الأربعاء 11 أغسطس 2010 3:28 م مسجد الخلفاء يفتقد شيخ الريان
أحد تلامذة الشيخ نزار ريان
جباليا – فلسطين الآن – نقف اليوم أمام مسيرة عالم وعابد مجاهد، حمل راية الجهاد والعلم والورع، خرج المتعلمين لينشروا النور في أرجاء البلاد، وخرج الاستشهاديين ليزرعوا الموت في قلوب المحتلين الغزاة، هو من مسح دموع الأطفال واليتامى ورسم الفرحة على شفاه المعذبين والمحرومين والفقراء، هم من حمل البندقية وخرج مع المرابطين، هو صاحب فكرة الدروع البشرية وحماية البيوت من القصف الصهيوني، هو من بقي صامدا في بيته ورفض الخروج رغم التهديد الصهيوني للبيت بالقصف إنه الشيخ الدكتور والعالم المجاهد نزار ريان " أبو بلال" .
وللوقوف على أبرز مناقب الشيخ نزار كان لنا هذا اللقاء مع أحد المقربين وتلميذ الشيخ نزار ريان ويدعى "أبو البراء".
** كيف كان الشيخ نزار ريان يستقبل ويستعد لشهر رمضان؟
حقيقة أن الشيخ كان يصيب السنة ويحرص عليها في كل وقت، وكان يحيي السنن الدارسة التي نسيها الناس وكان يسعد جدا بتطبيقها ،و كان الدكتور في بداية رمضان يحدثنا بأحاديث عن كيفية استقبال النبي صلى الله عليه وسلم لشهر رمضان وعن تصدق النبي، وعرفناه وهو يسير على خطى النبي كما كان يقرأ عنه عليه الصلاة والسلام، وكان يأتي إلى المسجد ( مسجد الخلفاء الراشدين) مبكرا وكان يتناول مصحفه وكان يقيم الليل، وكان يعلمنا حديثا مرويا أن من يصلي مع الإمام حتى ينصرف يكتب له أجر قيام ليلة.
** كيف كان الشيخ يحيى ليالي رمضان؟
من حبه لطول القيام كان يصلي مع الإمام حتى ينصرف، وكان يبدأ رمضان من ليله، وإذا علم أن هذه الليلة هي الأول من شهر رمضان، يشتري كل ما يحتاجه المسلم من تمر وسحور ثم يوزعها على أرحامه تقربا له عز وجل اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم كالريح المرسلة.
كان الشيخ في رمضان لا يصلي صلاة إلا و يجلس وقتا طويلا في المسجد، وكان يعلمنا أن أقل وقت الاعتكاف لحظة، يجلس من قبل الأذان، ويختم صلاته ويقرأ القرآن ويصيب هذا في مسألة يشفي بها العليل.
وقد بدأ الشيخ قبل ثلاث سنوات من استشهاده شرح كتاب الورع للإمام أحمد بن حنبل وكان يجلس كل يوم يحدثنا كيف يكون الورع في سمت الصالحين، وكنا نقول له يا شيخ ( حبة حبة، فإنا لا نعرف من هذا شيء) فكان يبتسم ويقول ستصبحون تطبقون غداً بإذن الله.
وكان أول من يأتي بالتمر هو الشيخ على شرط أن يقول للمؤذنين أن لا تقول للناس عددا و أن يأخذ من المصلي ما يكفيه من التمر ، ثم يأتي إلى صلاة التراويح و يحرص أن يكون في الصف الأول في الصلوات الخمسة والتراويح.
** حدثنا عن جهاد الشيخ في رمضان؟
كان الشيخ رحمه الله جوادا كريما، وعلما في كل شيء، وكما كان يغدق على الفقراء والمحتاجين، يغدق على المجاهدين من بندقية ورصاص، وكان لا يرد طلب أحدهم قط، وكان الشيخ يخرج كل أسبوع ويجهز نفسه وكأنه خارج إلى غزوة، وكان لا يكفيه ذلك، حتى يطلب من إخوانه وأمراء الكتائب أن يخرجوه في رباط متقدم، وكان يقولون له حفظك الله يا شيخ هذه النقطة للاستشهاديين ونسأل الله أن يديمك لنا، فكان يصر ويخرج إلى نقاط متقدمة جدا ممتشقا سلاحه.
** كيف كان الشيخ في العشر الأواخر من رمضان؟
يعلم الناس وعلماء غزة أن أول من أحيى سنة الاعتكاف ليلة 21 من رمضان والخروج ليلة العيد هو الشيخ، وكان يذهب للجامعة ويقدم إجازة فإن كان بمرتب بها ونعمت، وإن لم يقبلوا فيقدم إجازة بدون مرتب، ثم يدخل معتكفه من مساء قبل مغرب ليلة 21 وينوي في المسجد الاعتكاف، ويصلي ويفطر مع إخوانه كل المعتكفين ويصلي التراويح كاملة ثم ينصرف الناس، فينتصب بنا إمام ، وكان يصلي في كل ركعة جزء يختم في كل ليلة عشرة أجزاء وكان يحب أن يصيب السنة الدارسة.
** اذكر لنا مواقف مميزة حدثت مع الشيخ في رمضان؟
ذات مرة، صلى بنا الشيخ إماما، فدخل في أول المصحف في سورة البقرة، ثم دخل بالنساء ثم عاد إلى سورة آل عمران عملا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ورواها أكثر من راوي، وحدث مع المصلين ما حدث مع أصحاب النبي، وهممنا بأمر سوء والأمر السوء أن نترك الصلاة ونجعل شيخنا وحيدا، إلا أن الله ثبت هؤلاء العباد الذين تعلموا من شيخهم طول القيام.
وأيضا في ليلة من ليالي رمضان صلى بنا الشيخ عشرة أجزاء، ثم التفت إلينا بعدما هدأ من نحيبه وبكائه، وكان يسأل الله أن يتقبل منه هذا القيام، ثم التفت إلينا وقال أسألكم بالله ألا تحدثوا أحدا بهذا الأمر.
كان الشيخ شديد البكاء رحمه الله، وكان يبكي كثيرا في الصلاة حتى أنه أصبح يرفض أن يكون إماما بنا، فطلبنا منه أن يكون إماما بنا فرفض، وبعد الإلحاح الشديد وافق وما أن كبر وبدأ بقراءة سورة الفاتحة حتى بكى بكاء شديدا، وبعد ذلك رفض أن يكون إماما بنا.
** ما الأعمال التي كان يقوم بها ليلة العيد؟
في ليلة العيد كما كان يبدأ في اليوم الأول في رمضان، يخرج من جيبه ينفقها على أرحامه وبعض البيوت، وكان يبعث للإخوة المحتاجين الفقراء ليلبسهم لباسا جديدا، وكان يقول لإمام المسجد خذ هذه النقود وأنفقها على أكثر من عشرة فقراء من المسجد، وكان يبعث للفقراء حلوى العيد، ويذهب إلى أرحامه و كنا نعجب من كثرة المال الذي ينفقه ليلة العيد على أرحامه، يذهب إلى بيوت كثيرة ، حتى أنه في بعض الأعياد أصابه المرض فيرسل بأبنائه إلى نفس البيوت.
** هل يستطيع أحد أن يملأ الفراغ الذي تركه الشيخ؟
تنهد تنهيدة طويلة، وهو يحاول إخفاء تأثره ودموعه.. لا، ولن يستطيع أحدا أن يملأ هذا الفراغ.
تعليق