بقلم:الدكتور/ عبد العزيز الرنتيسي
على النقيض تماما مما يظنه البعض فإن الأمة تحقق في هذه الأيام انتصارات عظيمة أذهلت العدو، هذه الانتصارات لم تترجم إلى انتصارات عسكرية بعد، ولكنها المقدمة التي لابد منها لإحراز النصر العسكري الذي لا يعدو كونه الجولة الأخيرة المتبقية التي تتوج النصر الذي تم إحرازه فعلا على أرض المعركة، ورب سائل يتساءل أين هذا النصر الذي تتحدث عنه وفلسطين كل فلسطين ترزح تحت الاحتلال، والأقصى في قبضة الصهاينة، والشعب الفلسطيني يشيع الجنازات في كل صباح، والأمة تُضرب في أفغانستان، وتُحاصر في العراق، ومعظم أقطارها تقع تحت التهديد، يحدق بها الخطر من كل جانب. وللإجابة على ذلك علينا ألا ننسى أن هزيمتنا العسكرية هي ثمرة طبيعية لهزيمتنا الفكرية، ولولا الغزو الفكري الذي مكن الغرب من صناعة عملاء من بني جلدتنا انبهروا بحضارته فكانوا أكثر من الأعداء إضرارا بأمتهم وحضارتهم، انهزموا فكريا فشعروا بضآلتهم أمام الحضارة الغربية وما ملكت من عناصر القوة، ثم ما لبثوا أن عكسوا مشاعرهم تلك على واقع الأمة، وغاب عن أذهانهم ما تملك أمتهم من حضارة وإمكانات وطاقات لو أنهم فجروها ووظفوها لصالح نهضة الأمة من جديد لانتشلوها من وهدتها، ولكنها أصبحت في نظرهم أمة عاجزة ضعيفة لا تقوى على النهوض، فأعطوا ولاءهم لأعدائها ليصبحوا معاول هدم في يد الغرب الحاقد، فكانوا عاملا رئيسيا من عوامل الهزيمة العسكرية التي نعيشها اليوم. ويعرف فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الغزو الفكري قائلا ( الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة. وهو أخطر من الغزو العسكري، لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية وسلوك المسارب الخفية في بادئ الأمر فلا تحس به الأمة المغزوة ولا تستعد لصده والوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له وتكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منها أن تكرهه. وهو داء عضال يفتك بالأمم ويذهب شخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمرا صعبا وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيرا ً )، وإن الناظر لواقع الأمة لا يراها تخرج قيد أنملة عن هذا التعريف، لأن الغزو الفكري قد خلق فينا شعوراً بالضعف وإحساساً بالتخلف، حتى فقدت الأمة ثقتها بنفسها وطاقاتها وقدراتها على المواجهة، وبدا همها الأول والأخير أن تتمكن من التأثير على نتائج الانتخابات لدى العدو، علها تسقط شارون أو تقصي بوش عن الحلبة السياسية، متجاهلة أن كل الصهاينة شارون وأن كل الأمريكان بوش، وناسية أو متناسية أن الذي يملك إخراجنا من واقع الهزيمة هو أن نغير نحن أنفسنا وإلا فسنبقى نلهث خلف السراب. لقد أدرك العدو بعد خروجه منهزما من الحروب الصليبية أن القوة العسكرية لا يمكنها إلا أن تحقق نصرا محدودا بزمن، ولكن لتحقيق الغلبة الدائمة لابد من غزو العالم الإسلامي فكريا بعيدا عن استخدام الدبابات والطائرات وراجمات الصواريخ، فترك أعداؤنا الغزو الفضائي والغزو البري, وأحكموا قبضتهم على العالم الإسلامي بالغزو الفكري, فصرنا ننظر للغرب بأنه هو الأعلى وأنه هو الأكمل وأن ما عنده هو الأحسن، ونشعر في قرارة أنفسنا بالدونية والمهانة، ثم ما لبثنا أن سلمنا ديارنا، وأموالنا، وكرامتنا، بل ورقابنا للغرب، فأخذوا يعبثون بمقدراتنا، وينهبون خيراتنا، ويستخفون بعقولنا، ويجندون بعضنا لضرب رقاب بعضنا الآخر, وكل ذلك يجري على يد صنائع لهم من بني جلدتنا، استنكروا علينا أن نقف موقف عزة وكرامة، فحرّموا الحلال يوم حرّموا المقاومة، وأحلوا الحرام يوم أحلوا التنازل عن أرض المسلمين، وأخذ الغرب يرقب من بعيد هذه المعركة المحتدمة بين ضحايا غزوه الفكري وبين من تحصنوا بالإسلام فكانوا في منعة من الانهزام أمام الحضارة الغربية، ورفضوا بالتالي التسليم بالأمر الواقع, وأبوا إلا المواجهة، ولقد كانت الغلبة حتى عهد قريب لضحايا الغزو الفكري، مما أدى إلى استسلام الأمة وانهزامها أمام أعدائها، وأما اليوم فأستطيع القول أن الميزان بدأ يعتدل لصالح الوعي الإسلامي والصحوة الإسلامية التي باتت تمثل ضمير الأمة، مما جعل الشعوب تتحلل من واقع الهزيمة يوما بعد يوم، وكان الفضل في ذلك أولا لله سبحانه ثم للمجاهدين من أبناء الأمة في فلسطين ولبنان والفلبين والشيشان وكشمير وأفغانستان وكوسوفا والبوسنة والهرسك الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء، وأثبتوا أن الأمة قادرة على إحراز النصر في ميدان المواجهة إذا تمكنت من نفض غبار الهزيمة الفكرية. ولقد أصاب الذهول أعداء هذه الأمة الذين جيشوا جيوشا جرارة من المبشرين والمستشرقين، وزودوهم بالمليارات من الدولارات، وأرقى ما توصلت له التكنولوجيا الحديثة من وسائل، ولكنهم صعقوا عندما رأوا أن الأمة بدأت تعود لأصالتها على يد المجاهدين الذين يفجرون أنفسهم في سبيل الله، إن خروج الأمة بهذه السرعة وبهذه القوة من واقع الهزيمة دفع بالصهاينة والغرب أن يلجأوا إلى استخدام القوة العسكرية من جديد وهذا أكبر دليل يقدمونه على فشلهم أو قل على هزيمتهم في معركة الفكر. ومن هنا فإن انتصارنا على ضحايا الغزو الفكري الذين يسارعون في تحقيق ما يرضي العدو من شجب واستنكار لما يقوم به المجاهدون لهو الانتصار الحقيقي الذي سيقودنا لا محالة إلى النصر في المعركة العسكرية الفاصلة، وها نحن اليوم نلاحق فلول مرضى الغزو الفكري، فهم في انحسار دائم، حيث تنبهت الشعوب لحقيقة أمرهم، وهذه أول وأهم إرهاصات النصر العسكري القادم، فالنصر الفكري هو النصر الحقيقي الذي بدأت تطل بشائره
على النقيض تماما مما يظنه البعض فإن الأمة تحقق في هذه الأيام انتصارات عظيمة أذهلت العدو، هذه الانتصارات لم تترجم إلى انتصارات عسكرية بعد، ولكنها المقدمة التي لابد منها لإحراز النصر العسكري الذي لا يعدو كونه الجولة الأخيرة المتبقية التي تتوج النصر الذي تم إحرازه فعلا على أرض المعركة، ورب سائل يتساءل أين هذا النصر الذي تتحدث عنه وفلسطين كل فلسطين ترزح تحت الاحتلال، والأقصى في قبضة الصهاينة، والشعب الفلسطيني يشيع الجنازات في كل صباح، والأمة تُضرب في أفغانستان، وتُحاصر في العراق، ومعظم أقطارها تقع تحت التهديد، يحدق بها الخطر من كل جانب. وللإجابة على ذلك علينا ألا ننسى أن هزيمتنا العسكرية هي ثمرة طبيعية لهزيمتنا الفكرية، ولولا الغزو الفكري الذي مكن الغرب من صناعة عملاء من بني جلدتنا انبهروا بحضارته فكانوا أكثر من الأعداء إضرارا بأمتهم وحضارتهم، انهزموا فكريا فشعروا بضآلتهم أمام الحضارة الغربية وما ملكت من عناصر القوة، ثم ما لبثوا أن عكسوا مشاعرهم تلك على واقع الأمة، وغاب عن أذهانهم ما تملك أمتهم من حضارة وإمكانات وطاقات لو أنهم فجروها ووظفوها لصالح نهضة الأمة من جديد لانتشلوها من وهدتها، ولكنها أصبحت في نظرهم أمة عاجزة ضعيفة لا تقوى على النهوض، فأعطوا ولاءهم لأعدائها ليصبحوا معاول هدم في يد الغرب الحاقد، فكانوا عاملا رئيسيا من عوامل الهزيمة العسكرية التي نعيشها اليوم. ويعرف فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الغزو الفكري قائلا ( الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة. وهو أخطر من الغزو العسكري، لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية وسلوك المسارب الخفية في بادئ الأمر فلا تحس به الأمة المغزوة ولا تستعد لصده والوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له وتكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منها أن تكرهه. وهو داء عضال يفتك بالأمم ويذهب شخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمرا صعبا وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيرا ً )، وإن الناظر لواقع الأمة لا يراها تخرج قيد أنملة عن هذا التعريف، لأن الغزو الفكري قد خلق فينا شعوراً بالضعف وإحساساً بالتخلف، حتى فقدت الأمة ثقتها بنفسها وطاقاتها وقدراتها على المواجهة، وبدا همها الأول والأخير أن تتمكن من التأثير على نتائج الانتخابات لدى العدو، علها تسقط شارون أو تقصي بوش عن الحلبة السياسية، متجاهلة أن كل الصهاينة شارون وأن كل الأمريكان بوش، وناسية أو متناسية أن الذي يملك إخراجنا من واقع الهزيمة هو أن نغير نحن أنفسنا وإلا فسنبقى نلهث خلف السراب. لقد أدرك العدو بعد خروجه منهزما من الحروب الصليبية أن القوة العسكرية لا يمكنها إلا أن تحقق نصرا محدودا بزمن، ولكن لتحقيق الغلبة الدائمة لابد من غزو العالم الإسلامي فكريا بعيدا عن استخدام الدبابات والطائرات وراجمات الصواريخ، فترك أعداؤنا الغزو الفضائي والغزو البري, وأحكموا قبضتهم على العالم الإسلامي بالغزو الفكري, فصرنا ننظر للغرب بأنه هو الأعلى وأنه هو الأكمل وأن ما عنده هو الأحسن، ونشعر في قرارة أنفسنا بالدونية والمهانة، ثم ما لبثنا أن سلمنا ديارنا، وأموالنا، وكرامتنا، بل ورقابنا للغرب، فأخذوا يعبثون بمقدراتنا، وينهبون خيراتنا، ويستخفون بعقولنا، ويجندون بعضنا لضرب رقاب بعضنا الآخر, وكل ذلك يجري على يد صنائع لهم من بني جلدتنا، استنكروا علينا أن نقف موقف عزة وكرامة، فحرّموا الحلال يوم حرّموا المقاومة، وأحلوا الحرام يوم أحلوا التنازل عن أرض المسلمين، وأخذ الغرب يرقب من بعيد هذه المعركة المحتدمة بين ضحايا غزوه الفكري وبين من تحصنوا بالإسلام فكانوا في منعة من الانهزام أمام الحضارة الغربية، ورفضوا بالتالي التسليم بالأمر الواقع, وأبوا إلا المواجهة، ولقد كانت الغلبة حتى عهد قريب لضحايا الغزو الفكري، مما أدى إلى استسلام الأمة وانهزامها أمام أعدائها، وأما اليوم فأستطيع القول أن الميزان بدأ يعتدل لصالح الوعي الإسلامي والصحوة الإسلامية التي باتت تمثل ضمير الأمة، مما جعل الشعوب تتحلل من واقع الهزيمة يوما بعد يوم، وكان الفضل في ذلك أولا لله سبحانه ثم للمجاهدين من أبناء الأمة في فلسطين ولبنان والفلبين والشيشان وكشمير وأفغانستان وكوسوفا والبوسنة والهرسك الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء، وأثبتوا أن الأمة قادرة على إحراز النصر في ميدان المواجهة إذا تمكنت من نفض غبار الهزيمة الفكرية. ولقد أصاب الذهول أعداء هذه الأمة الذين جيشوا جيوشا جرارة من المبشرين والمستشرقين، وزودوهم بالمليارات من الدولارات، وأرقى ما توصلت له التكنولوجيا الحديثة من وسائل، ولكنهم صعقوا عندما رأوا أن الأمة بدأت تعود لأصالتها على يد المجاهدين الذين يفجرون أنفسهم في سبيل الله، إن خروج الأمة بهذه السرعة وبهذه القوة من واقع الهزيمة دفع بالصهاينة والغرب أن يلجأوا إلى استخدام القوة العسكرية من جديد وهذا أكبر دليل يقدمونه على فشلهم أو قل على هزيمتهم في معركة الفكر. ومن هنا فإن انتصارنا على ضحايا الغزو الفكري الذين يسارعون في تحقيق ما يرضي العدو من شجب واستنكار لما يقوم به المجاهدون لهو الانتصار الحقيقي الذي سيقودنا لا محالة إلى النصر في المعركة العسكرية الفاصلة، وها نحن اليوم نلاحق فلول مرضى الغزو الفكري، فهم في انحسار دائم، حيث تنبهت الشعوب لحقيقة أمرهم، وهذه أول وأهم إرهاصات النصر العسكري القادم، فالنصر الفكري هو النصر الحقيقي الذي بدأت تطل بشائره
تعليق