ويب قد أصبحت "محفوفة بالمتاعب"! وقد طرحت الصحيفة، دليلاً على ذلك، حقيقة أنه "بينما كان ويب يعمل لدى لجنة تشريعية أخرى في سكرامانتو، كتب تقريراً يتهم فيه دوريات الطرق الخارجية في سكرامانتو بالتغاضي بصورة غير رسمية، بل وبتشجيع العنصرية في كتابة سجلات الأفراد، ضمن برنامجها لحظر المخدرات"! يا لوقاحة الرجل!
                    ويتابع الخبر قائلاً، بخشوع وورع: "نشر المسؤولون التشريعيون التقرير سنة 1999 ولكنهم حذروا من أنه قائم أساساً على افتراضات وحكايات ونوادر". ويعني ذلك من دون شك أن ويب لم يكن لديه عشرات من ضباط الدوريات المذكورة الذين ذكروا تحت القسم، في السجلات الرسمية، إنهم كانوا يضايقون السود والهسبانيين (الامريكيين من أصل إسباني).
                    وكانت هنالك نوافير غضب أخرى مماثلة، ثارت سنة 1996 لأن وكالة الاستخبارات المركزية لم يُتح لها الحيز الكافي في سلسلة مقالات وتحقيقات غاري ويب لكي تُقْسم بوقار أنه "لم يمر أبداً غرام واحد من الكوكايين بمعرفتها من دون أن تستولي عليه وتحوله إلى دائرة تطبيق قوانين المخدرات التابعة لوزارة العدل، أو إلى هيئة الجمارك الأمريكية"!!
                    في سنة 1998 نشرت، بالاشتراك مع جيفري سانت كلير، كتاباً بعنوان "وايت أوت" (الغبش) عن العلاقة بين وكالة الاستخبارات المركزية والمخدرات والصحافة، منذ تأسيس الوكالة. كما تناولنا بالتفحص تفاصيل حكاية ويب. وقد أثار الكتاب، على نطاق أضيق وبدرجة أقل، النوع ذاته من سوء المعاملة الذي واجهه ويب. وكان الكتاب طويلاً محشواً بالحقائق الموثقة على نحو جيد، والتي هب المنتقدون لنا بشأنها إلى اتهامنا بـ"الطيش"، مثلما فعلوا مع ويب بـ"المتاجرة بالمؤامرة"، رغم انهم كانوا في بعض الاحيان يتهموننا في الحكم ذاته بـ"إعادة انتاج الأخبار القديمة".
                    سلسلة من العمليات القذرة :
                    قيامها عام 1973م بتدبير انقلاب في تشيلي ضد سلفادور أليندي، وقتله، وتنصيب عميل الوكالة الجنرال أوغستو بينوشيه مكانه، وقد قتل خلال أحداث هذا الانقلاب ما يزيد على (2500) شخص.
                    و كشفت التحقيقات ان الانقلاب العسكري الذي حدث في بوليفيا في 17 حزيران عام1980 من أن أصابع ضباط الوكالة بالتنسيق مع المدعو كلاوس باربي الرئيس السابق لجستابو النازي الألماني في مدنية ليون فرنسا كانت وراء تحريك خيوط التحريض والإثارة لدى مجموعة من الأفراد العاملين كممثلين لمنظمة موون المرتبطة بالوكالة. وتدعى هذه المجموعة ب "الاتحاد في سبيل زمالة المجتمعات الأميركية ووحدتها " (CAUSA ) فقد كان توماس وارد الضابط السابق لدى الوكالة يتزعم المونيين في بوليفيا. في حين كان وليام سيليتش الأخصائي بالالكترونيات وأحد قدامى المحاربين في فيتنام نائب الزعيم. أما ثالث ضباط الوكالة في صفوف المونيين فقد كان بوري الذي سبق له أن حاول إنشاء كنيسة مسلحة في البرازيل. كما اشتركت طائفة المونيين المرتبطة بالوكالة في الحرب السرية التي شنتها الاستخبارات المركزية ضد نيكاراغوا في عام 1985. حين قامت "الواشنطن تايمز" أشهر جريدة في أمبراطورية المونيين الصحفية بجمع ملايين الدولارات لدعم عصابات الكونترا في نيكاراغوا بعد أن رحب الكونغرس في ذلك الوقت بتمويل تلك العميلة السرية. و كان منسق حملة التبرعات تلك هي جان جوردان كيركباتريك سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة. ولتحقيق أهداف سياسيتها الداخلية والخارجية لم تستخدم وكالة الاستخبارات المركزية أمبراطورية المونيين الصحفية فحسب بل وظفت كذلك الأمبراطورية الاقتصادية الممتدة في العالم أجمع والتي تملكها كنيسة التوحيد. والتي تقف شركة تونغ 2 الصناعة المحدودة في مركزها ويرأس هذه الشركة سانغ كوان موون ويقال أنه شقيق لمؤسسة كنيسة التوحيد .
                    وتمتلك هذه الشركة فروعاً رئيسية في نيويورك وطوكيو ودوسلدورف، إلى جانب مكاتبها فيما وراء البحار في هونغ كونغ وكوالالمبور وسنغافورة وجاكارتا وسيدني وبيونيس آيريس وهاوستون ولوس أنلس وسان فرانسيسكو وشيكاغو وتورنتو وفانكوفر ولندن وميلانو والقاهرة وقبرص.
                    و في عام 1983 تولى مانويل أنطونيو نورييغا، وهو تاجر مخدرات وعميل للوكالة، منصب قائد الحرس الوطني في بنما، ورقى نفسه إلى رتبة جنرال، واستولى على الحكم، وكان ذلك كله تحت غض النظر م طرف الوكالة الأمريكية. غير أن أموراً حدثت بعد ذلك قطعت التيار بينه وين السي أي آيه، وكانت قصة الذئبة التي تأكل أبناءها. إذ تم اتهامه عام 1986م بالابتزاز وتهريب المخدرات وغسيل أموال قذرة، وحكمت عليه إحدى المحاكم الأمريكية عام 1992م بالسجن، أربعين سنة.
                    وفي عام 1986م تم الكشف عن تورط للسي أي آيه في صفقات سرية لبيع أسلحة لإيران، بترتيب من إدارة رونالد ريغان، وتحويل أموال تلك الصفقة إلى عصابة الكونترا المتمردة ضد حكومة الساندينيستا في نيكاراغوا.
                    ولم يكن هذا العمل مفتقراً إلى غطاء رسمي، فقد صرح ريغان عام 1985م قائلاً عن متمردين الكونترا: «إنهم إخوتنا، هؤلاء المقاتلون من أجل الحرية، إنهم المعادل الأخلاقي لآبائنا المؤسسين، وللرجال والنساء الشجعان في المقاومة الفرنسية، ونحن لا نستطيع التخلي عنهم، لأن هذا الصراع ليس صراعاً لليمين ضد اليسار، بل هو صراع للحق ضد الظلم».
                    و في عام 1994م تم اكتشاف عملية بيع أسرار للدولة إلى الاتحاد السوفييتي، قام بها ضابط من الضباط الكبار في الوكالة المركزية الcia وهو (ألوريتش إيمز «Alorich Ames») الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
                    مذابح الCIA :
                    1 - في لبنان انفجار بئر العبد في 8 آذار1985
                    رأت الاستخبارات الأمريكية أنّ الوسيلة الاسرع للإجهاز على حزب الله اللبناني إنما يكون من خلال العمل على اغتيال رموزه والشخصيات التي تجد في نشاطها خطراً على مواقع سيطرتها، ولذا لم تتورع في هذا السبيل عن ارتكاب أبشع المجاز وبمختلف الأساليب الوحشية التي كانت منها المتفجرة التي وضعتها في بئر العبد، وحصدت العشرات من النساء والأطفال والشيوخ والشباب الأبرياء كعنوان من عناوين الهمجية الأمريكية.
                    ولهذا أوردت وكالة الاستخبارات الأمريكية عدداً من التقارير تُحمّل فيها محمد حسين فضل الله المسؤولية المباشرة عن سلسلة من الهجمات التي طاولت المنشآت الأمريكية في لبنان عامي1983 و1984، بما فيها مساهمته في اتخاذ قرار تفجير مقر قيادة المارينـز في بيروت، والذي أدّى إلى مقتل مئتين وواحد وأربعين جندياً أمريكياً، وأوردت في هذا الصدد استقباله ومباركته للرجل الذي قاد الشاحنة المفخخة في الهجوم
                    ولتفادي مثل هذه الهجمات، تداولت السلطات العليا الأمريكية في الأمر، ورأت أنّ الخيار الأفضل لمواجهة المسؤولين عنها هو اعتماد العمليات الأمنية السريّة في العالم بدلاً من اللجوء إلى القوة العسكرية المباشرة كاستخدام مدافع البارجة نيوجرسي، التي كانت ترسو في البحر مقابل شواطىء بيروت، أو الغارات الجوية التي قد تُحدث دماراً شاملاً وخسائر مادية وبشرية تكون بمثابة أعمال عدوانية فاضحة قد ترتدّ بشكل سيّىء على سمعة الولايات المتحدة ومصالحها في العالم.
                    وفي ضوء ذلك، نشأت فكرة تدريب ودعم فريق سريٍ ما، سيجنّب ـ برأي المصادر الأمريكية المطلعة ـ احتمال تغطية تلفزيونية حية للعمل العسكري الأمريكي، كما سيتفادى الاستخدام العلني للقوة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، التي تتزايد فيها مشاعر العداء للولايات المتحدة وعمليات "الإرهاب" ضدها.. وإلى ذلك، فإنه بالمقارنة مع البدائل الأخرى، فإنّ فريقاً أمنياً صغيراً سيكون أقلّ الخيارات كُلْفَة.
                    ولما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من ردّ فعل ضدّ الأمريكيين العاملين في لبنان، رأت مصادر الاستخبارات أن تقلّل من أهمية علاقة الـ"سي.آي.إيه" بالوحدات المناهضة للإرهاب.
                    ومن هنا وافق الرئيس الأمريكي، رونالد ريغان، في أواخر1984، على عملية سريّة تخوّل وكالة الاستخبارات المركزية تدريب ودعم عدد من الوحدات المضادة للإرهاب مهمتها ضرب "الإرهابيين" المحتملين قبل أن يستطيع هؤلاء مهاجمة المنشآت الأمريكية في الشرق الأوسط.
                    وكشفت مصادر في وقت لاحق بشكل تفصيلي عن أهداف هذه الموافقة، حيث جاء في نص تقرير آخر أنّ ريغان وقّع في 3 نيسان1984 قانوناً للتنفيذ فوراً، ويقضي بالقيام بأعمال استباقية ضد "الإرهاب" وضد دول "ترعى الإرهاب". وقد لاقت هذه الخطوة دعماً من وزير الخارجية جورج شولتس، ومستشار الأمن القومي روبرت ماكفرلين، ومدير الـ"السي.آي.إيه" وليم كايسي.
                    ونتيجة لذلك، بدأ عملاء الاستخبارات الأمريكية وعناصر عسكرية بالتمويل والتدريب والمشاركة في تقديم المعلومات ودعم مجموعة من الفرق الخاصة في بلدان صديقة لمواجهة "الإرهاب". (
                    ممّا قاله أحد المسؤولين عن تشكيل هذه الوحدات إنه "إذا أخذنا الإرهاب على محمل الجد، مثلما يتوجب علينا، خصوصاً أننا ندرك أن الأمور قد تسير نحو الأسوأ، فمن الضروري أن نفعل، فليس هناك خيار آخر، فهذا هو نوع من المسائل التي سيتوجب علينا مواجهتها ومن الأفضل أن نكون مستعدين".
                    أما عن طبيعة العلاقة حينها بين الاستخبارات الأمريكية والاستخبارات اللبنانية، وكيفية نشوئها، والأهداف التي وطدت هذه العلاقة، يقول تقرير نيويورك تايمز: "تمّ الاتفاق بين مسؤولي الإدارة الأمريكية لمواجهة الحالات التي تشكّل خطراً على المصالح في الخارج لجهة استباق الأعمال الإرهابية وتحديد الدول التي ترعاها، ولكن لم يكن هؤلاء يخطّطون لاستخدام الأمريكيين في بلدان أخرى، وهذا يعني الاعتماد على أجانب يعملون في خدمة حكومات أخرى". وضمن هذا التوجه، شكلت شخصية محمد حسين فضل الله القاسم المشترك بين الاستخبارات الأمريكية والاستخبارات اللبنانية، حيث كان كِلا الجهازين يتعقبه، ولكن لأسباب مغايرة. .
                    وحاول تقرير نيويورك تايمز أن يرمي الـ"سي.آي.إيه" خارج نطاق التهمة من خلال ما جاء على لسان المسؤولين الأمريكيين، حيث يقول: إن الـ"سي.آي.إيه" لم تقرّر ما الذي تريد أن تفعله بشأن السيد فضل الله، أما الاستخبارات اللبنانية، ولأسباب خاصة، لم يكن لديها القدرة على التحرك ضده، باعتبارها جهازاً رسمياً، والشيعة كانوا جزءاً من الحكومة اللبنانية، ولذلك استأجر جهاز الاستخبارات اللبناني أشخاصاً من خارج الجهاز لتنفيذ العملية .
                    ولإيضاح كيفية نشوء فكرة اغتيال فضل الله أشارت الـ"نيوزويك" بناءً على مصادر من واشنطن: "إنّ الحكومة اللبنانية طلبت في عام 1984 المساعدة في تدريب قوة لمجابهة الإرهاب، وحسب مصدر قريب، فإنّ هذه الحكومة كانت تريد تشكيل فرقة ضاربة لمعاقبة "الإرهابيين"، وبعد نيل الموافقة من الرئيس "ريغان" ومدير الـ"سي.آي.إيه"، وليام كايسي، ووزير الخارجية شولتس، ومستشار الأمن القومي روبرت ماكفرلين، أُعطيت التعليمات للوكالة للعمل مع قسم المخابرات في الجيش اللبناني بقيادة كولونيل مسيحي يُدعى سيمون قسيس. والخطة كانت تقضي بتدريب ثلاث مجموعات مكوّنة من خمسة عناصر لكل منها، وبحسب مصادر لبنانية، فإنّ مجموعتين تمّ تجنيدهما مكوّنتين من ثمانية مسيحيين ومسلِمَيْن، وقد أخبر أعضاء لجان المخابرات في مجلس الشيوخ والنواب أنّ الفرق لم تتلقّ تدريباً يذكر، ويضيف مصدر في الإدارة الأمريكية، أنّ المخابرات اللبنانية كانت في وضع فوضوي كبير لدرجة أنه لم يكن أحد يرغب بالتعاون معها .
                    وحاولت الإدارة الأمريكية التنصل مما نشرته صحيفة الواشنطن بوست، ولكن الوكالة تبنّت من حيث لا تدري ـ أو ربما من حيث تدري ـ انفجار بئر العبد في 8 آذار1985 عندما وصفته بـ"عملية مضادة للإرهاب"، بدلاً من أن تصفه بأنه "عملية إرهابية"، وجاء ذلك في ظرف كان ينبغي للاستخبارات وفق ما أعلنه أحد المسؤولين في إدارة ريغان أن تمتنع عن إصدار أي تصريح، ورغم النفي المتسرع للوكالة فقد كان واضحاً تحمّلها المسؤولية، ما أضفى قدراً أكبر من المصداقية على تحقيق الـ"واشنطن بوست" على التصرفات التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأمريكية وجاءت مخالفة لنفيها الرسمي.
                    ومن ناحية أخرى، فإنّ الـ"نيويورك تايمز" وصفت البيان الذي أصدرته الـ"سي.آي.إيه" ونفت فيه مسؤوليتها عن تدريب منفذي عملية التفجير في منطقة بئر العبد، بأنه بيان "لا يتجه إلى صلب الموضوع"، وتركّز نفي الـ"سي.آي.إيه" على أنها لم تقم بتدريب من قاموا بعملية التفجير، في حين أن البيان لا يتضمن نفياً محدداً في أن الوكالة كانت تعمل مع الاستخبارات اللبنانية".
                    وتنحو في هذا الاتجاه صحيفة "مونتريال غازيت" الكندية التي ذكرت أنّ قول وكالة الاستخبارات "بأنها لم تكن ترغب في وقوع العملية، إنما هو مجرد تبرير لسياسة سيئة".
                    ولكنّ التقرير الذي نشرته التعبئة الأمنية في حزب الله أثناء محاكمة منفذي المجزرة جاء ليدحض كلّ تلك المزاعم وليؤكد العلاقة المتينة والقوية بين جهازي الاستخبارات الأمريكية واللبنانية في مواجهة الحالة الإسلامية، فقد جاء في هذا التقرير الذي استند إلى التحقيقات التي أُجريت مع أفراد الشبكة الذين نفّذوا عمليات التفجير، أنه "بسبب ما لقيت أمريكا من هزائم في لبنان أخذت تهيىء الرأي العام العالمي لعمل عسكري ينقذ معنوياتها المتدنية، وبدأت الإعداد لتنفيذ هذا التوجه، فاستنفرت كلّ أجهزتها، وأوعزت بموافقة صديقها الحميم، رئيس لبنان في تلك المرحلة أمين الجميل، إلى مدير مخابرات الجيش اللبناني العقيد سيمون قسيس، من أجل تأسيس فرع مخابراتي خاص يتولى التنسيق مع جهاز الأمن التابع للقوات اللبنانية "حامية المجتمع المسيحي" تحت إشراف ضابطين من الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي.آي.إيه".
                    وبالفعل فقد تشكّل هذا الفرع وبدأ عمله تحت عنوان "فرع العمل والتحليل الخارجي" بإدارة المقدم أدونيس نعمة المتخصّص بالدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني ومدير مكتب العقيد سيمون قسيس، وقد حُدِّدَتْ لهذا الفرع أهداف عدة كان في مقدمها اغتيال العلامة السيد محمد حسين فضل الله.
                    أما عن تورّط أحد فروع الاستخبارات السعودية مع الاستخبارات المركزية الأمريكية في محاولة قتل فضل الله في انفجار بئر العبد، فقد جاء في أحد الشهادات الأمريكية النادرة، والتي وردت في كتاب "الحجاب".. الحروب السرية للـ"سي.آي.إيه" 1981 ـ 1987، الذي كتبه مدير تحرير صحيفة الـ"واشنطن بوست" بوب وودورد: "إن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وليم كايسي، ساعد شخصياً الاستخبارات السعودية على تنفيذ ثلاث عمليات سرية، الأولى مساعدة تشاد في مواجهة ليبيا، والثانية إحباط الآمال الانتخابية للحزب الشيوعي الإيطالي في أيار عام1985، أما الثالثة فهي محاولة اغتيال السيد محمد حسين فضل الله في 8 آذار 1985 في سيارة ملغومة أسفرت عن مصرع 80 مدنياً في بئر العبد".
                    وقال الكتاب في مكان آخر: "إنّ هذا الطرف العربي دفع مبلغ15 مليون دولار لتمويل العمليات الثلاث، ولكن بعد فشل محاولة الاغتيال حاول هذا الطرف إقناع السيد فضل الله بمباركة كايسي بوقف عمليات السيارات الانتحارية ضد الأهداف الأمريكية والغربية عن طريق مساعدة بقيمة مليوني دولار كمواد غذائية ومنح جامعية إلى أتباعه".
                    وكان "وودورد" نفسه قد كتب في صحيفة "واشنطن بوست" في العام 1985 إنّ محاولة الاغتيال كانت جزءاً من عملية الـ"سي.آي.إيه" التي تستهدف تدريب وحدات لبنانية على القيام بهجمات وقائية ضد الإرهابيين"، ولكنه أشار إلى أنه لم يعرف كما قالت الصحيفة، بدور السعودية التي شاركت الاستخبارات الأمريكية في عمليات عديدة في مختلف أنحاء العالم لا سيما في دعم مرتزقة "الكونترا" في نيكاراغوا ومرتزقة "اليونيتا" في أنغولا.
                    مذبحة قلعة مزار الشريف عام2001 في أفغانستان:
                    حين اعترفت "السي آي آي" ببيان رسمي عن مقتل ضابط "السي آي آي" جوني مايك سبان في سجن مزار الشريف في أفغانستان افتتح ملف جديد حول طبيعة المهمة التي كان يقوم بها هذا الضابط والجهاز الذي يتبع له في وكالة المخابرات المركزية.
                    فقد تبيّن كما تناقلت وسائل الإعلام أن سبان (32 عاماً) من وينفيلد في ولاية آلاباما كان قد انضم إلى العمل في "السي آي آي" في حزيران عام 1999 آتياً من قوات المارينز.
                    وبمقتله تكون "السي آي آي" فقدت الضابط التاسع والسبعين الذي يقتل أثناء مهمة يقوم بتنفيذها منذ أن تم تأسيس "السي آي آي" عام 1947. وكان أربعة من الأميركيين قد قتلوا في غمرة النشاطات العسكرية الأميركية في أفغانستان أيضاً.
                    وفي ظاهرة ملفتة أثارت حادثة مقبل سبان واضطرار "السي آي أي" إلى إصدار بيان حولها، جدلاً واختلافاً بين المختصين بشؤون المخابرات حول مدى ضرورة ذلك البيان. ولذلك عاد بيل هارلو، الناطق باسم "السي آي أي" وأصدر بياناً جاء فيه: "أنتقد العديد من المختصين والخبراء إعلاننا عن مقتل جوني ميشيل سبان ضابط المخابرات في أفغانستان. واعتبر هؤلاء أن بياناً من هذا النوع يشكل سابقة لا مثيل لها وأن "السي آي أي" تحاول من خلال بيانها هذا كسب تأييد إيجابي من الجمهور. ونحن ليس من عادتنا الرد على انتقادات كهذه. لكن انتشار هذه الانتقادات في قنوات التلفزيون حمل استهتاراً ونيات غير طيّبة، الأمر الذي أجبرنا على الرد.
                    إن حماية مصادر وطرق عمل وشخصيات الضباط الذين يعملون في ظروف سرية تحت غطاء معين هي من الضرورات الأساسية في عمل الوكالة، بل إننا نبذل جهوداً كبيرة من أحل الحفاظ على الأمن العملياتي. وخلال سنوات طويلة وضمن ما تسمح به الظروف كانت الوكالة تعلن عن شخصية من يقتل من ضباطها أثناء القيام بمهامهم. فثمة 78 منهم نقشت أسماؤهم على الجدار التذكاري ل"السي آي آي" ومن بينهم 30 ضابطاً كانوا في إدارة العمليات السرية. ففي عام 1975 قتل وليام ويلش في أثينا، وقتل أيضاً وليام باكلي وأعلن عنهما رسمياً. ولقد قال جورج تينيت مدير "السي آي آي" إن ميشيل سبان كان بطلاً لأميركا. ولم نجد أي سبب يمنع من الإعلان عن اسمه، ووافقت على ذلك أسرته. وبالإضافة إلى ذلك، كشفت الكثير من الوكالات الإعلامية عن اسمه قبل صدور بياننا الرسمي وعن علاقته بالسي آي آي حتى قبل وصول جثته إلى الولايات المتحدة أيضاً. لكننا مع ذلك لن يكون بمقدورنا الكشف عن اسم كل من يقتل من ضباط الوكالة أثناء وجوده في مهمته".
                    ورغم هذا البيان الذي لا يتحدث عما كان يقوم به سبان في أفغانستان لأنه من أسرار السي آي آي، إلاّ أن مصادر عدة مختصة في أنباء التجسس والمخابرات ذكرت أن الضابط سبان ربما كان أول من يقتل من ضباط جهاز جديد أنشأته وكالة المخابرات المركزية باسم: "فرقة النشاطات الخاصة، (SAD)، وهي تضم ما يقرب من 5000 ضابط جرى تدريبهم على القتل والاغتيال السري والفنون العسكرية. وذكر أحد المسؤولين الأميركيين في تعقيبه على ظروف عدم الكشف عن أي اسم لهؤلاء الضباط قائلاً: " أنها تقوم بتدريب رجالها أو جواسيسها على المهارات شبه العسكرية. و هناك عدداً منهم يعملون ضمن فروع تستوجب مهارات عسكرية كبيرة".
                    أن الضابط ميشيل سبان قتل، كما روت بعض الأنباء، في ظروف سرية قام خلالها بارتكاب عمل فظيع ضد الأسرى الذين كانوا داخل سجن مزار الشريف في أفغانستان. فقد ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية في تشرين الثاني الماضي أن ميشيل سبان دخل برفقة ضابط آخر من "السي آي أي" يدعى ديفيد إلى السجن واقترب من أحد الجنود الأسرى من طالبان وسأله ربما لأنه لم يكن أفغانياً: "ماذا تفعل هنا في أفغانستان"، فأجابه جندي طالبان قائلاً: "إننا هنا لكي نقتلكم" وقفز على الضابط ميشيل منقضاً عليه فأطلق ميشيل النار عليه وعلى عدد من الأسرى الآخرين كانوا بقربه وأردى الجميع.
                    وتقول صحيفة "التايمز": وعند ذلك نشأت حالة فورية من الغضب لدى بقية الأسرى الذين توفر لهم الإمساك بالضابط ميشيل وأوسعوه ضرباً بأيديهم وأرجلهم حتى قضوا عليه وهرب الضابط ديفيد أثناء ذلك للنجاة بنفسه.
                    لكن مصادر أخرى ذكرت أن ضباطاً من "السي آي آي" كانوا، شخصياً، يقومون باستجواب عدد كبير من الأسرى الطالبان وغيرهم من اتباع بن لادن العرب والمسلمين الآخرين للحصول على معلومات عن مكان اختفاء وبقية مجموعته هناك. وكان ميشيل سبان أحد هؤلاء الضباط الذين كلفوا بمهمة الاستجواب. ويبدو أن هذه الاستجوابات دفعت عدداً كبيراً من الأسرى، خصوصاً وأن قوات تحالف الشمال هي التي ينبغي أن تتولى مسؤولية إدارة السجن، إلى التمرد ضد هؤلاء الضباط وإهانتهم وما كانوا يقومون به من تعذيب للحصول على المعلومات، فظهرت شرارة تمرّد الأسرى بعد قيام سبان بفتح النار داخل السجن على عدد من الأسرى الأفغان والعرب وانقضاض عدد منهم عليه وقتله. وربما تكون أحد الأسباب التي دفعت قيادة "السي آن أي" إلى إصدار بيان رسمي بمقتل سبان وإطلاع أسرته مسبقاً على نص البيان الرسمي الذي أعلنه بيل هارلو الناطق الرسمي، هي محاولة تجنب فضيحة أميركية لما قامت به "السي آي أي" داخل سجن مزار الشريف الذي ارتكبت فيه مجزرة ضد الأسرى الذين حملوا جنسيات متعددة. لكن طبيعة ما قام به ضباط "السي آي آي" من وحدة "النشاطات الخاصة" (SAD) لا بد أن يتم الكشف عنها مع تتابع أحداث أفغانستان وما ارتكبته الولايات المتحدة خلال ذلك من ممارسات خرفت فيها حقوق الإنسان وقوانين جنيف في معاملة أسرى الحرب هي وحلفاؤها من الأجنحة العسكرية الأفغانية.
                    عمليات خداع عقول الشعوب:
                    كشفت مسؤؤلة المخابرات الاميركية فرانسيس ستونورساوندرز النقاب عن مسؤولية هذه المخابرات في تأسيس منظمة الثقافة الحرة. وربما أتى هذا الكشف منسجما" مع مبدأ اخراج الوثائق التي يمر عليها 30 عاما" توضع بعدها في تناول الجمهور. وجاء هذا الكشف عير كتاب لساوندرز حمل عنوان " المخابرات في سوق الثقافة - من يدفع للمزمرين ؟
                    في هذا الكتاب تكشف المؤلفة دور المخابرات الاميركية في اختراق الاوساط الثقافية العالمية وتجنيدها لخدمة هذه المخابرات بصورة مواربة وغير مباشرة. وهي تورد قائمة طويلة من الأسماء المعروفة في عالم الثقافة في انحاء العالم بمن فيهم المثقفون العرب الذين تعاملوا مع هذه المنظمة. التي راحت تنشيء الفروع ومن ثم فروع الفروع. حتى أمكن الإستغناء عن المنظمة الأم والاعتماد على تفرعاتها السرطانية. وهذه المؤسسات تجد تربة خصبة في الدول الفقيرة التي لا تخصص ميزانيات كافية للثقافة وللبحوث العلمية والدراسات. الأمر الذي يسهل تغلغها في أوساط مثقفي وباحثي تلك الدول.
                    تدس هذه المؤسسات أنفها في مواضيع ذات طابع ثقافي - اجتماعي يعتبر من أسرار المخدع. التي لايجوز لغريب الاطلاع عليها.
                    ضمن هذه الفئات تنشط شخصيات ثقافية وعلمية وهيئات عربية لتتفنن في لي عنق الحقيقة لتلائم نتائجها مع النتائج الموضوعة لها مسبقا". ولعله من الملفت أن أيا" من الدراسات المشبوهة التمويل لاتخالف هذه النتائج المعلبة. في حين تخالفها غالبية غير الممولة من الدراسات. وهذا ما يغذي الشكوك ببراءة هذه المؤسسات والعاملين معها. خاصة وأننا لانزال نشهد بروزا" مفاجئا" لشخصيات تتحول الى الشهرة بسحر ساحر بما يعيد طرح السؤال: "من يدفع للمزمرين؟" ومن يسوق هؤلاء ويزمر لهم؟.
                    غالبية هؤلاء أصبحوا مدركين للعبة واعين لأخطارها لكنهم يستمرون فيها لمكاسب فردية. في حين تقول ساوندرز أن برتراند راسل استقال من رئاسة المنظمة عندما تأكد من خلفيتها المشبوهة.
                    في المقابل برزت على الساحة الثقافية فئة من المثقفين الرافضين لهذا النوع من الجاسوسية. وطرح هؤلاء شعار يصف المتعاونين مع المؤسسات المشيوهة بانهم " عملاء لكن جواسيس!".
                    والواقع أن مجمل هؤلاء مرشح للإنضمام الى قائمة عرب يكرهون انفسهم. للمزيد اضغط هنا.
                    ووصل تبني هذه الشخصيات المشبوهة الى حدود التبني الرسمي. على غرار ما حصل من ضغوط اميركية على مصر وتهديدها بوقف المعونات الاميركية عنها ان هي اصرت على تنفيذ الحكم بالعميل سعد الدين ابراهيم. الذي لم تبق لديه بقية من حياء كي يرفض معاقبة نصف العرب بسببه.

                    عمليات اقتصادية قذرة للسيطرة على دول العالم الثالث:
                    جون بيركنز احد عملاء الاستخبارات الامريكية جندته وكالة الأمن القومي الامريكية، وعمل معها تحت غطاء عمله في شركة استشارية دولية، وأتاح له عمله في هذه الشركة ان يجوب العالم، فزار اندونيسيا وبنما والاكوادور وكولومبيا والعربية السعودية وايران وغيرها من الدول المهمة على الصعيد الاستراتيجي.وكانت مهمته تطبيق السياسات التي تخدم مصالح تحالف امريكي يضم الحكومة والمصارف والشركات الكبرى، وفي الوقت ذاته تعمل على تسكين الفقر باجراءات ظاهرية
                    ساعد في تطبيق خطة سرية تجعل مليارات الدولارات التي تجنيها بعض الدول النفطية، تعود لتصب في الخزينة الامريكية.
                    عمل من سنة 1971 الى 1981 لدى شركة استشارات دولية هي شركة “تشارلس. تي. مين”، حيث احتل منصب كبير الاقتصاديين ومدير الاقتصاد والتخطيط الاقليمي، ولكنه كان في الواقع سفاحاً اقتصاديا. وقد استمر في مهمته السرية تلك تحت غطاء عمله في الشركة المذكورة، حتى وقوع أحداث 11 سبتمبر/أيلول ،2001 حيث أقنعته هذه الأحداث بضرورة الكشف عن هذا الجانب الخفي من حياته.
                    يعرّف جون بيركنز السفاحين الاقتصاديين، بأنهم “خبراء محترفون يتقاضون رواتب عالية جداً، ويمارسون خديعة الدول في أنحاء العالم وابتزاز تريليونات الدولارات منها. وهم يغدقون الاموال من البنك الدولي ووكالة التنمية الدولية الامريكية وغيرهما من منظمات “العون” الخارجي، على خزائن الشركات الضخمة، وجيوب حفنة من العائلات الثرية التي تسيطر على الموارد الطبيعية في كوكب الارض. وتشتمل ادواتهم على التقارير المالية المضللة، والانتخابات المزورة، وتقديم الاموال، والابتزاز، والجنس، والقتل. وهم يمارسون لعبة قديمة قدم الامبراطورية، ولكنها اكتسبت أبعاداً جديدة مخيفة خلال هذه الفترة من العولمة”.
                    وعن آلية اختبار هؤلاء السفاحين الاقتصاديين وعملية تجنيدهم، وتأهيلهم للمهمات التي سيقومون بها في العالم.
                    يقول بيركنز في سرده لتجربته الشخصية: كان ذلك في أواخر ستينات القرن الماضي، وفي سنة 1968 بالتحديد. كنت طالباً في كلية الاعمال، وقد تم تجنيدي من قبل وكالة الامن القومي. وقد أدخلوني سلسلة من الاختبارات، اختبارات للشخصية واختبارات لكشف الكذب، ووابل غزير من الاختبارات الحساسة الاخرى. وخلال تلك العملية اكتشفوا انني مرشح ممتاز لأن أكون سفاحاً اقتصادياً لامعاً. كما اكتشفوا عدداً من نقاط الضعف في شخصيتي. واعتقد ان لدي بعض نقاط الضعف النمطية في ثقافتنا الامريكية العامة، فالأوبئة الثلاثة الكبرى في ثقافتنا هي: المال، والسلطة، والجنس. وقد اكتشفوا ان نقاط الضعف هذه متوفرة لدي.. ثم شجعوني على الانضمام لفيلق السلام. وعشت في الاكوادور ثلاث سنوات بصفة متطوّع لفيلق السلام، مع المواطنين المحليين هناك، الذين يخوضون الآن حرباً مع شركات النفط. كنا يومئذ في بداية تلك العملية ولذلك نلت قسطاً جيداً من التدريب اثناء العمل.
                    وبينما كنت ما أزال في الاكوادور في فيلق السلام، جاء نائب رئيس شركة الاستشارات الخاصة هذه في بوسطن، التي كانت تعمل بتنسيق وثيق مع وكالة الأمن القومي وغيرها من اجهزة الاستخبارات، جاء الى الاكوادور وواصل عملية تجنيدي. وعندما خرجت من فيلق السلام جندني. ذهبت للعمل لدى شركته “تشارلس تي. مين” في بوسطن، ودخلت برنامج تدريب مكثفاً مع امرأة بارزة، كان اسمها كلودين. وكانت في غاية الذكاء والدقة، والقدرة على الإغواء. وقد أوقعتني في حبائلها. وكانت تعرف تماماً كيف توقعني. وقد أفادت من جميع الاختبارات التي أجريت علي، وعرفت نقاط ضعفي. نجحت في مهمتها، واجتذبتني قبل كل شيء لأن اصبح سفاحاً اقتصادياً، وفي الوقت ذاته نبهتني الى ان هذا العمل قذر جداً، وانه يجب عليّ ان التزم به تماماً، والا فلن أحظى بأول تعيين لي في اندونيسيا.
                    ويشرح جون بيركنز طبيعة المهمة المخيفة التي ينفذها هؤلاء السفاحون الاقتصاديون في العالم، فيقول: لقد أنشأنا نحن السفاحين الاقتصاديين، على مدى 30-40 سنة مضت اضخم امبراطورية كونية في تاريخ العالم. وهنالك عدة طرق لفعل ذلك. ولكن الطريقة المثلى تتلخص في اننا نحدد احدى دول العالم الثالث، التي تتمتع بامتلاك مصادر طبيعية نشتهيها. وفي هذا الايام غالباً ما تكون هذه المصادر هي النفط، على كل حال، نذهب الى تلك الدولة من دول العالم الثالث، ونرتب لها قرضاً ضخماً من اوساط الإقراض الدولي، وفي العادة يتولى البنك الدولي قيادة هذه العملية. وهكذا، دعنا نقلْ اننا نمنح هذه الدولة قرضاً بقيمة مليار دولار. وأحد شروط اعطاء ذلك القرض، ان غالبيته، اي ما يقارب 90% منه يعود إلى الولايات المتحدة، إلى إحدى شركاتنا الكبرى، التي سمعنا بها جميعاً مؤخراً، مثل بكتل وهاليبرتون. وتبني تلك الشركات في تلك الدولة من دول العالم الثالث محطات طاقة ضخمة، وطرقاً عريضة سريعة، وموانيء، ومجمعات صناعية - ومشروعات بنية تحتية ضخمة تخدم في الاساس الأثرياء جداً في تلك الدول. ويعاني الفقراء ولا يستفيدون من تلك القروض، ولا يستفيدون من تلك المشاريع. وفي حقيقة الامر، غالباً ما يجري تقليص الخدمات الاجتماعية بشدة في عملية تسديد القرض، وما يحدث كذلك ان هذه الدولة من دول العالم الثالث تصبح رازحة تحت عبء دين ضخم لا يُحتمل ان تقدر على تسديده. ومن الامثلة على ذلك، الاكوادور في الوقت الحاضر، فالدين الخارجي في الاكوادور، نتيجة لممارسة السفاحين الاقتصاديين، يعادل نحو 50% من دخلها القومي. ولا يُتوقع ان تقدر على تسديد ذلك الدين، شأنها شأن العديد من دول العالم الثالث. ولذلك نعود الى تلك الدول عندئذ ونقول للمسؤولين فيها: انظروا، لقد اقترضتم كل هذه الاموال منا، وانتم مدينون لنا بها، ولا تستطيعون تسديد ديونكم، ولذلك أعطوا نفطكم لشركات نفطنا بسعر رخيص جداً. وفي حالة العديد من هذه الدول، والاكوادور خير مثال على ذلك، يعني ذلك تدمير غابات المطر هناك، وتدمير ثقافاتهم المحلية. هذا ما نفعله الآن في أنحاء العالم، وهذا ما ظللنا نفعله طوال الوقت. وقد بدأ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بقليل. وظل يتراكم مع الزمن حتى اليوم حيث بلغ أبعاداً خيالية في ضخامتها، وحيث نسيطر على معظم الموارد الطبيعية في العالم.
                    ان ما لدينا هنا، هو امبراطورية عالمية يسيطر عليها نفر قليل من الرجال الذين اطلق عليهم اسم “كوربوراتوكراسي”، وهؤلاء هم رؤساء الشركات الكبرى، والمصارف الكبرى، والحكومة، وكثيراً ما يجمع الواحد منهم بين الصفات الثلاث. وهم يقفزون من فئة الى اخرى من هذه الفئات، وروبرت مكنمارا خير مثال على ذلك. فقد كان رئيساً لشركة فورد، ثم اصبح وزير الدفاع في الولايات المتحدة في ظل حكم كنيدي وجونسون، ثم اصبح رئيساً للبنك الدولي. وفي كل هذه الادوار كانت مهمته تتمثل في تعزيز اوساط الاعمال الامريكية، ودعم حكم التحالف الثلاثي الذي ذكرته آنفاً، من اجل جلب الغنائم الى الولايات المتحدة واستغلال العالم. وقد عمل في ظل نظامين ديمقراطيين اثناء حكم كنيدي وجونسون. واليوم لدينا ديك تشيني الذي يحمل الصفات نفسها. وكان لدينا جورج شولتز اثناء حكم الرئيس جورج بوش الاب. وهكذا فالرئيسان بوش الاب وبوش الابن لديهما هذا الصنف من الموظفين. وكوندوليزا رايس من الأمثلة الاخرى على ذلك.
                    والحكومة مملوءة بأمثال هؤلاء الناس وليست القضية مقتصرة على الحزب الجمهوري بل تشمل الحزبين معاً. وهي تتجاوز كل الحدود، ومكنمارا مثال جيد على ذلك، فقد كان أحد أهم المنظرين في صياغة أطر الديمقراطيات الجديدة، وما كان يسميه الادارة العدوانية، وقد كانت عدوانية في خروجها الى الخارج وجلب العالم الى داخل الولايات المتحدة، بحيث ان لدينا اليوم من بين مائة من اكبر الديمقراطيات في العالم، هنالك 52 منها عبارة عن شركات، و47 منها شركات امريكية وليست دولاً. ونحن عبارة عن 5% من سكان العالم نمتد في العالم مثل أخطبوط هائل ونمتص الى داخل بلادنا 25% أو اكثر من موارد العالم. والنسبة الفعلية ليست 5% من سكان العالم، لأن 1% من سكان الولايات المتحدة يملكون من الثروة المادية اكثر مما يملكه 90% من السكان لدينا. وعلى ذلك فإن 1% من سكان الولايات المتحدة هم التحالف الثلاثي الحاكم (تحالف الشركات والمصارف والحكومة)، وهم الذين يمتصون كل ذلك، أما بقيتنا فتساند ذلك من خلال ضرائبنا، ومن خلال مشترياتنا، ومن خلال صمتنا، ومن خلال مجاراتنا لهذا النظام. مثلي أنا، باعتباري سفاحاً اقتصادياً، فأنا لم أساير النظام وحسب، بل كنت أدعمه وأرسّخ أسسه.
                    ولكن هذه، ليست كل الوسائل والاساليب الموجودة في جعبة أرباب هذه الامبراطورية، بل هنالك اسلوب يستخدم بوجه خاص مع الفئة الغنية من دول العالم الثالث، ألا وهو اسلوب تطوير وتحديث البنى التحتية في هذه الدول، بحيث تدفع معظم أموالها ثمناً لمواد وادوات واجهزة تشتريها من هذه الامبراطورية بأسعار مفروضة، أو ثمنا لخبرات وخدمات تقدّمها شركات هذه الامبراطورية ومهندسوها.
                    ان مهمتي مع مثل تلك الدول، كانت تنحصر في ايجاد صيغة ترضي حكومات تلك الدول، وترضي وزارة المالية الامريكية، وترضي رؤساءه في شركة “مين”، وبموجب هذه الصيغة، سوف تستخدم الاموال في خلق قطاع صناعي يتركز على تحويل النفط الخام الى منتجات جاهزة للتصدير. وبناء على ذلك سوف تقام مجمعات هائلة لصناعة البتروكيماويات، ومن حولها مجمعات صناعية هائلة اخرى. ومن الطبيعي ان تتطلب مثل هذه الخطة أيضاً إنشاء محطات توليد كهربائي ذات قدرة عظيمة، وخطوط نقل وتوزيع، وبناء طرق عريضة سريعة، وخطوط انابيب، وشبكات اتصال، وأنظمة نقل، بما فيها بناء المطارات الجديدة، وتحسين وتطوير الموانئ، واقامة سلسلة واسعة من الصناعات، والبنية التحتية اللازمة للحفاظ على حسن سير كل ذلك.
                    كانت لدينا توقعات عالية بأن تتطور هذه الخطة لتصبح نموذجاً يحتذى في بقية انحاء العالم. وسوف تتغنى الدولة التي تنفذ فيها هذه الخطة بمآثرنا، وتدعو الزعماء من دول كثيرة ليأتوا اليها ويشهدوا المعجزات التي حققناها، وعندئذ سوف يناشدنا هؤلاء الزعماء لمساعدتهم على وضع خطط مماثلة تنفذ في بلادهم. واذا لم تكن بلادهم من الدول الغنية، فسوف تجري الترتيبات للاقتراض من البنك الدولي أو غير ذلك من الاساليب التي تجعلها رازحة تحت عبء الديون لتمويل هذه المشاريع، وهذا هو ما تتمناه الامبراطورية الكونية.
                    فضائح استخبارات البيت الابيض:
                    فشلت اجهزة الامن الامريكية طوال تاريخهاعن حماية (الرجل الأول) في البلاد في الولايات المختلفة للرؤساء ومثلما كان الأمر قبل تأسيسها من اغتيال أو توريط للرئيس من طرف جهات ما لها مصلحة في ذلك، فقد استمر ذلك المسلسل، فقبل ظهور السي أي آيه، اغتيل أبراهام لنكولن، الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، وكان اغتياله عام 1865م، كما اغتيل جميز غارفيلد، الرئيس العشرون، عام 1882م. ووليم ماكنلي، الرئيس الخامس والعشرون، عام 1901م، ونجا تيودور روزفلت، الرئيس السادس والعشرون عام 1912م من محاولة اغتيال جرح فيها..
                    ونجا فرانكلين روزفلت الرئيس الثاني والثلاثون عام 1933 من محاولة لاغتياله، قتل فيها عمدة شيكاغو آنذاك. هذه الأحداث كانت قبل إنشاء الوكالة المركزية، فهل تغير شيء بعدها؟
                    لقد تعرض هاري ترومان، الرئيس الثالث والثلاثون، والذي تم تأسيس الوكالة بأمر منه، لمحاولة اغتيال عام 1950م.
                    واغتيل جون كندي الرئيس الخامس والثلاثون عام 1963م.
                    وجرت محاولة لاغتيال رونالد ريغان الرئيس الأربعين عام 1981م، ونجا من الموت بأعجوبة بعد إصابته برصاصة في صدره.
                    ريتشارد نيكسون، الرئيس السابع والثلاثون، لم تستطع الوكالة التغطية على تورّطه مع بعض معاونيه، ومنهم: جون ميتشل (john mitchell)، النائب العام، وجون إيرلشمان (John Ehtlichman) مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، وجون دين (John Dean)، مستشار البيت الأبيض، وهـ .ر. هالدومان (H.R. Halbeman) كبير موظفي البيت الأبيض،
                    في فضيحة ووترغيت (Watergate)
                    وهي الفضيحة المتمثلة في سرقة أشرطة مسموعة من مكتب ووترغيت، مقر الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطية (المعارض)، عام 1972م، وكذا التجسس على مكالمات الحزب، وقد انتهت تلك الفضيحة باستقالة نيكسون، من منصبه في 9 آب عام 1974م.
                    كما لم تستطيع الوكالة احتواء الفضيحة التي أثارتها مونيكا لوينسكي إحدى موظفات البيت الأبيض، عام 1998م، ضد الرئيس الثاني والأربعين بيل كلينتون متهمة إياه بالتحرش الجنسي ضدها، مع إنكار الرئيس لذلك وكذبه تحت القسم خلال المحاكمة المدنية، ثم اعترافه بعد ظهور أدلة الاتهام ووضوحها.
                    برنامج فينونا:
                    عندما أصبح «برنامج فينونا: هذه الكلمة هي الاسم بالغ السرية الذي أطلقته الحكومة الامريكية على برنامج واسع النطاق لكشف وقراءة مفاتيح الاتصالات بين موسكو ومراكز جاسوسيتها » عندما أصبح متاح للجمهور بين عامي 1995 و1997 أصيب دارسو التجسس بالدهشة ازاء مدى تغلغل المخابرات السوفييتية في حكومة الولايات المتحدة كما اظهرت الرسائل ايضاً ان الغالبية العظمى من الامريكيين الذين قاموا بالتجسس لصالح السوفييت كانوا اعضاء في الحزب الشيوعي الامريكي ورغم ان تلك الحقائق كانت معروفة لمكتب المباحث الفيدرالية الامريكية ولجنة مجلس النواب للأنشطة غير الامريكية الا انها كانت من أكثر المسائل اثارة للخلافات اثناء الجدال الطويل اثناء الحرب الباردة وساد بين المدافعين اليساريين لمدة طويلة اعتقاد بأن اعضاء الحزب الشيوعي هم مواطنون مخلصون معارضون مهتمون فحسب باصلاح النظام الامريكي ويقول المؤلفان: «ولكن وثائق فينونا تثبت العكس وهو ان اخلاصهم كان للاتحاد السوفييتي وان كثيراً من قيادات الحزب وبعض الاعضاء الكبار كانوا جواسيس للقضية السوفييتية».
                    وفي الثمانينات اثيرت فضيحة برنامج (PROMIS) حتى وصلت هذه الفضيحة الى المحاكم الامريكية اذ تبين ان الحكومة الامريكية قامت بسرقة برنامج الشركة (INSLAW) ومن دون موافقتها وتم استخدام هذا البرنامج من قبل وكالة المخابرات الامريكية ، وكما تم تسليم هذا البرنامج الى مخابرات دولة صديقة لامريكا ومن خلال برنامج (PROMIS) حصلت الحكومة الامريكية على معلومات اقتصادية هامة وعلى معطيات استراتيجية حول السياسة الخارجية للحكومة الكندية، وعندما وصلت الفضيحة الى المحاكم وبقدرة قادر وبقوة خفية تم اغلاق هذه الفضيحة ومع ذلك يدعون أنهم دولة القانون والحرية؟
                    وفي عام 2001 اعلن جهاز مكافحة الجاسوسية في كندا بان حكومة صديقة ( المقصود امريكا) كانت تعمل وبشكل جدي من اجل حصولها على معلومات سرية وهامة وخاصة في مجال التكنولوجيا والاكثر من ذلك نشرت الصحف الرسمية خبرا مفاده ان اسامة بن لادن قد قدم 2 مليون دولار من اجل تطوير برنامج(PROMIS) بهدف الدخول الى البنتاغون وغيره من المؤسسات العسكرية والامنية والامريكية، وليس من باب الصدفة ان تختفي القائمة المفجعة [المقصود احداث ايلول عام 2001]
                    الموساد تخترق السي اي ايه:
                    جاءت الصدمة الأولى التي أصابت محققي مكتب التحقيق الفدرالي عندما حلّلوا خمساً وعشرين وثيقة مسروقة وجدوها في حقيبة كانت آن بولارد (زوجة بولارد) الموظف في قسم المخابرات بوزارة الدفاع قد أخرجتها زوجته من شقتهما بناء على تعليماته لها بعد أن قامت وزارة الدفاع بالتحقيق معه. وتبيّن أن عدداً كبيراً منها من النوع السري للغاية، وكلّلها تقريباً تتعلّق بالقدرات والأسلحة الأميركية. والسؤال الآن هو لماذا كان الإسرائيليون يريدون هذه المعلومات؟
                    إن الإجابة على هذا السؤال كما يُفهم من كبار مسؤولي وزارة الدفاع والعاملين بمكافحة التجسس في مكتب التحقيقات الفدرالي الذين راجعوا التعليمات التي تلقّاها بولارد من العملاء وسجّلها لا تزال هدفاً رئيسياً للتحقيق. وقد تبين من سجلات التعليمات هذه والسجلات الكمبيوتر في قسم المخابرات بوزارة الدفاع حيث تمكّن بولارد من الحصول على أكثر الوثائق المسروقة أن أكثر الوثائق التي سلّمها بولارد للعملاء لا تتصل إطلاقاً بالشرق الأوسط، فهي تشتمل على تفاصيل متعلّقة بالمخابرات والقدرات والاتصالات العسكرية الأميركية والروسية. كما تشتمل حسب ما جاء في لائحة الاتهام على تفصيلات عن مواضع السفن ومحطات الطيران الأميركية وأساليب القتال، وطرق تدريب الجند في الجيش الأميركي. ولم تكن هناك أهمية لأكثر هذه المعلومات إلاّ لدى بلد واحد وهو الاتحاد السوفييتي.
                    وتزايد قلق الأميركيين خلال التحقيق مع بولارد عندما كشف سوفييتي كان قد هرب إلى الولايات المتحدة أن هناك بالإضافة إلى الجاسوسين السوفييتيين اللذين قُبض عليهما في إسرائيل وسُجنا (وهما شبتاي كلمانوفيتش وماركوس كلينبرغ) جاسوس ثالث بإسرائيل لم يُقبض عليه. وأضاف أن هذا يحتل مركزاً مهماً في وزارة الدفاع الإسرائيلية وأنه لا يزال يزاول التجسس. ومن المحتمل أن تكون الأسرار التي أرسلها بولارد إلى إسرائيل قد وجدت طريقها إلى الاتحاد السوفييتي سواء أكان هذا هو الهدف أم لم يكن.
                    فالمعلومات التي أرسلها بولارد للإسرائيليين تشمل المواد التالية :
                    1- معلومات عن الأنظمة الفنية للمخابرات والأخبار التي جُمعت بواسطتها.
                    2 - راسات تحليلية مفصّلة تشتمل على حسابات ورسوم بيانية وصور للأقمار الصناعية وأسماء الذين قاموا بها.
                    اعترف بولارد بأنه لم يقتطع أي جزء من الوثائق التي سلّمها لعملاء إسرائيل. والواقع أن الوثائق التي وُجدت في شقته كانت كاملة. وكذلك كان الأمر بالنسبة للوثائق التي أعادها الإسرائيليون وعددها 163 وثيقة. ومعنى هذا أن الوثائق اشتملت على جميع التفاصيل عن مصادر الأخبار وطرق جمعها. وحتى لو أن بولارد حاول أن يقتطع أجزاء من الوثائق لما استطاع، وذلك لعدم قدرته على ذلك، خاصة وأنها تقع في آلاف الصفحات وتتناول مئات الموضوعات.
                    ولنأخذ مثلاً على ذلك الوثائق المسروقة التي تشتمل على صور عسكرية التقطتها الأقمار الصناعية الأميركية. فلو نشرت صورة من تلك الصور في مجلة عسكرية فكلّ ما يمكن لأجهزة التجسس الأجنبية أن تستخلصه منها هو أن وكالة الأمن القومية مهتمّة بموضوع الصورة بالإضافة إلى تكوين فكرة عن قوة الكاميرات المثبتة في الأقمار الصناعية. أمّا إذا استطاعت تلك الأجهزة الحصول على الصور الأصلية أو حتى على نسخ جيدة من تلك الصور، فإنها تستطيع أن تحصل على المعلومات الفنية التي يسجلها جهاز القياس في القمر الصناعي مثل موضع ذلك القمر الزمن وعلوّه. وعند وقوع هذه المعلومات في يد أجنبية يتعيّن على وكالة الأمن القومية أن تقوم بعملية باهظة التكاليف، وهي تغيير موضع القمر أو حتى مساره كلّه، وذلك لأن انكشاف المعلومات يحرم صاحبها من عنصر المفاجأة.
                    و قال مسؤلون في الاستخبارات انه في الواقع لا فرق بين وصول الوثائق إلى إسرائيل أو إلى بلد آخر كتشيكوسلوفاكيا. فلا يمكن لأي جهاز أمن قومي في العصر الحديث أن يعرض حياة العديدين للخطر وأن يغامر ببلايين الدولارات في عمليات لا يسيطر على سريتها. فمتى ذهبت السرية ذهب كل شيء. وحتى لو افترضنا أن بولارد بعث بالبريد نصف تلك الوثائق لمقر المخابرات الروسية (الكي. جي.بي.) بموسكو وأودع النصف الآخر لدى صديق له في بثيسدا بولاية ماريلاند فإن ذلك لا يغيّر شيئاً من قيمة الأضرار التي ألحقها بالأمن القومي.
                    وفي هذه الحالة سلمت المواد إلى دولة أجنبية كانت الولايات المتحدة تعتقد أن السوفييت تغلغلوا في أجهزة مخابراتها. وعندما سئل المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية المركزية (السي. آي. إي.) ريتشارد هلمز مؤخرا عمّا إذا كان على الولايات المتحدة أن تفرّق بين أولئك الذين يبيعون الأسرار "للأصدقاء" وبين الذين يبيعونها "للأعداء" كان جوابه أنه لا فرق بين هؤلاء وأولئك "لسبب بسيط وهو أننا لا نعرف شيئا عن أجهزة الأمن في تلك الدول".
                    كان رفائيل إيتان مدير الـ "ليكيم" أي الوحدة في وزارة الدفاع التي أدارت عملية بولارد هو مستشار إسحاق شامير وشيمون بيريز حول شؤون المخابرات ومكافحة الإرهاب. ويذكر بليتزر في كتابه أنه عندما تولّى بيريز رئاسة الوزراء في سبتمبر 1981 (أي بعد تجنيد بولارد لسرقة الوثائق بوقت قصير) "طلب من إيتان أن يتخلى عن مسؤوليته في مكافحة الإرهاب". لكن ما لا يذكره بليتزر هو أن إيتان ظل يمارس عمله في المخابرات بمكتب رئيس الوزراء إلى أن تم القبض على بولارد.
                    ومصدر معلوماتي هذه هو توماس بكرنج الذي كان إذ ذاك سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل. وعندما ذكر تورّط إيتان بعملية بولارد سألته وزارة الخارجية الأميركية عن علاقة إيتان برئيس الوزارة، فأجاب بما ذكرناه في برقية "سرية" (رقم 17246 بتاريخ 26 نوفمبر 1984) لوزير الخارجية. وقد سمح لي بالاطلاع على هذه البرقية بناء على قانون حرية المعلومات.
                    وربما كان الجانب الأشد إحراجاً لإسرائيل من قضية بولارد، والسبب الرئيسي الذي من أجله يرغب المتورطون مباشرة فيها أن يطلق سراحه وأن يتم إغلاق القضية نهائياً هو الإطار السياسي الذي تمت فيه العملية. إذ تخشى إسرائيل طرح المزيد من الأسئلة التي تكشف عن تورطها في التجسس على الولايات المتحدة ؟ وهل كان بولارد الوحيد الذي قبض عليه وهو يتجسس أم أنه كان الوحيد الذي قبض عليه وحوكم ؟.
                    الواقع أن بولارد لم يكن أول من فعل ذلك كما أنه لم يكن أول جاسوس لإسرائيل يقبض عليه أو حتى يقبض عليه ويحاكم. ويفرّق بليتزر بين نوعين من التجسس : أوّلهما ما يسمّيه بالتجسس الودّي أو تجسس الأصدقاء، والاني هو التجسس الخسيس الذي يجند من أجله العملاء ويدفع المال لقاء الحصول على المعلومات. ويتم النوع الأول بوسائل فنية مكشوفة أو عبر الملحقين العسكريين بالسفارات وغيرها، وهذا ما يفعله الجميع. ويضيف بليتزر أن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا منذ عشرات السنين تلتزمان باتفاق يقضي بعدم ممارسة إحداهما النوع الثاني ضد الأخرى.
                    بعد اعتقال بولارد بوقت قصير أصدر بيريز رئيس الوزراء بياناً يقول فيه : "إن التجسس على الولايات المتحدة يتنافى كلياً مع سياستنا". لكن من الواضح أن ما يقوله غير صحيح. فالحكومة الإسرائيلية كانت منذ فتح سفارتها في واشنطن عام 1948 تتجسس على واشنطن.
                    ويمكن للقار أن يكون فكرة عن ذلك من القائمة الواردة في المقال السابق بالرغم من أنها ليست كاملة. فهناك أدلة ثابتة على قيام إسرائيل بعمليات مشابهة لعملية بولارد. لكن لماذا بقيت تلك العمليات بعيدة عن الأضواء ؟ أجاب على هذا السؤال مسؤول كبير في مكتب التحقيقات الفدرالي فقال : "إن 95% من تلك المعلومات لم تصل المحاكم". وأضاف هذا المسؤول أنه هو نفسه أعدّ ملّفين كاملين لعمليتين مشابهتين لعملية بولارد وذلك لإقامة دعوى مماثلة. لكن تم إسقاط الدعوى في كلّ من الحالتين في اللحظة الأخيرة.
                    ومن المؤكد أن بولارد لم يكن أول جاسوس لإسرائيل في أميركا. ويحتمل أن لا يكون آخر جاسوس. لكنه كان أكثر الجواسيس نشاطاً وفعالية. ومهما يكن من أمر فإنني أشعر أن كثرة من المسؤولين في المؤسسة العسكرية الأميركية وفي أجهزة المخابرات سوف يسعدهم أن يطلق سراح بولارد وزوجته وأن يسمح لهم بالذهاب إلى إسرائيل. لكن هذا يتوقف على ما يمكن أن تحصل عليه الولايات المتحدة مقابل ذلك. فقد يحدث تبادل ثلاثي للجواسيس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي يشمل الجواسيس السوفييت في السجون الإسرائليين. ويمكن القول بصورة عامة إنه ليس هناك شعور بالنقمة على بولارد شخصياً في واشنطن. لكن من المؤكد أن أي جاسوس إسرائيلي آخر سينكشف أمره في الولايات المتحدة حيث سيعامل كجاسوس.
                    إختراق السي أي إيه:
                    كان القبض على الدريتش اميس في 1984 قد سبب موجات من الصدمة في ارجاء الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) ونتج عنه عدد من الاصلاحات.
                    وان العديد في سي اي ايه لم يصدقوا ان يكون من بينهم جاسوس ، ومن حسن الحظ ان يوجد قليل من المسئولين الذين يؤمنون دائما بوجود شخص ما يعمل في الظلام وفي النهاية امسكوا ببغيتهم. بيد ان الضرر الاكبر الذي تسبب فيه اميس وحقيقة انه تم اكتشاف امره بعد تسع سنوات كان الدافع وراء المطالبة بالاصلاح.
                    واعتراف سي اي ايه انها غير محصنة ضد ظهور جاسوس داخلها. وقد اثبتت هذه التغييرات قيمتها عندما تم القبض على ضابط الاستخبارات هارولد نيكولسن في 1996 بعد عامين من تطوعه بالخدمة لصالح الروس.
                    بيد ان جهود ما بعد اميس لها جانب مظلم ايضا ؛ ذلك انه على عكس عملاء اف بي اي فإن ضباط سي اي ايه يتم عرضهم على جهاز كشف الكذب بطريقة روتينية حتى قبل اكتشاف امر اميس. وطبقا لتقارير نشرتها واشنطن بوست بعد قضية اميس قامت اف بي اي وسي اي ايه بمراجعة سجلات كشف الكذب لعدد من موظفي سي اي ايه وحددت من قد يكون لديه مشاكل. وبموجب اجراءات مطلوبة حسب قانون جديد تمت احالة هذه القضايا الى اف بي اي الذي فتح تحقيقات جنائية.
                    وفي بعض الحالات تم تحديد مشاكل خطيرة والتعامل معها بواسطة سي اي ايه وفي حالات اخرى لم يكن هناك شئ موجودا في السجلات سوى استجابة فسيولوجية مهمة لسؤال على جهاز كشف الكذب. ومعظم هذه الحالات تعذبت لوقت طويل غير معقول في اف بي اي -وصلت سنوات في بعض الحالات- قبل العودة الى سي اي ايه حيث يمكن للضابط ان يواصل عمله.
                    وبينما كان جهاز سي اي ايه يشعر انه لا يمكن وجود جاسوس في الوكالة بفضل جهاز كشف الكذب نجد ان اف بي اي كان يشعر بعدم الحاجة الى عرض كل العملاء على جهاز كشف الكذب لانهم كانوا عملاء مخصوصين ؛ وكل من الجهازين كانا على خطأ.
                    لإن جهاز كشف الكذب ليس كاملا. والشرفاء يفشلون في اختبارات كشف الكذب بينما غير الشرفاء ينجحون. وهو مجرد وسيلة بسيطة تقيس استجابات فسيولوجية معينة مثل التنفس وضربات القلب وردة الفعل العصبية للجلد ردا على مجموعة من الاسئلة التي يطرحها الممتحن. والنظرية الاساسية هو انه عندما يكذب الناس وهم يعلمون فسوف يكون لديهم استجابة فسيولوجية يمكن قياسها.
                    ولكن جهاز كشف الكذب ليس هو الاداة الوحيدة في برنامج التجسس المضاد الفعال. هو فقط اداة للمساعدة ولكن اذا استعمل بطريقة خاطئة فيمكن ان يسبب انهيار المعنويات وتدمير حياة ابرياء. وقد يؤدي الى الثقة المفرطة -مثلما كان الوضع القائم قبل القبض على اميس.
                    ومفتاح الحصول على برنامج جيد لجهاز كشف الكذب هو الممتحن المدرًب الخبير. وعلى الوكالات ضمان توفير ممتحنين مدربين بشكل ملائم بحيث يحصلون على فرص عمل طويلة المدى والاهم ان توضع معايير حماية قوية لحقوق وكرامة الموظفين في موضعها. ويجب تحقيق مبدأ اساسي هو انه لا ينبغي ان يقوم عمل خاص بالعاملين على اختبار كشف الكذب فقط.
                    فضيحة الجمرة الخبيثة:
                    البحث المنفعل على مدى شهور عن الشخص المسؤول عن أسوأ هجوم إرهابي بيولوجي يقع على التراب الأميركي. فقد أدت ست رسائل أرسلت في البريد إلى ليهي وداشل وتوم بروكو ودان راذر ونيويورك بوست ومكاتب ناشيونال انكوايرر في فلوريدا، إلى إصابة 18 شخصاً بالمرض وموت خمسة. وكانت الجريمة مريعة بشكل خاص لأن الجمرة الخبيثة – وهي مسحوق بالغ التعقيد يتناثر في الجو – تسرب من الأغلفة، وانتشر في أجزاء من أنظمة البريد في الدولة ولوّث مبنى تابعاً لمجلس الشيوخ بكامله. وبعد سنة تقريباً، لم يتم بعد فتح مركز البريد الرئيسي في واشنطن العاصمة.
                    ويتعرّض الـ أف بي آي لضغط هائل لإقفال القضية، ولا يزال مجرم الجمرة الخبيثة حياً وطليقاً كما يفترض. وقد طلب عضوا مجلس الشيوخ الحصول على تقارير منتظمة عن سير التحقيق من المكتب وأصبحا نافذي الصبر بشكل متزايد.
                    وبمشاركة مايكل إيسيكوف في واشنطن ومارك ميلر وآن بيلي غيسلمان في تكساس أحضر عملاء الاف بي آي الكلاب بهدوء إلى أماكن يتردد عليها عشرات الأشخاص الذين اعتبروهم مشتبهاً بهم، آملين أن تتمكن الكلاب من إيجاد شبيه لرائحة الرسائل. وفي مكان بعد آخر، لم يكن هناك أي ردة فعل من قبل الكلاب. لكن عندما اقترب مدرّبو الكلاب من المبنى السكني في مدينة فريدريك، ماريلاند الذي يقيم فيه الدكتور جيه ستيفن هاتفل، وهو عالم غريب الأطوار، 48 عاماً، كان يعمل في واحد من أشهر مختبرات أبحاث الجيش للأسلحة البيولوجية، أصبحت الكلاب على الفور عصبية، حسبما علمت نيوزويك. وقال مصدر في قوى تنفيذ القانون :"بدأت الكلاب تتصرف بشكل جنوني". وأحضر العملاء أيضاً الكلاب إلى شقة صديقة هاتفل في واشنطن العاصمة. وإلى مطعم دينيز للوجبات السريعة حيث تناول هاتفل طعاماً في اليوم السابق، وفي كلا المكانين، فقزت الكلاب وعوّت، مما يشير إلى أنها التقطت الرائحة. (كلاب الدموم، هي الوحيدة التي تعترف المحكمة بقدرتها على الشم).
                    وقد شعر المحققون الفيدراليون بعد أشهر من الإحباط بأنهم أخيراً أصبحوا قريبين من تحقيق إنجاز. لقد أثار هاتفل اهتمامهم، إنه رجل متأنق ومتغطرس لديه نزعة لتضخيم إنجازاته. وقد اشتكى بصوت عال على مدى سنين من أن الولايات المتحدة لا تفعل ما فيه الكفاية للتحضير لمواجهة لهجوم إرهابي بيولوجي محتمل، وخشي ألاّ تلقى تحذيراته آذاناً صاغية. وبعد ذلك، ألغت الحكومة تصريحه الأمني بعد أن فشل في فحص للكشف عن الكذب عندما قدم طلباً للعمل في وكالة الاستخبارات المركزية(سي آي أيه)، وعرض فقدانه للتصريح الأمني منصبه لدى شركة مقاولات دفاعية للخطر. وقد جعلت حقيقة أن رسائل الجمرة الخبيثة الأولى ترسل بعد ذلك بشهر المحققين يتساءلون في النهاية : هل تركت التجربة لديه مرارة بما يكفي للقيام بشيء حاسم؟
                    وثمة شيء آخر عن هاتفل أثار اهتمامهم. لقد شاهده العملاء الذين كانوا يراقبون شقته، وهو يلقي بكميات كبيرة من ممتلكاته في صندوق قمامة كبير كائن وراء بنايته السكنية، وتساءل بعضهم، هل كان يا ترى يريد التخلص من أدلة. وعلى الرغم من أن أف بي آي يقول إن هاتفل كان متعاوناً طيلة الوقت، إلاّ أن الكلاب وصندوق القمامة حملا العملاء على الحصول على مذكرة جنائية لتفتيش شقة هاتفل، لملاحقته. وقد وصل العملاء مع الكلاب الكبيرة وعندما دخلوا الشقة، اندفع أحد الكلاب بعصبية نحو هاتفل. وقال مسؤول في وحدة تنفيذ القانون :"عندما ترى الكلاب تذهب نحو كل شيء يتصل به تقول، "تباً له!".
                    لكن، رغم حماسة الكلاب، عندما غادر المحققون الفيدراليون الشقة بعد ذلك بساعات، لم يجدوا شيئاً يربط هاتفل بالجريمة (الفحوص مستمرة في المختبر لما عثروا عليه). ولم يجد العملاء الذين ذهبوا إلى صندوق القمامة شيئاً سوى كومة من ممتلكات هاتفل الشخصية. وكان لدى هاتفل، الذي عرف أنه مراقب من قبل أف بي آي. واشتكى إلى أصدقائه من ذلك، تفسير ممتاز : طبعاً هو يلقي بأشياء في صندوق القمامة. فقد قبل أخيراً وظيفة في جامعة ولاية لويزيانا، وكان ينظف شقته قبل ذهابه.
                    واجه المحققون بدايات كاذبة وطرقاً مقفلة حولوا اهتمامهم مرة بعد أخرى نحو هاتفل. إلاّ أن المسؤولين يقولون إنهم ليسوا قريبين من إجراء أي اعتقالات في القضية. وقد قال مسؤول كبير :"ما زلنا بعيدين عن أي إثبات نستطيع أن نأخذه إلى المحكمة". وأكد هاتفل باستمرار عن طريق محاميه أنه بريء ويقول المسؤولون إنه كان معيناً جداً ومتعاوناً. وقال فكتور غلاسبيرغ، محامي هاتفل، في تصريح :" إن الدكتور هاتفل جرى استجوابه وفحصه طوعياً على قيام الـ أف بي آي بفحص مطول شامل لمنزله، وسيارته، وممتلكات أخرى. إنه أبلغ بأن النتائج كانت كلها لصالحه، وأنه ليس مشتبهاً به في القضية". (رفض غلاسبيرغ الإجابة عن أسئلة). وتفتيش يوم الخميس لم يكن المرة الأولى التي يظهر فيها عملاء عند عتبة باب منزل هاتفل. ففي أشهر سابقة، سمح من تلقاء نفسه للمحققين بتفتيش شقته في مناسبتين أخريين.
                    وقد حرص المسؤولون على الإشارة إلى أن هاتفل واحد من "نحو 12 شخصاً" يحققون معهم. وهم يقولون إنه ليس مشتبهاً به ولا حتى هدفاً للتحقيق. ولا يزال الـ أف بي آي مصدوماً من تحقيقه الفاشل مع ريتشارد جويل، الذي اشتبه به بصورة فاشلة على أنه يتآمر لتفجير قنابل أثناء الألعاب الأولمبية وقد أُدين تقريباً من قبل الصحف نتيجة تسريبات من عملاء حكوميين لم يكشف عن أسمائهم كانوا واثقين من أنه مذنب. وقد برّئ جويل في النهاية من جميع التهم ورفع قضية بنجاح مطالباً بتعويض عن أضرار.
                    وقد حاول المحققون الفيدراليون في الأسابيع التي أعقبت الهجمات، أن يجمعوا أجزاء صورة عن الشخص الذي يمكن أن يكون قد قام بالجريمة. وكانت هناك احتمالات كثيرة. إرهابي أجنبي؟ عالم ساخط؟ ومرات كثيرة تتبعوا بحماس مؤشرات واعدة كانت غير مفيدة. ففي نوفمبر الماضي دهموا منزل عزيز قزي، وهو مسؤول مالي باكستاني المولد في مدينة تشيستر، بنسلفانيا. وقد نقلوا عشرات الصناديق من ممتلكاته واستجوبوه لعدة ساعات عن سائل غامض شوهد يحمله إلى خارج منزله. وتبيّن أن آلة غسل الصحون لدى العائلة تعرضت لاختناق. وكان قزي يزيل مواد من مطبخه. وفي إخبارية أخرى، بدأ محققون في تكساس يراقبون رجلاً مصرياً جرى التبليغ عنه في وشاية بالسجن، وقد سمع محققون شركاءه يتحدثون عن تسليم محتويات "غلاف بني" وراقبوه عندما ذهب إلى المطار، وعندما فتشوا أمتعته سراً، وجدوا المغلف وكانت في داخله أوراق تأمين.
                    ولم يمض وقت طويل حتى استنتج المحققون أن الهجمات يقوم بها على الأرجح شخص ما لديه وصول إلى مختبر حسن التجهيز. وذلك يعني عالماً، ومن المحتمل جداً أن يكون ممن يعملون في خدمة الحكومة. فقد أنتجت مادة الجمرة الخبيثة على شكل مسحوق دقيق لتنتشر بسرعة في الجو، وليست من النوع الذي يمكن أن ينتجه هاو، واعتقد مسؤولو الـ أف بي آي أن الأدلة تشير في اتجاه شخص أراد أن يبعث برسالة، وربما إظهار مواهبه، وليس بالضرورة لكي يقتل. فقد نبه بعض الرسائل القارئ لأن يبدأ في أخذ بنسلين، والجمرة الخبيثة نفسها لم تكن من النوع المتطور المقاوم للعقاقير الطبية، بل كانت من النوع الذي تسهل معالجته بمضادات حيوية عادية.
                    ولم تسفر التفتيشات عن شيء. لكن كان هناك اكتشاف محيّر، إلاّ أنه غير دامغ. لقد وجد المحققون في مكونات كومبيوتر هاتفل مسودة رواية. محور القصة هو هجوم إرهابي بيولوجي، وكيف يخفي المجرم آثاره. غير أن التأملات الخيالية لعالم لم يكن ممكناً اعتبارها دليلاً. وتوقف التحقيق.
                    وأحد الأسئلة الرئيسية التي ما زال على المسؤولين الفيدراليين أن يجيبوا عنها كما يقول أحد المحققين هو، كيف استطاع الجاني أن ينجو بفعلته؟ "إنها الفجوة الكبيرة". إن الحصول على الجمرة الخبيثة لم يكن بالضرورة أمراً صعباً على عالم حكومي. فهناك مختبر واحد على الأقل تابع للحكومة الأميركية عمل سراً على إنتاج كمية صغيرة منها منذ أوائل التسعينات. وتقول مصادر تنفيذ القانون إن المختبرات هي ذات سمعة سيئة من حيث التقاعس في متابعة قائمة موجوداتها، ووضعها الأمني عموماً ليس جيداً. يقول مسؤول عن تنفيذ القانون :"إن في استطاعة شخص ما أن يضع كيساً في معطفه ويخرج من المختبر مع المادة".
                    لكن مع ذلك، حتى العالم المتدرب تدريباً عالياً، كان سيجد صعوبة في تحضير الجمرة الخبيثة وإرسالها من دون أن يلوث نفسه ومحيطه. فعلماء الجمرة الخبيثة يصفون كيف يطفو المسحوق الدقيق من اللوحات الزجاجية قبل أن يتسنى وضعه تحت المجهر. ووضع المادة في غلاف – وليس في كل مكان آخر – كان سيتطلب مهارة فائقة. وأحد الاحتمالات هو : مرتكب الجريمة كان له وصول إلى مختبر تجاري أو حكومي مجهز بـ "غرفة نظيفة". الاحتمال الآخر : مختبر منزلي متطوّر جداً.
                    وإلى أن يستطيع المحققون أن يجدوا دليلاً مادياً يربط شخصاً ما بالجريمة، فسيضطرون للتكهن بشأن دوافع وأساليب المجرم، إنهم ما زالوا يلقون بشبكة هائلة. تقول عناصر تنفيذ القانون إنها أصدرت المئات من مذكرات الاستدعاء في مختلف أنحاء البلاد، وهي تحلل آلاف الوثائق بحثاً عن أدلة جديدة. وقد يكون الدليل صغيراً تصعب مشاهدته – عرقاً أو رائحة على غلاف – إلاّ أن ذلك يمكن أن يكون كل ما يحتاجون إليه لجلب الكلاب.


                    الفصل الخامس
                    عمليات التجسس الدولية
                    أولاًً : العراق
                    إعترف جون بيركنز العميل السابق في وكالة الامن القومي في مذكراته ان ادارتي بوش الأب وريجان كانتا عازمتين على تحويل العراق الى دولة تابعة لواشنطن. وكانت هنالك اسباب عديدة تدفع صدام حسين الى اتباع النموذج الذي سارت عليه الولايات المتحدة مع الدول الثرية بمواردها فقد كان يغبط هذه على ما تحقق فيها من مشاريع يسيل لها لعابه. كما كان يعلم انه اذا ارتبط مع واشنطن بمثل هذه المشاريع فسوف يحظى منها بمعاملة خاصة في ما يتعلق بتعاطيه مع القانون الدولي، وسوف تتغاضى عن بعض افعاله.
                    كان وجود السفاحين الاقتصاديين في بغداد قويا خلال ثمانينات القرن الماضي. وكانوا يعتقدون بأن صدام سوف يبصر النور في نهاية المطاف، وكان علي ان أتفق مع هذا الافتراض، فلو ان العراق توصل مع واشنطن الى اتفاق مثلما فعلت بعض الدول الاخرى، فسوف يؤمن استمراره في حكم بلاده، وقد يوسع دائرة نفوذه في ذلك الجزء من العالم.
                    لم يكن يهم الولايات المتحدة انه طاغية مستبد، وان يديه ملطختان بدم كثير من الابرياء. فقد تحملت واشنطن وجود مثل هؤلاء الاشخاص من قبل، بل كانت تدعمهم وتساندهم في أحيان كثيرة. وسوف نكون في غاية السعادة بأن نقدم له سندات الحكومة الامريكية مقابل دولارات النفط، ومقابل وعده لنا باستمرار تزويدنا بالنفط، ومقابل صفقة يتم بموجبها استغلال ارباح السندات في تأجير الشركات الامريكية لتحسين انظمة البنية التحتية في العراق، ولاستحداث مدن جديدة، وتحويل الصحراء الى واحات خضراء. وسنكون راغبين في بيعه دبابات وطائرات مقاتلة، وفي بناء مصانعه الكيماوية والنووية، مثلما فعلنا من قبل في عدد كبير جدا من الدول، حتى لو كانت مثل هذه التقنيات يمكن ان تستخدم في انتاج اسلحة متطورة.
                    اما عن أهمية العراق بالنسبة الى الولايات المتحدة فيقول جون بيركنز العميل السابق في وكالة الامن القومي في مذكراته:
                    كان العراق في غاية الأهمية لنا، بل اهم بكثير مما يبدو على السطح. وخلافا للرأي العام الشائع، لا يتعلق الأمر بالنفط فقط. بل يتعلق بالمياه وبالجغرافيا السياسية كذلك، ولأن نهري دجلة والفرات يجريان عبر العراق، فإن العراق، من بين كل دول ذلك الجزء من العالم، يسيطر على أهم موارد المياه ذات الأهمية المتزايدة الى درجة حرجة. وخلال ثمانينات القرن الماضي، كانت اهمية المياه، السياسية والاقتصادية، تتضح شيئا فشيئا لمن يعملون منا في مجالي الطاقة والهندسة. وفي غمرة الاندفاع نحو الخصخصة، أصبح العديد من الشركات الرئيسية التي كانت من قبل تتطلع الى القيام بمهام شركات الطاقة المستقلة الصغرى، يمد بصره نحو خصخصة انظمة المياه في افريقيا، وامريكا اللاتينية، والشرق الأوسط.
                    وبالاضافة الى النفط والماء، يحتل العراق موقعا استراتيجيا جدا. فهو يتاخم ايران والكويت والمملكة العربية السعودية والاردن وسوريا وتركيا، وله ساحل على الخليج العربي. وهو على مسافة تسمح باطلاق الصواريخ على “اسرائيل” وعلى الاتحاد السوفييتي السابق. ومن الشائع اليوم ان من يسيطر على العراق يملك مفتاح السيطرة على الشرق الأوسط.
                    وفوق كل ذلك، كان العراق يشكل سوقا ضخمة للتكنولوجيا والخبرة الهندسية الامريكية. وكونه يجلس فوق واحد من اعظم حقول النفط في العالم، يضمن انه في وضع يخوله تمويل برامج ضخمة تتعلق بالبنية التحتية والتصنيع. وكان كل اللاعبين الرئيسيين يمدون ابصارهم نحو العراق: شركات الهندسة والبناء، مزودوا انظمة الحاسوب، اصحاب مصانع الطائرات والصواريخ والدبابات، وشركات تصنيع الادوية والكيماويات.
                    غير انه كان من الواضح ان صدام في أواخر ثمانينات القرن الماضي لم يكن مقتنعا بسيناريو السفاحين الاقتصاديين. وكان ذلك يسبب خيبة أمل وضيقا عظيمين لادارة بوش الأب. وبينما كان بوش يبحث عن مخرج لذلك، اوقع صدام نفسه بنفسه، حين غزا الكويت في اغسطس/آب ،1990 ورد بوش بادانة صدام بخرق القانون الدولي.
                    وفي 3 أغسطس 1990 في الوقت الذي كان صدام قد غزا فيه لتوه أراضي الكويت، تلقي بندر بن سلطان السفير السعودي مكالمة من الرئيس بوش الاب يدعوه فيها للحضور عصراً الي البنتاجون حيث كان في انتظاره وزير الدفاع ديك تشيني، وبرفقته رئيس أركانه كولن باول ودخل الثلاثة حجرة مصفحة يطلقون عليها اسم (الدبابة) تحت الحراسة الدائمة ومجهزة بأنظمة تشويش تجعل من المستحيل التنصت علي ما يدور من أحاديث، وفي هذا الاجتماع بيَّن وزير الدفاع تحركات الفرق العراقية نحو الحدود السعودية وعرض صورا داعمة التقطتها الأقمار الصناعية، ولكن السفير السعودي ذكرهم بحركة جيمي كارتر عندما اشتعلت المنطقة بفعل الحرب العراقية الايرانية والذي اقترح حينذاك ارسال اثنتي عشرة طائرة "إف 15" "مجردة من الأسلحة للدفاع عن السعودية وأضاف السفير اليوم لا يمكن إلا لمجنون ان يقبل مثل هذا العرض"، وعندما دفع تشيني باتجاه بن سلطان بملف طالبا قراءته جيدا حتي يعرفوا مدي صدق عزمنا".. وبعد أن قرأ الملف ابتسم ابتسامة عريضة لتشيني وباول وأعرب عن اعجابه بضخامة هذه الاستعدادت، ووعد بندر بأن يتصل علي الفور بالملك فهد ليشرح له تفصيلا الخطة الأمريكية.
                    ولم يكن الأمر مفاجئا، حين أمر الرئيس بوش الاب بشن هجوم عسكري شامل. وارسل نصف مليون جندي امريكي كجزء من قوة دولية. وخلال الشهور الاولى من سنة 1991 شن هجوم جوي كاسح على الجيش العراقي وعلى الاهداف المدنية
                    CIA وانقلاب ضد صدام:
                    في صحيفة واشنطن بوست الصادرة في 16/ 5/ 2003. تحدث الصحفي ديفيد أيغناتيوس عن علاقة وكالة المخابرات الاميركية بانقلاب لم يتم في العراق يقول أيغناستون: لقد توقع عدد من المسؤولين في المخابرات الأميركية والبريطانية أن تقوم قوات عراقية بحجم فرقة بالاستسلام فور انطلاق القوات الأميركية لغزو العراق. لكن هذا الاستسلام لم يحدث ولم تلجأ وحدات بهذا الحجم إلى القوات الأميركية المحتلة. وشكل هذا التوقع الخاطئ ضربة حقيقية للمخابرات الأميركية في حرب العراق. وهناك من يرى أن هذه الضربة لم تكن الوحيدة للسي أي أيه خلال السنوات العشر الماضية في العراق. خصوصا في ميدان صنع انقلاب ضد صدام. ويكشف أيغناتيوس أن انقلابا أعدته ألسي أي أيه قبل احتلال العراق باسم "دياشيليس" فشل أيضاً. وكان المسؤول عن إعداد وإدارة خطة الانقلاب الذي تقرر في عام 1996 تحت اسم دياشيليس هو ستيفين رختر الذي عينته الس أي أيه مسؤولا عن قسم الشرق الأدنى ومحطات التجسس الأميركية فيه. وتشجع رختر ومعه ضابط سابق في الجيش الأميركي تولى قيادة الوحدات العسكرية الأميركية التي ستلعب دورا في ترتيب الانقلاب وبعث بتقرير متفائل حول نجاح خطته. اجتمع رختر لهذا الغرض مع الجنرال محمد عبد الله شاواني وهو قائد سابق للقوات الخاصة العراقية من التركمان الذين يعيشون في الموصل. وكان لهذا الجنرال العراقي أبنان يخدمان في الجيش العراقي معه. وحين أعد السي أي أيه خطة السرية مع شاوني تدخلت المخابرات البريطانية وطلبت من مدير السي أي أيه، الاتصال بعراقي يعيش في الجيش العراقي ولم يقطع صلته بهم.
                    أرسلت السي أي أيه ضابطا مساعدا لرختر هو بوب بائير في عام 1995 من أجل ترتيب العمليات السرية المطلوبة في شمال العراق بموجب ما تقوله صحيفة واشنطن بوست 16/ أيار 2003 وكان أحمد شلبي صاحب الارتباطات القديمة الجديدة مع المخابرات الأميركية أحد أعضاء هذا الفريق من الشمال. وفي آذار 1995 بدأ الفريق بتنفيذ خطة الانقلاب الذي تم كشفه من قبل صدام وإحباطه لأن المخابرات العراقية كانت قد اخترقت بعض المنفذين من أتباع شاواني.
                    وتقول الصحيفة أن أحمد الشلبي انطلق من شمال العراق بعد فشل الانقلاب وعاد إلى واشنطن للاجتماع بجون دويتش (رئيس الوكالة) ونائبه جورج تينيت في ذلك الوقت ليخبرهما أن المخابرات العراقية اعتقلت قبيل ساعة الصفر العميل المصري ضابط الاتصال السري مع شاواني وابنيه حين كان يحمل لهم إلى بغداد جهاز تلفون يعمل عبر الأقمار يطلق عليه "إينمارست" وعندما شك رئيس السي أي أيه بصحة ما قاله الشلبي استعان الأخير بصديقه ريتشارد بيرل لإقناع دويتش. وفي حزيران 1996 أعلن رسيما عن فشل الانقلاب حين قام صدام بإلقاء القبض على مئتي ضابط عراقي أعدم منهم 80 بينهم أبناء الجنرال شاواني. وأتهم ضابط في السي أي أيه أحمد الشلبي بارتكاب أخطاء تسببت بالكشف عن الانقلاب رغم أنه حذر السي أي أيه بعد اعتقال العميل المصري.
                    وبعد أن استلم بوش الرئاسة الأميركية تكررت عملية استخدام شاواني الذي ظل يعيش في المنفى وكذلك أياد علاوي لإقناع ضباط عراقيين باللجوء إلى القوات الأميركية عندما تبدأ باختراق الأراضي العراقية لكن هذا لم يحدث أيضا في الأسبوعين الأولين للحرب الأميركية في العراق.
                    ويذكر ان ستيفين رخيتر من أكثر مسؤولي الس أي أيه وضباطها خبرة في المنطقة. فقد عمل في باكستان بين عامي 1973- 1976 وفي إيران عام 1976 وبقي مسؤولا عن ملف إيران حتى عام 1989 وعمل في الهند ثم في مصر عام 1986 وأصبح مسؤولا عن ملف العراق ومحطة السي أي أيه المختصة بالعراق منذ عام 1992 واتخذ من عمان مقراً له في ذلك الوقت بموجب ما تقوله نشرة نيم بيز Name base الأميركية الإلكترونية. لكن ضابط السي أي أيه بوب باير الذي تولى التنسيق في شمال العراق يقول في كتاب عرضت بعض نصوصه وكالة آب سي نيوز الأميركية وفي مقدمته: في نهاية عام 1994 وجدت نفسي أعيش في الطائرات مسافرا من مكان لأخر، فقد اعتدت على الوصول إلى عمان الأردن بعد الظهر لانطلق نحو الفندق واستحم ثم أمضى ليلة وأنا أتحدث مع عراقي منشق على صدام ومع آخر مثله حول ما يمكن القيام به ضده. وأحيانا أواصل الاستماع إلى هؤلاء العراقيين الى ما بعد منتصف الليل ثم تراني أعود إلى لانغلي فيرجينيا مقر السي أي أي وأدخل مكتبي وأظل فيه طوال النهار. لقد تعودت على هذه الحياة خلال عشرين عاما كنت أجول فيها في شوارع الشرق الأوسط بنفس السرعة .
                    المخابرات الأميركية تجند الدبلوماسيين العراقيين:
                    بعد وقت قصير من أحداث 9/11، بدأ نائب وزير الدفاع للشؤون السياسية، دوغلاس فيث، بتنسيق مخططات البنتاغون لتغيير النظام في العراق. كان التحدي الذي واجه فيث، المدني رقم 3 في الوزارة، هو صياغة سياسة عقلانية للهجوم. وفي الوقت نفسه، بدأت مجموعات فيث الأيديولوجية بالتخطيط لنقل "الحرب العالمية على الإرهاب"، ليس إلى العراق فقط، بل وإلى دمشق وطهران أيضاً.
                    شهدت الفترة التي سبقت اندلاع الحرب في العراق مواجهة من نوع آخر دارت رحاها في عالم المخابرات المظلم، وكان طرفاها الرئيسيين هما المخابرات الأميركية والبريطانية من جهة، والمخابرات العراقية من الجهة الأخرى. ولأن واشنطن ولندن تعتقدان أن المخابرات العراقية تتواجد في أغلب عواصم العالم تحت غطاء سفارات بغداد في تلك العواصم، وخلف أقنعة دبلوماسية متعددة، فقد تحدد ميدان المواجهة منذ وقت مبكر بنطاق السلك الدبلوماسي العراقي خاصة في أوروبا وآسيا. وفيما يلي جولات الحرب.
                    كانت المخابرات البريطانية والأميركية تأملان من تركيز اهتمامها على السفارات العراقية في بلدان القارتين إلى تحقيق مسلسل من الأهداف التي تحددت بوضوح منذ لحظة البدء. إذ يتعين أولاً تجنيد بعض الدبلوماسيين العراقيين ليصبحوا عيوناً داخل المخابرات العراقية تنقل ما يحدث بداخلها إلى واشنطن ولندن أولاً بأول.
                    فإذا تعذر ذلك فإن الخيار التالي تحدد في حث من يبدون تبرماً من النظام في بغداد على الانشقاق عن ذلك النظام، وطلب اللجوء السياسي في أي دولة غربية يختارونها، ان كان من شأن ذلك أن يوجه لطمة معنوية لبغداد على الصعيد الإعلامي.
                    إلا أن أحداث 11 سبتمبر أضافت هدفاً جديداً إلى تلك القائمة. فقد حاولت الCIA ايجاد صلة - لم تتأكد ابداً- بين بغداد ومحمد عطا قائد المجموعة التي قامت بالأحداث. وكان من شأنه اثبات ذلك تعديل أمور كثيرة خلال مرحلة الاعداد للمواجهة العسكرية مع بغداد. وسعت إلى استخدام تلك الحجة للحصول على دعم دول أوروبية غربية، ودول مؤثرة أخرى، لشن الحرب ضد العراق. إلا أنها عجزت دائماً عن أن ترد على السؤال الذي وجهته لها تلك الدول بإصرار:
                    هل لديكم دليل قاطع على وجود هذه الصلة؟
                    ثم نشرت جريدة نيويورك تايمز القصة الكاملة لوقائع ضياع الدليل الذي يثبت أن محمد عطا التقى بالدبلوماسي العراقي في سفارة بغداد بمدينة براغ أحمد خليل العاني، وهي قصة تكشف الكثير مما دار في حرب المخابرات التي سبقت حرب المدافع. وتعود بنا القصة إلى ما حدث عقب انهيار النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا عام .1989
                    فقد ترددت الحكومة الجديدة حول ما ينبغي عمله بشأن مكتب مكافحة الإرهاب في جهاز المخابرات الذي ورثته عن النظام الشيوعي المنهار. فبينما قال بعض مسؤولي النظام الجديد إنه يتعين حل المكتب وإعادة تشكيله من عناصر جديدة وذلك ضمن عملية إعادة بناء المخابرات التشيكية، فإن آخرين اعترضوا على ذلك. وفسر المعترضون رأيهم بأن هناك عدداً من مكاتب المخابرات القديمة يتعين الإبقاء عليها بسبب طبيعتها الخاصة. فقد أشرف ضباط هذه المكاتب على تكوين علاقات بعملاء في مواقع مختلفة، ومن المحتم أن يؤدي فصل هؤلاء الضباط من الخدمة إلى ضياع اجزاء واسعة من شبكة العملاء التي تكونت عبر تراكم عمل مكثف خلال عقود من الزمن.
                    ووافقت القيادة التشيكية الجديدة على هذا الرأي الأخير، أي رأي المعارضين، وصدر قرار بالإبقاء على عدد من افرع جهاز المخابرات القديم مع تغيير توجهها، فبدلا من ان يكون الخط الناظم لهذه الافرع هو مواجهة الغرب، فإن عليها أن تتعاون بدلاً من ذلك مع خصوم الأمس.وما لبث ذلك القرار أن أثمر بصورة فورية ربما، فقد قدم مكتب مكافحة الارهاب القديم-الجديد في المخابرات التشيكية معلومات ثمينة الى المخابرات البريطانية حول تورط عملاء ليبيين في حادث تفجير طائرة بان-ام 103 فوق لوكيربي باسكتلندا، وبدأ المكتب ينسق مع الأجهزة الغربية نتائج عمل رجاله وعملائه في صفوف المنظمات الشرق أوسطية التي كانت في السابق تعتبر أن براغ محطة صديقة مهمة تدعم عملياتها.
                    وبدا ان المخابرات البريطانية ام اي6 مهتمة بصفة خاصة بالمخابرات التشيكية الجديدة. فقد قدمت لندن منحاً تدريبية لعدد واسع من الضباط الجدد في الجهاز التشيكي، وارسلت خبراء للإشراف على إعادة هيكلته. وافضى هذا إلى تحول ذلك الجهاز الى مؤسسة تشبه من حيث هيكلها وأساليب عملها المخابرات البريطانية وليست المخابرات الأميركية، رغم احتفاظها بعلاقات مفتوحة مع الـسي. آي.ايه.
                    إلا ان العلاقة بين الجهازين البريطاني والتشيكي تعرضت لانتكاسة مفاجئة في نهاية التسعينات بسبب واقعة محددة أدت الى استياء بريطاني بالغ من مكتب مكافحة الارهاب في براغ. ففي ذلك الوقت كان رئيس محطة المخابرات البريطانية في العاصمة التشيكية كريس هوران يعمل على تجنيد دبلوماسي عراقي يدعى جابر سليم يحتل الموقع الثاني في سفارة بغداد ببراغ.
                    كان لدى البريطانيين ما يفيد بأن جابر أبدى تبرمه من النظام العراقي خلال عدد من المناسبات. واجرت المخابرات البريطانية مجموعة اختبارات أولية لمعرفة ما إذا كان بالامكان تجنيد الدبلوماسي المتبرم، وما لبث تقييم العملية ان برهن على وجود احتمال كبير بنجاحها، وهكذا بدأ هوران ورجاله تنفيذها في براغ.
                    كان من المنطقي ان يحدث ذلك بالتنسيق مع المخابرات التشيكية، اذ يتعين مراقبة جابر خلال تحركاته في براغ، وقال هوران إن أهل المدينة ادرى بشعابها فضلاً عن انهم محل ثقة بحكم العلاقات الخاصة التي تربط الجهاز التشيكي بنظيره البريطاني، وهكذا فقد قام الضابط البريطاني بابلاغ التشيكيين بطلبه وضع مراقبة خاصة على الدبلوماسي العراقي.
                    وجاءت التقارير التشيكية لتؤكد ان استهداف جابر كان له ما يبرره، فقد تأكد انه لا يكفي عن انتقاد بغداد وسياساتها، وقررت لندن ان الموعد قد ازف بتجنيد الدبلوماسي العراقي، وابلاغه بأن يكف عن انتقاد السلطات العراقية حتى لا يلفت الانظار، وان يزود المخابرات البريطانية بما لديه من معلومات اولاً بأول باستثمار موقعه الدبلوماسي المؤثر.
                    وحين بدأ رجا ل هوران في التحرك نحو جابر اختفى الدبلوماسي العراقي فجأة من براغ، بل ومن تشيكوسلوفاكيا كلها. كان الامر محيراً، اذ لماذا اختفى جابر في هذا التوقيت بالذات؟ ثم كيف افلت من مراقبة المخابرات التشيكية هو وزوجته واولاده الستة؟ انها أسرة كبيرة، والمفترض ان التشيكيين -استجابة لطلب بريطاني مسبق- يراقبون الرجل على مدار الـ 24 ساعة. كيف انهم يقولون لهران انهم لا يعرفون اين ذهب جابر سليم واولاده؟
                    وفيما كان البريطانيون يحكون رؤوسهم في محاولة لحل لغز اختفاء جابر واسرته، تحت اعين المخابرات التشيكية، صدر بيان مقتضب من وزارة الخارجية الالمانية يعلن ان دبلوماسياً عراقياً وصل الى العاصمة الالمانية مع اسرته وطلب اللجوء السياسي. وكان اسم ذلك الدبلوماسي جابر سليم.
                    كانت مفاجأة حقيقية للندن ذلك ان جابر قد يكشف اسراراً هامة تتعلق بما حدث، ولكنه فقد أي قيمة مستقبلية. فقد كانت خطة ام. آي. 6 هي تحويل جابر إلى مصدر دائم للمعلومات، خاصة وان عراقيين كثيرين كانوا يتوقعون له مواصلة الترقي حتى الوصول إلى موقع حساس في وزارة الخارجية العراقية. اما الآن، وبعد ان طلب الدبلوماسي اللجوء في المانيا، فقد تقلصت مكاسب العملية باكملها الى حد بعيد.
                    وقابل ضباط بريطانيون جابر سليم في منزل بأحد ضواحي برلين لاستجوابه عما بجعبته من معلومات لقطف ما يمكن اقتطافه من ثمار بعد ان ضاعت الثمار الاكبر التي املوا في جنيها، ثم استداروا بعد ذلك نحو المخابرات التشيكية لتسوية الحسابات حول ذلك التخبط غير المفهوم.
                    بدأ ذلك بارسال مذكرة شديدة اللهجة الى التشيكيين حول مسلسل الاخطاء الذي لا يغتفر الذي ارتكبوه في عملية جابر سليم، ثم بارسال مذكرة ثانية تطالب باجراء تحقيق داخلي في الجهاز التشيكي لرصد ما إذا كانت هناك اختراقات لأسباب سياسية أو لأسباب ترجع إلى الفساد المالي، وبابلاغ لندن بنتائج التحقيق حيث انه يهدد أمن أجهزة مخابرات صديقة تتعامل مع براغ، فضلاً عن ضرورة معاقبة المسؤولين.
                    وحين حاول البريطانيون فهم ما حدث بأنفسهم، ودون انتظار نتائج التحقيق الذي طالبوا باجرائه، اكتشفوا ان جهاز المخابرات التشيكي يعاني من انقسامات داخلية حادة بين تكتلات مختلفة. فهناك تكتل العناصر القديمة التي خدمت اثناء حكم الشيوعيين، وهناك تكتل البريطانيين، او الضباط الشباب الذين تلقوا تدريبهم في بريطانيا، وهناك تكتل الفلوس، ان ذلك الذي لا يحفل إلا بتحقيق أكبر مكاسب مالية ممكنة إما عن طريق المشاركة في عمليات الفساد الداخلي أو عن أي طريق آخر، ثم هناك تكتلات اضافية تتبع مسؤولين بارزين في الحكومة، كل له فريقه.
                    واستنتج البريطانيون ان احدى الفرق المعادية لمجموعتهم داخل المخابرات التشيكية ساعدت جابر على انتهاج الطريق الذي انتهجه، أي على الذهاب إلى المانيا قبل ان يطلب منه البريطانيون ان يعمل لحسابهم وان يبقى مع ذلك في سفارة العراق ببراغ، او يعود الى بغداد. فقد كان الخيار الأفضل للدبلوماسي العراقي -من زاوية مصلحته الشخصية ومصلحة اسرته- ان يتجه إلى برلين بسرعة.
                    وحين ألح البريطانيون في طلب معاقبة المسؤولين عما حدث في قصة جابر، بداية من افلاته من المراقبة وصولاً إلى أسباب الانقسامات الداخلية في الجهاز، شعرت الجبهة المعادية لرجال ام.آي.6 في براغ بأن البريطانيين يحاولون مهاجمتها واجبارها على اتخاذ مواقف دفاعية، فردت هذه الجبهة بتسريب خبر إلى الصحف التشيكية بأن هوران منحرف أخلاقياً، وبأن هناك صوراً مشينة يمكن أن تثبت ذلك.وقررت لندن سحب هوران من براغ بعد أن تهدأ الضجة، إلا أن مثل هذه الجراح لا تندمل بسرعة، خاصة وان البريطانيين سيعرفون بعد ذلك ان خسارتهم لجابر سليم أدت إلى تخبط كبير في رصد دقائق اتصالات محمد عطا مع أحمد خليل العاني بعد ذلك بعام واحد، وإلى فقدان مصدر ثمين للغاية داخل السفارة العراقية في براغ.
                    ونقلت الحكومة البريطانية إلى أعلى المستويات السياسية في براغ تفاصيل ما حدث، وملامح صورة ما يدور في المخابرات التشيكية من صراعات، فتقرر نقل مدير تلك المخابرات كاريل فولترين من منصبه وتعيين جيري روزيك مدير جديد للمخابرات. إلا أن ذلك القرار أسفر بعد ذلك عن آثار عكسية تماماً.
                    ذلك ان روزيك كان ينتمي إلى كتلة الفلوس، أو هكذا يقول خصومه، فهو ثري بحكم استرداد عائلته- التي كانت ثرية قبل حكم الشيوعيين، لممتلكاتها ومنها مبان في قلب العاصمة التشيكية. فضلاً عن ذلك فإنه لم يكن يحب البريطانيين كثيراً، لا لشيء إلا لأنهم تمكنوا من تشكيل تكتل خاص بهم داخل الجهاز. ثم -بعد ذلك كله- فإن روزيك كان يكن كراهية شديدة لرئيس الوزراء ميلوس زيمان.
                    وميلوس زيمان اسم محير بحق في براغ وخارجها. فهو شخص ناري المزاج، يفتقد أي قدر من التروي الدبلوماسي. ويذكر له في هذا المجال انه قال إن ياسر عرفات يذكره بأدولف هتلر. ثم أن لزيمان علاقات قوية بدوائر المحافظين المتشددين في الولايات المتحدة وبريطانيا. وهو متهم دائماً بأنه يمكن ان يحتد في أي نقاش فيقدم-كي يدعم وجهة نظره- معلومات يعلن أنها كاذبة.وهكذا احتدمت الخلافات مرة أخرى. روزيك ضد زيمن، وزيمن ضد المخابرات، خاصة وان الجميع يعرفون ان الرجل يُعد كي يصبح رئيساً للبلاد بعد وفاة الرئيس هافل، والمخابرات ضد بعضها البعض، ووزارة الداخلية ضد الجميع. وفي هذا المناخ المضطرب يقول البعض ان محمد عطا التقى العاني، على الخط الجانبي لمباراة ساخنة لا علاقة للاثنين بها، إذ يفترض أنهما كانا يعدان لمباراة أسخن.. في نيويورك وواشنطن، أي في 11 سبتمبر.
                    مجموعة لندن قالت إن هناك معلومات كافية تشير الى حدوث اللقاء. ففي صورة فوتوغرافية ملتقطة من بعيد للعاني بدا معه شخص يثبت التحليل الكمبيوتري انه محمد عطا. واندفع زيمن لإبلاغ واشنطن ولندن بالخبر، وحين طلبت المخابرات المركزية والمخابرات البريطانية من المخابرات التشيكية تقريراً حول الموضوع، قرر روزيك ان يصفي حساباته مع زيمن، وان يجعله يتعرض لأكبر حرج ممكن أن يتعرض له رئيس للوزراء، فوضع تقريراً يقول إن التحليل الكمبيوتري لم يسفر عن أي نتائج قاطعة بأن من كان مع العاني هو محمد عطا، وان فحص سجلات تأشيرات الدخول الممنوحة برهن على ان السلطات التشيكية لم تمنح شخصاً باسم محمد عطا أي تأشيرة لدخول البلاد، ثم ان فحص سجلات اسماء المسافرين على شركات الطيران التي وصلت إلى براغ اثبت أنه ليس بينهم أي شخص بهذا الاسم.
                    ونظراً لأهمية المسألة سياسياً فقد عادت واشنطن ولندن إلى الاتصال برئيس الوزراء التشيكي زيمن لسؤاله عما يحدث حقاً. وطلب رئيس الوزراء امهاله بعض الوقت للتحقق من الأمر. وبعدها جاءت اللحظة التي انتظرها روزيك، فقد توجه إليه رئيس الوزراء - في مقابلة مباشرة- برجاء شخصي أن يعيد التحقيق في الأمر. ورد روزيك بهذه هل تريدني أن أفبرك معلومات؟ إذا كنت قد تسرعت بإبلاغ واشنطن ولندن بأخبار غير مؤكدة فعليك وحدك أن تتحمل مسؤولية ذلك.
                    الدور المخابراتي في احتلال العراق:
                    قد تجلى الدور الآخر الذي لعبته السي أي أيه في مجال تسهيل مهمة قوات الغزو الأميركية ومساعدتها في إحكام السيطرة على أهم مراكز القوة في العراق بالسرعة الممكنة عن طريق عملائها واتصالاتها. ومن بينهم عدد مهم من قادة الجيش والنظام في العراق قبيل وأثناء الغزوالعسكري وإغرائهم بالاستسلام. ولم يكن استخدام القوة العسكرية المفرطة ونوعها وانتشارها على أكبر مساحة محيطة بالعراق يعود إلى تقديرات أميركية باحتمالات وقوع معارك طويلة وشرسة بقدر ما كان يعود إلى استعراض القوة الأميركية أمام دول العالم وانتشارها في العراق لصالح مخطط يتجاوز العراق والمنطقة أيضا. وكان فيل برينان من المجلة الإلكترونية نيوز ماكس أيار 2003 قد ألقى ضوءاً على دور السي أي أيه المهم والمؤثر في اختصار المجابهة العسكرية العراقية الأميركية إلى عدة أسابيع ودون خسائر بشرية كبيرة من الجانب الأميركي. يقول برينان : ولم يكن الانهيار غير المتوقع والسريع لنظام صدام وجيشه نتيجة للحظ الذي حالف واشنطن أو للقوة العسكرية البشرية الضخمة التي عرضتها على ساحة المعركة قدر ما كان معظم أسبابه نتيجة للدور الذي نفذته السي أي أيه واتصالاتها عبر أجهزة الهواتف الخليوية مع عملاء قاموا بدورهم بإقناع وإغراء العديد من قادة الجيش العراقي بالإستسلام مقابل فوائد شخصية كثيرة لهم ولعائلاتهم. وقد تضمن المخطط العسكري لغزو العراق إرسال عدد من العملاء العراقيين ممن ربطتهم صلات واتصالات مع بعض قادة الجيش والنظام إلى بغداد، مجهزين بهواتف خليوية للقيام بمهام كثيرة منها القيام بهذه المهمة أيضا. ويشير برينان إلى صحة الأنباء التي نشرتها إحدى الصحف اللبنانية التي استندت إلى مصادر موثقة حول هذا الدور وتفاصيله ونتائجه.
                    ومنذ انطلاق قوات الغزو كانت عناصر المخابرات العسكرية الأميركية تنسق مع السي أي أيه ورجالها في ترتيبات استسلام ولجوء الكثير من جنرالات الجيش العراقي من أجل تقليل عدد الضحايا الأميركيين الذي قد يسقطون في هذه الحرب. وفي24 آذار ذكرت الصحيفة الأميركية يو أي تودي أن مسؤولين في المخابرات الأميركية أجروا اتصالات مع عدد من الجنرالات العراقيين لوعدهم بالمحافظة على سلامتهم وإعطائهم حق اللجوء إلى الولايات المتحدة بل وإعادتهم إلى الحكم إذا ما تعاونوا مع قادة الجيش الأميركي وسلموا قواتهم وقاموا بانقلاب على صدام أثناء الحرب. وكشفت الصحيفة أيضا أن رجال السي أي ايه العراقيين والأميركيين تم إدخالهم سرا إلى العراق منذ كانون الأول عام 2002 للإعداد لهذه المهام والاتصالات. وذكرت مصادر في البنتاغون والسي أي أيه أن هذا النشاط تولد عنه تجنيد مسؤول مهم داخل حلقة حكم صدام نفسه زود قيادة الجيش الأميركي بمعلومات مهمة حول تحركات قادة العراق ونشاطاتهم. وكلفته المخابرات بوضع قائمة تشير إلى أسماء الضباط الكبار الذين يمكن أن يتعاونوا مع مخطط استسلام الجيش بعد الغزو العسكري. وذكرت الصحيفة الأميركية أن بوش أجل موعد شن الغزو بانتظار استكمال المعلومات المخابراتية حول هذا الدور الذي طلب من السي أيه أي القيام به. ففي البداية وقبل شن الحرب ظهرت ممانعة شديدة من بعض الضباط وقادة الجيش العراقي ثم تجددت الاتصالات مع هؤلاء العراقيين أثناء الغزو وبعد أيام ظهر تجاوب الكثير منهم. وكان رامسيفلد وزير الدفاع نفسه قد أشار إلى هذا الدور البارز في أواخر آذار حين رد على سؤال يتعلق بهذا الموضوع قائلا جرت اتصالات من هذا النوع قبل أسابيع وأصبحت مكثفة الآن.
                    وكشفت صحيفة "يو إس تودي" في الوقت نفسه أن المختصين بهذه المهمة من أميركيين وعراقيين لا يعرفون عددا من الجنرالاات العراقيين الذي طلب منم التعاون فحسب بل يعرفون أرقام هواتف منازلهم ومكاتبهم في مختلف المواقع. ووزعت السي أي أيه عدداً كبيرا من أجهزة الهواتف الخليوية المرتبطة بالأقمار على العملاء لوضع قسم منها في خدمة من يتعاون من الجنرالات وطمأنته على الامتيازات التي سينالها بعد تعاونه واستسلام قواته. وكان لبعض الجنرالات والمسؤولين العراقيين أقارب في الخارج جرى استخدامهم لهذا الغرض أيضا ونجح العديد منهم بترتيب صلة بينهم وبين مسؤولين في السي أي أيه . وهذا ما يقود إلى صحة المقال الذي نشره وليد رباح تحت عنوان الصفقة في نيسان الماضي في إحدى الصحف العربية وكشف فيه ما تعهدت القيادة العسكرية الأميركية بتقديمه إلى الحرس الجمهوري وقادته وعدد من قادة الفرق التي ترتبت عملية استسلامها والتخلي عن صدام.
                    وفي مستهل نيسان قبل سقوط بغداد الرسمي والمعلن ازدادت مخاوف قيادة الجيش الأميركي من احتمالات عدم توقف المعارك أو ازدياد مضاعفاتها على الجيش الأميركي. خصوصاً بعد عرض الأسرى الأميركيين والأثر النفسي والمعنوي السيئ الذي خلفته على القوات الأميركية داخل العراق. بالإضافة إلى هذا ظهر بعض التردد على بعض قادة الجيش العراقي الذين توقعت السي أي أي تعاونهم في تلك الفترة الحرجة. لذلك قررت وزارة الدفاع بالاتفاق مع المخابرات العسكرية و "السي آي آيه" الى ابتكار عملية تعيد التوازن المعنوي للجيش الأميركي وتدفع الضباط العراقيين الذين ترددوا إلى التعاون مع قوات الغزو.
                    الفشل المخابراتي في العراق:
                    لقد اكدت الوقائع في العراق خلال ‏2003‏ ان التكنولوجيات التي طالما اعتمدتها اجهزة الاستخبارات الامريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم تعد كافية
                    لقد افاد تقرير اللجنة المستقلة المكلفة بالتحقيق في فشل اجهزة الاستخبارات الامريكية حول اسلحة الدمار الشامل التي اتهم العراق بحيازتها بـ ان انظمة جمع الصور التي استخدمت للتصدي لجيش الاتحاد السوفيتي لم تعمل جيدا في برنامج الاسلحة التقليدية في العراق.
                    وقد حدث الامر نفسه في ازمة الخليج التي كشفت عن فشل الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية في توقع الاجتياح العسكري العراقي للكويت وتوقيته ( انتقدت امريكا فيما بعد معلومات المخابرات الاسرائيلية " الموساد " حول مواقع منصات الصواريخ كما فشلت مخابراتها هي في تحديد مواقع هذه المنصات مسبقا وحتى عدد الصواريخ الموجودة ) لذلك ينبه استراتيجيون كثيرون الآن في الغرب الى خطورة الاعتماد على الاستخبارات التقنية وحدها ويحذرون من التخلي عن عنصر الاستخبارات البشرية ، والبعض يضيف تكلفة الاستخبارات التقنية العالية بالمقارنة بتكلفة الاستخبارات البشرية والبعض يشير الى خطورة حيادية الاستخبارات التقنية التي لا تستطيع فهم المعلومات.
                    على صعيد اخر وجّه بوتر غوس، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الامريكي، انتقادات عنيفة الى الوكالة، متهماً إياها بإهمال تعليم أفرادها لغات الشعوب الاسلامية، وعلى رأسها اللغة العربية.
                    أهمية هذا الانتقاد تكمن في أن صاحبه من أشد أنصار أجهزة الاستخبارات في الكونجرس الامريكي. هذا إضافة الى أنه يأتي في وقت تبدو فيه الحرب الامريكية العالمية ضد الارهاب وقد دخلت في طور الأزمة.
                    فوزير الدفاع الامريكي رامسفيلد نفسه سرّب الى الصحف في اواخر شهر تشرين الأول 2003مذكّرة داخلية أثار فيها الشكوك حول من الرابح في هذه الحرب، داعيا للمرة الأولى الى مواكبة الحرب العسكرية بجهد سياسي ثقافي لكسب القلوب والعقول في العالم الاسلامي ( واسماها حرب الافكار).
                    والمرشحون الديمقراطيون للرئاسة باتوا بليغين باتهام الأجهزة الامريكية، بما في ذلك اجهزة الاستخبارات، بالتضليل والتمويه حيال مسار الحرب في العراق وأفغانستان.
                    وفوق هذا وذاك، تتكرس يوما بعد يوم الانطباعات لدى الرأي العام الامريكي بأن السي. آي. ايه عاجزة عن فهم (ناهيك بالتعاطي) مع الشعب العراقي، أساسا بسبب حاجز اللغة. ولعل هذا بالتحديد هو ما دفع بوتر غوس الى تفجير قنبلته السياسية الصغيرة في وجه أصدقائه الجواسيس.

                    ثانياً: إيران
                    أسس المحافظون الجدد في البنتاغون مركز استخبارات خاص سمي مكتب الخطط الخاصة (OSP). المؤسسان هما نائب وزير الدفاع بول وولفوتز فيث، ويعتبران من المؤيدين المتحمسين لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، بما فيه تغيير النظام في العراق، وسوريا وفي نهاية المطاف العربية السعودية.
                    لم يكن لدى فيث البنية التحتية لجمع المعلومات الاستخباراتية، لذلك اعتمد على المعلومات التي ابتدعها وزوده بها أحمد شلبي، وهو مهاجر عراقي قاد المؤتمر الوطني العراقي عين بعد ذلك رئيساً للوزراء بعد الاطاحة بصدام حسين.
                    في عام 1998 تم تمويل جماعة الشلبي بموجب "مرسوم تحرير العراق" وهي مبادرة من قبل الكونغرس دعمتها مؤسسات المحافظين الجدد مثل AIPAC، وCSP، ومشروع نحو قرن أمريكي جديد (PANC) ومعهد المشروع الأمريكي AEI.
                    في نفس الوقت الذي كان فيه الشلبي وغيره من أعضاء المؤتمر الوطني العراقي يزورون مكتب فيث، كان يزوره أيضا مسؤولون إسرائيليون، بمن فيهم جنرالات في الجيش، وفقا للجنرال كارين كواكوسكي، الذي عمل في السابق تحت إمرة فيث في مكتب الشرق الأدنى وجنوب آسيا. ومثل المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، اعتقد المتشددون الإسرائيليون أن ضمان الأمن الإسرائيلي على المدى البعيد، يمكن عبر القيام بنقلة راديكالية في سياسات الشرق الأوسط، يتم فرضها بواسطة قوة عسكرية متفوقة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.
                    ويبدو أن مكتب فيث لصياغة السياسات، الذي كان يخلق مبررات تقوم على معلومات استخبارية مشكوك فيها للحرب على العراق، كان أيضا يعد سياسة أمنية سرية لتغيير النظام في إيران – على الأرجح من خلال الجمع بين الضربات العسكرية الوقائية (إما من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل) ودعم المنشقين الإيرانيين.
                    لقد شارك مكتب فيث، وذلك دون إعلام إدارة الولايات أو CIA، بعمليات سرية تضمنت عدة لقاءات سرية في واشنطن، وروما وباريس خلال السنوات الثلاث الماضية. هذه اللقاءات ضمت مسئولي مكتب السياسات ومستشارين (فرانكلين، هارولد رود ومايكل ليدن) وتاجر سلاح إيراني مغترب (منشور غوربانيفار) وجماعة الضغط في AIPAC، وأحمد شلبي، وضباط مخابرات إسرائيلين وايطاليين.
                    وقد التقى فرانكلين، وهو خبير في الشؤون الإيرانية جند في مكتب فيث من وكالة مخابرات الدفاع، بشكل متكرر نوار جيلان، رئيس القسم السياسي في السفارة الإسرائيلية في واشنطن. ووفقا لمسئولين في المخابرات الأمريكية، قدم فرانكلين خلال احد هذه الاجتماعات اقتراحاً بإصدار مرسوم رئاسي للأمن القومي حول ايران. وقامت لجنة مكافحة الجاسوسية من FBI، لمدة تزيد عن العامين، بمراقبة الاجتماعات بين AIPAC، وفرانكلين والمسئولين الإسرائيليين، سادت شكوك المحققين من أن مسودة الوثيقة الأمنية قد تم تمريرها إلى إسرائيل من قبل وسيط هو AIPAC على الأرجح.
                    وأن فرانكلين، المعروف بقربه من منشقين إيرانيين وأمريكيين–إيرانيين، هو الصلة المشتركة مع سلسلة أخرى من اللقاءات في روما وباريس مع ليدن (وهو زميل في معهد انتربرايز الأمريكي وكان مستشارا خاصا لفيث) وهارولد رود (وهو من جماعة ليدن من أيام إيران – كونترا، ويعمل الأن مع فيث لتحضير خطط استراتيجية لتغيير الأنظمة في بلدان الشرق الأوسط على اللائحة السوداء للمحافظين الجدد)، وغوربانيفار (وهو تاجر سلاح يدعي أنه يتحدث باسم المعارضة الإيرانية). وناقشت هذه الاجتماعات، من بين أمور أخرى، استراتيجيات تنظيم الإيرانيين الذين يرغبون بالتعاون مع رأس الحربة الأمريكية في الأجندة الأمريكية لتغيير النظام الإيراني.
                    يوضح توزيع الأدوار أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تتضمن عمليات مخفية وغير قانونية مشابهة لعمليات إيران-كونترا في الثمانينات. ليس فقط في أن المحافظين الجدد هم أصحاب الأدوار القيادية، فقد تضمنت هذه العمليات السرية متآمرين اثنين من إيران-كونترا:الأول هو ليدن، الذي كان يشكو بشكل دائم من أن إدارة بوش تركت خطط تغيير النظام في إيران وسوريا "للتعفن في أوعية البيروقراطية"، وغوربانيفار، الذي تعتبره CIA "أفّاق محترف" وتمنع عملائها من إقامة أي تعامل معه.
                    وخلال عملية إيران-كونترا، عملت إسرائيل كقناة لبيع الأسلحة الأمريكية إلى إيران. وهدفت العملية بشكل كبير لتمويل مقاومة نيكاراغوا رغم أن الكونغرس حظر الدعم العسكري لأعداء الثورة. ولكن في هذه الأثناء، كان الهدف الواضح لعمل هذه القنوات الخلفية هو انتزاع العلاقات الأمريكية-الإيرانية من أيدي دبلوماسيي وزارة الخارجية وتسليمها لإيديولوجيي البنتاغون. وكتب ليدن، رجل المحافظين الجدد في الحملة لتغيير النظام الإيراني، في National Review Online أن الكثيرين من مسئولي الحكومة الأمريكية "يفضلون التحدث بلباقة مع الملالي" على الترويج للثورة الديمقراطية في إيران.
                    في مطلع 2002، قام ليدن، مع موريس اميتاي المدير التنفيذي السابق في AIPAC والمستشار في CSP، بانشاء "التحالف من أجل الديموقراطية في إيران CDI" لتشكيل دعم ضمن الكونغرس والإدارة لتغيير النظام في إيران. وساعدت AIPAC و CDI لتأمين المصادقة على قرارات مجلسي الشيوخ والنواب التي تدين إيران، وتطالب بفرض عقوبات أقسى وتأمين الدعم للمنشقين الإيرانيين.
                    ضمت CDI أعضاء من المعاهد السياسية الأساسية ومجالس الخبراء التابعة للمحافظين، بمن فيهم ريموند تانتر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط WINEP (فرع من AIPAC) وفرانك غافني، رئيس CSP. في التسعينات، خدم فيث كرئيس مجلس إدارة في CSP، الذي كان شعاره "السلام من خلال القوة" وحيث كان جيمس والسي يخدم حاليا كمساعد الرئيس في لجنة المستشارين. ومن بين منظمات المحافظين الجدد الأخرى التي مثلت في التحالف بأكثر من عضو نذكر AEI ومجلس الحرية.
                    روب صبحاني، الأمريكي-الإيراني، الذي مثل ليدن والمحافظين الجدد الآخرين صديق لأبن الشاه رضا بهلوي، هو عضو أيضا في CDI. وتعبر CDI عن موقف المحافظين الجدد عامة والذي مفاده أن أي تعاون مع الحكومة الإيرانية (حتى مع الإصلاحيين ) ليس سوى استرضاء لها على حساب المبادئ. وبدلاً من ذلك، يجب أن تتجه الولايات المتحدة مباشرة نحو إستراتيجية تغيير للنظام تعمل بالتعاون الوثيق مع "الشعب الإيراني". ويمكن أن يلعب ممثلون عن الشعب الإيراني دور رجال الصف الأول في إستراتيجية تغيير النظام، بمن فيهم أبن الشاه رضا بهلوي (الذي بنى صداقات متينة مع حزب الليكود في إسرائيل)، وفدائيي جماعة مجاهدين خلق (MEK) المتمركزة الان في كردستان العراق، و تاجر السلاح المنفي غوربنيفار.
                    في أيار 2003، كان ليدن من CDI، واميتاي وصبحاني المتحدثين الرئيسين خلال منتدى "مستقبل إيران" الذي رعاه كل من AEI، ومعهد هودسون ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطية. هذا المنتدى، الذي ترأسته ميراف وورمسير من معهد هودسون، زوجة ديفيد وورمسير المولودة في إسرائيل (والذي عمل كخبير رئيسي عند تشيني في الشؤون الإيرانية وسورية)، تضمن المنتدى محاضرة لأوري لوبراني وزير الدفاع الإسرائيلي. لخصت ميراف وورمسير، الفكر الأيدلوجي والاستراتيجي للمحافظين الجدد بقولها " إن قتالنا ضد العراق هو مجرد معركة في حرب طويلة. سيكون من العبث التفكير أنه يمكننا التعامل مع العراق لوحده. يجب أن نستمر وبسرعة".
                    أنشئت المنظمة المحافظة الجديدة، JINSA، في عام 1976، وبنت روابط عسكرية واستراتيجية قوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ولها أيضا وجهة نظر خاصة حول إيران. ففي منتدى سياسة JINSA في نيسان 2003 وتحت عنوان" حان الوقت للتركيز على إيران- أمُّ الإرهاب الحديث" وأعلن ليدن: "لقد انتهى زمن الدبلوماسية، وحان الوقت لتحرير إيران، وسوريا ولبنان".
                    لقد عملت JINSA وCSP سوية كإحدى الروابط المؤسساتية الأساسية لمجمع الصناعات العسكرية بالنسبة للمحافظين الجدد. وكان ليدن أول مدير تنفيذي لـ JINSA وكان عرّابها أيضا وفقا لأميتاي الذي يشغل منصب نائب الرئيس فيها. كما يضم مجلس أعضاء أو مستشاري JINSA مدير CIA السابق جيمس وولسي، والجمهوري السابق جاك كيمب وجوشا مورافيتشيك من AEI. بعد انضمامه إلى الإدارة، استقال فيث من مجلس مستشاري JINSA، وكذلك فعل نائب الرئيس ديك تشيني والسكرتير الثاني في وزارة التسليح جون بولتون.
                    ويرى مكتب فيث، والمحافظين الجدد الآخرين، أن إسرائيل والولايات المتحدة لديهما اهتمامات أمنية قومية مشتركة في الشرق الأوسط. ففي عام 1996، كان فيث عضوا في فريق الدراسة الذي شكلته IASPS وكان يقود الفريق ريتشارد بيرل ويضم ممثلين من JINSA، وWINEP المرتبطة مع AIPAC، وميراف وديفيد وورمسير.
                    وفي هذه الأثناء، تزداد التوترات مع إيران- وهو ما يناسب تماما تيار الحرب في إيران. وقد قال مايكل ليدن مرةً أن "الاستقرار يجعلني أشعر بالجنون".
                    إن ما يقلق الولايات المتحدة وإسرائيل ليس إمكانية أن تبرز إيران كقوة نووية ثانية في الشرق الأوسط فحسب. ففي الوقت الذي كانت فيه واشنطن تطالب أن بإحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، كانت القوات الإيرانية تختبر إطلاق صاروخ طويل المدى (810 ميل)، كدليل على التزامها بقدرة الردع الفعال. فإذا استمرت إيران في خططها لتخصيب 40 طن من اليورانيوم بهدف استخدامه في إنتاج الكهرباء، كما تقول، فسيصبح بإمكانها إنتاج عدة قنابل نووية في غضون عدة سنوات، كما هو معروف على نحو شائع.
                    وتشكل إيران مصدر تهديد متزايد للاستقرار الاسرائيلي، من منظور إعادة تشكيل الشرق الأوسط. ليس فقط لكونها تملك صواريخ بعيدة المدى، وقد تُطوَر إلى أسلحة نووية، ولكن أيضاً لأن صلاتها القوية مع المليشيات الشيعية في العراق ليست في صالح إعادة التشكيل الاقتصادي والسياسي الذي خططت له إدارة بوش في العراق. علاوة على ذلك، اشتكت إسرائيل والمحافظون الجدد مراراً من الدعم الإيراني لميليشيا حزب الله في لبنان وكذلك اللوبي الشيعي في العراق.
                    لقد أعلنت واشنطن الحرب على إيران من الناحية العملية. فمن خلال تسمية الرئيس بوش لإيران كجزء من ثالوث "محور الشر" المستهدف بالحرب العالمية على الإرهاب والإستراتيجية الأمريكية الجديدة في الحرب الوقائية، الأمر الذي زاد من عصبية إيران.
                    وبالعودة إلى عام 1996، وفي حين كان فيث مشغولا في تمثيل صناعات الأسلحة في إسرائيل والولايات المتحدة، كان في نفس الوقت يحضر سياسة مختصرة للحكومة الإسرائيلية. ففي كتاب "استراحة نظيفة: إستراتيجية جديدة من أجل أمان العالم" اقترح فيث وزملاؤه "رؤية جديدة للشراكة الإسرائيلية الأمريكية... اعتمادا على الفلسفة المشتركة للسلام من خلال القوة"، تطبق إدارتي بوش وشارون بشكل مشترك سياسة "الاستراحة النظيفة". لذا قد يكون استعراض القوة القادم مع إيران.
                    ويلعب اللاعبون اليوم سباقا شديد السرعة.
                    فأولا مكتب ديك تشيني كلف الجنرال رالف إد. ابرهارت بصياغة خطة هجوم على المواقع النووية الإيرانية.
                    ثانيا قام البنتاجون بتسريب في صفوف حلفائه تفاصيل خطة سياسية/اقتصادية/عسكرية/شاملة ضد إيران.
                    ثالثا فإن مكتبي " MI6 " و وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية " CIA " ضاعفا من مساندتهما للانفصاليين المتموقعين في لندن الى جانب أنصار جماعة مجاهدي خلق الإرهابية المتواجدة في العراق .
                    وذكرت بعض التقارير الاستخباراتية ان السي اي ايه اجرت اتصالات عديدة ببعض العناصر المسلحة في ايران بهدف تقديم المساعدات الماديه والاسلحة للقيام بعمليات تستطيع الضغط بها على صناع القرار في طهران واظهرت التقارير ان من بين هذه المجموعات ( جماعة جند الله ) في محافظة سستان وبلوشستان الايرانية .
                    وبعض المجموعات السرية في الاهواز و كردستان العراق هذا بجانب جماعة مجاهدي خلق الايرانية.

                    أما آخر حلقات التجسس فهي ما أورده مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي [إف بي آي] عن قيام مسؤول تربطه صلات رفيعة المستوى بوزارة الدفاع الأمريكية [البنتاغون] بالتجسس لحساب إسرائيل، حيث أمدها بمعلومات سرية تتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه إيران والعراق، وسرب لها مسودات حول السياسة الأمريكية تجاه إيران،وذلك عندما كانت هذه السياسة لا تزال في مرحلة التداول بين متخذي القرار في البنتاغون والبيت الأبيض.
                    وهذا المحلل المشتبه فيه بالاضطلاع بتهمة التجسس هو 'لاري فرانكلين' الذي نقل هذه المعلومات والوثائق السرية عبر اثنين من موظفي لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية [إيباك]، والتي يشار إليها في الصحف العربية بأنها اللوبي الصهيوني.
                    وقد عمل لاري فرانلكين في وكالة استخبارات الدفاع من خلال غالبية فترة عمله الحكومي حتى عام 2001، وجرى نقله إلى مكتب سياسات البنتاجون حيث كلف بالعمل في شؤون منطقة شمال الخليج المختصة بمشاكل إيران.
                    وقد تم توسيع هذا المكتب بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وأصبح اسمه مكتب العمليات الخاصة، واضطلع بمعظم العمل حول العراق في فترة التحضير للحرب.
                    وفي منصبه هذا كان فرانكلين أحد المسؤولين عن مكتب شؤون الشرق الأدنى وجنوب شرق آسيا الذي يشرف كذلك على مكتب العمليات الخاصة، وكان مسموحًا له بالاطلاع على معلومات سرية حول البرنامج النووي الإيراني، كما أنه يعتبر واحدًا من المسؤولين الذين شاركوا في صياغة أمر رئاسي سري حول إيران.
                    ويعتقد بعض المحللين أن فرانكلين قد ربطته علاقات وثيقة مع اثنين من كبار مسئولي البنتاجون هما دوجلاس فيث وبول وولفويتز نائب وزير الدفاع والمسؤولان يهوديان من المحافظين الجدد يتمتعان بعلاقات قوية مع إسرائيل، وقد سعيا بحماس إلى تأييد الحرب على العراق.
                    ومع بدء التحقيقات أخذت الدائرة تتسع بسرعة لتشمل إيباك، حيث بات الأمر وكأنه يتجاوز بكثير مجرد التحري حول موظف وزارة الدفاع المتهم بتسريب معلومات سرية، بل إن صحيفة واشنطن بوست ذكرت أن التحقيقات حول ما يجري في مكتب دوغلاس فيث قد امتدت لتشمل معلومات حصل عليها أحمد الجبالي ـ رئيس المؤتمر الوطني العراقي ـ الذي لعب دورًا كبيرًا في دفع واشنطن لغزو العراق، وأنه يتم استجواب مسؤولين في البنتاجون من المحافظين الجدد كانوا وسطاء بين إدارة بوش والجبالي. وقد نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن تقديرات أميركية وإسرائيلية أن ما حدث هو في واقع الأمر مؤامرة حاكتها قيادة البنتاجون، حيث قامت بتسريب معلومات سرية إلى إيباك عن طريق لاري فرانكلين عن تسلح إيران النووي، وأنها هي العدو الأخطر للولايات المتحدة بعد صدام حسين، ولا يمكن القبول بأي مساومة في ضرورة توجيه ضربة عسكرية إليها، على أن تصل هذه المعلومات إلى إسرائيل كي تعمل على إبقاء مستوى الضغوط الأمريكية على إيران عند مستواها المرتفع بعد الخوف من التهدئة بعد الانفلات الأمني في العراق، والحديث عن مقتل أكثر من0 1000 جندي أميركي بالعراق والتكاليف الباهظة للحرب وما بعدها.
                    .و وسط انقسام بين مسؤولي وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) حول مخاطر توجيه ضربة جوية لايران، شكك مسؤولون عسكريون أميركيون في فعالية غارات جوية يقوم بها سلاح الجو الاميركي في تدمير البرنامج النووي الايراني، وذلك بسبب عدم توافر ما اسموه «معلومات جديرة بالثقة». وأوضح مسؤولون عسكريون تحدثوا الى مجلة «نيويوركر» الاميركية ورفضوا الكشف عن هوياتهم ان الضربات الجوية قد تؤدي الى عواقب اقتصادية وسياسية وخيمة ضد أميركا. ووفقا لمسؤول عسكري رفض الكشف عن هويته فإنه حتى لو ان الاستخبارات الاميركية (سي اي ايه) تعرف على وجه الدقة مكان المنشآت النووية الايرانية، مستطردا «نحن لا نعرف هذه المعلومات، فإنه ينبغي علينا ان نعرف اين نقف وأين يقف العالم. فالموضوع هو ما اذا كان الخطر واضحا وآنيا», وتابع ان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد والمسؤولين المقربين منه «يعتقدون انهم يستطيعون قصف ايران بتكلفة بسيطة، وهم يقللون من قدرات طهران». ولا يشكك المسؤولون في البنتاغون في مخاوف الرئيس بوش من ان ايران تسعى لامتلاك سلاح نووي، غير أنهم يعربون عن مخاوفهم من ان هناك فجوة كبيرة بين المعلومات الاستخباراتية وبين خطط وزارة الدفاع. وأوضح احد المسؤولين الاستخباراتيين بالـ«سي اي ايه» ان المسؤولين بالاستخبارات يسألون مسؤولي وزارة الدفاع «ما هي الادلة؟».

                    ثالثاً: مصر
                    علاقة الاستخبارات الامريكية برجال الحكم:
                    إن مصر كانت ولم تزل هدفاً للمخابرات الأمريكية منذ زمن طويل وتحديداً قبل قيام ثورة يوليو ،1952 وفي هذه الفترة بدأت خطوط الاتصال السري عن طريق عميل أمريكي يدعي مايلز كوبلاند، وعن طريق رجل مخابرات أمريكي اسمه كيرميت روزفلت ، وكان الهدف في تلك الفترة إنقاذ الملك فاروق من قيام ثورة شيوعية أو فوضي عارمة.. إلا أن موظفي دائرة التخطيط في قسم الشرق الأدني وأفريقيا كانوا يسمون هذا الملك بالزير السمين.. ولما فشلت العملية قرر الضابط والعميل ركوب موجة الزمن الآتي عندما استشرفا ملامحه وبدآ اتصالاتهما بالضباط الأحرار لتشجيعهم علي الانقلاب ودعمهم بالنصائح والمنشورات والأجهزة.
                    ودخل كوبلاند مصر تحت غطاء شركة بوزألن أند هملتن باعتباره موظفاً يجيد اللغة العربية عام ،1952 ونجح الأمريكان في إجراء اتصالات مع أعلي القيادات المصرية، خاصة - جمال عبدالناصر- قبل أن يصبح رئيساً..
                    وعلي حد اعترافات كوبلاند في كتابه - اللاعب واللعبة- نجح في أن يخلق مركز دعاية للولايات المتحدة الأمريكية في إحدي الصحف المصرية التي وصفها جمال عبدالناصر في ذلك الوقت بأنها وزارة خارجية أمريكية تحت الأرض.. وفيما بعد اطلق علي جمال عبدالناصر في تقارير المخابرات الأمريكية »الديك الرومي« لأنه الرئيس الذي يزهو بنفسه منفوش الريش والذي يسهل استفزازه.
                    ومن جمال عبدالناصر إلي أنور السادات الذي قال عنه بوب وود في كتابه - الحجاب-: إن السادات جعل من مصر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة وقامت هي في المقابل بتزويده بمعدات إلكترونية متطورة وإمكانيات بشرية لكشف محاولات الانقلاب وركبت أجهزة التنصت في العديد من الأماكن الحساسة، وكان يعامل رجال المخابرات الأمريكية كما لو أنهم رجاله في بعض الأحيان!!
                    بينما أشار وليم كولبي مدير المخابرات المركزية الأسبق إلي أن السادات كان بالنسبة لنا ثميناً للغاية، ليس من النوع الذي تدفع له الوكالة لتسيطر عليه، ولكنه فتح بلاده للمخابرات المركزية وللمصالح المشتركة.. ولكنه في الوقت نفسه ـ علي حد تعبيرهم ـ خطر جداً، فهو يشبه شارعاً باتجهين يمكن أن يصيب أحداً علي جانبيه.. ورغم ذلك فشلت المخابرات الأمريكية في إقناعه بتوقيع اتفاقية لتحويل رأس بناس إلي قاعدة أمريكية، ومنع المخابرات الأمريكية من التغلغل في الجيش، ورفض اقتراحها بأن تراقب له كبار الضباط وتتنصت علي مكالماتهم.. ثم كانت الفضيحة الكبري للمخابرات الأمريكية بعدم قدرتها علي التنبؤ باغتيال السادات.
                    وبسبب تلك الضربة طلب وليم كيس مدير المخابرات السابق إضافة مزيد من المصادر البشرية والإلكترونية في كل مكان لمعرفة ما إذا كان هناك أحد يريد اطلاق النار علي الرئيس الجديد.. وزار كيندي مصر وزار محطة المخابرات الأمريكية بها وتصور الجميع أن الوضع الجديد سوف يدعم من قوة المخابرات الأمريكية في مصر.
                    عمليات التجسس:
                    في عام 1989 كشفت أجهزة الأمن المصرية عن شبكة تجسس أمريكية ضمت طالبين شقيقين مصريين وزوجة أحدهما وضابطاً أمريكياً يدعي نيكولاس رينولدز كان هدفها إعداد تقارير عن حالة الأوضاع الطائفية في مصر وردود الأفعال بين الطلبة في الجامعة وإعداد معلومات عن البطالة وعن الجماعة الإسلامية في القاهرة والصعيد.. وهي القضية التي انتهت ببراءة الزوجة وهروب الضابط وأحد العميلين، والحكم علي الآخر بعشر سنوات سجناً...
                    وللحقيقة أن السفارة الأمريكية بالقاهرة التي تعمل خمسة أيام فقط في الأسبوع، فإن مكتب الأمن الإقليمي الكائن بالدور السادس في مبناها يعمل يومياً وعلي مدي 24 ساعة بحراسة 30 من جنود المارينز والتي تتمركز في ثمانية مواقع بالسفارة و300 من رجال الأمن المصريين والموزعين علي مواقع مختلفة في السفارة..
                    وليس كل الأمريكيين في السفارة سواء خاصة بالنسبة لأولئك الذين يسمح لهم بالتنقل بين الطابق التاسع والطابق الخامس عشر، حيث تقع أهم مكاتب السفارة بما في ذلك مكتب السفير الأمريكي..
                    و مهمة مكتب الأمن بالسفارة هي:
                    الاتصال بالبوليس المصري وجهات الأمن الأخري..
                    وتوفير النصيحة للسفير في كل الشئون المتعلقة بالأمن..
                    وتأمين كل الشخصيات الأمريكية المهمة الزائرة لمصر..
                    والقيام بالتحريات لصالح الهيئات القانونية الأمريكية لتوفير المعلومات الخلفية..
                    وكذلك التحريات حول التنظيمات الجهادية ومحاولات التجسس والإشراف علي قوة الأمن المحلية بالسفارة .
                    وإدارة نظم الأمن والإنذار بالسفارة..
                    وتوفير معلومات حول الأحوال الأمنية للموظفين وعائلاتهم..
                    وحماية المعلومات السرية..
                    والإشراف علي أمن المناطق السكنية للأمريكان بتسيير 11دورية راكبة بالمناطق التي يقيم بها الأمريكان خاصة وسط البلد والمعادي..
                    وتوفير المعلومات للقطاع الخاص الأمريكي بالنسبة للأمور ذات الصلة بالأمن.
                    وإذا كانت أمريكا تضع شروطاً معينة للسماح للمسافرين إليها فمن الذي يتحقق من توافر هذه الشروط، هل أجهزة الأمن المصرية أم جهازا »F.B.I وC.I.A« خاصة أن قائمة الممنوعين من دخول أمريكا تضم فئات الاسلاميين والأشخاص الذين لهم أهداف عدوانية ضد الولايات المتحدة، بالإضافة إلي قائمة من الأمراض.
                    وفي مارس 2003 أكد مصدر بالسفارة الأمريكية بالقاهرة أن مكاتب F.B.I بالقاهرة وعمان وتل أبيب طلبت نشر العشرات من عناصر العملاء الذين استأجرهم المقر الرئيسي لمراقبة المناطق الحدودية الأردنية والتي كان من المتوقع أن تشهد سفر عشرات أو مئات الآلاف من المصريين المغادرين لبغداد عائدين إلي القاهرة.. عملاء الـ F.B.I الذين راقبوا الحدود بلغ عددهم أكثر من 180 عميلاً، وكانت مهمتهم رصد المصريين الذين أمضوا سنوات طويلة بالعراق، علي اعتقاد أمريكي بأنهم عملاء لحزب البعث ولهم علاقات بالمسئولين العراقيين.. ولتسهيل مهمة عملاء F.B.I طلبت الإدارية الأمريكية من سفيرها بالقاهرة إمداد المراقبين بأسماء المصريين عن طريق علاقاته الخاصة مع القيادات الكردية وبعض العناصر الأمنية المتعاونة سراً مع أمريكا.. ورجحت مصادر السفارة الأمريكية بالقاهرة أن يكون السفير الأمريكي حصل بالفعل علي قوائم تضم أهم المصريين والأردنيين المطلوبين أمريكياً.. وتم التنسيق بين السفيرين الأمريكيين بالقاهرة والأردن عن طريق مكاتب F.B.I بالقاهرة والأردن وتل أبيب بوضع كاميرات متطورة بمنطقة الرويشد تتصل بسفارات أمريكا بالقاهرة وتل أبيب وعمان.
                    وفي الحقيقة إن مكتب F.B.I بالقاهرة يحظي بسمعة جيدة بين الأجهزة الأمنية الأمريكية علي حسب تأكيد »روبرت موللر« المدير العام لمكتب التحقيقات الفيدرالية أمام الكونجرس الأمريكي عندما امتدح المكتب قائلاً: إن مكتب القاهرة أنجز ما لم ينجزه مكتب من مكاتب الجهاز الخمسة والخمسين المنتشرة حول العالم، وذلك عقب تفجير مبني سفارتي أمريكا بنيروبي ودار السلام، حيث يعد الأفضل في جمع المعلومات والأسرع وصولاً إليها، كما أنه قاد عملية جمع الأدلة الأولية عن حادث التفجير.
                    تقارير الخارجية الأمريكية أكدت أن مكتب القاهرة استطاع التنسيق المسبق مع الحكومة المصرية أن يشارك أجهزة الأمن المصرية في العديد من التحقيقات الخاصة بأحداث 11 سبتمبر وفي بعض الأحيان يرسل عدداً من المتهمين إلي القاهرة للتحقيق معهم وإعادتهم إلي نيويورك مرة أخري، وكذلك نجح المكتب في الصعود إلي السفن المارة بقناة السويس لتفتيشها عقب حادث المدمرة الأمريكية »كول« في أكتوبر عام 2000.. ولكل هذا فإن الإدارة الأمريكية تعول علي مكتب القاهرة بشكل كبير في إحباط أي محاولة تستهدف المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط حتي لو اقتضي الأمر حسب ما جاء في تصريح - جاي روكفيلر- بالتحرش بعملاء النظام العراقي لإيقاف خطورتهم.
                    وفي تقرير لإحدي الصحف المصرية التي أخذته عن »نيويورك تايمز« أكدت بروز اسم مصر في الملفات المخابراتية الأمريكية لتعقب إدارة بوش أحد المصريين المتهمين بالعراق، ويدعي »محمد المصري الذي تتهمه أمريكا بأنه المسئول الأول عن المعامل العراقية المتخصصة لاختبار الأسلحة الاستخباراتية وتجهيز المباني اللازمة لإخفائها وتجهيز القنابل والمتفجرات بجميع أنواعها وتزويد عملاء المخابرات العراقية بأحدث أنواع كاميرات التصوير وأجهزة الاتصال.. وتجنيد العشرات من الصحفيين وأعضاء مجلس الشعب المصري ورجال الأعمال المصريين ليعملوا لصالح النظام العراقي.
                    بينما يؤكد مسئول بالسفارة الأمريكية بالقاهرة أن الأمريكان لديهم معلومات مؤكدة عن الاسماء الواقعة وقت الغزو الأمريكي للعراق تحت المراقبة، وهذه المعلومات متوافرة لديهم منذ أكثر من عام مضي قبل الحرب.

                    كيف يعمل مكتب الاف بي اي في القاهرة ؟:
                    من المتعارف عليه أن C.I.A تعمل في العالم ومصر تحت ستار عدد من الشركات من بينها شركات التنقيب عن البترول والسياحة والاستيراد والتصدير.. فهل »F.B.I« تعمل في مصر بنفس الطريقة؟ وهل يدخلون علي أنهم رجال أعمال مثلما فعل – كوبلاند- رجل المخابرات الأمريكية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي؟!.. وهل يعملون فقط من داخل السفارة الأمريكية أم يستأجرون شققاً وفيلات في مناطق مختلفة من محافظات الجمهورية ليمارسوا من خلالها نشاطهم التجسسي؟!.
                    والاجابة: إن أجهزة الأمن في العالم تعمل بنفس الطريقة من خلال الشركات ورجال الأعمال وغيرها من الصور، وما هي إلا ستار تعمل من خلالها أجهزة الأمن مثل F.B.I بل تعمل دائماً علي تطوير شكلها والبحث عن الجديد، وأمريكا بارعة في ذلك!!
                    ففي قلب قاهرة المعز.. ومن أرقي احيائها.. تحولت السفارة الأمريكية إلي أكبر وكر للتجسس علي مصر.. التجسس علي مؤسسات الدولة عن طريق عملاء أمريكان.. التنصت «.. تجنيد عملاء مصريين.. دفع ملايين الدولارات لبعض المنظمات والأحزاب المشبوهة، تحت زعم دعم النشاط الأهلي وتدعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.. عقد لقاءات سرية مع التنظيمات التي تعمل تحت الأرض.. إعداد تقارير وملفات عن تطور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية في مصر.
                    هذا ما يقوم به المكتب التابع لجهاز المخابرات المركزية الأمريكية بالقاهرة C.I.A والذي تولي رئاسته عدد من أكفأ رجال المخابرات الأمريكية، والذين غالباً ما يجيدون التحدث باللغة العربية.
                    وإذا كان ما سبق ليس غريباً، وليس سراً، حيث إن معظم السفارات الأجنبية في معظم دول العالم، يعمل بها جواسيس يمدون بلادهم بالمعلومات عن الدول التي يعملون بها.. لكن الغريب في هذه القضية، هو العدد الكبير والمتزايد من رجال المخابرات الأمريكية في مصر.. وتزايد نشاطهم المشبوه.. والأكثر غرابة هو قيام واشنطن بافتتاح مكتب تابع للمباحث الفيدرالية F.B.Iفي سفارتها بالقاهرة، ليعمل جنباً إلي جنب مع جهاز مخابراتها.
                    ورغم أن المباحث الفيدرالية الأمريكية، جهاز يشبه مباحث أمن الدولة في مصر.. ولا يمتد نشاطه خارج الولايات الأمريكية.. إلا أن افتتاح فرع له في القاهرة يثير العديد من الشبهات.
                    و داخل مصر، توجد عدة مؤسسات أمريكية تمد مكتب المخابرات المركزية الأمريكية، ومكتب المباحث الفيدرالية بالمعلومات والتقارير.. وهي:
                    1: الجامعة الأمريكية بالقاهرة
                    2 :المركز الثقافي الأمريكي
                    3: مراكز البحوث الأمريكية.
                    وازداد الأمر خطورة بعد تحالف السفارتين الأمريكية والإسرائيلية بالقاهرة في تزايد عمليات التجسس واختراق المؤسسات من جانب.. وتبادل المعلومات المخابراتية من جانب آخر، وهي معلومات تصب في النهاية لخدمة تل أبيب.
                    فمنذ8 سنوات من السرية والتكتم، والغموض يحيط بمكان في قلب القاهرة وتحديدا في حي جاردن سيتي حيث تقع السفارة الأمريكية.. ففي عام 1997 تمت إقامة مكتب للمباحث الفيدرالية الأمريكية داخل مقر السفارة إضافة الي مكتب المخابرات الأمريكية ومنذ هذا التاريخ وكل الأجهزة الرسمية المصرية تلتزم الصمت الرهيب حول وجود هذين المكتبين اللذين يتولان عمليات التجسس وتجنيد العملاء وتوزيع الأموال السرية علي بعض الجمعيات الأهلية والمنظمات المشبوهة بهدف تحقيق المصالح الأمريكية في مصر.. والسؤال الذي يفرض نفسه: اذا كان للولايات المتحدة الأمريكية مكتب لجهاز مخابراتها في السفارة الأمريكية بالقاهرة C.I.A وهو جهاز يتولي عمليات التجسس وجمع المعلومات وتجنيد عملاء لأمريكا فما هو الداعي لإنشاء مكتب للمباحث الفيدرالية F.B.I في ذات السفارة وفي نفس الدولة؟!
                    ماذا يفعل مكتب المباحث الفيدرالية في مصر وهو جهاز شبيه لجهاز مباحث أمن الدولة المصرية؟
                    إقامة مكتب لجهاز المباحث الفيدرالية في القاهرة سبقه عدد من الأحداث المريبة ففي عام 1987 وبعد أن فشلت أجهزة الأمن المصرية في القبض علي التنظيم السري الذي أطلق علي نفسه »تنظيم ثورة مصر« الذي قام بالعديد من العمليات ضد بعض أعضاء السفارة الإسرائيلية من عملاء الموساد وكذلك بعض أعضاء السفارة الأمريكية من عملاء جهاز المخابرات الأمريكي C.I.A أصرت الولايات المتحدة علي ارسال فريق أمني رفيع المستوي قيل انه تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي ورغم أن هذا الفريق الأمني ظل في مصر عدة أسابيع قام خلالها بالتحري وجمع المعلومات إلا انه لم يطلع الجهاز الأمني المصري علي أي تفاصيل أو نتائج توصلوا اليها ولكن بعد أن تقدم عصام نور الدين أحد أعضاء تنظيم ثورة مصر بنفسه وبإرادته الي السفارة الأمريكية ليبلغها عن التنظيم الذي يعمل به كانت المفاجأة حيث احتجزت السفارة الأمريكية عصام نور الدين لمدة اسبوعين وقاموا باستقدام مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي ووفد أمني رفيع المستوي من الولايات المتحدة وظلوا يحققون مع عصام نور الدين حتي حصلوا علي جميع المعلومات ثم قدموها الي أجهزة الأمن المصرية التي قامت بعد ذلك بالقبض علي أعضاء التنظيم وتقديمهم للمحاكمة.
                    وأثناء محاكمة أعضاء التنظيم في ديسمبر 1987 وجه عادل أمين المحامي عن أحد المتهمين سؤالا الي زكي بدر وزير الداخلية في ذلك الوقت عن حقيقة وجود فريق أمني أمريكي تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالية وأنه هو الذي قدم المعلومات الي جهاز الأمن المصري عن حقيقة تنظيم ثورة مصر إلا أن زكي بدر لم ينف ولم يؤكد هذه الحقيقة وماطل في اجابته.
                    وفي أبريل 1995 وقع حادث تفجير مركز التجارة العالمي الذي اتهم فيه عدد من أفراد الجماعات الإسلامية من الدول العربية والإسلامية كان علي رأسهم فضيلة الدكتور عمر عبدالرحمن أمير للجماعة الإسلامية في مصر، وعقب هذا الحادث قام فريق تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بزيارة سرية الي مصر ومكث بها عدة أسابيع وتمكن من الوصول الي أحد المتهمين وهو محمود أبوحلمية وتم خطفه و ترحيله من مصر الي أمريكا وتقديمه للمحاكمة.
                    وفي عام 1996 وقعت حادثة غريبة أمام الباب الرئيسي لفندق سميراميس المطل علي النيل حيث هاجم شاب من الجماعة الاسلامية سيدة أمريكية وطعنها طعنة واحدة بالسكين فسقطت ميتة وتبين فيما بعد أن هذ السيدة الأمريكية تابعة لجهاز المخابرات الأمريكي وأنها جاءت الي مصر في مهمة سرية وغامضة ولم تعترف السفارة الأمريكية بالقاهرة بالنتائج التي توصلت اليها أجهزة الأمن المصرية فقررت ارسال فريق أمني تابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي لتقصي الحقائق للوصول الي دوافع الجريمة وحقيقة مرتكبها ولم يصل الي جهاز الأمن المصري أي تفاصيل عن النتائج التي توصلت اليها أجهزة البحث الأمريكية.
                    وفي يناير عام 1997 وصلت الي الولايات المتحدة عدة رسائل ملغومة تبين ان عليها طوابع بريد مصرية وأنها مرسلة من مكتب بريد بمدينة الاسكندرية وقد طلبت أجهزة الأمن المصرية من السلطات الأمريكية ارسال هذه الرسائل الملغومة لمعرفة هل هي مرسلة بالفعل من الاسكندرية ومضاهاة الاختام الموجودة عليها بالموجودة في مصر إلا أن سلطات الأمن الأمريكية رفضت ذلك وتجاهلت الطلب المصري!! وأرسلت فريقا أمنيا تابعا لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي للتحري وجمع المعلومات والتحقيق حول دوافع الجريمة وحقيقة مرتكبيها ولم تعلن أجهزة الأمن المصرية أي تفاصيل عما توصلت اليه أجهزة الأمن الأمريكية!!
                    وبدون سابق انذار وصل الى مصر يوم الجمعة 14 فبراير 1997 لويس فرييه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي ولكن لم يقل أحد حتي الآن ما هو عدد أفراد هذا المكتب ولا طبيعة عمله ونشاطه وسلطاته؟!
                    وتردد وقتها ان جهاز المخابرات الأمريكي C.I.A وضع تقريرا يضم عددا من البنوك الإسلامية المشهورة في مصر والدول العربية اتهمها بلعب دور الغطاء لتمرير التحويلات المرسلة من دول الخليج ومصر الي بعض المنظمات الاسلامية في الخارج وضم التقرير الأمريكي أيضا تورط بعض رجال الأعمال العرب الذين يتوقف نشاطهم علي المنظمات المتطرفة التي تعمل ـ آنذاك ـ في مصر والسودان والأردن والجزائر وتونس.
                    ووقتها أيضا قيل انه تم اعداد لائحة بأسماء الأشخاص والجمعيات والبنوك التي تتولي عمليات تمويل الجماعات الإسلامية وستقوم الدول الأربع بابلاغ باقي دول العالم بأسماء المشبوهين من رجال الأعمال لتصفية نشاطهم ومنع حصولهم علي تعهدات والتزامات مالية وطلب وقف التعامل معهم علي أن تتطور العقوبات تدريجيا في حالة التأكد من تورط المشبوهين في التمويل سيصل العقاب الي تجميد أرصدتهم ووضع أسماء المطلوبين في المطارات والموانئ الدولية.
                    وخلال زيارة فرييه مدير الاف بي اي للقاهرة التقي بأكثر من 50 شخصا من 8 دول عربية بينها مصر ووصف فرييه هذه اللقاءات بأنها دليل علي العلاقات الطيبة مع الولايات المتحدة وأعرب عن رغبته في استمرار التعاون مع الشرطة المصرية وقوي الأمن في المنطقة!!
                    وقال فرييه وقتها ان مكتب التحقيقات والشرطة الأمريكية لديهما قضايا دولية لها تأثير في العديد من دول العالم وفي المقابل فإن السلطات المصرية لديها قضايا تتعلق بأنشطة داخل الولايات المتحدة مثل الجرائم البنكية وعندما تطلب الشرطة المصرية التحقيق فإن النظام الأمريكي قادر علي إجراء التحقيقات مع المتهمين داخل الولايات المتحدة وابلاغ الشرطة المصرية بنتائج التحقيقات.
                    لقد اشتهرت أمريكا وإسرائيل بأنهما أكثر دول العالم ممارسة لعمليات التجسس، وبتوسع شديد وعلي مستوي العالم لخدمة مصالحهما مستخدمين في ذلك كل الوسائل البرية والبحرية والجوية وبالأساليب المشروعة وغير المشروعة.. وليس سرا أن عمليات التجسس تتم من خلال السفارات ومراكز الأبحاث وشركات السياحة والطيران والتنقيب عن البترول والتجارة الخارجية ومكاتب الاستيراد والتصدير وليس سرا أن التجسس ليس مقصورا علي النواحي العسكرية فقط بل انه امتد ليشمل كل نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وسمعنا عن التجسس الصناعي والتكنولوجي وغيرهما.
                    والحقيقة المؤكدة ـ أيضا ـ ان الجاسوسية لا تعترف بمعاهدات السلم ولا تتوقف بسبب تحسين العلاقات بين الدول بل انها تنشط وتتوسع في هذه الظروف.
                    وقد سبق أن ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض علي جواسيس يعملون لحساب الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة وألقت القبض علي جواسيس يعملون لحساب تل أبيب رغم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
                    لكن السؤال المهم ما هي حجم العلاقة بين سفارتي أمريكا وإسرائيل في القاهرة؟ وما هو حجم تبادل المعلومات المخابراتية بين السفارتين؟ وعلام تتجسس السفارتان الإسرائيلية والأمريكية؟!
                    كان التنسيق والتخطيط والترابط وثيقا بين الدور الأمريكي والإسرائيلي في الاختراق الثقافي والاجتماعي والعلمي للمجتمع المصري وقد تمت أخطر حلقات هذا المخطط خلال عهد السادات بين عامي 1974 و1987 وعلي سبيل المثال فإن ليونارد بايندر الإسرائيلي الأمريكي مزدوج الجنسية الذي كان مستشارا لجولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل السابقة خلال حرب 1973 قد أجري مجموعة خطيرة من الأبحاث والدراسات كأستاذ زائر في الجامعة الأمريكية في القاهرة كان أخطرها حول الجماعات الجهادية ، كما قام أستاذ علم النفس الإسرائيلي ستيفن كوهين بإجراء دراسة خطيرة حول الجذور النفسية والاجتماعية للصراع العربي الإسرائيلي.
                    ومما لا شك فيه ان اسرائيل بعد كامب ديفيد وجدت فرصة ذهبية لها بإقامة قاعدة في القاهرة للتجسس وجمع المعلومات عن مصر والعرب من خلال السفارة الاسرائيلية والمركز الأكاديمي الاسرائيلي. هذا مع العلم أن هناك العديد من المراكز المنتشرة في طول البلاد وعرضها تقوم بالتجسس تحت ستار البحوث العلمية والثقافية والهدف هو أن تظل مصر تحت مجهر الموساد الاسرائيلي وإذا كانت هذه المراكز تقوم بهذا الجانب فإن السفارة الإسرائيلية في القاهرة تشكل قلعة حقيقية تتم داخلها عمليات تنصت واتصال ومراقبة وتجسس علي مستوي عال من الحرفية.
                    في عام 1985 تقدمت السفارة الاسرائيلية في القاهرة ـ وكانت وقتها لاتزال تشغل الفيلا رقم 23 شارع محيي الدين أبوالعز بالدقي ـ بطلب الي مراقبة الكهرباء في العجوزة تحدد فيه قوة كهربائية لمواجهة متطلبات الإنارة لكن مدير كهرباء العجوزة شك في حجم القوة الكهربائية المطلوب توفيرها للسفارة ذلك لأن القوة الكهربائية المطلوبة كانت كبيرة وطلب أن يقوم الفنيون بمعاينة الأجندة الفنية الاسرائيلية حتي يتمكنوا من تقرير القوة الكهربائية المناسبة وبالطبع ظل المندوب الاسرائيلي يراوغ في السماح بمعاينة هذه الأجندة قائلا: ان الفنيين الاسرائيليين يمكنهم تقدير هذه القوة، وهنا لم يجد المسئول المصري بدا من ابلاغ المسئولين المصريين بحقيقة الموقف وانه يستحيل أن تكون هناك أي أجهزة كهربائية تحتاج الي هذا الكم الكبير من الكهرباء وبمعاينة مقر السفارة من الخارج اتضح لدي المندوب ان السفارة الاسرائيلية لا تحتاج الي هذا الكم من الكهرباء وأن هذه الاحتياجات ليست للانارة والأمن بل لأغراض أخري كان هذا قبل أن تنتقل السفارة الاسرائيلية الي مقرها الجديد بالجيزة وفوق هذا المقر المنيع الذي يحتل طابقين علويين للمبني يضم عددا من الفنيين والخبراء يتولون تشغيل أجهزة الرصد الالكتروني والتداخل والاختراق والمستقبلات والمرسلات، وقد حصل الاسرائيليون علي هذه القلعة الحصينة المعلقة التي يصعب التنصت عليها، وعزلوا الطابق التاسع عشر تماما وأقاموا فوقه غابة أخري من هوائيات الارسال والاستقبال تضم حوالي 30 هوائيا هذا مع حرص بعض الدبلوماسيين الاسرائيليين علي سكن الأدوار الأخيرة والعليا من المباني التي يقطنون بها في القاهرة ومما يلفت النظر هو حجم التيار الكهربائي الكبير الذي تأخذه السفارة الذي لم يكتف به الاسرائيليون بل اضافوا اليه مولد ديزل للكهرباء.
                    هذا بخلاف الأقمار الصناعية التي تمتلكها اسرائيل للتجسس علي الأهداف العسكرية في الدول العربية والإسلامية والقادرة علي التقاط صور عن المواقع العسكرية علي مدار ساعات الليل والنهار.
                    ان المراكز الصهيونية التي تعد مراكز للتجسس تعمل تحت شعارات ثقافية ودبلوماسية وتنتشر الآن في مصر وهي ليست وحدها التي تقوم بالتجسس ولكن هناك أكثر من 34 هيئة تقوم بذلك من خلال البحث العلمي من بينها المعهد الأمريكي لدراسات الشرق الأوسط ومركز البحوث الأمريكي، ولا يمكن أن يكون مجموع هذه الدراسات والابحاث هدفها خدمة مصر وشعبها ولكن غالبا ما تهدف الي وضع المخططات الكفيلة بالتأثير عليه وصياغة تفكيره من جديد.
                    وقد أثبتت التجارب السابقة أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما وجهان لعملة واحدة هذا إن الولايات المتحدة تلتزم بدعم الوجود القوي المستمر لإسرائيل ويقضي هذا الالتزام بإحاطة إسرائيل علما بكل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لمساعدة الدول العربية في تحسين قواتها المسلحة علي أن تظل محافظة علي التفوق النوعي لإسرائيل ومعاونتها في تطوير صناعتها العسكرية حتي أصبحت تحتل مكانا متقدما في صناعة السلاح بالشرق الأوسط ومما لا شك فيه ان أي سفارة في دولة ما تهتم بجمع المعلومات عن الدولة الموجودة بها وليس سرا أن عمليات التجسس تتخذ من مراكز الأبحاث الأكاديمية ستارا لها ذلك أن عمليات البحث العلمي والتعاون الثقافي وما الي ذلك من مصطلحات ليست في الحقيقة سوي عناوين خادعة للحقيقة الماثلة وهي التجسس وجمع المعلومات والتحليل السياسي والاجتماعي للشعوب سواء كان من خلال واجهة مشرقة تتمثل في التعاون المتبادل للقضاء علي الإرهاب أو غيرها من المبادئ السامية التي تنادي بها الولايات المتحدة.


                    الفصل السادس
                    استخبارات القاعدة و الCIA وجهاً لوجه
                    غزوة منهاتن 11 سبتمبر2001

                    في حوالي الساعة العاشرة ، أصدر الجهاز السري (جهاز حماية الشخصيات السامية)إنذارا من نوع جديد: البيت الأبيض والطائرة الرئاسية مهددان. وقد نقل نائب الرئيس تشيني إلى المركز الرئاسي للعمليات المستعجلةPresidential Emergency Operations Center، وتقع غرفة القيادة تحت الأرض، في الجناح الغربي للبيت الأبيض. وبدأ العمل بمخطط استمرارية الحكومةCoG وبشكل سري، نقلت القيادات السياسية البارزة في البلاد – أعضاء الحكومة ومجلس الشيوخ – إلى أماكن آمنة. وقد نقلتهم مروحيات تابعة للبحرية إلى مخابىء ضخمة مضادة للإشاعات الذرية: موقع هاي بوينت سبيشلي فاسيليتي Hight point Special Facility في ماونت ويدر بولاية فرجينيا وموقع ألترنايت جوينت كومينيكايشن سنتر Alternate Joint Communication Center، المعرف بموقع (R)، في رافن روك ماونت Raven Rock Mountainن قرب كامب ديفيد. وكل هذه المواقع عبارة عن مدن حقيقية تحت الأرض، وهي من بقايا الحرب الباردة، وصممت لاحتضان آلاف الأشخاص.
                    و غير جورج بوش، الذي كان في طريقه إلى واشنطن، وجهته، حيث اتجهت الطائرة الرئاسية (Air Force One)، في بداية الأمر، إلى قاعدة باركسديل (لويزيانا)، ثم إلى قاعدة أوفوت (نبراسكا)، حيث مقر القيادة الأمريكية الاستراتيجية Us Strategic Command، أي المكان المحوري الذي توجد به قوة الردع النووية. وفي ما بين القاعدتين تحركت الطائرة على علو منخفض في اتجاهات متعرجة. وكان الرئيس، بعد الهبوط في القاعدتين، يجتاز مدرج الطائرات على متن سيارات مدرعة خشية التعرض لنيران القناصة.
                    ولم تنته إجراءات حماية الشخصيات السامية هذه، إلا بعد الساعة السادسة بعد الظهر، عندما استقل جورج بوش، من جديد الطائرة الرئاسية للعودة إلى واشنطن. وقد تحدث نائب الرئيس، ديك تشيني، الذي كان ضيفا على تيم روسيت في برنامج "ميت ذو برس" – لقاء الصحافة – الذي بثته قناة ان بي سي يوم 12 سبتمبر، عن الإنذار الذي أصدره الجهاز السري وكذلك عن طبيعة التهديد.
                    وحسب تصريحه، فقد أخبر نائب الرئيس، بشكل مفاجئ، من طرف ضباط الأمن التابعين له، بان خطرا كان محدقا به، فتم نقله بالقوة إلى المخبأ المحصن التابع للبيت الأبيض، لأن طائرة البوينغ المختطفة التي اتضح أنها الرحلة 77، تحوم فوق واشنطن. وعندما لم تتضح لها العلامات الدالة على البيت الأبيض، توجهت لترتطم بالبنتاغون. وبينما كان إجلاء الشخصيات الحكومية والبرلمانية جاريا، أخبر الجهاز السري بأن الطائرة تواجه تهديدا آخر، فهناك طائرة جديدة مختطفة تهدد بالاصطدام، في الجو بالطائرة الرئاسية.
                    ان شهادة نائب الرئيس ترمي إلى تحديد مصدر التهديد: طائرات انتحارية كانت في طريقها نحو البيت الأبيض، ونحو الطائرة الرئاسية. انه يعيد الكذبة التي افتضح أمرها ، كذبة الرحلة 77 التي تحطمت فوق البنتاجون. بل يزيد على ذلك، بتخيل طائرة انتحارية تحوم حول واشنطن بحثا عن هدف. لكنه يصعب، مع ذلك، على المرء ان يصدق أن الجهاز السري، الذي، بدل تشغيل الدفاع الجوي المضاد، راح يفكر في إجلاء نائب الرئيس نحو المخبأ المحصن. والمضحك حقا، هو ان تشيني اخترع طائرة ركاب جديدة تطارد الطائرة الرئاسية، كما يفعل الفارس في أفلام الغرب الأمريكي "ويسترن"، وتريد الاصطدام بها أمام أنظار القوات الجوية الأمريكية التي لا تحرك ساكنا.
                    وبالرغم من هذه الاحتمالات، فان هذه الملهاة لا تكفي لتفسير السلوكات. فإذا كان التهديد ينحصر في طائرات انتحارية، فلماذا نحمي الرئيس من احتمال إطلاق نار من طرف قناصة حتى ولو فوق مدرج الطائرات بالقاعدتين العسكريتين الاستراتيجيتين؟ كيف نصدق أن الإسلاميين تموقعوا حتى في الأماكن التي شددت حولها إجراءات الحراسة. ان شهادة ديك تشيني تستهدف، على وجه الخصوص، محو تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض، آري فلايشر، وتصريحات السكرتير العام للبيت الأبيض كارل روف :لقد كانت المعلومات التي يدلون بها، تقود إلى التساؤل حول فرضيات داخلية محتملة، في الوقت الذي لا تريد فيه الدعاية الحربية أن ترى سوى الأعداء الخارجيين.
                    وتؤكد الصحافة الصادرة يومي 12 و13 سبتمبر، استنادا إلى المتحدث باسم الرئاسة (آري فلايشر)، على أن الجهاز السري قد يكون توصل براسلة من المهاجمين تشير إلى أنهم يعتزمون تدمير البيت الأبيض والطائرة الرئاسية. والمدهش حقا، حسب صحيفة نيويورك تايمز، هو انه يحتمل أن يكون المهاجمون، قد استعملوا لجعل مكلماتهم جديرة بالتصديق، شفرات تحديد الهوية وإرسال الإشارات التي في حوزة الرئاسة. والغريب أيضا، حسب صحيفة وورلد نت دايلي ، التي قالت، استنادا إلى مصادر رسمية مخابراتية، أن المهاجمين ربما كان يتوفر أيضا لديهم ، على شفرات إدارة مراقبة العقاقير والمواد المخدرة Drug Enforcement Administration، ومكتب الاستطلاع القومي National Reconnaissance Office، والمخابرات التابعة للقوات الجوية Air Force Intelligence، والمخابرات العسكرية Army Intelligence، والمخابرات البحرية Naval Intelligence، مخابرات مشاة البحرية Marine Corps Intelligence، وأجهزة الاستخبارات التابعة لوزارة الخارجية ووزارة الطاقة. وكل شفرة من هذه الشفرات لا توجد إلا في حوزة مجموعة محدودة جدا من الأشخاص. ولا يسمح لأحد بأن يتوفر على أكثر من شفرة. وإذا سلمنا بأن المهاجمين كانوا يتصنتون على هذه الشفرات، فذلك يعني إما أن هنالك وسيلة لاختراقها، وإما أن هناك جواسيس في حالة كمون مندسين في كل أجهزة الاستخبارات هذه. تقنيا، يبدو ممكنا إعادة تركيب شفرات الوكالات الأمريكية، عبر البرنامج المعلوماتي الذي استعمل في تصميمها، والمعروف باسم بروميس Promis، علما بأن الحسابات التي ركب منها هذا البرنامج المعلوماتي، كانت قد سرقت، على ما يبدو، من طرف العميل السري روبيرت هانسن التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي، الذي ألقي عليه القبض بتهمة التجسس في فبراير2001.
                    وفي نظر جيمس وولسي، مدير وكالة الاستخبارات المركزية سابقا، فان هذه الشفرات قد يكون حصل عليها جواسيس مندسون. ويؤكد وولسي، الذي يعتبر حاليا من اللوبي الداعم للمعارضة ضد صدام حسين، أن هذه العملية من تدبير الأجهزة السرية العراقية الخطيرة. وتذهب فرضية ثالثة إلى القول بأن الأجهزة السرية إما مخترقة، وإما انخدعت بمعلومات غير صحيحة. ذلك أنه لم يكن أبدا بامكان المهاجمين الحصول على هذه الشفرات، ولكنهم – بفضل تواطؤ جهات معينة – قد يكونوا نجحوا في الدفع إلى الاعتقاد بذلك.
                    وكيفما كان الأمر، فان مسألة الشفرات تكشف عن وجود خائن، أو أكثر، في أعلى مستويات جهاز الدولة الأمريكية. فهم الذين بامكانهم وضع قناصة لقتل الرئيس حتى في داخل القواعد الاستراتيجية للقوات الجوية الأمريكية. ومن أجل الاحتماء من الكمائن التي يحتمل أنها نصبت، استعمل الرئيس سيارات مصفحة لعبور مدرج المطار في باركسديل و أوفوت.
                    وهناك جانب آخر لهذه القضية، فإذا كان المهاجمون أجروا اتصالا مع الجهاز السري واستعملوا شفرات سرية لتأكدي صدق مكالمتهم، فذلك لهدف محدد. فإما أن تكون رسالتهم متضمنة لمطلب، وإما لإنذار. ومن ثم، وإذا سلمنا بأن التهديد قد زال في نهاية اليوم، فانه لا يسعنا إلا أن نستخلص أن الرئيس بوش قد فاوض وخضع لنوع من الابتزاز.
                    وكان بامكان المهاجمين، وهم يتوفرون على شفرات التصديق وارسال الإشارات المستعملة في البيت الأبيض والطائرة الرئاسية، أن ينتحبوا صفة رئيس الولايات المتحدة. كان بوسعهم أيضا، إصدار تعليمات لمختلف القوات، بما في ذلك إطلاق النظام النووي. وكان السبيل الوحيد الذي يسمح لجورج بوش في الاستمرار بالتحكم في القوات، هو التواجد شخصيا في مقر القيادة الاستراتيجية الأمريكية في أوفوت، وأن يصدر شخصيا من هناك، أمر و أمر مضاد. لذلك توجه إلى عين المكان شخصيا. واتضح أن مساره المباشر كان من قبيل المستحيل، لأن الطائرة الرئاسية التي لم تصمم للتحليق على ارتفاع منخفض استهلكت احتياطي الوقود فيها، ولا يمكن تزويدها به خلال الطيران دون تعريضها للخطر. لذلك برمج توقف تقني في باركسديل وهو من المواقع الخمس البديلة لأوفوت.
                    وليست مسألة الشفرات هي العنصر الوحيد الذي اختفى من الرواية الرسمية. فهناك واقعة أخرى، تم التحقق منها قانونيا، تم إهمالها. ففي يوم11سبتمبر، على الساعة التاسعة واثنتين وأربعين دقيقة، بثت قناة أي بي سي، مباشرة صورا لحريق في المبنى الملحق بالبيت الأبيض المعروف ب (Old Executive Building)، واكتفت القناة بإظهار مشهد ثابت تبدو فيه أعمدة الدخان تتصاعد من المبنى. ولم يتسرب أي خبر عن أسباب الحادث ولا عن حجمه الحقيقي. ولم يتجرأ أحد على نسب الحريق إلى طائرة انتحارية. وبعد ذلك بربع ساعة، نقل الجهاز السري ديك تشيني من مكتبه، وأمر بإخلاء البيت الأبيض والبناية الملحقة به. وانتشر فريق من أمهر القناصة في محيط المنزل الرئاسي مجهزين بقاذفات للروكيت، وبامكانهم صد هجوم عبر جيش محمول جوا. وباختصار كان يتعين مواجهة تهديد من طبيعة مختلفة عن تلك التي وصفها ديك تشيني في وقت لاحق.
                    لنقرأ من جديد نص تدخل الرئيس بوش، الذي سجل في باركسديل وأجل البنتاغون بثه إلى الساعة الواحدة وأربع دقائق بعد الظهر وقد بدت عليه علامات الانهيار والبكاء: "أود أن أطمئن الشعب الأمريكي، بأن موظفي الحكومة الفدرالية يعملون على مساعدة السلطات المحلية، بغرض إنقاذ أرواح بشرية ومساعدة ضحايا هذه الهجمات. وكونوا على يقين من أن الولايات المتحدة ستطارد مدبري هذه الأعمال الجبانة. وإنني على اتصال دائم بوزير الدفاع، وبفريق الأمن القومي، ومع حكومتي. وقد اتخذنا جميع الاحتياطات الأمنية اللازمة، لحماية الشعب الأمريكي. وتوجد جيوشنا، داخل الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم، في حالة استنفار قصوى، وأخذنا جميع الاحتياطات الأمنية الضرورية لسير العمل في أجهزة الدولة.
                    وقد أجرينا اتصالا مع رؤساء الفرق في الكونجرس، ومع قادة العالم من أجل التأكيد لهم، بأننا سنعمل كل ماهو ضروري من أجل حماية أمريكا والأمريكيين.
                    وأطلب من الشعب الأمريكي أن ينضم إلي من أجل التعبير عن الشكر، لكل الأشخاص الذين يسخرون كل طاقاتهم من أجل إغاثة مواطنينا ومن أجل الصلاة على أرواح الضحايا وعائلاتهم.
                    ان إصرار أمتنا العظمى يمر بامتحان. ولكن تأكدوا من أننا سنبرهن للعالم بأننا سنجتاز هذه المحنة. وليبارككم الله".
                    ان ما يثير الانتباه في هذه الكلمة، هو ان الرئيس يحاول، بكل عناية أن يتلافى الإشارة إلى المهاجمين. فهو لا يستعمل كلمتي "إرهاب" أو "إرهابي". ولكنه يلمح إلى أن الأمر قد يتعلق ببداية صراع عسكري تقليدي أو أي شيء آخر. ويشير إلى "امتحان" سيتم إنجازه، وكأنه يعلن عن كوارث جديدة. والأكثر إثارة، هو أنه لا يقدم أي تفسير حول غيابه عن واشنطن. وهو بذلك، يعطي الانطباع بأنه هرب من مواجهة خطر لازال مواطنوه معرضين له.
                    لقد عقد آري فلايشر المتحدث باسم البيت الأبيض لقاءين صحافيين عرضيين على متن الطائرة الرئاسية خلال تحليقها لمدة طويلة. وبنفس الحرص الشديد، الذي أظهره الرئيس بوش، لم يستعمل هو أيضا كلمتي "إرهاب" أو "إرهابي".
                    ويمكن في سياق مثل هذا، أن يتم تأويل بدء العمل بإجراء استمرارية الحكومة، بطريقتين مختلفتين. التفسير البسيط جدا، هو اعتبار انه كان ينبغي حماية الرئيس والمسئولين والسياسيين من عمل يقوم به خونة، كان بامكانهم إشعال حريق في مبنى (Old Executive Building) والسطو على الشفرات السرية للرئاسة ووكالات الاستخبارات.
                    ويمكن بدلا من ذلك، أن نعتبر أنه لم يتم إطلاق خطة (CoG)، من أجل حماية القادة السياسيين من الخونة، ولكن تم إطلاقها من طرف الخونة لعزل القادة السياسيين. بهذا المعنى، تبدو شهادة نائب الرئيس تشيني غريبة. فهو يؤكد أن عملاء الجهاز السري اختطفوه من مكتبة واقتادوه إلى مخبأ البيت الأبيض دون موافقته. ويلمح إلى أن نفس الشيء وقع للأعضاء الرئيسيين في الحكومة والكونجرس. فما معنى أن يقوم الجهاز السري باختطاف منتخبي الشعب ومحاصرتهم في المخابىء المحصنة "من أجل سلامتهم"، إذا لم يكن انقلابا سياسيا، أو على الأقل انقلابا داخل القصر الابيض؟
                    ولنعد إلى قراءة العناصر المتاحة: هناك حريق شب في المبنى الملحق بالبيت الأبيض. وأعلنت المسئولية عن الهجمات خلال اتصال هاتفي مع الجهاز السري. وطرح المهاجمون مطالب بل إنذارا وصدقوا على المكالمة الهاتفية باستعمال شفرات التصديق وإرسال الإشارات التي تملكها الرئاسة. وأطلق الجهاز السري مسطرة استمرارية الحكومة ووضع القادة السياسيين البارزين في مكان آخر. ودخل الرئيس، في ما بعد الظهر، في مفاوضات. وفي المساء عاد الهدوء.
                    وهكذا فان الهجمات لم تكن من تدبير متشدد كان يعتقد أنه ينفذ عقابا إلهيا. ولكن من تدبير مجموعة داخل جهاز الدولة الأمريكية نجحت في فرض سياسة ما على الرئيس الأمريكي. وبدلا من انقلاب سياسي كان يستهدف الإطاحة بالمؤسسات، ألم يكن الأمر انقضاضا على السلطة من طرف مجموعة معينة كامنة في ثنايا المؤسسات؟
                    انتهت رواية صحفي البيت الابيض.
                    الفشل في منع احداث 11 سبتمبر/ أيلول:
                    لقد أدّت غزوة مانهاتن إلى تبدّل جذري في مفهوم الأمن الأميركي. فبعد أن كان نصف القارة الشمالي معزولا عن بقية العالم وتهديداته بمحيطين، أصبح الآن في الداخل. وضربت المفاجأة رموز القوّة الأميركيّة في بُعديها الاقتصادي والعسكري.وغيّرت المفاجأة معالم المركز المالي الأهم في العالم.
                    وأظهرت الغزوتين للعالم حقيقة الوهم المسمى( ب السي اي ايه والاف بي اي)
                    كانوا يقولون في كتب الجاسوسية وافلام جيمس بوند ( اذا دخل فأر امريكا أو خرج فلابد وان تجد عنه تقريرا في الاستخبارات الامريكية).
                    و خسرت الاستخبارات الامريكية الجولة امام استخبارات القاعدة
                    واضطر جورج تنيت رئيس الاستخبارات للاستقالة حفظاً لماء وجه رئيسه أمام أعضاء الكونجرس.
                    وقد أصدرت الإدارة الأميركية في هذا المجال تشريعات عدّة تتعلّق كلها بالأمن القومي الداخلي. إضافة إلى القرارات التي أصدرها وزير العدل جون آشكروفت حول سمات الدخول وما شابه. وأخيرا وليس آخرا، طلب الرئيس بوش إنشاء وزارة للداخليّة تبلغ ميزانيتها أكثر من 73 مليار دولار أميركي.
                    وتدور معركة في الولايات المتحدة حول تحديد المسؤول عن الفشل في 11 سبتمبر/أيلول، منهم من يقول إن الرئيس كان على علم مسبق من خلال تقرير أُرسل إليه من قبل السي.آي.أيه.
                    وقال النائب الجمهوري ساكسبي شامبليس الذي يرأس المجموعة حول الارهاب والامن الداخلي في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب "لا شك انه فشل هائل لاجهزة الاستخبارات".
                    واضاف ان عددا كبيرا من المشاكل التي سببت الفشل ما زال قائما في هيئات مهمة مثل وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) ومكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) المسؤول عن مكافحة التجسس و(وكالة الامن القومي )المكلفة خصوصا عمليات التنصت الالكتروني، رغم الاجراءات التي اتخذها المسؤولون فيها.
                    ويشرف شامبليس وجين هرمان من الاقلية الديموقراطية في لجنة الاستخبارات على اعمال المجموعة التي تحلل التهديدات الممكنة للولايات المتحدة وقدرة وكالات الاستخبارات الاميركية على مكافحة الارهاب الاسلامي .
                    وقد نشرت هذه المجموعة حوالي 10 في المائة من تقرير حول هذا الموضوع في تموز/يوليو، اما الـ 90 في المائة المتبقية فلا تزال طي الكتمان.
                    وقال شامبليبس انه خلال السنوات التي سبقت 11 ايلول/سبتمبر "كانت الفوضى تسود بين اعضاء التراتبية في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية في ما يتعلق بالاولويات، الامر الذي اثر على مهمات مكافحة التجسس والعملاء والمحللين".
                    واضاف ان قدرات في مجال مكافحة التجسس تآكلت بشكل كبير منذ عشرة اعوام بسبب نقص الموارد والمخصصات المحددة لها وانعدام التأهيل اللغوي والارتباط الكبير جدا بأجهزة الاستخبارات الاجنبية.
                    واعرب هذا النائب عن اسفه بالقول "اكتشفنا بعد 11 ايلول/سبتمبر ان عملاء تنظيم القاعدة كانوا يقومون بأنشطتهم بحرية تامة في اوروبا وافريقيا والشرق الاوسط وفي جنوب شرق آسيا، وهذا ما يكشف ثغرات استراتيجية الاتكال كثيرا على الآخرين في لعبة التجسس يقصد مخابرات الدول .
                    لكن شامبليس اعترف بأنه على رغم كل نقاط الضعف لدى عدد من الافراد ووكالات الاستخبارات نفسها، لا نستطيع ان نقول بشكل قاطع انه كان في الامكان تجنب وقوع تلك الهجمات. واشار الى "ان الامور تتغير بشكل سريع"، موضحا ان "المجموعات الارهابية موزعة في جميع انحاء العالم".
                    وشدد النائب شامبليس على القول ان هذه العولمة للشبكات الارهابية لا تؤدي الا الى الاصرار على المطالبة بتحسين سريع ومهم لقدرات وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية على اختراق هذه المنظمات.
                    من جانبها، خصت النائب جاين هارمن مكتب التحقيقات الفدرالي بانتقاداتها. وقالت ان الوقت قد حان حتى يعمد مكتب التحقيقات الى "تحسين طرق جمع المعلومات والتحليل وتغيير ثقافة تقاسم المعلومات"، مشيرة بذلك الى انذارات بوجود تهديدات ارهابية اطلقها عميلان قبل 11 ايلول/سبتمبر وتجاهلها المسؤولون.
                    ويعتبر البعض الآخر أن سبب الفشل يعود إلى عدم التعاون بين الأجهزة الأمنية المتعدّدة إذ يُقال إنه ومنذ 30 عاما خلت، لم يكن رئيس الإف.بي.آي. إدغار هوفر، على علاقة جيّدة مع رئيس السي.آي.أي آنذاك ريتشارد هيلمز، حتى إنه لم يكن يُكلّمه.
                    بالفعل هناك مؤشرات كثيرة برزت مؤخرا تتعلّق كلها بحادثة 11 سبتمبر/ أيلول، وكان من الممكن تجنب الكارثة لو أُخذت هذه المؤشرات على محمل الجدّ، فهل هذا صحيح أم أن السبب هو في مكان آخر؟ لا يبدو أن الجواب على هذا السؤال سهل خاصة في بلد مثل الولايات المتحدة، حيث المصالح القوميّة تعم الكرة الارضيّة.
                    لذلك يبدو الحديث الذي يدور الآن عن معرفة الأجهزة لبعض مؤشرات لعمليّة 11 سبتمبر/أيلول وكأنه دون جدوى، لأن الحادثة وقعت . وهي تنفع الآن فقط لقطع رؤوس المسؤولين وإيجاد كبش محرقة.
                    أن إمكانية الاختراقات المخابراتية تبدو مرتفعة وهذا ما حصل في الجدال الدائر الآن حول سبب الفشل في درء حادثة 11 سبتمبر/أيلول.
                    تقول إلينور هيل رئيسة لجنة التحقيق في فشل الاستخبارات الأمريكية في منع هجمات 11 سبتمبر - أيلول، إن جهات استخباراتية أمريكية تلقت عدة تحذيرات بوقوع هجمات إرهابية قبل تاريخ وقوعها.
                    وقالت رئيسة لجنة التحقيق المنبثقة عن الكونجرس إن بعض المسؤولين لم يمحصوا التهديد المحتمل باختطاف طائرات والاصطدام بها في مبان.
                    وخلصت إلى أن الاستخبارات الأمريكية ارتكبت "أخطاء" قبل 11 سبتمبر، وفشلت في وضع إمكانات كافية لتعقب أعضاء تنظيم القاعدة التابع لأسامة بن لادن في كل مكان في العالم .
                    لكن هيل قالت إن كثيرا من المعلومات المتاحة للاستخبارات الأمريكية افتقدت التفاصيل، مثل الأهداف المحددة والتوقيت، أو افتقدت المصداقية.
                    وجاءت تلك التصريحات في أول أيام جلسات الاستماع العلنية التي تعقدها لجنة الاستخبارات المشتركة في مجلسي النواب والشيوخ.
                    ويقول التقرير الذي أعدته هيل إن مسؤولي الحكومة الأمريكية تلقوا تحذيرات في اجتماع لتبادل المعلومات في يوليو - تموز 2001 بأن "بن لادن سوف ينفذ هجوما إرهابيا ضد مصالح الولايات المتحدة و/أو إسرائيل في الأسابيع القادمة."
                    وقال التقرير إن "الهجوم سيكون كبيرا ومخططا لكي يسبب عددا كبيرا من الضحايا أو مصالح أمريكية."
                    ويحتوي التقرير ذو الثلاثين صفحة على تفاصيل عدة تحذيرات تلقتها جهات استخباراتية أمريكية في الفترة من مارس - آذار إلى سبتمبر 2001، وبعض تلك التحذيرات أشارت إلى أن الولايات المتحدة هدف لهجوم وشيك.
                    كما وصلت معلومات ترجح أن الهجوم على مصالح أمريكية في الخارج اعتبرها مسؤولون أمريكيون أكثر احتمالا.
                    ومن بين تلك العلامات التحذيرية:
                    33 تنصتا على اتصالات من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية، استقبلت بين مايو - أيار ويوليو 2001، وحذرت من "احتمال هجوم إرهابي وشيك"
                    معلومات من احد العرب الافغان في يوليو 2001 بعد أن عاد حديثا من أفغانستان وقال إن "الجميع يتحدثون عن هجوم قريب"
                    يقول جيمس بامفورد في مقال كتبه للواشنطن بوست إنه لا يجب أن نغفر للوكالة الوطنية للأمن القومي (NSA) تقصيرها، فهي المخوّلة بالتنصت على كل المشبوهين في العالم، حتى إنها لم تعرف رقم أسامة بن لادن الخلوي وهي التي لها آذان في كل أرجاء الكرة الأرضية. ويبلغ عدد الصفحات التي ستسلمها هذه الوكالة للجنة التحقيق في الكونغرس حوالي 13000. كما أن السي.آي.أيه سوف تسلم ملفات عن الإسلاميين لنفس لجنة الكونغرس مستقاة من 350000 صفحة، ويبلغ طولها إذا ما طُبعت حوالي 10 أمتار.
                    إذاً تبدّلت الأوضاع وبقيت الأجهزة كما كانت منذ أكثر من 40 سنة، كذلك الأمر بقيت الوسائل المستعملة والأساليب هي هي، وبقيت العداوات أيضا بين هذه الأجهزة والوكالات فماذا عن المستقبل؟
                    فقرات من تقرير مخابراتي عن الحالة الامنية في امريكا بعد 3 سنوات من غزوة منهاتن :
                    قال تقرير استخباري إنه "مضت ثلاث سنوات ونصف السنة على هجمات 11 سبتمبرإلا ان الصورة قاتمة عن إمكانات وكالات الاستخبارات الأمريكية, بالرغم من الزيادة في ميزانية الاستخبارات منذ عام 2001 بمعدل عشرة مليارات دولار, حيث إن الميزانية ارتفعت من 30 ملياراً إلى 40 مليار دولار سنوياً.
                    واقترح التقرير إجراء عدد من التغييرات الأساسية في وكالات الاستخبارات الأمريكية التي يصل عددها إلى 15 وكالة. ولكن وحتى قبل نشر التقرير رسمياً, كان بعض المسؤولين في بعض وكالات الاستخبارات يعربون عن استيائهم وقلة حماسهم لأي تغييرات جديدة, وقالوا إن الوكالات الاستخباراتية مازالت في حالة من التغيير والإصلاح المستمر منذ هجمات سبتمبر 2001.
                    وقال أحد المسؤولين الذي اطلع على كامل التقرير إن النسخة غير السرية تصل إلى 600 صفحة بما في ذلك الملحقات, أما النسخة السرية فتحوي حوالي 100 صفحة إضافية, لكنها تحوي النقاش المفصل الوحيد حول التهديدات الحالية مثل البرامج النووية في إيران وكوريا الشمالية.
                    ويحوي التقرير تحليلاً تفصيلياً عن عيوب تقدير الاستخبارات القومي عام 2002 الذي استنتج أن العراق كان يملك أسلحة بيولوجية وكيماوية وبرنامجاً نووياً نشطاً. كما يحوي التقرير تقديرات وتقييمات عن الاستخبارات في أفغانستان وليبيا, حيث إن الخبراء الأمريكيين بإمكانهم الدخول الآن إلى هذه الدول ورؤية ما فيها من الأسلحة مقارنة مع ما كانت الاستخبارات تتوقعه قبل إمكانية الدخول إليها.
                    ويقترح التقرير الذي يركز في انتقاداته على وكالة الاستخبارات المركزية, إنشاء مركز لمحاربة انتشار الأسلحة غير التقليدية وذلك للسيطرة على التهديد الذي تشكله الأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية. ويدعو التقرير إلى إجراء تغييرات محددة في وكالات مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي والذي أوصت اللجنة أن ينشىء وحدة أكثر استقلالية لجمع الاستخبارات داخل بنيته الحالية.
                    وقال مسؤولو البيت الأبيض إن الإدارة الأمريكية سوف تتبنى التقرير. لكن المسؤولين الذين يقومون بأداء العمل بشكل فعلي في وكالات الاستخبارات قالوا إن التقرير نشر في وقت يتسم بالفوضى فيما هم يناضلون لبناء المنظمات الجديدة التي نص عليها قانون الاستخبارات الذي أقر العام الماضي رداً على انتقادات سابقة.
                    وذكرت وكالة (أ. ب) نقلاً عن التقرير أنه يحوي نقداً لاذعاً للوكالات الاستخبارية الأمريكية وأنه يتهمها بارتكاب "خطأ قاتل" في معظم تقييماتها حول أسلحة الدمار الشامل في العراق قبل الحرب وأن الولايات المتحدة لا تعرف إلا القليل عن برامج الأسلحة والتهديد الذي تمثله عدة دول تعتبر عدوة للولايات المتحدة. وقالت الوكالة إن التقرير يحوي 70 توصية ويقترح أن يعطي الرئيس بوش سلطات واسعة لجون نيجروبونتي المدير الجديد للاستخبارات القومية للإشراف على الوكالات الاستخباراتية الأمريكية.
                    وقال أحد مسؤولي الاستخبارات رفض الكشف عن اسمه "إننا نقضي وقتاً طويلاً في إعادة التنظيم لدرجة أننا لم يكن لدينا الوقت الكافي لنرى فيما إذا كانت التغييرات التي أجريناها نجحت ام لا".
                    وكان بوش قد شكل اللجنة الخاصة بالإمكانات الاستخباراتية للولايات المتحدة بخصوص أسلحة الدمار الشامل منذ سنة تقريباً, وتضم في عضويتها تسعة أشخاص.
                    وقال التقرير إن تنظيم القاعدة كان قد حقق تقدماً أكبر بكثير نحو تطوير سلاح بيولوجي معين قبل هجمات 11 سبتمبر مما كانت الولايات المتحدة تعتقد.
                    و فوجئت أجهزة الاستخبارات الأمريكية بتقدم القاعدة في سلسلة خبيثة من المرض الذي أشار إليه التقرير على أنه "عامل إكس" لمنع القاعدة من معرفة ما توصلت إليه الولايات المتحدة من معلومات. وقد تم اكتشاف عمل القاعدة بعد أن تمت الإطاحة بحكومة طالبان.
                    وكان مسؤولون أمريكيون سابقاً قد قالوا إنهم اكتشفوا دلائل على عمل القاعدة في مجال أسلحة إنثراكس في أفغانستان, ولكن لم يتضح فيما إذا كان "عامل إكس" الذي يشير إليه التقرير هو إنثراكس. وكان العمل على "عامل إكس" يتم في عدة مواقع في أفغانستان بما في ذلك موقعان مجهزان بمخابر تجاربية. وتقول بعض المعلومات الاستخباراتية إنه تم عزل نسيج للمرض وكان يمكن البدء بالإنتاج الأساسي, ولكن التقرير يقول إن هذه معلومات غير مؤكدة. وأضاف التقرير أن القاعدة كانت تدرس الأسلحة النووية واتصلت بعلماء باكستانيين للبحث في ذلك.
                    توصيات استخباراتية:
                    ففي فصل من التقرير عنوانه: ما العمل؟ نحو استراتيجية شاملة استعراض لكيفية التعاطي طويل الأجل مع <<الإرهاب>> الذي باتت مكافحته محل إجماع أميركي على أولويتها. <<الإرهاب>> نوع جديد من المخاطر لا يشترط في العدو امتلاك القوة التي امتلكها أعداء سابقون، وإن كان في وسعه أن يهدد الولايات المتحدة ومصالحها تهديداً وجودياً.
                    والإرهاب المقصود هو الإرهاب الإسلامي، وهو يتغذى من المرارات التي يولدها الوجود العسكري الأميركي في العالم الإسلامي، ومن السياسات الداعمة لإسرائيل، ومن الممارسات في العراق.
                    ويستعرض التقرير الأوجه العسكرية لهذه المعركة الكونية ضد <<الإرهاب>> وملاجئه المحتملة ويقدم ثلاثة أمثلة عمّا يجب فعله في باكستان (دعم برويز مشرّف)، وفي أفغانستان (النجاح)، ليتوقف ملياً عند الحالة السعودية. فالمملكة حليف يسبّب إشكاليات. إنها مجتمع متديّن مغلق لا يفصل بين الواجبات الدينية والواجبات المدنية ويتسرّب منه دعم مقصود أو غير مقصود لمدرسة فكرية خطيرة هي الوهابية ولمنظمات إرهابية. يستعرض التقرير، بسرعة، التحالف التاريخي الأميركي السعودي (النفط مقابل الأمن) لكنه يلاحظ أن الطرفين كانا خجولين بهذه العلاقة فبرز أميركيون يرون السعودية عدواً وسعوديون لا يرون أميركا صديقاً ويتهمونها بالانحياز إلى إسرائيل. يلاحظ واضعو التقرير أن سلوك الرياض يتحسّن بعدما ضرب <<الإرهاب>> في الداخل، وأن مساعي الإصلاح تتقدم ولو ببطء ويصلون إلى استنتاج مؤداه أن المطلوب علاقة بين البلدين يمكن لكل منهما الدفاع عنها لديه. والواضح أن ذلك يعني ضرورة أن تتغيّر السعودية بحيث تصبح صديقاً لا تخجل الولايات المتحدة من إشهار الصداقة معه. أما أميركا فليس عليها أن تغيّر شيئاً. يفترض بالسعودية وحدها أن ترتقي إلى حيث تستحق علاقتها بالولايات المتحدة.
                    يخوض التقرير في كيفية قيادة المعركة الإعلامية ويستعيدون معالم بارزة من خطتهم الإصلاحيةحيال الشرق الأوسط الكبير: خفض الأمية، دعم الترجمات إلى العربية، تربية خبرات في مجال الأعمال والتجارة، إنشاء صندوق فرص للشباب، تعزيز الانفتاح الاقتصادي، دعم سياسات التنمية والإصلاح، زيادة التبادل التجاري، العمل من أجل المنطقة الأميركية العربية الحرة في 2013... إلخ.
                    فشل ال CIA في إغتيال الشيخ اسامة بن لادن:
                    تقول لجنة 11 ايلول في تقرير استخباراتي مقدم للكنجرس ان مسؤول "محطة بن لادن" في الاستخبارات الأميركية والذي يُعرف فقط بـ"مايك" و يقصد به (مايكل شوير المسؤول السابق عن «وحدة بن لادن» ) اعتبر انتقال زعيم "القاعدة" الى أفغانستان "ضربة حظ" في ظل اعادة الـ "سي آي أي" فتح خطوطها مع مصادرها القديمة في افغانستان وباكستان ضمن متابعتها تحركات مير كانسي الذي قتل عام 1993 عنصرين من الـ"سي آي أي" في لانغلي وفر الى باكستان.
                    واعتقد الأميركيون ان مصادرهم ستتضمن القاءهم القبض على بن لادن, أو قتله, في أفغانستان. فأعدوا خططاً للقبض عليه, نصت احداها على نصب قبيلة افغانية كميناً له خلال انتقاله من قندهار, حيث كان يعيش, الى مقر اقامته الرئيسي في "مزارع ترنك". وتقول القبيلة للاستخبارات الأميركية انها حاولت فعلاً نصب مكمن له, لكنها فشلت من دون ان يقتنع الأميركيون بذلك.
                    ولاحقاً, طوّر الأميركيون خطتهم الى تنفيذ غارة على "مزارع ترنك" التي تضم 80 مبنى من الإسمنت أو الطين يحيط بها جدار بارتفاع 10 اقدام, وتقع في منطقة صحراوية معزولة في ضواحي مطار قندهار. ووضع ضباط الـ"سي آي أي" رسماً تفصيلياً للموقع حدد منازل بن لادن والمكان الذي اعتاد النوم فيه على الأرجح. ونفّذ الأميركيون بالتنسيق مع رجال القبائل الأفغان عمليتي إنزال وهميتين على مكان مماثل لـ"مزارع ترنك" داخل الولايات المتحدة .
                    وفي مطلع عام 1998, طلبت الاستخبارات الأميركية موافقة البيت الأبيض على العملية. وعرض مدير الـ"سي آي أي" جورج تينيت تفاصيل العملية يوم 13 شباط (فبراير) مع مستشار الأمن القومي ساندي بيرغر. وقضت الخطة بأن يبدأ رجال القبائل الأفغان الغارة بالسيطرة على الحراس, ثم يدخلون المجمّع بسرعة ويقبضون على بن لادن ويأخذونه الى موقع في الصحراء خارج قندهار ويسلموه الى مجموعة ثانية. وتتولى المجموعة الثانية نقله الى موقع لهبوط الطائرات وتأخذ طائرة تابعة للاستخبارات الأميركية زعيم "القاعدة" الى نيويورك أو عاصمة عربية او أي مكان آخر لتوجيه اتهامات اليه.
                    لكن الخطة أقرّت أيضاً بأن عقبات قد تحصل خلال عملية التنفيذ, وأن انصار بن لادن قد يأخذون أميركيين رهائن في قندهار رداً على العملية. لكن واضعيها حذروا من ان عدم تنفيذها "عاجلاً أم آجلاً (...) سيسمح لبن لادن بضرب المصالح الاميركية".
                    طلبت الإدارة الأميركية درس الخطة بعمق والتأكد انها تتعلق ببن لادن شخصياً. ودعت الى تحضير كل وثائق المحاكمة المزمعة. وحضرت الـ"سي آي أي" بالتالي تفاصل الخطة مجدداً, وأجرت عملية تطبيق ميدانية لها في آذار (مارس) 1998. وفي أيار (مايو), كانت كل تفاصيل العملية جاهزة, بما في ذلك ان يُبقي رجال القبائل الأفغان بن لادن في حوزتهم شهراً بكامله لتفادي انكشاف أي دور للأميركيين في اعتقاله. وقالت الاستخبارات الاميركية انها متأكدة من ان العملية ستنجح بنسبة تبلغ نحو 40 في المئة, في وقت حصلت على تأكيد القبيلة من قدرتها على اعتقال بن لادن او قتله. لكن الاميركيين قلقوا في مرحلة اولى من ترك الأفغان وحدهم ينفّذون العملية وهم يتفرّجون من بعيد, ولاحقاً من قدرة الأفغان على الاحتفاظ ببن لادن طوال شهر قبل تسليمه الى الـ"سي آي أيه". وامتلاك ادلة قوية تُثبت التهم الموجهة ضد بن لادن.
                    وفي عام 1999اطلع مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) جورج تينيت معاونيه على معلومات عن حضور بن لادن نفسه ومئات من قادة "المجاهدين" اجتماع في قاعدة في خوست, شرق أفغانستان, لدراسة شن هجمات جديدة. واعتبرت الـ"سي آي أيه" المنطقة التي سيحصل فيها الاجتماع مثالية لتنفيذ عملية عسكرية كونها بعيدة عن التجمعات المدنية.
                    ودرست إدارة كلينتون خططاً ايضاً لقصف مصنع جلود يملكه بن لادن في السودان (للتأثير عليه مادياً) وضرب مصنع "الشفاء" الطبي في السودان أيضاً (لمنعه من الحصول على "غاز سام" كانت الاستخبارات تخشى ان يلجأ الى استخدامه في هجمات جديدة). لكن خيار ضرب المصنع الطبي اتخذ في اعقاب ابلاغ الاستخبارات الادارة الاميركية بأنها سمعت ان بن لادن يتكلّم عن رغبته في رؤية "هيروشيما" ثانية تحصل ضد الاميركيين ويسقط فيها "ما لا يقل عن مئة ألف قتيل". وفي النهاية, قرر كلينتون الاكتفاء بضرب "الشفاء" وعدم استهداف مصنع الجلود السوداني .
                    أُطلقت صواريخ الـ"توماهوك" على خوست, لكنها "وصلت بعد ساعات" من مغادرة بن لادن مكان الاجتماع الذي قُتل فيه بين 20 و30 شخصاً جميعهم من الافغان المدنيين. وقبل انطلاق الـ"توماهوك" نبه الاميركيون الباكستانيين الى ان صواريخ ستعبر فوق بلادهم لئلا يتفاجأوا بها ويظنوا انهم يتعرضون لهجوم هندي. ويعتقد الاميركيون اليوم ان مسؤولاً باكستانياً حذر بن لادن للاستعداد للصواريخ الآتية صوبهم.
                    وبعد فشلهم في قتل بن لادن في خوست, رأى أميركيون ان تنفيذ عمليات جديدة ضد معسكرات "القاعدة" في افغانستان لا يستأهل ثمن الصواريخ التي ستُطلق عليها, إذ انها عبارة عن "حبال للتسلق" و"نادي تدريب في الادغال". وقالوا ايضاً أن ضرب بن لادن مجدداً يمكن ان يعزز شعبيته, خصوصاً إذا نجا.
                    كذلك فكّر بعض المسؤولين الأميركيين في أن يطلبوا من السعوديين عرض 250 مليون دولار على حركة "طالبان" لطرد بن لادن. لكن اصحاب هذه الفكرة خشوا طرحها لئلا تغضب وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت وزوجة الرئيس الأميركي هيلاري كلينتون, وكلتاهما من أشد منتقدي "طالبان" لطريقة معاملتها النساء. ثم اقترح رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف تدريب الأميركيين وحدة من قوات النخبة الباكستانية للقبض على بن لادن. لكن انقلاب الجنرال برويز مشرف عليه في تشرين الأول (اكتوبر) 1999 قضى على الفكرة.
                    وقبل ذلك, في شباط (فبراير) 1999, وضع الاميركيون خططاً لقتل بن لادن في مخيم للصيد يرتاده خليجيون معظمهم من الامارات. لكنهم خشوا ان تؤدي العملية الى مقتل أمراء ومشايخ إماراتيين, فاتصل ريتشارد كلارك بمسؤول إماراتي وأثار معه المسألة, من دون ان يُبلغ الـ"سي اي اي" بذلك. وفي أقل من اسبوع, فكك مخيم الصيد واختفى أي أثر لبن لادن, ما اثار جنون الـ"سي اي ايه".
                    لقد حاولت السي اي ايه لأكثر من مرة اغتيال الشيخ اسامة بن لادن في قندهار عبر تجنيد عملاء عرب من دول خليجية لكن استخبارات القاعدة كانت لهم بالمرصاد.
                    مارك مازيتي الصحفي في نيويورك تايمز ذكر ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) اغلقت وحدة فيها ظلت مكلفة على مدى عقد من الزمن بمهمة تعقب اسامة بن لادن ، كما اكدوا ايضا ان الوحدة التي كان يطلق عليها اسم Alec Station، جرى اغلاقها أواخر العام الماضي واُلحق المحللون الذين كانوا يعملون فيها بمركز مكافحة الارهاب التابع للوكالة. ويعتبر هذا القرار مهما بالنسبة للوكالة، التي شكلت هذه الوحدة قبل ان يصبح اسامة بن لادن في صدارة قائمة المطلوبين، عقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، عندما تعهد الرئيس جورج بوش بتعقبه وجلبه للعدالة «حيا او ميتا». ويعتقد خبراء في الاستخبارات ان اجراء إعادة محللي الوحدة، التي كانت مكلفة بتعقب اسامة بن لادن، يعني ضمنا ان تنظيم «القاعدة» لم يعد يتسم بالتسلسل الهرمي القيادي، الذي كان سمة مميزة له في السابق، كما يعكس ايضا، حسب اعتقادهم، مخاوف من الجماعات المتأثرة بتنظيم «القاعدة»، وهي تنظيمات بدأت تشن هجمات بصورة مستقلة عن اسامة بن لادن ونائبه ايمن الظواهري. وقال مسؤولو الوكالة ان تعقب اسامة بن لادن ومساعديه سيظل في صدارة قائمة الاولويات،
                    ان قرار تسريح الوحدة المعنية مؤشرا على ان الجهود المخابراتية في هذا الجانب قد فشلت،
                    وقال مايكل شوار، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية وأول رئيس لوحدة تعقب اسامة بن لادن، ان القرار الخاص بإغلاق الوحدة يعكس وجهة نظر داخل الوكالة تتلخص في ان اسامة بن لادن لم يعد يشكل نفس الخطر الذي كان يشكله في السابق. ويرى شوار ان وجهة النظر هذه خاطئة لأنها ستؤدي الى التقليل من شأن عمليات الوكالة ضد تنظيم «القاعدة» الذي لم يعد التعامل معه ومع اسامة بن لادن يتم على اساس انهما خطر رئيسي. وكانت الحرب في العراق قد تسببت في تركيز موارد وكالات الاستخبارات الاميركية ووزارة الدفاع (البنتاغون)، في العراق نتيجة بروز اولويات جديدة في العراق.
                    جدير بالذكر ان الوحدة المكلفة بتعقب اسامة بن لادن تشكلت عام 1996 بعد ان سببت دعواته لحملة «جهاد عالمي» مخاوف لدى المسؤولين في واشنطن، وتعمل هذه الوحدة بصورة مماثلة لوحدات اخرى تابعة للوكالة في دول اخرى.
                    المستقبل المرعب:
                    أشارت تقارير استخباراتيه أن الشيخ أسامه بن لادن حاول في عام 1993 شراء اليورانيوم المخصب بينما أشارت تقارير أخرى إلى أن بن لادن قد يمتلك فعلاً أسلحة نووية تكتيكية قام بشرائها من السوق السوداء وذلك بعد تفكك الإتحاد السوفييتي وتهريب المواد والأسلحة النووية من مراكز التصنيع والمفاعلات النووية التي أغلقت وتم تسريح خبرائها وغابت عنها الرقابة والتأمين على ما تحتويه من مواد خطره .
                    وقالت مصادر غربية أن أسامه بن لادن قام بشراء 20 حقيبة نووية تحمل على الظهر بمبلغ 30 مليون دولار ، وقامت مافيا روسية بتهريب الحقائب براً خارج الأراضي الروسية وعبر طرق سرية من خلال أوزبكستان .
                    وكشفت مجلة اكسبريس الفرنسية اعترافات سابقة للمتهم السوداني جمال احمد الفضل الذي حوكم في قضية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا, وقال في اعترافاته أمام المحكمة الأميركية إن انخراطه في محاولات شراء مواد نووية بدأ بمكالمة هاتفية من مسئول بارز في منظمة القاعدة. ولما كان ما يزال الفضل مجندا في صفوف القاعدة كلفه ذلك المسئول التحقق من زعم شخص في الخرطوم بأن في حوزته يورانيوم معروضا للبيع. وهكذا في أواخر عام 1993 أو أوائل عام 1994 ظل الفضل يتصل بوسطاء وبدا له أن احدهم على الأقل كان يحتل منصبا مهما في الحكومة السودانية في وقت سابق.
                    واخيرا توجه الفضل صباحا برفقة رجلين الى بيت يقع في شمال المدينة دخله رفيقاه وخرجا منه بعد برهة من الوقت وهما يحملان حقيبة ضخمة اخرجا منها اسطوانة طولها 3 اقدام, ثم ناولاه ورقة لم يستطع قراءة ما هو مكتوب فيها لانه كان بالانجليزية ولكنه استطاع تمييز عبارة جنوب افريقيا.
                    بعد ذلك اوصل الفضل تلك الورقة الى احد قادة القاعدة. ويبدو ان مسؤولي القاعدة اعجبوا بمضمون الورقة, لهذا اتصلوا بالفضل حتى يبلغ المعنيين بموافقتهم على شراء الاسطوانة بالمبلغ المطلوب وهو 1.5 مليون دولار .
                    بعد ذلك, بعث هؤلاء بـ 10 الاف دولار إلى الفضل وتولوا اتمام الصفقة بانفسهم. وقال جمال انهم ارسلوا اليه المبلغ قائلين له : لقد قمت بعمل عظيم, ونحن سنفحص الامور, وكل شيء سيكون على ما يرام ، هذا ما ذكرته المجلة.
                    وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر قال أسامة بن لادن في مقابلة أجرتها معه صحيفة الفجر الباكستانية : أن في حوزة تنظيم القاعدة أسلحة نووية وكيميائية وأن وجودها كقوة ردع ، وأضاف قائلاً : إنه قد يستخدمها ضد الولايات المتحدة إذا ما استخدمت واشنطن أسلحة مشابهة ضده .
                    ونقلت مجلة إكسبريس الفرنسية عن الصحفي حميد مير الذي أجرى تلك المقابلة ان أيمن الظواهرى اكد له بعد المقابلة ان أسامة بن لادن استطاع شراء 3 قنابل نووية صغيرة من عصابات المافيا الشيشانية بنحو 3 مليون دولار.
                    ومن جهه أخرى أفادت مصادر أمريكية عن أول معلومات جرى تسريبها حول اعترافات عضو القاعدة رمزي بن الشيبة ، الذي قبض عليه في باكستان وسلم للسلطات الأمريكية مفادها : بأن تنظيم القاعدة يمتلك قدرات نووية محدودة تم شراؤها من المافيا الشيشانية عبر وسطاء من الشيشان .
                    وبعد الانحياز من كابل عثر في أحد المنازل على مذكرات هامة وخطيرة تتكون من 25 صفحة ملقاة في الزبالة وبين الخردوات ، تلك الوثائق تثبت أن القاعدة كانت تسعى لإمتلاك أسلحة نووية ، وتضمنت تصميم لسلاح نووي سيتطلب مواد صعب الحصول عليها كالبلوتونيوم للقيام بانفجار نووي ، كانت إحدى الوثائق معنونه بـ ( القنابل الكبرى ) وتصف هذه الوثيقة طريقة مختصرة لا يعرفها الكثيرون لصنع انفجار نووي ، وظهر شبه تاكيد بأن القاعدة استطاعت صنع ما يسمى بـ ( سلاح تشتيت إشعاعي ) ، وهذا السلاح لا ينتج عنه انفجار نووي بل سيؤدي إلى انتشار الحطام المشع على منطقة واسعة لتدمير الحياة بها وجعلها غير صالحه للعيش والإقامة ، كما تضمنت الوثائق على وصف لكيفية تجميع مواد شديدة الإنفجار مصنوعة من مواد كيماوية .
                    لقد قام العلماء الروس في السبعينيات بتطوير وتصميم قنابل نووية صغيرة بحجم حقيبة ، وتم صنع هذه القنابل بطلب من الـ ( KGB ) جهاز الإستخبارات السوفيتي وذلك من أجل تدمير الأهداف الرئيسية للعدوأثناء الحرب ، كمحطات الكهرباء والجسور والسدود والمطارات والقيادات العسكرية ومراكز السيطرة .
                    هذه القنابل لها قوة تدميرية تقدر بواحد كيلوطن أي ما يعادل الف طن من مادة TNT ، وهي تعادل العُشر من قوة القنابل النووية التي سقطت على مدينتي هيروشيما ونجازاكي .
                    أي أنه لو تم تهريب إحدى هذه الحقائب إلى داخل الولايات المتحده لأمكن تدمير مبنى الكونجرس بأكمله وكل شئ يحيط به بطول نصف ميل ومن ثم انتشار الغبار الذري النووي في كافة أنحاء واشنطن .
                    هذه القنبلة الصغيره بإمكانها أن تقتل ما يقارب 100.000 شخص بسبب الإشعاعات النوويه وستصبح المناطق المتضررة غير قابلة للعيش لفترة طويلة من الزمن .
                    يقدر وزن الحقيبه الواحدة ما بين 30 كلغ إلى 45 كلغ ، أي بإستطاعت فرد واحد أن يحملها ، كما أنها لا تتطلب مجموعة أفراد لتفجيرها ، بل يكفي شخص واحد فقط لهذه المهمة .
                    وهناك نوع آخر من الحقائب النووية تحتوي على مواد إشعاعيه فقط ، ويتم تفجيرها بمتفجرات تقليديه مما يتسبب في إنتشار التسمم الإشعاعي ، ويكون نتائج هذا التسمم مدمرة على سكان المنطقة وعلى الحياة مستقبلاً بها.
                    وفي عام 1997 صحت أمريكا من نومها إثر تصريح الجنرال الكسندر ليبيد مستشار الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين في مقابلة لإحدى القنوات التلفزيونية الأمريكية عن أن الإتحاد السوفيتي السابق فقد من ترسانته النووية 100 حقيبه نووية صغيرة ، وأفاد ليبيد بأنه لا يعلم أين اختفى كل هذا العدد من القنابل النوويه ذات الكيلوطن الواحد وأضاف قائلاً : " لا أعرف أين هي ! هل دمرت أم خزنت أم بيعت أو سرقت ، لا أعرف" ، وقد ذكر ليبيد في مقابلته أنه تحدث مع العلماء الروس الذين صنعوا تلك القنابل الصغيرة والذين أكدوا له أنهم قد انتجوا الكثير منها وقد سلمت بالكامل لـ( KGB ) السوفييتي .
                    وفوراً جاء تصريح المسئولين في الحكومة الروسية بتكذيب الكسندر ليبيد واتهامه بالغباء المطلق وأنه يسعى للحصول على دعاية سياسية ، كما أنكرت الحكومة الروسية وجود مثل هذه القنابل النووية الصغيرة .
                    الغريب في الأمر أن الجنرال ليبيد قتل في حادث سقوط طائرة هليكوبتر في سيبيريا عام 2002،
                    وفي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، قال مايكل شوير المسؤول السابق عن «وحدة بن لادن» في وكالة الاستخبارات: «عندما يهاجمنا من جديد على ارض الولايات المتحدة سنعرف مدى اهميته في العالم الاسلامي». واضاف المسؤول الكبير السابق في الاستخبارات الاميركية ان بن لادن ما زال قويا مع انه مختف عن الانظار. وقال «اننا نخلط بين الصمت والهزيمة وكل صمت يثير القلق». وينتقد شوير باستمرار منذ استقالته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من وكالة (سي آي ايه) ادارة الرئيس جورج بوش و«الحرب على الارهاب» التي تشنها. ورأى ان ايمن الظواهري اقرب مساعدي بن لادن تولى مؤقتا على ما يبدو قيادة تنظيم القاعدة ليتيح على الارجح لزعيم التنظيم التحضير لاعتداء آخر على الولايات المتحدة.
                    وردا عن الاسباب التي ادت الى غياب زعيم القاعدة منذ ذلك الحين، قال شوير: «لا اعتقد اننا سنسمع منه شيئا قبل ان يهاجمنا من جديد». واضاف ان «ظهوره عشية الانتخابات (الرئاسية الاميركية) كان يهدف فقط لان يقول: لقد حذرتكم اربع مرات. لقد امتثلت (لقواعد) العالم الاسلامي وأعطيتكم كل الانذارات التي يتطلبها مني الدين». وتابع شوير مؤلف كتاب «غرور امبراطوري» (امبريال هيوبريس) الذي نشره بدون كشف اسمه كما طلبت وكالة الاستخبارات المركزية: «اعتقد ان هذا هو سبب تولي الظواهري القيادة (القاعدة) الآن.
                    وقال شوير ان تنظيم القاعدة سيستمر حتى بدون اسامة بن لادن الذي وصفه بانه «مزيج فريد لرجل دين من القرن الثاني عشر ومدير تنفيذي نموذجي من القرن الحادي والعشرين».
                    و أخيراً خلص تقرير جديد صدر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي إلى حقيقة أن تنظيم القاعدة وعلى مدار الخمسة عشر عامًا القادمة سينجح في استبدال عناصره المقاتلة والفدائيين المتعاطفين معه، بأناس مسلمين عاديين لم يكن من الوارد مطلقًا أن تحوم حولهم شكوك أو شبهات الارتباط بأي نشاط 'إرهابي'، وذلك من خلال قدرات القاعدة المتزايدة على استغلال التكنولوجيا الحديثة والتي ستتطور في السنوات القادمة بشكل متسارع.
                    وقال التقرير الصادر عن المجلس الذي يضم عددًا من أبرز قيادات وكوادر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابقين: 'من المتوقع بشدة أن تنظيم القاعدة مع حلول عام 2020 سيكون قد نجح تمامًا في خلق وجذب تنظيمات إسلامية جديدة تستلهم نفس منهجه وتسير ساعية لتحقيق نفس الأهداف'.
                    وأضاف التقرير وفقًا لصحيفة ديبيكا جلوبال: 'إن أخطر ما في الأمر أن الفدائيين الإسلاميين الذين تعمل القاعدة من خلالهم اليوم والذين يستخدمون في الغالب أسلحة تقليدية وباتوا يسيطرون على أكثر من بؤرة في أرجاء العالم حاليًا، سيتم استبدالهم بأجيال جديدة قد تكون لديها القدرة اللازمة لاكتساب الأسلحة البيولوجية أو الإمكانيات النووية'.
                    ثم افادت احدى الصحف الامريكية ان خبراء و مديري المباحث الفيدرالية الأمريكية في حالة من القلق خوفًا من أن ينتاب مكتب التحقيقات الفيدرالي حالة من الفوضى بعد خروج عدد كبير إما بسبب الاستقالة أو بسبب التقاعد.
                    وحول هذا الموضوع قالت صحيفة 'لوس أنجلوس تايمز' الأمريكية إن عددًا كبيرًا من المديرين المتميزين والخبراء قد استقالوا منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، الأمر الذي يضعف قدراته في مواجهة التهديدات 'الإرهابية'.
                    وقالت الصحيفة إن عشرات المحللين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي قد رحلوا عنه مما يثير حالة من القلق حول كيفية تعامل المكتب مع أي هجوم جديد.
                    وأشارت الصحيفة إلى أن أربعة من أعضاء فريق الإدارة العليا بالمكتب قد تركوا مناصبهم بعد هجمات سبتمبر، كما أن أكثر من 1000 من وكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي وبالإضافة إلى مسؤولين آخرين على وشك الإحالة للتقاعد، وهو ما يشبه حالة نزوح جماعي للعمود الفقري لموظفي المكتب.
                    وأرجعت الصحيفة أسباب خروج هذا العدد الكبير إلى الضغط الزائد الذي تعرضوا له بعد 11 سبتمبر بالإضافة إلى ظهور فرص عمل جديدة مريحة وأكثر ربحية في أماكن أخرى.
                    وقد دفع هذا الوضع لأن تشغل رواتب مكتب التحقيقات الفيدرالي بندًا هامًا في ميزانية الرئيس الأمريكي لعام 2005 في محاولة لتقليل حالات الخروج من المكتب من خلال زيادة المكافآت والعلاوات بالإضافة إلى زيادة سن التقاعد.
                    وفي محاولة من مكتب التحقيقات الفيدرالي تقليل الفاقد من موظفيه قرر المكتب تجاهل شرط درجة التخرج، حتى يفتح الباب أمام الكثير ثم يقوم بتدريبهم، إلا أن المشكلة أن هؤلاء أنفسهم يتركون المكتب بعد فترة ويتجهون للعمل الخاص.
                    وبدأ مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) مساعي حثيثة للعثور على مترجمين يتقنون اللغة العربية من أجل مساعدتها في التحقيقات مع من تسميهم الإرهابيين وفك الرموز التي قد تنذر بهجمات محتملة.
                    وتقول تقارير صحافية إن العمل يجري ضمن برنامج مشترك مع وكالة الأمن القومي لإنشاء مركز "الترجمة الوطني" على أن يبدأ العمل به في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
                    وكانت إحدى الأمور التي قيل إنها السبب في وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 ضد الولايات المتحدة هو نقص الخبراء الذين يجيدون العربية في أجهزة الاستخبارات الأميركية.
                    وتشترط وكالة الاستخبارات الأميركية أن يكون المتقدمون للعمل كمترجمين مع أجهزتها من حملة الجنسية الأميركية ممن أقسموا يمين الولاء للبلاد كما يجب أن يثبت خلو سجلهم الأمني من أية شائبة. ويخضع الراغب في شغل وظيفة مترجم للتحقيق من قبل العديد من عناصر (إف بي آي) كما يخضع لاختبار بواسطة جهاز فحص الكذب للكشف عن التأثيرات الفكرية الواقع تحتها. ويتم التحقق من سلوكه العام ووضعه المالي وعلاقاته في الخارج.


                    الفصل السابع
                    الصراع من الداخل

                    إعترافات مدير الاستخبارات الأمريكية الأسبق (ستانسفلد ترنر):
                    أثناء وجودي كمدير لل " سي اي ايه " كان اكبر فشل منينا به هو اننا لم نهتم بالقدر الكافي بالمياه الخطرة التي كان الشاه رضا بهلوي شاه ايران يبحر فيها في 1978 ، ولم يكن ما نحن بحلجة الى معرفته هو ان الخوميني وزملاءه يتآمرون سرا في باريس ويستخدمون اساليب غير مألوفة مثل ارسال اشرطه مسجلة للدعاية في ايران ولو اننا حصلنا على ذلك النوع من المعلومات عن خطط الخميني لتساءلنا عما اذا كان اي منها يمكن ان يحقق نتيجة ملموسة وانما كان ينقصنا ان نعرف عمق ومدى الشعور المناهض للشاه داخل ايران وكان ذلك هو الشيء الذي مكن الخميني من اشعال البلد ، فقد كانت تلك المشاعر المناهضة للشاه منتشرة بين فئات متباينة لم تجتمع الا لغرض محدد ومؤقت هو اسقاطه .
                    وكان الوضع ببساطة ان من يعملون لحساب المخابرات الامريكية ليسوا على صلة برجال الدين في المساجد الذين كانوا يقولون للفلاحين ان الشاه " يدنس " الاسلام ، كما لم يكونوا يعملون مع التجار في الاسواق ممكن كانوا ساخطين لسيطرة النظام على الاقتصاد ، ولم يكونوا على اتصال بالمثقفين سياسيا الذي كان يثير سخطهم عدم استعداد الشاه لاقتسام السلطة ، لم يكن الامر مجرد اننا لا نتحدث مع قطاع مستعرض من الشعب بقدر كاف بل اننا لم نكن ايضا نأخذ عينات كافية من جميع انحاء البلد وكان ذلك راجعا جزئيا الى ان وزارة الخارجية الامريكية ومعها ال سي اي ايه ، كانت خلال العقود السابقة قد قصرت عملياتها على العواصم ومدينة او مدينتين في البلدان الرئيسية .
                    ومع ذلك فان الدبلوماسيين الامريكيين يبذلون جهودهم ليكونا على معرفة بموقف الرأي العام وذلك منطقيا واجبهم وليس واجب اجهزة المخابرات ومن المؤسف ان رجال السلك الدبلوماسي يبذلون جهودا اقل واقل في هذا المجال وربما يكون ذلك راجعا جزئيا الى ان اعباء الدبلوماسية آخذة في التزايد خاصة وان البلدان الشمولية مثل ايران في عهد الشاه ، لا ترتاح لقيام اتصالات بين موظفي وزارة الخارجية وجماعات المعارضة التي يكون بعضها ليس له وضع قانوني وكان في توسع رجال المخابرات الذين لا تعرف الحكومة المحلية انهم يعملون لحساب الحكومة الامريكية ان ينهضوا بالمهمة او كان في وسعهم ان يجندوا عملاء محليين يقومون سرا بجمع عينات من الرأي العام ومن شأن هذه العملية الاخيرة ان تكون اكثر فاعلية على اي حال نظرا لاحتمال ان يقوم المواطنون الذين تجرى المقابلات معهم بتحوير إجابتهم عند اعطائها لأشخاص من الاجانب وذلك بالاضافة الى اننا نحتاج لأن يقوم الفرد ذاته بعملية جمع العينات على امتداد عدة سنوات ، فليس المهم هو ما تقوله احدى العينات بالذات بل ما يطرأ عليها من تغييرات مثل هل هناك زيادة او نقصان في تأييد الحكومة او معارضتها .
                    ومن الامثلة على اهمية فهم موقف الجمهور تجربتنا في ارسال قوات لحفظ السلام في بيروت ابتداء من 1982 ، فقد فشلت المخابرات الامريكية في التعرف على عمق العداء لهذا الوجود العسكري الامريكي وعندما بدأ الجمهور ينظر الى القوات الامريكية على انها مساندة للحكومة ذات الغالبية المسيحية لا على انها قوات لحفظ السلام اندفعت موجة من الاعمال الارهابية من جماعات مختلفة ادت الى اخراج قوات حفظ السلام الامريكية وكذلك الدبلوماسية الامريكيين من لبنان ، وقد عرفنا ذلك لا لأن بعض رجال الدين الاصوليين الإسلاميين عقدوا اجتماعات سرية ربما كان في وسعنا ان نسرب اليها احد العملاء بل لأن سلسلة القاء القنابل والخطف والقتل الرامية الى تخويف واشنطن جاءت من جانب عدد من الجماعات الدينية والطائفية في لبنان وكان الأثر التراكمي للأعمال المنفردة لكل واحدة من تلك الجماعات هو الذي ادى الى خروجنا وكان في وسع من يعملون لصالح مخابراتنا سرا ان ينشروا بين تلك الجماعات ويتعرفوا على مواقفها ويبينوا انها آخذة في الزيادة بحيث كادت تصل الى حد الازمة .
                    ومن الحالات الاخرى التي لم نكن فيها على بينة من المواقف المهمة للأهالي المحليين ، حالة نيكاراجوا في الثمانينات فرغم ان ال سي اي ايه كانت تعمل بقوة على مساعدة الكونترا فانها لم تكن تعرف مدى قوة معارضة السكان من غير الكونترا لحكومة السندنيستا ، ويكفي اننا لم نكن نعرف ان فيوليتا باريوس دي كامورو المرشحة المعارضة للسندنيستا كان يمكن ان تكسب انتخابات فبراير 1990 بتلك النسبة العالية ، وكان التعرف على تلك المواقف يعتبر عملا جوهريا للمخابرات نظرا لأن الكثير من ابناء نيكاراجوا كانوا يخافون الاعراب عن آراء مناهضة للسندنيستا ولكن هذا بالتحديد هو نوع المعلومات الذي يدرب العاملون في المخابرات من البشر على القيام به .
                    ومن الامثلة الصارخة على الفشل في فهم الثقافات والمواقف الاجنبية ، الفكرة التي انتشرت داخل ال سي اي ايه والقائلة بأن بيع الاسلحة لايران في 1989 هو السبيل لدعم موقف الإيرانيين " المعتدلين " الذين يمكن ان يسقطوا حكومة الخميني ولكن عندما توجه روبرت مكفرلين المستشار السابق للامن القومي سرا الى طهران للتفاوض وجد ان شخصا في مركز رفيع مثل حجة الاسلام هاشمي رفسنجاني خاف من حضور الاجتماع لئلا يتهم بأنه يتآمر مع " الشيطان الاعظم " وكان ذلك كله بعد مرور سبع سنوات على خطأ ال سي اي ايه ( في وقت رياستي ) في تقدير مدى عداء الاصوليين الاسلاميين للولايات المتحدة .
                    ورغم ان هذه الامثلة تبين ان لدى الولايات المتحدة فجوة مخابرات خطيرة ينبغي ملؤها فلن يكون من السهل دفع الخدمات السرية للحكومة الى ان تفعل ذلك ، وموظفو ال سي اي ايه مدربون على تجنيد العملاء وزرع الميكروفونات وتصوير المستندات ولكن ان يطلب منهم ان يذهبوا للتعرف على مواقف الرأي العام اشبه بأن نطلب من قائد طائرة مقاتلة ان يترك طائرته النفاثة الاسرع من الصوت ليعمل ملاحا عاديا في طائرة مدنية بمحرك ضعيف .
                    وليس معنى ذلك ان قياس الرأي العام ينبغي ام يصبح المهمة الرئيسية للإدارات السرية الامريكية ، فقد شهدت واشنطن في الآونة الاخيرة امثلة عديدة كانت فيها في حاجة ماسة الى ممارساتهم التقليدية في تجنيد العملاء من اجل التغلغل داخل الحكومات ، وكان من تلك الحالات معرفة ما اذا كان صدام حسين يعتزم مهاجمة الكويت في اغسطس 1990 ومن الحالات الاخرى كانت معرفة مكان وجود مانويل انطونيو نورييجا عندما قامت الولايات المتحدة بغزو بنما في ديسمبر 1989 ولسوء الحظ فان رجال المخابرات الامريكيين العاملين في كلتا الحالتين لم يستطيعوا معرفة نوايا هذين الحاكمين المستبدين ، فلماذ حدث ذلك ؟
                    في بنما كان الوضع مثاليا لتجنيد العملاء وكان للولايات المتحدة وجود كبير هناك منذ امد طويل مما يجعل من السهل اقناع بعض ابنميين بأنهم يستطيعون ان يستفيدوا من تأييد الحكومة الامريكية ومع ذلك فعندما دخلت القوات الامريكية الى بنما احتاج الامر الى اربعة ايام طوال عانت خلالها الحرج قبل ان تتمكن من معرفة مكان الديكتاتور ولا شك في ان نورييجا حرص على الابتعاد عن طريق القوات الامريكية بتغيير مكانه بصورة مستمرة واستخدام سيارات متماثلة واشخاص يحلون مكانه وكان ما تحتاجه الولايات المتحدة ومن الواضح انه لم يكن لديها ، هو شخص يشغل مكانه في البطانة المحيطة بنورييجا مباشرة ولم يكن للولايات المتحدة ايضا شخص في الدائرة الداخلية لصدام حسين وكان العراق تحديا اكبر نظرا للفوارق الثقافية والصعوبات التي كان يواجهها اي امريكي يعمل هناك في ذلك الوقت والمخاطر التي يتعرض لها اي شخص تقوم بتجنيده المخابرات الامريكية .
                    وهناك اسباب عديدة جعلتنا غير قادرين على احداث مثل هذه الاختراقات وستجعلنا على الارجح غير قادرين على نصل بتجسسنا الى ما نريد له ان يكون ، فقبل كل شيء تعد المخابرات المركزية الامريكية منظمة حديثة نسبيا ولم يسبق لها في اي وقت ان وجدت تراثا صحيحا في هذا المجال ، وفي الايام الاولى للمخابرات المركزية كان جيمس انجلتون رئيس جهاز مقاومة التجسس بها يخاف من احتمال تسلل السوفييت الى الوكالة مما منعه من تجنيد عملاء سوفييتي وبعد ان ترك انجلتون منصبه حدث اندفاع في التجنيد ادى الى سوء اختيار العملاء في حالات كثيرة وما زال على وكالة المخابرات المركزية ان تنشئ جهازا سريا متوازنا .
                    وهناك ايضا مشكلة عاجلة وهي ان موظفي الوكالة يعملون في ظل عائق خطير وهو عدم قدرتهم على الاحتفاظ ب " غطاء " جيد ، وحكومة الولايات المتحدة لا تطلب من العاملين في مجال التجسس ان يقدموا التضحيات التي يطلبها السوفييت من عملائهم ، فعملاء السوفييت يتركون مساكنهم ويعيشون لفترات طويلة في بلد اجنبي ويكتسبون جنسيته ويشتغلون بأعمال عادية عدة سنوات قبل البدء في عمليات التجسس وليس في وسعنا ان نطلب من الامريكيين ان يذهبوا الى بلدان غالبا ما تكون استبدادية وهي البلدان التي تحتاج الى التجسس عليها وان يعيشوا بتلك الطريقة ، كما ان واشنطن لا تحب ان تعرض العملاء الامريكيين للعقوبات المترتبة على القبض عليهم وهم يتجسسون دون ان تكون لهم الحصانة الدبلوماسية .
                    والولايات المتحدة ليست بارعة حتى في الاحتفاظ بالغطاء المحدود الذي تنشئه ، فمعظم اجهزة الحكومة الامريكية لا ترحب بأن تضم موظفين سريين لوكالة المخابرات يتظاهرون بأنهم من العاملين فيها ورجال المخابرات السريون انفسهم لا يكونون على استعداد في الغالب لدفع ثمن الاندماج بالكامل في عمليات ادارات اخرى لأن ذلك يحتاج منهم الى العمل وقتا كاملا في وظيفتين في وقت واحد .
                    ونظرا لهذه الصعوبات لا يتوقع ان تتمكن الحكومة من احداث تحسن ملموس في عمليات التجسس البشري ومع ذلك فمن واجبنا ان نحاول لأن العائد يمكن ان يكون كبيرا في حالة النجاح وينبغي ان تبلغ جميع الجهات التابعة للحكومة الامريكية بأن التجسس البشري نشاط تجيزه الرئاسة ويجيزه الكونجرس وانها ينبغي ان تقوم بدور فيه بل ان بعض الهيئات الحكومية يجب ان يطلب منها ان تنشئ اعمالا جديدة فيما وراء البحار حتى تتخذ غطاء جيدا لوكالة المخابرات .
                    وينبغي للإدارة السرية في المخابرات ان تبذل هي ايضا المزيد من الجهود اذ يجب اولا ان تدرك ان تكلفة الغطاء زادت زيادة كبيرة وفي احسن الاحوال فان نسبة لا تزيد على 20-30% من وقت ضابط المخابرات سينقضي في عمله من اجل المخابرات ، وثانيا يجب ان تقبل الادارة السرية مسألة عدم وجود مكتب مستقل للمخابرات في كل سفارة ، فهذه المكاتب يمكن اكتشافها بسهولة تامة وكان من الحقائق المثيرة التي صادفتها في سنوات عملي في وكالة المخابرات ان للوكالة ناديا خاصا بضباطها العاملين فيما وراء البحار في الخمسينات وذلك في الوقت الذي كان الاعتماد الرئيسي فيه قائما على التجسس البشري ، وكان معنى ذلك عمليا تسهيل الكشف عن الأدوار التي يقوم بها العملاء .
                    وثالثا لا بد من تغيير نظام مكافأة العاملين في التجسس فالمكافأة تعتمد في الوقت الحالي على عدد العملاء الذين يتم تجنيدهم في حين ينبغي ان يكون التركيز على نوعية المعلومات التي يتم الحصول عليها وان يكون التقييم خلال فترة طويلة نسبيا من الزمن
                    واخيرا فان نوعية الاشخاص الذين يدخلون في مجال التجسس يجب ان تتغير تبعا لتغير الاهداف ، فسوف نحتاج الى ضباط على اطلاع واسع في الاقتصاد وفي الشؤون التقنية مثل الانتشار النووي اكثر مما نحتاج الى أخصائيين في العلوم السياسية في جوانبها المتعددة ممن كانوا تقليديا يمثلون العمود الفقري للادارة السرية .
                    وضمان هذا التنسيق هو مسؤولية مدير وكالة المخابرات المركزية ومن الناحية النظرية فان لديه سلطة القيام بهذا التنسيق ولكن من الناحية العملية فان الآليات المتاحة له غير كافية والمطلوب هو ايجاد علاقة بين مدير المخابرات المركزية واجهزة جمع المعلومات شبيهة بالعلاقة بين القائد العسكري الميداني والجيش والاسطول والطيران وهي العلاقة التي كانت احد مفاتيح نجاح الجنرال شوارتسكوف في حرب الخليج ، فقد كانت لشوارتسكوف السيطرة الميدانية الكاملة على جميع الاسلحة التابعة له وكان على افرع الجيش والاسطول والطيران مسئولية توفير الدعم لتلك القوات ، اي جمع وتدريب الاشخاص اللازمين والمعدات والامدادات بدون ان يكون لها سلطة توجيه عملياتها في الميدان .
                    ووضع مدير المخابرات المركزية اشبه ما يكون بوضع القائد الميداني فهو ملزم بإدارة كل امكانيات البلد فيما يتعلق بجمع المعلومات ساعة بساعة في كل يوم ، ولكن واقع الحال ان اهم جهازين يساعدانه في جمع المعلومات وهما وكالة الامن القومي ووكالة جمع المعلومات بالاقمار الصناعية كانا دائما تحت سيطرة القيادات العسكرية ، وقد يكون من المناسب ان تقوم الوحدات العسكرية باطلاق اقمار صناعية وان تضع أشخاصا مهمتهم التقاط الاشارات والرسائل على متن الطائرات والسفن وفي القواعد العسكرية كما ان العسكريين يحتاجون بصورة ماسة الى ذلك النوع من المعلومات الذي يمكن للأنظمة التقنية لهاتين الوكالتين ان تجمعها ولكننا اذا اردنا ان نتحول بالأولويات الى الاقتصاد والسياسة فاننا نحتاج الى آلية تضمن الا تكون للأولويات العسكرية المكانة الاولى دائما .
                    ويستطيع مدير المخابرات الآن ان يأمر باجراء اية عمليات يريدها لجمع المعلومات ولكن مديري هاتين الوكالتين يعرفان ان مصيرها معلق بيد البنتاجون ولاكتساب اهتمامهما يجب ان يكون لمدير المخابرات المركزية وليس لوزير الدفاع سلطة تعيين هذين المديرين وفصلهما فهما اثنان من اهم معاونيه في المجتمع الاستخباراتي ، كما ان مدير المخابرات المركزية في حاجة الى موظفين لديهم القدرة والسلطة اللازمة لإصدار اوامر تنفيذية الى جميع وكالات جمع المعلومات سواء بالطريق البشري او بالطريق التقني ، وبإيجاز فان الاحتياجات الى المعلومات في النظام العالمي الجديد تجعل من الضروري وجود سلطة واحدة تجري الموازنة بين الاحتياجات الاستخباراتية للبلد سواء كانت اقتصادية او سياسية او عسكرية وذلك الشخص لا يمكن ان يكون في القيادة العسكرية بل يجب ان يكون هو مدير المخابرات المركزية .
                    وكذلك يحتاج مدير المخابرات الى سلطة التحكم في توزيع المعلومات التي يتم جمعها وقد كان من الاسباب الرئيسية التي دعت الكونجرس الى انشاء هذه الوظيفة في عام 1947 تجنب الاخطاء التي وقعت قبيل هجوم اليابان على بيرل هاربر عندما لم يحدث تبادل كامل للمعلومات التي توافرت لدى مكاتب المخابرات التابعة للجيش والاسطول ووزارة الخارجية في شأن نوايا اليابان وقد عادت اليوم اجهزة جمع المعلومات الى نوع من الاستقلال فيما يتعلق بعدم اطلاع الوكالات الاخرى على ما تم جمعه بواسطتها من معلومات ومنطقها في ذلك هو حماية " المصادر والأساليب " التي تم جمع المعلومات بها وذلك امر مشروع بغير شك ، ولكن هناك مغالاة في الاخفاء بدرجة تجعل الولايات المتحدة في رأيي معرضة الآن للخطر بقدر ما كانت معرضة له في وقت بيرل هاربر 1941 .
                    وهناك مشكلة اخرى تسير في الاتجاه المضاد اذ ان اجهزة جمع المعلومات تميل الى توسيع مجال عملها فتنتقل من جمع البيانات الى محاولة تفسيرها وذلك امر ينطوي على اخطار لأنه ليس هناك ما يضمن ان يكون لدى اي واحد من اجهزة المعلومات القدر الكافي من المعرفة او المهارات اللازمة لهذا التفسير وفي 1979 اعدت وكالة الامن القومي تقريرا يؤكد ان الاتحاد السوفييتي ارسل " وحدة قتالية " جديدة الى كوبا وكان ذلك استنتاجا يتجاوز الابلاغ عما كانت الوكالة قد لاحظته بالفعل ولم تكن تلك الوكالة قد ضاهت معلوماتها مع وكالة المخابرات المركزية او مع وزارة الخارجية بشأن تاريخ تلك الوحدة ومن ثم كانت النتيجة التي انتهت اليها خاطئة وكان لذلك التقرير اثر مدمر على مفاوضات اتفاقية سولت الثانية التي كانت جارية في ذلك الحين.
                    وعلى العموم ستكون هناك تحديات كبيرة في اعادة توجيه وكالات جمع المعلومات واتباعها لأولويات جديدة وتحسين ادائها برمته ولكن يجب ان يقال انه من الناحية النسبية هناك حاجة اكبر الى تحسين الجانب التحليلي في مجتمع المخابرات وذلك على الاقل لأن الحكومة الامريكية ستقلل من اعتمادها على التجسس من اجل الحصول على المعلومات ، وفي نظام عالمي جديد اكثر ديموقراطية وانفتاحا ، سيكون هناك مزيد من المعلومات متاح من خلال المناقشة العامة ومن خلال ازدياد عدد الترتيبات التي توضع لاجراء تفتيش موضعي لأغراض الحد من التسلح ونتيجة لازدياد التجارة والسياحة الدولية .
                    وفيما هو ابعد من ذلك فان نوعية تحليلات المخابرات لم تكن قط على مستوى توقعاتنا ، وقد اقترح السيناتور دانيال موينيهان او توضع وكالة المخابرات المركزية تحت اشراف وزير الخارجية وقال : " خلال ربع قرن اخطأت وكالة المخابرات المركزية مرارا وتكرارا فيما يتعلق بالمسائل السياسية والاقتصادية الكبرى التي عهد اليها بتحليلها " وينبغي ملاحظة ان السيناتور تحدث عن تحليل المسائل " السياسية والاقتصادية " وليس العسكرية وفيما يتعلق بالمخابرات العسكرية يكون من الضروري معرفة القدرات العسكرية للخصم حتى يمكن الاستعداد لملاقاته غير ان قياس القدرات العسكرية مسألة اكثر وضوحا وارتباطا بالوقائع عن التنبؤ مثلا بوقوع ثورة سياسية مثل سقوط الشاه او انفجار اقتصادي على غرار التحول الذي حدث في كوريا الجنوبية خلال العقدين الماضيين.
                    ومن العيوب الاساسية في التحليلات التي تجريها المخابرات الامريكية ان هناك جهازا بيروقراطيا ضخما يربط سمعته بما يقدمه من تنبؤات ، وعلى سبيل المثال وحتى وقت متأخر يصل الى عام 1980 كنت ابلغ لجنة الكونجرس المشتركة المعنية بالشؤون الاقتصادية في جلسة علنية بأن معدل نمو الناتج القومي الاجمالي في الاتحاد السوفييتي اخذ في التناقص ولكن معدل الانفاق السوفييتي على اغراض الدفاع آخذ في الارتفاع ، ولم اصل انا ولا المحللون في وكالة المخابرات المركزية الى استنتاج انه لا بد من حدوث شيء ما : وأنه سيترتب على ذلك وقوع ازمة سياسية واقتصادية ، ولكن لميمض اكثر من اربعة اعوام بعد تركي لوكالة المخابرات المركزية حتى ظهر ميخائيل جورباتشوف على المسرح ووجد ان الوضع ميئوس منه الى حد انه مضى سريعا الى الابحار في مياه البيريسترويكا والجلاسنوست الخطرة ( النظام الرأسمالي).
                    ولا يجوز لنا ان نتغاضى عن جسامة هذا الفشل في التنبؤ بحجم الازمة السوفييتية ونحن نعرف الآن انه كان هناك الكثير من الأكاديميين والاقتصاديين والمفكرين السياسيين السوفييت بخلاف اؤلئك الذين كانت الحكومة السوفييتية تقدمهم لنا رسميا قد ادركوا قبل عام 1980 بأمد طويل ان هناك عطبا في النظام الاقتصادي السوفييتي وانها مسألة وقت فحسب حتى يظهر شخص ما يحاول اصلاحه كما فعل جورباتشوف ولكني لم اسمع في اي وقت اشارة من وكالة المخابرات المركزية او من الجناح المخابراتي لوزارتي الدفاع او الخارجية بأن كثيرا من المفكرين السوفييت يعترفون بوجود مشكلة اقتصادية متفاقمة تتعلق بالنظام نفسه .
                    ونحن الآن نسمع دمدمات تذكر ان وكالة المخابرات المركزية قد لاحظت في واقع الامر بدايات الانهيار السوفييتي ، وعلى فرض ان بعض الافراد من المحللين في وكالة المخابرات المركزية كان لهم رأي اكثر نفاذا من الرأي السائد في المؤسسة فقد استبعدت افكارهم خلال العملية البيروقراطية ، والرأي الذي تبديه المؤسسة هو الذي يعنينا في نهاية الامر لأنه هو الذي يصل الى رئيس الجمهورية ومستشاريه وفي هذه المسألة كان رأي المؤسسة بعيدا عن الواقع بكثير .
                    ترى لماذا كان الكثيرون منا غير حساسين لذلك الامر الحتمي ؟ اعتقد ان من اسباب ذلك ان الحوافز على التنبؤ في مجتمع المخابرات ضئيلة للغاية فقد اصبحت مكاتب التحليل لدينا وخاصة المكاتب التي تتعامل مع الاتحاد السوفييتي اجهزة بيروقراطية ضخمة بحيث ان انتقال التنبؤ في طريقه الصاعد من المحلل الفردي حتى يصل الى رئيس الوكالة يضعف من الافكار الجديدة لصالح الافكار التي استقرت واصبح لها احترامها وعلى سبيل المثال فان من الاسباب التي ادت الى فشل الحكومة في التنبؤ بالأزمة الاقتصادية السوفييتية على الوجه الصحيح انها افترضت ان الاساليب الستالينية القديمة في قمع السخط مازالت قائمة وان مواقف الجمهور ليس لها حساب في الاتحاد السوفييتي ومع ذلك فان جورباتشوف اقدم على تحركاته الجذرية لا لمجرد ان الانتاجية الاقتصادية آخذة في التراجع بل ايضا لأن موقف الجماهير السوفييتية من حكومتها ومن عملها ومن حزبها الشيوعي باتت سلبية للغاية ولم يعد هناك امل في ان يؤدي الخوف والقمع الى دفع الشعب السوفييتي الى بذل جهد اكبر من عمله .
                    وهناك سبب آخر لكثير من عيوبنا في تحليل المواقف وهو ان وكالات التحليل لدينا لا تتوافر فيها معرفة كافية بثقافات كثير من البلدان التي يجب ان نتعامل معها ويرجع ذلك جزئيا بطبيعة الحال الى فشلنا في جس النبض في البلدان الاخرى ولكنها مشكلة اكبر من ذلك تتعلق بالتعليم والتقدير .
                    وهناك تفسيراً آخر ايضا لضعفنا في التحليل وهو التعارض بين المعلومات المخابراتية الجديدة والسياسات المستقرة ، فالتنبؤ بسقوط الشاه مثلا كان سيمثل تحديا لسياسة خارجية امريكية مستقرة في منطقة الخليج الفارسي والافلات من قيود السياسة سيكون دائما مشكلة تواجه المحللين العاملين في المخابرات وينبغي ان تكون المشكلة اقل حجما بالنسبة للمحللين في وكالة المخابرات المركزية لأن تلك الوكالة لا تشتغل بصنع السياسة شأن الوكالات الاخرى العاملة في مجتمع المخابرات مثل الاجهزة التابعة لوزارات الدفاع والخارجية والخزانة ولعل اكبر نقاط الضعف في الاقتراح الذي قدمه السيناتور موينيهان هو ان وكالة المخابرات المركزية ستصبح خاضعة لجهة تقوم بوضع السياسات والذي حدث عمليا ان معظم مديري الوكالة لم يتخذوا مواقف علنية في المسائل المتعلقة بالسياسات ومع ذلك فان اي باحث مسئول عن التحليلات يعرف ، فيما يتعلق بالمسائل الكبرى في السياسة الخارجية ، الاتجاه الذي يتخذه الرئيس وبذلك يشعر بنوع من الضغط الذي يلزمه بتأييد موقف رئيسه الاعلى وعلى ذلك فنحن بحاجة لأن نجد وسيلة لتعزيز الشعور بالاستقلال بين القائمين بالتحليلات في كل انحاء مجتمع المخابرات .
                    واذا نحن لم نقبل اقتراح السيناتور موينيهان فكيف لنا ان نصل الى وضع تحليلات افضل ؟ ان اعطاء مدير الوكالة سلطة اوسع على وكالات جمع المعلومات يعتبر حلا جزئيا لمسألة تحسين جمعها ولكنه لا يحل مشكلة تحسين التحليلات والشيء الذي يجب ان نتجنبه هو ان يكون هناك تماثل اجباري في التحليل ، واسمحوا لي ان اذكر على سبيل المقارنة ان المطابقة بين تقارير المخابرات والايديولوجية السياسية كانت دائما اكبر نقاط الضعف لدى المخابرات السوفييتية وقد اتيحت لي مرة فرصة سؤال احد كبار المنشقين السوفييت عما اذا كان المسؤولون في قمة القيادات السوفييتية يتلقون معلومات دقيقة توضح لهم لماذا تفعل الولايات المتحدة ما تفعله – فكان رده ان بعض الاشخاص الكبار مثل اناتولي دوبرتين الذي كان وقتها سفيرا للاتحاد السوفييتي في الولايات المتحدة والذي يفهم بغير شك الولايات المتحدة فهما جيدا لم يكن ليجرؤ على تقديم تقارير صريحة تماما اذا كان رأيه مخالفا للعقيدة السائدة .
                    خلال العقد الماضي حاول العسكريون ان يفرضوا مزيدا من السيطرة على عمليات المخابرات بما في ذلك بذل جهد كبير لتكرار قدرة وكالة المخابرات المركزية على توفير المعلومات عن طريق التجسس البشري وتمكن العسكريون خلال ذلك من تحويل جانب كبير من اعتمادات المخابرات الى حد ان نسبة تزيد على ثلث مجموع النفقات اصبح خاضعا لسيطرة البنتاجون وليس لمدير المخابرات وهناك نصف آخر يخضع للسيطرة المشتركة والحجج التي يقدمها العسكريون لاحداث هذا التحول لها وجاهتها ، فوكالة المخابرات المركزية لم توجه في اي وقت الاهتمام الكافي للمخابرات العسكرية فيما عدا المسائل المتعلقة بالجانب النووي الاستراتيجي .
                    وعلى ذلك فعلينا ان نوفق بين النفوذ المتزايد للعسكريين والاهمية المتناقصة للجزء العسكري في عمل المخابرات.
                    إستقالة جورج تينيت مدير الاستخبارات الامريكية السي اي ايه السابق :
                    استقال المدير السابق لوكالة الإستخبارات المركزية الأميركية "سي.آي.إيه" جورج تينيت من منصبه في مطلع حزيران 2004، وقد مضى على إدارته للوكالة سبع سنوات، بدأت في الولاية الثانية للرئيس الأميركي الديمقراطي بيل كلينتون وانتهت قبل خمسة شهور من انتهاء الولاية الأولى للرئيس الجمهوري الحالي جورج بوش.
                    بدأ حياته الإستخباراتية نائب مدير للوكالة في عام 1995 ثم مديراً لأعمال الرئيس في مجلس الأمن القومي الأميركي قبل أن يصبح مديراً للوكالة، فهو على سبيل المثال لا الحصر، تمكن من خلال المزاوجة بين السياسة والعمل الإستخباراتي أن يدخل على خط الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي عبر المبادرة التي سُميت باسمه، في محاولة منه لتأمين الملف الأمني الإسرائيلي على حساب الإستئثار بالملف الأمني الفلسطيني. وكاد أن ينجح في مهمته , كما ونجح في تسهيل مهمة الولايات المتحدة للهيمنة على مجريات الأحداث العالمية وبالأخص في الشمال الشرقي من العالم ومحيط البحر الكاريبي، من خلال إستغلاله لتبعات أحداث 11 أيلول 2001. هذا وتولى توجيه سياسة الإدارة الأميركية لشن حربين متتاليتين في أفغانستان والعراق، من خلال المعلومات الإستخباراتية التي زودها بها ومن خلال دعم تيار المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة لجهوده التي تناغمت مع إستراتيجيتهم الهدامة.
                    حين أعلن جورج تينيت إستقالته، لم تقنع الأسباب الشخصية التي أرفقها بها أياً من المراقبين السياسيين في العالم وبالأخص في بلاده، الأمر الذي أثار كثيراً من التأويلات والتفسيرات والتكهنات حول الأسباب والدوافع الحقيقية التي وقفت وراءها، خاصة وأنه ظل حتى اللحظة التي سبقت ذلك الإعلان موضع ثقة وتقدير من قبل الرئيس جورج بوش. ومن منطلق إيمانهم بأن وراء الأكمة ما وراءها، رجح هؤلاء وجود دوافع وأسباب سياسية جادة ومهمة فرضت على الرجل القوي وصاحب الحظوة الخاصة لدى الرئيس تقديم إستقالته بشكل مفاجىء. ولعل أبلغ تلك الدوافع والأسباب كانت أحداث 11 أيلول 2001 والتداعيات والإسقاطات التي ترتبت عليها، بدءاً بحرب أفغانستان وإخفاق وكالة الإستخبارات المركزية في القبض على زعيمي تنظيم القاعدة وحكومة طالبان أسامة بن لادن والملا عمر وانتهاءً بسقوط وتهاوي المبررات التي ساقتها الوكالة لشن الحرب على العراق، وبالأخص زعم امتلاكه أسلحة دمار شامل وادعاء وجود علاقة بين الرئيس العراقي الأسير صدام حسين وبن لادن.
                    وفيما نظر بعض المراقبين إلى إستقالة مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية على أنها جاءت في سياق صفقة بينه وبين الرئيس جورج بوش مستدلين على ذلك بميدالية الحرية الرئاسية التي منحها الثاني للأول بعد إستقالته، اعتبر بعضهم الآخر جورج تينيت "كبش فداء" للسقطة الأميركية في المستنقع العراقي.
                    لكن وبالرغم من كل ما قيل وكتب حول الإستقالة خلال الأربعة عشر شهراً التي أعقبتها وما رافق ذلك من استفزاز متعمد من قبل وسائل الإعلام لتينيت بهدف إخراجه عن طوره، إلا أنه ظل يحافظ على هدوئه وأحاط الاستقالة بساتر من الغموض من خلال التزامه الصمت ومحاذرة الدخول في معارك كلامية لتجنيب نفسه الوقوع في فخ خياري الدفاع عن نفسه والإضطرار إلى كشف "المستور". لكن على ما ظهر من خلال ما تناقلته الصحافة الأميركية قبل أيام، فإن جورج تينيت سيجد نفسه هذه المرة مجبراً على اللجوء الى الخيار الثاني الذي سيفرض عليه الكشف عن حقائق مثيرة وجديدة حول أحداث 11 أيلول وحرب العراق، ما لم يتدخل الرئيس جورج بوش على عجل للجم إندفاعة بورتر غوس المدير الجديد لوكالة الإستخبارات المركزية الأميركية ضده. ويذكر في هذا الصدد أن بوش كان قد عين غوس خلفاً لتينيت في 10 آب 2004.
                    صحيفة الـ "واشنطن تايمز" الأميركية رجحت أن يجد جورج تينيت نفسه محاصراً بحيث ينقاد مضطراً إلى اللجوء لخيار كشف الأوراق المستورة. وأرجعت ذلك إلى ما أسمته "المعركة الصامتة والساخنة" التي تدور داخل وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية "سي.آي.إيه" منذ حوالي عشرة أسابيع، "والتي قد تنتهي في حال عدم حسمها من قبل الرئيس جورج بوش بالكشف عن خبايا أحداث 11 أيلول وما سبقها وتبعها، وبالأخص الملابسات التي قادت إلى حرب العراق". وإذا ما سارت الأمور وفق ما تشتهي سفن بورتر غوس، فإن ذلك قد يقلب الطاولة على رأس الإدارة الأميركية من خلال قلب ما هو معروف الآن عن تلك الأحداث وكيفية وقوعها وتفصيلات ما جرى خلال الشهور والأسابيع التي قادت إليها.
                    ووفق ما جاء في الصحيفة فإن تفصيلات تلك المعركة تتلخص في أن عدداً من قيادات الوكالة ذهب إلى أن اللوم الذي وُجه إليها في التقارير التي أعدتها لجان التحقيق المتعاقبة هو لوم غير منصف وفي غير محله، وأن مدير الوكالة السابق جورج تينيت قبل بتعديل المعلومات الدقيقة التي قدمها له مرؤوسوه، وأنه شارك في تغطية المسؤولية التي تتحملها الإدارة، وذلك بعد إتفاق جانبي عقده مع البيت الأبيض. وبعبارة أخرى رأى هؤلاء المسؤولون أن تينيت لم يقل الحقيقة كاملة حول ما جرى للمحققين وأنه قبل بأن تتحمل الوكالة لوماً كان يفترض أن يذهب إلى أماكن أخرى، وأنه تلقى مقابل ذلك ميدالية الحرية الرئاسية التي تُعد من أرفع الأوسمة في الولايات المتحدة، وذلك بعد انتهاء خدمته.
                    وكشفت الـ "واشنطن تايمز" عن أن قيادات وكالة الإستخبارات المركزية المقصودين أقنعوا مديرهم الجديد بورتر غوس بضرورة إجراء تحقيق داخل الوكالة، بعيداً عن جميع التحقيقات العلنية التي أُجريت في السابق، لكشف الحقائق كما هي. وبالفعل تم تكليف المفتش العام للوكالة توم هيلغرسون بقيادة فريق من المحققين الداخليين. وفي نهاية حزيران الماضي انتهى هيلغرسون من تحقيقه الذي تضمن إدانة دامغة وكاملة لجورج تينيت. وبموجب ذلك التحقيق وجهت إتهامات لتينيت بالتقاعس وتغيير تقديرات الوكالة لأسباب سياسية والإدلاء بمعلومات كاذبة "أدت إلى تضليل محققي الكونغرس الأميركي والإساءة إلى الوكالة وإلى جهود موظفيها".
                    تينيت الذي استلم نسخة عن ذلك التحقيق بصورة رسمية، رد عليه بذات الصورة في رسالة من عشرين صفحة رفض فيها جميع الإتهامات وفندها إتهاماً بعد الآخر. وعندما علم أن مدير الوكالة الجديد بورترغوس يتجه تحت ضغط كبار قيادات الوكالة إلى استدعائه لاستجوابه كخطوة تمهيدية لإدانته رسمياً ومن ثم توقيع عقوبات إدارية بحقه قد تؤدي إلى تحويله للمحاكمة بتهمة خداع الكونغرس، لجأ هذه المرة للهجوم كوسيلة فُضلى للدفاع. فباعتبار أنه يحفظ اللوائح الداخلية للوكالة عن ظهر قلب ويعرف أن هذه اللوائح تتيح إمكانية محاكمته داخل "البيت الإستخباراتي" بتهم خرق قواعد العمل بالوكالة والإساءة للأمن القومي الأميركي والكذب واستغلال صلاحياته لتزوير المعلومات، تعمد توجيه إنذار مبطن للرئيس جورج بوش على صفحات واحدة من أهم الصحف الأميركية هي الـ "واشنطن تايمز" لحثه على التدخل لوقف غوس ومنعه من عقد محاكمة علنية له، تحت طائلة التهديد المبطن أيضاً بفتح جميع الملفات المغلقة الخاصة بأحداث 11 أيلول والحرب على العراق. وقد لجأ تينيت لهذا الأسلوب بعد أن عاله الصبر والإستياء من سلبية البيت الأبيض تجاه ما يفعله غوس ضده وهو الذي قام بما قام به أثناء توليه مسؤولية وكالة الإستخبارات المركزية إرضاءً للبيت الأبيض وشخص الرئيس لحمايته من أي لوم يوجه إليه أو تبعة قانونية تُلقى عليه.
                    الصحافي جون روبرتس الذي عمل فترة طويلة في مجال المخابرات إبان عهد الرئيس رونالد ريغان وكان مقرباً من البيت الأبيض، إنتصر لصديقه جورج تينيت الذي استجار به بعد أن ساءه ما يتعرض له وما يُحاك ضده في ظل صمت الرئيس الذي لطالما امتدحه وأشاد بجهوده وأُعجب به لدرجة أنه منحه ميدالية لا تُمنح إلا لشخصيات أميركية تميزت في دفاعها عن الأمن القومي الأميركي.
                    روبرتس عبر عن انتصاره لمدير وكالة الإستخبارات المركزية السابق من خلال مقال مطول نشره في صحيفة الـ "واشنطن تايمز"، كشف فيه عن مجموعة من التفاصيل المذهلة التي تعلقت بالمعركة الدائرة داخل الوكالة والتي تستهدف تينيت دون غيره.
                    قال روبرتس في المقال أنه علم من مصدر موثوق أن مدير الوكالة السابق لن يقبل أن يُذبح بواسطة التقرير الذي تضمن تحقيقات هيلغرسون الخاصة بتقييم عمل الوكالة إبان تسلمه مهام إدارتها. وكشف عن أن ذلك التقرير الذي لم يسمع به كثيرون من قبل يدين تينيت والنائب السابق لمدير العمليات بالوكالة جيمس بافت والمسؤول السابق عن مركز مكافحة الإرهاب كوفر بلاك، ملوحاً بأن "من يتصورون أن تينيت سيظل جالساً في مقعده فيما يُعدُ مسؤولو الوكالة لذبحه يرتكبون خطأً جسيماًـ إذ أن المدير السابق سيرد بعنف وقد يصبح ذلك خبراً بالغ السوء بالنسبة للبيت الأبيض والقابع بداخله"!!
                    وفيما اعتُبر تلويحاً بالكشف عن أسرار خطيرة في مقالات لاحقة إذا ما استمر بورتر غوس في استهدافه لتينيت وسط صمت البيت الأبيض، كشف روبرتس عن أن تينيت رفض عرضاً بوضع كتاب عن أحداث 11 أيلول 2001 مقابل حصوله على مبلغ 4.5 مليون دولار "وقد كان سبب الرفض هو أن المدير السابق لا يرغب في إحراج البيت الأبيض من خلال الخوض في مسؤوليته عن التقاعس في مواجهة تنظيم القاعدة قبل 11 أيلول والمعلومات الإستخباراتية الخاطئة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية". وهذا بحد عينه يرجح أن يكون المصدر الموثوق الذي استقى روبرتس معلوماته منه هو جورج تينيت نفسه، إلا أنه تعمد عدم ذكر اسمه بشكل صريح حتى يجنبه الإحراج في وقت لم يحسم الرئيس الأميركي جورج بوش موقفه لجهة تأمين غطاء السلامة لتينيت أو التضحية به ومحاولة تقديمه كبش فداء لأخطائه الكبيرة التي أدت إلى أحداث 11 أيلول ودخول الجيش الأميركي في مستنقع العراق الذي على ما يبدو بدأ يكتب بداية النهاية للإمبراطورية الأميركية.
                    عرض جون روبرتس في مقاله الذي نشرته الـ "واشنطن تايمز" أموراً كانت مجرد تأويلات وتكهنات. فقد قال طبقاً للمصدر ذاته أن تينيت "عقد تفاهماً مع الرئيس بوش مفاده أنه لن يتحول إلى كبش فداء للفشل الإستخباري"!! ومضى قائلاً أن "هناك صفقة عُقدت بين تينيت والرئيس، وهي صفقة استكملت بمنح المدير السابق للوكالة ميدالية الحرية"، لافتاً النظر إلى أن "رد المدير السابق على تقرير هيلغرسون أخذ مساراً قريباً على نحو لافت لما قاله مسؤول مكافحة الإرهاب السابق ريتشارد كلارك بأن إدارة الرئيس بوش أخرت عملية تبني إستراتيجية لمواجهة تنظيم القاعدة". وكان كلارك قد استقال من منصبه وقدم اعتذاراً علنياً لضحايا 11 أيلول 2001 قال فيه: "لقد خذلتكم حكومتكم.. إن الرئيس جورج بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ضغطا علي لتوجيه الإتهام نحو العراق..".
                    كانت الرسالة التي وجهها مدير وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية "سي.آي.إيه" السابق جورج تينيت للإدارة الأميركية من خلال مقال روبرتسون في الـ "واشنطن تايمز" واضحة ولا لبس فيها: إنه يوجه تحذيراً لا عودة عنه ما لم يتحرك الرئيس بوش على عجل لنجدته. ويدلل على مغزى الرسالة تَعَمُدِ روبرتسون إنهاء مقاله بالجملة التالية التي تختزل الأبعاد التي سيذهب إليها تينيت في معركته إذا ما فتحها بورتر غوس بشكل رسمي في ظل مباركة الرئيس: "إن عرض الـ 4.5 مليون دولار لتأليف كتاب عما حدث قد يعود إلى الطاولة بسرعة. وهذه المرة سيقبله السيد تينيت"!!
                    عندما تتموضع المعركة الصامتة الدائرة في وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية في مثلث أقطاب الحياة السياسية والإستخباراتية الأميركية ويتواجه فيها الرئيس من جهة ومراكز النفوذ في الوكالة من جهة ثانية ومدير الوكالة السابق من جهة ثالثة في غياب أي ثقل أو نفوذ يُذكر لمدير الوكالة الحالي، فإن ذلك يؤشر إلى قرب انفجار صندوق المعلومات الأميركي "الأسود" الذي سينكشف مع انفجاره "مستور" 11 أيلول وجريمة غزو واحتلال العراق

                    تفكيك أجهزة الاستخبارات:
                    اليوم نرى وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA وهى تتقلص نفوذاً تمهيداً لتمزيقها إرباً وعندما صدر تقرير لجنة الكونجرس الأمريكى المكلفة بالتحقيق فى مسئولية التقصير فى منع وقوع أحداث سبتمبر 2001، عندما اصطدمت طائرات مدنية ببرجى مركز التجارة العالمى فى نيويورك وبأحد أجنحة وزارة الدفاع الأمريكية فى واشنطن. فقد ورد فى التقرير لوم شديد لأجهزة الاستخبارات الأمريكية، وعددها كما هو معروف حوالى خمسة عشر جهازاً، ولكن أهمها مكانة وشهرة فى الداخل والخارج وكالة الاستخبارات المعروفة بحروفCIA .
                    ويبدو أنه كان هناك فى وزارة الدفاع وربما فى البيت الأبيض، من اعتبر هذا اللوم من جانب لجنة الكونجرس إشارة الهجوم على هذا الحصن المنيع فى لانجلى فى فرجينيا، إما لتصفية حسابات قديمة وإما للحاجة إلى فرض سيطرة مركزية ذات توجهات أيديولوجية معينة على كافة أجهزة الاستخبارات فى الولايات المتحدة.
                    وقالت ميليسا بويلي ميهل وهي ضابطة سابقة بالمخابرات المركزية «هناك قدر كبير من القلق...انهم ليسوا متأكدين من كيفية اندماجهم في مجتمع المخابرات الجديد كما أنهم ليسوا واثقين من أنهم في موقع سلطة يخولهم حق تشكيل الرؤية». ونفت جينيفر ميللر وايز المتحدثة باسم المخابرات المركزية ان الوكالة تفقد أهميتها، وقالت انه تقرر زيادة أعداد المحللين والعملاء بنسبة 50 في المائة بموجب خطة غير معلنة.
                    وقالت «هذه وكالة آخذة في التنامي.. آخذة في التحسن.. تزداد قوة.. منظمة تركز على العمليات وتجند الكثير من الناس في مختلف أنحاء العالم»، وأضافت ان القدرات الاستخبارية البشرية للمخابرات المركزية التي لا تضاهى تقوم بدور حيوي في الحرب على الارهاب.
                    وقال ريتشارد بوسنر القاضي الاميركي ومؤلف كتاب «منع الهجمات المفاجئة.. اصلاح المخابرات في أعقاب 11ـ 9» ان «هناك احساسا بأن المخابرات المركزية محاصرة بدرجة كبيرة». وقد تأسست المخابرات المركزية الاميركية عام 1947 مع اندلاع الحرب الباردة وظل ينظر اليها على مدى اجيال على أنها المحرك القوي والسري للصراع الذي جرى في القرن العشرين بين الشرق والغرب، ورغم ذلك الا انها منذ هجمات 11 سبتمبر تعرضت لانتقادات شديدة في تقارير رسمية بسبب دورها في فشل عمليات استخباراتية كبيرة، وتواجه أخيرا منافسة جديدة من جانب مكتب التحقيقات الاتحادي والبنتاغون لقيامهما بأنشطة استخباراتية متنامية، لكن المخابرات المركزية تلقت أيضا الدعم من جانب حليفتها التقليدية بالكونغرس وهي اللجنة الفرعية الدائمة للمخابرات بمجلس النواب، وحاولت اللجنة الحفاظ على مهمة المخابرات المركزية في جمع المعلومات وصياغة مشروع قانون عام 2006 خاص بالمهام الموكلة اليها ينص على وضع كل المعلومات البشرية التي يتم جمعها من خارج الولايات المتحدة تحت اشراف مدير المخابرات المركزية.
                    وقال النائب بيتر هويكسترا رئيس اللجنة الجمهوري «نريد فقط تقديم ايضاح، اذا لم تكن لديك نقطة تحكم واحدة فهناك فرصة كبيرة للغاية لحدوث ارتباك». ويقول خبراء من بينهم مسؤول بالكونغرس مطلع على خطة الاصلاح ان نجروبونتي قرر ان تحتفظ المخابرات المركزية بدورها البارز في جمع المعلومات البشرية.
                    لكن محللين يقولون ان قلق العاملين بسبب الشكوك التي تساورهم يمكن ان يمثل تحديا لمدير المخابرات المركزية بورتر جوس الذي تعرض لانتقادات حادة من داخل وكالته بعد ان اتهمه البعض بانه لم يكافح بما فيه الكفاية للحفاظ على وضعها. وقال ديفيد روثكوف من مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي «اذا كنت من الداخل وترى أن المخابرات المركزية هي منظمة تؤدي مهامها بكفاءة عالية وتريد الحفاظ على مهامها هذه فأنت أما تعتقد أن هذا الشخص (جوس) قد باعك أو أنه مجرد شخص غير فعال». وأجبرت الاصلاحات الجديدة جوس على التخلي عن مقعده في اجتماعات مجلس الأمن القومي لصالح نجروبونتي، كما طلب نجروبونتي من رؤساء مكاتب المخابرات المركزية حول العالم ارسال تقاريرهم اليه وليس الى جوس في أمور تشمل أنشطة تقوم بها الوكالات الاستخبارية الاخرى. وقال مسؤول بالمخابرات طلب عدم كشف هويته لحساسية القضية، ان الامر الذي أصدره نجروبونتي قلص من دور المخابرات المركزية كوكالة مخابرات مهيمنة في الخارج.
                    ويبدو فى الوقت نفسه أن خطة أو مشروع خطة، كان معداً بالفعل من جانب القيادة الجماعية المعروفة بنخبة اليمين الجديد، والتى ركزت نفوذها داخل وزارة الدفاع، وبالتحديد حول مكتب الوزير دونالد رامسفيلد، ومكتب ريتشارد تشينى نائب رئيس الجمهورية.
                    ويسير العمل لتحقيق هذا الهدف فى اتجاهين: اتجاه تقليص حجم وكالة الاستخبارات الأمريكية وتطهيرها من الداخل تمهيداً لإعادة تحديد اختصاصاتها وتغيير أساليب عملها. واتجاه إخضاعها لقيادة مركزية من خارج الوكالة بتعيين مشرف عام على العمل الاستخباراتى الأمريكى يكون مقره البيت الأبيض.
                    إن عناصر اليمين الجديد تريد أن تأخذ وقتها فى فرض الهيمنة على كافة وكالات الاستخبارات ودس حلفائها فيها وطرد المعارضين والمتمردين منها قبل تعيين شخص جديد يخضع مباشرة لرئيس الجمهورية.
                    وبالنسبة للاتجاه الأول، أى تغيير وكالة الاستخبارات من الداخل وتقليصها، فقد بدأ بالفعل مديرها الجديد تنفيذ مهمته فى التغيير والتقليص لكنه واجه صعوبات كثيرة. فقد استقال أو أقيل، مئات من المخضرمين فى الوكالة، وأغلبهم من الذين يطلق عليهم أهل الداخل، وهؤلاء يباشرون مهمتهم سواء فى المقر المركزى فى ولاية فرجينيا، أو فى السفارات الأمريكية فى الخارج، أى أنهم فى الغالب معروفون أسماء وشكلاً لدى أجهزة مخابرات الدول الأجنبية والأجهزة البيروقراطية فيها. وقد كتب راؤوب مارت جيريخت، وهو عضو فى معهد أريكان انتربرايز، حيث تولد وتترعرع مختلف أفكار اليمين الجديد وممارساته، وهو أيضاً ضابط سابق فى وكالة المخابرات المركزيةCIA ، كتب فى واشنطن بوست يطلب من البيت الأبيض إصدار الأوامر إلى بورتر جوس المدير الجديد للوكالة والذى حل محل جورج تينيت، ليفصل من العمل فى الوكالة مئات الضباط قبل تعيين ضباط جدد. ويكشف المقال عن مدى كراهية معهد أمريكان انتربرايز وربما اليمين الجديد بأسره، أو على الأقل كاتب المقال، للوكالة ونظام العمل فيها، إذ يقول إن استمرار المخضرمين فى العمل حتى يصل المجندون الجدد يعنى أن الدماء الفاسدة أى أفكار المخضرمين وأساليب عملهم سوف تسمم عقول الجدد. وانتقد جيريخت قرار بوش زيادة عدد ضباط الوكالة بنسبة 50% بناء على توصية تقرير 11/9 الصادر عن الكونجرس، لأنه يعتبر أن المشكلة تكمن فى القدامى وليس فى العدد. ويقول إن الوكالة اهتمت على مدى عقود بأهل الداخل، وهؤلاء كانت أنشطتهم محدودة بحكم أن أجهزة الدولة التى يتجسسون فيها تعرفهم، أما أهل الخارج أى الضباط المكلفين بأعمال سرية فكانوا منذ عهد رونالد ريجان يتخفون كرجال أعمال، وبحكم التعريف لم يكن هؤلاء يمتلكون حب المغامرة أو القدرة على التسلل إلى شبكات الاسلامية فى مناطق جبلية أو صحراوية، وضرب مثلاً باليمن حين كان متعذراً على رجال المخابرات الأمريكية الاندماج داخل هيئات وطنية أو إسلامية. وضرب كاتب آخر المثل بضابط المخابرات البريطانى الأشهر فى القرن الماضى لورانس الذى اندس بين العرب وعاش معيشتهم وقاد جيوشهم ضد الأتراك. ويخشى جيريخت أن يكرر بوش والمدير الجديد جوس تجربة ريجان والمدير وليام كاسى اللذين اهتما فقط بالعدد ولم يهتما بمدى استعداد الضباط لمحاربة الإسلام والاندماج فى المجتمعات التى يكلفون بالتخابر فيها.
                    اقالة جوس مدير وكالة الاستخبارات الامريكية:
                    في الاول من مايو 2006 قدم جوس استقالته بعد عامين قضاهما في ادارة الس اي ايه وبدون ابداء الاسباب تقدم باستقالة مفاجئة مخلفاً وراءه استفسارات عدة.
                    وبعد اسبوع تقدم بوش لترشيح الجنرال مايك هدين لتولي المنصب نفسه وسط اعتراضات كثيرة على سعيه لعسكرة وكالة الاستخبارات الامريكية التي تعد مؤسسة مدنية لكن يبدو ان بوش يريد من الس اي ايه يريد ان يجد من يساعده في ايجاد حل للورطة الامنية في العراق و افغانستان وليكون الجهد الامني اكثر تناغماً مع العمليات العسكرية من ذي قبل.
                    الجدير بالذكر ان جوس قام بتنفيذ مشروع ضخم للتنصت على الجالية العربية و الاسلامية في امريكا بعد غزوتي نيويورك وواشنطن ونفذ المشروع من خلال وضع ميكروفونات حساسة في اعمدة الكهرباء وصناديق جمع القمامة في أماكن تجمع المسلمين.

                    الفصل الثامن
                    الخطط الجديدة في مواجهة الحركات الاسلامية
                    تقضى الخطط الجديدة التى وضعها وزير الدفاع رامسفيلد بأن يجرى تنشيط العمل الاستخباراتى البشرى، أى المعتمد على التخابر الإنسانى والذي بدوه سيساعد على التخابر الفضائى باستخدام الأقمار الاصطناعية، وهو ما اعتمدت عليه وكالة الاستخبارات الأمريكية وثبت فشله الذريع فى التعرف على أهداف الحركات الإسلامية وتكويناتها وخططها وممارساتها. وسوف يعمل الجهاز الجديد تحت اسم فرع الإسناد الاستراتيجيSSB ، ويعتمد على فرق ووحدات من أفراد يندسون فى المجتمعات الأجنبية ويتدخلون بسرعة ويمارسون الأعمال نفسها التى يقوم بها الجهاديون. وقد تحدث أوكونيل مساعد وزير الدفاع الأمريكى عن تدريب هؤلاء العملاء وتأهيلهم فقال، إنه التدريب أو التأهيل الذى يسمح لهم بأن يضمنوا لأمريكا أن يكون أى رئيس دولة مجاورة غير معاد لنا، لأنهم سيتدخلون فى لمح البصر إذا تغيرت القيادة السياسية فى هذه الدولة أو تلك فى شكل مفاجئ.
                    وقال مسئول كبير فى البنتاجون سنعمل داخل الدول الحليفة. وخاصة تلك التى يحدث اضطراب فى بعض أقاليمها، وتلك التى تخرج فيها بعض الأقاليم عن نفوذ الحكومة وسيطرتها، وتلك التى تسمح لعناصر معادية لأمريكا باستخدام أراضيها. بمعنى آخر لن تستأذن وزارة الدفاع الأمريكية الدول الأجنبية لسد فراغ أمنى نشأ فيها أو قبل القيام بعمل استخباراتى إرهابى فيها، لأن الوحدات أو الفرق الاستخباراتية التابعة لفرع الإسناد الاستراتيجى الموجودة فى الدولة الأجنبية مدربة على التخطيط والتنفيذ دون العودة إلى قيادة سياسية فى واشنطن.
                    وقد استخدم معلق أمريكى تعبيراً آخر لوصف هذه المهمات الاستخباراتية الجديدة بقوله، إن استخبارات التنفيذ الفورى لا تنتظر التحليل أو التمحيص ولا تتحمل التردد، كما كان يحدث فى وكالة الاستخبارات الأمريكية. ولم يتطرق أحد بعد إلى سؤال منطقى هو، هل يعنى هذا التطور بأن جهاز الأمن الداخلى فى دولة ما لن يعرف إن كان الإرهاب الذى يحاربه محلياً أم أمريكياً كون الوحدات الاستخباراتية الأمريكية لن تبلغ الدول بوجودها أو بنشاطها لكى تنجح فى اختراق الإرهاب المحلى.
                    كماحدث في الصومال حيث شكلت الاستخبارات الامؤيكية فريقاً من امراء الحرب لمواجهة الاسلاميين الذين شكلوا المحاكم لاسلامية هناك.
                    و في تحقيق نشره الصحفي الأمريكي ديفيد كابلان في مجلة يو إس نيوز الأمريكية يعكس كيف تخطط المخابرات الأمريكية لغزو واختراق وغسل أدمغة الشعوب العربية والإسلامية.. تارة باسم الدين.. وتارة أخري بالديمقراطية وتارة ثالثة بدعوات الحرية.. فالتحقيق الكارثة يحكي تفاصيل ما دار في الغرف المغلقة، وكيف بدأت خيوط العنكبوت المخابراتية الأمريكية تعد لغزو عقولنا وقلوبنا.. ربما فشلوا أحيانا.. وربما تعثروا في أحيان أخري.. لكنهم في النهاية وجدوا ضالتهم.. في صورة حكومات مستعدة لمد اليد ما دامت ستقبض ثمن الوطن قطعة قطعة، وحركات لتطويع الدين.. وأشخاص 'بهلوانات' مستعدين لتغيير ألوانهم وأفكارهم ولغتهم وآرائهم حسبما يسير تيار القسوة والجبروت والبطش.. فملء الجيوب والكروش عندهم يسير جنبا إلي جنب مع ملء أفواههم بالعسل المعجون بالسموم.. نعلم جيدا أن الصورة ليست قاتمة حتي النهاية.. ونوقن أن الوطن مليء بشخصيات محترمة تفضل الموت جوعا علي أن تفرط في حبة واحدة من تراب الوطن.. ولا تقبل أن تبيع دينها ولو بكنوز الدنيا.. لكنها صرخة تحذير نطلقها علها تجمعنا من فرقتنا.. فالمخطط أكبر من عمود إنارة سرق في عز الظهر.. أو بلدوزر اختفي ولم يعثر عليه أحد وكأنه إبرة في كوم قش.. إنه دين وعقيدة ووطن التفت حولها طيور الظلام ولن يهدأ لها بال إلا بعد أن تنال منها..
                    والقصة بدأت في يوليو عام 2003 حيث اجتمع عدد من القيادات البارزة في الإدارة الأمريكية تملؤهم نشوة ما اعتقدوا أنه تحقيق انتصار أمريكي في تلك الحرب التي زعمت واشنطن أنها ضد الإرهاب.. وتم عقد الاجتماع بجامعة الدفاع القومي بواشنطن.. وضم الاجتماع مديرين من البيت الأبيض ودبلوماسيين من وزارة الخارجية الأمريكية.. وإخصائيين في الحرب النفسية من وزارة الدفاع الأمريكية، وكان سيناريو الخطوط العريضة للاجتماع هو أنه إذا كانت الاحتجاجات المناوئة للولايات المتحدة الأمريكية قد شكلت لها أرضا خصبة في البلدان الإسلامية حتي أصبح ينظر لمن تري واشنطن أنهم 'إرهابيون' علي أنهم 'محبون لأوطانهم كما هو الحال في العراق فإن واشنطن نجحت رغم هذه الاحتجاجات في أن تخلق جيلا من المدافعين عن الديمقراطية حتي الموت كما هو الحال في إيران التي لقي فيها طلاب إيرانيون حتفهم دفاعا عن الديمقراطية.. وأشار المجتمعون إلي قناعتهم بأن تحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم الإسلامي هو الطريق نحو إقامة ديمقراطيات مستقرة.. وأشاروا أيضا إلي أن الولايات المتحدة الأمريكية لم يعد بوسعها أن ترضي بالجلوس علي الخطوط الجانبية بينما من تري واشنطن أنهم متطرفون يحاربون من أجل مستقبل ديني سياسي يؤمن به ما يزيد علي المليار شخص.
                    وحسب ما أشار إليه التقرير فإن المجتمعين توصلوا إلي نتيجة مفادها أن علي واشنطن بذل مزيد من الجهد للتأثير فيما وصفه المسئولون الأمريكيون بالإصلاح الإسلامي ، وأن علي البيت الأبيض تبني سياسة جديدة تقوم علي أساس أن الأمن القومي الأمريكي يتطلب أن يكون لأمريكا دور في توجيه مسار الأحداث في العالم الإسلامي.. وأن يتم تركيز الجهود الأمريكية في هذا المجال علي ثلاث جهات هي الجماعات الإسلامية المعتدلة والمؤسسات المدنية والجماعات الإصلاحية بهدف حثها علي تبني قيم الديمقراطية وحقوق المرأة والتسامح مع الأقليات.
                    وحسب ما أورده التقرير في فإن المجتمعين أشاروا إلي أن خطأ الولايات المتحدة الأمريكية طوال السنوات التي أعقبت انتهاء الحرب الباردة أنها سارت في الطريق الخطأ في إطار حملتها لكسب قلوب وعقول أبناء العالم الإسلامي، ولم تكن الأجهزة الأمريكية المختلفة سواء في البيت الأبيض أو المخابرات الأمريكية أو وزارة الخارجية الأمريكية مسلحة بالشكل الكافي الذي يمكنها من حسم 'معركة الأفكار'.. فلم يكن هناك شخص بعينه مسئولا عن هذا الملف، كما أنه لم يتم وضع استراتيجية أمنية محددة لكسب تلك الحرب.. وهو ما حاولت واشنطن تداركه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.. فمنذ هذا الحين تم تشكيل فرقة من أعضاء القوات العسكرية الأمريكية المختصين بدراسة النواحي النفسية وكذلك أعضاء من المخابرات الأمريكية.. وتم وضع عشرات الملايين من الدولارات تحت يدهم وتصرفهم لضخها في حملتهم من أجل التأثير علي الإسلام ذاته كدين وليس علي المجتمعات الإسلامية فقط.
                    فمنذ عقد هذا الاجتماع أنفقت واشنطن عشرات الملايين من الدولارات لتمويل محطات إذاعية إسلامية وبرامج تليفزيونية وإعداد مناهج، بحيث يتم تدريسها في مدارس العالم الإسلامي.. كما أنفقت ملايين الدولارات علي مفكرين ممن ينظر إليهم علي أنهم يمثلون النخبة المسلمة وعقد ورش عمل سياسية بهدف دعم الإسلام المعتدل. وكذلك بناء مدارس إسلامية ومساجد وتنفيذ برامج لإنقاذ ما وصفه الصحفي في تحقيقه 'بالقرآن القديم'.. علي أن يتم هذا كله من خلال استهداف وسائل الإعلام الإسلامية والزعماء الدينيين والأحزاب السياسية مع توفير كل ما تحتاج إليه المخابرات الأمريكية من أموال وأصول وقوة بشرية بما يضمن لها النجاح في خطتها من أجل التأثير علي المجتمعات الإسلامية حسب ما نقله الصحفي الأمريكي عمن وصفه بالمسئول البارز في المخابرات الأمريكية.. وأضاف الصحفي أن أساليب اختراق المجتمعات المسلمة ضمت العمل مع جماعات مسلحة باستثناء القاعدة إضافة إلي شن حملات سرية لنزع المصداقية من الزعماء المناوئين للولايات المتحدة الأمريكية.
                    كما طالب المجتمعون بتفعيل الدراسات التي أعدها مجلس الأمن القومي الأمريكي والتي تقدر بالمئات من أجل التعامل مع المجتمعات الإسلامية وكذلك استحداث منصب جديد هو منصب نائب مستشار للأمن القومي تكون مهمته التعامل مع المجتمعات التي تحتل مكانة استراتيجية لدي واشنطن.. وأضاف كابلان أن حرب كسب عقول وقلوب أبناء المجتمعات الإسلامية أتت بثمار تبعث علي الأمل مثل الحديث عن الانتخابات الناجحة في الشرق الأوسط والمظاهرات والاحتجاجات المعادية للتواجد السوري في لبنان.. وهو ما منح إدارة بوش آمالا بتحقيق نجاح لكن عددا من الخبراء الأمريكيين أشاروا حسب ما ورد بالتحقيق إلي أن العالم الإسلامي مشكلاته أعمق من ذلك بكثير وأنها تنمو إلي الأسوأ وليس إلي الأفضل..
                    أن مجلس المخابرات القومي التابع للمخابرات الأمريكية أصدر تقريرا في ديسمبر 2002 يتنبأ فيه بأن الجموع الهائلة ممن يعانون من البطالة في العالم الإسلامي والعربي سيصبحون عرضة لتجنيديهم من قبل الجماعات التي تري واشنطن أنها إرهابية.. وضرب التقرير مثالا علي ذلك بالمقاومة العراقية التي تتعرض لضربات موجعة في العراق لكنها استطاعت نشر روح العداء للولايات المتحدة الأمريكية في العالم الإسلامي كله مشيرا إلي أن شائعات سرقة الجنود الأمريكيين لأعضاء جثث العراقيين وجدت لها طريقا ميسرا للنشر في و،سائل الإعلام العربية الرئيسية.. كما أن شرائط الفيديو واسطوانات الكمبيوتر الخاصة بالجهاديين تجد لها سوقا خصبة للبيع في شوارع وعلي العواصم العربية علي أرصفتها.. وكلها تحمل أفكار زعماء دينيين يؤمنون بأن أمريكا تخوض حربا صليبية ضد العالم العربي وضد الإسلام نفسه.
                    كما أن مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أصدر تقريرا في شهر مارس الماضي أشار فيه إلي أن العلاقات الأمريكية العربية وصلت إلي أدني مرحلة لها منذ عدة أجيال.. وبالتالي تنوعت أدوات الحرب الأمريكية.. فكانت هناك وجهة نظر المخابرات الأمريكية بأن تكون حرب المواجهة تلك من خلال الدعاية الأمريكية والتأثير السياسي الأمريكي في مجريات الأحداث في العالم الإسلامي.
                    أما في وزارة الدفاع الأمريكية فكانت الدعوة للتركيز علي مصادر التأثير الاستراتيجية بكل السبل الممكنة بما فيها السبل العسكرية في حين دعت الخارجية الأمريكية إلي اتباع السبل الدبلوماسية.. ورغم هذا التباين في السبل التي يجب اتباعها إلا أن الجميع اتفقوا علي استخدام المعلومات كسلاح خطير في التأثير علي أصدقاء أمريكا وأعدائها في الخارج.. ومن هنا تفجرت فضائح أشرطة الفيديو المزورة والتقارير الإخبارية المفبركة والأموال التي دفعت لكتاب أعمدة للتمجيد والتسبيح بحمد السياسات الأمريكية والتهليل لها.. وهو ما أعاد للأذهان سيناريو القصة التي بدأت منذ نحو نصف قرن عندما تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية مع شيوعية الاتحاد السوفيتي السابق بكل ما حمله هذا التعامل من حرب أفكار وغزو للقلوب والعقول بملايين الدولارات.
                    ويمضي التقرير مشيرا إلي أنه أثناء حرب الأفكار الأمريكية ضد الشيوعية كونت الولايات المتحدة الأمريكية شبكة دعائية ضمت مفكرين ورجال دين وكتابا وصحفيين وممثلين.. ونشرت أمريكا مئات المتخصصين في فن صناعة المعلومات في الخارج كما جندت استوديوهات هوليوود بكل إمكانياتها الهائلة لكي تصدر للعالم معلومات عن 'خير أمريكا' و'شر الشيوعية'.. كما أنشأت مراكز ومكتبات أمريكية ثقافية في العواصم الأجنبية.
                    كما أطلقت محطتي راديو 'أوروبا الحرة' وراديو 'الحرية' الإذاعيتين.. واشترت أحزابا بعينها في اليابان وإيطاليا.. وخصصت مبالغ ضخمة لصحفيين كبار ومفكرين بارزين وزعماء سياسيين وكل هذا كان يتم تحت إشراف وكالة المعلومات الأمريكية التي أجبر الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون علي إصدار قرار بحلها ودمجها في وزارة الخارجية الأمريكية عام 1999 علي اعتبار أن مهامها كانت مختصة بالحرب الباردة.. لكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عاود المسئولون الأمريكيون البحث عن كيفية توصيل رسائلهم لخارج الحدود الأمريكية خاصة بعد أن رفض كثيرون في العالم الإسلامي تصديق مجرد أن العرب كانوا وراء الهجمات التي وقعت ضد مبني البنتاجون ومركز التجارة العالمي.
                    ولهذا الهدف أنشأ المسئولون الأمريكيون 'تحالف مراكز معلوماتية' في واشنطن ولندن وإسلام آباد.. لكن تلك المراكز اقتصر دورها علي إذاعة الأخبار الهامة ولم تحقق تأثيرا يذكر خاصة أن هناك شبكة من القنوات الفضائية العربية مثل قناة 'الجزيرة' تستحوذ علي القدر الأكبر من المشاهدة داخل العالم الإسلامي والعربي.. وعلي الرغم من ملايين النشرات التي تم توزيعها علي العالم الإسلامي بداية من الكتب الكوميدية وانتهاء بالمجلدات الكبري التي خصصت كلها لغسل الأدمغة فإن الولايات المتحدة الأمريكية انتهت إلي أن تأثير ذلك كله كان محدودا في مواجهة 'اتنظيم القاعدة.. وكرد فعل لذلك شكل القادة العسكريون الأمريكيون مكتبا جديدا للتأثير الاستراتيجي تكون مسئوليته شن حرب إعلامية ضد 'الإرهاب الإسلامي' وضد الفكر الذي ينتهجه تنظيم القاعدة.. لكن التقارير المفبركة التي صدرت من قبل هذا المركز عجلت بغلق أبوابه بعد أربعة أشهر فقط من افتتاحه.
                    ويضيف كابلان أنه كرد فعل لغلق هذا المركز أحس كولين باول بأن علي الخارجية الأمريكية دورا يجب أن تؤديه في إطار حرب الأفكار تلك.. وبالفعل أتي باول بشارلوت بيرز والتي رأست اثنتين من أكبر عشر وكالات إعلانية في العالم لكي تحمل علي عاتقها تلك المهمة.. وحسب ما نقله 'كابلان' عن بيرز فإن المهمة لم تكن سهلة خاصة أن ما قامت به من حملات إعلامية كان عرضة للنقد من جانب الصحف الأمريكية رغم أنها حققت نجاحات حسب قولها داخل المجتمعات الإسلامية.. وهو ما اضطرها للانسحاب في مارس عام 2003 في نفس الوقت الذي كانت فيه القوات الأمريكية تشن حربها ضد العراق.. وهي الحرب التي بدت في عيون وعقول وقلوب ملايين المسلمين في صورة تأكيد علي الامبريالية الأمريكية.
                    وبدا المشهد في إطار أن الولايات المتحدة الأمريكية تغزو وتحتل بلدا عربيا غنيا بالنفط وأنها تدس أنفها في قلب العالم وتدعم 'إسرائيل' علي حساب الفلسطينيين وتدعو للديمقراطية في ذات الوقت الذي تعتمد فيه علي رجال أقوياء من مصر وباكستان حتي أن أسامة سيبلاني ¬ ناشر جريدة 'أخبار العرب' الأمريكيين ذهب به الحال إلي القول إنه حتي لو أتت أمريكا بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم لكي يدافع عنها فلن تتمكن من تحسين صورتها أمام العالم الإسلامي.. لكن هذا الرأي لم يمنع باول ومن خلفه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية الحالية ومستشارة الرئيس الأمريكي لشئون الأمن القومي آنذاك من مواصلة شن حرب الأفكار.. وذلك من خلال إطلاق قناة 'الحرة' الفضائية التليفزيونية عام 2004 لتضم إلي إذاعة راديو 'سوا' التي أطلقت عام ..2002 ويستهدف الثنائي 'راديو سوا والحرة' العرب والمسلمين وكلاهما يخضع لتأثير المخابرات الأمريكية ومتخصصين نفسيين تابعين لوزارة الدفاع الأمريكية كما تحظيان بتمويل أمريكي يزداد يوما بعد يوم.
                    ويشير كابلان إلي الثورة الأمريكية الحقيقية في مواجهتها لما يجري في العالم الإسلامي من أحداث اندلعت الصيف الماضي عندما بدأ مجلس الأمن القومي الأمريكي إعادة تفعيل وغربلة الاستراتيجية الأمنية الخاصة بالبيت الأبيض والمتعلقة بمحاربة الإرهاب.. حيث تبني المجلس استراتيجية جديدة تقوم علي تقوية ودعم المعتدلين وفتح قنوات اتصال معهم والاعتماد علي حكومات مسلمة ومؤسسات سرية وجماعات لا تمتلك الدعم المادي.. وتكمن صعوبة تلك الاستراتيجية ¬ حسب ما نقله كابلان عن زينو باران المتخصصة في شئون الإرهاب بمركز نيكسون ¬ في أن 'الحرب الباردة كانت سهلة.. أما الحرب الحالية فهي شديدة الصعوبة ففي الحرب الباردة كان كفاح الأمريكيين كفاحا ضد ايديولوجية سياسية غير إلهية.. أما هذه الحرب فتقوم علي عناصر دينية.. وهو ما يعني أننا أمام مجموعة تؤمن بأن حربها تستند إلي دين إلهي.. وأعضاء الجماعات الإسلامية المسلحة تحركهم نزعات هذا الدين حتي ولو من منطلق ايديولوجي فاشيستي'.
                    وحسب ما أورده كابلان فإن المملكة أنفقت أكثر من 75 مليار دولار منذ عام 1975 لدعم ونشر الأفكار الوهابية الأصولية.. وقامت المملكة بتمويل مئات المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية بالخارج لمواجهة حركات الكفر والالحاد.. كما أنها دعمت الحركات الجهادية في حوالي 20 دولة. وهو ما جعل البعض داخل دوائر صنع القرار الأمريكي يطالب بتوسيع دائرة المواجهة من خلال فتح قنوات اتصال مع جماعات من خارج الدول الإسلامية.. اضافة إلي فتح قنوات اتصال من الأبواب الخلفية بأعضاء الجماعات الصوفية.. وكذلك مهادنة وتحسين علاقات واشنطن مع الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تنبذ العنف.. ويأتي علي قائمة تلك الجماعات جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928 ويقدر عدد أعضائها بعشرات الآلاف في العالم كله..
                    ويضيف الكاتب أن كثيرا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر والأردن يوجهون انتقادات حادة لتنظيم القاعدة.. وينقل كابلان عن ميلت بيرد ¬ الذي أمضي أكثر من ثلاثين عاما من حياته العملية في المخابرات الأمريكية¬ قوله: إن الإخوان المسلمين هم الطرف الأقوي في حل المشكلة مع تنظيمات مثل القاعدة'..
                    ويتمادي بيردن قائلا: إن ضباط المخابرات الأمريكية التقوا ليس فقط مع الإخوان المسلمين وإنما أيضا مع غيرها من الجماعات بما فيها تلك التي خرجت منها طالبان .. كما فتحت المخابرات الأمريكية قنوات اتصال مع رجال دين ممن أصدروا فتاوي تقضي بعدم شرعية الجهاد ضد الولايات المتحدة الأمريكية وأقنعت أعضاء الجماعات المسلحة الموجودين في السجون بنبذ العنف ( الجماعة الاسلامية في مصر).
                    ويضيف الصحفي الأمريكي في تحقيقه أن المخابرات الأمريكية ابتكرت أساليب جديدة في حرب الأفكار تلك.. ومن بين تلك الاساليب أن الولايات المتحدة الأمريكية ضخت أموالا هائلة تم رفعها للجماعات الإسلامية المسلحة ذات المواقف المحايدة تجاه واشنطن.. كما أنها ذهبت لما هو أبعد بضخ أموال ضخمة للوعاظ المناوئين للولايات المتحدة الأمريكية بهدف خلق زعامات دينية بديلة.
                    وينقل كابلان عن أحد المصادر المخابراتية الأمريكية قوله 'الخطة تقوم علي أساس أنه
                    إذا كان هناك الملا عمر بأحد الشوارع فلتحلق له الملا برادر في الشارع الآخر'.
                    ( اي محاولة احتواء حرب العصابات و السيطرة عليها من خلال شخصيات يمكن احتوائها).
                    ننوه هنا انه يوجى بالفعل احد قيادات حركة الطالبان يقود مجموعة مسلحة لمقاومة الامريكان باسم الملا برادر وينافس الملا عمر في الحركة ويقال ان له علاقة بالاستخبارات الباكستانية.

                    والأكثر من ذلك حسب ما ذكر الصحفي الأمريكي في تحقيقه أن المخابرات الأمريكية عمدت إلي انشاء مواقع انترنت جهادية.. كما أنها استهدفت وسائل الإعلام العربية والإسلامية وإن كانت قد فعلت ذلك بحذر شديد.. وكشف الكاتب الأمريكي النقاب عن أن مكتب تبادل المعلومات التابع للمخابرات الأمريكية استضاف في فبراير الماضي مؤتمرا تضمنت أجندته التركيز علي التأثير في ست دول هي الصين ومصر وفرنسا واندونيسيا ونيجيريا وفنزويلا.
                    ويمضي الصحفي الأمريكي في تحقيقه مشيرا إلي أن المخابرات الأمريكية لم تكن وحدها في حرب غزو عقول وقلوب المسلمين حيث لعبت الإدارة الأمريكية ومن ورائها كافة الدوائر الأمريكية المختصة بالتصديق علي الميزانية دورا بارزا في زيادة الميزانية الخاصة بتلك الحرب بما قيمته 1.3 مليار سنويا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر.. كما أن قناة الحرة استحوذت علي نسبة مشاهدة تراوحت ما بين 20 و 33 % من مشاهدي القنوات الفضائية في الدول العربية وهو رقم مشكوك فيه، وهو ما دفع المخابرات الأمريكية حسب ما ورد في التحقيق إلي التفكير في مد بثها إلي الناطقين باللغة العربية في أوربا وكذلك بث محطات اذاعية فارسية في إيران.. وعلي مدي السنوات الثلاث التي تلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر زادت المساعدات الأمريكية للخارج بنحو ثلاث مرات لتبلغ ما يزيد علي 21 مليار دولار. وأكثر من نصف هذه المساعدات المالية تشق طريقها إلي العالم الإسلامي.. وتم تخصيص جزء كبير من هذه المبالغ لصالح الوجوه السياسية البارزة في العالم الإسلامي ممن تتفق أفكارهم الإصلاحية مع الأفكار الأمريكية إضافة إلي تمويل وسائل الإعلام المستقلة التي تتفق رؤاها مع الرؤي الأمريكية. كما أن جزءا من تلك المنح يوجه إلي الجماعات الإسلامية.. وفيما هو أشبه بمخطط نابليون بونابرت الاستعماري في التمسح بالدين الإسلامي كوسيلة وكسلاح لغزو عقول وقلوب المسلمين يشير الصحفي الأمريكي في تحقيقه إلي أن المخابرات الأمريكية والحكومة الأمريكية تعمدتا اختراق المجتمعات الإسلامية من خلال برامج ذات صبغة إسلامية كالمشاركة في الانفاق علي تمويل المساجد التاريخية في مصر وباكستان وتركمانستان.. أو المشاركة في تمويل أحد الأضرحة الصوفية قيرغيزستان أو الحفاظ علي نسخ من مصاحف يعود تاريخها إلي عصور قديمة.. كما أن جزءا من المساعدات الأمريكية تم تخصيصه لتدريب وعاظ المساجد وترجمة الكتب وإعداد البرامج التليفزيونية والاذاعية.. ومن بين تلك البرامج برنامج عالم سمسم الذي يعرضه التليفزيون المصري بانتظام.. وتتضمن أجندة هيئة المعونة الأمريكية اقامة ورش عمل لتوعية وعاظ المساجد المسلمين والمشاركة في إعداد مناهج دراسية بدءا من مناهج المدارس وانتهاء بالمناهج الجامعية.
                    ويمضي الصحفي في تحقيقه مشيرا إلي أن علي أمريكا أن تعرٌف الشعوب الإسلامية بقيمة تلك المساعدات. وعلي طريقة 'المعايرة' يشير الكاتب إلي أنه لا يعقل ألا يعلم المصريون أن حجم المساعدات التي تقدمها أمريكا لمصر هو الثاني، حيث إنه يقدر بنحو ملياري دولار سنويا..
                    وفي نهاية اكتوبر (تشرين الاول 2001 التقى في سرية تامة قادة وخبراء أجهزة استخبارات دولية من عدة دول اوربية وروسيا الاتحادية وبعض الدول العربية والهند . وتم هذا اللقاء " تحت رعاية وكالة الاستخبارات الاميركية ،حيث تدارسوا احتمالات استخدام بعض المنظمات الارهابية خاصة الاصولية منها لأسلحة دمار شامل.
                    وجاء هذا اللقاء الاستخباراتي الرفيع الذي الذي ضم خبراء لهم أوزان دولية يعد تواتر معلومات عن تزايد احتمالات وقوع هجمات مسلحة ضد المصالح والمؤسسات الاميركية والبريطانية والعربية والهندية والروسية في انحاء مختلفة من العالم وكذلك داخل أراضي هذه البلدان، وذلك من جانب مجموعات مسلحة أو افراد يسعون للانتقام من السياسات التي تتبعها حكومات هذه الدول لملاحقة وتطويق أنشطة المنظمات الأصولية.
                    والجديد في لقاء الاستخبارات الدولية الذي تم تحت عنوان "ملتقى الانتجلنسيا" هو ما توقعه العديد من المراقبين للشؤون الامنية الدولية من أن هذه الهجمات المحتملة من جانب المنظمات الراديكالية ستأخذ شكل عمليات كبيرة قادرة في حال نجاحها على الحاق أكبر خسائر ممكنة بالأرواح والممتلكات حتى تكون رادعا لحكومات الدول المستهدفة من جهة ، وكأداة لتأليب الرأي العام الداخلي عليها من جهة أخرى.
                    ووصل الأمر ببعض الخبراء الى القول ان أسلحة نووية وجرثومية وكيماوية قد تستخدم خلال هذه العمليات ، خاصة أنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أصبح هناك معرض ضخم للبيع ليس فقط من المواد النووية الصالحة مباشرة للدخول في صنع أسلحة نووية كاملة، وقد حصل عملاء اميركيون فعلا وفي نطاق امتحانهم لنظام الأمن الروسي في السنوات الماضية على العديد من القنابل النووية مقابل اسعار بخسة بالمقارنة مع سعر التكلفة.
                    واعترف الجنرال ليبيد المرشح السابق لرئاسة الكرملين أن روسيا فقدت 100 قنبلة نووية من الحجم الصغير، كان جزء رئيسي منها في ترسانة المخابرات السوفياتية "كي جي بي" واشار الى أن هذه القنابل يمكن ان توضع في حقيبة عادية ولكن قوتها تفوق عدة مرات القنبلة التي ألقيت على هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية..
                    ورسم الخبراء الامنيون الدوليون ثلاثة سيناريوهات متوقعة في ما لو قامت تلك المنظمات الارهابية بتوجيه عمليات انتقامية ، متفقين على أن الشرق الأوسط سيكون بمثابة "مسرح العمليات" الرئيسي الأكثر عرضة لتنفيذ مثل تلك العمليات. ولكن قبل رسم السيناريوهات المرعبة، رصد المجتمعون من خبراء الاستخبارات المنطقات المشتركة والظروف المهيأة وفقا لما اشارت اليه تكنولوجيا الرصد المعلوماتي المتوافرة حاليا وكذا مقترحات الحد من التسلح والمفاهيم الخاصة بالدفاعات الصاروخية، أن الاخطار الرئيسية تأتي من بعض الدول بنفس القدر المحتمل حدوثه من جانب بعض المنظمات وفقا للمنطلقات المشتركة في ما بينها.
                    ويرى هؤلاء الخبراء ان الجماعات الارهابية قد تجنح لمخاطرات مأساوية وكذلك الحال مع بعض القادة الذين يرون في أنفسهم الدولة أو يرون ان الشهادة بدليلاً عن النصر ، كما ان المنظمات الارهابية سبق لها ان حاولت بالفعل استخدام اسلحة الكيماوية والبيولوجية في متناول العديد من الحركات الارهابية والمتطرفة وتستطيع بعض الدول دعم ومساعدة هذه الحركات بهذه الاسلحة بأسلوب غير مباشر وانكار أنها لا تفعل ذلك.
                    في الوقت ذاته فإن الانفجار الذي اخرج مشاة البحرية الاميركية في لبنان أظهر رد فعل القوى الذي تحدثه الاعمال الارهابية الضخمة، وهو نفس التأثير الذي خلفه على وسائل الاعلام في التفجير الذي وقع في مدينة اوكلاهوما الاميركية وبنفس الحال ايضا مع التفجيرات الاستشهادية لجماعة "حماس".
                    ويقول الخبراء ان الاسلحة البيولوجية والكيماوية تفرض مشكلة من نوع خاص لأنه يمكن استخدامها من خلال عدة طرق، ففي احدى المرات تم استخدام السموم الكيماوية بغرض تلويث محاصيل الفاكهة "الإسرائيلية" ، والمواد البيولوجية المعدية يمكن استغلالها لنشر الامراض المحلية أو إحداث أمراض على مدى بعيد ، وغازات الاعصاب المستقرة يمكن استخدامها في الانفاق والمباني الضخمة ومراكز التسوق لإحداث خسائر فورية ومشكلات تظهر على المدى البعيد، والخلط بين المواد الكيماوية والبيولوجية من شأنه ان يفقد وسائل الدفاع والأقنعة والأمصال فعاليتها.
                    ووضع المجتمعون من خبراء وقادة أجهزة الاستخبارات سيناريوهات عملية محتملة في بعض البلدان والاماكن الاستراتيجية في العالم.
                    وكشفت صحيفة " كلارين" الأرجنتينية ، أن بوش أعطي المخابرات المركزية الأمريكية ، صلاحيات تمكنها من التدخل في أي جزء من العالم .
                    وقالت الصحيفة "إن حكومة الولايات المتحدة أعلنت مؤخرًا أن أهم التغييرات الهيكلية التي طرأت علي منظمات الاستخبارات الأمريكية منذ انتهاء الحرب الباردة ، هو التدخل في أي مكان في العالم ، لأنها أحدي تعهدات الرئيس جورج بوش ، علي خلق أجهزة ذات قدرة عالية علي مواجهة التهديدات الراهنة " .
                    وأوضحت الصحيفة " أن النظام الجديد يضم خمسة عشر جهازًا استخباريًا تحت تنسيق مركزي لإدارة وطنية للمخابرات ".
                    وأوضحت الصحيفة " أن الإصلاح يستهدف من جهة تكييف أجهزة المخابرات الأمريكية ـ المعتادة علي العمل في إطار الحرب الباردة ومكافحة الشيوعية ـ علي العمل في محيط دولي له أعداء جدد وتهديدات مثل تلك التي تمثلها ما تدعى بالحركات " الإسلامية " المسلحة .


                    ملحق
                    وثائق للاستخبارات الامريكية
                    تقرير مجلس الاستخبارات القومي الامريكي
                    توقعات للعقد الحالي حتى 2015
                    جاء في دراسة أشرفت عليها وكالة المخابرات المركزية، وتستشرف آفاق مستقبل النظام العالمي الجديد ودور الولايات المتحدة حتى عام 2015.
                    ان النفط سيواصل الاحتفاظ بأهميته كمصدر رئيسي للطاقة رغم انحسار أهميته كمصدر رئيسي لدخل بعض الدول التي تنتجه.
                    وأشار التقرير الى عدة عوامل اعتبر أنها ستحدد ماهية الأوضاع التي سيكون عليها العالم في عام 2015، وهذه العوامل هي: السكان والموارد الطبيعية والبيئة وتطور العلوم والتكنولوجيا والاقتصاد العالمي والعولمة والسياسات الوطنية والدولية والنزاعات المستقبلية ودور الولايات المتحدة كقوة عظمى.
                    ويشير التقرير في بدايته الى التغيير الذى طرأ على أسلوب وضعه، مقارنة بالأسلوب الذي استند اليه تقرير مشابه صدر في عام 1997 عن العالم في عام 2010. فخلال الأعوام الأربعة الماضية تبين أن ظاهرة العولمة باتت عاملا أكثر قوة في توقع ما سيكون عليه العالم في عام 2015، كما أن التحولات الاقتصادية العالمية بما فيها التطورات التي شهدتها منظمة التجارة العالمية، اضافة الى انتشار تقنية المعلومات باتت تلعب دورا أهم مما توقعه تقرير عام 1997، الذي لم يتنبأ بالأزمة الاقتصادية التي عصفت ببعض الدول الآسيوية.
                    ويلقي التقرير الأميركي ثقلا أكبر على أهمية السياسات التي ستتبعها الدول على المستوى الداخلي أو وهي تتعامل مع قضايا عالمية، كما يؤكد على أهمية كل من فرص التعاون بين الهيئات الحكومية وغير الحكومية، وتطور أساليب السيطرة على شبكات الاجرام والارهاب الدولية.
                    ويؤكد التقرير أهمية دور العلم والتكنولوجيا كعامل أساسي في التنمية الدولية، اضافة الى الأهمية المتزايدة لتقنية المعلومات والتقنية الدوائية وغيرها من التقنيات الحديثة التي يتوقع أن تشهد تطورا كبيرا حتى عام 2015. كما يشدد التقرير على الدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة، وهو الأمر الذي اتضح جليا خلال الأعوام الأربعة الماضية منذ اعداد التقرير السابق، مشيرا الى أن حدة الجدل بشأن تأثير "الهيمنة الأميركية" على سياساتها الداخلية والخارجية ستتصاعد في العديد من الدول.
                    تحديات المياه ويستعرض التقرير التطورات التي سيشهدها عدد من المجالات الحيوية كالسكان والموارد الطبيعية وتحديدا المياه والغذاء والطاقة والبيئة، كما يتناول قضايا ومناطق النزاع المحتملة، اضافة الى انتشار المعلومات وتعاظم النفوذ الصيني وانحسار النفوذ الروسي.
                    وتوقع التقرير أن يرتفع عدد سكان الأرض من 16 مليار نسمة في عام 2000 الى ما يقرب من 27 مليار نسمة في عام 2015، وأن يشهد معل الأعمار ارتفاعا في معظم دول العالم، مع ملاحظة ان نسبة كبيرة من زيادة السكان ستكون في الدول النامية.
                    وبالنسبة للموارد الطبيعية والبيئة، يتوقع التقرير الأميركي أن يسد اجمالي الناتج العالمي من الغذاء حاجة السكان المتزايدة، لكن المشاكل المتعلقة بضعف البنى التحتية وسوء التوزيع وحالات التوتر السياسي والفقر ستؤدي الى سوء تغذية في بعض أنحاء الصحراء الأفريقية ، كما ستظهر حالات من المجاعة في الدول ذات الأنظمة السياسية المستبدة أو تلك التي تعاني من نزاعات داخلية.
                    وتوقع التقرير أنه بالرغم من زيادة معدلات الطلب على الطاقة العالمية بنسبة 50 في المائة خلال الأعوام المقبلة، الا أن موارد الطاقة ستكون كفيلة بسد الحاجة، مشيرا الى أن ما يقل عن 80 في المائة من كميات النفط و95 في المائة من الغاز ما تزال في جوف الأرض.
                    ان منطقة الخليج ستواصل الاحتفاظ بأهميتها كأهم مصدر للنفط العالمي، الا أن سوق الطاقة قد يلجأ لأسلوبين في التوزيع: الأول يوفر حاجة كبار المستهلكين (بمن فيهم الولايات المتحدة) من احتياطيات حوض الأطلسي، والثاني يوفر بدرجة رئيسية حاجة السوق الآسيوية (وخاصة الصين والهند) من نفط منطقة الخليج، والى حد ما أقل أهمية من منطقة قزوين ووسط آسيا.
                    وبخلاف التنبؤات المتعلقة بالغذاء والطاقة، ستمثل تحديات المياه شأنا عظيم الأهمية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشبه الصحراء الأفريقية وجنوب آسيا وشمال الصين. حيث يتوقع التقرير أن تشتد حدة الخلافات الاقليمية بشأن المياه مع حلول عام 2015.
                    وتنبأ التقرير الأميركي أن يتعاظم تأثير ثورة المعلومات وتقنياتها ليشمل مجالات أخرى من العلوم والتكنولوجيا، وأن يكون لتكنولوجيا المعلومات أثر كبير أشبه بالأثر الذي خلفته الثورة الصناعية خلال أواسط القرن الثامن عشر. كما توقع بأن يتأثر الاقتصاد العالمي والعولمة بشكل كبير بحرية تدفق المعلومات والأفكار والقيم الثقافية ورأس المال والخدمات والبضائع والبشر، بحيث يكون للاقتصاد العالمي أثره في دعم الاستقرار السياسي في معظم الدول مع حلول عام 2015، رغم أن الفائدة قد لا تشمل الجميع كما يأمل البعض.
                    وأشار التقرير الى أن جميع دول العالم ستواصل الحرص على القيام بدورها على المسرح الدولي، لكن سيطرة الحكومات على تدفق المعلومات والتكنولوجيا والأمراض والمهاجرين والأسلحة والتحويلات المالية ستكون أقل في عام 2015 مما هي عليه الآن. وأوضح التقرير ان الهياكل الدولية التي لا تنتمي لدولة بعينها ابتداء من الشركات وحتى المنظمات غير الربحية ستلعب دورا أكبر في الشؤون المحلية والدولية، وأن طريقة تعامل الدول مع هذه القضايا محليا ودوليا ستبين مدى تأقلمها كدول ومجتمعات مع المتغيرات الدولية. ان الدول التي لا تتوفر لديها أنظمة ادارية فعالة لن تتمكن من جني ثمار العولمة، كما انها والى حد ما ستعاني من مشاكل داخلية ومع العالم بحيث تتسع الفجوة بين المستفيدين والخاسرين بشكل أكبر مما هي عليه في وقتنا الحالي.
                    وتوقع التقرير أن تؤدي العولمة الى ارتفاع مستوى الشفافية في عملية صناعة القرار الحكومي، بحيث تتأثر قدرة الأنظمة المستبدة في المحافظة على سيطرتها، كما تتأثر العملية التقليدية للتحولات الديمقراطية.
                    مقاومة عملية التحول وفي ما يتعلق بالنزاعات المستقبلية ودور الولايات المتحدة على المستوى الدولي، أشار التقرير الى أن ثلاثة تحديات رئيسية قد تواجه الولايات المتحدة في هذا المجال. أولها التحديات غير المباشرة التي سيشكلها تجنب خصوم الولايات المتحدة الدخول في مواجهات عسكرية مباشرة معها. فهؤلاء سيلجأون لأساليب متطورة للحد من النفوذ الأميركي وكشف مواطن ضعفه. وثاني تلك التحديات يتمثل في الصواريخ ذات الرؤوس الحربية التي ستحتفظ بها كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية على الأرجح، وربما ايران والعراق، والتي ستشكل تهديدا للولايات المتحدة، خاصة اذا ما وصلت هذه الأسلحة لأيدي المجموعات التي لا تنتمي لبلد معين.
                    وثالث التحديات التي قد تواجهها الولايات المتحدة خلال عام 2015 تتمثل بالقوة العسكرية التي ستواصل بعض الدول الاحتفاظ بها جنبا الى جنب مع مفاهيم وتقنيات الحرب الباردة وما بعدها.
                    ويشير التقرير الى احتمال ظهور بوادر نزاع في آسيا ومنطقة الشرق الأوسط، كما يتوقع أن تتواصل النزاعات الداخلية لأسباب دينية أو عرقية أو اقتصادية أو سياسية خلال عام 2015 بمعدلاتها الحالية، وأن يتاح المجال لمنظمة الأمم المتحدة وللمنظمات الاقليمية لكي تتعامل مع هذه النزاعات، لأن الدول الكبرى التي ستكون مثقلة بقضاياها الداخلية، أو تخشى الفشل اذا ما تدخلت، أو لافتقارها للارادة السياسية أو لشحة مواردها المخصصة لهذة القضية، ستعمل على التقليل من ارتباطها المباشر بهذه النزاعات.
                    وفي ما يتعلق بالعقبات التي قد تواجه الاقتصاد العالمي الجديد أشار التقرير الى أهمية أن تعمل الولايات المتحدة على تجنب حدوث أشياء قد تؤثر على النمو الاقتصادي المتوقع، ومن بينها:
                    * اطالة أمد فترة التراجع التي قد يعاني منها الاقتصاد الأميركي.
                    * عدم تمكن أوروبا واليابان من التعامل مع التحديات السكانية التي تواجهها والتي قد تؤثر على أدائها الاقتصادي.
                    * عدم تمكن الصين أو الهند أو كلتاهما معا من المحافظة على ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي.
                    * عدم تمكن الأسواق الناشئة من اصلاح أوضاع مؤسساتها الاقتصادية، لأن ذلك قد يؤدي الى أزمات اقتصادية مستقبلية.
                    * تعرض مصادر الطاقة الدولية لمشاكل كبرى، لأن هذا قد يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي.
                    ولا يتوقع التقرير حدوث تحولات ايجابية في منطقة الشرق الأوسط من حيث السكان والموارد الطبيعية والعولمة وأسلوب الادارة مع حلول عام 2015. اذ يشير الى أن معظم الأنظمة في المنطقة ستواصل مقاومتها لعملية التحول، كما أن العديد مها سيستمر في الاعتماد على ايرادات النفط، ولن يجري الاصلاحات الضرورية بما فيها تلك المتعلقة بالتعليم.
                    وأشار التقرير الى أهمية أن تتخذ الدول النامية القرارات المناسبة بشأن استهلاك المياه، لأن هذه المشكلة قد تمثل مصدر توتر يثير القلق في العديد من أنحائها وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
                    الحروب المدمرة وفي ما يتعلق بالاستهلاك العالمي للطاقة، يشير التقرير الى أن دول العالم ستعمل على تحقيق الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة فيها، كما يتوقع أن يرتفع معدل الاستهلاك من حوالي 75 مليون برميل من النفط يوميا خلال عام 2000 الى ما يزيد عن 100 مليون برميل في اليوم الواحد خلال عام 2015. وهي زيادة تساوي تقريبا اجمالي الناتج الحالي للدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). ويتوقع التقرير أن تشهد منطقة الخليج ـ في حالة حدوث حرب ـ ارتفاعا كبيرا في مستوى انتاج النفط، وأن تحتل أهمية أكبر في سوق الطاقة العالمي، خاصة سوق النفط والغاز.
                    وتوقع التقرير ألا تتمكن الدول النامية التي تعاني من نزاعات داخلية أو اقليمية والتي لم تتمكن من تنويع اقتصادياتها، من تحقيق تقدم اقتصادي يذكر في ظل النظام العالمي الجديد، مشيرا الى أن اقتصاديات معظم دول الصحراء الأفريقية والشرق الأوسط وبعض دول أميركا اللاتينية ستواصل معاناتها نتيجة لتخلفها، وان ذلك سيظهر جليا من خلال تعاملها مع تحديات العولمة.
                    وشدد التقرير على أهمية التعليم في نجاح الشعوب والدول خلال عام 2015، ذلك ان الاقتصاد العالمي والتحولات التقنية ستفرض ضغوطا متعلقة بحاجة الدول للقوى العاملة المؤهلة، بحيث ستتضاعف الجهود التعليمية وخاصة تلك المتعلقة بتعليم الكبار.
                    وأشار التقرير الى أن الدول التي تعاني من تباطؤ النمو الاقتصادي فيها أو التي تتركز سلطاتها في أيدي طبقة معينة، أو تلك التي تعاني من ضعف في دور القانون أو في الحقوق المدنية وحقوق الأقليات، ستظهر فيها حالات معاناة، قد تؤدي الى زيادة حدة التوتر فيها.
                    وفي هذا الاطار يتوقع التقرير أن تمثل النزاعات المحتملة مستقبلا، تهديدا متواصلا للاستقرار في أنحاء العالم. فالحروب الداخلية قد تتحول الى حروب مدمرة نظرا لتوفر تقنيات حديثة.
                    بالاضافة الى ذلك يعتبر التقرير أن ظاهرة الارهاب الدولي قد تعثر على ضالتها المنشودة في الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية أو عرقية أو دينية أو حدودية.
                    وأشار التقرير الى أن بعض دول الشرق الأوسط ستواصل مساعيها لتطوير قدراتها العسكرية والتسليحية المدمرة. وقد تقرر بعضها الاحتفاظ بأعداد هائلة في قواتها المسلحة لاستيعاب الشباب من العاطلين، لكن هؤلاء سيكونون أقل تدريبا وتسليحا. وبدلا من التورط في حروب تقليدية قد تشهد المنطقة تصاعدا في الأنشطة الارهابية وفي أحداث التوتر والقلق الداخلي. فبالنسبة لأيران التي تمتلك بعض الأسلحة المتطورة، وفقا للتقرير، فقد تبدأ ببعض التجارب المثيرة للجدل خلال عام 2004 وربما تقتحم عالم الفضاء في القريب العاجل.
                    أما بالنسبة للعراق، فيتوقع التقرير أن ترتبط قدرته على امتلاك أسلحة متطورة بمدى تأثير مجلس الأمن الدولي على مجريات الأحداث في العراق. ووفقا لبعض التوقعات يشير التقرير الى أن العراق قد يجري تجارب نووية مثيرة قبل حلول عام 2015، مع ملاحظة ان الدعم الخارجي للعراق هو الذي سيؤثر على قدرات الصواريخ العراقية سلبا أم ايجابا.
                    يشير التقرير الأميركي الى أنه بحلول عام 2015 سيتعين عل حكومات دول منطقة الشرق الأوسط ـ من المغرب الى ايران ـ أن تتأقلم مع الضغوط السكانية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن عوامل داخلية أو عوامل لها علاقة بالعولمة. ولن يكون بامكان آيديولوجية أو فلسفة واحدة أن توحد دولة واحدة أو مجموعة من الدول ردا على تلك التحديات، رغم اتساع حدة مقاومة العولمة، باعتبار أنها ظاهرة غربية.
                    ويتوقع التقرير أن يصبح الاسلام السياسي، على اختلاف أشكاله، بديلا يشد انتباه ملايين المسلمين في المنطقة ، وأن تواصل الجماعات الأصولية تحريك القوى السياسية والاجتماعية.
                    كما يتوقع التقرير أن تتمكن اسرائيل بحلول عام 2015 من المحافظة على "سلام بارد" مع جيرانها في اطار علاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية محدودة للغاية. وتوقع أن تكون هناك دولة فلسطينية، مع استمرار التوتر الاسرائيلي ـ الفلسطيني الذي قد يتحول أحيانا الى أزمات.
                    وأشار التقرير الى أن خلافات قديمة بين الدول الكبرى في المنطقة ـ كمصر وسورية والعراق وايران ـ قد تظهر على السطح، كما قد يبرز الاهتمام العالمي مجددا بمنطقة الخليج، على اعتبار انها تمثل مصدرا مهما للطاقة، كما ان عائدات النفط المتوقعة للعراق وايران والمملكة العربية السعودية بالتحديد ستوفر لهذه الدول فرصا استراتيجية مهمة.
                    ويؤكد التقرير على أهمية ما ستشكله الضعوط السكانية على مجريات الأمور في دول منطقة الشرق الأوسط حتى عام 2015، خاصة الضغوط المتعلقة بتوفير فرص العمل والاسكان والخدمات العامة.
                    ويعتبر التقرير انه باستثناء اسرائيل، ستواصل دول منطقة الشرق الأوسط النظر الى العولمة باعتبارها تحديا أكثر منها فرصة للتحول. ورغم أن خدمات شبكة المعلومات (انترنت) ستظل محدودة ومحصورة في أيدي نخبة معينة لتكاليفها الباهظة ولغير ذلك من الأسباب، الا أن ثورة المعلومات وغيرها من التحولات التقنية الحديثة سيكون لها آثارها على دول المنطقة.
                    كما يشير التقرير الى أن معظم حكومات دول منطقة الشرق الأوسط، ورغم ادراكها لأهمية القيام بعمليات اعادة بناء اقتصادية وربما سياسية، الا أنها ستمضي قدما في هذا المجال بحذر شديد خشية التأثير على سلطاتها.
                    ومع تبني بعض الحكومات والقطاعات للاقتصاد الجديد وللمجتمع المدني في الوقت الذي ستواصل قطاعات أخرى التمسك برؤاها التقليدية، يتوقع التقرير حدوث بعض المواجهات في دول المنطقة بحلول عام 2015. وقد يتمكن الاسلاميون من الوصول للسلطة في دول كانت قد بدأت رحلتها نحو التعددية السياسية وفقدت فيها النخبة العلمانية جاذبيتها.
                    أربعة سيناريوهات ويصل التقرير في فصله الأخير الى التنبؤ بأربعة بدائل لما سيشهده العالم بحلول عام 2015، وهي:
                    * السيناريو الأول ويتمثل في عولمة شاملة حيث تتحد العوامل المتعلقة بالنمو الاقتصادي والسكان والادارة الفعالة مجتمعة لتمكين غالبية سكان العالم من الاستفادة من العولمة.
                    * السيناريو الثاني ويتمثل في عولمة مؤلمة، حيث تستفيد النخبة من ظاهرة العولمة في الوقت الذي تستمر فيه معاناة أغلبية سكان العالم. وهنا سيكون للنمو السكاني ولشحة الموارد دور كبير في تثبيط همم العديد من الدول النامية، كما ستصبح ظاهرة الهجرة مصدرا للتوتر بين الدول. ولن تتمكن التكنولوجيا من حل مشاكل الدول النامية كما انها ستتعرض لسوء استخدام من قبل شبكات لا تريد الاستفادة منها لمصلحة أغلبية السكان. وهنا سينقسم الاقتصاد العالمي الى ثلاثة أجزاء، حيث سيتواصل النمو في الدول المتقدمة فقط، كما ستتواصل معاناة العديد من الدول النامية، الأمر الذي سيؤدي الى اتساع الفجوة بينها وبين العالم المتقدم.
                    * السيناريو الثالث، ويتمثل في ازدهار التنافس الاقليمي، حيث ستبرز الهويات الاقليمية في أوروبا وآسيا والأميركيتين، نظرا لتزايد المقاومة السياسية في أوروبا وشرق آسيا لنفوذ الولايات المتحدة وللعولمة التي تقودها.
                    * السيناريو الرابع ويتمثل في عالم ما بعد هيمنة القطب الواحد، حيث تتصاعد حدة التوتر السياسي والاقتصادي بين الولايات المتحدة وأوروبا، وينهار تحالفهما، وتسحب أميركا قواتها من أوروبا، كما تتجه الأخيرة بعيدا عن الولايات المتحدة وتؤسس هيئاتها الاقليمية الخاصة بها. وفي الوقت نفسه قد تبرز أزمات حكومية في أميركا اللاتينية وخاصة في كولومبيا وكوبا والمكسيك وبنما، بحيث تضطر الولايات المتحدة للتركيز على اقليمها فقط.
                    ويؤكد التقرير أن تنظيم القاعدة وعلى مدار الخمسة عشر عامًا القادمة سينجح في استبدال عناصره المقاتلة والفدائيين المتعاطفين معه، بأناس مسلمين عاديين لم يكن من الوارد مطلقًا أن تحوم حولهم شكوك أو شبهات الارتباط بأي نشاط 'إرهابي'، وذلك من خلال قدرات القاعدة المتزايدة على استغلال التكنولوجيا الحديثة والتي ستتطور في السنوات القادمة بشكل متسارع.
                    وقال التقرير الصادر عن المجلس الذي يضم عددًا من أبرز قيادات وكوادر وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابقين: 'من المتوقع بشدة أن تنظيم القاعدة مع حلول عام 2020 سيكون قد نجح تمامًا في خلق وجذب تنظيمات إسلامية جديدة تستلهم نفس منهجه وتسير ساعية لتحقيق نفس الأهداف'.
                    وأضاف التقرير وفقًا لصحيفة ديبيكا جلوبال: 'إن أخطر ما في الأمر أن الفدائيين الإسلاميين الذين تعمل القاعدة من خلالهم اليوم والذين يستخدمون في الغالب أسلحة تقليدية وباتوا يسيطرون على أكثر من بؤرة في أرجاء العالم حاليًا، سيتم استبدالهم بأجيال جديدة قد تكون لديها القدرة اللازمة لاكتساب الأسلحة البيولوجية أو الإمكانيات النووية'.
                    تم بحمد الله تعالى
                    1427-2006


                    المصادر:
                    1- المخابرات و العالم- اربع مجلدات– لسعيد الجزائري
                    2- مجلة النوزويك الاعداد من 1488-1512
                    3- موقع ال سي اي ايه على شبكة الانترنت
                    4- موقع وكالة الفضاء الامريكية – ناسا على شبكة الانترنت
                    5- موقع الاف بي اي على شبكة الانترنت.
                    6- موسوعة الجهاد الصادرة عن مكتب الخدمات – باكستان.
                    7- مجلة التجسس العالمي العدد 145
                    8- موقع اجهزة الجواسيس الالكترونية
                    9-موقع اسلام اون لاين.
                    10- التحالف الأسود - للصحفي (جاري ويب) عام 1996
                    11- صحيفة "نيويورك تايمز الاعداد 512-513 -514
                    12-صحيفة واشنطن بوست الاعداد 767-768 -769
                    13- صحيفة "لوس انجلوس تايمز". العدد 1379
                    14- "الحجاب".. الحروب السرية للـ"سي.آي.إيه- لبوب وود
                    15- " المخابرات في سوق الثقافة - لساوندرز
                    16- مذكرات جون بيركنز- احد عملاء الاستخبارات الامريكية
                    17- صحيفة واشنطن بوست الصادرة في 16/ 5/ 2003
                    18- اللاعب واللعبة- لمايلز كوبلاند.
                    19- موقع الجزيرة نت.
                    20- موقع مجلة الوطن الفلسطينية.
                    21- مجلة يو إس نيوز الأمريكية العدد438.
                    22- تعريب اليس اي ايه – لسعيد محيو
                    23- موقع مستقبليات على الانترنيت.
                    24- المركز الفلسطيني للمعلومات.












                    قريبا للمؤلف:
                    دليل الامن في الحرب العالمية الثالثة

                    تعليق


                    • #11
                      رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                      .

                      أخي مسلم - نجدي ..بورك فيك ..

                      الموقع ( محجوب ) وبحثت عن الكتاب ولكن كل الطرق تؤدي إلى المقريزي !!


                      فهل هذا كل الكتاب .. ؟



                      .
                      التعديل الأخير تم بواسطة حطين; 14/08/2006, 03:46 AM.

                      تعليق


                      • #12
                        رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                        المشاركة الأصلية بواسطة حطين
                        .

                        أخي مسلم - نجدي ..بورك فيك ..

                        الموقع ( محجوب ) وبحثت عن الكتاب ولكن كل الطرق تؤدي إلى المقريزي !!


                        فهل هذا كل الكتاب .. ؟



                        .
                        بارك الله فيك أخي

                        نعم هذا كل الكتاب لا ينقصه غير غلافه(موجود فوق) والإهداء.

                        تعليق


                        • #13
                          رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                          أخي الكريم الملف معطوب حتى من على موقع المقريزي

                          فرجاء لو كنت تمكنت من تحميله قبل إعطابه


                          أن تعيد تحميله على موقع آخر

                          تعليق


                          • #14
                            رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                            جزاك الله كل خير أخواني الكرام

                            تعليق


                            • #15
                              رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                              بارك الله فيكم
                              سأتي لكم إن شاء الله بروابط جديدة

                              تعليق


                              • #16
                                رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                بارك الله فيك أخي الكريم ,,,,,

                                تعليق


                                • #17
                                  رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                  بسم الله الرحمن الرحيم

                                  تقترب الذكرى الخامسة لأحداث 11 سبتمبر 2001 وهي واحدة من (( من الأحداث المدروسة المفتعلة )) التي خططت لها ونفذتها الصهيونية – الأمريكية وألبستها ملابس المسلمين ، ومن أخطر الحوادث والخدع التي تدخل في عداد (( المؤامرات الكُبرى )) أذكر فقط بعضها :

                                  1 - افتعال أحداث الجزائر – المجازر الرمضانية بالأخص .
                                  2 – خدعة حرب الخليج الأولى والإعلان عن النظام العالمي الجديد.
                                  3 – إنهيار الاتحاد السوفييتي واليوغسلافي .
                                  4 - حوادث الاغتيالات الشهيرة وآخرها ما حصل في لبنان


                                  ومن أشهر الخدع الإعلامية العالمية التي لم تؤدي إلى تداعيات

                                  ((( خدعة وصول رواد الفضاء الأمريكيين إلى القمر وعودتهم ))) . .




                                  إنها سلسلة مترابطة من أحداث مفتعلة مدروسة بعناية فائقة ، وبعضها عبارة عن إستغلال الأحداث والأزمات أو تجهيز الأرضية المناسبة لتحقيق هدف معين وهو السيطرة على العالم ومقدرات الشعوب .


                                  لا يزال هناك من يتحدث عن (( القاعدة !!!! )) ويُردد مقالات وأقوال أمريكية

                                  هذا هو فحوى الكتاب !!! مع الأسف الشديد !!!!

                                  هذا الكتاب هو وجهة نظر أحد موظفي المخابرات المركزية الأمريكية كما ورد في كتابه .
                                  وهي وجهة النظر الأمريكية – الصهيونية التي يجب أن نُصدقها .
                                  هذه هي الأكاذيب والخرافات .


                                  لم أجد بين مئات المقالات للكتاب العرب من قام بدراسة جدية لأي من الحوادث المذكورة قبل أن يطرح رأيه بالموضوع . معظم الكتاب قام بالتعليق على نشرات الأخبار لا أكثر ولا أقل ، أي أنهم تبنوا بالحقيقة وجهة النظر الأمريكية أو البريطانية أو غيرها . إلا أن البعض منهم ، مع مرور الزمن بدأ يتشكك .

                                  بعد خمسة سنوات الأكثرية من عامة الناس (( حسب استطلاعات الرأي )) ليست مقتنعة بهذه القصة ولكن لا يعرفون كيف حصلت بالواقع .

                                  هذا الحديث يتكرر فيما يخص افتعال تفجيرات لندن ، مدريد ، أكثر تفجيرات السعودية ، مقتل الحريري وغيره في لبنان .


                                  تمهيد

                                  المتتبع لأحداث 11 سبتمبر 2001 يضطر إن عاجلاً أو آجلاً أن يُعيد النظر بجميع ما نُشر من أخبار وتقارير وتحقيقات بل أيضاً ما يعتقده البعض أنه شاهد بثاً حياً مباشراً للأحداث ، فيكتشف أنه وقع في أكبر عملية خداع حصلت في تاريخ العالم ، ولكن أغلبية الناس ستستمر على قناعتها الزائفة حسب الرواية الرسمية للأحداث التي تعتمد أساساً على أنه صباح يوم 11 سبتمبر 2001 قام تسعة عشر من العرب المسلمين باختطاف أربعة طائرات ركاب أمريكية في أقل من ساعة بعد إقلاعها من ثلاثة مطارات في المنطقة الشمالية الشرقية ( بوسطن – نيويورك – واشنطن ) ، اثنتان اتجهتا إلى نيويورك واصطدمتا ببرجي مركز التجارة العالمي مما سبب في انهيار الأبراج ، الثالثة ضربت الجناح الغربي لوزارة الدفاع – البنتاغون – بالقرب من واشنطن ، والرابعة سقطت في بنسلفانيا .

                                  يكفي للتأكد من أن هذه الرواية تحوي مستحيلات علمية وعملية ، ومتناقضات وتعج بالأكاذيب ولا توضح الوقائع الفعلية ، وبالتالي لا يمكن للعقل السليم القبول بها ، فعلى المرء ليتأكد من ذلك مراجعة ما بثته الفضائيات ومختلف وسائل الإعلام والتمعن بها قليلاً ومحاولة فهمها ليتوصل إلى حقائق مذهلة فعلاً تنسف من جذورها الرواية الرسمية .


                                  يوم 11 سبتمبر 2001

                                  1 – لم يختطف أحد طائرات ولا يوجد تسعة عشر أشباح ، بل مجرد أسماء .
                                  2 – لم تصطدم طائرات بالأبراج ولا بمبنى البنتاغون .

                                  إنها أكبر خدعة إعلامية حصلت في التاريخ .


                                  وهذا تحدي لمن يشاء !!!!

                                  مونابا – البياني

                                  تعليق


                                  • #18
                                    رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                    أهلاً



                                    مونابا في شبكة فلسطين


                                    يا مرحبا يا مرحبا



                                    أحد المتخلفين الذين يتبنون نظرية المؤامرة في منتديات السقيفة..
                                    طبعاً نظرية "أن أمريكا قوية والمسلمين ضعفاء"

                                    كملت



                                    تعليق


                                    • #19
                                      رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                      المشاركة الأصلية بواسطة فسطاط الإيمان
                                      أهلاً



                                      مونابا في شبكة فلسطين


                                      يا مرحبا يا مرحبا



                                      أحد المتخلفين الذين يتبنون نظرية المؤامرة في منتديات السقيفة..
                                      طبعاً نظرية "أن أمريكا قوية والمسلمين ضعفاء"

                                      كملت



                                      أهلا... أهلا

                                      في السابق تم إلغاء عضويتي تماما من السقيفة

                                      بعد إفلاس "السقيفة"

                                      ها هم (مفكروها) يهيمون في المنتديات

                                      تعليق


                                      • #20
                                        رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                        نعم والله الذي لا إله إلا هو !!
                                        أحداث 11 سبتمبر 2001 كانت خدعة إعلامية !!!
                                        تماماً مثل خدعة وصول رواد الفضاء الأمريكيين وعودتهم من القمر !!!!

                                        وكُل من يروج للغزوات هو :
                                        إما جاهل مسكين .
                                        أو مخدوع من وسائل الإعلام
                                        أو ضال مضلل منافق كذاب
                                        .


                                        خدعة أشبه بمسرحية تعج بالأكاذيب والمستحيلات من أجل إعلان حرب طويلة للسيطرة على الشرق الأوسط ومصادر النفط . حرب بدأت محلية محدودة قبل سنوات طويلة ، ثم تأجلت عشرة سنوات لتُصبح حرب الألفية الجديدة .

                                        والله ، لو وصفنا (( لأعمى )) أحداث يوم 11 – 9 – 2001 !!! فإنه سوف يضحك علينا ويقول أنكم شاهدتم مجرد فيلم سينمائي أو مسرحية اختلط فيها الحق والباطل فاختلفت الآراء والتحليلات ، لأنها اعتمدت على مجرد أخبار من وراء البحار ، دون التحقق من صحتها ومدى مطابقتها للواقع .

                                        إلى أن يستفيق العقلاء !!!!

                                        يستمر مسلسل الخداع ، ومسلسل الضغوط على الدول ، ومسلسل التفجيرات التي تتناسب مع مسيرة هذه الحرب الطويلة !!!!

                                        الأعمى !!! سيكتشف الخداع !!!

                                        الأعمى سيستفسر عن أدق الأمور التي تتعلق بطبيعة الأحداث ، ويُبين لنا كيف أمكن خداع المشاهدين لشاشات التلفزيون في أنحاء العالم بذلك البث الذي سموه (( بثاً مباشراً للأحداث )) !!!!

                                        الأعمى !!!

                                        حين تصف له تلك الأحداث ، ستقف عاجزاً عن الإجابة على بعض أسئلته حول التتابع الزمني للأحداث !!!
                                        ستعجز عن توضيح ما شاهده الملايين من أوهام طائرة تخترق مبنى من الأعمدة الفولاذية مخالفة بذلك أبسط القوانين الفيزيائية المعروفة !!!

                                        ستعجز عن تفسير تحول مباني بارتفاع 415 المتر إلى مجرد غبار في عشرة ثواني !!! ولا يبقى منها أكثر من رُبع الهيكل !!!!
                                        ستعجز عن تبرير انهيار برج من 47 دور ، يغوص في باطن الأرض الساعة 5.20 بعد ظهر ذلك اليوم . هذا هو البرج رقم 7 ، موجود على أطراف ساحة منهاتن في نيويورك ، بقي على حاله ، لم يمسسه سوء إلى ما بعد الظهر ، ثم بدؤوا بإشعال النار في المستندات والوثائق !!!

                                        لماذا ؟؟؟؟

                                        لأنه كان مقراً لعمدة بلدية نيويورك !!! مقراً لعدد من الشركات الكبرى !!! مقراً لمكتب خاص تابع للمخابرات المركزية للتجسس المالي والاقتصادي ، بل هو المقر الرئيسي لأشهر شركة توزع البطاقات المصرفية وهي أميريكان اكسبريس !!!!

                                        وفي نهاية وصفنا للأعمى ، والإجابة على أسئلته المحرجة ، سنضطر أن نعترف أننا اقتنعنا بمستحيلات لا يمكن أن تحصل في هذا الكون .

                                        حقيقة هذه الأحداث ليس من الصعب فهمها لمن يرغب فعلاً أن يفهمها . يجب فقط أن ينظر إلى عامل المكان والزمان الذي حصلت فيه الأحداث ، ربطها مع بعضها ، ثم التوصل إلى تصور واقعي بعيداً عن الخرافات ، المستحيلات ، وبعد ذلك له الحق أن يطرح رأياً حولها دون أن يتعارض مع الوقائع الفعلية .

                                        أي عالم أو مثقف ، سيقف حائراً ، ولن يجد الجواب عن بضعة أسئلة بدائية إلى أبعد الحدود .
                                        فعلى سبيل المثال ، لو سألت :

                                        1 – كم طائرة شاهدت على شاشات التلفزيون ؟؟؟
                                        سيكون الجواب (( صورة طائرة واحدة فقط )) تصطدم بالبرج الثاني .
                                        2 – أين بقية الطائرات المختطفة ؟؟
                                        لن تجد جواباً .

                                        ثم إذا سألت :

                                        هل هذه الطائرة (( الوحيدة )) التي شاهدت صورتها هي فعلاً طائرة مختطفة ؟؟
                                        أي هي البوينغ 767 ، رحلة رقم 175 ؟؟؟ وهل عندك دليلاً على ذلك ؟؟؟
                                        سيكون الجواب !! لا ليس عندي دليل ، بل هذا ما سمعناه في الأخبار .

                                        ثم إذا قُلت لفضيلة العالم أو الشيخ أو المحلل السياسي :

                                        يا سيدي العزيز !!!

                                        إن الصورة التي شاهدها الملايين ، ليست لطائرة بوينغ 767 ، الرحلة رقم 175 التي زعموا أنها مختطفة ، بل هي طائرة أُخرى !!! وهي بوينغ 767 موديل 300 ، بدون نوافذ ، وبدون غرفة قيادة !!!
                                        فماذا سيقول صاحبنا ؟؟؟؟
                                        لا أدري !!! أنا لست خبيراً بالطائرات .

                                        إذن يا سيدي العزيز !!!

                                        إذا كُنت لست خبيراً بالطائرات كيف صدقت الخبر ؟؟؟
                                        لماذا لا تسأل خبير وأنت والحمد لله لك من السمعة والشهرة والمقام ما يسمح لك بمجرد اتصال هاتفي أن تحصل على المعلومات .

                                        ثم إذا أردنا أن نضع صاحبنا في زاوية ضيقة جداً ، لا يخرج منها حتى رأس مسمار صغير ،
                                        نسأله :
                                        هل عندك دليلاً واحداً فقط ، عن وجود طائرة بوينغ 757 الرحلة رقم 77 التي زعموا أنها ضربت البنتاغون واختفت دون أن تترك أي أثر ؟؟؟

                                        لن يُعطيك جواباً !!!
                                        لأنه لا يعرف شيئاً ، بل مجرد سمع الأخبار وصدقها ، وبنى عليها الأوهام والتحليلات .

                                        وإذا استمرينا بطرح الأسئلة ، فإما أن يتهرب أو يذهب بعيداً بعيداً جداً
                                        ويقول :

                                        (( أحداث نيويورك التي اعترف بها شباب القاعدة ـ والله أعلم أكانوا مستقلين بفعلها أم سهل لهم ارتكابها بدون علم منهم من يريد إحداثها ليقضي بها مآربه ))
                                        .


                                        وهنا تنغلق عليه تلك الفتحة الصغيرة من الزاوية التي وضع فيها نفسه والتي لا يخرج منها رأس مسمار ، لأننا سنسأله :

                                        بماذا اعترفوا ؟؟؟؟

                                        هل اعترفوا أن تسعة عشر من الأشباح (( مجرد أسماء وصور أعلنتها المخابرات الفيدرالية )) ، اختطفوا أربعة طائرات ركاب بوينغ 767 ، 757 ، في خلال ساعة من الزمن ، في أكثر منطقة ازدحاماً بحركة الطيران في العالم ، أكثر منطقة تتوزع فيها القواعد العسكرية ، منطقة تحوي محطات ذرية ، أكبر واشهر المصانع ، المنطقة الأكثر حماية على مدار الساعة في جميع أنحاء العالم .... الخ .
                                        وماذا بعد ذلك !!!

                                        اختطفوا الطائرات بمشارط ورق (( مقصات علب كرتون ))
                                        غيروا اتجاه الطائرات في ذلك الازدحام الجوي !!!!
                                        اتجهوا إلى مناطق محظورة على الطيران .

                                        قف!!! قف !! قف !!! من فضلك يا سيدي العزيز !!!!

                                        قوائم رحلات ذلك اليوم لا يوجد فيها طائرتان من الأربعة !!!!
                                        أعطنا البديل من فضلك !!!
                                        الجواب :

                                        ينهض صاحبنا ويتوقف عن متابعة الحوار !!
                                        لأنه أدرك أنه لم يتمعن بالأحداث ذاتها ، بل بنى كُل شيء على أخبار من وراء البحار .

                                        ما هي حقيقة هذه الأحداث المفتعلة ؟؟
                                        هل حدثت أمور غير طبيعية في ذلك اليوم ؟؟ أم أن الغير طبيعي هي فقط الأخبار ؟؟؟



                                        والله لأتحدى من يشاء أن يُثبت وجود طائرة واحدة فقط تمَّ اختطافها كما هو شائع
                                        والله لأتحدى من يشاء أن يُثبت أن النار تحول الفولاذ والطوب إلى غبار !!!!
                                        .


                                        مونابا – البياني

                                        تعليق


                                        • #21
                                          رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                          المشاركة الأصلية بواسطة مسلم-نجدي
                                          أهلا... أهلا

                                          في السابق تم إلغاء عضويتي تماما من السقيفة

                                          بعد إفلاس "السقيفة"

                                          ها هم (مفكروها) يهيمون في المنتديات

                                          وهل ما زلت تنشر أراجيفك في "انا المسلم" يا مونابــــوش
                                          التعديل الأخير تم بواسطة فسطاط الإيمان; 1/09/2006, 01:37 PM.

                                          تعليق


                                          • #22
                                            رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..


                                            بسم الله الرحمن الرحيم

                                            أولاً :
                                            أنا لست من المفكرين بل من المهاجرين المغتربين الذين عاصروا الأحداث ومجالي العلوم والبحث العلمي ولا علاقة لي لا بالسياسة ولا الصحافة ولا الكُتاب ولا الكتابة .

                                            ثانياً : عضويتي في السقيفة تماماً كباقي الأعضاء العاديين ، وقد انتهت السقيفة بسبب ما قدمته من فضائح وبالأسماء !!!!! .

                                            ثالثاً :
                                            لم يُصادفني اسم (( مسلم نجدي ))

                                            رابعاً :
                                            منتدى أنا مسلم !!!!! أضع عليه إشارات استفهام كثيرة جداً جداً !!!!

                                            خامساً :

                                            تستطيع أن تستعين بمن تشاء من المفكرين ، المحللين السياسيين ، الشيوخ المقيمين في لندن !!! ، والمقيمين في أمريكا ، وأن تطلب من الدكاترة وأساتذة الجامعات ، ومن حجز مقعداً دائماً في الفضائيات ليروج للقاعدة السحرية ، .... المهم ،
                                            تعالوا لنرى هل تعرفون شيئاً عن الأحداث ؟؟؟
                                            هل تستطيعون الاجابة عن أبسط الأسئلة ؟؟
                                            أسامة بن لادن رحمه الله توفي يوم 14 – 12 – 2001 !!! ( انتبه 2001 ) ودفنه ثلاثون من أصحابه وأقربائه .

                                            ولكن !!!!!
                                            الشخص الثاني حي !!!!


                                            موضوع جديد بخصوص مرور خمسة سنوات على ::
                                            خدعة الألفية الجديدة
                                            لا توجد طائرات مختطفة يوم 11 – 9 – 2001 .
                                            ثلاثة أبراج تمّ تدميرها بالمتفجرات
                                            ثلاثة مباني أخرى تمَّ تدميرها بالمتفجرات
                                            اثنتان من الأربع طائرات لم خرج من المطارات لأنها لم تكن هناك رحلات لها في ذلك اليوم


                                            مونابا – البياني

                                            تعليق


                                            • #23
                                              رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                              أسامة بن لادن رحمه الله توفي يوم 14 – 12 – 2001 !!! ( انتبه 2001 ) ودفنه ثلاثون من أصحابه وأقربائه .

                                              ولكن !!!!!
                                              الشخص الثاني حي !!!!


                                              مونابا يبدوا انه من رواد الفضاء في العصر الحجري

                                              تعليق


                                              • #24
                                                رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                                ]أنا لست من المفكرين بل من المهاجرين المغتربين الذين عاصروا الأحداث ومجالي العلوم والبحث العلمي ولا علاقة لي لا بالسياسة ولا الصحافة ولا الكُتاب ولا الكتابة .
                                                أعتب عليك أخي مسلم نجدي
                                                لماذا تشتم مونابا ..وتقول عنه أن "مفكر"

                                                أسامة بن لادن رحمه الله توفي يوم 14 – 12 – 2001 !!! ( انتبه 2001 ) ودفنه ثلاثون من أصحابه وأقربائه .
                                                اهلا اهلاً
                                                أنه بالفعل مونابا
                                                ستجد "مفكرون" كثيرون أمثالك هنا يؤيدونك..

                                                تعليق


                                                • #25
                                                  رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                                  طيب يا مونابا طير حل من هالموضوع ..
                                                  الموضوع مش عن القاعدة ولا عن غزوة 11سبتمبر المباركة..

                                                  الموضوع عن كتاب..

                                                  روح افتح موضوع ثاني تضحكنا فيه....

                                                  أقترح على المشرفين أن يفتتحوا قسم جديد للترفيه "كان إخوة قد اقترحوا ذلك مسبقاً" لأمثال مونابا..
                                                  وأعدكم أن يجعله مونابا قسماً رئيسياً..

                                                  بدايةً أقترح تعيين "راعي الغنم "مشرفاً على القسم ..عشان معاه أقدمية

                                                  تعليق


                                                  • #26
                                                    رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                                    بسم الله الرحمن الرحيم

                                                    الموضوع عن كتاب !!!!! لا شك في ذلك !!! واضح من العنوان !!!

                                                    ولكن لا بُد أن نعرف الهدف من كتابة هذا الكتاب ، وما فيه من أكاذيب وتخبط وتدجيل .بل أن الكاتب ذهب أبعد من ذلك بكثير !!! إنه يتحدث عن أوهام استخبارات القاعدة .

                                                    عن أي قاعدة يتحدث ؟؟؟
                                                    عن الإفغان العرب الذين قصفتهم الولايات المتحدة الأمريكية ؟؟؟
                                                    أم عن الذين حملتهم بالطائرات إلى غوانتنامو ؟؟؟

                                                    كُل من يروج للغزوات هو :

                                                    إما جاهل مسكين .
                                                    أو مخدوع من وسائل الإعلام
                                                    أو ضال مضلل منافق كذاب

                                                    فصاحب الكتاب أي نضعه من هؤلاء ؟؟؟؟

                                                    أما تعليقاتكم فأقول :

                                                    شرُ البلية ما يُضحك

                                                    حين لا يجد المرء مخرجاً من جهله يضحك فيتحول إلى مهرج فيضحك عليه الآخرين ، ويضحك معهم


                                                    مونابا - البياني


                                                    .

                                                    تعليق


                                                    • #27
                                                      رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                                      أسامة بن لادن رحمه الله توفي يوم 14 – 12 – 2001 !!! ( انتبه 2001 ) ودفنه ثلاثون من أصحابه وأقربائه .
                                                      اسمحلي اخي اقول ان كلامك مو منطقي

                                                      تعليق


                                                      • #28
                                                        رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                                        المشاركة الأصلية بواسطة كامو
                                                        اسمحلي اخي اقول ان كلامك مو منطقي
                                                        لا أخي اسمحلي فيها

                                                        "مونابا" كان من الثلاثين

                                                        اللهم احفظ شيخنا المجاهد الليث الهصور أبا عبد الله أسامة بن لادن

                                                        تعليق


                                                        • #29
                                                          رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                                          من أي كوكب حط علينا مونابا هذا

                                                          وهل رأى أحد من الأعضاء أطباقا طائرة تحوم فى الجوار ؟

                                                          تعليق


                                                          • #30
                                                            رد : الأن::سارع بتحميل نسختك:: كتاب &lt;&lt;وهم الأسطور&gt;&gt; لمحمد الحكايمة،،منشور كاملاً ..

                                                            على العموم لندع مونابا الفضائى جانبا

                                                            ولنقل لأخينا الحبيب فسطاط الإيمان جزاك الله خيرا على النقل الطيب

                                                            تعليق

                                                            جاري التحميل ..
                                                            X