فاطمة الزهراء الدويك
نماذج رائعة للمرأة المؤمنة المسلمة المجاهدة التي باعت نفسها لله, وارتضت أن تجعل من جسدها جسرا لمواكبة الشهداء, ووقودا دفاعا عن الوطن.
نازك أبو رية وهدى النجار شهيدتان ارتقتا في حرب الفرقان تحملان جنينين في أحشائهما في ضربة هي الأفظع منذ عقود فأثبتتا للعالم أجمع أن نساء فلسطين الأقدر على أن يقفن في الصف الأول غير مباليات بالأصوات النشاز ونعيق المتخاذلين.
هدى ونازك ..حالات متميزة بين التفاعل الأصيل بين الدين والجهاد من جهة, وحب الوطن والإخلاص له من جهة أخرى.
هدى. المولد والنشأة
فبين أزقة منطقة الفاخورة في جباليا عاشت هدى هاني حسني النجار إحدى أفراد دائرة الأمن المسبق "شق النساء" في جهاز الأمن والحماية والتي ولدت في السعودية فهي أخت لخمس بنات و4 أولاد نشأوا جميعا على طاعة الله وحب الوطن .
درست هدى المرحلة الابتدائية في السعودية وبعد عودتها إلى أرض الوطن درست المرحلة الإعدادية في مدرسة جباليا للبنات حيث كانت تسكن في منطقة الفاخورة .
أما المرحلة الثانوية فقد درست في مدرسة شادية أبو غزالة للبنات حيث كانت علاقتها بالمدرسين علاقة احترام متبادل فقد أحبها مدرسوها لتفوقها وأدبها ، ثم انتقلت فيما بعد إلى الجامعة الإسلامية لتتابع دراستها في تخصص الدراسات الإسلامية، لكنها ولظروف مادية انتقلت إلى معهد حمودة لتتابع دراستها إلى أن تسلمت شهادة من عند ربها قبل شهادة الدراسات الإسلامية.
أخت الشهيد
وفي غرفة انتشرت على جدرانها صور الشهداء وفي إحدى زواياها مكتبة قديمة مزدحمة بالكتب جلس أبو عبد الله والد الشهيدة بالقرب منها وقد أتعبته الذكرى المؤلمة يقول:" لقد كانت ابنتي هدى من أفضل بناتي وأحبهن إلى قلبي وأكثرهن تفوقا وأرجحهن عقلا منذ طفولتها ، مشيرا إلى أن ابنه عبد الرحمن كان قد سبقها للجنة في اجتياح منطقة العطاطرة في 2006 أثناء مقاومته لقوات الاحتلال الغاشم .
ويتابع أبو عبد الله :" لقد اصطفى الله خيرة أبنائي هدى وعبد الرحمن اللذان نالا جانبا كبيرا من حبي ولن أنساهما طوال حياتي إلى أن يلحقني ربي بهما" .
أما عن دورها الدعوي فأوضح أبو عبد الله أن هدى كان قلبها معلق بالمساجد فقد كانت من بنات مسجد التوبة ، حيث كانت محفظة للقرآن الكريم وتشرف على العديد من المخيمات الصيفية التي يعقدها المسجد في الإجازة الصيفية .
نسمة باردة
أم إسلام زوجة أب الشهيد ومربيتها تقول:" لقد كانت هدى صديقة بل أخت لم أحس يوما أني زوجة أبيها بل أم وصديقة فقد كانت هدى يتيمة الأم وعملت على تربيتها وأخواتها منذ الطفولة، فكنت ألجأ إليها في أي مشكلة تصادفني فهي العاقلة صاحبة الفكر الهادئ فكانت كالنسمة الباردة في الصيف الحار .
وتضيف:" تزوجت هدى من شاب ذو خلق ودين فكانت الزوجة الصالحة ومن ثم رزقها الله بابنتها شهد عامان، وقبل شهادتها كانت حاملا في الشهر السابع وكانت على أمل أن يرزقها الله بطفل تسميه عبد الرحمن تيمنا باسم شقيقها الشهيد".
أما عن يوم الشهادة تقول أم إسلام :بعد ضرب المواقع الأمنية من قبل العدو الصهيوني خرجت من البيت أنا وشقيق هدى فسألنا عن عدة أشخاص في طريقنا عن موقع المنتدى فأخبرنا كثيرون أنه لم يقصف فاطمأننت أن هدى بخير، ثم ذهبت لأبحث عن أخي الشهيد علي المبحوح الذي أحد أفراد الشرطة البحرية الذي عرفنا فيما بعد أنه قضى شهيدا بفعل العدوان الغاشم.
وتابعت أم إسلام:" بعد وصولي للمستشفى وكنت على يقين أن هدى بخير قابلت بعض زميلاتها في العمل اللاتي أخبرنني بالفاجعة المؤلمة، فذهبت لثلاجة الموتى لأشاهد هدى التي كنت أحس أنها نائمة لا أثر لجرح سو خدش بسيط في رأسها، ملابسها كما هي فمسحت على وجهها الطاهر، فقد استشهدت وهي تحمل في أحشائها جنينا ينتظر أن يخرج للعالم بعد شهر واحد، واستقبلت العائلة النبأ بصبر المؤمنين ".
وأوضحت أم إسلام أن هدى كانت قد أجرت عملية جراحية قبل استشهادها بعام وقبل أن تستيقظ كانت تهذي وهي تحت تأثير المخدر بقولها: "رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمي و أخي عبد الرحمن يريدونني بجوارهم"، في حين أبدت العائلة استغرابها مما حدث وتم استذكاره بعد شهادتها.
نازك وتاج الوقار
وفي بيت جدتها التقت "صحيفة الداخلية" عائلة الشهيدة نازك حسن أبو ريا إحدى أفراد دائرة الأمن المسبق"شق النساء" في جهاز الأمن والحماية والتي ارتقت مع الشهيدة هدى النجار خلال الضربة الأولى للمنتدى في حرب الفرقان .
تقول أم علاء والدة الشهيدة:" ولدت نازك في جباليا وترتيبها الرابع بين إخوتها وتعود أصولها لقرية برير المحتلة ، درست الابتدائية والاعدادية في مدارس جباليا .
وتضيف الأم المكلومة:" نشأـت نازك نشأة دينية منذ الصغر فقد كانت مميزة عن أخواتها بتعلقها الشديد في المساجد وابتسامتها التي لا تغادر شفتيها، وحفظها للقرآن الكريم فقد حفظت في آخر حياتها أجزاء كبيرة منه وكانت تقول لي سألبسك تاج الوقار وتردد دائما خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
وأوضحت الأم أن ابنتها نازك كانت قد أعدت شريط فيديو يضمها مع أبنائها قبل استشهادها بفترة قصيرة وكأنها كانت تحس بأنها ستمضي قريبا .
وتستذكر الأم لحظة الفراق فتقول:" حينما وصلني خبر استشهادها تمازج شعوري بين الفرحة والألم فرحة بأنها في الجنة وألم على فراقها الصعب لكني صبرت واحتسبت وأرجو الله أن يجمعني معها في جنته.
نائل أبو رية زوج الشهيدة وأحد أفراد إدارة التدخل وحفظ النظام يقول:" تزوجت من ابنة عمتي نازك منذ 12 عاما لخلقها ودينها وأدبها فقد كانت نعم الزوجة والأم حيث رزقنا الله بمارية 10 أعوام وأحمد 6 أعوام، وقبل شهادتها كانت حاملا في الشهر الثالث".
وبحزن بالغ يستذكر نائل السنوات التي عاشها مع زوجته فيضيف:" لقد كانت نازك تخشى عليّ أن يصيبني مكروه خاصة وأني أعمل في إحدى المقرات الأمنية فدائما كانت تشدد عليّ بأن أكون حريصا على حياتي" .
نصر مبين
وأوضح الزوج أبو رية أن نازك كانت زوجة مثالية بمعنى الكلمة فقد تعلقت بالمساجد وبحلقات الذكر وبدورات الأحكام أكثر من تعلقها بحلقات السمر مع الرفيقات تذكر الموت في كل لحظة وتتمنى أن تلقى الله شهيدة، ويتابع:" لقد كانت نازك إحدى النساء اللاتي خرجن لإنقاذ المجاهدين الذين حاصرهم الاحتلال في مسجد أم النصر في بيت حانون، لقد ودعتنا متمنية الشهادة في سبيل الله فعادت بالنصر المبين حيث نجا المجاهدون في المسجد من قبضة العدو .
أما عن علاقتها بأطفالها فأشار الزوج أبو رية إلى أن نازك كانت أما حنونة تعطف على أبنائها، فكان لفقدانها أثرا نفسيا للفراغ الكبير الذي أحدثته شهادة نازك في حياتهما.
أما عن عملها في الأمن والحماية قال:" لقد كانت نازك حديثة العمل في جهاز الأمن والحماية فحينما عرضت عليّ أمر عملها لم أعارض في ذلك لرغبتها الشديدة فيذلك رغم أنني أعرف مدى خطورة التحاقها بجهاز عسكري.
مكالمة أخيرة
وفيما يتعلق بيوم استشهاد نازك تابع الزوج أبو رية:" فجر السابع والعشرين من ديسمبر صلت نازك وأيقظتني و أطفالها لتناول الفطور في ساعة مبكرة جدا كأنها كانت تودعنا، ثم خرجت إلى عملها إلى أن قمت بالاتصال عليها قبل الحدث المؤلم بعشر دقائق وكانت المكالمة الأخيرة لأسألها عن أمر من أمور البيت حينها صارت تتحدث معي بشغف وتقول لي:" لا تنهي المكالمة " كأنها أحست بالنهاية".
وأضاف:" حينما سمعنا الضربة انتابني هاجس أن زوجتي قد حدث لها شيء فخرجت مسرعا إلى المنتدى الذي كان مدمرا بالكامل ، ومن هول المنظر لم أعرف أن زوجتي استشهدت إلا عصر ذلك اليوم.
أما الجدة التي اتخذت جانبا من الغرفة والدموع كانت قد شقت لها طريقا على خديها حزنا على فراق حفيدتها نازك تقول بصوت ضعيف :" نازك بنت مجاهدة تذكر الشهادة في كل وقت وحين وتتمنى أن تلقى الله شهيدة في سبيله".
وتسكت الجدة قليلا وقد أنهكتها الذكرى الأليمة ثم تتابع:" قبل استشهاد نازك بليلة واحدة جلست عندي تحدثني ،كانت تداعب طفلها أحمد كأنها تراه لأول مرة فلم أحس حينها أنه اللقاء الأخير بيننا وبينها.
شجاعة وهدوء
رائدة أبو عجوة مديرة دائرة الأمن المسبق"شق النساء" في جهاز الأمن والحماية تحدثت عن الشهيدتين هدى النجار ونازك أبو رية فقالت :" كنت أحس أن هدى ونازك تختلفان عن باقي العاملات في الدائرة تجمعهن صفتين خاصتين الشجاعة والهدوء معا ".
وأكدت أبو عجوة أن الشهيدتين عملتا في جهاز الأمن والحماية لفترة قصيرة قبل استشهادهما حيث تلقتا دورة تدريبية عسكرية ورغم أن الشهيدتين كانتا تعانيان تعب الحمل إلا أن شغفهما للعمل كان يفوق كل الوصف .
وتذكر أبو عجوة موقفا للشهيدة نازك التي ألمّ التعب بها ذات مرة بسبب التدريب على حمل السلاح وكانت تحتاج إلى نقلها للمستشفى إلا أنها رفضت ذلك بكل قوة وتعالت على ألمها وتابعت التدريب .
وتنتقل أبو عجوة إلى الحديث عن الشهيدة هدى النجار التي اتصفت بالحكمة والحلم والتوازن
أما عن يوم شهادتهما فتقول أبو عجوة :" بدأ اليوم كأي يوم عادي لكن الغريب في ذلك اليوم أننا ضحكنا معا بشكل غريب بعدها ذهبت إلى مكتبي فسمعت صوت انفجار من بعيد فالتفت إلى الخلف فكانت الضربة القاضية التي استشهد فيها العشرات من أبناء جهاز الأمن والحماية وكانت من بينهما هدى النجار ونازك أبو رية اللتان ارتقتا إلى الله بنفس صافية وقلوب راضية وأملا في لقائه".
نماذج رائعة للمرأة المؤمنة المسلمة المجاهدة التي باعت نفسها لله, وارتضت أن تجعل من جسدها جسرا لمواكبة الشهداء, ووقودا دفاعا عن الوطن.
نازك أبو رية وهدى النجار شهيدتان ارتقتا في حرب الفرقان تحملان جنينين في أحشائهما في ضربة هي الأفظع منذ عقود فأثبتتا للعالم أجمع أن نساء فلسطين الأقدر على أن يقفن في الصف الأول غير مباليات بالأصوات النشاز ونعيق المتخاذلين.
هدى ونازك ..حالات متميزة بين التفاعل الأصيل بين الدين والجهاد من جهة, وحب الوطن والإخلاص له من جهة أخرى.
هدى. المولد والنشأة
فبين أزقة منطقة الفاخورة في جباليا عاشت هدى هاني حسني النجار إحدى أفراد دائرة الأمن المسبق "شق النساء" في جهاز الأمن والحماية والتي ولدت في السعودية فهي أخت لخمس بنات و4 أولاد نشأوا جميعا على طاعة الله وحب الوطن .
درست هدى المرحلة الابتدائية في السعودية وبعد عودتها إلى أرض الوطن درست المرحلة الإعدادية في مدرسة جباليا للبنات حيث كانت تسكن في منطقة الفاخورة .
أما المرحلة الثانوية فقد درست في مدرسة شادية أبو غزالة للبنات حيث كانت علاقتها بالمدرسين علاقة احترام متبادل فقد أحبها مدرسوها لتفوقها وأدبها ، ثم انتقلت فيما بعد إلى الجامعة الإسلامية لتتابع دراستها في تخصص الدراسات الإسلامية، لكنها ولظروف مادية انتقلت إلى معهد حمودة لتتابع دراستها إلى أن تسلمت شهادة من عند ربها قبل شهادة الدراسات الإسلامية.
أخت الشهيد
وفي غرفة انتشرت على جدرانها صور الشهداء وفي إحدى زواياها مكتبة قديمة مزدحمة بالكتب جلس أبو عبد الله والد الشهيدة بالقرب منها وقد أتعبته الذكرى المؤلمة يقول:" لقد كانت ابنتي هدى من أفضل بناتي وأحبهن إلى قلبي وأكثرهن تفوقا وأرجحهن عقلا منذ طفولتها ، مشيرا إلى أن ابنه عبد الرحمن كان قد سبقها للجنة في اجتياح منطقة العطاطرة في 2006 أثناء مقاومته لقوات الاحتلال الغاشم .
ويتابع أبو عبد الله :" لقد اصطفى الله خيرة أبنائي هدى وعبد الرحمن اللذان نالا جانبا كبيرا من حبي ولن أنساهما طوال حياتي إلى أن يلحقني ربي بهما" .
أما عن دورها الدعوي فأوضح أبو عبد الله أن هدى كان قلبها معلق بالمساجد فقد كانت من بنات مسجد التوبة ، حيث كانت محفظة للقرآن الكريم وتشرف على العديد من المخيمات الصيفية التي يعقدها المسجد في الإجازة الصيفية .
نسمة باردة
أم إسلام زوجة أب الشهيد ومربيتها تقول:" لقد كانت هدى صديقة بل أخت لم أحس يوما أني زوجة أبيها بل أم وصديقة فقد كانت هدى يتيمة الأم وعملت على تربيتها وأخواتها منذ الطفولة، فكنت ألجأ إليها في أي مشكلة تصادفني فهي العاقلة صاحبة الفكر الهادئ فكانت كالنسمة الباردة في الصيف الحار .
وتضيف:" تزوجت هدى من شاب ذو خلق ودين فكانت الزوجة الصالحة ومن ثم رزقها الله بابنتها شهد عامان، وقبل شهادتها كانت حاملا في الشهر السابع وكانت على أمل أن يرزقها الله بطفل تسميه عبد الرحمن تيمنا باسم شقيقها الشهيد".
أما عن يوم الشهادة تقول أم إسلام :بعد ضرب المواقع الأمنية من قبل العدو الصهيوني خرجت من البيت أنا وشقيق هدى فسألنا عن عدة أشخاص في طريقنا عن موقع المنتدى فأخبرنا كثيرون أنه لم يقصف فاطمأننت أن هدى بخير، ثم ذهبت لأبحث عن أخي الشهيد علي المبحوح الذي أحد أفراد الشرطة البحرية الذي عرفنا فيما بعد أنه قضى شهيدا بفعل العدوان الغاشم.
وتابعت أم إسلام:" بعد وصولي للمستشفى وكنت على يقين أن هدى بخير قابلت بعض زميلاتها في العمل اللاتي أخبرنني بالفاجعة المؤلمة، فذهبت لثلاجة الموتى لأشاهد هدى التي كنت أحس أنها نائمة لا أثر لجرح سو خدش بسيط في رأسها، ملابسها كما هي فمسحت على وجهها الطاهر، فقد استشهدت وهي تحمل في أحشائها جنينا ينتظر أن يخرج للعالم بعد شهر واحد، واستقبلت العائلة النبأ بصبر المؤمنين ".
وأوضحت أم إسلام أن هدى كانت قد أجرت عملية جراحية قبل استشهادها بعام وقبل أن تستيقظ كانت تهذي وهي تحت تأثير المخدر بقولها: "رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمي و أخي عبد الرحمن يريدونني بجوارهم"، في حين أبدت العائلة استغرابها مما حدث وتم استذكاره بعد شهادتها.
نازك وتاج الوقار
وفي بيت جدتها التقت "صحيفة الداخلية" عائلة الشهيدة نازك حسن أبو ريا إحدى أفراد دائرة الأمن المسبق"شق النساء" في جهاز الأمن والحماية والتي ارتقت مع الشهيدة هدى النجار خلال الضربة الأولى للمنتدى في حرب الفرقان .
تقول أم علاء والدة الشهيدة:" ولدت نازك في جباليا وترتيبها الرابع بين إخوتها وتعود أصولها لقرية برير المحتلة ، درست الابتدائية والاعدادية في مدارس جباليا .
وتضيف الأم المكلومة:" نشأـت نازك نشأة دينية منذ الصغر فقد كانت مميزة عن أخواتها بتعلقها الشديد في المساجد وابتسامتها التي لا تغادر شفتيها، وحفظها للقرآن الكريم فقد حفظت في آخر حياتها أجزاء كبيرة منه وكانت تقول لي سألبسك تاج الوقار وتردد دائما خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
وأوضحت الأم أن ابنتها نازك كانت قد أعدت شريط فيديو يضمها مع أبنائها قبل استشهادها بفترة قصيرة وكأنها كانت تحس بأنها ستمضي قريبا .
وتستذكر الأم لحظة الفراق فتقول:" حينما وصلني خبر استشهادها تمازج شعوري بين الفرحة والألم فرحة بأنها في الجنة وألم على فراقها الصعب لكني صبرت واحتسبت وأرجو الله أن يجمعني معها في جنته.
نائل أبو رية زوج الشهيدة وأحد أفراد إدارة التدخل وحفظ النظام يقول:" تزوجت من ابنة عمتي نازك منذ 12 عاما لخلقها ودينها وأدبها فقد كانت نعم الزوجة والأم حيث رزقنا الله بمارية 10 أعوام وأحمد 6 أعوام، وقبل شهادتها كانت حاملا في الشهر الثالث".
وبحزن بالغ يستذكر نائل السنوات التي عاشها مع زوجته فيضيف:" لقد كانت نازك تخشى عليّ أن يصيبني مكروه خاصة وأني أعمل في إحدى المقرات الأمنية فدائما كانت تشدد عليّ بأن أكون حريصا على حياتي" .
نصر مبين
وأوضح الزوج أبو رية أن نازك كانت زوجة مثالية بمعنى الكلمة فقد تعلقت بالمساجد وبحلقات الذكر وبدورات الأحكام أكثر من تعلقها بحلقات السمر مع الرفيقات تذكر الموت في كل لحظة وتتمنى أن تلقى الله شهيدة، ويتابع:" لقد كانت نازك إحدى النساء اللاتي خرجن لإنقاذ المجاهدين الذين حاصرهم الاحتلال في مسجد أم النصر في بيت حانون، لقد ودعتنا متمنية الشهادة في سبيل الله فعادت بالنصر المبين حيث نجا المجاهدون في المسجد من قبضة العدو .
أما عن علاقتها بأطفالها فأشار الزوج أبو رية إلى أن نازك كانت أما حنونة تعطف على أبنائها، فكان لفقدانها أثرا نفسيا للفراغ الكبير الذي أحدثته شهادة نازك في حياتهما.
أما عن عملها في الأمن والحماية قال:" لقد كانت نازك حديثة العمل في جهاز الأمن والحماية فحينما عرضت عليّ أمر عملها لم أعارض في ذلك لرغبتها الشديدة فيذلك رغم أنني أعرف مدى خطورة التحاقها بجهاز عسكري.
مكالمة أخيرة
وفيما يتعلق بيوم استشهاد نازك تابع الزوج أبو رية:" فجر السابع والعشرين من ديسمبر صلت نازك وأيقظتني و أطفالها لتناول الفطور في ساعة مبكرة جدا كأنها كانت تودعنا، ثم خرجت إلى عملها إلى أن قمت بالاتصال عليها قبل الحدث المؤلم بعشر دقائق وكانت المكالمة الأخيرة لأسألها عن أمر من أمور البيت حينها صارت تتحدث معي بشغف وتقول لي:" لا تنهي المكالمة " كأنها أحست بالنهاية".
وأضاف:" حينما سمعنا الضربة انتابني هاجس أن زوجتي قد حدث لها شيء فخرجت مسرعا إلى المنتدى الذي كان مدمرا بالكامل ، ومن هول المنظر لم أعرف أن زوجتي استشهدت إلا عصر ذلك اليوم.
أما الجدة التي اتخذت جانبا من الغرفة والدموع كانت قد شقت لها طريقا على خديها حزنا على فراق حفيدتها نازك تقول بصوت ضعيف :" نازك بنت مجاهدة تذكر الشهادة في كل وقت وحين وتتمنى أن تلقى الله شهيدة في سبيله".
وتسكت الجدة قليلا وقد أنهكتها الذكرى الأليمة ثم تتابع:" قبل استشهاد نازك بليلة واحدة جلست عندي تحدثني ،كانت تداعب طفلها أحمد كأنها تراه لأول مرة فلم أحس حينها أنه اللقاء الأخير بيننا وبينها.
شجاعة وهدوء
رائدة أبو عجوة مديرة دائرة الأمن المسبق"شق النساء" في جهاز الأمن والحماية تحدثت عن الشهيدتين هدى النجار ونازك أبو رية فقالت :" كنت أحس أن هدى ونازك تختلفان عن باقي العاملات في الدائرة تجمعهن صفتين خاصتين الشجاعة والهدوء معا ".
وأكدت أبو عجوة أن الشهيدتين عملتا في جهاز الأمن والحماية لفترة قصيرة قبل استشهادهما حيث تلقتا دورة تدريبية عسكرية ورغم أن الشهيدتين كانتا تعانيان تعب الحمل إلا أن شغفهما للعمل كان يفوق كل الوصف .
وتذكر أبو عجوة موقفا للشهيدة نازك التي ألمّ التعب بها ذات مرة بسبب التدريب على حمل السلاح وكانت تحتاج إلى نقلها للمستشفى إلا أنها رفضت ذلك بكل قوة وتعالت على ألمها وتابعت التدريب .
وتنتقل أبو عجوة إلى الحديث عن الشهيدة هدى النجار التي اتصفت بالحكمة والحلم والتوازن
أما عن يوم شهادتهما فتقول أبو عجوة :" بدأ اليوم كأي يوم عادي لكن الغريب في ذلك اليوم أننا ضحكنا معا بشكل غريب بعدها ذهبت إلى مكتبي فسمعت صوت انفجار من بعيد فالتفت إلى الخلف فكانت الضربة القاضية التي استشهد فيها العشرات من أبناء جهاز الأمن والحماية وكانت من بينهما هدى النجار ونازك أبو رية اللتان ارتقتا إلى الله بنفس صافية وقلوب راضية وأملا في لقائه".
تعليق