إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صناعة الإنسان في الإسلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صناعة الإنسان في الإسلام

    سؤال أطرحه عليكم وتفكروا فيه!
    هل أسلمنا الإسلام الحقيقي؟


    أعرف أننا جميعًا لدينا أسماء إسلامية، وكلنا وُلدنا مسلمين.

    ألا تتمنى أن تبدأ بداية كبداية الصحابي الذي اغتسل وطهر الثياب، وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله وصلى ركعتين ثم باع نفسه بعد ذلك كلية لله عز وجل؟

    ماذا يعني الإسلام؟

    ولمَ سمي الإسلام إسلاما؟

    هو إسلام لمن؟

    أليس الإسلام أن تسلم لله رب العالمين؟



    معنى الإسلام الكامل لله رب العالمين أن تسلم نفسك له، فلا يفقدك حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك، تقف عند حدوده، تنفذ أوامره، تجتنب نواهيه، هذا هو الإسلام.

    {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:71].


    {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

    [البقرة:112].


    والمسلم الذي يسلم إسلامًا صحيحًا لا يجادل في أوامر الله عز وجل، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].


    معنى الإسلام أن تحوطه من جميع جوانبه، وتأخذه كلية، لا تأخذ جانبًا وتترك فيه جوانب، ألا تقدم أمرًا على أمر الله ورسوله، وليست لدينا فرصة للاختيار من أوامر الله عز وجل، ومن أوامر رسوله، أو قواعد الإسلام {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب:36].


    أما من أسلم حياته لشهوته، أو أسلم حياته لمنصبه، أو أسلم حياته لزوجته، وأولاده، أو أسلم حياته لماله، فليس بالمسلم الذي أراده الله عز وجل، كثير من الناس ترتكب كل المنكرات، ولما تُذَكّرها يحتج بأنه ضعيف، وعبد المأمور، وهو الذي قال لي: اعمل كذا ولا تفعل كذا.



    شيء جميل أن تكون صادقًا مع نفسك، فأنت عبد للمأمور، ولست عبدًا حقيقيًا لله عز وجل، وراجع نفسك يوم القيامة، فكل نفس بما كسبت رهينة، وكل إنسان سيحاسب بمفرده، المأمور بمفرده، وعبد المأمور يحاسب لوحده، ولن تُعْذَر يا أخي في أنك لم تسلم لله عز وجل إسلامًا حقيقيا كإسلام الصحابة.



    هذه هي الخطوة التي غيرت الصحابة، فبدايتهم كانت صعبة، صعبة جدا، أصعب من بدايات معظمنا، لكنهم فهموا الدين كما ينبغي أن يُفْهم، فكان الصحابة كما عرفناهم.



    ولنرى بعض النماذج من الصحابة كيف كانوا قبل الإسلام ومن ثم كيف صاروا بعد أن أسلموا أنفسهم لله تعالى.



    عمر بن الخطاب قبل الإسلام وبعده
    عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، شخصية من أروع الشخصيات في تاريخ الإنسانية كلها, رجل تجسدت فيه كل معاني الكمال البشري، ولا يأخذك العجب من كلمة الكمال، فقد أخبر الرسولأن كثير من الرجال قد كمل، وفي رواية في الترمذي وقال: حسن صحيح. وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل عن أبي موسى الأشعري قال: "كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ".



    بمعنى أنه استكمل الفضائل التي تكون موجودة في الرجال، كل الفضائل التي موجوده في الرجال، من عقيدة، وتقوى، وإخلاص، وأمانة، وعدل، وقوة، وتواضع، وزهد، وذكاء قيادة، شخصية متكاملة متوازنة، شخصية نادرة.



    واستخدِم كل وسائل التنقيب، والتفتيش، وحاول أن توجِد مثله في أمة كأمريكا، أو أمم كاملة كأوربا، أو أمة كاملة مثل الصين، أو اليابان، أو روسيا، اختر كما تريد منهم، مستحيل، فمستحيل أن تجد واحد على عشرة منه، أو واحد على مائة، أو واحد على ألف من عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، ابحث في كل الأمم من حولك، ولن تجد، وليس هذا الكلام مبالغة، إن هذا أقل من الواقع بكثير.



    فعمر بن الخطاب رضي الله عنه لو وُزِن بأمة الإسلام نفسها، لا أمريكا، ولا روسيا، ولا الصين، لو وزن بأمة الإسلام لرجحها، إذا خلا منها رسول الله، وأبو بكر، لو وزن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه في كفة، والأمة في كفة بما فيها عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وحمزة، وخالد، وسعد، وكل الصحابة، كل المهاجرين، وكل الأنصار، ومن جاءوا من بعدهم، كالبخاري، ومسلم، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وعلماء الطب، والهندسة، والفلك، والكيمياء، بما فيها المجاهدين، والعلماء، والدعاة، والصالحون، وكل الأمة، يرجح بهم عمر، وهذا الكلام ليس بكلامي، لكنه كلام رسول الله، جاء بأكثر من رواية عن رسول الله، منها ما جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن أبي أُمامة رضي الله عنه وأرضاه في حديث طويل جاء فيه، قال: "وَجِيءَ بِعُمَرَ، فَوُضِعَ فِي كِفَّةٍ، وَجِيءَ بِجَمِيعِ أُمَّتِي فِي كِفَّةٍ، فَوُضِعُوا فَرَجَحَ عُمَرُ".



    نحن نتكلم عن رجل أسطورة، شخصية نادرة تماما، ولكن من هو عمر بن الخطاب قبل إسلامه؟

    وما هو تاريخ هذه الشخصية النادرة في تاريخ الأرض؟

    وكيف كانت بداية هذا العملاق؟

    وهل بدايته كبدايتنا أم أصعب من بدايتنا؟



    عمر بن الخطاب ظل أكثر من نصف حياته يسجد للأصنام، يقدم فروض العبادة لهبل، فعمر وُلد بعد عام الفيل بـ 13 سنة، فهو أصغر من الرسولبـ 13 سنة، وكان عمره وقت البعثة 27 سنة، وأسلم بعد ستة سنوات كاملة من الرسالة، فكان عمره عند الإسلام 33 سنة في أصح الروايات، وروايات أخرى تقول كان عنده 26 سنة، ومات رضي الله عنه وهو عند 63 سنة، فقضى 33 سنة من عمره كافر، و30 سنة مؤمن، ومن ضمن سنوات الكفر ستة سنوات كاملة، وهو يعيش مع الرسولفي بلد واحد صغير "مكة"، ومع ذلك يصر على كفره، يصر على إنكاره لوحدانية الله عز وجل، يصر على عبادة الأصنام، نعم هذا هو عمر قبل أن يقول: لا إله إلا الله.



    ولم يكن عمر كافرًا عاديًا، بل كان من أشد الكفار غلظة، كان يعذب جارية بني مؤمل، وبني مؤمل أحد فروع قبيلة عمر، بني عدي، فكان يعذب هذه الجارية من الصباح إلى المساء، ثم يتركها بالليل، ليس رحمة، ولكن يقول: والله ما تركتك إلا ملالة من التعذيب.



    كان هذا عقل عمر الذي قَبِل أن يسجد لصنم، يطلب منه، ويرجوه، ويخاف منه، ويعتمد عليه، وهو نفس عقله بعد إسلامه، عرف الله سبحانه وتعالى كما لم يعرفه كثير من الخلق، هذا هو العقل الذي كان يدير دولة ضخمة رهيبة، تكسر شوكتي فارس والروم، وتملك المشرق والمغرب.



    ما الذي أحدث في عقل عمر؟
    إنها شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله التي تخلق إنسانا جديدًا.

    وقلب عمر الذي قَبِل أن يجلد بالسوط امرأة مسكينة ضعيفة؛ لأنها آمنت بالله وحده، ما نقم منها عمر إلا أنها آمنت بالله العزيز الحميد، هو نفسه قلب عمر بعد أن نطق بكلمة الإسلام، فأصبح يخاف خوفًا غير طبيعي على كل مسلم في الأرض، يعرفه، أو لا يعرفه، كان يقول لقادة جيشه: لا تدخلوا بجيش المسلمين في غيضة، فإن رجل من المسلمين أغلى عندي من مائة ألف دينار.



    ويقول هذا الكلام وهو صادق، فعمر بن الخطاب الحريص على هذه الدولة الشاسعة، هو نفسه الذي كان يعذب الجارية التي آمنت برسول الله، وآمنت بالله وحده قبل سنوات قليلة جدا من إسلامه.



    فنقطة البداية عندنا لا شك أفضل من نقطة بداية عمر رضي الله عنه وأرضاه، فنحن لم نسجد للأصنام نصف حياتنا، ولم نلهب بالسياط أجساد المؤمنات.



    وعمر قبل إسلامه كان حريصًا على صد أخته عن الإسلام، وتعرفون قصة إسلامه، وعمر بعد إسلامه كان حريصا على إدخال أهل الأرض جميعا إلى هذا الدين، حتى لو أفقده ذلك حياته، وماله، ومنصبه، وكل ما يملك، تغير تمامًا، عمر الذي أراد أن يقتل رسول الله، بل ذهب لقتله فعلًا، هو هو، الذي رفض أن يقتل أبا لؤلؤة الماجوسي العبد الذي يعيش في المدينة المنورة، وتوعد عمر بالقتل، لكن عمر أمير المؤمنين رفض أن يقتله، أو يحبسه، فليست عنده قرينة قوية ضده، خشي أن يظلمه، وكانت النتيجة أن قتل عمر على يده، عدل غير طبيعي، عدل مستغرب فعلا بين البشر، هذا هو الكمال البشري الذي قصده الرسولفي الحديث.



    عمر الذي كره الرسولكراهية حملته على الاستخفاف بكل عقبات قتل الرسول، ونعرف أن الرسول من بني هاشم، وبنو هاشم قبيلة شريفة، وكبيرة، وستحدث مشاكل ضخمة في مكة، استخف بكل هذه العقبات؛ لأنه يكره الرسول كراهية شديدة جدا، أما بعد إسلامه فأصبح يحب رسول اللهأكثر من ماله، وولده، والناس أجمعين، أكثر من نفسه التي بين جنبيه، هذا هو عمر بعد الإسلام، وهذا هو عمر قبل الإسلام.



    الفرق بين العمريْن لحظة صدق واحدة، قرأ فيها صدر سورة طه، ثمان آيات فقط، وبعدها أسلم إسلامًا حقيقيًا، اغتسل، وطهر ثوبه، شهد شهادة الحق، وصلى ركعتين، ثم أصبح عمر العملاق، الأسطورة، أصبح الفاروق.
جاري التحميل ..
X