إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصيـام ومجاهدة النفس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصيـام ومجاهدة النفس

    بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي
    صيام شهر رمضان وصيام النوافل مدرسة تربويّة عظيمة ، إلاّ أنها لا تحقّق أهدافها إلا حين يرتبط الصيام بسائر الشعائر والتكاليف الربانيّة ، فتمتدّ المدرسة في مناهج متماسكة كلّ عنصر يبدو كأنه يعمل وحده ويعمل في الوقت نفسه مع سائر العناصر .

    ومن أهم معاني مدرسة الصيام تنقية النفس وتزكيتها ، إِيقاظ الشعور بالمسؤولية بين يدي الله . ولكن هذا كله ينمّ من خلال عمليّة أساسية يكـون المسلم نفسه مسؤولاً عنها ، وعن إدارتها وتوجيهها . هذه العمليّة التي تتم في داخل الإنسـان هي مجاهدة النفس .

    ومجاهدة النفس هي أول أبواب الجهاد ، فإن انتصر المسلم فيها على نفسه ، كان انتصاره في الميادين الأُخرى ، وإن هزم في نفسه تتابعت الهزائم ، هزائم الفشل في تحقيق طاعة الله في سائر الميادين . ولقد جاءت الآيات والأحاديث تؤكد هذا المبدأ العظيم في حياة الإنسان بعامة ، والمسلم بخاصة :

    ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) [ العنكبوت : 69 ]

    وكذلك :

    ( وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) [ العنكبوت : 6 ]

    وحديث رسول الله r يرويـه فضالة بن عبيد رضي الله عنه :

    " المجاهد من جاهد نفسه في الله " [ أحمد والنرمذي وابن حبان ]

    ومجاهدة النفس هذه ليست عملاً مرحليّاً يتوقّف بعد حين . إنها عمل ممتدٌّ ماضٍ مع المسلم حياته كلها حتى يلقى الله على هذه المجاهدة . وليست هذه المجاهدة هي العمل الوحيد الذي يمضي مع المسلم عمره كله ليزوّده بالطاقة اللازمة للنهوض إلى سائر التكاليف . فمع مجاهدة النفس يمضي تردديد الشهادتين مع ذكر الله بالدعاء والتوبة والاستغفار ليظلَّ لسان المؤمن رطباً بذكر الله ، وأداء الشعائر بحقّها ، وطلب العلم من الكتاب والسنّة واللغة العربية صحبة عمر وحياة ، صحبة منهجيّة . هذه القضايا الأربع متماسكة فيما بينها ، كلُّ واحدة تُغذي الثلاث الأُخرى بهدايةٍ من الله وفضل ، حتى يظلَّ الإيمان ينمو ، والنفس تزكو ، والجوارح تطهر ، والعمل مبارك مشرق يمضي على صراط مستقيم واضح .

    وهذه المجاهدة ، حين تمضي مع القضايا الثلاث الأُخرى ، تهب المؤمن السعادة والطمأنينة حين يذكر الله سبحانه وتعالى وفضله ورحمته ، وتهبه الخشية من الله حين يذكر عذابه . ويظل المؤمن بين هاتين الحالتين ، يضمُّها رضى عن الله وحبُّه الأكبر لله ورسوله :

    ( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ) [ المؤمنون : 57 ]

    وكذلك :

    ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) [ الرعد : 28 ]

    يَمُرُّ الإنسـان في لحظات ضَعْفٍ ابتلاءً وتمحيصاً . ويُبتَلى المؤمن في جميع أحواله ، في حالات القوّة والضعف ، والغنى والفقر ، والفرح والحزن ، ويُسْرِ الحياة وعسرها ، إلى غير ذلك من الحالات . إنّ هذا الابتلاء سنّة من سنن الله في عباده ، فلا تموت نفسٌ إلا وقد استوفت أجلها ورزقها وما كتبه الله لها ، عدلاً منه سبحانه وتعالى على ميزان ربانيّ حق .

    فمن تابع مجاهدة نفسه في كلِّ أحوالها ، يذكر الله ، ويتوب ، ويستغفر ، ويجدّد التوبة والإنابة ، والمجاهدة ، فعسى أن يكـون عند الله من المفلحين . ومن أتبع نفسه هواها ، وتمنّى على الله ، ولم يجاهد في نفسه فقد عرّض نفسه للتهلكة .

    وسيرة الرسول r هي النموذج الذي يُحتَذى أَولاً ، ثم نماذج التلامذة والصحابة الأبرار إِنها رحمة من الله بعباده أن جعل لهم هذه النماذج التطبيقية العلمية ، حتى يظلَّ هنالِكَ ما يُذكّر المؤمـن بالحقّ وبمجاهدة النفس . وجعل الله شهر رمضان شهر مجاهدة للنفس ، وتطهير لها ، وكذلك جعل الشعائر كلها مصدر تذكير وقوّة .

  • #2
    رد : الصيـام ومجاهدة النفس

    جزاك الله كل خير وجمعك بخير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام

    تعليق

    جاري التحميل ..
    X