إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صباح الخير يا سارة صباح الخير يا بابا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صباح الخير يا سارة صباح الخير يا بابا

    صباح الخير يا سارة صباح الخير يا بابا

    بقلم فؤاد الخفش كاتب وباحث مختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين

    استطاعت الطفلة سارة ابنة الأسير أيمن قفيشة أن تحرك مشاعر كل من استمع لها وهي تتحدث عن والدها ومعاناتها كابنة أسير ، وكثر هم من سالت دموع عيونهم وهم يشاهدون الطفولة قد نزعت عنها ثوب الطفولة وارتدت ثوب الكبار فكانت البراءة التي حاول أن ينتزعها الاحتلال من أطفال الأسرى وكانت عيون سارة المتلألئة تسيطر على كل من استمع وشاهد.

    سارة التي اعتلت منصة مؤتمر الأسرى في مقر مجلس حقوق الإنسان ووقفت تنقل للدنيا مشاعرها ومدى ما يعانيه أبوها وما تعانيه أسر الأسرى وما يتعرض له معتقلونا في سجون الاحتلال والتي كان يقطع حديثها بين الفينة والأخرى تصفيق الجمهور الحار المختلط ببكاء شديد ، نقلته عدسات الكاميرات .

    سارة التي حركت مشاعر الموجودين وألهبت قلوب الحاضرين ، وأبكت المستمعين ، كلماتها صنعت ما صنعت بأبيها الذي سمع الكلمة بشكل كامل وشاهد سارة وهي تتحدث متزينة خلف منديلها كان يقول كبرتِ يا سارة وها أنت تعتلين المنابر تتحدثين وتفاخرين بأبيك الأسير الذي حرمه السجان من عناقك.
    لما قالت سارة أشتاق لحضنك يا أبي لفها أبوها بين ذراعيه وشمشم رائحتها وتنهد محاولاً أن يخمد تلك البراكين التي اشتعلت في قلبه كان الكل يستمع لكلمات سارة إلا والد سارة كان يتفقد ملامحها ينظر لعينيها يحاول أن يجعل صورتها ترسخ في ذاكرته فهي المرة الأولى التي يراها من دون أسلاك وبلا أشياك ومن دون زجاج عازل.


    أول مرة سارة من دون زجاج أول مرة يرى سارة بطولها وعرضها تمشي أول مرة يسمع صوتها من دون هاتف الزيارة .. أول مرة يشعر أيمن أن سارة كبرت .. سارة كبرت ... سارة تتحدث بلغة فصيحة .. سارة تنتصر للأسرى .

    من حوله رفاق القيد يستمعون منهم من غبطه وقال يا ليت لي بنت مثل سارة وبجمال سارة وذكاء سارة وقدرتها على الحديث ، وآخرون قالوا الحمد لله الذي لم يشأ أن نؤسر ونحن متزوجين أو لنا أولاد يكبرون بعيداً عن عيوننا يتجرعون ما تتجرعه سارة من ألم فقدان الأب ، وأيمن والد سارة فقط من ينظر لسارة ويقول لقد كبرت يا سارة.

    أنهت سارة حديثها بأمنيتها التي أشعلت النار في القلوب حيث قالت (كل ما أتمناه أن أصحو ذات صباح ليقول لي أبي صباح الخير يا سارة...).
    شعر أيمن بمدى شوق سارة وشعر أيمن كم طويلة تلك السنين الأربعة عشر التي قضاها بعيداً عن ابنته وزوجته وشعر بمدى حب وعشق سارة له فأغمض عينيه على صورتها وتمنى على الله أن يكرمه بفرج من عنده ليحقق أمنية سارة ويقول لها صباح الخير يا سارة.
    لم ينتهِ المشهد بعد فأيمن الذي علق صورة سارة التي وصلته من خلال بعض الصحف فوق رأسه في زنزانته والتي أصبح في كل صباح يقول لها صباح الخير يا سارة لم ترق لشذاذ الآفاق ولضباط السجن .

    صورة سارة تغيظ مدراء سجن السبع فقرروا أن يتخلصوا من صورة سارة فاقتحموا الغرفة وتحججوا بإجراء تفتيش ومزقوا صورة سارة ونثروها على أرض الزنزانة وداسوا عليها ...

    دخل أيمن الغرفة ليجد صورة سارة ممزقة حاول رفاق أيمن لملمة صورة سارة ولكنها كانت ممزقة إلى أجزاء صغيرة يصعب تجميعها الأمر الذي يدل على مدى حقد هؤلاء الشذاذ...

    عاد أيمن يغمض عينيه ويسترجع صورة سارة وتمنى على الله أن لا يطول به هذا الحال وأن يعجل بالفرج لكي يضم سارة ويحقق لها أمنيتها ويقول لها صباح الخير يا سارة صباح الخير يا سارة...
جاري التحميل ..
X