بيـــــــانٌ صادق!
ليس عجباً أن الشجر لا يُرمى أو يُقصد إلا إن كان حاملاً مُحمَّلاً بوارف الظلال والثمار؛ ولكني أعجب إن رأيت مزارعاً يجمع الحجارة لرامي أشجارِه- فإن تمادوا و سوَّلت لهم أنفسهم بسوءٍ و زادوا- لامهم ولام الشجرة, ونسي أن يلوم نفسه!
أنت صاحبها أظلتك يوم تُركت في حرِّ التخلِّي وحدك, وأنت ساقيها بالعرق حيناً وبدم أسالته أشواكُ الحياة أحياناً كثيرة, زرعتها في قلبك وقلب أبنائك قبل أن تَمُدَّ شروشها في رحم أرضك فتحملك على فروعها في السماء العالية؛ فكيف هانت عليك!؟
"وما صاحبكم بمجنون"
إنَّه منكم وتعرفونه قبل أن يُكرَّم, ولقد خبرتم صدقه وعزمه وأمانته (عليكم و معكم)- فما بالكم حين رفعه ذو العرش وأعزَّ قدره انقلبتم في شكٍ تُكذِّبون, وتناسيتم معدنه وبدأتم باستحضار التهم الجاهزة في حقه!؟
حالنا مع حركة حماس هو حال هذه الجزئية من لمسة الآية؛ فلعلَّ بعض مناصريها -ممن لم يدركوا خط سيرها المتأقلم مع لغة العصر في حفاظه على اتزانه وثوابته- تأثَّر بالموجة الإعلامية الصاخبة التي تضج في فضاء الحركة وتحيط بها من كل حدبٍ وصوب, أو لعلَّه سوء ظن الشفيق؛ فمن يمنع أُماً رؤوما أكل الدهر من مفاصلها وغطَّـت تجاعيدُ وجهها في سبات عميق لا تصحو منه إلا في الجنة!- من الخوف على ابنها منتصب القامة ممشوق القوام!؟ لن تقتنع عاطفتها بقوة بُنيته ورجاحة عقله’ وسيظل في نظرها صغيراً مهما كَبُر, وستَودُّ دائماً لو تفتديه وتقوده!
يتعامل بعض أبناء حماس مع حركتهم من هذا المنطلق؛ وبقدر ما لهذا من معنى جميل يعكس الحرص والخوف على مسيرة الحركة؛ فإن له معنى آخر لا يناسب مقامها ولا ما قدَّمت؛ فما ضلت حماس وما غوت حين أتقنت لغة الحاضر في نيل الحقوق والمطالبة بها, وتصويرها عكس ذلك تصويرٌ ناقصٌ لا يدعمه إلا الظن وينفيه شعار الحركة الذي يزداد أصالة واتصالاً بالماضي كلما مرَّت فيها السنين..
الضِّفة.. عزيزَ قومٍ متى يعود لأولِ عهده!؟
خشية أن يتشرب شباب الضفة الخوف فيزداد تشتتهم وضعفَ حالهم؛ تم البحث عن حلول من شأنها حلحلة الوضع وتغييره طوال الفترة الماضية, وحين لم ننقذ أنفسنا بلا مصالحة؛ كان لا بد من قرع جرس يُدخل الضفة مُدخلاً طيباً إن عزمت أمرها واستغلت الفرصة.
وبطبيعة الحال فإن الأجهزة الأمنية المنسجمة مع الاحتلال في أهدافها, لن تسمح لمختلف فصائل المقاومة في الضفة بأخذ فرصتها بالحرية والعمل والإعداد؛ وستبذل قصارى جهدها لإفشال الاتفاق واقناع الجميع ببطلانه, وهنا يظلُّ واجباً على الضفة أن تنال بأيدي أبنائها حريةً لن تأتيها على أطباق الذهب لو لم تطرق أبوابها بقوةٍ وحكمة ومقابل!
لا كنت إن لم أعش بكرامة؛ شعارٌ يجب أن يتخطى رفض الاستدعاءات ليصبح مذهباً وعقيدةً يعمل عليه شباب الضفة وقادتها؛ فإما حياة تسرُّ الصديق وإما حياةٌ تغيظ العدا؛ ولن ينقذ الضفة أحد بمثل ما تستطيع أن تنقذ به نفسها, وسنسألها مستنكرين إن تعذَّرت وتلكأت: كيف تُعِلُّكُ الدنيا بشيءٍ وأنتِ لعلةِ الدنيا الطبيب!؟
{أجبارٌ في الجاهلية خوار في الإسلام! رجوت نصرك فجئتني بخذلانك!}
جبار وعاتٍ ومتكبرٌ, وتذكير سيدنا عمر بما كان عليه قبل أن يجُبَّ الله ماضيه, ثم وصفه بالخوف والجبن والضعف, عتاب ولوم من الصدِّيق لم يكن فتيلاً لإشعال خلافٍ بين قطبي الدولة الإسلامية (حكمة الصديق ورباطة جأش عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وأرضاهما). فالنقاش قد يحتدم والمواقف تختلف ويتغير فيها الرجال لكنَّ أصلهم يظل ثابتاً رسوخ الجبال الرواسي, فالقصد رفعة الدين والمصدر منه والمرجع إليه, وما أُسس لأجل الله ولإعلاء رايته ظلَّ منتصباً لا يلتفت إلى مزالق الطريق وعينه لا تميل عن الهدف.
التوسع في رقعة الدعوة يفتح دائماً أبواباً جديدةً للاختلاف في المواقف و وجهات النظر, وهذا ليس عيباً أو نقيصة؛ فرأي الإنسان تتحكم فيه عدة عوامل من طبيعته وطريقة تفسيره للأمور ومدى إدراك عواقبها بالإضافةِ إلى درجة ثقافته وعلمه الشرعي, إلى آخر هذا من أمور تجبل رأينا وتخرجه بصورته النهائية. ولأن القادة وأصحاب الحل والعقد لا يُوحى إليهم فإنه كان لزاماً عليهم أن يأخذوا أمورهم بالشورى والتداول الداخلي فتوضح نقاط الاختلاف ويُكمَّلُ الرأي بالآخر, وتصقل العوامل الشخصية لنصل إلى قناعة كاملة أو اتفاق موحَّد لا يمس المبادئ.
هذا الأساس في كل دعوة, وليست حركة حماس استثناءً؛ فهذا ما عملت عليه طوال سنينها وعلى هذا الأساس ظلَّت صخرة صلبة لا يخدشها فأس أو معول, وما يطفو على السطح من أخبار ممجوجة بالشائعات ومحفوفةٍ بالتهويل سرعان ما يغمره ثباتها ومواقفها القادمة.
ليس عجباً أن الشجر لا يُرمى أو يُقصد إلا إن كان حاملاً مُحمَّلاً بوارف الظلال والثمار؛ ولكني أعجب إن رأيت مزارعاً يجمع الحجارة لرامي أشجارِه- فإن تمادوا و سوَّلت لهم أنفسهم بسوءٍ و زادوا- لامهم ولام الشجرة, ونسي أن يلوم نفسه!
أنت صاحبها أظلتك يوم تُركت في حرِّ التخلِّي وحدك, وأنت ساقيها بالعرق حيناً وبدم أسالته أشواكُ الحياة أحياناً كثيرة, زرعتها في قلبك وقلب أبنائك قبل أن تَمُدَّ شروشها في رحم أرضك فتحملك على فروعها في السماء العالية؛ فكيف هانت عليك!؟
"وما صاحبكم بمجنون"
إنَّه منكم وتعرفونه قبل أن يُكرَّم, ولقد خبرتم صدقه وعزمه وأمانته (عليكم و معكم)- فما بالكم حين رفعه ذو العرش وأعزَّ قدره انقلبتم في شكٍ تُكذِّبون, وتناسيتم معدنه وبدأتم باستحضار التهم الجاهزة في حقه!؟
حالنا مع حركة حماس هو حال هذه الجزئية من لمسة الآية؛ فلعلَّ بعض مناصريها -ممن لم يدركوا خط سيرها المتأقلم مع لغة العصر في حفاظه على اتزانه وثوابته- تأثَّر بالموجة الإعلامية الصاخبة التي تضج في فضاء الحركة وتحيط بها من كل حدبٍ وصوب, أو لعلَّه سوء ظن الشفيق؛ فمن يمنع أُماً رؤوما أكل الدهر من مفاصلها وغطَّـت تجاعيدُ وجهها في سبات عميق لا تصحو منه إلا في الجنة!- من الخوف على ابنها منتصب القامة ممشوق القوام!؟ لن تقتنع عاطفتها بقوة بُنيته ورجاحة عقله’ وسيظل في نظرها صغيراً مهما كَبُر, وستَودُّ دائماً لو تفتديه وتقوده!
يتعامل بعض أبناء حماس مع حركتهم من هذا المنطلق؛ وبقدر ما لهذا من معنى جميل يعكس الحرص والخوف على مسيرة الحركة؛ فإن له معنى آخر لا يناسب مقامها ولا ما قدَّمت؛ فما ضلت حماس وما غوت حين أتقنت لغة الحاضر في نيل الحقوق والمطالبة بها, وتصويرها عكس ذلك تصويرٌ ناقصٌ لا يدعمه إلا الظن وينفيه شعار الحركة الذي يزداد أصالة واتصالاً بالماضي كلما مرَّت فيها السنين..
الضِّفة.. عزيزَ قومٍ متى يعود لأولِ عهده!؟
خشية أن يتشرب شباب الضفة الخوف فيزداد تشتتهم وضعفَ حالهم؛ تم البحث عن حلول من شأنها حلحلة الوضع وتغييره طوال الفترة الماضية, وحين لم ننقذ أنفسنا بلا مصالحة؛ كان لا بد من قرع جرس يُدخل الضفة مُدخلاً طيباً إن عزمت أمرها واستغلت الفرصة.
وبطبيعة الحال فإن الأجهزة الأمنية المنسجمة مع الاحتلال في أهدافها, لن تسمح لمختلف فصائل المقاومة في الضفة بأخذ فرصتها بالحرية والعمل والإعداد؛ وستبذل قصارى جهدها لإفشال الاتفاق واقناع الجميع ببطلانه, وهنا يظلُّ واجباً على الضفة أن تنال بأيدي أبنائها حريةً لن تأتيها على أطباق الذهب لو لم تطرق أبوابها بقوةٍ وحكمة ومقابل!
لا كنت إن لم أعش بكرامة؛ شعارٌ يجب أن يتخطى رفض الاستدعاءات ليصبح مذهباً وعقيدةً يعمل عليه شباب الضفة وقادتها؛ فإما حياة تسرُّ الصديق وإما حياةٌ تغيظ العدا؛ ولن ينقذ الضفة أحد بمثل ما تستطيع أن تنقذ به نفسها, وسنسألها مستنكرين إن تعذَّرت وتلكأت: كيف تُعِلُّكُ الدنيا بشيءٍ وأنتِ لعلةِ الدنيا الطبيب!؟
{أجبارٌ في الجاهلية خوار في الإسلام! رجوت نصرك فجئتني بخذلانك!}
جبار وعاتٍ ومتكبرٌ, وتذكير سيدنا عمر بما كان عليه قبل أن يجُبَّ الله ماضيه, ثم وصفه بالخوف والجبن والضعف, عتاب ولوم من الصدِّيق لم يكن فتيلاً لإشعال خلافٍ بين قطبي الدولة الإسلامية (حكمة الصديق ورباطة جأش عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وأرضاهما). فالنقاش قد يحتدم والمواقف تختلف ويتغير فيها الرجال لكنَّ أصلهم يظل ثابتاً رسوخ الجبال الرواسي, فالقصد رفعة الدين والمصدر منه والمرجع إليه, وما أُسس لأجل الله ولإعلاء رايته ظلَّ منتصباً لا يلتفت إلى مزالق الطريق وعينه لا تميل عن الهدف.
التوسع في رقعة الدعوة يفتح دائماً أبواباً جديدةً للاختلاف في المواقف و وجهات النظر, وهذا ليس عيباً أو نقيصة؛ فرأي الإنسان تتحكم فيه عدة عوامل من طبيعته وطريقة تفسيره للأمور ومدى إدراك عواقبها بالإضافةِ إلى درجة ثقافته وعلمه الشرعي, إلى آخر هذا من أمور تجبل رأينا وتخرجه بصورته النهائية. ولأن القادة وأصحاب الحل والعقد لا يُوحى إليهم فإنه كان لزاماً عليهم أن يأخذوا أمورهم بالشورى والتداول الداخلي فتوضح نقاط الاختلاف ويُكمَّلُ الرأي بالآخر, وتصقل العوامل الشخصية لنصل إلى قناعة كاملة أو اتفاق موحَّد لا يمس المبادئ.
هذا الأساس في كل دعوة, وليست حركة حماس استثناءً؛ فهذا ما عملت عليه طوال سنينها وعلى هذا الأساس ظلَّت صخرة صلبة لا يخدشها فأس أو معول, وما يطفو على السطح من أخبار ممجوجة بالشائعات ومحفوفةٍ بالتهويل سرعان ما يغمره ثباتها ومواقفها القادمة.
تعليق