إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

**النائب المقدسي أحـــمدعـــطون يروي حكاية النواب والإبعاد عن القدس **

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • **النائب المقدسي أحـــمدعـــطون يروي حكاية النواب والإبعاد عن القدس **

    في مقابلة مع المركز الفلسطيني للإعلام
    النائب أحمد عطون يروي حكاية النواب والإبعاد عن القدس
    [ 07/07/2011]


    القدس- المركز الفلسطيني للإعلام

    لقد بات لفظ خيمة مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بقضية فلسطين ومعاناة الشعب الفلسطيني، ففي نكبته ونكسته التجأ شعبنا إلى الخيام واحتمى فيها، وها نحن الآن حين أُبعدنا نعتصم في خيمة، فالخيمة أضحت رمزًا يعبر عن الأمل بالعودة، وأنّ المقام في المعاناة لا بد زائل وليس إلا حالة عرضية لا بد بعدها من لملمة الخيام والعودة إلى الوطن وإلى الاستقرار، كما أنّ الخيام انتشرت في مدينة القدس مؤخرًا في كل موقع كارثة.

    هذا ما بدأ به النائب المقدسي المهدد بالإبعاد أحمد عطون، حديثه لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، الذي أجرى معه مقابلة خاصة، ليحكي للعالم حكاية الخيام وتعددها في مدينة القدس.

    وأضاف النائب "ففي سلوان هناك خيام اعتصام، وفي الشيخ جراح أقيمت العديد من خيام الصمود والمقاومة، وفي بيت صفافا والعيسوية ورأس العامود، وكأن الشعب الفلسطيني لا زال يعيش نفس المعاناة ونفس النكبة لكن بأشكال وطرق مختلفة، فالفارق بين نكبتنا اليوم ونكبتنا عام 1948 أن أهلنا في عام 48 خرجوا خوفًا على أعراضهم وأموالهم وأبنائهم، بينما الناس اليوم ليس لديها الاستعداد للخروج من بيوتها، يهدمون لنا بيتًا نبني خيمة ونسكن فيها، أرادوا أن يطردونا ويبعدونا عن قدسنا، نبني خيمة ونعتصم فيها ضد قرار الإبعاد، وإذا هدموا بيوتنا في حي البستان بنينا خيامًا لنقول: إننا هنا باقون، فليس لدينا اليوم أي استعداد لأن نعيش حياة لجوء جديدة، ولو كلفنا ذلك أن نموت في سبيل الله دون أرضنا وأعراضنا ومقدساتنا".

    س. لماذا الاعتصام في الصليب الأحمر؟

    ج. لماذا الصليب الأحمر ؟! كما تعلمون في عام 2010 صدر قرار يقضي بإبعادنا ومغادرتنا لمدينة القدس خلال ثلاثين يومًا، فقمنا باللجوء إلى بعثة الصليب الأحمر لكونها مؤسسة حقوقية مهمتها بحماية المدنيين تحت الاحتلال، فاعتصمنا هاهنا لنقوم بفضح جرائم الاحتلال، ولنقول أننا لن نخرج من مدينتنا التي ولدنا وعشنا فيها ونرجو الله أن نموت تحت ترابها شهداء أعزاء بإذن الله، مدافعين عن قدسنا وأقصانا، ومن أجل إغلاق ملف الإبعاد ولإدراكنا لخطورة هذا الملف الذي إن فتح على المقدسيين فلن يكون له أول ولا آخر، وكما قلنا فإنّ الاحتلال سرب نيته لإبعاد القائمة الأولى والتي تضم أكثر من 315 شخصية مقدسية إسلامية ومسيحية، ومن مختلف التيارات الوطنية، لإبعادهم عن مدينة القدس، فإن كانوا قد بدأوا بالنواب الذين لديهم حصانة ويدافعون عن شعبهم فسيكون أهون عليهم أن يستمروا بهذه السياسة ضد الشعب الذي انتخبهم، لكن وها نحن على مشارف العام على اعتصامنا نؤكد بأننا صامدون وباقون بحول الله وقوته جنبًا الى جنب مع أبناء شعبنا للدفاع عن وجودنا في مدينة القدس، فنحن لا نذكر متى جاء آباؤنا وأجدادنا إلى مدينة القدس لكننا نذكر أن الاحتلال جاء إليها عام 1967 وسنسجل بإذن الله التاريخ الذي سيغادر الاحتلال فيه قدسنا وأرضنا الفلسطينية عاجلا غير آجل إن شاء الله.

    س. كيف رصدتم حركة التضامن معكم محليًّا ودوليًّا ؟

    ج. أؤكد وأكرر مرة ثانية أننا لا زلنا نعاني من ازدواجية المعايير بالنسبة لتعامل المجتمع الدولي معنا؛ فالشعب الفلسطيني منذ 63 عامًا ينتظر تطبيق قرار أممي واحد نصرةً للشعب الفلسطيني ولم يطبق حتى الآن، بينما في الطرف الآخر هناك ميزانيات ضخمة وسياسات داعمة له بقراراتها وتأييدها في المحافل، فكيان الاحتلال كان قد أنشئ بقرار أممي، نحن لسنا ضد المجتمع الدولي إن كان يتعامل معنا ومع قضيتنا بموضوعية ومن غير ازدواجية في المعايير ومن غير انتقاصٍ من شأننا، واحترام حقوقنا، فنحن شعب لنا حقه وتاريخه ونضاله، كما أننا على ثقة بأنّ الحقوق تنتزع انتزاعًا ولا تستجدى استجداءً، فنحن لا نستجدي عطف أحد، لا منظمات دولية ولا منظمات حقوقية ولا غيرها، حقنا طبيعي تاريخي وديني وحضاري متأصل، فاللاجئون لهم الحق بالعودة الى ديارهم، ولأسرانا الحق أن يطلق سراحهم ليعودوا إلى ميادينهم ويدافعوا عن أوطانهم ضد الاحتلال، حتى تحرير فلسطين كل فلسطين والقدس عاصمةً لها، ونحن لا نعرف القدس إلا قدسًا واحدة مهما غيروا فيها، وتلاعبوا في مسمياتها، وصراحةً نحن نجد قصورًا كبيرًا لدى كثير من الأطراف تجاه قضيتنا، سواءً المنظمات الحقوقية والإنسانية أو حتى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، فلا زال بوسعهم الكثير ليبذلوه لنصرة المقدسيين ودعم وجودهم، وكذلك وضع حد لقضية الإبعاد، حتى الخطاب السياسي، فلا يوجد خطاب واضح يرقى لتطلعاتنا نصرةً للقدس وأهلها.

    نحن رفعنا صوتنا لكل المحافل الدولية حتى الآن، من منظمة المؤتمر الإسلامي، والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. قناصل وسفراء وبرلمانيون، ورؤساء دول سابقون جاؤوا للتضامن معنا في الخيمة التي أصبحت منبرًا لإيصال صوتنا، إحراجًا للمجتمع الدولي الذي يتغنى بحقوق الإنسان والحريّات، لكن حتى الآن، كل هذه الجهود وكل هذا الحراك، لم يفلح في ردع الاحتلال عن هذه الخطوة سواءً إبعادنا أو ما يقوم به من اختطاف للنواب الذين انتخبوا بشكل شرعي ولا زالوا يُعتقلون وتُقتحم بيوتُهم ويقع بحقهم اعتقال إداري، هذه المنظمات مجتمعة حتى الآن ورغم ما قامت به من جهود، إلى أن جهودها لم تؤتِ أكُلا، ويبقى التساؤل: هل هذه الإجراءات كافية حتى الآن ؟ هل قاموا بكل ما في وسعهم ؟ حتى متى سيبقى العالم صامتًا تجاه ما يجري للمقدسيين وللنواب الفلسطينيين ؟ كيف تمر هذه الإجراءات بحقنا هكذا دون محاسبة، والعالم ينظر دون حراك ؟

    س. إذًا ، ما الأثر الذي يتركه الإبعاد على القضية الفلسطينية ؟

    ج. كما ذكرت في بداية كلامي أنّ الإبعاد ليس قضية جديدة، بل هي قضية قديمة متجددة عاشها الشعب الفلسطيني لدى تهجيره وإبعاده عن مدنه وقراه عام 1948 بآلاف مؤلفة وكذلك عام 1967 ، وحتى أجلٍ غير بعيد حين أبعد ما يزيد عن أربعمائة شخصية فلسطينية من حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور، حيث سطروا أروع حكايات الصمود ببقائهم عامًا في العراء يرفضون الرحيل بعيدًا عن أرض الوطن، حتى فرض أصحاب الحق حقهم بما صبروا وقاوموا، فقام المجتمع الدولي بإصدار القرار 799 الذي ينص على إرجاع المبعدين فورًا إلى ديارهم، وإلى بلادهم، ولذلك فنحن نطالب بتفعيل هذا القرار الذي يشير في المادة الثانية منه، أنه يجب إعادة المبعدين من غزة والضفة الغربية والقدس، رغم عدم وجود مبعدين من القدس في ذلك الوقت، فنحن نطالب بتفعيل هذا القرار ووضع حد لسياسة الإبعاد التي تهدف إلى إبعاد الشعب عن قيادته السياسية والوطنية والدينية، والذين يعملون على فضح إجراءات الاحتلال، بهدف جعل الأراضي الفلسطينية والمقدسات لقمة سائغة في متناول الاحتلال؛ يغير فيها ويدنس وينتهك كيف يشاء، ولذلك فكما قلت ملف الإبعاد هو الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية.

    س. هل تنفصل معاناة النواب المقدسيين عن معاناة غيرهم ؟ وماذا حقق النواب عبر اعتصامهم ؟

    ج. نحن لسنا أحسن حالنا من حال شعبنا، هناك ملفات كثيرة جدًا، ومعاناتنا جزء يسير من معاناة شعبنا الذي نحن جزء فيه، فنحن نستصغر معاناتنا أمام معاناة أبناء الشهداء وذويهم، ومعاناة الجرحى، والأسرى واللاجئين، ومن هدمت بيوتهم، نستصغر معاناتنا عندما ننظر في عيون المعذبين من شعبنا، ونحن لسنا إلا جزءًا من هذه التركيبة الفلسطينية التي عاشت الظلم والقهر على مدى عقودٍ من الزمن بسب وجود الاحتلال. صحيح أننا أمضينا مدة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، فالنائب محمد طوطح أمضى ثلاث سنوات ونصف، وكذلك الوزير خالد أبو عرفة، وأنا أمضيت ما يقارب الاثني عشر عامًا في سجون الاحتلال، والحق تبارك وتعالى يقول :"وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" هذه ملفات نعاني منها ويعاني منها شعبنا، نستقبل في هذه الخيمة أهالي الأسرى وأبناء شعبنا؛ لنرفع صوتنا عاليًا، لنوقف هذا الطغيان الذي يعصف بمراكبنا، وبحمد الله سنبقى هاهنا صامدين ولدينا الاستعداد والنفس الطويل جدًا للدفاع عن قدسنا وأهلنا وقضيتنا حتى دحر الاحتلال بإذنه تعالى.

    نحن ندرك ونفهم الواقع جيدًا، وندرك أن هناك تغيرات حاصلة في محيطنا العربي طفت على السطح، وأنّ هناك أولويات، مع ذلك نعتقد أن البوصلة يجب أن لا تتوه وأن القدس يجب أن تبقى حاضرة في كل وقت، ولا تغيب عن العمل الإعلامي، ولا عن كافة شرائح العمل المهني والحزبي والسياسي وأن تظل حاضرة شعبيًّا وثقافيًّا، ولكن للأسف ونقول بمرارة، أن هناك تهميشًا وأن القدس لم تعطَ حقها، وبالأخص الملف الذي نعيشه ملف الإبعاد، الذي لا يتعلق بشخوصنا، وإنما أبعاد هذا الملف وخطورته على وجود الإنسان المقدسي، وصموده على أرضه، فلا زال هناك قصور كبير وهذا ما نلمسه، فإذا كان الحضور لقضية القدس برمزيتها ومركزيتها وإبعاد أهلها عنها على هذا النحو من التعتيم فهذا مدعاةٌ للأسف، إلا أننا نتأمل أن يكون هناك في المستقبل القريب حضور أقوى لقضايا القدس والمقدسيين دون أيّ انحراف في البوصلة عن الهدف بحيث يكون هذا الحضور لائقا بعمق قضية القدس والمسجد الأقصى وتجذرها بالنسبة للأمة العربية والإسلامية.

    س. ما موقف السلطة وتفاعلها مع القضية ؟

    ج. في الحقيقة كان هناك لقاءان قبل دخولنا في الاعتصام بعد تسُّلمِنا لقرار الإبعاد من الاحتلال الإسرائيلي مع "الرئيس" أبو مازن، وأطلعناه على ملابسات قضيتنا وخطورتها، فأخبرنا بأنه قد قام بإجراء اتصالات مع الجانب الإسرائيلي، وأطراف دولية أخرى وأنه قد حصل على تطمينات بأنه لن يتم إبعادنا، وصرّح "الرئيس" وقتها بأنّ إبعادنا عن مدينة القدس هو خط أحمر ولن يسمح به، لكننا تفاجأنا بعد أربعة أيامٍ بقيام الاحتلال باعتقال النائب محمد أبو طير، حيث مكث في السجن ما يقارب الخمسة شهور، ثمّ قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بطرده خارج مدينة القدس إلى الضفة الغربية وهو موجود حاليًّا في رام الله، فكان بعدها اللجوء لمقر الصليب الأحمر، ليس هروبًا من الاعتقال وإنما كما أسلفنا سابقًا لقناعتنا التامّة بضرورة الحفاظ على وجودنا كممثلين للشعب الفلسطيني في مدينة القدس، وبحمد الله قد أثمر اعتصامنا هاهنا حيث وصل صوتنا للكثير من المحافل الدولية المختلفة وها نحن نتواصل مع أهلنا وشعبنا ومع المؤسسات الحقوقية التي ترفع صوتنا وقضيتنا العادلة إلى العالم أجمع، أما على صعيد مطالبنا وآمالنا، فقد طالبنا السلطة الفلسطينية أن تقوم بتفعيل قضيتنا في الأوساط الدولية من خلال السفارات ومنظمات حقوق الإنسان والقرارات الدولية المختلفة حسب اتفاقية جنيف، إلا أنه حتى الآن لا نلمس أي حراك حقيقي من قبل السلطة الفلسطينية، وهذا ما تؤكده الوفود التضامنية التي تأتينا إذ تحدثنا عن قصور حراك السلطة الفلسطينية تجاه قضيتنا مؤكدين على أهمية أن يكون هذا الحراك.

    س. ما هي الآليات والوسائل للتصدي لهذا القرار الظالم ؟

    ج. هناك العديد من الآليات رغم محدودية الخيارات لدينا لأننا بمثابة أسرى نكابد الاحتلال في مدينة القدس، فقد تم تعيين طاقم من المحامين كإجراء مفروض علينا من الاحتلال الإسرائيلي كأسرى في مدينة القدس، وقام هذا الطاقم برفع دعوى قضائية في المحاكم الإسرائيلية ضد هذا القرار، ولا زال هناك حتى اللحظة إصرار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والمحكمة الإسرائيلية ترفض أن تأخذ قرارًا حتى اللحظة وتشير إلى أن قضيتنا قضية سياسية بامتياز وتفضل حلها خارج المحاكم لأنها قضية عادلة قانونيًّا. هناك تحرك على المستوى الأوروبي للدفاع عن قضيتنا إلا أنه حتى الآن لم يثمر ثمرة حقيقية لهذه القضية التي لم تعطَ بعدها الحقيقي ولم تأخذ حقها العادل من الاهتمام، حيث أنها تمثل قضية وجود إنسان على أرضه التي باتت حرماتها تنتهك، وتاريخها يُسرق وتتعرض لأكبر حملة طمس للهوية، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، دون أن يتم تبني هذه القضية من المحاكم الدولية، ناشدنا مؤسسات وهيئات عالمية كثيرة جدًا، هناك حراك تضامني جيد، فقد زارنا عدد من الشخصيات العالمية، ووفود من البرلمانيين والسفراء، لكن هذه التحركات لم تثمر حتى الآن، ونحن بفضل الله وحوله لن يثنينا طول الزمان وغربته عمّا وهبنا حياتنا له، فمعركتنا مع الاحتلال الآن هي معركة صبر وصمود وتحدٍ على الأرض أكثر منها معركة قانونية، لأننا نعتبر أن معركتنا معركة وجود وتاريخ وحق، وليست معركة وثائق وقرارات من الاحتلال، ويقيننا بأن النصر ما هو إلا صبر ساعة.

    س. بين الألم والأمل.. كيف تعيش مدينة القدس ؟

    ج. استكمالا لما ذكرته سابقًا من حراك تضامني من قبل عدة شخصيات وهيئات وبرلمانيين، هناك عدة اتصالات على مستويات رفيعة، نذكر مهنا زيارة مؤسسة كارتر، والرئيس الأمريكي الأسبق "جيمي كارتر" إلى خيمتنا تضامنا، وزيارة مجلس الحكماء، ومجموعة من القناصل والسفراء وشخصيات برلمانية أوروبية، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، هناك تواصل وهناك تقارير تُعَد، ولكن كما ذكرت، كل هذه التحركات لم تؤتِ أكلها حتى الآن بردع الاحتلال عن قراره بطردنا وإبعادنا، لأن العالم لا زال يتعامل مع قضيتنا ومع الاحتلال بسياسة الكيل بمكيالين، نحن نأمل أن يكون هناك حراك دولي جادّ ونافذ، فلو كان هناك توجه حقيقي وضاغط من قبل المجتمع الدولي لتغير الحال ولاستطاعت هذه القوى أن تجبر الاحتلال على التراجع عن هذا القرار، خاصة وأنّ هناك إجماعًا من الأطراف الدولية على ظلم هذا القرار وعنجهيته وكونه لاأخلاقيًّا ومناقضًا لكافة الاتفاقيات والمواثيق؛ حيث أنّ مدينة القدس مصنفة على أنها تحت الاحتلال ولا يحق للاحتلال أن يقوم بتغيير معالمها ومكوناتها الحضارية إنسانًا وبنيانًا وثقافة، ولا زال الشعب الفلسطيني منذ ثلاثة وستين عامًا ينتظر تطبيق قرار دولي واحد ضد الاحتلال وممارساته الظالمة، وملف الإبعاد هو واحد من عشرات الملفات العنصرية الأخرى التي تعيشها مدينة القدس.

    س. من الذي يتحمل مسؤولية ضياع القدس ؟

    ج. القدس تعيش في حالة احتضار في ظل الممارسات الإسرائيلية الممنهجة لتبديل واقعها وتاريخها ومعالمها، وكذلك المواطن المقدسي لا زال يقاسى أنواع الاستبداد والقهر التي يرمي الاحتلال الإسرائيلي من خلالها إلى تضييق الخناق عليه ضمن سياسته التهجيرية، لذلك المسؤولية التي تقع على عاتق العالم العربي والإسلامي كبيرة تجاه ما يجري في مدينته المقدسة ومسرى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتجاه إخوانهم وأهلهم في بيت المقدس، فلا بد من إيجاد خطط إنقاذية ومبادرات عاجلة لإنقاذ ما تبقى من مدينة القدس، ولإيقاف إجراءات المؤسسة الاحتلالية الاعتدائية على المدينة وأهلها، فقد قام الاحتلال برصد ميزانيات ضخمة جدًا ووضع خطط كثيرة ضد مدينة القدس، وهناك اتفاق بين هيئات الاحتلال التنفيذية والتشريعية والقضائية على طمس معالم المدينة والكيد لها ولأهلها، وأمام كل هذا نجد هناك قصورًا عربيًّا وإسلاميًّا كبيرًا، حيث لا يوجد هناك حراك عربي مؤثر أو ضاغط لحماية مدينة القدس والدفاع عنها، ولحماية أهم معالمها ألا وهو المسجد الأقصى المبارك، لا شعبيًّا ولا رسميًّا ولا مؤسساتيًّا، وإلا فأين المواقف الحزبية، وأين تلك الأقلام الراسخة، وأين المواقف الرسمية، أين دور المثقفين والعلماء؟! أين هي الاعتصامات والمظاهرات؟ أين مخاطبتنا للعالم بلغة المصالح التي يفهمها العالم كقوى ودول لها علاقاتها مع المجتمع الدولي؟ إذا كان هذا تعاملها مع قضية القدس بالمجمل، فهل سيكون هناك حضور لقضيتنا نحن النواب يرقى إلى حد التأثير والتغيير، إذا كان ما يحدث بالمسجد الأقصى المبارك الذي هو آية في كتاب الله وسطر من سطور عقيدة المسلمين لم يحرك أمتنا العربية والإسلامية كما يجب، فماذا علينا أن نتوقع منهم تجاه قضيتنا كنواب مهددين بالاقتلاع من مدينة القدس، فبالرغم مما يجري من حفريات وتدنيس وانتهاك للحرمات والمقدسات إلا أن التحرك العربي والإسلامي لا زال مخجلا صامتًا، بخلاف ما نرى من الأوروبيين والغربيين، الذين يقطعون المسافات للتضامن معنا إيمانًا منهم بعدالة قضيتنا حسب ادعائهم.

    القدس أولا ؟

    ومع ذلك نؤكد أنّ القدس وفلسطين والمسجد الأقصى ليست ملكًا للفلسطينيين أو للمقدسيين وحدهم؛ فهو قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبيهم صلى الله عليه وسلم.
    صحيحٌ أنّ المسجد الأقصى يبكي بدل الدمع دمًا على حاله وحال الأمة الإسلامية، فلطالما أنّت مصاطبه تشكو قلة الدارسين، ودمعت محاريبه تشتاق جموع المسلمين، ومع ذلك فلا زالت مآذنه الشامخة وأعمدته الراسخة وكأنّها تستنطق التاريخ لتحدثنا عن ثماني عشرة غزوة مرّت عليه في التاريخ، وسلسلة من أحداث القتل والتدنيس والتخريب، التي كلها كان مصيرها الاندحار عن هذه الأرض المقدسة المباركة التي لا يعمر فيها ظالم، فنزداد يقينًا بأنّ مصير الاحتلال الإسرائيلي سيكون كتلك الغزوات والحروب، وستعود مدينة القدس رافعةً رأسها عاليًا، وستظل قبلة المسلمين الأولى التي نفتديها بدمائنا وأموالنا وكل ما نملك، وسندافع عن مسجدنا بدمائنا، بعظامنا، بأرواحنا، لأننا بذلك ندافع و نفتدي جزءًا من عقيدتنا، وستبقى تلك الأبيات التي أطلقها ذلك الشاب حين بعث برسالته إلى صلاح الدين، ستبقى صوت الضمير فينا، يستنهض فينا العزمات لنهب للذود عن المسجد الأقصى، إذ يقول:
    يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكّس
    جاءت إليك ظلامةٌ تشكو من البيت المقدس
    كل المساجد طهرت وأنا على شرفي أدنّس

    س. ما هو المأمول والمطلوب ؟

    ج. لا عذر لمسلمٍ لم يحمل قضية المسجد الأقصى على عاتقه، ودافع عنه حق الدفاع؛ لأنه كما قلنا هو جزء من عقيدتنا وآية في كتاب الله تعالى، نعم نستطيع أن ننتصر إذا كانت هناك إرادة حقيقية لنصرة المسجد الأقصى المبارك، فهناك سبل ووسائل كثيرة لنصرة القدس والمسجد الأقصى، سواء المسجد الأقصى على وجه الخصوص، أو قضية النواب أو أي قضية في مدينة القدس، وإن كان الرسميون والحكوميون قد قصروا في نصرة المدينة، فأين دور النخب والأقلام؟ كما أن وسائل التكنولوجيا الحديثة تفتح مجالا واسعًا للبذل والتأثير؛ حيث يمكن التوعية بالقضايا ونشرها وتشكيل حملات ضاغطة ومتضامنة من العالم بأسره، والباب في هذا مفتوح للابتكار والعمل والتأثير، إن صدقت النوايا.

    كلمة أخيرة ورسالة للعالم العربي والإسلامي ؟

    أخيرًا نقول أن الشعب الفلسطيني والمقدسي على وجه الخصوص هو جزء من تركيبة الأمة العربية والإسلامية، وعضو هام في جسدها، ويفترض في هذا الجسد إذا اشتكى منه عضو أن يتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى، خاصة تجاه ما يجري للمسجد الأقصى المبارك، فلا يجوز لأحدٍ أن يتوانى عن نصرته وتقديم الغالي والنفيس من أجله، فنهيب بأمتنا العربية والإسلامية أن تهب الانتصار لأهم قضاياها ومحور الصراع الجاري ألا وهي قضية القدس والمسجد الأقصى، فنحن نكنُّ لهذه الشعوب كل الحب والاحترام، ونقول لهم أنتم أهلنا وأنتم إخواننا وأحبتنا، ألا ترونَ أن أقل القليل أن تناصرونا ؟ أين نخب الكتاب والمفكرين والمثقفين؟ أين علماء الأمة ليدافعوا عن مدينة القدس؟ أين حكامكم؟ أين البرلمانيون الذين يمثلونكم ليتضامنوا معنا ويرفعوا صوت قضيتنا عاليًا؟ فنحن لا ندافع عن وجودنا كأشخاص في مدينة القدس، نحن ندافع عن بقائنا فيها للحفاظ على أقدس قضية على وجه الأرض. لا يوجد شعب يعيش حتى الآن تحت الاحتلال غير الشعب الفلسطيني، لذلك فإن على كل فرد في هذه الأمة مسؤولية تجاه قضيتهم وإخوانهم، وأؤكد أننا نثمن كل الجهود المبذولة على الصعد الفردية والمؤسساتية، لكنها لاشك تحركات ليست كافية ولا بد من تضافر الجهود وتركيزها لدفع الضرر والدنس عن المسجد الأقصى، وأختم بتلك الصرخة التي ذكرتها في خضمِّ حديثي، حين أطلقها أحد شبان بيت المقدس مستنهضا صلاح الدين:

    يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكّس
    جاءت إليك ظلامة تشكوا من البيت المقدس
    كل المساجد طهرت وأنا على شرفي أدنس
    ولَرُبَّ وامعتصماه انطلقت ... من أفواه الصبايا اليُتَّمِ
    لامست أسماعهم لكنها ... لم تلامس نخوة المعتصم ِ

    فكم من "وامعتصماه" انطلقت من ساحات المسجد الأقصى ومن حرائر بيت المقدس، لكن صُمّت أذن الزعماء عنها، وصمت أذن الأمة عنها، لكن أملنا في أمتنا بعد الله رب العالمين لا زال كبيرًا وثقتنا بهم أكبر بأنهم سيعيدون القدس وفلسطين إلى جسد الأمة الإسلامية عزيزة شامخة وقد كسر عنها القيد وانقشع الظلام بإذن الله تعالى.

  • #2
    رد : **النائب المقدسي أحـــمدعـــطون يروي حكاية النواب والإبعاد عن القدس **

    أسأل الله ان يثبتهم ويربط على قلوبهم ,ان يجعل عابة صبرهم خيراً
    ويجمعنا وإياهم في ساحات الأقصى

    بوركت على المتابعة أختي

    تعليق


    • #3
      رد : **النائب المقدسي أحـــمدعـــطون يروي حكاية النواب والإبعاد عن القدس **

      المشاركة الأصلية بواسطة أبنت الأقصى مشاهدة المشاركة
      أسأل الله ان يثبتهم ويربط على قلوبهم ,ان يجعل عاقبة صبرهم خيراً
      ويجمعنا وإياهم في ساحات الأقصى
      اللهم آآآمين ,,

      نسأل الله أن يُفرج كربهم قريباً ويعيدهم إلى الأهل والديار

      ونُصلي معهم في المسجد الأقصى إن شاء الله وما ذلك على الله بعزيز

      تعليق

      جاري التحميل ..
      X