إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حكاية الضفدع والمفاوضات.. بقلم وطن عز الدين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حكاية الضفدع والمفاوضات.. بقلم وطن عز الدين

    حكاية الضفدع والمفاوضات



    بقلم : وطن عز الدين


    تروي إحدى القصص أن أحد الباحثين أراد عمل دراسة عن الضفادع، فأحضر ضفدعاً ووضعه على لوحة التشريح وبدأ بإجراء الدراسة، فقام بقطع قدمه وصرخ عليه فقفز الضفدع، فقام وقطع القدم الثانية وفحص الضفدع بالصراخ عليه فقز الضفدع، فقام بقطع يده وتركه فوجد أن الضفدع لا زال يتحرك، فقطع يده الثانية وفحص الضفدع فوجده لا يستطيع الحركة، ففرح الباحث وأسرع لكتابة نتيجة بحثه المهم:

    أن الضفدع إذا فقد يديه وقدميه فإنه لا يستطيع السمع ؟؟؟


    من المؤكد أننا ضحكنا على غباء هذا الباحث، فالحقيقة واضحة أمامه لكنه لم يصل إليها، وما حال الباحث التي تبعث على السخرية إلا كحال المفاوض الفلسطيني وقيادته التي تفاوض من أجل التفاوض، ويا للأسف كلام الليل يمحوه النهار، فبالأمس القريب كانت القيادة تقسم الأيمان المغلظة بأنها لن تعود إلى المفاوضات إلا بوقف تام وشامل للاستيطان، وما أن لبثت حتى لحست كلامها وتساوقت وانغمست أكثر مع السياسات الأمريكية التي لا تريد الخير لأبناء شعبنا والتي جل اهتماماتها أن توفر الأمن والأمان للاحتلال الصهيوني الغاصب من خلال قيادة وعصا أمنية فلسطينية غليظة كغلظة عقل الباحث.

    لقد تراجع المفاوض الفلسطيني عن وعوداته التي قطعها أمام الشعب الفلسطيني بأن لا مفاوضات في ظل الاستيطان من خلال الذهاب إلى مفاوضات غير مباشرة ومن ثمَّ الذهاب إلى جامعة الدول العربية والحصول على غطاء عربي لتبرير تراجعه بل وتخاذله وحنثه بالأيمان التي حلفها، وعاد إلى أرض الوطن لتتبنى اللجنة التنفيذية لمنطمة التحرير الفلسطينية المغتصبة فتحاوياً والمهيمنة عليها أمريكياً التوجه العربي ولتعلن وبالتنسيق مع أطراف الكيد والتآمر بأن المفاوضات ستستأنف في واشنطن منتصف أيلول القادم، هذا المفاوض الذي جرب المفاوضات قبل وبعد مؤتمر مدريد الذي عقد في تشرين الثاني من العام 1991 وعقب حرب عاصفة الصحراء التي حررت فيها الكويت من الاحتلال العراقي لها، كرس خلالها بوش الأب الهيمنة الأمريكية على كل شيء في المنطقة العربية والإقليمية.

    وعلى مدار حوالي عشرين عاماً لم يحصل المفاوض الفلسطيني من الدبور الصهيوني إلا مزيداً من اللسع، حيث جرب المفاوضات السرية التي أسفرت عن مولود غير شرعي، مشوه ومنغولي سموه لنا اتفاق أوسلو، حيث سال لعاب اللاهثين وراء سراب السلام من أن حلم الدولة قد تحقق، ولكن ويحسبه الظمآن ماءً، وقد جرب ووقع إتفاقات وتفاهمات كثيرة ليس آخرها كرنفال عيد المساخر في أنابوليس ولم يحصل أيضاً على شيء، فطارت أحلام المفاوض مع بوش الإبن الذي ترك البيت الأبيض لأحد غربان أمريكا التي لا يسمع منها إلا نعيق الخراب، حيث وبعد أن تعلق الأمة كلها بهذا الغراب تراجع عن وعوداته أمام تعنت نتنياهو وضغط اللوبي الصهيوني وها هو المفاوض الفلسطيني يعود للمفاوضات صاغراً وفي ظل سياسات وهجمة إستيطانية لم يسبق لها مثيل.


    وبعد أكثر من عشرين عاماً من المفاوضات العقيمة والعبثية، ومن التمنيات جاءت البشرى تلوح بالأفق وقد تحقق المراد وأطلقت نسوة وَهم السلام والتطبيع زغرودة الفرحة بالمولود الجديد حيث أخرج لنا الدكتور صائب عريقات كتابه الحياة مفاوضات ؟؟؟ !!! إن عقلية المفاوض الفلسطيني لا تختلف عن عقلية الباحث الذي أجرى دراسته على الضفدع، فبالرغم من أن النتيجة معروف مسبقاً لأي تحرك أو مفاوضات فإن فريق التسوية والسلام العبثي لم يصل عقلهم وتفكيرهم إلى إن الكيان الغاصب لا يريد السلام ولن يكون بوارد الإحتلال أي أرض يسلمها لفريق الاستجداء !! فما يريده الإحتلال الصهيوني ومن خلال حكومات كيانه المتعاقبة هو الأمن .. مقابل بطاقة VIP يتحرك المفاوض عبرها بسهولة ... الأمن فقط مقابل إدارة مؤسسات ورواتب، وقد نجحت أجهزة فتح في تحقيقه و شهد لها به قادة الأمن الصهاينة.. ولعمري لا أدري كيف سيعيد المفاوض القدس أو يطلق سراح الأسرى أو يتوصل إلى حل عادل للاجئين الفلسطينيين المشتتين في العالم ؟؟

    إن قرار الإدارة الأمريكية وقرار الرباعية الذي يدعو إلى عودة المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية والصهاينة بدون شروط مسبقة، قد جاء تلبية للشروط المسبقة التي فرضها نتنياهو دون الإشارة لذلك، وفي مقدمتها عدم تحديد مرجعية لعملية التفاوض، عدم وقف الاستيطان، عدم العودة إلى حدود الرابع من حزيران 1967، عدم استئناف المفاوضات من النقطة التي وصلت اليها في عهد حكومة ايهود أولمرت وغيرها، ويلاحظ أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد خضع لضغوطات نتنياهو وليس العكس، فقد تراجع أوباما عما طرحه في خطابه في جامعة القاهرة والذي تضمن شرط وقف الاستيطان، كما أن الدول العربية ترضخ لكافة الضغوطات الصهيوأمريكية بخنوع تام.

    إن الفصائل المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وبغض النظر عمّا نسمع منهما من تصريحات رافضه للعودة للمفاوضات، إلا أنهما شريكتان في الجريمة وشريكتان بما يحاك للشعب الفلسطيني من مؤامرات، لأن وجود هذه الفصائل في اللجنة التنفيذية يعطي الغطاء لفتح للعودة للمفاوضات وتحقيق الأمن للإحتلال الصهيوني الذي جاء بعد موافقة منظمة التحرير التي تضم الجبهتين ؟؟!!
جاري التحميل ..
X