تفاصيل مصالحة القدومي ـ عباس في عمان لمواجهة دحلان
17-12-2010
تمت مساء الخميس في منزل الأول وفقا لترتيبات نفذها أنور عبد الهادي
تفاصيل مصالحة القدومي ـ عباس في عمان لمواجهة دحلان
ـ خطوة على طريق إخراج حلفاء دحلان من "المركزية" وجائت بعد تراخي غنيم بإجراء التحقيق
عمان ـ شاكر الجوهري:
حدثت نصف مصالحة بين فاروق القدومي، العضو التاريخي المؤسس في حركة "فتح"، ومحمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، في العاصمة الأردنية مساء الخميس، ذلك أنها لم تكرس على قاعدة تفاهم سياسي كامل بعد.
المصالحة تمت في صالون منزله بعمان، الذي سبق أن عقد فيه القدومي مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه محضرا لاجتماع قال إنه ضم عباس، محمد دحلان، أرئيل شارون، وبيرنر مساعد وزارة الخارجية الأميركية الأسبق، وتقرر فيه اغتيال الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي قال القدومي في حينه إن عرفات نفسه هو من زوده بهذا المحضر، حيث بعثه له ضمن مغلف كبير، مع عباس زكي عضو اللجنة المركزية للحركة.
مصادر "الوطن" المقربة من عباس، تؤكد أن الزيارة التي قام بها القدومي لكل من عمان ودمشق، فعودة قصيرة لعمان، مساء الخميس، ليطير منها صباح الجمعة إلى تونس، تمت برمجتها اساسا بهدف التقاء عباس.
وتكشف المصادر عن أن عددا من اعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" اشتغلوا على تحقيق هذه المصالحة خلال الأشهر الماضية، وقد لعب أنور عبد الهادي، المستشار الإعلامي للقدومي، ومدير عام الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق، دورا مهما في الإتصالات التس سبقت المصالحة، كما أنه هو من اصطحب عباس إلى منزل القدومي في عمان، وغادر معه، بعد عشرين دقيقة جمعت الرجلين، لم تكشف كل تفاصيل الأحاديث التي دارت خلالها.
تقول المصادر إن القدومي، الذي كان توجه للعاصمة السورية الإثنين الماضي، وبرفقته وفد من عدد من العاملين في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، انضم إليه عبد الهادي في عمان، قادما من دمشق، قبيل تحرك الوفد الفلسطيني. غير أن غير العادي كان عودة عبد الهادي إلى عمان ثانية برفقة القدومي.
تفاصيل اللقاء
وصل وفد القدومي عمان قرابة الساعة الرابعة والنصف، حيث توجه القدومي لمنزله، فيما توجه عبد الهادي إلى مقر اقامة عباس في العاصمة الأردنية، وهو زائر دائم لرئيس السلطة الفلسطينية، وعمل دوما على إعادة مياه القدومي إلى مجاري الرئاسة.
قرابة الخامسة والنصف، تلقى القدومي اتصالا هاتفيا من عبد الهادي، أبلغه فيه أن الرئيس في طريقه إليه في منزله، فبادر القدومي للإستعداد لاستقبال الضيف المقبل، خاصة وأنه هو من طلب أن تتم المصالحة في منزله بعمان، على غرار مصالحة سابقة تمت في منزله بتونس.
القدومي استقبل عباس على باب منزله، تصافحا وتعانقا.. وكذلك صافح القدومي وعانقه من كانوا برفقة عباس وهم ياسر محمود عباس، عطا خيري السفير الفلسطيني في عمان، أبو نبيل مسؤول المالية الفلسطينية في الأردن.
بدأ الحديث بسؤال عباس للقدومي عن صحته، فطمأنه إلى أنه بات في صحة جيدة، بعد السقطة التي تعرض لها في حديقة منزله بتونس خلال عطلة عيد الفطر الماضي، وإن كان لا يزال يعرج قليلا، ويستخدم "باكورة" يستند إليها تساعده على السير.
أغلب الحديث الذي جرى تداوله كان اجتماعيا، ومن بينه اطمئنان عباس على صحة زوجة القدومي (السيدة نبيلة النمر)، التي كانت أمضت هي الأخرى 12 يوما في مشفى بالعاصمة التونسية، بعيد مغادرة زوجها المشفى، وذلك لإصابتها بالتهاب في الرئتين.
حصة السياسة كانت محدودة في حديث الرجلين الذين التقيا بعد قطيعة استمرت قرابة السنة ونصف السنة.
قال عباس للقدومي في هذا الإطار إنه مصمم على موقفه الرافض استئناف المفاوضات مع اسرائيل قبل تجميد الإستيطان. وأكد له أن اعضاء لجنة المتابعة المنبثقة عن مجلس وزراء الخارجية العرب يؤيدونه في موقفه هذا. وأنه بدعم عربي قرر التوجه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة من أجل محاولة الحصول على إعتراف دولي بدولة فلسطين، ضمن حدود 1967، وذلك بعد أن خاب فأله بباراك اوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، الذي تراجع عن التزامه بالضغط على اسرائيل كي توقف الإستطيان.
وأضاف عباس أن الدول الأوروبية طمأنته إلى أنها تؤيد اقامة دولة فلسطينية.
إعادة صرف راتب القدومي
هل أخفت المصادر شيئا عن "الوطن" مما دار بين الرجلين..؟
يبدو ذلك مؤكدا، ولو من قبيل النسيان.
ولكن هل يعقل أن يقتصر الحديث بين الرجلين على الشأن العام، دون أن يتطرق إلى علاقاتهما الثنائية خارج المجاملات والإطمئنان على الصحة..؟
تقول المصادر إن هذه المسائل تم تناولها خلال الفترة الماضية من خلال الوسطاء.
وتضيف المصادر أن عباس تراجع مؤخرا عن قراره وقف صرف راتب القدومي، لكنه لا يزال يوقف صرف مخصصات الدائرة السياسية لمنظمة التحرير للقدومي، باعتبار أنه تولى شخصيا ملف الدائرة.
القدومي كان اشترط لإتمام المصالحة مع عباس، من خلال الوسطاء، أن يتولى عباس المسؤولية عن أمور الداخل، على أن يتولى هو المسؤولية عن أمور الخارج، غير أن عباس رفض ذلك.
غير أن المصادر تبدي اعتقادها في أن عباس قد يعيد تفعيل رئاسة القدومي للدائرة السياسية لمنظمة التحرير في الخارج، ولكن بصمت.
عباس في المقابل يريد موافقة القدومي على قبول عضوية المجلس الإستشاري الذي قرر تشكيله من 54 عضوا من القيادات الفتحاوية التي خرجت من مواقعها في مؤتمر بيت لحم، و كذلك في الكونفرنس، الذي يريد تشكيله من 450 عضوا.
عضوية المجلس الإستشاري كانت عرضت على القدومي مرتين، رفض في المرة الأولى، ولم يرد على الكتاب الخطي الذي تلقاه من محمد راتب غنيم، أمين سر اللجنة المركزية للحركة في المرة الثانية، قبل اسبوعين.
وسيشكل الكونفرنس من اعضاء اللجنة المركزية، والمجلس الثوري، والذين لم يحالفهم الحظ بالبقاء في مواقعهم في مؤتمر بيت لحم، على أن يحل محل المؤتمر العام في حالة عدم انعقاده.
وتبدي مصادر أنه عرض على القدومي رئاسة السن في المجلس الإستشاري، غير أنه لم يوافق، في حين يتنافس على رئاسة المجلس كل من أحمد قريع، اللواء نصر يوسف، وحكمت زيد.
حسابات المصالحة لدى عباس
ولكن لم يصر عباس عى مصالحة القدومي، واشراكه بعضوية المجلس الإستشاري، والكونفرنس..؟
تجيب المصادر لأن عباس يريد أن يوجه ضربة قوية لمحمد دحلان، وحلفائه داخل اللجنة المركزية للحركة، وهو لا يستطيع أن يقدم على هذه الخطوة وهو على خلاف مع الجميع، لذا فهو يرى ضرورة مصالحة القدومي، كي يتم إبعاد دحلان وحلفائه من عضوية اللجنة المركزية، في أجواء من الوحدة الداخلية للحركة.
هذا هو بالتحديد سبب رغبة عباس تشكيل كونفرنس، يتولى صلاحيات المؤتمر العام للحركة، ومن بين هذه الصلاحيات انتخاب لجنة مركزية جديدة، يريد عباس أن يعيد لها القدومي، وأن يخرج منها دحلان، وحلفائه اللواء توفيق الطيراوي، اللواء سلطان أبو العينين، حسين الشيخ الطريفي، وصخر بسيسو، وربما كذلك ناصر القدوة، رغم انسحابه من حلف دحلان.
وتؤكد المصادر أن عباس أطاح خلال الفترة القصيرة السابقة بما يقارب 250 من انصار وحلفاء دحلان في الأجهزة الأمنية والوزارات والسفارات..إلخ. حيث أحيل البعض للتقاعد، وأنهيت خدمات البعض، كما سجن البعض الآخر.
وما يجعل عباس مهتما بمصالحة القدومي هو الإتهامات التشكيكية التي صدرت عن دحلان، وطالت أدائه التفاوضي مع اسرائيل، ولذلك فإن مصالحته للقدومي تقدم له شهادة معاكسة بشكل تلقائي، فضلا عن مفهوم الوحدة الفتحاوية التي تبرزه هذه المصالحة.
وفي هذا السياق، صدرت تصريحات عن القدومي خلال التقائه قادة فصائل فلسطينية، اثناء زيارته لدمشق، طالب فيها بمحاكمة دحلان بسبب تصرفاته "المشبوهة" بحق عباس.
مبادرات القدومي
وكان القدومي، أجرى اتصالا هاتفيا من تونس مع عباس، شكره فيه على اهتمامه بصحته والسؤال عنه، وإيفاده سليمان الهرفي السفير الفلسطيني في تونس، وتكليفه برعايته، وملازمته خلال فترة اقامته في أحد مشافي العاصمة التونسية، وكذلك ايفاد وفد من رام الله مكلفا من عباس الإطمئنان على صحته.
ونقلت أوساط الفصائل الفلسطينية في دمشق عن القدومي قوله عند استعراضه للأوضاع الداخلية "إن محمد دحلان يكرر تصرفاته المشبوهة بالعبث بالساحة الفلسطينية، كما وقف وحرض على الرئيس الشهيد ياسر عرفات. وللأسف خدمة للمصالح الإسرائيلية، مدعوما بالملايين التي يمتلكها والتي يعرف شعبنا مصادرها المشبوهة لشراء الذمم وتشجيع الفساد، ولكي يجعلنا نظهر للعالم بأننا غير مؤهلين لقيادة دولة مستقلة فيجب محاكمته".
ايجابية مواقف القدومي، إلى جانب عباس، بخلاف مواقف محمد راتب غنيم (أبو ماهر)، أمين سر اللجنة المركزية التي انبثقت عن مؤتمر بيت لحم، ربما تجعل عباس يفكر بإعادة القدومي لأمانة سر اللجنة المركزية للحركة، بعد أن يستعيد عضوية اللجنة من خلال الكونفرنس، خاصة وأن غنيم، الذي قرر عباس تشكيل لجنة برئاسته، للتحقيق مع دحلان، في التهم المنسوبة إليه، قد أنام اللجنة، وأماتها، على حد وصف عضو بارز في المجلس الثوري لحركة "فتح"، وذلك على قاعدة التحالف الذي يربطه مع دحلان.
غير أنه، حتى الآن، لم تصدر معلومة سياسية واحدة عن لقاء عباس ـ القدومي في عمان، إذ أكتفت رئاسة السلطة بنشر خبر مقتضم عبر وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، تم إعداده بعناية فائقة، كي لا يستبق الحدث، جاء فيه:
"عاد الرئيس محمود عباس، اليوم (أمس) الخميس، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي 'أبو اللطف' في منزله بالعاصمة الأردنية عمان".. "واطمئن الرئيس وفقا على صحة 'ابو اللطف' وتمنى له الشفاء العاجل".
أما القدومي نفسه، فقد لاحظ الذين رأوه بعيد مغادرة عباس باب منزله، أنه كان في حالة تأمل وتفكير، لا يبدي شيئا من المشاعر.
17-12-2010
تمت مساء الخميس في منزل الأول وفقا لترتيبات نفذها أنور عبد الهادي
تفاصيل مصالحة القدومي ـ عباس في عمان لمواجهة دحلان
ـ خطوة على طريق إخراج حلفاء دحلان من "المركزية" وجائت بعد تراخي غنيم بإجراء التحقيق
عمان ـ شاكر الجوهري:
حدثت نصف مصالحة بين فاروق القدومي، العضو التاريخي المؤسس في حركة "فتح"، ومحمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، في العاصمة الأردنية مساء الخميس، ذلك أنها لم تكرس على قاعدة تفاهم سياسي كامل بعد.
المصالحة تمت في صالون منزله بعمان، الذي سبق أن عقد فيه القدومي مؤتمره الصحفي الذي أعلن فيه محضرا لاجتماع قال إنه ضم عباس، محمد دحلان، أرئيل شارون، وبيرنر مساعد وزارة الخارجية الأميركية الأسبق، وتقرر فيه اغتيال الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي قال القدومي في حينه إن عرفات نفسه هو من زوده بهذا المحضر، حيث بعثه له ضمن مغلف كبير، مع عباس زكي عضو اللجنة المركزية للحركة.
مصادر "الوطن" المقربة من عباس، تؤكد أن الزيارة التي قام بها القدومي لكل من عمان ودمشق، فعودة قصيرة لعمان، مساء الخميس، ليطير منها صباح الجمعة إلى تونس، تمت برمجتها اساسا بهدف التقاء عباس.
وتكشف المصادر عن أن عددا من اعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" اشتغلوا على تحقيق هذه المصالحة خلال الأشهر الماضية، وقد لعب أنور عبد الهادي، المستشار الإعلامي للقدومي، ومدير عام الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق، دورا مهما في الإتصالات التس سبقت المصالحة، كما أنه هو من اصطحب عباس إلى منزل القدومي في عمان، وغادر معه، بعد عشرين دقيقة جمعت الرجلين، لم تكشف كل تفاصيل الأحاديث التي دارت خلالها.
تقول المصادر إن القدومي، الذي كان توجه للعاصمة السورية الإثنين الماضي، وبرفقته وفد من عدد من العاملين في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، انضم إليه عبد الهادي في عمان، قادما من دمشق، قبيل تحرك الوفد الفلسطيني. غير أن غير العادي كان عودة عبد الهادي إلى عمان ثانية برفقة القدومي.
تفاصيل اللقاء
وصل وفد القدومي عمان قرابة الساعة الرابعة والنصف، حيث توجه القدومي لمنزله، فيما توجه عبد الهادي إلى مقر اقامة عباس في العاصمة الأردنية، وهو زائر دائم لرئيس السلطة الفلسطينية، وعمل دوما على إعادة مياه القدومي إلى مجاري الرئاسة.
قرابة الخامسة والنصف، تلقى القدومي اتصالا هاتفيا من عبد الهادي، أبلغه فيه أن الرئيس في طريقه إليه في منزله، فبادر القدومي للإستعداد لاستقبال الضيف المقبل، خاصة وأنه هو من طلب أن تتم المصالحة في منزله بعمان، على غرار مصالحة سابقة تمت في منزله بتونس.
القدومي استقبل عباس على باب منزله، تصافحا وتعانقا.. وكذلك صافح القدومي وعانقه من كانوا برفقة عباس وهم ياسر محمود عباس، عطا خيري السفير الفلسطيني في عمان، أبو نبيل مسؤول المالية الفلسطينية في الأردن.
بدأ الحديث بسؤال عباس للقدومي عن صحته، فطمأنه إلى أنه بات في صحة جيدة، بعد السقطة التي تعرض لها في حديقة منزله بتونس خلال عطلة عيد الفطر الماضي، وإن كان لا يزال يعرج قليلا، ويستخدم "باكورة" يستند إليها تساعده على السير.
أغلب الحديث الذي جرى تداوله كان اجتماعيا، ومن بينه اطمئنان عباس على صحة زوجة القدومي (السيدة نبيلة النمر)، التي كانت أمضت هي الأخرى 12 يوما في مشفى بالعاصمة التونسية، بعيد مغادرة زوجها المشفى، وذلك لإصابتها بالتهاب في الرئتين.
حصة السياسة كانت محدودة في حديث الرجلين الذين التقيا بعد قطيعة استمرت قرابة السنة ونصف السنة.
قال عباس للقدومي في هذا الإطار إنه مصمم على موقفه الرافض استئناف المفاوضات مع اسرائيل قبل تجميد الإستيطان. وأكد له أن اعضاء لجنة المتابعة المنبثقة عن مجلس وزراء الخارجية العرب يؤيدونه في موقفه هذا. وأنه بدعم عربي قرر التوجه إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة من أجل محاولة الحصول على إعتراف دولي بدولة فلسطين، ضمن حدود 1967، وذلك بعد أن خاب فأله بباراك اوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، الذي تراجع عن التزامه بالضغط على اسرائيل كي توقف الإستطيان.
وأضاف عباس أن الدول الأوروبية طمأنته إلى أنها تؤيد اقامة دولة فلسطينية.
إعادة صرف راتب القدومي
هل أخفت المصادر شيئا عن "الوطن" مما دار بين الرجلين..؟
يبدو ذلك مؤكدا، ولو من قبيل النسيان.
ولكن هل يعقل أن يقتصر الحديث بين الرجلين على الشأن العام، دون أن يتطرق إلى علاقاتهما الثنائية خارج المجاملات والإطمئنان على الصحة..؟
تقول المصادر إن هذه المسائل تم تناولها خلال الفترة الماضية من خلال الوسطاء.
وتضيف المصادر أن عباس تراجع مؤخرا عن قراره وقف صرف راتب القدومي، لكنه لا يزال يوقف صرف مخصصات الدائرة السياسية لمنظمة التحرير للقدومي، باعتبار أنه تولى شخصيا ملف الدائرة.
القدومي كان اشترط لإتمام المصالحة مع عباس، من خلال الوسطاء، أن يتولى عباس المسؤولية عن أمور الداخل، على أن يتولى هو المسؤولية عن أمور الخارج، غير أن عباس رفض ذلك.
غير أن المصادر تبدي اعتقادها في أن عباس قد يعيد تفعيل رئاسة القدومي للدائرة السياسية لمنظمة التحرير في الخارج، ولكن بصمت.
عباس في المقابل يريد موافقة القدومي على قبول عضوية المجلس الإستشاري الذي قرر تشكيله من 54 عضوا من القيادات الفتحاوية التي خرجت من مواقعها في مؤتمر بيت لحم، و كذلك في الكونفرنس، الذي يريد تشكيله من 450 عضوا.
عضوية المجلس الإستشاري كانت عرضت على القدومي مرتين، رفض في المرة الأولى، ولم يرد على الكتاب الخطي الذي تلقاه من محمد راتب غنيم، أمين سر اللجنة المركزية للحركة في المرة الثانية، قبل اسبوعين.
وسيشكل الكونفرنس من اعضاء اللجنة المركزية، والمجلس الثوري، والذين لم يحالفهم الحظ بالبقاء في مواقعهم في مؤتمر بيت لحم، على أن يحل محل المؤتمر العام في حالة عدم انعقاده.
وتبدي مصادر أنه عرض على القدومي رئاسة السن في المجلس الإستشاري، غير أنه لم يوافق، في حين يتنافس على رئاسة المجلس كل من أحمد قريع، اللواء نصر يوسف، وحكمت زيد.
حسابات المصالحة لدى عباس
ولكن لم يصر عباس عى مصالحة القدومي، واشراكه بعضوية المجلس الإستشاري، والكونفرنس..؟
تجيب المصادر لأن عباس يريد أن يوجه ضربة قوية لمحمد دحلان، وحلفائه داخل اللجنة المركزية للحركة، وهو لا يستطيع أن يقدم على هذه الخطوة وهو على خلاف مع الجميع، لذا فهو يرى ضرورة مصالحة القدومي، كي يتم إبعاد دحلان وحلفائه من عضوية اللجنة المركزية، في أجواء من الوحدة الداخلية للحركة.
هذا هو بالتحديد سبب رغبة عباس تشكيل كونفرنس، يتولى صلاحيات المؤتمر العام للحركة، ومن بين هذه الصلاحيات انتخاب لجنة مركزية جديدة، يريد عباس أن يعيد لها القدومي، وأن يخرج منها دحلان، وحلفائه اللواء توفيق الطيراوي، اللواء سلطان أبو العينين، حسين الشيخ الطريفي، وصخر بسيسو، وربما كذلك ناصر القدوة، رغم انسحابه من حلف دحلان.
وتؤكد المصادر أن عباس أطاح خلال الفترة القصيرة السابقة بما يقارب 250 من انصار وحلفاء دحلان في الأجهزة الأمنية والوزارات والسفارات..إلخ. حيث أحيل البعض للتقاعد، وأنهيت خدمات البعض، كما سجن البعض الآخر.
وما يجعل عباس مهتما بمصالحة القدومي هو الإتهامات التشكيكية التي صدرت عن دحلان، وطالت أدائه التفاوضي مع اسرائيل، ولذلك فإن مصالحته للقدومي تقدم له شهادة معاكسة بشكل تلقائي، فضلا عن مفهوم الوحدة الفتحاوية التي تبرزه هذه المصالحة.
وفي هذا السياق، صدرت تصريحات عن القدومي خلال التقائه قادة فصائل فلسطينية، اثناء زيارته لدمشق، طالب فيها بمحاكمة دحلان بسبب تصرفاته "المشبوهة" بحق عباس.
مبادرات القدومي
وكان القدومي، أجرى اتصالا هاتفيا من تونس مع عباس، شكره فيه على اهتمامه بصحته والسؤال عنه، وإيفاده سليمان الهرفي السفير الفلسطيني في تونس، وتكليفه برعايته، وملازمته خلال فترة اقامته في أحد مشافي العاصمة التونسية، وكذلك ايفاد وفد من رام الله مكلفا من عباس الإطمئنان على صحته.
ونقلت أوساط الفصائل الفلسطينية في دمشق عن القدومي قوله عند استعراضه للأوضاع الداخلية "إن محمد دحلان يكرر تصرفاته المشبوهة بالعبث بالساحة الفلسطينية، كما وقف وحرض على الرئيس الشهيد ياسر عرفات. وللأسف خدمة للمصالح الإسرائيلية، مدعوما بالملايين التي يمتلكها والتي يعرف شعبنا مصادرها المشبوهة لشراء الذمم وتشجيع الفساد، ولكي يجعلنا نظهر للعالم بأننا غير مؤهلين لقيادة دولة مستقلة فيجب محاكمته".
ايجابية مواقف القدومي، إلى جانب عباس، بخلاف مواقف محمد راتب غنيم (أبو ماهر)، أمين سر اللجنة المركزية التي انبثقت عن مؤتمر بيت لحم، ربما تجعل عباس يفكر بإعادة القدومي لأمانة سر اللجنة المركزية للحركة، بعد أن يستعيد عضوية اللجنة من خلال الكونفرنس، خاصة وأن غنيم، الذي قرر عباس تشكيل لجنة برئاسته، للتحقيق مع دحلان، في التهم المنسوبة إليه، قد أنام اللجنة، وأماتها، على حد وصف عضو بارز في المجلس الثوري لحركة "فتح"، وذلك على قاعدة التحالف الذي يربطه مع دحلان.
غير أنه، حتى الآن، لم تصدر معلومة سياسية واحدة عن لقاء عباس ـ القدومي في عمان، إذ أكتفت رئاسة السلطة بنشر خبر مقتضم عبر وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، تم إعداده بعناية فائقة، كي لا يستبق الحدث، جاء فيه:
"عاد الرئيس محمود عباس، اليوم (أمس) الخميس، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي 'أبو اللطف' في منزله بالعاصمة الأردنية عمان".. "واطمئن الرئيس وفقا على صحة 'ابو اللطف' وتمنى له الشفاء العاجل".
أما القدومي نفسه، فقد لاحظ الذين رأوه بعيد مغادرة عباس باب منزله، أنه كان في حالة تأمل وتفكير، لا يبدي شيئا من المشاعر.
تعليق