إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطاب نصر : ما بعد حيفا وما قبل سبتمبر!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطاب نصر : ما بعد حيفا وما قبل سبتمبر!!

    خطاب نصر الله: ما بعد حيفا وما قبل سبتمبر!!

    أمير سعيد 7/7/1427


    ِلِيمتْ حركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة من قبل كثيرين في العالم العربي لأنهما قد استدعيا جحافل الغزو الأمريكي إلى أفغانستان من خلال عملية تفجير برجي التجارة العالميين في نيويورك ومبنى البنتاجون في واشنطن، حتى بعض المتعاطفين مع تجربة طالبان الأفغانية لم ينظروا بعين الرضا إلى استدعاء الغزاة إلى أفغانستان وإزالة حكم "إمارة طالبان".. حينها دافعت الحركة والتنظيم عن موقفيهما بالقول إن "خطط غزو أفغانستان كانت على طاولة الجنرالات في البنتاجون، وأنهما قد ساهما فقط في حرق الزمن للوصول إلى نقطة الصدام"، وظلت أدبيات الجماعتين فيما بعد تتناولان استدعاء الجنود الأمريكيين إلى أفغانستان على أنه فرصة ذهبية للنيل من الغزاة..
    والذين أطربتهم خطابات حسن نصر الله الفترة الماضية والمتمنطقة بنفس اللغة فاتهم أنهم قد دانوا السلوك الطالباني واعتبروه نوعاً من السذاجة السياسية، مع أن الجنديين الأسيرين لا يعادلان برجين عملاقين!!


    كعادته لم يأت على ذكر المقاومة الأبرز في الشرق الأوسط وهي المقاومة العراقية من دون أن يقدم تفسيراً لاستبعادها المتكرر من مفهوم المقاومة, لاسيما وهو هذه المرة بالذات كاد أن ينعت "إسرائيل" بأنها مجرد أداة في يد الولايات المتحدة الأمريكية
    ولتنشيط الذاكرة كذلك، لازلنا نذكر أن جهوزية خطط الغزو وسرعة رد الفعل قد اعتبرها كثير من المحللين بالأمس دليلاً دامغاً على أن النظام الحاكم سابقاً في أفغانستان بشقيه قد وقع فريسة لاستدراج أجهزة الاستخبارات، لأن سرعة رد الفعل والحديث عن "حرب عالمية ضد الإرهاب" تبلور مشروعها خلال أسبوعين لا أكثر من 11 سبتمبر لا يمكن إلا أن تكون جاهزة من قبل، لكن أياً من أولئك المحللين لن يلتفت إلى حديث وزيرة الخارجية الأمريكية عن "شرق أوسط جديد تتبلور ملامحه الآن" الذي لفت زعيم "حزب الله" إليه على أنه دليل على جهوزية الخطط الأمريكية للمنطقة بما لا يثير شهية أولئك المحللين عن تكرار نغمة الاستدراج تلك.
    تحدث نصر الله قبل أيام عن بدء مرحلة ما بعد حيفا، وأنه قد تحين ساعة ما بعد ما بعد حيفا، بحسب حسابات الميدان, هذا الميدان الذي قد ينفض سامره بعد أسبوع إلى عشرة أيام بحسب تقديره؛ لكن من دون أن يحدد سقفاً زمنياً ـ بطبيعة الحال ـ للمقاومة ذاتها التي قال عنها أنها تنتمي لحرب العصابات لا "الجيوش الكلاسيكية"، وهو ما مهد بعده بالحديث عن احتمالية سقوط بلدات أخرى أمام جيش قوي ثم إعادة السيطرة عليها وفقاً لمفهوم الكر والفر الذي تمتاز به حركات المقاومة خلافاً للجيوش النظامية، وما قد يفهم التشديد عليه من قبل زعيم الحزب في خطاباته على أنه استباق إعلامي ذكي لأي نقد قد يوجه للحزب على أنه وبعد نحو شهرين من الاحتفال بـ"عيد التحرير للجنوب" قد أسقط أو ربما بطريق إسقاط بلدات الجنوب الواحدة تلو الأخرى في أسابيع وكانت احتاجت لسنوات من قبل لتحريرها.. لم يرد حسن نصر الله أن يبدو ناقضاً غزلاً من بعد قوة؛ فلاذ بمرحلة "ما بعد حيفا"، وهي مرحلة تفرضها الطبيعة الميدانية أكثر مما يحتاجها الخطاب السياسي أو الدعائي, وهي توفر له رغم ذلك زخماً دعائياً كبيراً لاعتبار قواته قد نجحت في إلجاء "الإسرائيليين" للملاجئ فرقاً من صواريخ دقيقة ـ نوعاً ما ـ تستهدف مدناً لأول مرة لم تعرف سماؤها الصواريخ..



    خطابات نصر الله أرادت التخفيف من وطأة سقوط بلدة مارون الراس لأول الأمر والتأكيد على صمود بنت جبيل لكن عباراته لم تستطع أن تمنع رسالة تسربت إلى عقول مشاهديه بأن زعيم الحزب يتوقع في قرارة نفسه سقوط عدد من البلدات الجنوبية أو نكبات كتلك التي ألمت بقانا بالأمس، وأنه يقابل هذه المشاعر أو يريد أن تقابل مشاهديه بمفهوم للنصر ـ أو بالأحرى لعدم الهزيمة ـ يتمثل في أن استمرار سقوط الصواريخ على بلدات شمال "إسرائيل" وإثارتها للرعب واصطياد الضباط والجنود "الإسرائيليين" في الاشتباكات البرية عين النصر ما دام قد شدد على أن "الحرب المفتوحة" قد فرضت عليه ولم يطلبها، وهو ما من شأنه أن يزيل عن كاهله لدى مستمعيه عبء المسؤولية عن التراجع البري البطيء.
    وقد غدا نصر الله "مبشراً" في أحاديثه بقدرة المقاومة على الصمود، موحياً بأن الحزب هو خط الدفاع الأول؛ فإن ذهب اتجه المشروع الصهيوأمريكي نحو المقاومة في فلسطين ثم سوريا ثم إيران, غير أنه كعادته لم يأت على ذكر المقاومة الأبرز في الشرق الأوسط وهي المقاومة العراقية ـ طبقاً لمعطيات بحثية بحتة تأخذ في الاعتبار بالضرورة، عدد عملياتها ووقوفها ضد تحالف قوات أممية ـ من دون أن يقدم تفسيراً لاستبعادها المتكرر من مفهوم المقاومة, لاسيما وهو هذه المرة بالذات كاد أن ينعت "إسرائيل" بأنها مجرد أداة في يد الولايات المتحدة الأمريكية تستخدمها للنيل من مناوئي مشروع الشرق الأوسط الجديد, فيما زعيمة العالم قد قدمت مشروعها للشرق الأوسط عبر بوابة عراقية ـ وللمفارقة بطريقة عسكرية أيضاً ـ وتصدت لها مقاومة هي خارج حساب الحزب ناهيك عن أفغانستان التي تقاوم فيها جماعات ضد الوجود الأجنبي في بلدها وضد المشروع الأمريكي أيضا!!



    وإذا كان مفهوماً ـ حزبياً ـ أن يستبعد خطاب زعيمه فصائل المقاومة التي لا تشاطره رؤيته؛ ففي المقابل يمكن تفهم عدم تعاطف البعض مع خطاب زعيم الحزب, ما دام رقم المقاومة قابل للقسمة ومفهومها قابل للتجزئ.
    هذا عن المفهوم, أما خلافه؛ فبعض ما قد تحدث عنه زعيم "حزب الله" أو بالأحرى ما أفاد به منقوصاً لحسابات بعضها سياسي والآخر عسكري, مثل توقعه باستمرار المعركة في طورها الحالي ـ من دون استبعاد استمرارها بأطوار أخرى ـ لمدة ما بين 7 ـ 10 أيام, وهو ما قد يفهم على معانٍ مختلفة كرسالة عسكرية في إطار الحرب النفسية للخصم, أو دبلوماسية للوسطاء, أو شعبية للرافد الجماهيري وللمتضررين من التشريد، أو يبقى حبيس نفس نصر الله ومعاونيه. وأهم من هذه حديثه عن أن "إسرائيل" كانت بصدد إشعال فتيل الحرب في سبتمبر أو أكتوبر القادمين ريثما تتمكن من استكمال معلومات استخباراتية، وهي لمحة ذكية تشيح بأوجه المحللين عن توقيت السقف الزمني المضروب لإيران في أغسطس للرد على العرض الأوربي.



    وعلى ذكر ذكاء نصر الله؛ فلقد أفلت بعبارته عن "عدم إدراك المقاومة" وعدم قصدها إفشال المخطط المرسوم للمقاومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" من نقد كان سيلاحقه بأن الحزب قد اختار هذا التوقيت بالذات لأسر الجنديين لا لتحرير الأسرى اللبنانيين بل لإفشال مخطط مثلما تتهم إسرائيل في المقابل بأنها شنت حرباً لا من أجل استرداد جندييها بل لتركيع "حزب الله"..
    وفي الأخير يبدو كلا الطرفين يقلب أوراقه باحتراف ويسدد سهامه بدقة, ويظل قدَرُ لبنان أن يصبح صهيونياً أمريكياً بحسب نصر الله أو خاضعاً لأطراف أخرى بحسب الدول العربية الناقدة للحزب.. وتظل "إسرائيل" تتحدث عن ضرورة تحقيق السيادة اللبنانية عبر حكومته, والحزب بخطاب زعيمه عن "السيادة اللبنانية" و"الاستقلال".. وتصبح السيادة أيضاً قابلة لعديد التوصيفات كما المقاومة!!
جاري التحميل ..
X