إسلاميون في تركيا: يهود الدونمة خطر لم ينتهِ بعد
إفتكار البنداري
إستانبول- "نعم ما زلنا نشعر بالخطر.. فهم موجودون حولنا في كل مكان، ما زال صوتهم يدوي، ويدهم تقبض على تركيا.. لكننا نستعين عليهم بلا حول ولا قوة إلا بالله".. عبارة تتردد على لسان الكثير من المحافظين المتدينين في تركيا الآن، إذا ما سألتهم: مم تخافون الآن وأنتم في عهد حزب العدالة والتنمية تعيشون أزهي أوقاتكم منذ نشأت تركيا العلمانية قبل 80 عاما؟
هذا السؤال وردت إجابات عدة له على لسان بعض مشاهير المحافظين في تركيا خلال لقاءات عقدها معهم وفد أكاديمي إعلامي مصري- كانت شبكة أون إسلام حاضرة فيه- في زيارة لعدد من مراكز البحث والجامعات والأوقاف في أنقرة وإستانبول مؤخراً.
أنس أركنة، الكاتب الإسلامي التركي وأحد كتاب سيرة الزعيم الروحي التركي الشهير فتح الله كولن قال: "رغم أننا نتمتع الآن بحرية كبيرة في العمل لم نشهدها من قبل، إلا أنه ما زال الخطر حولنا.. وخاصة من يهود الدونمة، ولكننا لن نتوقف".
مصطفى أوزجان، رئيس مجلس إدارة مستشفى سما بإستانبول، وأحد أبرز أقطاب حركة الزعيم الروحي التركي فتح الله كولن الإسلامية الإصلاحية- التي عانت من عداء معظم الحكومات التركية العلمانية السابقة- بدا وهو يتحدث عن هذه النقطة مطمئناً إلى حدٍ كبير على مستقبل الحركة رغم "الخطر" الذي يمثله يهود الدونمة والأتاتوركيون (نسبة إلى ورثة فكر مصطفى كمال أتاتورك مؤسسة تركيا العلمانية).
وبرر هذا الاطمئنان بأنهم في الحركة: "نحتمي بلا حول ولا قوة إلا بالله؛ فنحن نعلم أن حزب العدالة والتنمية (الذي يتيح لها الآن حرية الحركة والظهور) قد يبقى وقد يذهب، ولكننا مطمئنون إلى أنه يبقى ظل الله الذي لا ظل إلا ظله".
وبالإضافة إلى هذه القوة الإيمانية التي قال أوزجان إنهم يردعون بها مخاوفهم فقد أشار أيضاً إلى نجاحات لحركة فتح الله كولن في الفكاك من خطر يهود الدونمة والأتاتوركيين المعادين لها طوال الخمسين عاماً الماضية بابتكار أساليب عدة لإخفاء أنشطته: "تغيرت من حولنا في السنوات الماضية حكومات كثيرة، والله يغير في المناخ، والإنسان عليه أن يرتدي ما يقيه الحر والبرد، وكذلك نفعل نحن".
من هم ؟
ويهود الدونمة، كما يتحدث عنهم الكاتب التركي مصطفى توران في كتاب يحمل نفس الاسم، صفة يطلقها الأتراك على جماعة من اليهود الذين فروا من الأندلس فور سقوطها، واستوطنوا في الدولة العثمانية، وأظهروا أنهم من المسلمين، وتسموا بأسمائهم، مع احتفاظهم بيهوديتهم سراً؛ ليتغلغلوا في أركان الدولة ومناصبها العليا.
وكان لهم ما أرادوا، حتى أن بعض من وصل منهم لمناصب وزارية أو قيادية في الجيش ساهموا بقوة في إسقاط الدولة العثمانية، ورفعوا جماعة الاتحاد والترقي التي تضم كثيراً من يهود الدونمة إلى الحكم؛ ليؤسسوا تركيا العلمانية الحديثة.
وكثيراً ما يلقي الأتراك المسئولية على أبناء يهود الدونمة والمحافل الماسونية التابعة لهم في الانقلابات العسكرية الأربعة التي شهدتها تركيا منذ قيامها ضد الحكومات التي أبدت احتراماً للحريات الدينية، وسعت للانفتاح على الإسلاميين، كما يقف هؤلاء وراء إصدار القوانين التي تطارد المظاهر الإسلامية من الحياة العامة بسبب تغلغلهم في الجيش والحكم والقضاء والإعلام.
ويقول الأتراك إن عدداً كبيراً من رؤساء تركيا السابقين ورؤساء حكوماتها ووزرائها السابقين كانوا من يهود الدونمة، وإن العديد من أصحاب المناصب العليا في الجيش والإعلام والقضاء والأحزاب العلمانية المعارضة حالياً منهم أيضاً.
"الديناصور"
الدكتور بكير بيراد، وبروفيسور العلاقات الدولية بجامعة إستانبول، ويصف نفسه بأنه ليبرالي محافظ قال لـ"أون إسلام": "رغم أن الحركات الإسلامية والمحافظة تتنفس الصعداء في عهد حزب العدالة والتنمية، إلا أن هذه الحركات إضافة إلى حزب العدالة نفسه ليسوا في مأمن حتى الآن".
وأوضح بأن "تركيا لم تتخلص تماماً من الماسون، هم ما زالوا يتحكمون في الجيش والقضاء، وهدفهم الأكبر هو إنهاء حالة الديمقراطية التي نعيشها الآن، وكون بعض الجنرالات يقبعون وراء القضبان الآن لا يعني نهاية الخطر؛ لأن هؤلاء شرذمة قليلة، والبقية الكبيرة ما زالت طليقة بيننا".
ويقصد بيراد بالجنرالات القابعين وراء القضبان هؤلاء الذين يحاكمون في قضية "أرجينيكون" بتهم محاولات قلب نظام حكم حزب العدالة والتنمية، والتي شهدت- لأول مرة في تركيا- قيام الشرطة باعتقال عسكريين من رتب مختلفة، بينهم رؤساء أفرع، سواء ما زالوا في الخدمة أو خارجها.
وطالب بيراد في هذا الأمر حكومة حزب العدالة بالإسراع في القبض على بقية أعضاء الشبكة المقدرين بالآلاف، مستشهداً على ذلك بالمثل الذي يقول "إذا أمسكت ذيل الديناصور فيجب أن تقضى عليه كله فوراً، وإلا لو اكتفيت بذيله فسيتحول رأسه إليك ليقضمك".
بعض المراقبين يرون بالفعل الخطر المحدق بالحركات الإسلامية وحزب العدالة والتنمية الذي يسير في طريق إصلاحات تثير غضب النخب العلمانية الأتاتوركية في الجيش والقضاء والإعلام وأجهزة الحكم؛ ولذا ينصحونه بالتروي في الإصلاحات التي ينفذها، وأن يبطئ خطاه لتقليل استفزاز هؤلاء.
ولكن البروفسور التركي لا يوافقهم على هذا الرأي قائلا: "أنا لا أوافق على أن تسريع خطوات الإصلاح تشكل خطراً على حزب العدالة؛ فالحزب إذا توقف أو أبطأ خطواته سيتلقى ضربة كبيرة جداً، وسيفقد دعم الشعب له، وكذلك دعم الاتحاد الأوروبي".
ويخضع حالياً نحو 196 مشتبهاً للتحقيقات في تهم بدأ توجيهها منذ عام 2007 تتعلق بمحاولات قلب نظام الحكم واغتيال شخصيات حاكمة بارزة، على رأسها أردوغان ورئيس الدولة عبد الله جول، وتدبير تفجيرات لزعزعة الأمن الاجتماعي واستهداف الأقليات، ضمن ما يعرف بقضية أرجينيكون، الموصوفة بأنها "قضية القرن" في تركيا.
ومن المتهمين في هذه القضية جنرالات وقضاة وأساتذة جامعات وإعلاميين وسياسيين ينتمون للتيار العلماني المتشدد. وذكرت إحدى التقارير الإعلامية التركية في وقت سابق وجود شبهة لتورط هذه الشبكة مع جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد".
"الحصن"
وتعقيباً على ما سبق يتفق الباحث التركي الدكتور محمد العادل، عضو عدد من مراكز الأبحاث التركية ورئيس الجمعية العربية التركية للعلوم والثقافة والفنون، على من يؤكدون على أن خطر يهود الدونمة أو الأتاتوركيين ما زال يتربص ليس فقط بالحركات الإسلامية النشطة مثل حركة كولن وغيرها التي تسعى لاستعادة الهوية الدينية المحافظة لتركيا، ولكن أيضاً يتربص بحزب العدالة والتنمية الحاكم ذي الجذور الإسلامية.
وقال في رد لسؤال من "أون إٍسلام" بهذا الخصوص على هامش إحدى الندوات في القاهرة: "الخطر قائم وبالأرقام، فمثلاً الكتلة الانتخابية المحافظة المؤيدة لحزب العدالة والتنمية تقدر بما لا يزيد عن 35%؛ ما يعني أن البقية هي الكتلة العلمانية، وهي النسبة العظمى بلا شك".
غير أنه رغم ذلك فإن العادل، الذي يصف نفسه بأنه باحث مستقل عن أي تيار حركي أو سياسي، يرى أن حزب العدالة والتنمية "في أمان" لماذا؟ "أولاً لأن التيار القومي العلماني المتشدد يتراجع، وحزب الشعب الجمهوري- أكبر أحزاب المعارضة وأشدها علمانية والمؤسس لتركيا العلمانية الحديثة- مشتت ومنقسم على نفسه بسبب المراجعات الفكرية التي بدأها عدد من أقطابه في الأشهر الأخيرة، ويريدون فيها تخفيف حدة فكرهم العلماني؛ ليتلاءم مع المزاج التركي الشعبي الحالي".
وأضاف "وهذه المراجعات والانقسامات ستستهلك وقتاً طويلاً من الأحزاب والنخب العلمانية حتى تستقر على منهج ومسار فكري جديد، ومؤيديهم ستتشتت أصواتهم، والانتخابات البرلمانية تقترب (يونيو 2011) ما يعني أن فرصة حزب العدالة في الاستمرار في الحكم لمدة 4 سنوات أخرى قوية جداً، يعني ما زال في أمان".
ولفت العادل إلى مصدر آخر من مصادر "الأمان" التي يحتمي فيها حزب العدالة من مخاطر خصومه وهو "الشعب التركي"، وأوضح ذلك بأن "الكثير من الناس يتساءلون في اندهاشٍ شديد: كيف نجا حزب العدالة من المؤامرات ومن السقوط طوال السنوات الثمانية الماضية رغم قوة خصومه وتغلغلهم في كل منافذ الدولة؟! وأنا أقول: إنه يتحصن بشعبه الذي يتوق بشدة للإصلاح والتخلص من قبضة العسكر والفكر العلماني المتشدد"، وهو ما يردع خصوم الحزب من الانقلاب عليه خشية رد فعل الجماهير.
إستانبول- "نعم ما زلنا نشعر بالخطر.. فهم موجودون حولنا في كل مكان، ما زال صوتهم يدوي، ويدهم تقبض على تركيا.. لكننا نستعين عليهم بلا حول ولا قوة إلا بالله".. عبارة تتردد على لسان الكثير من المحافظين المتدينين في تركيا الآن، إذا ما سألتهم: مم تخافون الآن وأنتم في عهد حزب العدالة والتنمية تعيشون أزهي أوقاتكم منذ نشأت تركيا العلمانية قبل 80 عاما؟
هذا السؤال وردت إجابات عدة له على لسان بعض مشاهير المحافظين في تركيا خلال لقاءات عقدها معهم وفد أكاديمي إعلامي مصري- كانت شبكة أون إسلام حاضرة فيه- في زيارة لعدد من مراكز البحث والجامعات والأوقاف في أنقرة وإستانبول مؤخراً.
أنس أركنة، الكاتب الإسلامي التركي وأحد كتاب سيرة الزعيم الروحي التركي الشهير فتح الله كولن قال: "رغم أننا نتمتع الآن بحرية كبيرة في العمل لم نشهدها من قبل، إلا أنه ما زال الخطر حولنا.. وخاصة من يهود الدونمة، ولكننا لن نتوقف".
مصطفى أوزجان، رئيس مجلس إدارة مستشفى سما بإستانبول، وأحد أبرز أقطاب حركة الزعيم الروحي التركي فتح الله كولن الإسلامية الإصلاحية- التي عانت من عداء معظم الحكومات التركية العلمانية السابقة- بدا وهو يتحدث عن هذه النقطة مطمئناً إلى حدٍ كبير على مستقبل الحركة رغم "الخطر" الذي يمثله يهود الدونمة والأتاتوركيون (نسبة إلى ورثة فكر مصطفى كمال أتاتورك مؤسسة تركيا العلمانية).
وبرر هذا الاطمئنان بأنهم في الحركة: "نحتمي بلا حول ولا قوة إلا بالله؛ فنحن نعلم أن حزب العدالة والتنمية (الذي يتيح لها الآن حرية الحركة والظهور) قد يبقى وقد يذهب، ولكننا مطمئنون إلى أنه يبقى ظل الله الذي لا ظل إلا ظله".
وبالإضافة إلى هذه القوة الإيمانية التي قال أوزجان إنهم يردعون بها مخاوفهم فقد أشار أيضاً إلى نجاحات لحركة فتح الله كولن في الفكاك من خطر يهود الدونمة والأتاتوركيين المعادين لها طوال الخمسين عاماً الماضية بابتكار أساليب عدة لإخفاء أنشطته: "تغيرت من حولنا في السنوات الماضية حكومات كثيرة، والله يغير في المناخ، والإنسان عليه أن يرتدي ما يقيه الحر والبرد، وكذلك نفعل نحن".
من هم ؟
ويهود الدونمة، كما يتحدث عنهم الكاتب التركي مصطفى توران في كتاب يحمل نفس الاسم، صفة يطلقها الأتراك على جماعة من اليهود الذين فروا من الأندلس فور سقوطها، واستوطنوا في الدولة العثمانية، وأظهروا أنهم من المسلمين، وتسموا بأسمائهم، مع احتفاظهم بيهوديتهم سراً؛ ليتغلغلوا في أركان الدولة ومناصبها العليا.
وكان لهم ما أرادوا، حتى أن بعض من وصل منهم لمناصب وزارية أو قيادية في الجيش ساهموا بقوة في إسقاط الدولة العثمانية، ورفعوا جماعة الاتحاد والترقي التي تضم كثيراً من يهود الدونمة إلى الحكم؛ ليؤسسوا تركيا العلمانية الحديثة.
وكثيراً ما يلقي الأتراك المسئولية على أبناء يهود الدونمة والمحافل الماسونية التابعة لهم في الانقلابات العسكرية الأربعة التي شهدتها تركيا منذ قيامها ضد الحكومات التي أبدت احتراماً للحريات الدينية، وسعت للانفتاح على الإسلاميين، كما يقف هؤلاء وراء إصدار القوانين التي تطارد المظاهر الإسلامية من الحياة العامة بسبب تغلغلهم في الجيش والحكم والقضاء والإعلام.
ويقول الأتراك إن عدداً كبيراً من رؤساء تركيا السابقين ورؤساء حكوماتها ووزرائها السابقين كانوا من يهود الدونمة، وإن العديد من أصحاب المناصب العليا في الجيش والإعلام والقضاء والأحزاب العلمانية المعارضة حالياً منهم أيضاً.
"الديناصور"
الدكتور بكير بيراد، وبروفيسور العلاقات الدولية بجامعة إستانبول، ويصف نفسه بأنه ليبرالي محافظ قال لـ"أون إسلام": "رغم أن الحركات الإسلامية والمحافظة تتنفس الصعداء في عهد حزب العدالة والتنمية، إلا أن هذه الحركات إضافة إلى حزب العدالة نفسه ليسوا في مأمن حتى الآن".
وأوضح بأن "تركيا لم تتخلص تماماً من الماسون، هم ما زالوا يتحكمون في الجيش والقضاء، وهدفهم الأكبر هو إنهاء حالة الديمقراطية التي نعيشها الآن، وكون بعض الجنرالات يقبعون وراء القضبان الآن لا يعني نهاية الخطر؛ لأن هؤلاء شرذمة قليلة، والبقية الكبيرة ما زالت طليقة بيننا".
ويقصد بيراد بالجنرالات القابعين وراء القضبان هؤلاء الذين يحاكمون في قضية "أرجينيكون" بتهم محاولات قلب نظام حكم حزب العدالة والتنمية، والتي شهدت- لأول مرة في تركيا- قيام الشرطة باعتقال عسكريين من رتب مختلفة، بينهم رؤساء أفرع، سواء ما زالوا في الخدمة أو خارجها.
وطالب بيراد في هذا الأمر حكومة حزب العدالة بالإسراع في القبض على بقية أعضاء الشبكة المقدرين بالآلاف، مستشهداً على ذلك بالمثل الذي يقول "إذا أمسكت ذيل الديناصور فيجب أن تقضى عليه كله فوراً، وإلا لو اكتفيت بذيله فسيتحول رأسه إليك ليقضمك".
بعض المراقبين يرون بالفعل الخطر المحدق بالحركات الإسلامية وحزب العدالة والتنمية الذي يسير في طريق إصلاحات تثير غضب النخب العلمانية الأتاتوركية في الجيش والقضاء والإعلام وأجهزة الحكم؛ ولذا ينصحونه بالتروي في الإصلاحات التي ينفذها، وأن يبطئ خطاه لتقليل استفزاز هؤلاء.
ولكن البروفسور التركي لا يوافقهم على هذا الرأي قائلا: "أنا لا أوافق على أن تسريع خطوات الإصلاح تشكل خطراً على حزب العدالة؛ فالحزب إذا توقف أو أبطأ خطواته سيتلقى ضربة كبيرة جداً، وسيفقد دعم الشعب له، وكذلك دعم الاتحاد الأوروبي".
ويخضع حالياً نحو 196 مشتبهاً للتحقيقات في تهم بدأ توجيهها منذ عام 2007 تتعلق بمحاولات قلب نظام الحكم واغتيال شخصيات حاكمة بارزة، على رأسها أردوغان ورئيس الدولة عبد الله جول، وتدبير تفجيرات لزعزعة الأمن الاجتماعي واستهداف الأقليات، ضمن ما يعرف بقضية أرجينيكون، الموصوفة بأنها "قضية القرن" في تركيا.
ومن المتهمين في هذه القضية جنرالات وقضاة وأساتذة جامعات وإعلاميين وسياسيين ينتمون للتيار العلماني المتشدد. وذكرت إحدى التقارير الإعلامية التركية في وقت سابق وجود شبهة لتورط هذه الشبكة مع جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد".
"الحصن"
وتعقيباً على ما سبق يتفق الباحث التركي الدكتور محمد العادل، عضو عدد من مراكز الأبحاث التركية ورئيس الجمعية العربية التركية للعلوم والثقافة والفنون، على من يؤكدون على أن خطر يهود الدونمة أو الأتاتوركيين ما زال يتربص ليس فقط بالحركات الإسلامية النشطة مثل حركة كولن وغيرها التي تسعى لاستعادة الهوية الدينية المحافظة لتركيا، ولكن أيضاً يتربص بحزب العدالة والتنمية الحاكم ذي الجذور الإسلامية.
وقال في رد لسؤال من "أون إٍسلام" بهذا الخصوص على هامش إحدى الندوات في القاهرة: "الخطر قائم وبالأرقام، فمثلاً الكتلة الانتخابية المحافظة المؤيدة لحزب العدالة والتنمية تقدر بما لا يزيد عن 35%؛ ما يعني أن البقية هي الكتلة العلمانية، وهي النسبة العظمى بلا شك".
غير أنه رغم ذلك فإن العادل، الذي يصف نفسه بأنه باحث مستقل عن أي تيار حركي أو سياسي، يرى أن حزب العدالة والتنمية "في أمان" لماذا؟ "أولاً لأن التيار القومي العلماني المتشدد يتراجع، وحزب الشعب الجمهوري- أكبر أحزاب المعارضة وأشدها علمانية والمؤسس لتركيا العلمانية الحديثة- مشتت ومنقسم على نفسه بسبب المراجعات الفكرية التي بدأها عدد من أقطابه في الأشهر الأخيرة، ويريدون فيها تخفيف حدة فكرهم العلماني؛ ليتلاءم مع المزاج التركي الشعبي الحالي".
وأضاف "وهذه المراجعات والانقسامات ستستهلك وقتاً طويلاً من الأحزاب والنخب العلمانية حتى تستقر على منهج ومسار فكري جديد، ومؤيديهم ستتشتت أصواتهم، والانتخابات البرلمانية تقترب (يونيو 2011) ما يعني أن فرصة حزب العدالة في الاستمرار في الحكم لمدة 4 سنوات أخرى قوية جداً، يعني ما زال في أمان".
ولفت العادل إلى مصدر آخر من مصادر "الأمان" التي يحتمي فيها حزب العدالة من مخاطر خصومه وهو "الشعب التركي"، وأوضح ذلك بأن "الكثير من الناس يتساءلون في اندهاشٍ شديد: كيف نجا حزب العدالة من المؤامرات ومن السقوط طوال السنوات الثمانية الماضية رغم قوة خصومه وتغلغلهم في كل منافذ الدولة؟! وأنا أقول: إنه يتحصن بشعبه الذي يتوق بشدة للإصلاح والتخلص من قبضة العسكر والفكر العلماني المتشدد"، وهو ما يردع خصوم الحزب من الانقلاب عليه خشية رد فعل الجماهير.
تعليق