إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

[ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

    السَّلام عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ،،
    ___

    حيَّاكُـم اللهُ أخواني في الله : )





    عِلمُ العقيدةِ أشرفُ العُلـومِ على الإطلاق ، فهو يُقرِّبُنا مِن رَبِّنا سُبحانه وتعالى ، ويُعِّرفُنا به ..

    ومِن الواجب علينا قبل أنْ نتعلَّم أىَّ شئٍ أنْ نتعلَّم عقيدتنا ، حتَّى نعبدَ اللهَ تعالى على بصيرة ، وحتَّى لا نقع فيما حَذَّرنا اللهُ منه مِن شِركٍ أو كُفرٍ أو حتَّى جَهل .



    لذلك أضَـعُ بين أيديكُم مُقدِّمـةً في العقيـدة للشيخ : أبي حَمْزَة البَدْوِي

    وهى مُقدِّمـةٌ سهلةٌ ومُهمِّـة ، جعلتُها في ثلاثةِ ملفَّات Word ، وقُمتُ بتنسيقها ، وتصحيح أخطاء إملائية بسيطة بها .

    وأسألُ الله جَلَّ وعلا أن ينفعني وإيَّاكُم بما فيها .





    ولِمَن لا تستطيعُ تحميلها ، سأضعها هُنا على أجـزاء ، لتستطيع قراءتها ، ولكى يَعُمَّ النَّفْعُ الجميـع ..



    وَفَّقني اللهُ وإيَّاكُم لِمَا يُحِبُّ ويَرضَى .


  • #2
    رد : [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

    أدلة الاعتقاد من الكتاب والسنة ( تأليف : أبي حمزة غازي بن سالم )
    ________

    ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا الإسراء/111 .
    لا إله إلا هو ، ولا خالق غيره ، ولا رب سواه ، المستحق لجميع أنواع العبادة ، ولذا قضى أن لا نعبد إلا إياه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك ، الحق العليّ الكبير ، تعالى في إلهيته وربوبيته عن الشريك والوزير ، وتقدَّس في أحديته وصمديته عن الصاحبةِ والولد والوليّ والنَّصير ، وتنزَّه في صفات كماله ونعوت جلاله عن الكُفؤ والنظير ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله البشير النذير ، المُرسَل إلى الناس كافةً بالمِلة الحنيفية والهدي المنير ، صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى آله وصحبه شموس الهداية وأوعية العلم وأنصار الدين القويم وتابعيهم ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ الحشر/10 ، وعلى من اقتفى أثرَهم واتَّبَعَ سيرهم وسلك صراطهم المستقيم ، وجعلنا من المقتدين بهم ، المهتدين بهديهم ، المتمسكين بالكتاب والسنة ، نقف معهما وبسيرهما نسير ،،،،

    أما بعـد :

    فإنه لا صلاح للعباد ، ولا فلاح ولا نجاح ، ولا حياة طيبة ، ولا سعادة في الدارين ، ولا نجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، إلا بمعرفة :

    ـ أول مفروضٍ عليهم ، والعمل به .
    ـ وهو الأمر الذي خلقهم الله عزوجل له .
    ـ وأخذ عليهم الميثاقَ به .
    ـ وأرسل به رسلَه إليهم .
    ـ وأنزل به كتبَه عليهم .
    ـ ولأجله خُلِقَت الدنيا والآخرة ، والجنة والنار .
    ـ وبه حقت الحاقة ، ووقعت الواقعة .
    ـ وفي شأنه تُنصَب الموازين ، وتتطاير الصحف .
    ـ وفيه تكون الشقاوة والسعادة .
    ـ وعلى حسب ذلك تُقَسَّمُ الأنوار ﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ النور/40 .

    وذلك الأمر هـو :

    أ) معرفة الله عز وجل بإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ، وتوحيده بذلك .
    ب) ومعرفة ما يناقضه أو بعضه من الشرك والتعطيل ، والتشبيه والتشبه ، واجتناب ذلك .
    ج) والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره .
    د) وتوحيد الطريق إلى الله عزوجل ؛ بمتابعة كتابه ورسوله ، والعمل وفق ما شرعه الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .
    هـ) ومعرفة ما يناقضها من البدع المُضلة ، ويميل بالعبد عنها ، فيُجانبها كُلَّ المُجانبة ، ويعوذ بالله منها .

    إن هذا الأمر العظيم الذي لا تصلح البشرية إلا به ، مع عظمته وجلالة قدره ، إلا أن الغفلة في هذا الزمان عن العناية به كبيرة ، ومظاهر مناقضته المُشاهدة بين الناس كثيرة ، والداعون من أتباع إبليس إلى التقليل من شأنه والتهوين من عظمته لا يحصون عددا لكثرتهم وقلة الداعين إلى صراط الله المستقيم .



    [ هذه المقدمة مقتبسة بتصرف من مقدمة معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي رحمه الله ]

    تعليق


    • #3
      رد : [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

      بارك الله فيك نحن في الانتظار

      وتقبل الله طاعاتكم

      تعليق


      • #4
        رد : [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..


        لقد عاش نبينا - صلى الله عليه وسلم - حياته وهو داع إلى توحيد الله ، ينادي بأمر الله لعباده أن (( قُوُلوا لَا إِلَهَ إِلاَّ الله ، تُفلِحُوا )) حديث صحيح رواه البخاري .
        ويحذر الناسَ من الشرك والوثنية وعبادة الطاغوت .
        ومات صلى الله عليه وسلم وهو يُحذِّرُ أمته فِعلَ أهل الكتابين الذين تركوا منهج الله وتوحيدَه . ففي الصحيحين أنّ عائشة وعبد الله بن عباس قالا : لمَّا نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : لعنةُ الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد _ يُحذِّرُ ما صنعوا . ( صحيح البخاري ومسلم ) .
        أي يحذر أمته من مشابهة اليهود والنصارى في تعظيم القبور ، والغلو فيها ، واتخاذ القبور مساجد ، وبناء الأضرحة والقباب عليها ، لأن ذلك من أعظم وسائل الإشراك بالله .


        ولقد سار الصحابة رضي الله عنهم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على مِنهاجه وطريقته الشريفة في التحذير من الشرك وذرائعه ، فلم يكن على عهد الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم من هذه القبور والأضرحة المُعظَّمَة في زماننا شيءٌ لا في الحجاز ولا اليمن ولا الشام ولا العراق ولا مصر ولا خراسان ولا المغرب ، ولم يكن قد أُحدِثَ مشهد لا على قبر نبيٍّ ولا صاحبٍ ولا أحدٍ من آل البيت ولا على ولي ولا صالح .

        ثم ماذا حدث بعـد ذلك ؟

        (1) بـدأ الانتقال من نور التوحيد إلى ظلام العبودية لغير الله ، وسراب الغلو في الأشخاص ، وتقديس المشاهد والقباب والقبور والأضرحة والمزارات ، وراح أناس يبنون على قبور الصالحين وغيرهم ، ويُعلونها مشاهد ومزارات تُدعَى من دون الله ، ويُقَرَّبُ لها القرابين ، وتُنذَر لها النذور ، وتُوقف عليها الأوقاف ، ويقف عندها المرءُ خاشعًا ذليلاً يطلب النفعَ أو دفعَ الضُّرِّ من ميتٍ لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا ، كما قال ربنا سبحانه وتعالى : ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يونس/18 ، وقال تعالى : ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ، إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ فاطر 13 ـ 14 .

        لقد انتشر الشرك بصور كثيرة بين أصحاب القبور والمعظمين لها ، فلم يدعوا أمرًا فيه تعظيمٌ لله إلا وصرفوه للمقبورين ، فحلفوا بغير الله ، ودعوا غير الله ، واعتقدوا فيمَن يدعونهم من المقبورين أنهم أقدر على جلب المنافع ودفع المضار ، وآل الحالُ بالناس إلى ما أوضحه العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني بقوله : ‹‹ وكل قومٍ لهم رجل ينادونه ،
        فأهل العراق والهند يدعون عبد القادر الجيلاني ! ،
        وأهل التهائم لهم في كل بلد ميتٌ يهتفون باسمه ، يقولون : يا زيلعي ! ، يا ابن العجيل !
        وأهل مكة وأهل الطائف : يا ابن العباس !
        وأهل مصر : يا رفاعي ! ، يا بدوي ! والسادة البكرية !
        وأهل الجبال : يا أبا طير !
        وأهل اليمن : يا ابن علوان !
        وفي كل قريةٍ أمواتٌ يهتفون بهم ، وينادونهم ، ويرجونهم لجلب الخير ودفع الشر ، وهذا هو بعينه فعل المشركين في الأصنام ›› .

        ثم قال : ‹‹ فهذا الذي عليه هؤلاء شِركٌ بلا ريب ، وقد يعتقدون في بعض فسقة الأحياء ، وينادونه في الشدة والرخاء ، وهو عاكف على القبائح والفضائح ، ولا يحضر حيث أمر اللهُ عبادَه المؤمنين بالحضور هناك ، ولا يحضر جُمعةً ولا جماعة ولا يعود مريضًا ولا يُشيع جنازة ، ولا يكتسب حلالاً ، ويضم إلى ذلك دعوى التَّوكُّل وعِلمَ الغيب ، ويجلب إليه إبليسُ جماعةً قد عَشَّشَ في قلوبهم وباض فيها وفرخ ، يُصدِّقون بُهتانه ويُعظِّمون شأنه ، ويجعلون هذا نِدَّاً لرب العالمين ومثلاً . فيا للعقول أين ذهبت ! ويا للشرائع كيف جهلت !
        ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ الأعراف/194 .

        وليس هذا الذي نذكره من الأمور المبالغ فيها ، بل إن ظاهرة العكوف على القبور اليوم صارت من أكثر البدع الشركية شيوعًا بين المسلمين ، حتى عدت منظرًا مألوفًا في بلاد المسلمين .

        ففي مصر – مثلاً - تلقى الأضرحة احترامًا وتبجيلاً لدى كثيرٍ من الناس ؛ حيث يشتهر في مصر أكثر من ألف ضريح ، ومن أشهرها في القاهرة ضريح الحُسين ، وضريح السيدة زينب ، وضريح السيدة سكينة ، وضريح السيدة نفيسة ، وضريح الإمام الشافعي ، وفي خارج القاهرة تشتهر أضرحة أخرى كضريح البدوي ، وضريح إبراهيم الدسوقي ، وضريح أبي العباس المرسي ، وضريح أبي الحسن الشاذلي .. وفي الشام واليمن والعراق وتركيا والهند وباكستان وغيرها من البلدان مئات - بل ألوف - من الأضرحة التي تُدعَى من دون الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .



        [ انظري ( عبرات تسكب على التوحيد ) محاضرة مفرغة للشيخ ممدوح الحربي ]

        تعليق


        • #5
          رد : [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

          (2) وكما انتشر بين الناس هذا الانحراف الخطير فلم يكن هو الأول والأخير ، بل إنك إذا قلَّبتَ ناظريك في أحوال المسلمين ، ستجد انحرافات أخرى لا تقل خطورة عن هذا الأمر ؛ مثل : استعمال بعض الناس للسحر ، وتعظيمهم للسحرة والمشعوذين ، وتصديقهم ، وسؤالهم عن أمورٍ مِن الغيب ، اعتقادًا منهم أنهم به عالِمون ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : ﴿ قُل لّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ النمل/65 ، ويقول سبحانه لنبيه وخليله صلى الله عليه وسلم : ﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ الأعراف/188 .

          (3) وكذلك فإن من الشرك الذي انتشر : اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق عز وجل كذلك ؛ كما يعتقد بعضهم في التمائم ، والعزائم الشركية ، وأنواع من الخرز أو الوَدَع أو الحِلَق المعدنية ، وغيرها ، بِناءً على إشارة الكاهن أو الساحر أو اعتقاد متوارث ، فيُعلِّقونها في رِقابهم أو على أولادهم لدفع العين بزعمهم ، أو يربطونها على أجسادهم ، أو يُعلِّقونها في سياراتهم وبيوتهم ، أو يلبسون خواتم بأنواع من الفصوص يعتقدون فيها أمورًا معينة من رفع البلاء أو دفعه ، وهذا لا شك يُنافي التَّوكُّلَ على الله ، ولا يزيد الإنسانَ إلا وَهنًا ، وهو من التداوي بالحرام ، وفي بعض هذه التمائم التي تُعلَّق شِركٌ جَليٌّ واستغاثة ببعض الجِنّةِ والشياطين ، أو رسوم غامضة ، أو كتابات غير مفهومة ، وبعض المشعوذين يكتبُ آياتٍ من القرآن ويخلطها بغيرها من الشِّرك ، وبعضهم يكتب آياتِ القرآن بالنجاسات أو بدم الحيض ... نعوذ بالله من ذلك الشرك .

          وقد روى عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل إليه رَهطٌ ، فبايع تِسعةً وأمسك عن واحد ، فقالوا : يارسول الله ، بايعت تِسعةً وتركت هذا ؟ قال : " إنَّ عليه تميمة " فأدخل يده فقطعها ، فبايعه وقال صلى الله عليه وسلم : (( مَن علَّقَ تميمةً فقد أشرك )) حديث حسن أخرجه أحمد .

          وعن رجل من صدا - رضي الله عنه - قال : أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنا عشر رجلاً فبايعنا ، وترك منا رجلاً لم يبايعه ، فقلنا : بايعه يا نبيَّ الله ، قال : لن أبايعه حتى ينزعَ الذي عليه ، إنه مَن كان مِنَّا عليه مِثل الذي عليه كان مشركًا ، ما كانت عليه ، قال : فنظرنا ، فإذا في عضده سَيرٌ فيه شيءٌ من لحا شجرة أو شيءٌ من شجرة ( حسن رواه عبد الله بن وهب في الجامع ) .

          وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من تعلَّقَ تميمةً ، فلا أَتَمَّ اللهُ له ، ومن تعلَّقَ وَدعةً ، فلا وَدَعَ اللهُ له )) حديث حسن لغيره أخرجه أحمد .. وقال عقبة بن عامر - رضي الله عنه - في التمائم : ‹‹ إنها أينما وُضِعَت مِن الإنسان ، فإن موضعها شِرك ›› .

          تعليق


          • #6
            رد : [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..


            (4) ومما انتشر اليوم تعليق ( المِعْضَد أو الأسورة المغناطيسية ) : وهو سِوارٌ مِن خيطٍ أو نُحاس ، يعتقـدُ أصحابُه أنَّ في لبسه فائدةً للجسد ، فيستخدمونه لتنظيم الدورة الدموية ، أو لعلاج الروماتيزم ، أو نحو ذلك من الأمور المُتَوَهَّمَة ، وهي لا تختلف في الحكم عما سبق كما أفتى بذلك جَمْعٌ مِن كبار العلماء _ ومنهم سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله _ : وقـد سُئِلَ عن ذلك ، فقال رحمه الله : في إجابة سائلٍ عن خصائص الأسورة النحاسية التي حدثت أخيرًا لمكافحة ( الروماتيزم ) قـال رحمه الله : أفيدكم أني درستً موضوعها كثيرًا ، وعَرضتُ ذلك على جماعةٍ كثيرةٍ من أساتذة الجامعة ومُدرسيها ، وتبادلنا جميعًا وِجهات النظر في حكمها فاختلف الرأي : فمنهم مَن رأى جوازَها ، لِمَا اشتملت عليه من الخصائص المُضادة لمرض ( الروماتيزم ) .
            ومنهم مَن رأى تركها ، لأنَّ تعليقها يُشبه ما كان عليه أهلُ الجاهلية ، مِن اعتيادهم تعليق الوَدَع والتمائم والحلقات من الصُفر ، وغير ذلك من التعليقات التي يتعاطونها ، ويعتقدون أنها عِلاجٌ لكثيرٍ من الأمراض ، وأنها من أسباب سلامة المُعلَّق عليه من العين ،..
            ( ثم ذكر حديث عقبة المتقدم وغيره ) ثم قال :
            فهذه الأحاديث وأشباهها يُؤخذ منها أنَّه لا ينبغي أن يُعلِّق شيئًا من التمائم أو الودع أو الحلقات ، أو الأوتار ، أو أشباه ذلك من الحروز ؛ كالعظام والخرز ونحو ذلك لدفع البلاء أو رفعه .
            والذي أرى في هذه المسألة هو ترك الأسورة المذكورة ، وعدم استعمالها :
            * سدًا لذريعة الشرك ،
            * وحَسمًا لمادة الفِتنة بها والميل إليها ، وتعليق النفوس بها ،
            * ورغبةً في توجيه المسلم بقلبه إلى الله سبحانه ثِقةً به ، واعتمادا عليه ،
            * واكتفاء بالأسباب المشروعة المعلومة إباحتها بلا شك ،
            وفيما أباح الله ويَسِّرَ لعِباده غُنيةٌ عَمَّا حَرَّمَ عليهم ، وعَمَّا اشتَبَه أمرُه ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( مَن اتَّقَى الشُّبُهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه ، ومَن وقع في الشُّبُهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يُوشِكُ أن يرتع فيه )) راواه البخاري .
            وقال صلى الله عليه وسلم : (( دع ما يَريبُك إلى ما لا يَريبك )) رواه الترمذي والنسائي .


            ولا ريب أن تعليق الأسورة المذكورة يُشبه ما تفعله الجاهليةُ في سابق الزمان ؛ فهو إمِّا من الأمور المُحَرَّمَة الشِّركية ، أو من وسائلها ، وأقل ما يُقالُ فيه أنه من المُشتبِهات ، فالأولى بالمسلم والأحوط له أن يترفَّعَ بنفسه عن ذلك ، وأن يكتفيَ بالعِلاج الواضح الإباحة ، البعيد عن الشُّبهة
            .... . اهـ


            وقال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - وقـد سُئِلَ عن حكم لبس السوار لعلاج الروماتيزم ؟ فأجـاب : اعلم أن الدواء سببٌ للشِّفاء ، والمُسَبِّبُ هو الله تعالى ، فلا سبب إلا ما جعله الله تعالى سببًا ، والأسبابُ التي جعلها الله تعالى أسبابًا نوعان :
            النوع الأول : أسباب شرعية ؛ كالقرآن الكريم والدعاء ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في سورة الفاتحة : (( وما يدريك أنها رقية )) رواه البخاري ، وكما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَرقي المرضى بالدعاء لهم ، فيشفي الله تعالى بدعائه مَن أراد شفاءه به .
            النوع الثاني : أسباب حسية ؛ كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع كالعسل ، أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية .
            وهذا النوع لا بد أن يكون تأثيرُه عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال ، فإذا ثبت تأثيرُه بطريق مباشرة محسوس صَحَّ أن يُتَّخَذَ دواءً يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى . أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحةُ النفسية بِناءً على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض ، وربما ينبسط السرورُ النفسيُّ على المرض فيزول ، فهذا لا يجوزُ الاعتماد عليه ولا إثباتُ كونه دواءً ، لئلا ينساب الإنسانُ وراء الأوهام والخيالات ، ولهذا نهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه ، لأن ذلك ليس سببًا شرعيًا ولا حِسِّيًا ، وما لم يثبت كونُه سببًا شرعيًا ولا حِسِّيًا لم يَجُز أن يُجعل سببًا ، فإنَّ جعله سببًا نوعٌ من منازعة الله تعالى في ملكه وإشراكٌ به ؛ حيث شارك اللهَ تعالى في وضع الأسباب لمُسبباتها ، وقد ترجم الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب - رحمه الله - لهذه المسأله في كتاب التوحيد بقوله : ( بابُ الشِّرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لدفع البلاء أو رفعه ) . وما أظنُّ السوار الذي أعطاه الصيدليُّ لصاحب الروماتيزم الذي ذُكِرَ في السؤال إلا من هذا النوع ، إذ ليس ذلك السوار سببًا شرعيًا ولا حِسِّيًا تُعلَمُ مُباشرتُه لمرض الروماتيزم حتى يُبرئه ، فلا ينبغي للمُصاب أن يستعمل ذلك السوار حتى يعلم وجه كونه سببًا ، والله الموفق .


            والمقصود أنَّ انتشارَ مِثلَ هـذه الأفعال والاعتقادات الفاسدة في مجتمعات المسلمين ، لتَدُلُّ على الحاجةِ المَاسَّةِ لتعليم الناس التوحيد ، وإزالة الغَشاوةِ التي ألمَّت بهم ، ليعودوا إلى سالف العهد الذي كان عليه السلفُ الصالح رضوان الله تعالى عليهم .

            وهذ الكتاب محاولةٌ في بيان هذا الأمر العظيم ، وذِكر أدلته ومسائله على طريقة السلف الصالح أهل السنة والجماعة . اقتضى الحالُ تسطيرَه ضِمن الدورة العِلمية المُقامة في مركز محمد بن سالم البخيت بدُبَيّ ، والتي كان بَدؤها في يوم الاثنين ( 11 من شهر ربيع الأول عام 1432 هـ )
            فأسأل الله تعالى أن يُعينَ على إتمامه ، وأن ينفعَ به كاتبَه وقارئَه ، كما أسأله جَلَّ وعلا أن يرزقنا العِلمَ النافع والعملَ الصالِحَ والإخلاصَ في القول والعمل .

            ﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ هود/88 .


            وكتبـه :
            أبو حمزة غازي بن سالم أفلح البدْوي الجنيدي
            10 / ربيع أول / 1432 هـ

            تعليق


            • #7
              رد : [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

              مَبَـادِئُ عِلْـمِ العقيـدة

              قبل الشروع في أي علم ينبغي أن يعرف الطالبُ مقدماتِه العشر التي بمعرفتها يسهل عليه تعلُّمُه ، وهذه المبادئ العشرة اهتم أهلُ العلم ببيانها وشرحها لطلاب العلم ، وهي :

              1- الاسم : أي الاسم العلمي لهذا الفن ، ومعرفة الألقاب التي أطلقها أهل هذا العلم عليه لتمييزه عن غيره .

              2- الحـد : وحد الشيء هو تعريفه وتوضيحه وبيانه ، ويقصد به التعريف الجامع لمسائل العلم ومباحثه ، المانع من دخول غيره فيه .

              3- النسبة : أي بيان الجهة التي ينتمي إليها هذا العلم مع معرفة صلته وعلاقته بغيره من العلوم .

              4- الواضـع : أي المؤسس لهذا العلم أو أول من بدأ التدوين فيه ، ووضع أساسه وأرسى قواعده .

              5- الموضـوع : والمقصود به المسائل الرئيسة التي يتناولها هذا الفن ، أو المجال المحدد الذي يبحث فيه العلم ، والجهة التي تتوحد فيها مسائله .

              6- المسائل : وهي " التصديقات التي يُبَرْهَن عليها في العلم " ، أو المطالب التي يبحثها ويقررها العلم والتي تندرج تحت موضوعه .

              7- الاستمداد : أي القواعد والأدلة التي يَستمد منها أحكامه .

              8- الفضل : أي بيان ما للعلم من منزلة وشرف وأهمية بين العلوم . ويُعرف فضل العلم بفضل معلومه ، فكلما كان الشيء المتعلَّم ذا فائدة وفضل ، كلما كان هذا العلم أفضل .

              9- الثمرة : أي الفائدة التي يُحصِّلها المتعلِّم لهذا العلم في الدارين .

              10- الحكم : أي معرفة الحكم الشرعي المتعلق بتعلم هذا العلم من بين الأحكام التكليفية الخمسة .

              وهذه المقدمات العشرة جمعها غيرُ واحد من أهل العلم نظمًا منهم :
              الشيخ محمد بن علي الصبَّان رحمه الله :

              إنَّ مبادِي كـلِّ فنٍّ عشـرة .. الحـدُّ والموضـوعُ ثم الثمرة
              ونسبةُ وفضلُهُ والواضـع .. والاسـمُ الاستمدادُ حكمُ الشارع
              مسائلٌ والبعض بالبعض اكتفى .. ومن دَرَى الجميعَ حاز الشرفا


              وقال بعضهم :

              مَبَادي عِلـمٍ كان حَـدُّ .. وموضـوعٌ وغايةٌ مستَمـدُّ
              مَسائلُ نسبة واسمُ وحكمُ .. وفضلٌ واضعُ عشرٌ تُعَـدٌّ

              تعليق


              • #8
                رد : [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

                فلنذكر ذلك فيما يلي على سبيل الإيجاز :

                أولاً : الاسـم :

                هذا العلم يُعرف عند السَّـلَف بمُسَمَّياتٍ عِـدة ، ومنها :

                1- ( السنة ) : والسنة الطريقة ، فأطلق على عقيدة السلف ( السُّنة ) ، لاتباعهم طريقة الرسول - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وأصحابه في ذلك .. وهذا الإطلاق هو السائد في القرون الثلاثة الفاضلة .. ومن المؤلفات في العقيدة باسم " السنة " : كتاب السنة للإمام أحمد ، والسنة لأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك ابن مخلد الشيباني وغيرها من الكتب .

                2- ( أصول الدين ) : وأصول الديانة ، وأصول السنة .
                والأصول هي أركان الإيمان وأركان الإسلام ، والمسائل القطعية وما أجمع عليه الأئمة . ومن المؤلفات في ذلك : أصول السنة للحافظ أبي بكر عبدالله بن الزبير الحميدي شيخ البخاري وأول من حدَّث عنه في صحيحه ، وأصول السنة للإمام أحمد ، وأصول السنة للإمام ابن أبي زمنين محمد بن عبد الله بن عيسى أبو عبد الله الألبيري .

                3- ( الفقه الأكبر ) : وهو يرادف أصول الدين ، وهو مقابل الفقه الأصغر الذي هو الأحكام الاجتهادية . ومن المؤلفات بهذا الاسم كتاب الفقه الأكبر المنسوب لأبي حنيفة .

                4- ( الشريعة ) : أي ما شرعه الله ورسوله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - من سُنَن الهدي ، وأعظمها أصول الدين ، ومن المؤلفات في ذلك : كتاب الشريعة للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري .

                5- ( الإيمان ) : ويشمل سائر الأمور الاعتقادية . ومن المؤلفات بهذا الاسم : كتاب الإيمان للإمام أبي عبيد القاسم بن سلام ، والإيمان للإمام أبي بكر عبدالله بن محمد المعروف بابن أبي شيبة شيخ مسلم ، وقد أكثر الرواية عنه جدًا في صحيحه .

                6- ( العقيدة ) : والاعتقاد والعقائد ، فيقال : عقيدة السلف وعقيدة أهل الأثر ونحوه . ومن ذلك كتاب شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام أبي القاسم هبة الله بن الحسن اللالِكَائي .

                7- ( التوحيد ) : لأن هذا العلم يدور على توحيد الله بالألوهية والربوبية والأسماء والصفات ، والتوحيد هو أشرف مباحث علم العقيدة وهو غايتها ، فسُمِّيَ به هذا العلم عند السلف تغليباً .. ومن المؤلفات بهذا الاسم : كتاب التوحيد لإمام الأئمة أبي بكر محمد بن إسحاق ابن خزيمة ، وكتاب التوحيد للإمام محمد بن إسحاق ابن منده المتقدم ذكره ، وكتاب تجريد التوحيد المفيد للشيخ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي .


                وهناك اصطلاحات أخرى تطلقها الفرق المخالفة لأهل السنة على العلم ، ومن أشهر ذلك :

                ـ علم الكلام : وهذا الإطلاق يعرف عند سائر الفرق المتكلمة ، كالمعتزلة والأشاعرة ، ومَن يسلك سبيلهم ، وهو لا يجوز لأن علم الكلام حادث مبتدع ، ويقوم على التقوّل على الله بغير علم ، ويخالف منهج السلف في تقرير العقائد .

                ـ علم الفلسفة : وذلك عند الفلاسفة ، ومَن سلك سبيلهم ، وهو إطلاقٌ لا يجوز في العقيدة ، لأن الفلسفة مبناها على الأوهام والعقليات الخيالية . والتصورات الخرافية عن أمور الغيب المحجوبة .

                ـ التصوف : عند بعض المتصوفة والفلاسفة ، والمستشرقين ومَن نحا نحوهم ، وهو إطلاق مبتدع لأنه ينبني على اعتبار شطحات المتصوفة ومزاعمهم وخرافاتهم في العقيدة .

                ـ الإلهيات : عند أهل الكلام والفلاسفة والمستشرقين وأتباعهم وغيرهم ، والمقصود بها عندهم فلسفات الفلاسفة ، وكلام المتكلمين والملاحدة فيما يتعلق بالله تعالى .

                ـ ما وراء الطبيعة : أو الميتافيزيقيا كما يسميها الفلاسفة والكتاب الغربيون ومَن نحا نحوهم ، وهي قريبة من معنى الإلهيات .


                قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في " شرح كتاب الحموية الكبرى " :
                الفلاسفة منهم مَن اعتنى بالرياضيات ، ومنهم مَن اعتنى بالطبيعيات ، ومنهم مَن اعتنى بأثر الأصوات والألحان والموسيقى إلى آخره ، ومنهم مَن اعتنى بالإلهيات ، وهؤلاء هم الذين اعتنوا بما يسميه الفلاسفة ما وراء الطبيعة ، قسمٌ من أقسام الفلسفة ، وهو أعظمها شأناً عندهم .


                ثانياً وثالثًا : تعريف علم العقيـدة وحَـدُّه :


                العقيدة لغة : مأخوذة من العقد والربط والشّدّ بقوة .
                والعقيدة : الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده .
                والعقيدة اصطلاحًا : هي ما يؤمن به الإنسان إيماناً جازماً لا يتطرق إليه شك ، ويعقد عليه قلبه وضميره ، ويتخذه مذهباً وديناً يدينُ به ... فإذا كان هذا الإيمانُ الجازمُ والحكمُ القاطع صحيحاً ، كانت العقيدةُ صحيحة ؛ كاعتقاد أهل السنة والجماعة ، وإن كان باطلاً كانت العقيدة باطلة كاعتقاد فِرق الضلال .

                والعقيـدة الإسلاميـة هي :
                الإيمان الجازم بالله تعالى وما يجب له من التوحيد والطاعة ، والإيمان بملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر ، وسائر ما ثبت من أمور الغيب ، والأخبار ، والأصول ، علمية كانت أو عملية .

                ويقصد بالعقيدة الإسلامية عند إطلاقها عقيدة أهل السنة والجماعة ، فهي الدين الذي ارتضاه رب العالمين ، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان .

                علم العقيدة من العلوم الشرعية ، وهو أصل العلوم لأن جميعها يبنى على الاعتقاد الصحيح .

                تعليق


                • #9
                  رد : [ مُقدِّمـةٌ في العقيـدة ] .. للشيخ أبي حَمْزَة البَدْوِي ..

                  رابعاً : الواضِـع لعلم العقيـدة :

                  علم العقيدة ليس علماً اصطلاحياً ، بل هو علمٌ نقليّ وعلمٌ نصيّ جاءنا من عند الله سبحانه ، فالله سبحانه وتعالى هو الذي علَّمنا إياه ، لكنْ باعتبار من فصّله وأخرجه عن غيره من العلوم فإنه لا يمكن الجزم بشخصٍ معين أنه هو الذي ابتدأ التأليف والتدوين لهذا العلم ، فقد عُرف عن كثير من العلماء أنهم ألَّفوا في باب العقيدة ونصر السنة والرد على أهل الأهواء ، لكنْ كانت الكتابات في أول الأمر تقتصر على جوانب معينة ولم تكن شاملة لأصول الاعتقاد .
                  وأقدم مَن قيل إنه ألَّف في ذلك الإمام أبو حنيفة في كتاب " الفقه الأكبر " ، لكن هذا الكتاب لم تثبت نسبته إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله فلا نستطيع الجزم بأنه أول من دوّن أو كتب في علم العقيدة .. وقيل : إنَّ أبا الحسن الأشعري هو واضع علم التوحيد لأنه جمع مذاهب الفِرق المختلفة في مجالات العقيدة في كتابٍ له سمَّاه " مقالات الإسلاميين " ، وسبب القول بأنه واضع هذا العلم كثرة مؤلفاته فيه ، وانشغاله به ، وإلا فإن الذين ألَّفوا في هذا العلم من معاصريه عددٌ لا يُستهان بهم .
                  وهذا القول غير صحيح أيضاً ، فإن الأشعري لم يكن السابق في التأليف في هذا العلم ، بل سبقه عددٌ من الناس ، لكن الذين سبقوه من المحدثين مثلاً لا يعتنون بجوانب هذا العلم المختلفة ، ولا يفصلونه عن علم الحديث .



                  خامساً : موضوع علم العقيـدة :

                  موضوع علم العقيدة هو الكلام في أركان الإيمان الستة .
                  ويشمل ذلك ذكر التوحيد ، وذكر ما ينافيه من الشرك وأنواعه ، كما يشمل تفسير الإيمان ، والإسلام ، وسائر السمعيات والغيبيات والنبوات ، والقَدَر ، والأخبار ، وأصول الدين والاعتقاد ، ويتبعه الرد على أهل الأهواء والبدع وسائر المِلل والنِّحَـل الضالة ، والموقف منهم .



                  سادساً : مسائل علم العقيـدة :

                  أصل مسائل هذه العلم هي توضيح الأركان الستة للإيمان وهي :
                  الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
                  ويدخل في مسائل علم العقيدة : كل ما يذكر في هذا العلم من الأمور التي دلت عليها الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، والتي يجب على المسلم اعتقادها وتصديقها فيما يتعلق بالله تعالى ، وكل ما أخبر به عن نفسه سبحانه ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً . ومثل الأمور الغيبية التي دلت النصوص على وجوب الإيمان بها .
                  وأدخل الأئمة بعض الأمور في مسائله لأهميتها وانحراف بعض الفرق المتقدمة عنها مثل : تعظيم الصحابة ، وبيان مكانتهم ، ومثل وجوب طاعة ولاة الأمور وبيان حقهم ، ومثل المسح على الخفين ، وغير ذلك من المسائل التي خالف فيها أهل البدع وصارت شعاراً لهم ، فيذكرها أهل العلم لبيان وسطية أهل السنة ومخالفة مَن خالف فيها من أهل البدع والأهواء .
                  وقال الشيخ محمد بن إبراهيم الحَمَد : ‹‹ العقيدة بمفهوم أهل السنة والجماعة : اسمُ عَلَمٍ على العلم الذي يدرس ويتناول جوانب التوحيد والإيمان ، والإسلام ، وأمور الغيب والنبوات والقدر ، والأخبار وأصول الأحكام القطعية ، وما أجمع عليه السلف الصالح من أمور العقيدة ، كالولاء والبراء ، والواجب تجاه الصحابة ، وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين . ويدخل في ذلك الرد على الكفار ، والمبتدعة ، وأهل الأهواء ، وسائر المِلل والنحل ، والمذاهب الهدامة والفرق الضالة والموقف منهم إلى غير ذلك من مباحث العقيدة ›› .



                  سابعاً : فائـدة علم العقيـدة :

                  سلامة المسلم من الكفر والنفاق هو أصل النجاة من النار .. ولا يتم ذلك إلا بتعلم العقيدة الصحيحة ـ عقيدة السلف الصالح ـ والاستمساك بها ، والحذر مما يخالفها . فمن أعظم فوائد هذا العلم أنه :
                  ـ عِصمة للمؤمن من الوقوع في الشرك والنفاق .
                  ـ وحِصن له من الوقوع في الاختلاف والفُرقة .
                  ـ ودِرع حصينة له من الوقوع في الفتن .
                  ـ وتخليص للأعمال والأقوال من الاعتقادات الفاسدة .
                  ـ وفي تعلمه تحصيل محبة الله سبحانه وتعالى بمعرفة صفاته .
                  ـ وتحصيل محبة رسله بمعرفة ما يجب لهم وما يتصفون به .
                  ـ وزيادة الإيمان بتفصيل مسائل هذا العلم ؛ مثل مسائل القدر وغيرها .
                  ـ ورد الشبهات التي تثار في اعتقاد المسلمين ، سواء كانت من قبل المسلمين أو من قبل أعدائهم ، فهذه الشبهات من إيحاء الشيطان ، يلقيها فتكون وحياً يُوحيه إلى أوليائه : (( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ )) سورة الأنعام121
                  فيحتاج إلى من يرد هذا ، إذ لو لم ترد لوجدت أنصاراً وأعواناً ، وسمعت مَن يصيح لها ويتقبلها ، فحينئذ تشيع فلا يُميز الناس بين الحق والباطل ، وتنتشر بنيات الطريق ، وينصرف الناس عن طريق الهداية .



                  ثامناً : استمداده ومصادره :

                  تؤخذ العقيدة الصحيحة من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفق فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان .
                  قال الشيخ الفوزان حفظه الله : العقيدة توقيفية ، فلا تثبت إلا بدليلٍ من الشارع ، ولا مسرح فيها للرأي والاجتهاد ، ومن ثم فإن مصادرها مقصورة على ما جاء في الكتاب والسنة ، لأنه لا أحد أعلم بالله وما يجب له وما ينزه عنه من الله ، ولا أحد بعد الله أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
                  ولهذا كان منهج السلف الصالح ومن تبعهم في تلقي العقيدة مقصوراً على الكتاب والسنة .
                  فما دل عليه الكتاب والسنة في حق الله تعالى آمنوا به واعتقدوه وعملوا به . وما لم يدل عليه كتاب الله ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - نفوه عن الله تعالى ورفضوه ، ولهذا لم يحصل بينهم اختلاف في الاعتقاد ، بل كانت عقيدتهم واحدة ، وكانت جماعتهم واحدة ، لأن الله تكفل لمن تمسك بكتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - باجتماع الكلمة ، والصواب في المعتقد واتحاد المنهج .. قال تعالى : " وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ " سورة آل عمران ، وقال تعالى : " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى" سورة طه .
                  ولذلك سُموا بالفرقة الناجية ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد لهم بالنجاة حين أخبر بافتراق الأمة إلى ثلاثٍ وسبعين فِرقة ، فقال : " كُلُّهَا في النّار إلاّ واحدة " ولَمَّا سُئِلَ عن هذه الواحدة قال : " هي مَن كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " الحديث ...
                  وقد وقع مِصداق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، عندما بنى بعض الناس عقيدتهم على غير الكتاب والسنة ، من علم الكلام ، وقواعد المنطق المورثين عن فلاسفة اليونان ، وتفرق الجماعة ، وتصدع بناء المجتمع الإسلامي .



                  تاسعا : فضل علم العقيـدة :

                  علم العقيدة أهم علوم الدين على الإطلاق :
                  ـ لأن الاعتقاد الصحيح أول واجب على المكلف ، فعند دخول الشخص الإسلام يجب عليه معرفة التوحيد قبل تعلم العبادات والمعاملات ، ولذلك لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - إلى أهل اليمن قال له : (( إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى ، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم )) الحديث ... رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه .
                  ـ وعلم العقيدة أشرف العلوم وأعظمها وأعلاها ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، والمعلوم في هذا العلم هو الله ، ومنزلة العلم تقدر بحاجة الناس إليه ، وبما يحصل لصاحبه من الانتفاع به في الدنيا والآخرة .
                  ـ وحاجة العباد إلى علم العقيدة فوق كل حاجة ، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة ، لأنه لا حياة للقلوب ولا نعيم ، ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وما يجب له وما ينزه عنه ، ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه ، ويكون سعيها فيما يقربها إليه .. وكلما كانت معرفة العبد بربه صحيحة تامة ، كلما كان أكثر تعظيماً واتباعاً لشرع الله وأحكامه وأكثر تقديراً للدار الآخرة .
                  ـ والعقيدة أساس دعوة الأنبياء كما قال تعالى مخبراً عن قول كل نبي يرسله إلى قومه : (( يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ )) الأعراف 59 .
                  ـ والعقيدة يُبنى عليها الدين ، ولذلك مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة سنة بمكة ينزل عليه القرآن ، وكان في غالبه ينصب على البناء العقدي حتى إذا ما تمكنت العقيدة في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم نزلت التشريعات الأخرى بعد الهجرة إلى المدينة .



                  عاشراً : حكم تعلم العقيـدة :

                  الحكم الشرعي لهذا العلم ينقسم إلى قسمين باعتبار المدروس فيه :

                  القسم الأول : ما يجب على الأعيان :
                  وهو ما يحقق به الإنسان إيمانه بأركان الإيمان الستة ، وهذا القدر واجب على كل مسلم ، فلا يدخل الإنسان الإسلام حتى يؤمن بأركان الإيمان الستة ، ويجب ذلك على وجه الإجمال ولا يجب على وجه التفصيل ، فلا يجب مثلا أن يعرف المسلم كل مسائل القدر كالطِيَرة والتمائم والفأل ونحو ذلك ، فهذه من تفصيلات القدر ، إنما يجب عليه الإيمان بالقدر خيره وشره .

                  القسم الثاني : الواجب الكفائي :
                  والواجب الكفائي مايجب على الأمة جميعاً تعلمه من هذا العلم ، وهو بقية المسائل التفصيلية ، فهذا العلم بكل مسائله ودقائقه فرض كفاية على الأمة يجب عليها تعلمه .

                  تعليق

                  جاري التحميل ..
                  X